سؤال: كيف كان علماء بلادنا المحروسة يتعاملون مع المد الشيعي في القرن الثالث الهجري، وهل كانوا يلتزمون الصمت في إظهار الحق وبيانه للناس كما هو حال الكثير من أهل العمائم في هذا الزمان أم كانوا لا يخافون في الله لومة لائم؟ ![]()
الجواب: براعة علماء القيروان في الرد على الشيعة في القرن الثالث، كانت شيئا يضرب به المثال في قوة الحجة ورجاحة البراهين، و مما يدعو للفخر والاعتزاز بما كانت عليه بلادنا من سنية المنهج ومالكية المذهب الفقهي.
من المناظرات التي دارت بين فقهاء المالكية السنة و وبين الشيعة في بلادنا تلك التي كانت حول الموقف ممن يتهم الصحابة الكرام بالارتداد بعد وفاة المصطفى عليه الصلاة والسلام، وهذه يدندن حولها الشيعة ليُبرِّروا تكفيرهم للصحابة الكرام، ويستدلون على هذا ببعض الشبه الواهية ومنها تلك التي أوردها أبو عبد الله الشيعي على ابن الحدَّاد (وقد كان عالمًا مالكيًّا بارعا في مناظرة الشيعة، واستطاع إفحامهم وتبيين بطلانِ جميعِ شبههم، واسمه أبو عثمان سعيدُ بن محمد بن صبيغ الغسَّاني المعروف بابن الحداد ت302هـ،) وهي قوله تعالى: ﴿ وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ ﴾ [آل عمران: 144]، فقال أبو عبد الله الشيعي: أفلا تستلزم انقلاب أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم؟ فأجاب ابن الحدَّاد بدليل لُغويٍّ مُقنع لا يسعُ المخالف إلا الإذعان له وهو أن المعنى: أفإن مات أو قتل “أفتنقِلبون” على أعقابكم لأن معنى “أَفَإِنْ مَاتَ” استفهامٌ، ومعنى انْقَلَبْتُمْ” أفتنقلبون؟ والاستفهامان إذا جاءا في قصة واحدة اجتُزئ بأحدهما عن الآخر، وهذا الاستفهام إنما هو في معنى التقرير بألَّا تنقلبوا على أعقابكم.
فقال له أبو عبد الله: فهل تَجد في كتاب الله عز وجل نظيرًا يكون من هذا دليلًا؟
وهنا تكمن نباغة ابن الحداد حيث قال : نعم، قول الله عز وجل: ﴿ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ ﴾ الأنبياء: 34 أي: إنك إن متَّ فهم لا يخلدون أي “أفيخلدون؟”، فلما التقى استفهامان أجزأ ذكرُ أحدهما عن الآخر، فكان لفظ الاستفهام من ذلك مراد به التقرير: بأنهم لا يخلدون…
سؤال: ماهو موقف علماء القيروان من المالكية في من يقذف أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها![]()
الجواب : في مناظرات علميَّة دارت بين أبي محمد عبدالله بن إسحاق المعروف بابن التبَّان المالكي ت371هـ وكان من أئمة القيروان، وبين أحمد بن القاضي النعمان وقاضي الشيعة المعروف بأبي سعيد حول الموقف ممن يقذِفُ عائشة رضي الله عنها، لأن المالكيَّة حكموا على مَن يَقذِفُها بالزنا بأنه كافر، وذلك بالدليل العقلي والنقلي، والشيعة لا يقولون ذلك، وإنما يستدلون على عدم كفر قاذفِها بقوله تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَة ﴾ [النور: 4]، ويستدلون بجَلْد رسول الله صلى الله عليه وسلم أهلَ الإفك ثمانين جلدة، ويعيبون على المالكيَّة عدم أخذهم بالقرآن ولا بما فعل النبي عليه السلام! إلا أن جوابَ أبي سعيد كان الاستدلال بقوله تعالى: ﴿ أُولَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ ﴾ [النور: 26]، وقال: ﴿ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ ﴾ [النور: 26]، فجلد مَن قذفها قبل البراءة بالقرآن، وبعد القرآن مَن قذفها فقد ردَّ القرآن، ومن رد حرفًا من القرآن فقد كفر بالإجماع. معالم الإيمان ج3 ص: 99.
