الدليل القويم على الصراط المستقيم للشيخ عبد الله الهرري – بيان الكفر الفعلي – بيان الكفر الاعتقادي

بيان الكفر الفعلي

وأما الكفر الفعلي فهو كَرَمي مصحفٍ أو أوراقٍ فيها اسم الله في نجاسةٍ عمدًا أو داس بقدمه المصحف أو علَّق صليبًا على عنقه متهاونًا لا يراه حرامًا، أو علَّقه احترامًا له، وأما إذا لبسه خوفًا على نفسه من أذى الكفار بالقتل فلا يكفر. وكذا من ذبح شاة أو غيرها تقربًا إلى الجن أو إلى وليّ [(932)] من أهل القبور فإن قصد التقرب إلى الله بالتصدق عن روح الوليّ ليقضي الله حاجته ببركة الوليّ لم يكفر ولو كان نذرًا لزم الوفاء به. وكذا لو سجد للصنم أو للشمس أو لإبليس ليساعده على عمل السحر فإنه يكفر، ويكفر بعمل السحر الذي فيه عبادة الشمس أو القمر أو الشيطان ونحو ذلك كالبول على المصحف. ومن فعل فعلًا أجمع المسلمون على أنه لا يصدر إلا عن كافرٍ كَفَرَ.
ومن الكفر الفعلي كتابة الفاتحة بالبول ولو كان لغرض الاستشفاء، وما يوجد في حاشية ابن عابدين [(933)] نقلًا عن صاحب الهداية [(934)] من أنه يجوز كتابة الفاتحة بالدم على الجبهة لمن رعف وكذلك بالبول إن علم فيه شفاء فهو مردود وهو مجرد رأي لبعض الحنفية لم ينقل عن صاحب المذهب أبي حنيفة ولا عن أحد من كبار أصحابه؛ ومستبعد أن يكون من كلام ابن عابدين لأنه ذكر في ثَبته أنه لا يجوز كتابة القرءان بالدم فقال فيه ما نصّه [(935)]: «ومنها ما رأيته بخطه أيضًا مما يكتب للرعاف على جبهة المرعوف ﴿ وَقِيلَ يَاأَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَاسَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الأَمْرُ … *﴾ [سورة هود]. ولا يجوز كتابتها بدم الرعاف كما يفعله بعض الجهال لأن الدم نجس فلا يجوز أن يكتب به كلام الله تعالى» اهـ فليحذر هذا النقل الذي في الحاشية في كتاب الطهارة فإن المذهب الحنفي بريء منه، فوباله على من قاله ومن اتبعه أو صدّقه. ـ[932] وأخرج هذا الحديث ابن حبان من حديث أبي عمرة.
ـ[933] رواه البخاري في صحيحه: كتاب الوضوء: باب البول في الماء الدائم، ومسلم في صحيحه: كتاب الجمعة: هداية هذه الأمة ليوم الجمعة.
ـ[934] رواه مسلم في صحيحه: أول كتاب المساجد ومواضع الصلاة.
ـ[935] انظر الكتاب (ص/92 – 98).

قاعدة نص عليها الحنفية والشافعية

بيان الكفر الاعتقادي

بيان الكفر الاعتقادي

منه أن يعتقد أن الله نور بمعنى الضوء أو أنه روح. أو يعتقد أن سيدنا محمدًا نور هو جزء من الله لاعتقاده أن الله جسم نوراني وإنه قطع قطعة منه فجعلها محمدًا كهؤلاء الذين يقولون «إن الله قبض قبضة من نوره فقال كوني محمدًا فكانت محمدًا» وقد يقولون «من نور وجهه». وكذلك من اعتقد أن الله روح وأن المسيح قطعة منه، أو أن قول الله تعالى ﴿ اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ … *﴾ [سورة النور] معناه أنه نور بمعنى الضوء. وإنما معنى ﴿ اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ … *﴾ أنه هادي أهل السموات والأرض أي أعطاهم الإيمان والإيمان نور الله بدليل قوله تعالى في ءاخر الآية  ﴿… يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَآءُ … *﴾ [سورة النور].
ويكفر من ظن أن قول الله تعالى في حق المسيح  ﴿… فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا … *﴾ [سورة التحريم] معناه أن الله روح وأنه قطع قطعة من نفسه فنفخها في مريم بواسطة النَفَس كما ينفخ الإنسان فشبهوا الله بخلقه. وإنما معنى الآية أن الله أمر جبريل بأن يأخذ روح المسيح الذي كان مخلوقًا منذ ءالاف من السنين فينفخه في مريم، وأضاف روح عيسى إلى نفسه لتشريفه أي أنه روح مكرّم عنده كما قال تعالى في حق ءادم ﴿… مِنْ رُوحِي … *﴾ [سورة ص] للتشريف لا للجزئية.
قال الشيخ عبد الغني النابلسي [(936)] «وأما أقسام الكفر فهي بحسب الشرع ثلاثة أقسام ترجع جميع أنواع الكفر إليها وهي التشبيه والتعطيل والتكذيبوهي أصول ثلاثة من أصول الكفر لا يدخل الإنسان في مرتبة عوام المسلمين إلا بعد تبرئه منها ظاهرًا وباطنًا. ومن كان عنده شىء منها فليعلم أنه كافر ولا يغرَّه بالله الغَرور.التشبيه هو الاعتقاد بأن الله يشبه شيئًا من خلقه كالذين يعتقدون أن الله جسم فوق العرش أو يعتقدون أن له يدين بمعنى الجارحتين وأن له الصورة الفلانية أو على الكيفية الفلانية أو أنه نور يتصوره العقل أو أنه في السماء أو في جهة من الجهات الست أو أنه في مكان من الأماكن أو في جميع الأماكن – بمعنى التحيز – أو أنه ملأ السموات والأرض أو أن له الحلول في شىء من الأشياء أو في جميع الأشياء أو أنه متحد بشىء من الأشياء أو بجميع الأشياء أو أن الأشياء منحلَّة منه أو شيئًا منها وجميع ذلك كفر صريح والعياذ بالله وسببه الجهل عن معرفة الأمر على ما هو عليه». انتهى. وحكمُ من يقول: «إنَّ الله تعالى في كلّ مكانٍ أو في جميع الأماكنِ» التَّكفير إذا كان يفهم من هذه العبارة أنَّ الله بذاته مُنبثٌّ أو حالٌّ في الأماكن، أمَّا إذا كان يفهم من هذه العبارة أنَّه تعالى مسيطر على كلّ شىءٍ وعالم بكلّ شىءٍ فلا يكفر، وهذا قصد كثيرٍ ممَّن يلهج بهاتين الكلمتين، ويجب النَّهي عنهما على كلّ حالٍ، لأنهما ليستا صادرتين عن السّلَف بل عن المعتزلة ثم استعملهما جهلَةُ العوام. وقد أنكر الإمامان أبو منصور الماتريدي وأبو منصور البغدادي [(937)] هذه المقالة أي «الله موجود بكل مكان» ونسباها إلى المعتزلة، فتبين أنها ليست من مقالات أهل السنة كما يزعم كثير من جهلة المتصوفة. وكذلك يكفر من اعتقد أزلية الروح أو قال إنها غير مخلوقة أو اعتقد أن الله جسم جالس على العرش ولو قال بلا كيف لأن القعود لا يكون إلا كيفًا.