مقالات فقهاء تونس في التحذير من بعض المعتقدات الفاسدة

مقالات فقهاء تونس في التحذير من بعض المعتقدات الفاسدة.

مِنَ الْكُفْرِ الاِعْتِقَادِيِّ نسبة صفة من صفات المخلوقين لله تعالى كنِسْبَةُ الْعَجْزِ وَالْجَهْلِ وَالْمَوْتِ لِرَبِّ الْعِزَّةِ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنَ تَّكْذِيبِ لِلشَّرْعِ.
قال الإمام العلامة أبو علي عمر بن محمد بن خليل السّكوني نزيل تونس في كتابه “لحن العامة والخاصّة في المعتقدات” ما نصه: “وإن وصفوا الله تعالى بصفات المخلوقين فأشدّ كفرًا”. انتهى

و يكفرِ أيضا من شَّك فِي الْقُرْءَانِ هَلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ أَوْ مِنْ عِنْدِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. كذلك يكفر من يكذب القرٱن الكريم أو يناقضه أو يجحَد حَرْفًا مجمَعًا عليهِ مِنه، أو يزيد حرفًا فيه مجمعًا على نفيهِ معتقدًا أنّه منهُ عِنادًا، أو يستهزأ ولو بآية واحدة من القرءَان.
قال الشيخ الحبيب بلخوجة مفتي الجمهورية التونسية الأسبق ردا على بعض مقالات الخميني :” إن الذي يتجاهل السنة ، ويناقض القرأن الكريم يكذب إذا ادعى أنه ينتمي إلى الإسلام أو أن يكون حاملاً لرايته”. انتهى

وقال الشيخ محمد المختار بن محمود رحمه الله – كما في المجلة الزيتونية المجلد 1جزء 10 لسنة 1937ميلادي – ما نصه: ” الصنف الأول، من يتجاهرون بالعبث بالدين وتعاليمه، فتراهم يزدرون بمقررات الشريعة وقواعدها وأحكامها، ويتظاهرون بالانتقاد عليها. يعمد الواحد منهم إلى حكم صريح من أحكام القرآن فيطعن فيه، ويقول: هو تشريع منظور فيه إلى زمن خاص كان يتناسب مع وقت نزوله، أما الآن فلا يمكن أن يعمل به كأن يقول: إن مشروعية جعل حظ الذكر ما للأنثيين في الميراث إنما يصلح العمل به عندما كانت الأنثى غير مطالبة بأن تقوم بشيء من تكاليف الحياة، أما الآن ونحن نريد أن يكون لها من التكاليف مثل ما للرجل فينبغي أن نسوي بينهما في الميراث. وهذا الصنف مشرك بالله ورسوله”. انتهى

وقال الإمام العلامة أبو علي عمر بن محمد بن خليل السّكوني المالكي نزيل تونس في كتابه “لحن العامة والخاصّة في المعتقدات” ما نصه: “وكان بإشبيلية إبراهيم بن سهل اليهودي الشاعر يُضمّن شعره أيات من القرأن الكريم محرّفة عما أنزلت فيه فلم يُذكَر أن أحدًا غيّر عليه ذلكَ فكان ذلكَ من دواعي خراب إشبيلية”. انتهى
ثم قال: “وهذا كلّه وما أشبهه حرام إطلاقه، وإحراقه واجب ولا يحلّ بيعه في الأسواق”. انتهى

و جاء في تقييد الأبي في الصحيفة 207 أن الإمام ابن عرفة الورغمي المالكي قال عند شرحه لقول الله تعالى “فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ” – النور: 13- ما نصه: “يؤخذ منه أن من رمى عائشة ـ رضي الله عنها ـ بالزنا فهو كافرٌ ؛ لأنه مكذِّبٌ للقرآن”. انتهى

وجاء في فتاوى البرزلي الجزء الأول صحيفة 334 أن بعض الإفريقيين سئل عن قوم يدعون الصلاح و يقولون نعلم ما في بطون النساء و أين نموت ووقت نزول الغيث و قد تواترت بذلك أقوالهم. فأجاب: “هؤلاء قوم كذابون لا يسمع منهم و لا يُجلس إليهم حين إخبارهم هذا”. انتهى
ثم قال البرزلي: “اعتقادهم ذلك كفر لأنه اعتقد خلاف نص القرآن”. انتهى.