نصيحة لإخواني الدعاة و المنتسبين لسماحة و سُنيّة ديننا الحنيف و للقائمين على خدمة هذا الدين و مرجعيته الزيتونية في تونس:
خدمة الإسلام لا تقتصر على حضور مجالس الذكر في الزوايا و المساجد ولا على حفظ الهمزية و سردها في كل آن وحين ولا على لبس الكشطة ولا الجبة والبدعية، ولا على تقليد صوت الشيخ الأخوة أو ابن عاشور عند الكلام في الفقه ولا استكثار الحديث عن مناقب علماء الزيتونة وكراماتهم، ولا الاقتصار على الطهارة والصلاة و الزكاة في شرح أبواب وفصول الفقه، كل هذا جميل وبديع و لكنه ليس الأصل في الدعوة إلى الله،
الأصل في الدعوة إلى الله هو عدم تهميش علم العقيدة الذي به نتعرف على أصل الدين و بمفهوم المخالفة نتعرف على أعداء الدين و فهم شبهاتهم ونخلها واستخراجها و العمل على الرد عليها ردا علميا مؤصلا غير واه ولا شاذ، ثم العمل على التحذير من أباطيلهم وبدعهم في مجالس العلم. فالأصلُ هو العلم ثم نشره مع التحذير الشرعي الواجب.
تحذير![]()
الحذر كل الحذر من حركة التشيع التي وللأسف الشديد تتزايد في بلادنا وخاصة في الآونة الأخيرة، و دعوة للأئمة و الدعاة المنصفين المهتمين بالأمر الدعوي السني في تونس إلى التفقه ومعرفة كيفية الرد على شبه الشيعة الواهية، فالتحذير لا يقتصر على أهل الإلحاد والمعطلة والمجسمة والمشبهة أو أهل التصوف البدعي، وإنما التحذير منوط بما تقتضيه طبيعة الميدان و واقع الحياة في الرقعة الجغرافية التي نعيش فيها، فلا داعي مثلا للإنكار على أهل بلدك كلماتٍ و أقوال بلغة المشارقة و الحال أنها لا تقال ولا تروج في بلادنا، و الحال أن بلدك يحتاج منك أن تنكر معتقدات فرق جديدة كالشيعة تشكل خطرا داهما على سنية وطننا الحبيب.
قُتِل سيدُ الشهداء حمزةُ بن عبد المطلب رضي الله عنه غدرًا، ومُثِّل بجسده الشريف تمثيلًا يندى له الجبين، فهل صنع النبي ﷺ لفقده ما تصنعه الشيعة في ذكرى مقتل الحسين رضي الله عنه؟
وقُتِل سيدنا عليٌّ بن أبي طالب رضي الله عنه غدرًا وهو خارجٌ لصلاة الفجر، فهل فعل أبناؤه الحسن والحسين، وآل بيت النبي ﷺ ما تفعله الشيعة من نياحةٍ ولطمٍ وضربٍ وصراخٍ كل عام؟
بل صبروا كما صبر خيارُ الصحابة، واحتسبوا كما احتسب المصطفى ﷺ، ولم يجعلوا من المصيبة منبرًا للعويل، ولا من الحزن شعارًا يُتَّخذ دينًا.
الدليل القاطع من القرآن الكريم على بطلان مذهب الرافضة وأمثالهم ![]()
قال رجل من النسب النبوي الشريف لرجل يسبّ الصحابة:
قال له: هل قرأت قول الله تعالى:
{لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ… أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} [الحشر: 8]
قال: نعم،
قال: لا.
قال: وهل سمعت قول الله تعالى:
{وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ… أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [الحشر: 9]
قال: نعم،
قال: هل أنت منهم؟
قال: لا.
ثم قال له: اسمع الثالثة، ولا أظنك منهم:
{وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ… وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا} [الحشر: 10]
قال: وهل أنت من هؤلاء؟
قال: لا.
فقال له الشريف: إذًا لست من المهاجرين، ولا من الأنصار، ولا من الذين جاؤوا بعدهم يدعون لهم بالرحمة… فأيّ صنف أنت؟
من يسبّ الصحابة والقرابة الطاهرة ليس من هؤلاء الثلاثة الذين ذكرهم الله في كتابه، بل قد خرج عن سبيل المؤمنين، وخالف صريح القرآن.
قال الله تعالى:
{وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ} [التوبة: 100]
وقال سبحانه عن سيدنا أبي بكر الصديق:
{إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} [التوبة: 40]
فصاحبه في الغار هو خليفة رسول الله ﷺ بإجماع الأمة، وشهادته بالصحبة في القرآن لا يُنكرها إلا زنديق.
وقال تعالى:
{وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ… وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ… نُصْلِهِ جَهَنَّمَ} [النساء: 115]
فمن خالف طريق الصحابة، فليس من المؤمنين، بل وعده الله بسوء المصير.
وقال تعالى:
{وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ…} [الحشر: 7]
فهل أمر النبي ﷺ بسب أصحابه وأهل بيته؟ أم أوصى بهم خيرًا؟
فيا من تتطاول على الصحابة وأمهات المؤمنين، ويحك! إن الله سريع الحساب، فتب قبل أن تندم، وارجع إلى سبيل المؤمنين.
بقلم: الشيخ سعيد سعيد