وكل من اعتقد أن لله أعضاء فهو كافر، أو اعتقد أنه ذو لون فهو كافر لأنه أثبت لله أمثالاً كثيرة. وكذلك من اعتقد أنه يحدث له تعالى علم بشىء أو إرادة فقد كفر قال الإمام أبو حنيفة [(938)] «من قال في صفات الله إنها محدثةٌ أو شكَّ فقد كفر». ولا يجوز أن يُظنَّ أن الداعي إذا دعا الله بشىء أن الله يشاء له ذلك الشىء بعد أن لم يكن شائيًا، فالله تعالى إذا شاء في الأزل أن يدعوه العبد بشىء فيعطيه ما طلب لا بد أن يدعوه ذلك العبد وأن ينال ذلك. وكذلك إن شاء الله في الأزل أن يدعو العبد بالنجاة من شىء مكروه فيستجيب له فيسلم من ذلك المكروه بدعائه فلا بد أن يدعو فيحصل ما طلب. وإن شاء الله في الأزل أن يدعوه العبد بذلك ولم يشأ أن ينال مطلوبه لم ينل لأنَّ مشيئة الله لا تتغير لكنه ينال ثواب الدعاء لأن الدعاء حسنة والدليل على ذلك ما رواه مسلم وأبو داود [(939)] من حديث سعد أن النبي قال «سألت ربي لأمتي ثلاثًا فأعطاني ثنتين ومنعني واحدة، سألته أن لا يُهلِكَ أمتي بالسنة [(940)] فأعطانيها، وسألته أن لا يهلك أمتي بالغرق فأعطانيها، وسألته أن لا يجعل بأسهم بينهم فمنعنيها» [(941)]. دل هذا الحديث أنه لا تتجدد لله مشيئة لم تكن في الأزل، فلو كانت مشيئته تتغير لدعاء داع لغيَّرها لدعوة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم. ومن الكفر الاعتقادي أن يعتقد أحد أن الله كان واحدًا في الأزل ثم صار كثيرًا بتعيناته. وهؤلاء أهل وحدة الوجود. قال أحدهم وقد اجتمعت به بدمشق «إنما أخطأت النصارى لقولهم بانحصار الألوهية في ثلاثة ولو عمَّموا لكان صوابًا».ويكفر أيضًا من اعتقد نبوة أحد بعد محمدٍ كالقاديانية الذين يعتقدون أن غلام أحمد القادياني نبي مجدّد لنبوة محمد. ومن شكَّ في كفرهم فهو كافر لإجماع المسلمين على أنه لا نبي بعد محمد. ولا يقبل تأويلهم لخاتم النبيين بزينة النبيين لأن المسلمين أجمعوا على أن معناه ءاخر النبيين كما تدل اللغة على هذا المعنى أيضًا. روى البخاري ومسلم [(942)] أنه صلى الله عليه وسلم قال «نحن الآخرون السابقون»، وروى مسلم [(943)] أنه صلى الله عليه وسلم قال: «وخُتِمَ بيَ النبيّون».
وكذلك يكفر من اعتقد أن لله يدًا بمعنى العضو وأن له وجهًا أو عينًا أو قدمًا بمعنى الجسم. وإن قال لله يد بلا كيف أي ليست جسمًا لم يكفر وكذلك إذا قال له عين ولم ينو الجسم لم يكفر. لكن بعض المشبهة يقولون لله يد بلا كيف وعين بلا كيف ووجه بلا كيف ويعتقدون في قلوبهم الكيف أي الجسمية وهؤلاء اعتقادهم يخالف قولهم فهم كفار ومنهم الوهابية.
وكذلك يكفر من اعتقد أن العالم أزلي لا بداية له لم يزل موجودًا مع الله كالذين اتبعوا رأي أرسطو كابن سينا والفارابي وابن رشد الحفيد وإن كان هؤلاء الثلاثة يدَّعون الإسلام لأن علماء المسلمين أجمعوا على تكفير معتقد ذلك، فلا عبرة بما في كتاب «قصة الإيمان» [(944)] من قوله بأن ابن رشد اجتهد فأخطأ فلا يكفر فليحذر من هذا الكتاب. قال الزركشي في كتابه «تشنيف المسامع» [(945)] «وهذا العالم بجملته علويه وسفليه جواهره وأعراضه محدث أي بمادته وصورته كان عدمًا فصار وجودًاوعليه إجماع أهل الملل ولم يخالف إلا الفلاسفة ومنهم الفارابي وابن سينا قالواإنه قديم بمادته وصورته وقيلقديم المادة محدث الصورة.وحكى الإمام في «المطالب» قولا رابعًا بالوقف وعدم القطع وعزاه إلى جالينوس فإنه قال في مرض موته اكتب عني أني ما عرفت أن العالم محدَث أو قديم وأني ما عرفت أن النفس هي المزاج أو شىء غيره، قال ولهذا طُعن به عليه وقيل إنه خرج من الدنيا كما دخل حيث لم يعرف حقيقة هذه الأشياءوكل هذه الأقوال باطلة وضلّلهم المسلمون في ذلك وكفَّروهم وقالوا من زعم أنه قديم فقد أخرجه عن كونه مخلوقًا لله، قالواوهذا أخبث من قول النصارى لأن النصارى أخرجوا من عموم خلقه شخصًا واحدًا أو شخصين ومن قال بقدم العالم فقد أخرج العالم العلوي والسفلي والملائكة عن كونه مخلوقًا لله تعالى» انتهى كلام الزركشي.
وكذلك يكفر من قال إن العالم قديم بمادته فقط كأصحاب الهَيُّولى، ويشبه مذهبَهم هذا قولُ ابن تيمية في كتابه «منهاج السنة» فإنه قال في موضع منه [(946)]: «لا مانع من أن يكون نوع العالم غير مخلوق لله». وقال فيه [(947)] بصحة تسلسل الآثار [(948)] أي ما من حادث إلا وقبله حادث إلى ما لا نهاية له. وهذا الكلام كفر صريح. وذكر ذلك أيضًا في كتابه «نقد مراتب الإجماع» [(949)] ولقد رأيت بعيني عبارته في الكتابين وغيرهما وفي «الموافقة» [(950)]. ونسب إليه الحافظ تقي الدين السبكي ذلك وقال في ابن تيمية «جعل الحادث قديمًا والقديم محدثًا» يعني بالثاني قوله بحدوث الإرادة في ذات الله. قال «ولم يجمع أحدٌ سواه بين الضلالتين»، قاله السبكي في «الدرة المضية» [(951)].ويكفر من اعتقد أن أحدًا سوى الله يخلق شيئًا ما من الأعمال ومعنى الخلق الإحداث من العدم فإن الخلق بهذا المعنى خاص لله تعالى. قال تعالى  ﴿… هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ … *﴾ [سورة فاطر] وقال تعالى ﴿ أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لاَ يَخْلُقُ … *﴾ [سورة النحل] تمدح الله تعالى بذلك فلو كان أحد سواه يخلق الأعمال لم يتمدح. وقالت المعتزلة إن الله لا يخلق الأعمال إنما يخلق الأجسام كما صرح القاضي عبد الجبار بذلك في كتابه «المغني». وقد قال عبد الله بن عباس «كلام القدرية – وهم المعتزلة – كفر [(952)]». وقال الإمام أبو يوسف [(953)] «المعتزلة زنادقة» وكيف لا يُكَفّرون وقد صرّحوا بقولهم إن الله كان قادرًا على خلق مقدور العبد فلما أعطى العبد القدرة صار عاجزًا. جزم بوصفهم بذلك الإمامان الإمام أبو منصور الماتريدي والإمام عبد القاهر أبو منصور التميمي. أما الماتريدي فقد ذكر ذلك عنهم في كتاب «التوحيد» ونص عبارته [(954)] «قالوا – يعني القدرية – يَقدر الله جل ثناؤه على حركات العباد وسكونهم فلما أقدرهم على تلك الحركات والسكون زالت عنه القدرة عليها فيكون قادرًا في التحقيق بغيره إذ هو بذاته على ما كان عليه، فلو كانت تلك القدرة له بذاته لم تكن تزول عنه إذا أقدر عليها غيره، ومما يبين ذلك أنه إذا كان عالمًا لذاته بكل شىء لم يذهب علمه لمَّا أعلم غيره فمثله القدرة» اهـ.وأما أبو منصور البغدادي الذي هو شيخ الأشاعرة الشافعيين فقد قال في كتابه «أصول الدين» [(955)] «إن أكثر المعتزلة قالوا إن الله غير قادر على مقدور غيره وإن كان هو الذي أقدر القادرين على مقدوراتهم اهـ، وقال في «الفرق بين الفرق» [(956)] إن البصريين من القدرية قالت إن الله سبحانه لا يقدر على مقدورات عباده ولا على مقدورات سائر الحيوانات» اهـ ومراده أن أصل هذه المقالة كانت من معتزلة البصرة ثم أخذها عنهم غيرهم. قال الفقيه الحافظ اللغوي محمد مرتضى الزبيدي في «إتحاف السادة المتقين» ما نصه [(957)] «ولذلك لم يتوقف علماء ما وراء النهر في تكفير المعتزلة» اهـ.
