النبوة
اشتقاقها من النبإ أي الخبر لأن النُبوة إخبار عن الله أو من النَبوة وهي الرفعة. فالنبي على الأول فعيل بمعنى فاعل لأنه يخبر عن الله بما يوحى إليه أو فعيل بمعنى مفعول أي مُخبَر عن الله أي يخبره الملَك عن الله. فالنبوة جائزة عقلًا ليست مستحيلة.بعث الله الأنبياء رحمة للعباد إذ ليس في العقل ما يستغنى به عنهم لأن العقل لا يستقل بمعرفة الأشياء المنجية في الآخرة، ففي بعثة الأنبياء مصلحة ضرورية لحاجتهم لذلك. فالله متفضل بها على عباده فهي سفارة بين الحق تعالى وبين الخلق.
ثم السبيل إلى معرفة النبي المعجزة وهي أمر خارق للعادة صالح للتحدي موافق للدعوى سالم من المعارضة بالمثل يظهر على يد من ادعى النبوة كانفجار الماء الزُّلال من بين أصابع النبي وعدم إحراق النار لإبراهيم. فما ليس بخارق للعادة بأن كان معتادًا لا يسمى معجزة. وكذلك لا يُعدُّ معجزةً ما لم يكن الأمر الخارق مربوطًا بدعوى النبوة ككرامات الأولياء لأنَّ الكرامة لا يتحدى بها على دعوى النبوة أو لا يتحدى بها أصلًا على رأي، لكن نقول: يجوز للولي أن يتحدى بها على ولايته على القول الصحيح عند العلماء لكن الغالب من حال الولي أن يكتمها. وأما ما يحدث للنبي من الخوارق قبل دعوى النبوة فهو إرهاص [(575)] كإظلال الغمامة [(576)] وتسليم الحجر على نبينا [(577)] قبل أن يبعث.
وكذلك لا يكون معجزة ما يقتضي تكذيب مدعيها كما يروى أن مسيلمة مسح على وجه رجلٍ أعور فَعَميَت العين الأخرى [(578)]. وكذلك لا يكون ما لم يسلم من المعارضة بالمثل كما إذا ادعى رجلٌ أنه نبي وقارن دعواه خارق ثم ادعى ءاخر أن المدعي ليس بنبيّ وأظهر خارقًا مثله.ـ[575] رواه البخاري في صحيحه: كتاب المناقب: باب علامات النبوة في الإسلام، ومسلم في صحيحه: كتاب الإمارة: باب استحباب مبايعة الإمام الجيش عند إرادة القتال.
ـ[576] هو سالم بن أبي الجعد الكوفي.ـ[577] رواه البيهقي في دلائل النبوة (3/ 99 – 100)، (3/ 252 – 253).
ـ[578] رواه البخاري في صحيحه: كتاب المناقب: باب علامات النبوة في الإسلام، والترمذي في سننه: كتاب صلاة الجمعة: باب ما جاء في الخطبة على المنبر، والبيهقي في دلائل النبوة (2/ 556 – 557).
