بيان أن من لم يؤمن بالنبي صلى الله عليه وسلم كافر
قال الله تعالى ﴿وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَعِيرًا *﴾ [سورة الفتح]. بينت الآية أن من لم يجمع الإيمان بالله مع الإيمان بمحمد أنه كافر وأن الجنة حرام عليه.
ويفهم منها أن من جمعهما فهو مؤمن مسلم يدخل الجنة لا بُدّ.
وفيها أيضًا دليلٌ على ما مرَّ من أنَّ الإيمان بمحمدٍ صلى الله عليه وسلم لا بدَّ منه لصحة الإيمانِ أي لكون العبد مؤمنًا عند الله بحيثُ إنَّ من شكَّ في ذلك أو أنكرَ فهو كافرٌ لأنَّه عاندَ القرءانَ. وهذه الآية أيضًا تُعطي أنَّ من ءامنَ بالله ورسولِهِ ثم لم يعمل شيئًا من الفرائض ليس بكافرٍ وأنَّه ليس خالدًا في النَّار.وروينا في صحيح مسلم [(95)] أنه لما كان يوم غزوة تبوك أصاب الناس مجاعة قالوا: يا رسول الله لو أذنت لنا فَنَحَرنَا نواضحنا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «افعلوا»، فجاء عمر فقال: يا رسول الله إن فعلت قلَّ الظهر [(96)] ولكن ادعهم بفضل أزوادهم ثم ادع الله لهم بالبركة لعل الله أن يجعل في ذلك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «نعم»، فدعا بِنَطع فبسطه ثم دعا بفضل أزوادهم قال: فجعل الرجل يجيء بكف ذرة ويجيء الآخر بكف تمر ويجيء الآخر بكِسرة حتى اجتمع على النطع من ذلك شىء يسير. قال فدعا رسول الله بالبركة ثم قال: «خذوا في أوعيتكم»، قال فأخذوا في أوعيتهم حتى ما تركوا في العسكر وعاء إلا ملأوه، قال فأكلوا حتى شبعوا وفضلت فضلة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله لا يَلقى الله تعالى بهما عبدٌ غيرَ شاك فيُحجبَ عن الجنة» وفي رواية [(97)]: «إلا دخل الجنة» أي لا يموت عبد وهو يؤمن بالله ورسوله بلا شك إلا أدخله الله الجنة لا يحجب عن دخولها حجبًا كليًّا مؤبدًا فإما أن يدخل الجنة قبل عذاب وإما أن يدخل بعد عذاب على ذنوبه التي لم يتب منها، ورواه ابن حبان من حديث أبي عمرة عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه.ـ[95] رواه البخاري في صحيحه: كتاب الصلاة: باب المساجد في البيوت.
ـ[96] رواه مسلم في صحيحه: كتاب الإيمان: باب الدليل على أن من مات على التوحيد دخل الجنة قطعًا.
ـ[97] الظهر: الرَّكوب.
بيان أنّ من ءامن بالله ورسوله لا بد أن يدخل الجنة بشرط أن يموت على ذلك