وقال الإمام أبو منصور البغدادي إمام الأشاعرة في عصره [(958)] في «الفرق بين الفرق» ما نصه [(959)] «فمن زعم أن العباد خالقون لأكسابهم فهو قدري مشرك بربه لدعواه أن العباد يخلقون مثل خلق الله من الأعراض التي هي الحركات والسكون والعلوم والإرادات والأقوال والأصوات وقد قال الله عزَّ وجلَّ في ذم أصحاب هذا القول  ﴿… أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ *﴾ [سورة الرعد]» اهـ
وقال فيه أيضًا في بيان مذهب أهل الحق [(960)] «وقالوا [(961)] بأن القدرية والخوارج مخلدون في النار ولا يخرجون منها وكيف يغفر الله لمن يقول ليس لله تعالى أن يغفر ويخرج من النار من دخلها» اهـ.وقال في كتابه «الأسماء والصفات» [(962)] الذي وصفه الزبيدي [(963)] بأنه أجمع كتاب في هذا العلم «وأما الكلام في طاعاتِ المعتزلة وسائر أهل الأهواء الضالة فإن أهل السنة والجماعة مجمعون على أن أهل الأهواء المؤدية إلى الكفر لا يصح منهم طاعة الله عز وجل مما يفعلونه من صلاة وصوم وزكاة وحجٍ لأن الله تعالى أمر عباده بإيقاع هذه العبادة على شرط مقارن كاعتقاد صحيح بالعدل والتوحيد وبشرط أن يراد بها التقربُ إلى الله تعالى مع اعتقاد صفة الإله على ما هو عليهولا يجوز أن يقصده بالطاعة من لا يعرفه» اهـ.
ثم قال [(964)] «والمعتزلة وسائر أهل الأهواء غير عارفين بالله لاعتقادهم فيه خلاف ما هو عليه في عدله وحكمته».
وقال فيه [(965)] «فأما أصحابنا فإنهم وإن أجمعوا على تكفير المعتزلة والغلاة من الخوارج والنجارية والمرجئة والجهمية والمشبهة فقد أجازوا لعامة المسلمين معاملاتهم في عقود البياعات والإجارات والرهون وسائر المعاوضات دون الأنكحة فأما مناكحتهم وموارثتهم والصلاة عليهم وأكل ذبائحهم فلا يحل شىء من ذلك إلا الموارثة ففيها خلاف بين أصحابنا فمنهم من قال مالهم لأقربائهم من المسلمين لأن قطع الميراث بين المسلم والكافر إنما هو في الكافر الذي لا يعد في الملة» اهـ.وقال في «أصول الدين» [(966)] «إن الزُّهري أفتى عبد الملك بن مروان بدماء القدرية». وقال [(967)] «وأول متكلمي أهل السنة من التابعين عمر بن عبد العزيز وله رسالة بليغة في الرد على القدرية» وقال [(968)] «إن جعفر بن محمد الصادق له كتاب في الرد على القدرية وكتاب في الرد على الخوارج ورسالة في الرد على الغلاة من الروافض وأنه قال أرادت المعتزلة أن توحد ربَّها فألحدت وأرادت التعديل فنسبت البخل إلى ربها». وإن أبا يوسف صاحب أبي حنيفة قال عن المعتزلة [(969)] «إنهم زنادقة». وذكر أن الشافعي أشار في كتاب «القياس» إلى رد شهادة أهل الأهواء والمعتزلة. وقال عن الأصمعي [(970)] إنه طرد الجاحظ عن مجلسه وقنَّعه بنعله وقال «نِعم قناعُ القدريّ النَّعلُ». وكان سيبويه [(971)] تلميذ حمادِ بن سلمة سيفًا على القدرية. قال [(972)] «وأما ثغور أهل ما وراء النهر في وجوه الترك والصين فهم فريقان إما شافعية وإما من أصحاب أبي حنيفة وكلهم يلعنون القدرية وأهل الأهواء».
وقال أيضًا ما نصه [(973)] «اعلم أن تكفير كل زعيم من زعماء المعتزلة واجب من وجوه أما واصل بن عطاء فلأنه كفر بإثبات خالقِين لأعمالهم سوى الله تعالى» اهـ ثم سرد جملة من أقوال زعماء المعتزلة إلى أن قال [(974)] «وأنواع كفرهم لا يحصيها إلا الله تعالى، وقد اختلف أصحابنا فيهم فمنهم من قال حكمهم حكم المجوس لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «القدرية مجوس هذه الأمة». ومنهم من قال حكمهم حكم المرتدين» اهـ، وقال [(975)] «وأوجب أصحاب الشافعي ومالك وداود وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه إعادة صلاة من صلى خلف القدري والخوارج والرافضي».وقال أيضًا في كتابه «أصول الدين» [(976)] «قال أصحابنا للقدرية إنكم زعمتم أن أفعالنا كانت في حال عدمها قبل حدوثها أشياء وأعراضًا وأن الإنسان المكتسِب لها لم يجعلها أشياء وأعراضًا ونحن نقول إن الله عزَّ وجلَّ هو الذي جعل أفعالنا أشياء وأعراضًا وهذا معنى قولنا إن الله عزَّ وجلَّ خلق أعمال عباده ومعناه أنه هو الذي جعلها أشياء وأعراضًا وقد سلمتم لنا أن الإنسان لم يجعلها كذلك فالذي نفيتموه عن الإنسان أضفناه إلى الله عزَّ وجلَّ» اهـ.
وقال القاضي أبو بكر بن العربي [(977)] «والذي نختاره كفرُ من أنكر أصول الإيمان فمن أعظمها موقعًا وأبينها منصفًا وأوقعها موضعًا القول بالقدر فمن أنكره فقد كفر. نص عليه مالك فإنه سُئل عن نكاح القدرية فقالقال الله تعالى  ﴿… وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ … *﴾» [سورة البقرة]. ونقل القاضي عياض [(978)] عن أحمد تكفيرهم وقال عياض إن عليه أكثرَ السلف [(979)]».
فإذا علم ذلك لزم تحرير المسألة بأن يقال المعتزلة قسمان:
قسم يصرحون بأن العباد يخلقون أفعالهم ويقولون إن الله كان قادرًا على خلق مقدوراتهم ثم إنه بعد أن أعطاهم القدرة على أعمالهم صار عاجزًا عن خلقها ونحوِ ذلك من فظائع مقالاتهم فهؤلاء كفار مشركون لا يجوز التردد في تكفيرهم كما قال الزاهد [(980)] من الحنفية [(981)] «يجب تكفير القدرية في نفيهم كون الشر بخلق الله وفي دعواهم أن كلّ فاعلٍ خالق فعل نفسه».
