التشاؤم بصفر – د.محمد على عبد الواحد

#النسىء_في_صفر

#التشاؤم_بصفر

#ولا_هامة_ولا_صفر_الحديث

روينا بالإسناد المتصل إلى أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال “لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر” متفق عليه. قال أبو داود قرئ على الحارث بن مسكين وأنا شاهد: أخبرَكم أشهب قال سئل مالك عن قوله “لا صفر” قال إن أهل الجاهلية كانوا يحلون صفر، يحلونه عاما ويحرمونه عاما فقال النبي صلى الله عليه وسلم “لا صفر” معناه أنهم كانوا ينسؤون الشهور فيحلون الشهر من الأشهر الحرم ويحرمون مكانه الشهر من أشهر الحِل ويؤخرون ذلك الشهر، يفعلون ذلك غالبا بين المحرم وصفر فيحلون المحرم ويحرمون صفر مكانه فكانوا ربما يحجون في بعض السنين في شهر ويحجون من قابل في شهر آخر فحُرّم ذلك في الإسلام. قال تعالى ﴿إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ اللَّهُ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ﴾

وقيل معناه لا تشاؤم بدخول صفر، روى أبو داود في سننه عن محمَّد بن راشد أنهم كانوا يتشاءمون بدخول صفر أي لِما يتوهمون أنه فيه تكثر الدواهي والفتن فيقولون إنه شهر مشؤوم.

وقيل المراد بصفر داء يأخذ في البطن يزعمون أنه يعدي ويتجاوز وقيل هو دود في البطن يهيج عند الجوع وربما قتل صاحبه وكانت العرب تراه أنه أعدى من الجرب.

والله تعالى أعلم وأحكم

#ورد_الحسبلة_يوم_عاشوراء

ذكر أهل الخواص ومنهم الولي الشهير السيّد أبو عبد الله سيّدي محمد غوث الله بن خطير الدين شاه آبادي العطار النيسابوري (تـ 970 هـ) رضي الله عنه في كتابه الجواهر الخمس لخواص الخلق من المنقطعين إلى لذة الذكر بالله والأنس: “من قال في يوم عاشوراء سبعين مرة حسبنا الله ونعم الوكيل، نعم المولى ونعم النصير كفاه الله تعالى شر ذلك العام”، وفي بعض نسخ الجواهر “غفر الله له، تعالى اسمه” وفي أخرى “غفر الله تعالى له”.

وعنه نقل شيخ المالكية في زمانه أبو الإرشاد نور الدين سيدي علي بن محمد الأجهوري المصري (تـ 1066 هـ) رضي الله عنه بلفظ “كفاه الله تعالى شر ذلك العام” ونقل كلامَ الأجهوري الشيخُ حسن العدوي الحمزاوي (تـ 1303 هـ) رحمه الله في مصنَّفه النفحات النبوية في الفضائل العاشورية عن شيخه الأمير الصغير (تـ 1253 هـ) عن أبيه الشيخ محمد الأمير الكبير (تـ 1232 هـ) عن الشيخ نور الدين علي الصعيدي العدوي (تـ 1189 هـ) عن الشيخ أبي عبد الله سيدي محمد بن عبد السلام البناني الفاسي (تـ 1163 هـ) عن العلامة الشيخ عبد الباقي بن يوسف الزرقاني (تـ 1099 هـ) عنه وكذا نقل محمد بن مصطفى الدمياطي الشافعي (تـ 1278 هـ) في إعانة الطالبين ومحمد بن عمر نووي الجاوي (تـ 1316 هـ) في نهاية الزين.

#تعلة_الهوية_التونسية (2)

كاسد البضاعة لا يرعوي عن إنكار أمر مختلف فيه لا لاستحقاقه أهلية الترجيح ولا لقوة قريحة أو ملكة عنده، بل اتباعا للهوى. فإن استعلمته نطق السفيه بما فيه، أو أجاب بعبارته المسقطة هويتنا التونسية مالكية صرفة.

كان بالأمس يزدري مذهب أحمد بتعلة التحذير من الوهابية، وصار اليوم الازدراء بمذهب أبي حنيفة لأجل التحذير من تزويج المرأة نفسها وحدث ولا حرج عن الخلط في هذه المسئلة بين ما يسمى بزواج السر دون إشهار وما يسمى بالعرفي وغير ذلك من المسميات ليس المقام مقام الخوض فيها. وجهل كاسد البضاعة أن قوله “مالكية صرفة” عار عن الإنصاف وأن الهوية التونسية فيها ما فيها من التمذهب بالمذهب الحنفي على الأقل.

