رد شبه المجسمة حول الخليفتين العباسيين: القادر بالله و القائم بالله.
1- الخليفة أبو العباس القادر بالله احمد بن إسحاق بن المقتدر المتوفى سنة 450 هجري
قال السيوطي في كتابه تاريخ الخلفاء في الصحيفة 329 ما نصه: ” قال الخطيب: كان القادر من الستر و الديانة و السيادة و إدامة التهجد بالليل و كثرة البر و الصدقات و حسن الطريقة على صفة اشتهرت عنه و عُرف بها كل أحد مع حسن المذهب و صحة الاعتقاد, و قد صنف كتابا في الأصول ذكر فيه فضائل الصحابة على ترتيب مذهب أصحاب الحديث و أورد في كتابه فضائل عمر بن عبد العزيز و إكفار المعتزلة و القائلين بخلق القرآن – أي الذين قالوا عن صفة الله إنها مخلوقة – انتهى
2- الخليفة أبو جعفر القائم بأمر الله عبد الله بن أحمد بن اسحاق المتوفى سنة 476 هجري
قال السيوطي في تاريخ الخلفاء في الصحيفة 334 ما نصه: “قال ابن الأثير: ” كان جميلا مليح الوجه أبيض مشربا بحمرة حسن الجسم ورعا دينا زاهدا عالما, قوي اليقين بالله تعالى, كثير الصدقة و الصبر, له عناية بالأدب و معرفة حسنة بالكتابة, مؤثرا للعدل و الاحسان و قضاء الحوائج, لا يرى المنع في شئ طُلب منه”. انتهى
3- حسن اعتقاد الخليفتين القادر بالله و القائم بأمر الله
– قال ابن العماد الحنبلي في كتابه شذرات الذهب جزء 3 صحيفة 238 عند ترجمته لأبي علي بن أبي موسى الحنبلي المتوفى سنة 428 هجري ما نصه: “كان أبو علي بن أبي موسى سامي الذكر له القدم العالي و الحظ الوافر عند الإمامين القادر بالله و القائم بأمر الله, صنف الارشاد في المذهب, و شرح كتاب الخرقي, و كانت حلقته بجامع المنصور يفتي و يُشهد. قرأت على المبارك بن عبد الجبار من أصله في حلقتنا بجامع المنصور, قلت له, حدثك القاضي الشريف أبو علي قال: باب ما تنطق به الألسنة و تعتقده الأفئدة من واجبات الديانة: حقيقة الإيمان عند أهل الأديان الاعتقاد بالقلب و النطق باللسان أن الله عز و جل واحد أحد فرد صمد لا يُغييره الأبد ليس له والد و لا ولد, و أنه سميع بصير بديع قدير حكيم خبير علي كبير ولي نصير قوي مجير ليس له شبيه و لا نظير و لا عون و لا ظهي, و لا شريك و لا وزير و لا ند و لا مشير – أي لا آمر له- . سبق الأشياء فهو قديم لا كقدمها و علم كون وجودها في نهاية عدمها, لم تملكه الخواطر فتكيفه و لم يعدمه زمان فينطلق عليه التأوين- أي لا يجري عليه زمان- و لم يتقدمه دهر و لا حين و لا كان قبله كون و لا تكوين, و لا تجري ماهيته في مقال و لا يدخل في الأمثال و الأشكال, صفاته كذاته – أي صفاته لا تشبه صفات المخلوقين كما أن ذاته لا يشبه ذوات المخلوقين – ليس بجسم في صفاته, جل أن يُشبه بمبتدعاته أو يضاف إلى مصنوعاته ” ليس كمثله شئ وهو السميع البصير” – الشورى- خلق الخلائق و أفعالهم و قدر أرزاقهم و آجالهم, لا سمي له في أرضه و سماواته, على العرش استوى و على الملك احتوى و علمه محيط بالأشياء. انتهى