وقسم اقتصروا على القول بخلق القرءان، وبأن صاحب الكبيرة مخلد في النار أبدًا وبأن الله لا يُرى في الآخرة، فهؤلاء لا يكفرون على المعتمد، وعلى هذا يحمل ما ورد عن بعض الأئمة من ترك القول بتكفيرهم على تقدير صحة ذلك عنهم.والدليل على أن بعض المعتزلة لا يقول بمقالات القسم الأول أن بشرًا المريسي نُسب إلى الاعتزال وكان من أصحاب أبي حنيفة إنما وافق المعتزلة في القول بخلق القرءان وأكفرهم في القول بخلق الأفعال كما ذكره الإمام أبو منصور التميمي في «أصول الدين» [(982)]، وكذلك الخليفة المأمون العباسي إنما وافقهم في القول بخلق القرءان لا غير. ويؤيد ذلك ما قال الخطابي على ما نقله البيهقي في «الأسماء والصفات» [(983)] وهو ما نصه «وكانت المعتزلة في الزمان الأول على خلاف هذه الأهواء وإنما أحدثها بعضهم في الزمان المتأخر»، ثم قال البيهقي «وفي كلام الشافعي في شهادة أهل الأهواء إشارة إلى بعض هذا» والله أعلم.
ومن الكفر اعتقاد الجسمية في الله تعالى ففي كتاب «الأشباه والنظائر» [(984)] للحافظ عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي «قال النووي في تهذيبه [(985)]: الكفر أربعة أنواع كفر إنكار وكفر جحود وكفر عناد وكفر نفاق، من أتى اللهَ بواحد منها لا يغفر له ولا يخرج من النار» اهـ.
وفيه أيضًا [(986)]: «قاعدةقال الشافعي «لا نكفر أحدًا من أهل القبلة، واستثنى من ذلك المجسم ومنكر علم الجزئيات» اهـ، قال السيوطي «وقال بعضهم المبتدعة أقسام الأول ما نكفره قطعًا كقاذف عائشة رضي الله عنها ومنكر علم الجزئيات وحشر الأجساد والمجسمة والقائل بقِدم العالم» اهـ. والمراد بقذف عائشة قذفها بالزنا وقد برأها الله تعالى منه فمن قذفها بعد تبرئة الله كفر لإجماع الأمة على تبرئتها بقول الله تعالى  ﴿… أُولَئِكَ مُبَرَّأُونَ مِمَّا يَقُولُونَ … *﴾ [سورة النور]، أما من قذفها قبل ذلك فلم يكفرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن أقام عليهم الحد.وأما المجسمة فهم الذين يقولون «إن الله جسم» وقال بعضهم «جسم لا كالأجسام» وهم فريقان فريق جعلوه جسمًا كثيفًا كالإنسان قال بعضهم «إنه بصورة شاب أمرد»، والقسم الآخر جعلوه جسمًا لطيفًا كالنور وقال بعضهم «إنه نور يلمع» وقال بعضهم «إنه متحيز في السماء» وهؤلاء أيضًا جسَّموا الله لأن كل متحيز في جهة جسم إما لطيف وإما كثيف. والشمس والقمر والنجوم متحيزات في جهة فوق وهي أجسام كثيفة والريح والنور والظلام أجسام لطيفة متحيزات في جهة فوق فمن قال «الله في جهة فوق» جعله جسمًا متحيزًا في جهة فوق كالشمس والقمر والنجوم والريح والنور والظلام. أما الذين قالوا «الله في السماء» ولا يعنون أنه متحيز بل يعنون أنه عالي القدر جدًّا فلا يكفّرون وعلى ذلك تحمل بعض النصوص القرءانية والحديثية.
وأما القائلون بقدم العالم فهم على وجهين: قوم قالوا «العالم قديم» وأطلقوا، وقال قوم «قديم الجنس أو النوع» كأحمد بن تيمية الحرّاني فإنه قال في بعض كتبه «جنس العالم قديم» وفي بعضها «نوع العالم»، فالأول ذكره في كتابه «شرح حديث عمران بن حصين» والثاني ذكره في عدة من كتبه ككتابه «شرح حديث النزول»، قال شارح العقيدة العضدية [(987)] «وقد رأيت في تأليف لأبي العباس أحمد بن تيمية القول بالقدم الجنسي في العرش» اهـ أي أنه يرى أن العرش قديم قدمًا جنسيًّا أي مع قدمه يتجدد كل لحظة. وشارح العضدية هو جلال الدين الدواني وقد ترجمه الحافظ السخاوي ووصفه بالثقة وذلك في تاريخه المشهور «الضوء اللامع» [(988)].وفي كتاب «فتح الباري» [(989)] «وقد حكى عياض وغيره الإجماع على تكفير من يقول بقدم العالم، وقال ابن دقيق العيد وقع هنا من يدعي الحِذق في المعقولات ويميل إلى الفلسفة فظن أن المخالف في حدوث العالم لا يكفر لأنه من قبيل مخالفة الإجماع وتمسك بقولنا إن منكر الإجماع لا يكفَّر على الإطلاق حتى يثبت النقل بذلك متواترًا عن صاحب الشرع، قال وهو تمسكٌ ساقط إما عن عمى في البصيرة أو تعامٍ لأن حدوث العالم من قبيل ما اجتمع فيه الإجماع والتواتر بالنقل» اهـ. وذلك لأنه تكذيب للنص فذلك كقوله تعالى ﴿ هُوَ الأَوَّلُ … *﴾ ولحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم «كان الله ولم يكن شىء غيره» رواه البخاري وغيره ولحديث «كان الله قبل كل شىء» [(990)] وهذا صريح في أنه لم يكن في الأزل جنس العالم ولا أفراده.فعقيدة ابن تيمية هي عين عقيدة الفلاسفة الذين يدعون الإسلام وهم كافرون بالإسلام وجرى عرف بعض العلماء على تسميتهم «الفلاسفةَ الإسلاميين» ومرادهم بذلك أنهم ينتسبون للإسلام لا أنهم مسلمون كما أفاد ذلك بدر الدين الزركشي في شرح جمع الجوامع [(991)]، ويكفي ابنَ تيمية كفرًا قوله بقدم العالم جنسًا مع حدوث الأفراد وذلك مع كفر التجسيم فإنه جسّم الله وحَدّهُ بقدر العرش فجعل لله مقدارًا كالمخلوقات، قال الله تعالى ﴿… وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ *﴾ الآية [سورة الرعد]، فكيف يلقّب من هذا حاله بشيخ الإسلام؟! وقوله «إن العالم قديم الجنس حادث الأفراد» أشد كلام الفلاسفة أعداء الدين كفرًا وهي أشد من إنكارهم حشر الأجساد وإنكارهم علم الله بالجزئيات. وقد ألّف الشيخ علاء الدين البخاري مؤلفًا [(992)] يكفّر فيه من سمى ابن تيمية شيخ الإسلام، وقال الشيخ المفسر اللغوي أبو حيان رحمه الله [(993)] إنه عثر على كتابٍ لابن تيمية سماه «كتاب العرش» يقول فيه «إن الله تعالى يجلس على الكرسيّ وقد أخلَى منه مكانًا يُقعِدُ فيه معه رسول الله» اهـ. تنبيه. تكفير من يعتقد أن الله جسم هو الصواب والقول بخلافه باطل، وذلك لأنه قول بالحدوث لأن الجسم لا يكون إلا حادثًا فقول بعض المبتدعة «إن الله جسم لا كالأجسام» لا معنى له فالمجسم من فرق المبتدعة الذين يكفرون ببدعتهم وعلى ذلك الشافعي رضي الله عنه. فإذا علم هذا فقد تبين فساد كلام ابن حجر الهيتمي في بعض مؤلفاته ككتابه الذي ألفه في بيان الكبائر [(994)] وكتاب «الإعلام بقواطع الإسلام» [(995)] من تصويب ترك تكفير المبتدعة فهذا مردود لا يلتفت إليه، ولا حجة له في قول الشافعي «أقبل شهادة أهل الأهواء إلا الخطابية» اهـ فإن مراد الشافعي بهذا كما بينه الحافظ سراج الدين البلقيني «المبتدع الذي لم يثبت في حقه قضية معينة تقتضي كفره».قال الحافظ سراج الدين البلقيني [(996)] بدليل تكفيره لحفص الفرد لقوله «إن القرءان مخلوق»، وهذا مذهب المعتزلة. وقد قال الربيع بن سليمان المرادي تلميذ الشافعي [(997)] «إن الشافعي ناظر حفصًا الفرد فقطعه بالحجة وكفَّره» اهـ. فبعد هذا القول من الربيع بن سليمان الذي حضر مجلس الشافعي الذي كفَّر فيه حفصًا الفرد لا يلتفت إلى تأويل كلام الشافعي بكفران النعمة لا كفران الجحود أي أنه أراد كفرًا دون كفر لا الكفر الذي ينقل عن الملة لأن الكفر درجات [(998)]. فتبين أن قول ابن حجر الهيتمي «القول الصحيح ترك تكفير المبتدعة» باطل لأنه يتضمن ترك تكفير المشبهة الذين قالوا «الله نورٌ يتلألأ» ومنهم من قال «إن الله بصورة شاب أمرد» ومنهم من قال «إنه سبعة أشبار بشبر نفسه» كل أولئك يصلّون ويحجون ويزكون [(999)] ويظنون بأنفسهم أنهم على هدى. ومن المبتدعة من قال «إن الله كان قادرًا على خلق حركات العباد وسكناتهم قبل أن يعطيهم القدرة عليها ثم بعد أن أعطاهم القدرة عليها صار عاجزًا» وهؤلاء هم المعتزلة كما تقدم فكيف يصح ترك تكفير كل هؤلاء؟!
