نقض دعوى ان عمار بن ياسر كان يقع في عثمان بن عفان رضي الله عنهما.

نقض دعوى ان عمار بن ياسر كان يقع في عثمان بن عفان رضي الله عنهما.

يزعم بعضهم ان عمار بن ياسر كان يقع في عثمان بن عفان رضي الله عنهما، ويحتجون لذلك بروايتين:

1-الرواية الأولى: قال ابن سعد في طبقاته: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو حَفْصٍ، وَكُلْثُومُ بْنُ جَبْرٍ، عَنْ أَبِي غَادِيَةَ قَالَ: ” سَمِعْتُ عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ ‌يَقَعُ ‌فِي ‌عُثْمَانَ ‌يَشْتِمُهُ ‌بِالْمَدِينَةِ. قَالَ: فَتَوَعَّدْتُهُ بِالْقَتْلِ، قُلْتُ: لَئِنْ أَمْكَنَنِي اللَّهُ مِنْكَ لَأَفْعَلَنَّ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ صِفِّينَ جَعَلَ عَمَّارٌ يَحْمِلُ عَلَى النَّاسِ، فَقِيلَ: هَذَا عَمَّارٌ فَرَأَيْتُ فُرْجَةً بَيْنَ الرِّئَتَيْنِ وَبَيْنَ السَّاقَيْنِ، قَالَ: فَحَمَلْتُ عَلَيْهِ فَطَعَنْتُهُ فِي رُكْبَتِهِ، قَالَ: فَوَقَعَ فَقَتَلْتُهُ، فَقِيلَ: قَتَلْتَ عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ، وَأُخْبِرَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إِنَّ قَاتِلَهُ وَسَالِبَهُ فِي النَّارِ» فَقِيلَ لِعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ: هُوَ ذَا أَنْتَ تُقَاتِلُهُ، فَقَالَ: إِنَّمَا قَالَ: «قَاتِلَهُ وَسَالِبَهُ». انتهى

وهذا الأثر لا يصح لعلتين:

-السند فيه انقطاع ظاهر، فأبو حفص وكلثوم بن جبر لم يحضرا واقعة صفين.

قال الذهبي في السير: « إسناده فيه انقطاع». انتهى

وقال مثله الحافظ ابن حجر في الاصابة، في رواية أخرى مثلها.

-السند فيه حماد بن سلمة وهو وان وثقه بعض العلماء لكنه يروي أحاديث موضوعة و روايات منكرة في الصفات، وهو كثير الخطإ في غير حميد وثابت البناني.

راجع الرابط التالي:

2-الرواية الثانية: جاء في مسند الامام أحمد، ان عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ قال: حَدَّثَنِي أَبُو مُوسَى الْعَنَزِيُّ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ كُلْثُومِ بْنِ جَبْرٍ، قَالَ: كُنَّا بِوَاسِطِ الْقَصَبِ عِنْدَ عَبْدِ الْأَعْلَى بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: فَإِذَا عِنْدَهُ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: أَبُو الْغَادِيَةِ، اسْتَسْقَى مَاءً ، فَأُتِيَ بِإِنَاءٍ مُفَضَّضٍ، فَأَبَى أَنْ يَشْرَبَ، وَذَكَرَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ ” لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا أَوْ ضُلَّالًا – شَكَّ ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ – يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ ” فَإِذَا رَجُلٌ يَسُبُّ فُلَانًا، فَقُلْتُ: وَاللهِ لَئِنْ أَمْكَنَنِي اللهُ مِنْكَ فِي كَتِيبَةٍ. فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ صِفِّينَ إِذَا أَنَا بِهِ وَعَلَيْهِ دِرْعٌ قَالَ: فَفَطِنْتُ إِلَى الْفُرْجَةِ فِي جُرُبَّانِ الدِّرْعِ. فَطَعَنْتُهُ، فَقَتَلْتُهُ، فَإِذَا هُوَ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ، قَالَ: قُلْتُ: وَأَيَّ يَدٍ كَفَتَاهُ يَكْرَهُ أَنْ يَشْرَبَ فِي إِنَاءٍ مُفَضَّضٍ، وَقَدْ قَتَلَ عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ”. انتهى

وعلق شعيب الأرناؤوط عن هذه الرواية: “حديث صحيح، وهذا إسناد حسن” .