أليس أول ما اعتنق أهل إفريقية من المذاهب مذهب أبي حنيفة النعمان ومذهب مالك بن أنس؟

أليس عبد الله ابن فروّخ اجتمع بأبي حنيفة، كما اجتمع بمالك، وصحبه مدّة طويلة، وكتب عنه مسائل كثيرة ونشر جملة من مسائل مذهبه عند رجوعه إلى القيروان؟

أليس أسد بن الفرات كذلك ارتحل إلى العراق بعد أن سمع مالكا بالمدينة ولقي صاحبي أبي حنيفة أبا يوسف ومحمد بن الحسن وصنف الأسدية طبقا لسماعاته من المذهبين؟

أليس من تلاميذ أسدٍ القاضي الحنفي سليمان بن عمران القيرواني والفقهاء الحنفية أبو سليمان معمر بن منصور وأبو المهلب الهيثم بن سليمان بن حمدون القيسي ومحمد بن عبد الله بن عبدوس؟

أليس ثاني مفت للديار، سيدي محمد الهادي ابن القاضي، حنفيا؟

أليس من خَلَفه في الرتبة، سيدي محمد الحبيب ابن الخوجة، حنفيا حفيدَ مفت حنفيٍّ؟

أليس أول مدير للشعائر الدينية، سيدي مصطفى كمال التارزي، حنفيا؟

ثم أليس سماحة مفتي الجمهورية الحالي حفظه الله، سيدي هشام بن المختار بن محمود، حنفيا ابنَ مفت حنفي وحفيدَ مفت حنفي؟

أليس مر على هذه البلاد فطاحل من الحنفيين أمثال مشايخ الإسلام والمفاتي والقضاة من ءال الصوفي وءال درغوث وءال الأرناؤوط وءال البارودي والبيارمة ومشايخ البيت الخوجي وبيت معاوية التركي وكريّم وبن يوسف وبن مراد والدامرجي وعباس والصدام والبليّش وباكير وبرناز وبرتقيز والطرودي وبوشناق وبوسيكة وقارة بطاق وبن محمود وابن القاضي ؟

أليس أصل مجلة الأحوال الشخصية عنيت مجلة الأحكام الشرعية عُمل بإشراف وزير العدلية شيخ الإسلام المالكي سيدي محمد العزيز جعيط على مقتضى المذهبين المالكي والحنفي؟

أليست جِلَّة أسانيد التونسيين العالية للموطأ والبخاري تمر بالسند البيرمى؟

ومنها ذاك الذي نظمه شيخ الإسلام الثاني بإنشائه قصيدة مطلعها (الرجز) :

سندُ هذا العبد في البخاري *** عن والدي صِينَ من الأكدار

وآخرها

عنِ الفرَبْريِّ عن البخاري *** دامت عليه رحماتُ الباري

أليس للتونسيين أسانيد عزيزة في المذهب الحنفي لا نظير لها عند أهل المشرق؟

منها ما حدثناه مسلسلا بالمفاتي ومشايخ الإسلام شيخنا مفتي الديار التونسية سيدي كمال الدين جعيط عن شيخه المفتي الحنفي سيدي محمد الصادق المحرزي عن شيخه المفتي الحنفي أبي محمد سيدي حسونة بن محمد عباس عن شيخ الإسلام الحنفي أبي عبد الله سيدي محمد بن محمود معاوية التركي عن شيخ الإسلام أبي عبد الله سيدي محمد بيرم الثاني عن أبيه شيخ الإسلام أبي عبد الله سيدي محمد بيرم الأول عن شيخ الإسلام أبي محمد سيدي حسين بن إبراهيم البارودي عن شيخ الإسلام أبي المحاسن سيدي يوسف بن عبد الكبير درغوث الحنفي عن شيخ الإسلام أبي الحسن سيدي علي الصوفي عن الباش مفتي الحنفي المولى أبي العباس سيدي أحمد الشريف الأندلسي عن شيخ الإسلام الأكبر مفتي السلطنة العثمانية المولى معلول محمد زاده أفندي عن مفتي السلطنة شيخ الإسلام المولى محيى الدين جلبي محمد بن علي الفناري عن المولى خطيب زاده محمد بن إبراهيم عن المولى يوسف بالي بن شمس الدين الفناري عن أبيه مفتي الباب العالي شيخ الإسلام الملا شمس الدين الفناري شارح إيساغوجي في المنطق.

فدونك هذا السند العزيز إلى الفناري شيخ الإسلام وإلى كل تواليفه في العقليات.

وكل هذا الذي بسطت دون الكلام عن مصنفات القوم، حنفية تونس، من شروح ومختصرات وحواشي مطولات لمختصر القدوري ومبسوط السرخسي وبدائع الكاساني وزيادات قاضيخان وهداية المرغيناني وتحفة الرازي ولباب المنبجي وكنز النسفي وتبيين الزيلعي وعناية البابرتي وفتح ابن الهمام وتصحيح ابن قطلوبغا ودرر المنلا خسرو ومراقي الشرنبلالي ودر الحصكفي وتحبير ابن عابدين.

وآخر قولي أي كاسدَ البضاعة: تعلم قبل أن تتكلم وسارع إلى التوبة إن وقعت في ذاك الذي ورد فيه ما رواه الترمذي عن أبي هريرة وصححه غير ما واحد من الحفاظ “والذي نفسي بيده لو كان الإيمان منوطا بالثريا لتناوله رجال من فارس” واتخِذ وردا في الترضي على أبي حنيفة وإلا فإني لا إخالك خارجا عن مقتضى الحديث القدسي “من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب” رواه البخاري عن أبي هريرة.