– ساق الـحافظ ابن الـجوزي رحمه الله بإسناده في كتابه الـمنتظم في تاريخ الـملوك والأمم” (15 /279-280)، دار الكتب العلميّة ما نصه: “وفي هذه السنة قرئ الاعتقاد القادري في الدّيوان. أخبرنا محمد بن ناصر الحافظ حدثنا أبو الحسين محمد بن محمد بن الفراء قال أخرج الامام القائم بأمر الله أمير المؤمنين أبو جعفر ابن القادر بالله في سنة نيف و ثلاثين و اربعمائة الاعتقاد القادري الذي ذكره القادر فقرئ في الديوان و حضر الزهاد و العلماء و ممن حضر الشيخ أبو الحسن علي بن عمر القزويني فكتب خطه تحته قبل أن يكتب الفقهاء و كتب الفقهاء خطوطهم فيه ان هذا اعتقاد المسلمين و من خالفه فقد فسق و كفر وهو يجب على الانسان يعلم أن الله عز و جل و حده لا شريك له” ….إلى أن قال:” كَانَ رَبُّنَا وَحْدَهُ وَلَا شَيْءَ مَعَهُ، وَلَا مَكَانَ يَحْوِيهِ، فَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ بِقُدْرَتِهِ، وَخَلَقَ الْعَرْشَ، لَا لِحَاجَتِهِ إِلَيْهِ، فَاسْتَوَى علَيْهِ كَيْفَ شَاءَ وَأَرَادَ، لَا اسْتِقْرَارَ رَاحَةٍ كَمَا يَسْتَرِيحُ الْخَلْقُ”.انتهى
و هذه العقيدة موافقة لمعتقد الأشاعرة, و ماقاله الفقيه الزاهد أبو الحسن علي بن عمر القزويني دليل على اكفار من ينسب المكان لله أو يقول أن شيئا كان مع الله في الأزل أو أن الله مستقر على العرش. و قوله أن الله اسْتَوَى على العرش كَيْفَ شَاءَ معناه أن الاستواء هو فعل فعله الله في العرش كما قال بذلك بعض السلف لا أن الاستواء صفة ذاتية له سبحانه و تعالى, و إلا فإن ارادته و مشيئته لا تتعلقان بذاته بل بالممكنات.
و سبب اصدار ذلك الاعتقاد هي الفتنة التي حصلت بسبب كتاب “ابطال التأويلات” الذي ألفه أبو يعلى الفراء ردا على كتاب ابن فورك “تأويل مشكل الحديث” ،فتدخل الخليفة القائم بأمر الله العباسي لتسكينها بمساعدة أبي الحسن القزويني الشافعي، وقد أخرج القائم بأمر الله عقيدة والده الخليفة القادر بالله وقرأها بين الناس و أخذ توقيعات العلماء على الإقرار بما فيها وأنه المعتقد الصحيح المخالف لمعتقد الحشوية. و كان ذلك في سنة “433 هـجري”.
قال ابن كثير في البداية و النهاية عند أحداث سنة 433 هـجري : “وفيها قرئ “الاعتقاد القادري” الذي جمعه الخليفة القادر، وأخذت خطوط العلماء والزهاد عليه بأنه اعتقاد المسلمين، ومن خالفه فسق وكفر، وكان أول من كتب عليه الشيخ أبو الحسن علي بن عمر القزويني ثم كتب بعده العلماء، وقد سرده الشيخ أبو الفرج ابن الجوزي بتمامه في منتظمه، وفيه جملة جيدة من اعتقاد السلف” ا نتهـى.