وأسلاف المبتدعة فرق كثيرة بلغ عددهم اثنتين وسبعين منهم من وصل إلى حد الكفر ومنهم من لم يصل إلى حد الكفر. وممن لم يصل إلى حد الكفر من المبتدعة المنتسبون للمعتزلة ممن لم يقولوا بأن العبد يخلق فعله بل اقتصروا على قول إن صاحب الكبيرة يخلد في النار كالكافر لكن لا يسمونه كافرًا بل يقولون في منزلة بين المنزلتين، وعلى قول إن الله لا يراه المؤمنون في الآخرة، فهؤلاء من المبتدعة الذين لا يكفرون.وقد نقل صاحب «البيان» [(1000)] عن الشافعي تكفير القدري وهو المعتزلي والقائل بخلق القرءان، ولعل الذي جعل ابن حجر وأمثاله من الشافعية لا يُكفرون المبتدعة سوء فهمهم لقول الشافعي «أقبل شهادة أهل الأهواء إلا الخطابية» فإن مراد الشافعي من لم يصل من أهل الأهواء إلى حد الكفر بدليل أنه كفر القدري والقائل بخلق القرءان والمجسم وكأن الشافعي قال أقبل شهادة المبتدعة الذين لم يثبت في حقهم كفر. أمَّا ابن حجر وأمثاله فظنوا أن كلام الشافعي على الإطلاق فوقعوا في مخالفة نص الشافعي، فالحذر الحذر من اعتماد كلام ابن حجر الهيتمي فيما يشذ به في العقيدة وفي الأحكام ففي كتاب «تحفة المحتاج» [(1001)] إن الولي إذا قال أنا الله وأوّل كلامه بتأويل مقبول لا يكفر. كيف يقول ذلك؟! وأيّ تأويل يقبل لهذا الكلام؟! ولو كان مثل هذا الكفر الصريح يقبل التأويل لما كان هناك كلمة كفرية لا تقبل التأويل. وكيف تصور أن الوليّ يكون في صحوه ويقول أنا الله؟! وقد قال هو نفسه في بعض تآليفه [(1002)] «من قال أنا الله مازحًا كفر».ويكفي في رد قول ابن حجر حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال «صنفان من أمتي ليس لهما نصيب في الإسلام المرجئة والقدرية» رواه الحافظ ابن جرير الطبري في تهذيب الآثار وصححه [(1003)]. والعجب منه كيف تجرأ على هذه المقالة مع أن الإمام الشافعي الذي ينتسب إليه يكفّر المبتدعة وكذلك أبو حنيفة رضي الله عنه كفّر مبتدعًا [(1004)] وقال «كافر أخرجوه». وهذا الإمام المجتهد أبو عمرو الأوزاعي قال في غيلان المعتزلي للخليفة هشام بن عبد الملك «كافر وربّ الكعبة يا أمير المؤمنين» [(1005)] وسيأتي بيان ذلك إن شاء الله تعالى. ولننقل كلام الحافظ البلقيني في شرح قول الإمام الشافعي رضي الله عنه «أقبل شهادة أهل الأهواء إلا الخطابية» قال الحافظ الفقيه سراج الدين البلقيني في حاشيته على «روضة الطالبين»: «قوله: – يعني النووي – وأطلق القفّال وكثيرون من الأصحاب القول بجواز الاقتداء بأهل البدع وأنهم لا يكفّرونقال صاحب العُدّة هو ظاهر مذهب الشافعي رضي الله عنه، زاد – أي النووي – هذا الذي قاله القفال وصاحب العدة هو الصحيح أو الصواب، فقد قال الشافعي «أقبل شهادة أهل الأهواء إلا الخطابية» لأنهم يرون الشهادة بالزور لموافقيهم، ولم يزل السلف والخلف على الصلاة خلف المعتزلة وغيرهم.فائدةالصحيح أو الصواب خلاف ما قال المصنفوقول الإمام الشافعي رضي الله عنه محمول على من ذُكر عنه أنه من أهل الأهواء ولم تثبت عليه قضية معينة تقتضي كفره، وهذا نص عام وذلك نص خاص على تكفير من قال بخلق القرءان والقول الخاص هو المقدموأما الصلاة خلف المعتزلة فهو محمول على ما قدّمته من أنه لم يثبت عند المقتدين بهم ما يكفّرهمقولهوقد تأول البيهقي وغيره من أصحابنا المحققين ما جاء عن الشافعي وغيره من العلماء من تكفير القائل بخلق القرءان على كفران النعمة لا كفران الخروج من الملةفائدةهذا التأويل لا يصح لأن الذي أفتى الشافعي رضي الله عنه بكفره بذلك هو حفص الفرد وقد قال «أراد الشافعي ضرب عنقي» وهذا هو الذي فهمه أصحابه الكبار وهو الحق وبه الفتوى خلاف ما قال المصنف» اهـ.والتأويل المذكور لقول الشافعي لحفص المعتزلي لقد كفرت بالله العظيم مصادم لقول الربيع المرادي الذي حضر مناظرة الشافعي لهذا المعتزلي حيث قال «وكفّره» وقد تقدم نقله عنه، وهذه العبارة تبطل التأويل بكفران النعمة وتعيّن أن المراد كفران الخروج من الإسلام. ومراد الشافعي وغيره من الأئمة بتكفير القائلين «القرءان مخلوق» من يقول بأن القرءان مخلوق على معنى أنه ليس لله كلام هو صفة له إلا ما يخلقه في غيره ليس مرادهم من يقول القرءان مخلوق مع اعتقاد أن لله كلامًا قديمًا ليس حرفًا وصوتًا وأن القرءان بمعنى اللفظ المنزل عبارة عنه فإن هذا ليس كفرًا وهذا الذي حصل من الخليفة المأمون وأخيه وابن أخيه فإنهم لم يقولوا بما قالته المعتزلة بنفي صفة الكلام عن الله، وكذلك لم يوافقهم هؤلاء الخلفاء الثلاثة في قولهم بخلق العبد أعماله استقلالًا. قال صاحب كتاب بغداد [(1006)] إن ثُمامة وهو أحد زعماء المعتزلة قال «إن المأمون عاميٌّ لتركه القول بالقدر» اهـ وعلى هذا يحمل قول الإمام أحمد بن حنبل للخليفة المعتصم الذي كان يُلزِم الناس بأن يقولوا القرءان مخلوق «يا أمير المؤمنين»، وعلى هذا يحمل أيضًا قول بعض أهل الجرح والتعديل عند بيان أحوال الرواة ثقاتهم وضعفائهم «كان فيه أي في فلان الراوي شىء من التشيع أو فيه شىء من القدر» ونحو ذلك من العبارات. ومعنى قول الحافظ البلقيني الذي نقلناه عنه حيث قال «وقد نصّ نصًّا خاصًّا» أن قول الشافعي رضي الله عنه «أقبل شهادة أهل الأهواء إلا الخطابية» نصٌّ عامٌّ وقد عارضه نص له خاص وهو قوله لحفص الفرد «لقد كفرت بالله العظيم» والقاعدة الأصولية ترجيح النص الخاص على النص العام عند التعارض كما هو مقرر في علم الأصول فتبين أن ابن حجر الهيتمي اغترّ بظاهر العامّ.ولعل ابن حجر لم يبلغه قول الإمام الشافعي في حفص الفرد المعتزلي «لقد كفرت بالله العظيم» ولا قول الأوزاعي في غيلان المعتزلي مخاطبًا للخليفة هشام بن عبد الملك «كافر ورب الكعبة يا أمير المؤمنين»، فالحذرَ الحذر من العمل بكلام ابن حجر الهيتمي فيما ينفرد به في الأحكام والعقيدة.
