دليل ثان على وجود الله -دليل ثالث – دليل رابع – الدليل القويم على الصراط المستقيم للشيخ عبد الله الهرري

دليل ثان على وجود الله
العالم يتغير باختلاف الأحوال عليه من حي يموت ومتفرق يجتمع وصغير ينمو وخبيث يطيب وقوي يضعف وضعيف يقوى نجد الإنسان ينتقل من ضعف إلى قوة ثم من قوة إلى ضعف فمنهم من يضعف تفكيره من ضعف جسمه حتى يخرف فيصير كالطفل لا يميز بين الحسن والقبيح لا يقوم بتجنب القذر ثم تنظيف جسده مما يصيبه ودفع ما يضره عن نفسه كحاله حين كان قبل التمييز فدل ذلك عقلاً على حدوثه بعد عدم.

دليل ثالث
الأجسام حادثة ليست أزلية فإنا نحس أنها مبنية على الحاجة والافتقار إلى غيرها وكل ما كان كذلك فهو حادث لأن القدم شرط الغنى عن الغير إذ القديم يستغني بقدمه عن غيره ونحن نرى الأجسام محتاجة إلى من يُصرِّفها ويدبرها بإصلاح ما فسد منها ونراها عاجزة عن إصلاح نفسها بذاتها حتى في حال كمالها وقوتها ونراها محتاجة إلى من يقهر طبائعها المتضادة المتنافرة على الاجتماع بلا تفاسد.

دليل رابع

اختلف المتكلمون هل العلم بافتقار الحادث إلى مُحدِث ضروريٌّ لا يفتقر إلى دليلٍ ونظرٍ أم نظريٌّ، منهم من قال ضروري لا يفتقر إلى تفكر ونظر حتى قال الإمام فخر الدين الرازي في «المعالم»: إن العلم بذلك مركوز في فطرة طباع الصبيان فإنك إذا لطمت وجه الصبي من حيث لا يراك وقلت إنه حصلت اللطمة من غير فاعل ألبتة لا يصدّقُك بل وفي فطرة البهائم فإن الحمار إذا أحس بصوت الخشبة فزع لأنه تقرر في فطرته أن حصول صوت الخشبة بدون الخشبة محال، ومنهم من قال إن العلم بذلك نظريٌّ وهو الصحيح إلا أنه يحصل بنظر قريب ولأجل قربه ظن بعضهم أنه ضروري.
ثم القول الصحيح الاكتفاء بالاستدلال الطبيعي الذي في قلب كل مؤمن، فهذا القدر لا بد منه في حق كل مؤمن.
وأما الاستدلال التفصيلي فهو واجب وجوبًا كفائيًّا على بعض المكلفين لا على كل فرد. ففي بعض كتب الإمام أبي الحسن الأشعري أن الاستدلال العقلي واجب على كل فرد يعني أحدَ الوجهين الطبيعي أو النظري.