مسألة صحة النسخ ووقوعه
النسخ معناه رفع حكمٍ شرعي سابق بحكمٍ شرعي لاحق. وليس في النسخ نسبةُ البداء [(1249)] إلى الله كما زعمت اليهود مع اعترافهم بأن الله تعالى أحل في شريعة يعقوب الجمع بين الأختين ثم نسخ ذلك بعده فكيف يعيبون النسخ فيما سوى ذلك كنسخ استقبال النبي بعد الهجرة إلى بيت المقدس للصلاة سبعة عشر شهرًا بالأمر بالرجوع إلى استقبال الكعبة بقوله تعالى ﴿… فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ … *﴾ [سورة البقرة].ثم إن من المعلوم أنه لا يمتنع في الحكمة أن يأمر الحكيم مريضًا باستعمال دواءٍ في وقتٍ ثم ينهاه عنه في وقتٍ ءاخر لتعلق صلاحه بذلك في الحالين. والله تعالى لا يتغير علمه بل هو عالم في الأزل باختلاف مصالح عباده لتغير أحوالهم فالله تعالى يتصرف في عباده بنقلهم من الصحة إلى المرض ومن الغنى إلى الفقر ومن الحياة إلى الموت وعكس ذلك ولا يخرج ذلك من الحكمة.
ثم من موارد النسخ «لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم زوارات القبور» رواه أبو داود من حديث ابن عباس وابن ماجه من حديث حسان بن ثابت [(1250)] وصححه الحافظ [(1251)] وقد نسخ بحديث [(1252)] «كنت نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزوروها» فيجب الإيمان بصحة النسخ ووقوعه.ـ[1249] جمع نجم أي مفرّقًا.
ـ[1250] الخوان ما يؤكل عليه، انظر المصباح المنير (ص/70).
ـ[1251] رواه الترمذي في سننه: كتاب الأطعمة: باب ما جاء في الخل.
ـ[1252] رواه البخاري في صحيحه: كتاب المناقب: باب فضل عائشة رضي الله عنها.