و ذكر المؤرخ ابن الأثير في الكامل في التاريخ 8/16 في أحداث سنة 429 هـجري ما نصه: ” وفيها أنكر العلماء على أبي يعلى بن الفراء الحنبلي ما ضمنه كتابه من صفات الله سبحانه وتعالى المشعرة بأنه يعتقد التجسيم ، وحضر أبو الحسن القزويني الزاهد بجامع المنصور ، وتكلم في ذلك. تعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيرا ” انتهـى
و قد صدر هذا الاعتقاد مرة أخرى في سنة ستين و أربعمائة بسبب المعتزلة ؛ فقد قال ابن الجوزي في أحداث تلك السنة في المنتظم:” وقرأت بخط أبي علي بن البناء قال: اجتمع الأصحاب وجماعة الفقهاء وأعيان أصحاب وجماعة الفقهاء وأعيان أصحاب الحديث في السبت النصف من جمادى الأولى من سنة ستين بالديوان العزيـز وسألـوا إخـراج الاعتقـاد القـادري وقراءتـه فأجيبـوا وقـرىء هنـاك بمحضر من الجمع وكان السبب أن ابن الوليد المعتزلي عزم على التدريس وحرضه على ذلك جماعة من أهل مذهبه وقالوا: قد مات الأجل بن يوسف وما بقى من ينصرهم. فعبر الشريف أبو جعفر إلى جامع المنصور وفرح أهل السنة بذلك وكان أبو مسلم الليثي البخاري المحدّث معـه كتـاب التوحيد لابن خزيمة فقرأه على الجماعة. وكان الاجتماع يوم السبت في الديوان لقراءة الاعتقاد القادري والقائمي وفيه قال السلطان: وعلى الرافضة لعنة الله وكلهم كفار قال: ومن لا يكفرهم فهو كافر. ونهض ابن فورك – الامام الأشعري – قائمًا فلعن المبتدعة وقال: لا اعتقاد لنا إلا ما اشتمل عليه هذا الاعتقاد. فشكرته الجماعة على ذلك” انتهـى
4- بيان تناقضات المجسمة في نقلهم للاعتقاد القادري و تحريفهم له
لقد حرف المجسم ابن تيميّة الحراني “الاعتقاد القادري” وزاد فيه كلام يوافق مشربه وهواه في التشبيه و التجسيم, فقد نقل جزءا من هذا الاعتقاد في كتابه المسمى درء تعارض العقل والنّقل” 6 /253، بتحقيق محمّد رشاد سالم فقال: “وهذه العقيدة مَشْهُورةٌ وفِيهَا: كَانَ رَبُّنَا وَحْدَهُ وَلَا شَيْءَ مَعَهُ، وَلَا مَكَانَ يَحْوِيهِ، فَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ بِقُدْرَتِهِ، وَخَلَقَ الْعَرْشَ، لَا لِحَاجَتِهِ إِلَيْهِ، فَاسْتَوَى عَلَيْهِ اسْتِوَاءَ اسْتِقْرَارٍ، كَيْفَ شَاءَ وَأَرَادَ، لَا اسْتِقْرَارَ رَاحَةٍ كَمَا يَسْتَرِيحُ الْخَلْقُ…”.انتهى
و قد تبع المجسم ابن القيّم شيخه ابن تيمية في ضلاله و نقل الاعتقاد القادري محرفا و فيه عقيدة الاستقرار و ذلك في كتابه “الصّواعق الـمرسلة على الـجهميّة والـمعطّلة” 4 /1288، بتحقيق علي بن محمد الدخيل الله.
كذلك الذّهبي تلميذ الحراني, نقل نفس العبارة في كتابه “العلوّ” في الصحيفة 239، – باعتناء أبي محمد أشرف بن عبد الـمقصود – لكنّه تعقّب عقيدة الاستقرار فقال: “قَالَ الْعَلامَة أَبُو أَحْمد الكرجي فِي عقيدته الَّتِي ألّفها فكتبها الْخَلِيفَة الْقَادِر بِاللَّه وَجمع النَّاس عَلَيْهَا وَأمر – وَذَلِكَ فِي صدر الْمِائَة الْخَامِسَة وَفِي آخر أَيَّام الإِمَام أبي حَامِد الإسفرائيني شيخ الشَّافِعِيَّة بِبَغْدَاد- وَأمر باستتابة من خرج عَنْهَا من معتزلي ورافضي وخارجي فممَّا قَالَ فِيهَا: “كَانَ رَبّنَا عزّ وجل وَحده لَا شَيْء مَعَه وَلَا مَكَان يحويه: فخلق كل شَيْء بقدرته، وَخلق الْعَرْش لَا لحَاجَة إِلَيْهِ فَاسْتَوَى عَلَيْهِ اسْتِوَاءَ اسْتِقْرَارٍ كَيفَ شَاءَ وَأَرَادَ، لَا اسْتِقْرَار رَاحَة كَمَا يستريح الْخلق”، قلتُ – أي الذهبي- : ليته حذف “اسْتِوَاء اسْتِقْرَار” وَمَا بعده فَإِن ذَلِك لَا فَائِدَة فِيهِ بِوَجْه والباري منَزَّهٌ عَن الرَّاحَة والتّعب”.انتهى