ومن الأدلة على كفر القدرية أن عمر بن عبد العزيز يكفرهم والأوزاعي أيضًا وذلك فيما ذكره الحافظ علي بن الحسن بن هبة الله ابن عبد الله بن عساكر المتوفى سنة خمسمائة وواحد وسبعين من الهجرة في كتابه «تاريخ مدينة دمشق» [(1007)]: «بلغ عمر بن عبد العزيز كلام غيلان القدري في القدر فأرسل إليه فدعاه فقال لهما الذي بلغني عنك تَكَلّمُ في القدر؟ قال يُكذب عليَّ يا أمير المؤمنين ويقال عليَّ ما لم أقل، قال فما تقول في العلم؟ ويلك أنت مخصوم إن أقررت بالعلم خصمت وإن جحدت بالعلم كفرت، ويلك أقر بالعلم تخصم خير من أن تجحد فتلعن، والله لو علمتُ أنك تقول الذي بلغني عنك لضربت عنقك، أتقرأ ﴿ يس *وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ *﴾ قال نعم، قال اقرأ فقرأ ﴿ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَانِ الرَّحِيمِ *﴾ ﴿ يس *وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ *إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ *عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ *﴾ إلى أن بلغ ﴿ لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ *﴾ قال له قف كيف ترى؟ قال كأني لم أقرأ هذه الآية قط، قال زد ﴿ إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلاَلاً فَهِيَ إِلَى الأَذْقَانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ *﴾ قف من جعل الأغلال في أعناقهم؟ قال لا أدري، قالويلك، اللهُ واللهِ، قال زد ﴿ وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا …* ﴾ قال قف، قال ويلك من جعل السد بين أيديهم؟ قال لا أدري، قال ويلك اللهُ واللهِ، زد ويلك ﴿ وَسَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ *إِنَّمَا تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَانَ بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ *﴾، قف كيف ترى؟ قال كأني والله لم أقرأ هذه السورة قط فإني أعاهد الله أن لا أعود في شىء من كلامي أبدًا فانطلق.فلما ولَّى قال عمر بن عبد العزيز: اللهم إن كان أعطاني بلسانه ومحنته في قلبه فأذِقه حر السيف. فلم يتكلم في خلافة عمر بن عبد العزيز وتكلم في خلافة يزيد بن عبد الملك، فلما مات يزيد أرسل إليه هشام فقال ألستَ كنت عاهدت الله لعمر بن عبد العزيز أنك لا تَكَلَّمُ في شىء من كلامك؟ قال أقلني يا أمير المؤمنين، قال لا أقالني الله إن أنا أقلتك يا عدو الله، أتقرأ فاتحة الكتاب؟ قال نعم، فقرأ ﴿ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَانِ الرَّحِيمِ *الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ *الرَّحْمَانِ الرَّحِيمِ *مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ *إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ *﴾ قالقف يا عدو الله، عَلاَمَ تستعين الله على أمر بيدك أم على أمر بيده؟ من ههنا انطلِقوا به فاضربوا عنقه واصلبوه، قال يا أمير المؤمنين أبرز لي رجلاً من خاصتك أناظره فإن أدرك علي أمكَنته من عِلاوتي فليضربها وإن أنا أدركت عليه فأتبِعني به، قال هشاممَنْ لهذا القدري؟ قالواالأوزاعي، فأرسل إليه وكان بالساحل فلما قدم عليه قال له الأوزاعيأخبرني يا غيلان إن شئت ألقيت عليك ثلاثًا وإن شئت أربعًا وإن شئت واحدة، قال ألق عليَّ ثلاثًاقال أخبرني عن الله قضى على ما نهى؟ قال لا أدري كيف هذا؟ قال الأوزاعي واحدة يا أمير المؤمنينثم قال أخبرني عن الله أمر بأمرٍ ثم حال دون ما أمر؟ قال القدري هذه والله أشد من الأولى، قال الأوزاعي هاتان اثنتان يا أمير المؤمنينثم قال أخبرني عن الله حرَّم حرامًا ثم أحلَّه؟ قال هذه والله أشد من الأولى والثانية، قال الأوزاعي كافرٌ وربِّ الكعبة يا أمير المؤمنين.
فأمر به هشام فقطعت يداه ورجلاه وضربت عنقه وصلب، فقال حين أمر به «أدركتني دعوة العبد الصالح عمر بن عبد العزيز».قال هشاميا أبا عمرو فسِّر لنا الثلاث التي ألقَيت عليه، قال قلت له أخبرني عن الله قضى على ما نهى [إن الله نهى ءادم عن أكل الشجرة ثم قضى عليه أن يأكل منها، قلت له أخبرني عن الله أمر بأمر ثم حال دون ما أمر]، إن الله عز وجل أمر إبليس بالسجود لآدم فحال بينه وبين أن يسجد له، وقلت له أخبرني عن الله عز وجل حرَّم حرامًا ثم أحله حرَّم الميتة وأعان على أكلها للمضطر إليها.
قال له هشام فأخبرني عن الأربع ما هي؟
قالكنت أقول له أخبرني عن الله عز وجل خلقك كما شاء أو كما شئت فإنه يقول كما شاءثم كنت أقول له أخبرني عن الله أرازِقُك إذا شاء أم إذا شئت؟ فإنه يقول إذا شاءثم كنت أقول له أخبرني عن الله يتوفاك حيث شاء أم حيث شئت؟ فإنه يقول حيث شاءثم كنت أقول له أخبرني عن الله يصيِّرك حيث شاء أم حيث شئت؟ فإنه يقول حيث شاء، فمن لا يقدر أن يزيد في رزقه ولا يُنقص في عمره فما إليه من المشيئة شىء.
قال هشامفأخبرنا عن الواحدة ما هي؟ قال كنت أقول له أخبرني عن مشيئتك مع مشيئة الله أو دون مشيئة الله؟ فعلى أيهما أجابني حلّ قتله، إن قال مع مشيئة الله صيَّر نفسه شريكًا لله، وإن قال دون مشيئة الله انفرد بالربوبية.
فقال هشام لا أحيانيَ الله بعد العلماء ساعة واحدة» اهـ.
