القضاء والقدر – بيان معنى الرضا بالقضاء – الدليل القويم على الصراط المستقيم للشيخ عبد الله الهرري

القضاء والقدر

اعلم أنَّ القضاء بمعنى الخلق كقوله تعالى ﴿فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ … *﴾ [سورة فصلت]. والقَدَرُ بمعنى التقدير كما ذكره في «المقاصد» [(546)]، وفي كتاب «الإرشاد» و «التبصرة النسفية» [(547)] وكتاب «الاعتماد» [(548)] أن القضاء هو الخلق والقدر جعل كل شىء على ما هو عليه. وروى بعضهم عن الشافعي أنه المشيئة قال البيهقي في مناقب الشافعي بإسناده إلى الربيع [(549)] المرادي:
سئل الشافعي عن القدر فقال:
          مَا شِئْتَ كَانَ وإنْ لَمْ أَشَأ        وَمَا شِئْتُ إنْ لَمْ تَشَأ لم يَكُنْ
        خَلَقْتَ العِبَادَ عَلى مَا عَلِمْتَ     فَفي العِلْمِ يَجْرِي الفَتى والمُسِنّ
        عَلى ذا مَنَنْتَ وَهذَا خَذَلْتَ       وهذا أَعَنْتَ وذا لم تُعِنْ       فمنهم شقيٌّ ومنهم سعيدٌ          وهذا قبيحٌ وهذا حَسَن

ـ[546] رواه مسلم في صحيحه: كتاب القدر: باب كل شىء بقدر.
ـ[547] تشنيف المسامع (4/ 92 – 93).ـ[548] رواه أبو داود في سننه: كتاب السنة: باب القدر. وللحديث طرق أخرى منها حديث أنس عند الطبراني في الأوسط (4/ 464)، قال الهيثمي في مجمع الزوائد (7/ 205): «رجاله رجال الصحيح غير هارون بن موسى الفردي وهو ثقة»، وحسنه الحافظ السيوطي في اللآلئ (1/ 259) بعد أن ذكر طرقه.
ـ[549] أبكار الأفكار (5/ 98).

مسألة في السعيد والشقي

بيان معنى الرضا بالقضاء

         بيان معنى الرضا بالقضاء
يجب على المكلف أن يرضى بالقضاء الذي هو صفة الله. أما المقضي فإن كان طاعة وجب الرضا به وإن كان معصية فلا يجب الرضا به أما خلق الله للمعصية فلا يقبح منه كما لا يقبح منه خلق القبيح من الأشخاص، ولا يقبح منه أيضًا مشيئة القبيح بخلاف العبد فإن مشيئة القبيح منه قبيحة لأن الله لا يتصور منه ظلمٌ ولا سَفَهٌ إذ لا يتوجه إليه أمرٌ ولا نهي من غيره بل هو الآمر الناهي لا ءامر ولا ناهي له إذ لا مالك حقيقي غيره ولا يخلو تصرفه من الحكمة إذ لا تخفى عليه العواقب. فالذي يجب الرضا به مطلقًا هو قضاؤه تعالى بخلاف المقضي فإنه لا يجب الرضا به إن كان كفرًا ونحوه.
وقال في «الفقه الأكبر» [(550)]: «وهو الذي قدَّر الأشياء وقضاها ولا يكون في الدنيا ولا في الآخرة شىء إلا بمشيئته وعلمه وقضائه وقدره» اهـ قال تعالى في سورة النحل  ﴿… فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلاَلَةُ … *﴾». اهـ
[550] تشنيف المسامع (4/ 93).

القضاء والقدر

الحكمة في كون المخلوقات قسم منها خير وقسم منها شر

الحكمة في كون المخلوقات قسم منها خير وقسم منها شر

اعلم أن في اختلاف أحوال الخلق دليل على كمال قدرته ونفاذ مشيئته لأن في اختلاف أحوالهم مزيد معرفة للعباد بكمال قدرة الصانع الحكيم، فيزدادون من خوفه وإجلاله. تنبيه. قد يطلق القَدَرُ على المقدور كما يطلق بمعنى التقدير. فالأول هو المراد بالقدر في الحديث المروي عن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم المعروف بحديث جبريل [(551)]: «الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره» لأن المقدور هو الذي ينقسم إلى الخير والشر لا تقديره تعالى فالقدَر قد يطلق على ما صدر مقدَّرًا عن فعل القادر كالهدم والقبض اسم لما صدر عن فعل الهادم والقابض. ويقال: قدَرتُ الشىءَ بتخفيف الدال وتشديدها بمعنى واحد فافهم ذلك رحمك الله بتوفيقه.ــ[551] شرح مسند أبي حنيفة (ص/196)، إشارات المرام (ص/274).

بيان معنى الرضا بالقضاء

فائدة تتعلق بشرح مسألة القضاء والقدر