و يكفر أيضا من أنكر صحبة سيدنا أبو بكر الصديق رضي الله عنه.
قال الشيخ محمد بن يوسف التونسي الشهير بالكافي في كتابه ” المسائل الكافية في بيان وجوب صدق خبر رب البرية في الصحيفة 33 في المسئلة الثالثة و الأربعون ما نصه: “ومنها أن صحبته – أي سيدنا أبو بكر – للنبي صلى الله عليه و سلم ثابتة بنص الكتاب فمن أنكر صحبته يكفر لتكذيبه الله تعالى في خبره ” إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا” انتهى

وهذه المسألة نص عليها غير واحد من فقهاء المالكية فقد جاء في الجزء الثاني من كتاب مرام المجتدي من شرح كفاف المبتدي صحيفة 485 تحت باب الردة للشيخ محمد الحسن بن أحمد الخديم الشنقيطي المالكي ممزوجا بالمتن ما نصه: “(وجاحد المعلوم بالضرورة) و قد تضمن حكما كحل البيع أو تكذيب قرآن كانكار صحبة أبي بكر”. انتهى

فائدة: جاء في الجزء الثاني من كتاب مرام المجتدي من شرح كفاف المبتدي صحيفة 482 تحت باب الردة ما نصه: “و في فتاوى الهيتمي: قال الزركشي يحرم مد رجل لشئ من القرآن أو كتب علم”. انتهى
فليس مجرد ذلك كفرا.

ومن الكفر الاعتقادي أيضا تَحْلِيلُ مُحَرَّمٍ بِالإِجْمَاعِ مَعْلُومٍ مِنَ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ أَنَّهُ حَرَامٌ بِأَنِ اشْتُهِرَ ذَلِكَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ وَالْعَامَّةِ وَكَانَ ذَلِكَ الأَمْرُ الْمُحَرَّمُ مِمَّا لا يَخْفَى عَلَيْهِ حُكْمُ تَحْرِيْمِهِ فِي الشَّرْعِ كَالزِّنَى وَاللِّوَاطِ وَقَتْلِ الْمُسْلِمِ بِغَيْرِ حَقٍّ وَالسَّرِقَةِ وَالْغَصْبِ. أَمَّا إِنْ كَانَ قَرِيبَ عَهْدٍ بِالإِسْلامِ وَلَمْ يَعْلَمْ تَحْرِيْمَ الْمُسْلِمِينَ لِذَلِكَ فَقَالَ عَنْهُ إِنَّهُ حَلالٌ لا يَكْفُرُ.

قال الشيخ محمد المختار بن محمود رحمه الله في مقال له في المجلة الزيتونية – مجلد1 جزء 10 لسنة 1937م- بعنوان: “أشدّ الناس ضررا على الدين أعداؤه الذين يعملون ضده وهم ينتسبون إليه” بعد أن تكلم عن الصنف الأول من أعداء الدين ووصفهم بأنهم مشركين بالله ورسوله، ما نصه: الصنف الثاني، من يتظاهرون بالتدين والتعصب للدين ولكنهم يضمرون له شرا، فإذا أراد الواحد منهم أن يقوم بدعاية ابتدأ دعايته بالانتصار للدين والدفاع عنه حتى إذا استوثق منك أنك ألنت له جانبك وأطمأن إليه قلبك، أخذ يقول لك: هذا الحكم لا ينبغي إبقاؤه على ما هو عليه، أو لا ينبغي أن نصرح به أمام غيرنا من الأمم الراقية حتى لا نكون سخرية عندها. وهكذا يأخذ في هدم ما لا يوافق هواه من أحكام الإسلام. يعرض عليك مثلا مسألة الربا فيقول لك: إن نظام الحياة الحاضرة متوقف على التعامل بالربا وعليه فما جاء من النصوص في تحريمه منظور فيه إلى ظروف خاصة كانت تقتضيه أما الآن فلا، وهذا الصنف أخطر من الذي قبله”. انتهى