وجواب ذلك ان التصحيح والتضعيف هو مهمة الحافظ لا من هو دونه كما قال الحافظ السيوطي في ألفيته في مصطلح الحديث:

وخذه حيث حافظ عليه نصّْ أو من مصنف بجمعه يُخَصّْ

يعني أنّ الحديث الصحيح يُعرف أنه صحيحٌ بنص حافظ على صحته، أو بأن يُذكر في كتاب ألفَّه حافظٌ واشترط فيه أنه لا يذكر في كتابه هذا إلا الصحيح.

وأما غير الحفاظ فلا عبرة بتصحيحهم ولا بتضعيفهم

وهذا الأثر في سنده:

-كُلْثُومِ بْنِ جَبْرٍ البصري: مختلف في توثيقه، فقد وثقه الجمهور وضعفه ٱخرون:

•قال النسائي: ليس بالقوى.

•قال الحافظ ابن حجر في “التقريب”: صدوق يخطئ.

•قال الحافظ الذهبي في مختصر استدراكه على ابي عبدالله الحاكم:” كلثوم بن جبر ضعيف”

-عبد الأعلى بن عبد الله بن عامر: مسكوت عنه، فقد ذكره ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل والبخاري في التاريخ الكبير ولم يذكرا فيه جرحاً ولا تعديلاً.

لكن ذكره ابن حجر في التقريب، وقال: “مقبول”.

وشرط القبول كما أوضحه ابن حجر بنفسه هو أن يُتابع الراوي أي من قبل من هو مثله أو فوقه. ولا يوجد من تابع الراوي فيما نقله.

وعليه فلا يثبت أصلا أن عمار بن ياسر رضوان الله عليه قد قام بشتم عثمان بن عفان رضي الله عنه، وكل ما ورد في ذلك روايات ضعيفة لا يعتد بها.

رابط ذو علاقة:

تجميع المقالات حول الفتنة الكبرى ومقتل عثمان بن عفان رضي الله عنه :

الفتنة الكبرى

جزء في بيان أن السيدة عائشة و علي بن أبي طالب و عمار بن ياسر كانوا يصرحون بعدالة عثمان و ورعه و لعن من لعنه أو تكلم فيه.

وهذا فيه رد على من زعم أن السيدة عائشة وعمار بن ياسر وطلحة والامام علي اختلفوا مع عثمان بن عفان في حياته.

ملاحظة:

روى ابن أبي شيبة في “المصنف” ، قال: حَدَّثنا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ – أي ابن عياش -، عَنْ جَحْشِ بْنِ زِيَادٍ الضَّبِّيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ الأَحْنَفَ بْنَ قَيْسٍ يَقُولُ: ” لَمَّا ظَهَرَ عَلِيٌّ عَلَى أَهْلِ الْجَمَلِ أَرْسَلَ إِلَى عَائِشَةَ: ارْجِعِي إِلَى الْمَدِينَةِ وَإِلَى بَيْتِكَ، قَالَ: فَأَبَتْ، قَالَ: فَأَعَادَ إلَيْهَا الرَّسُولَ؛ وَاللهِ لَتَرْجِعَنْ، أَوْ لأَبْعَثَنَّ إِلَيْك نِسْوَةً مِنْ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ مَعهُنَّ شِفَارٌ حِدَادٌ يَأخُذْنَك بِهَا، فَلَمَّا رَأَتْ ذَلِكَ خَرَجَتْ”.

وهذا الخبر في سنده جَحْش بْن زِيَادٍ الضَّبِّيّ، وهو مجهول الحال لم يرد فيه توثيق معتبر.

فقد ذكره البخاري في “التاريخ الكبير” (2/253)، وابن أبي حاتم في “الجرح والتعديل” (2/ 550)، ولم يذكرا فيه جرحا ولا تعديلا.