وقد ناقض الذهبي نفسه ونقل الاعتقاد القادري في كتابه ” تاريخ الإسلام وَوَفيات الـمشاهير وَالأعلام” 9 /494،- تحقيق: الدكتور بشار عوّاد معروف، طبعة دار الغرب الإسلامي – من غير ذكر لعقيدة الاستقرار فقال ما نصه: “وفيها – أي سنة 433 هجري – قُرئ الاعتقاد القادريّ بالدّيوان، أخرجه القائم بأمر الله، فقُرئ وحضَره العلماء والزُّهّاد، وحضر أبو الحسن عليّ بن عمر القَزْوينيّ الزّاهد، وكتب بخطّه قبْل الفُقهاء: هذا اعتقادُ الـمسلمين، ومَن خالفه فقد خالف وفَسَقَ وكَفَرَ، وهو: “يَجب على الإنسان أَن يعلم أنّ الله وحده لا شريك له وفيه: كَانَ رَبّنَا وَلَا شَيْء مَعَه وَلَا مَكَان يحويه، فخلق كُلَّ شَيْء بقدرته، وَخلق الْعَرْش لَا لحَاجَةٍ إِلَيْهِ، وَاسْتَوَى عَلَيْهِ كَيفَ شَاءَ وَأَرَادَ، لاَ استواءَ رَاحَةٍ كَمَا يَسْتَرِيحُ الْخَلْقُ و لا مدبر غيره, و الخلق كلهم عاجزون…”.انتهى
وهذا النص موافق لما نقله الـحافظ ابن الـجوزي رحمه الله في كتابه “الـمنتظم في تاريخ الـملوك والأمم” (15 /279-280) و ليس فيه ذكر لعقيدة الاستقرار، و نص عبارته: ” كَانَ رَبُّنَا وَحْدَهُ وَلَا شَيْءَ مَعَهُ، وَلَا مَكَانَ يَحْوِيهِ، فَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ بِقُدْرَتِهِ، وَخَلَقَ الْعَرْشَ، لَا لِحَاجَتِهِ إِلَيْهِ، فَاسْتَوَى علَيْهِ كَيْفَ شَاءَ وَأَرَادَ، لَا اسْتِقْرَارَ رَاحَةٍ كَمَا يَسْتَرِيحُ الْخَلْقُ”.انتهى.
وبهذا تعلم حجم افتراءات ابن تيمية و تلميذه ابن القيم و تحريفهم لمقالات علماء الأمة, ولله درّ الإمام تقيّ الدين السبكي حيث وصف حال ابن تيميّة في فتاويه (2 /210) -طبعة دار الـمعرفة بيروت – لبنان فقال ما نصه: “وَهَذَا الرَّجُلُ- أي ابن تيمية – كُنْت رَدَدْتُ عَلَيْهِ فِي حَيَاتِهِ فِي إنْكَارِهِ السَّفَرَ لِزِيَارَةِ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَفِي إنْكَارِهِ وُقُوعَ الطَّلَاقِ إذَا حُلِفَ بِهِ، ثُمَّ ظَهَرَ لِي مِنْ حَالِهِ مَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَيْسَ مِمَّنْ يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ فِي نَقْلٍ يَنْفَرِدُ بِهِ لِمُسَارَعَتِهِ إلَى النَّقْلِ لِفَهْمِهِ…وَلَا فِي بَحْثٍ يُنْشِئُهُ لِخَلْطِهِ الْمَقْصُودَ بِغَيْرِهِ وَخُرُوجِهِ عَنْ الْحَدِّ جِدًّا، وَهُوَ كَانَ مُكْثِرًا مِنْ الْحِفْظِ وَلَمْ يَتَهَذَّبْ بِشَيْخٍ وَلَمْ يُرْتَضْ فِي الْعُلُومِ بَلْ يَأْخُذْهَا بِذِهْنِهِ مَعَ جَسَارَتِهِ وَاتِّسَاعِ خَيَالِ وَشَغَبٍ كَثِيرٍ” انتهى
و لمزيد توثيق تحريفات ابن تيمية ننقل ما ذكره في كتاب “بيان تلبيس الـجهميّة في تأسيس بدعهم الكلاميّة 1 /182، – تحقيق يحي بن محمّد الـهنيدي – حيث صدر كلامه بقوله:” ثم كان ما فعله القادر من قراءة عقيدته بمحضر من أئمة المذاهب, قال فيها: ” كان ربنا وحده….”
