كيف دلَّس أهل الفتنة على البُسطاء وخدعوهُم
بيان كُفر مَن ادَّعى أنَّ أحدًا غير الله
شريكٌ لله في المُلك أو يُدبِّر الخَلْق مع الله
تدليس أهل الفتنة يكشف لكُلِّ مُنصف أنَّهُم ثرثارون
الحمدلله وصلَّى الله وسلَّم على رسول الله.
وبعدُ فإنَّ للملائكة تدبيرًا جُزئيًّا على مُقتضى علم الله ومشيئته كما قال تعالى في الملائكة: {فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْرًا} وكذلك أعطى الله تعالى أنبياءه صلوات الله عليهم وسلامُه ما شاء؛ وكُلُّ هذا لا يعني أنَّ الله تعالى معه مُدبِّر في الخَلْق أو شريك في المُلْك.. حاشَا؛ جاء في [العقيدة المُرشدة] عن الله تبارك وتعالى: <لَيْسَ مَعَهُ مُدَبِّرٌ فِي الْخَلْقِ وَلَا شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ> إلخ..
أمَّا أهل الفتنة فإنَّهُم يُدافعون اليومَ عمَّن زعم أنَّ الله أعطى الكونَ للنَّبيِّ عليه الصَّلاة والسَّلام ويُدافعون عمَّن زعم أنَّ النَّبيَّ هُو مالك الكون يتصرَّف في جميع الكائنات بما يشاء ويُدافعون عمَّن زعم أنَّ الكون كاملًا تحت قبضة الرَّسول وأنَّه يعلم الغيب! وهذا والعياذ بالله تكذيب للشَّرع وتكذيب لِمَا هُو معلوم مِن الدِّين بالضَّرورة مِن عقيدة أهل السُّنَّة والجماعة.
وقد علمتُ أنَّ أهل الفتنة يُدافعون عن هذه الأقوال الكُفريَّة دُون التَّصريح بها ليُخادعوا النَّاس عن طريق الكذب والافتراء علينا.. فهُم أخذوا كلامنا المسطور في بداية هذا المقال المُبارك ثُمَّ أسقطوه على أقوال أُخرى غير الَّتي نحكُم بكونها أقوالًا كُفريَّة باطلة؛ وهذا منهُم تدليس وغشٌّ يحتالون به على البُسطاء الَّذين يُصدِّقونهُم لأنَّهُم لا يعرفونهُم حقَّ المعرفة..
فقد عمد بعض خُبثاء أهل الفتنة إلى نقل قصَّة حكاهَا بعض المُصنِّفين فيها أنَّ رجُلًا كان في جماعة مِن أصحابه في مسجد النَّبيِّ عليه الصَّلاة والسَّلام في المدينة المُنوَّرة فقصد القبر الشَّريف وشكَا ما كان بهم مِن الجُوع؛ فدخل عليهمُ المسجدَ رجُلٌ مِن الأشراف معه طعام وأخبرهُم أنَّه رأى النَّبيَّ في المنام يأمُرُه بحمل الطَّعام إليهم.. انتهت القصَّة مُختصرة.
ثُمَّ جعل خبيث أهل الفتنة قولنا بتكفير مَن زعم أنَّ مع الله مدبِّرًا في الخَلْق أو شريكًا في المُلك في مثل ما تحكيه هذه القصَّة والعياذ بالله! وأنت يا أخي القارئ ترى كيف أنَّ ما حكمنا نحن بكونه كُفرًا لا يتعلَّق ولا يُشبه ما تحكي عنه هذه القصَّة فليس فيها أنَّ النَّبيَّ هُو مُدبِّر الكون وحدَه وليس فيها أنَّه صلَّى الله عليه وسلَّم هُو مالك المُلك يتصرَّف فيه كما يشاء.
وهذا التَّدليس والغشُّ الَّذي تجرَّأ عليه أهل الفتنة يكشف لكُلِّ مُنصف أنَّهُم قَوم مُفترون يُحبُّون أنْ يفتحوا أبواب الكُفر للنَّاس وأنَّهُم يُدافعون عن الكُفر ويسعَون في ذلك قدر جهدهم والعياذ بالله تعالى.. فأهل الفتنة بين ثرثار ومُتشدِّق ومُتفيهق وقد جاء في الحديث: <وَإِنَّ أَبْغَضَكُمْ إِلَيَّ وَأَبْعَدَكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ الثَّرْثَارُونَ وَالْمُتَشَدِّقُونَ وَالْمُتَفَيْهِقُونَ> رواه التِّرمذيُّ.
انتهى.
* في المُداخلة الأولى: رابط مقالنا الثَّاني في المسألة.
Feb 2, 2021, 7:40 AM