ثم ذكر الحافظ ابن عساكر [(1008)] أن رجاءَ بنَ حَيْوَةَ كتب إلى هشام ابن عبد الملك: «يا أمير المؤمنين بلغني أنه دخل عليك شىء من قبل غيلان وصالح وأقسم بالله يا أمير المؤمنين إن قتلهما أفضل من قتل ألفين من الروم والترك» اهـ.ونقل الحافظ تقي الدين السبكي وغيره [(1009)] أن الأئمة الأربعة قالوا بكفر من يعتقد في الله الجهة وذلك لأن الذي يحلّ في جهة جسم كثيف أو لطيف ومن قال بتحيز الله في جهة فوق جعله مظروفًا لِجهة فوق، والمظروف [(1010)] حادث والله منزه عن الحدوث لأن الله هو الأزلي الذي لا ابتداء لوجوده وما سواه لوجوده ابتداء. ومن قال إن الله في جهة جعل الله حادثًا لِحدوث الجهة.
وأجمع العلماء على أن من قال قول الكفر أو فعل فعل الكفر كسبّ الله والسجود للصنم كفر بشرط كونه مُتَعَمَّدًا ليس سبق لسان إن كان باعتقاد أو بغير اعتقاد إلا المكره الذي أكرهه الكافر بالتهديد بالقتل ليقول قول كفر أو ليفعل فعل كفر فإنه لا يكفر ما لم يعتقد. قال صاحب التتمة من الحنفية «من قال لآخر لا تذهب إلى مجلس العلم فإن ذهبت إليه تطلق أو تحرُم امرأتك ممازحةً أو جِدًّا كفر» اهـ كما في كتاب شرح الفقه الأكبر لملا علي القاري [(1011)].وقال قاضي خان ما نصه [(1012)] «الهازل والمستهزئ إذا تكلم بكفر استخفافًا ومزاحًا واستهزاءً يكون كفرًا عند الكل وإن كان اعتقاده خلاف ذلكوأما الخاطئ إذا أجرى على لسانه كلمة الكفر خطأ بأن كان أراد أن يتكلم بما ليس بكفر فجرى على لسانه كلمة الكفر خطأ لم يكن ذلك كفرًا عند الكل» اهـ. فمن قال: لا يكون قول الكفر أو فعل الكفر إلا مع اعتقادٍ، فقد خالف الإجماع وخالف النص القرءاني وأما مخالفته للإجماع فإن الإجماع قد انعقد على أن الكفر ثلاثة أنواع قول بمفرده وفعل بمفرده واعتقاد بمفرده فكل من الثلاثة كفر بانفراده وهذا هو المقرر في كتب الفقه من المذاهب الأربعة، فمن قال «لا يكون الكفر إلا مع قصد الخروج من الإسلام» فقد حرَّف دين الله فهذه كتب المذاهب الأربعة في أيدي الناس ليس فيها اشتراط اعتقاد قول الكفر وأما مخالفة ذلك لنص القرءان فلهذه الآية ﴿ مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ … *﴾ الآية حيث إن فيها أداة الاستثناء فهؤلاء المخالفون جعلوا كل أنواع الكفر لا تثبت إلا مع الاعتقاد فعلى قولهم لو قال شخص «الله ثالث ثلاثة» لا يكون كفرًا إلا مع الاعتقاد بالقلب وكذلك لو سجد للصنم لا يكون كفرًا إلا مع الاعتقاد والآية استثنت المكره فقط وهو الذي نطق بقول الكفر أو فعل فعل الكفر بغير اعتقاد فإنه لا يكفر أما هم فقد جعلوا حكم الكل كحكم المكره فخالفوا الآية وألغوا الاستثناء الذي فيها.قال الحافظ ابن حجر في كتاب «فتح الباري» في تفسير قوله تعالى  ﴿… إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ … *﴾ ما نصه [(1013)]: «وقد أخرج الطبري عن طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله  ﴿… إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ … *﴾ قال أخبر الله أنَّ من كفر بعد إيمانه فعليه غضب من الله، وأما من أُكره بلسانه وخالفه قلبه بالإيمان لينجو بذلك من عدوه فلا حرج عليه، إن الله إنما يؤاخذ العباد بما عَقدت عليه قلوبهمقلتُ – والقائل الحافظ ابن حجر -: وعلى هذا فالاستثناء مقدم من قوله فعليهم غضب كأنه قيل فعليهم غضب من الله إلا من أكره لأن الكفر يكون بالقول والفعل من غير اعتقاد وقد يكون باعتقاد فاستثنى الأول وهو المكره» اهـ. وهذا صريح في إبطال قول الشوكاني الذي حكيناه سابقًا ومن تبعه أمثال حسن قاطرجي البيروتي وسيد سابق صاحب كتاب «فقه السنة» وحسن الهضيبي صاحب كتاب «دعاة لا قضاة» ومحمد علوي المالكي وأحمد منير الإدلبي.
وقد نص فقهاء الشافعية والحنفية أن الجِد والمزح في الكفر سواء فإذا كان الجِد والهزل في النكاح والرجعة والطلاق سواءً فكيف الكفر؟ فقد روى أبو داود مرفوعًا [(1014)] «ثلاث جِدهن جِد وهزلهن جد النكاح والطلاق والرجعة» حديث ثابت حسَّنه الحافظ ابن حجر [(1015)].وقد نقل الحافظ ابن حجر عن الإمام الحافظ المجتهد ابن جرير الطبري ما نصه [(1016)]: «وفيه – أي في حديث الخوارج – أن من المسلمين من يخرج من الدين من غير أن يقصد الخروج منه ومن غير أن يختار دينًا على دين الإسلام» اهـ وهذا من أصرح الصريح لهدم كلام هؤلاء ويؤيده قول الطبري في تفسيره [(1017)] عن قوله تعالى {قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرَينِ أَعْمَالًا *الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا *} [سورة الكهف]: «وهذا من أدل الدلائل على خطأ قول من زعم أنه لا يكفر بالله أحد إلا من حيث يقصد إلى الكفر بعد العلم بوحدانيته وذلك أن الله تعالى ذِكرُه أخبر عن هؤلاء الذين وصف صفتهم في هذه الآية أنّ سعيهم الذي سعَوا في الدنيا ذهب ضلالا وقد كانوا يحسبون أنهم محسنون في صنعهم ذلك وأخبر عنهم أنهم هم الذين كفروا بآيات ربهم، ولو كان القول كما قال الذين زعموا أنه لا يكفر بالله أحد إلا من حيث يعلم لوجب أن يكون هؤلاء القوم في عملهم الذين أخبر الله عنهم أنهم كانوا يحسبون فيه أنهم يحسنون صنعه كانوا مثابين مأجورين عليها ولكن القول بخلاف ما قالوا فأخبر جلَّ ثناؤه عنهم أنهم بالله كفرة» اهـ، وهذا صريح في أن الجهل بكون الكفر كفرًا ليس بعذر فمن قال قول الكفر أو فعل فعل الكفر وهو لا يعلم أن هذا كفر فهو كافر كما لو كان يعلم.ـ[936] تشنيف المسامع (4/ 69 – 70).ـ[937] قال في شرح حديث عمران بن الحصين (ص/193): «وإن قدّر أن نوعها – أي= = الحوادث – لم يزل معه فهذه المعية لم ينفها شرع ولا عقل بل هي من كماله قال تعالى {أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لاَ يَخْلُقُ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ *} [سورة النحل] والخلق لا يزالون معه». قاله في شرح حديث عمران بن الحصين (ص/193)، وانظر مجموع الفتاوى له (18/ 239).
ـ[938] انظر كتابه المسمّى موافقة صريح المعقول لصحيح المنقول (1/ 245)، ومنهاج السنة النبوية (1/ 109).
ـ[939] ومن عظيم تمويهه نسبة ذلك إلى أئمة الحديث.