وينبغي التنبيه هنا إلى أن ابن تيمية زيادة على تحريفه للاعتقاد القادري فقد زعم أن الخليفة القادر قرأ عقيدته بمحضر من أئمة المذاهب. والذي وقـع هو أن قراءة الاعتقاد بمحضر العلماء كانت في خلافة القائم، لا في خلافة القادر. ما حصل في خلافة القادر بالله هو كتابة العقيدة التي زعموا أن أبا أحمد الكرجي ألفها – والذي كان حيا سنة 422 هجري وهو غير أبي الحسن محمد الكرجي المتوفى سنة 532 هجري- وَجمع النَّاس عَلَيْهَا و أصدار مرسوما فيها فقط. أما الخليفة القائم بأمر الله فقد أخرج في سنة 433 هجري “الاعتقاد القادري” الذي كُتب لأبيه القادر بالله، فقرئ في الديوان ببغداد بمشهد من علمائها وأئمتها.
و مجسمة هذا العصر لا يتورعون عن نشر الاعتقاد القادري المحرف بل زادوا على ذلك افتراءات منها قولهم أن الكرجي لما ألف عقيدته أصدر الخليفة العباسي القادر بالله منشورا وأمر بإستتابة من خرج عنها وذلك بسبب انتشار مذهب الأشاعرة و إجماع علماء الدولة على محاربته بزعمهم. وهي مجرد دعوى عارية عن الدليل و البرهان . و الحقيقة هو أن الخليفة القادر أصدر منشورا وَأمر باستتابة من خرج عن معتقد أهل السنة من معتزلي ورافضي وخارجي كما ذكر ذلك الذهبي و إلا فإن الاعتقاد القادري الأصلي و ما كتبه الكرجي – ان صحت نسبة العقيدة إليه – موافق لمذهب الأشاعرة و قد نقله الحافظ ابن الجوزي في المنتظم و الذهبي في تاريخ الاسلام. هذا أولا
وثانيا: نقول للمجسمة: هل تعتقدون العقيدة الواردة في الاعتقاد القادري و التي ينبغي على الأمة اعتقادها, أم تعتقدون العقيدة الواردة في كلام ابن تيمية؟ فإن بينهما تناقضاً في مسألة عقدية جوهرية، فقد جاء في المنشور القادري قوله: “كان ربنا وحده لا شيء معه” ، بينما يعتقد ابن تيمية أنه كان الله ولم يكن شيء قبله وينكر أنه كان ولا شيء معه ، فقد اعترض ابنُ تيمية على قولَ ابنِ حزمٍ “وأن الله تعالى لم يزل وحده ولا شيء غيره معه” في نقد مراتب الإجماع صحيفة 168 – 170 فعلَّق عليه قائلاً: “هذه العبارة ليست في كتاب الله ، ولا تنسب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، … ولا نعرف هذه العبارة عن الصحابة والتابعين وأئمة المسلمين”.انتهى
و أما تمسك المجسمة بما ذكر في ذلك الاعتقاد وهو قوله :” وكل صفة وصف بها نفسه أو وصفه بها رسوله فهي صفة حقيقة لا صفة مجاز ” انتهى
و عدوا ذلك دليلا ينقض التفويض من أساسه فقد كفانا الذّهبي الجواب عنه فقد تعقب هذه العبارة في كتابه “العلوّ” في الصحيفة 239، فقال: وكان أيضا يسعه السكوت عن ” صفة حقيقية” فإننا إذا أثبتنا نعوت الباري و قلنا تمر كما جاءت فقد آمنا بأنها صفات, فإذا قلنا بعد ذلك: صفة حقيقية و ليست بمجاز كان هذا كلاما ركيكا نبطيا مغلثا للنفوس فليهدر, مع أن هذه العبارات وردت عن جماعة و مقصودهم بها أن هذه الصفات تمر و لا يتعرض لها بتحريف و لا تأويل, كما يتعرض لمجاز الكلام و الله أعلم.انتهى
