فصل في أن الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه عقيدته موافقة لعقيدة الإمام أبي الحسن الأشعري وأبي منصور الماتريدي خلاف ما تقوله المشبهة الوهابية وسلفهم – فصل في أن الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه عقيدته موافقة لعقيدة الإمام أبي الحسن الأشعري وأبي منصور الماتريدي خلاف ما تقوله المشبهة الوهابية وسلفهم

فصل في أن الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه عقيدته موافقة لعقيدة الإمام أبي الحسن الأشعري وأبي منصور الماتريدي خلاف ما تقوله المشبهة الوهابية وسلفهم قال أبو الفضل التميمي البغدادي في رسالة اعتقاد الإمام المبجل أحمد بن حنبل [(381)]: «وأنكر – أي أحمد – على من يقول بالجسم وقال إن الأسماء مأخوذة من الشريعة واللغة وأهل اللغة وضعوا هذا الاسم على كل ذي طول وعرض وسمك وتركيب وصورة وتأليف والله تعالى خارج عن ذلك كله فلم يجز أن يسمى جسمًا لخروجه عن معنى الجسمية ولم يجئ في الشريعة ذلك فبطل» اهـ.
وقال [(382)]: «وكان يقول إن الله قديم بصفاته التي هي مضافة إليه في نفسهوقد سئل هل الموصوف القديمُ وصفته قديمان، فقالهذا سؤال خطأ لا يجوز أن ينفرد الحق عن صفاته. ومعنى ما قاله من ذلك أن المحدَث محدَث بجميع صفاته على غير تفصيل وكذلك القديم تعالى قديم بجميع صفاته» اهـ.
وقال [(383)]: «وكان – أي أحمد – يذهب إلى أن أفعال العباد مخلوقة لله عز وجل ولا يجوز أن يخرج شىء من أفعالهم عن خلقه لقوله تعالى: ﴿ … اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ … *﴾ ثم لو كان مخصوصًا لجاز مثل ذلك في قوله لا إله إلا هو مخصوص بأنه إله لبعض الأشياء» اهـ. قال [(384)]: «وروي عن علي بن أبي طالب عليه السلام أنه سئل عن أعمال الخلق التي يستوجبون بها من الله السخط والرضا فقال هي من العباد فعلاً ومن الله خلقًا لا يُسأل عن هذا أحد بعدي.
وكان أحمد يذهب إلى أن الاستطاعة مع الفعل وقرأ قوله عزَّ وجلَّ ﴿انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الأَمْثَالَ فَضَلُّوا فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا *﴾ وقرأ ﴿ … ذَلِكَ تَاوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا *﴾» اهـ.
ثم قال عن أحمد [(385)]: «وانه متى كان في ملكه ما لا يُريدُه بطلت الربوبية وذلك مثل أن يكون في ملكه ما لا يعلمه تعالى الله عن ذلك علوًّا كبيرًا.قال أحمد بن حنبل: ولو شاء الله أن يزيل فعل الفاعلين مما كرهه أزاله، ولو شاء أن يجمع خلقه على شىء واحد لفعله إذ هو قادر على ذلك ولا يلحقه عجز ولا ضعف ولكنه كان من خلْقه ما عَلِم وأراد فليس بمغلوب ولا مقهور ولا سفيه ولا عاجز برئ من لواحق التقصير وقرأ قوله تعالى ﴿وَلَوْ شِئْنَا لآَتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا … *﴾ [سورة السجدة] ﴿ … وَلَوْ شَآءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى … *﴾ [سورة الأنعام] ﴿وَلَوْ شَآءَ رَبُّكَ لآَمَنَ مَنْ فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا … *﴾ [سورة يونس].
وهو عزَّ وجلَّ لا يوصف إذا منع بالبخل لأن البخيل الذي يمنع ما وجب عليه وأما من كان متفضلًا فله أن يفعل وله أن لا يفعل. واحتج رجل من أصحابنا يعرف بأبي بكر بن أحمد بن هانئ الإسكافي الأثرم [(386)] فقال جعل الله تعالى العقوبة بدلًا من الجُرْم الذي كان من عَبْدِه وهو مريد للعقوبة على الجرم» اهـ.
ثم قال [(387)]: «خلق الله من يعلم أنه يكفر ولم يكن بذلك سفيهًا ولا عابثًا وكذلك إذا أراد سفههم لا يكون سفيهًا» اهـ.
ثم قال [(388)]: «وذهب أحمد بن حنبل رحمه الله إلى أن عدل الله عزَّ وجلَّ لا يُدرك بالعقول وإلى أن من حمله على عقله جوَّره.
وشرح بعض أصحابه ذلك فقاللما كان الله سبحانه وتعالى لا يُتصور بالعقول ولا يتمثله التمييز وفات العقولَ دركُه ومع ذلك فهو شىء ثابت – أي دائم الوجود – وما تُصُوِّر بالعقل فالله بخلافه وكذلك صفاته» اهـ.وقال [(389)]: «وشرح بعض أصحابه ذلك فقاللما كان سبحانه وتعالى لا يتصور بالعقول ولا يتمثله التمييز وفات العقول دركه ومع ذلك فهو شىء ثابت، ما تُصور بالعقل فالله بخلافه، وكذلك صفاته فمن حمل الربوبية وصفاتها على عقله رجع حسيرًا ورام أمرًا ممتنعًا عسيرًاوالمخالفون بنوا أصولهم في التعديل والتجويز على عقولهم العاجزة عن دركهم الربوبية ففسد عليهم النظر، وكان أحمد بن حنبل رضي الله عنه يقول إن الله تعالى يكره الطاعة من العاصي كما يكره المعصية من الطائع حكاه ابن أبي دؤاد وقرأ ﴿ وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ … *﴾ [سورة التوبة] وانبعاثُهم طاعة لله والله يكرهه» اهـ، أي ما أراد كونه فهو تعالى يحب الطاعة لكن ما أراد للعاصي حصوله منه. وهذا معنى ما اتفق عليه أهل السنة أن الله تعالى شاء وقوع المعاصي من العاصين وهو لا يحبها فالمحبة ليست ملازمة للإرادة لأن الله تعالى أمر الكافرين بالإيمان ولم يحصل منهم وهو يحب أن لو ءامنوا.ـ[381] هذا الأثرم من كبار الحنابلة.
ـ[382] اعتقاد الإمام أحمد (ص/58).
ـ[383] و [(1294)] اعتقاد الإمام أحمد (ص/59).
ـ[384] وهذا كفر.
ـ[385] والطريق السليم لمن أراد معرفة جواب هذا السؤال الإلحادي أن يقال ما جواب من يقول هل الله قادر على أن يخلق مثله؟ فيقال له: الجواب كذا وكذا.
ـ[386] تشنيف المسامع (4/ 98).
ـ[387] الإرادة على وجهين: إرادة تكوين وإرادة محبة. ـ فإرادة التكوين هي بمعنى المشيئة ومعناها التخصيص. ـ وإرادة المحبة كقوله { … تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ … *} [سورة الأنفال]. ومما ينبغي الاعتناء به تفهيم العامة للمعنيين حتى لا يزلقوا باستعمال هذه العبارة في غير موضعها.
ـ[388] رواه أبو داود في سننه: كتاب الأدب: باب ما يقول إذا أصبح، وروى غيره ما في معناه.
ـ[389] تشنيف المسامع (4/ 89 – 90).

فصل في معنى العظمة والعلو والكبرياء والفوقية

القدرة