ـ[940] نقد مراتب الإجماع (ص/168).
ـ[941] الموافقة (1/ 64، 245)، (2/ 75).
ـ[942] الدرة المضية في الرد على ابن تيمية (ص/7)، ونص عبارته: «ولم يجمع أحد هذين القولين في ملة من الملل ولا نحلة من النحل فلم يدخل في فرقة من الفرق الثلاثة والسبعين التي افترقت عليها الأمة ولا وقفت به مع أمة من الأمم همة. وكل ذلك وإن كان كفرًا شنيعًا مما تقل جملته بالنسبة إلى ما أحدث في الفروع» اهـ.
ـ[943] أورده الحافظ في تهذيب التهذيب (6/ 383) في ترجمة عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد وقال: «قال الدارقطني: تفرد به عبد المجيد، قلت: وبقية رجاله ثقات».
ـ[944] أصول الدين (ص/308 و312).
ـ[945] التوحيد (ص/277).
ـ[946] أصول الدين (ص/135).
ـ[947] الفرق بين الفرق (ص/334).
ـ[948] إتحاف السادة المتقين (2/ 135).
ـ[949] أخذ علم الأشعري عن صاحبه أبي إسحاق الأسفرايني مقدم الأشاعرة ومن أصحاب أصحابه درس على أبي إسحاق وأقعده بعده في مسجد عقيل للإملاء مكانه وأملى سنين وأخذ عنه الأئمة فقرأوا عليه مثل الإمام ناصر المروزي وأبي القاسم القشيري وغيرهما وحدَّث عن الإسماعيلي وابن عدي.
ـ[950] الفرق بين الفرق (ص/339).
ـ[951] الفرق بين الفرق (ص/348).
ـ[952] ورد ذلك في سرد المسائل التي اتفق عليها أهل الحق، فمن رام الاطلاع عليها فليُرَاجع.ـ[953] تفسير الأسماء والصفات (ق/194)، مخطوط.
ـ[954] إتحاف السادة المتقين (2/ 2).
ـ[955] تفسير الأسماء والصفات (ق/232)، مخطوط.
ـ[956] تفسير الأسماء والصفات (ق/228)، مخطوط.
ـ[957] و [(1298)] أصول الدين (ص/307).
ـ[958] أصول الدين (ص/308).
ـ[959] أصول الدين (ص/308).
ـ[960] أصول الدين (ص/316).
ـ[961] و [(1299)] أصول الدين (ص/317).
ـ[962] أصول الدين (ص/335).
ـ[963] أصول الدين (ص/337).
ـ[964] أصول الدين (ص/342).
ـ[965] أصول الدين (ص/133).
ـ[966] أحكام القرءان (2/ 802).
ـ[967] الشفا بتعريف حقوق المصطفى (2/ 375).
ـ[968] أي نص على تكفيرهم أكثر السلف.
ـ[969] إسماعيل بن الحسن الزاهد أخذ العلم عن أبي بكر محمد بن الفضل عن السبذموني عن أبي حفص الصغير عن أبي حفصٍ الكبير مات سنة 402 نقل عنه حافظ الدين الكردري في فتاويه ما نقلنا عنه.
ـ[970] الفتاوى البزازية (6/ 321).
ـ[971] أصول الدين (ص/308).
ـ[972] الأسماء والصفات (ص/258).
ـ[973] الأشباه والنظائر (ص/597).
ـ[974] تهذيب الأسماء والصفات (ج2 القسم الثاني – ص/116).
ـ[975] الأشباه والنظائر (ص/598).
ـ[976] شرح العضدية (ص/13).
ـ[977] الضوء اللامع (7/ 133).
ـ[978] فتح الباري (12/ 202).
ـ[979] تقدم تخريجهما.
ـ[980] تقدم تخريجه.
ـ[981] إنباء الغمر (8/ 273).
ـ[982] النهر الماد: تفسير ءاية الكرسي (1/ 254).
ـ[983] الزواجر عن اقتراف الكبائر (1/ 29).
ـ[984] الإعلام بقواطع الإسلام (ص/340).
ـ[985] حواشي الروضة للبلقيني (1/ 83).
ـ[986] مناقب الشافعي للبيهقي (1/ 455).ـ[987] كما قال الإمام أحمد بن حنبل في كتابه «أحكام النساء» (ص/44) وكما قال عبد الله ابن عباس رضي الله عنهما في هذه الآية { … وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ *} «ليس كفرًا ينقل عن الملة بل كفر دون كفر» رواه الحاكم (المستدرك= = 2/ 313) وصححه وأقره الذهبي. وقد ورد تسمية بعض الكبائر بالكفر وذلك في قول رسول الله في خطبة حجة الوداع «لا ترجعوا بعدي كفارًا يقتل بعضكم بعضًا» حيث سمى قتال المؤمن للمؤمن كفرًا. ومن هذا يعلم بطلان تكفير سيد قطب (انظر كتابه في ظلال القرءان 6/ 898 و8/ 1057) لحكام المسلمين لأنهم يحكمون بغير الشرع فإنه لم يزل المسلمون منذ العصر الأول إلى الآن يحصل من بعض الحكام الحكم بغير الشرع لأجل الرشوة أو الصداقة أو القرابة ولم يكفرهم المسلمون بذلك.
ـ[988] أي صورة لا على أنه صحيح منهم.
ـ[989] البيان (2/ 396 – 397 و13/ 282 – 283).
ـ[990] تقدم تخريجه.
ـ[991] الزواجر عن اقتراف الكبائر (1/ 28).
ـ[992] تهذيب الآثار (2/ 178).
ـ[993] إشارات المرام (ص/34).
ـ[994] تاريخ مدينة دمشق (48/ 209).
ـ[995] كتاب بغداد (ص/40).
ـ[996] تاريخ مدينة دمشق (48/ 208 – 210).
ـ[997] تاريخ مدينة دمشق (48/ 211).
ـ[998] المنهاج القويم (ص/224) لابن حجر الهيتمي.
ـ[999] أي المَحْوِي.
ـ[1000] شرح الفقه الأكبر (ص/288).
ـ[1001] فتاوى قاضي خان (مطبوعة بهامش لفتاوى الهندية) (3/ 577).
ـ[1002] فتح الباري (12/ 312 – 313).
ـ[1003] رواه أبو داود في سننه: كتاب الطلاق: باب في الطلاق على الهزل.
ـ[1004] التلخيص الحبير (3/ 210).
ـ[1005] فتح الباري (12/ 301 – 302).
ـ[1006] جامع البيان عن تأويل ءاي القرءان (16/ 34 – 35).
ـ[1007] انظر الكتاب (ص/512).
ـ[1008] انظر الكتاب (ص/513).
ـ[1009] انظر كتاب ابن تيمية «الصارم المسلول» (ص/232 و233).
ـ[1010] إتحاف السادة المتقين (1/ 184).ـ[1011] انظر الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان (2/ 128).
ـ[1012] أي تقتلهم بالجهاد.
ـ[1013] أي رد عليه.
ـ[1014] معناه الإعراض عن الطاعة.
ـ[1015] أخرجه أحمد في مسنده (4/ 444)، والنسائي في عمل اليوم والليلة (ص/547 – 549).
ـ[1016] الإصابة في تمييز الصحابة (1/ 337).
ـ[1017] أخرجه البخاري في صحيحه: كتاب الجنائز: باب إذا قال المشرك عند الموت لا إله إلا الله، وأخرجه مسلم في صحيحه: كتاب الإيمان: باب الدليل على صحة إسلام من حضره الموت ما لم يشرع في النزع وهو الغرغرة … إلخ، وأحمد في مسنده (5/ 433)، والحاكم في المستدرك (2/ 336).

بيان الكفر الفعلي

تصريح ابن تيمية بأن من قال كلمة الكفر يكفر وإن لم يعتقد