ويكفر من نَفى وُجُوبِ مُجْمَعٍ عَلَيْهِ بِأَنْ كَانَ وُجُوبُهُ ظَاهِرًا مَعْرُوفًا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ عَالِمِهِمْ وَجَاهِلِهِمْ كالصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ أَوْ سَجْدَةٍ مِنْهَا وَ وُجُوبِ الزَّكَاةِ وَالصَّوْمِ فِي رَمَضَانَ وَالْحَجِّ وَالْوُضُوءِ فَمَنِ اعْتَقَدَ عَدَمَ وُجُوبِ أَمْرٍ مِنْ هَذِهِ الأُمُورِ فَقَدْ كَفَرَ.
جاء في كتاب تحرير المطالب لما تضمنته عقيدة ابن الحاجب للشيخ القاضي قاسم بن أبي الفضل البكي الكومي التونسي المتـوفى سنة 916 هجري ما نصه: ” الكافرمن جحد شيئاً من الأحكام التي عُلِم أنها من دينه عليه السلام ضرورةً”. انتهى

و قال أبو الحسن اللخمي الصفاقسي في كتابه التبصرة تحت كتاب الجهاد ما نصه: “و إن أقر بالألوهية و بالوحدانية و بالرسالة وأنكر الاقرار بالصلاة أو الزكاة أو بالصوم أو بالحج كان على حكم المرتد”. انتهى

و قال الشيخ أبو الحسن علي بن محمّد التميمي المؤخّر الصفاقسي في كتابه تقريب البعيد إلى جوهرة التوحيد ما نصه :”من نفى شيئا من الدين قد علم منه بالضرورة، واجبا كان كجحد الصلاة أو ركن منها، أو محرما كإنكار تحريم الزّنا؛ فإنّه يقتل محكوما عليه بالكفر، فلا يصلّى عليه ولا يفعل به مثل ما يفعل بجنائز المسلمين”. انتهى

و جاء في المجلة الزيتونية الجزء السابع المجلد الرابع تحت فتوى في حكم من سب الدين للشيخ محمد البشير النيفر ما نصه: “و نقل في مختصره الفقهي ـ ابن عرفة ـ عن ابن شاس ان ظهور الردة اما بالتصريح بالكفر أو بلفظ يقتضيه أو بفعل يتضمنه، وقفي على أثره مبينا له بقوله: قلت قوله “بلفظ يقتضيه” كانكار غير حديث الإسلام وجوب ما علم من الدين وجوبه بالضرورة”. انتهى

و قال الشيخ محمد الطاهر ابن عاشور في التحرير و التنوير في الجزء 1 صحيفة 438 ما نصه: “الآية دالة على حجيَّة إجماع جميع الأُمَّة فيما طريقه النَّقل لشريعة، وهو المُعبَّر عنه بالتواتُر، وبما علم من الدِّين بالضَّرورة، وهو اتِّفاق المسلمين على نسبة قول أو فعل أو صفة للنبي – صلَّى الله عليه وسلَّم – مما هو تشريع مُؤصَّل، أو بيان مُجمل؛ مثل: أعداد الصَّلوات والركعات، وصفة الصَّلاة والحج، ومثل نقل القرآن، وهذا من أحوال إثبات الشَّريعة، به فُسِّرت المُجملات، وأُسِّست الشريعة، وهذا هو الذي قالوا بكفر جاحد المُجْمَعِ عليه منه”. انتهى

و قال الشيخ محمد بن يوسف الكافي المتوفى سنة 1379 هجري في كتابه ” المسائل الكافية في بيان وجوب صدق خبر رب البرية ما نصه: “المسألة السابعة و الثلاثون :من يقول بالسفور و رفع الحجاب و إطلاق حرية المرأة ففيه تفصيل : فإن كان يقول ذلك و يحسنه للغير مع اعتقاد عدم جوازه ، فهو مؤمن فاسق يجب عليه الرجوع عن قوله ، و إظهار ذلك لدى العموم ، و إن قال ذلك معتقداً جوازه ، و يراه من إنصاف المرأة المهضومة الحق على دعواه فهذا يكفر”. انتهى

لله تعالى صدقة جارية و صدقة عن روح المرحوم بإذن الله فتحي المهذبي