الرد على من ذم الأشاعرة – الكلام المنسوب لابن هبيرة المتوفى سنة 506 هــجري –
هو الوزير أبو المظفر يحيى بن محمد بن هبيرة بن سعيد بن الحسن بن جهم الشيباني الدوري العراقي الحنبلي.
قال عنه الذهبي في السير : “وكان دينا، خيرا، متعبدا، عاقلا، وقورا، متواضعا، جزل الرأي، بارا بالعلماء، مكبا مع أعباء الوزارة على العلم وتدوينه، كبير الشأن، حسنة الزمان”. انتهى
تفقه بأبي الحسين بن القاضي أبي يعلى و غيره. كان على طريقة السلف الصالح في تفويض النصوص المتشابهة و اكفار المجسمة. فقد جاء في ذيل طبقات الحنابلة لابن رجب ما نصه: قال أَبُو الفرج بن الجوزي: سمعت الوزير يقول: تأويل الصفات أقرب إلى الحظ من إثباتها على وجه التشبيه فإن ذلك كفر. وهذا غايته البدعة. قال وسمعته ينشد لنفسه:
لا قول عند آية المتشابه … للراسخين غير آمنا به.
قال: وسمعته يقول: “ما أنزل الله آية إلا والعلماء قد فسروها، لكنه يكون للآية وجوه محتملات، فلا يعلم ما المراد من تلك الوجوه المحتملات إلا الله عز وجل”. انتهى
وقال في كتابه الإفصاح عن معاني الصحاح جزء 2 صحيفة 14 – طبعة دار الوطن – عند شرحه لحديث الحبر الذي قال للرسول “إن الله يضع السماء على اصبع” ما نصه: ” قولنا نمرها كما جاءت أي نرويها كما سمعناها و نمتنع أن نقول بجعلها على ظاهرها”. انتهى
وقال في الصحيفة 196 عند شرحه لحديث الرسول لما سئل عن رؤية الله ” نور أنى أراه” ما نصه: فأما هذا الحديث فمن وجوهه أن يكون معنى النور: أن رؤيته حق, فشبهه لكونها حقا بالنور”. انتهى
وقال في كتابه الإفصاح عن معاني الصحاح جزء 4 صحيفة 71 – طبعة دار الوطن – ما نصه: ” و ينبغي لكل مؤمن أن يكون مثبتا لله سبحانه من الصفات ما أثبته له رسول الله صلى الله عليه و سلم ونافيا عنه من مشابهة الأجسام ما نفاه القرآن و السنة”. انتهى
و أما ما نقله عنه ابن رجب الحنبلي في ذيل طبقات الحنابلة 2/156 حيث قال ما نصه: ” قال – أي مصنف سيرة ابن هبيرة – : وسمعته يقول: والله ما نترك أمير المؤمنين علي بن أبي طالب مع الرافضة نحن أحق به منهم، لأنه منا ونحن منه، ولا نترك الشافعي مع الأشعرية فإنا أحق به منهم”. انتهى
وهذه العبارة لا تثبت عن ابن هبيرة لأن الذي ذكرها هو مصنف سيرة ابن هبيرة أَبُو بَكْرٍ مجد الدين عبيد الله بن علي بن نصر بن حمزة التيمي البغدادي الحنبلي المعروف بابن المرستانية المتوفى 599هـجري وهو متهم بالكذب.
قال عنه ابن كثير في البداية و النهاية في الجزء 13 في ذكر أحداث 599 هجري ما نصه :” وجمع سيرة ابن هبيرة، وقد كان يزعم أنه من سلالة الصديق فتكلموا فيه بسبب ذلك “. انتهى
وذكره الذهبي في ديوان أسماء الضعفاء والمتروكين في الصحيفة 45 و قال عنه: ” متهم بالكذب”. انتهى
وقال ابن العماد في شذرات الذهب ما نصه: ” قال ابن النجار: كان قد قرأ كثيرا من علم الطب والمنطق والفلسفة وكانت بينه وبين عبيد الله بن يونس صداقة فلما أفضيت إليه الوزارة اختص به وقوى جاهه وبنى دارا بدرب الشاكرية وسماها دار العلم وحصل فيه خزانة كتب وأوقفها على طلاب العلم ورتب ناظرا على أوقاف المارستان العضدي فلم تحمد سيرته فقبض عليه وسجن في المارستان مدة مع المجانين مسلسلا”. انتهى
ونقل ابن رجب في الذيل على الطبقات عن ابن القادسي أنه قال: ” وقد طعن أصحاب الحديث عليه وجرحوه، منهم شيخنا ابن الجوزي، وعبد العزيز بن الأخضر” . انتهى
ونقل ابن رجب في نفس الكتاب ما نصه: ” قال ابن نقطة: سألت أبا الفتوح الحصري عنه بمكة. فقال: سامحه الله. كان صديقي. وكان يكرمني. وكان غير ثقة. حدثني علي بن أحمد الشريف الزيدي أنه استعار منه مغازي الأرموي فردها إليه وقد طبق عليها السماع على كل جزء، ولم يسمعها. قال ابن نقطة: وكان شيخنا ابن الأخضر الحافظ ينهى أن يقرأ أحد على شيخ بطبقة تكون بخطه أو بخط أَبِي بَكْرِ بن سوار. ذكر حكايتين عن أبي الحسين عبد الحق بن عبد الخالق أنه كذبه، وقال: إنه سمع لنفسه منه أجزاء لم يقرأها عليه. ” انتهى
وقد حاول ابن رجب الانتصار لابن المرستانية ووصف بعض من تكلم فيه بالمبالغة فقال: ” وبالغ ابن النجار في الحط عليه بسبب ادعائه النسب إلى أَبِي بَكْرٍ الصديق، وبسبب أنه روى عن مشايخ لم يدركهم كأبي الفضل الأرموي. قال: واختلق طباقا على الكتب بخطوط مجهولة، تشهد بكذبه وبزوره، وجمع مجموعات في فنون من التواريخ وأخبار الناس، من نظر فيها ظهر له من كذبه وقبحه وتهوره ما كان مخفيا عنه، وبان له تركيبه الأسانيد على الحكايات والأشعار الأخبار، إلى أن قَالَ: قد حدث بكثير مما اختلقه، وعن جماعة لم يلقهم سمع منه الغرباء، ومن لا يعرف طريقة الحديث. ورأيته كثيرا، ولم أكتب عنه شيئا”. انتهى
وقال ابن رجب أيضا: “وكذلك بالغ ابن الدبيثي في تاريخه في الحط عليه، وقال: إنه ادعى الحفظ وسعة الرواية عمن لم يلقه لم يوجد بعد. وتابعه على ذلك المنذري”. انتهى
وقال ابن رجب أيضا: “ومن مبالغته في الحط قَالَ أَبُو شامة: هذا غلوٌّ من قائله. وهو كما قَالَ. ولا ريب أنه مطعون فيه من جهتين: من جهة ادعائه النسب إلى أبي بكر فإن هذا أنكره الناس كلهم عليه، واشتهر إنكاره حتى قَالَ بعضهم
دع الأنساب لا تعرض لْتَيْم … فأين الهجن من ولد الصميم
لقد أصبحت من تيم دَعِيَّا … كَدعوى حيص بيص إلى تميم
ومن جهة ادعائه سماع ما لم يسمع، فإذ هذا صحيح عنه “. انتهى