الصورة لآخر مشايخ الإسلام والمفاتي الحنفية بتونس

يتبع…

#تعلة_الهوية_التونسية (1)

أليس تعلمنا أن محل الإنكار ما أُجمِع عليه لا ما اختُلف فيه؟ أليست قاعدة شرعية أصولية مجمعا عليها؟

فكيف بعد ذلك ينكر المنكر على من يمسح بعض رأسه في الوضوء أو على شعرة في حده، ومن يصلي بالبسملة عند قراءة الفاتحة، ومن يتقيد بالسجود القبلي عند السهو أزاد أم نقَص، ومن يجهر في دعاء القنوت آتيا به حال الاعتدال، ومن يسجد لتركه، ومن يعقد أصابعه أثناء التشهد على هيئة مغايرة لما عهده، ومن يصلي ركعتي تحية المسجد والإمام على المنبر، ومن يسلم تسليمتين من صلاته فذّا، وأقف عند هذا الحد إذ غالب هؤلاء المنكرين لا علم لهم إلا بنحو المذكورات (هذا إن علموها) لا غيرها من أبواب سائر العبادات وكتب الأيمان والنذور والضحايا والذبائح والصيد والأطعمة والأنكحة والطلاق والرضاع والإيلاء والظهار والبيوع والصرف والسلم والخيار والإجارات والجعل والقراض والشركة والمساقاة وأمهات الأولاد وغير ذلك من أبواب الفقه.

غاية معرفته ناشئة عن تصفح لبعض كتبٍ ما فقه بوعها من كرسوعها.

ثم إنك تراه كذلك ينكر على من يقرأ القرءان برواية حفص تاركا الأداء بروايتي قالون وورش ولو سألته عن فرش الحروف عند نافع لم يحر جوابا. ما هذا التعصب؟ كل تعلته في النكير التمسك بالهوية التونسية لحفظ العقيدة، ويالها من تعلة.

نعم إن طُلب من الخطباء والمدرسين وأئمة الخمس والمؤذنين الالتزام بالراجح المشهور مما تقرر في مذهب مالك فحسن لأنه أوفق للعامة التي ساح فيها الجهل بالعلم الضروري فلا تلتبس عليهم الأمور في تحصيل علم الحال بسماع آراء مختلفة قد تنفّر بعضهم وقد تجلب الوسوسة للبعض الآخر.

وأتعس من أولئك المنكرين حالا، من وقفَت عنده الهوية التونسية على الجبة والصدرية والمنتان والفرملة والشاشية الساقسلي والكتافي والعرضاوي والمجيدي والاسطنبولي والعمامة الملوسة والزمالة والمبرومة والكشطة الزبتة وطيلسان الكشمير والبشمق والريحية والكنترة والبلغة والبرنس والقفة والمروحة وهلم جرا، ذاك منتهى معرفتهم.

فتراهم ينكرون على إمام يلبس القميص الشرقي دون الجبة وكأنها مدعاة للعار على الأقل أو مدعاة للتهمة باتباع الوهابية على الأكثر. وتجدهم حريصين تمام الحرص على حضور مجالس ذكر غالبها يحرّف فيها اسم الجلالة وتُقرأ فيها الفاتحة على هيئة تقشعر لها الأبدان، لو قرئت بحضور إمام الإقراء القاضي أبي الخير سيّدي محمد ابن الجزري الشافعي، وكان أسند إليه قضاء دمشق ثم شيراز، لحكم بجلدهم تسعة وثلاثين سوطا تعزيرا على مذهبه. فتراهم ينكرون على المؤذن إن أذّن متبعا لمقام شرقي وفاقا لنحو أذان المقرئ الشيخ عبد الباسط عبد الصمد رحمه الله أو لأذان الحرمين تاركا الأداء على وَفق الطبوع التونسية، تركوا الأصل الأصيل في رفع الجهل وتمسكوا بتلك التعلة.

لا يكون حفظ العقائد وصونها بإلزام الناس مذهبا من المذاهب ولا بالتمكن في فقه الفروع ولا بالحفاظ على لباس أهل العلم، وإن كنت تظن أيها المتفيهق أن ذلك يدرأ عنك الوهابية المتمسلفة وغيرهم من الشذاذ فأنت واهم مجانب الصواب، ويكفيك أن تنظر في حال أهل الضلال لتعرف أن كثيرا منهم برعوا في الفقه كواصل بن عطاء البصري رأس الاعتزال ونافع بن الأزرق شيخ الأزارقة من الخوارج وإبراهيم بن علية الجهمي ومحمد بن كرام شيخ الكرامية ومقاتل بن سليمان وهو مجسم ومثله الحافظ ابن عبد الهادي الحنبلي وابن تيمية الحراني. إذن الأصل الأصيل تعلم وتعليم العقيدة السنية أشعرية كانت أو ماتريدية. كن أشعريا والبس القميص، كن أشعريا وأذن كعبد الباسط، كن أشعريا وتمذهب بمذهب من شئت من الأربعة. فأن تكون حنبليا أشعريا خير لك من أن تكون مالكيا مجسما أو نافيا للتوسل برسول الله أو مبدعا لمن يعمل المولد. لأجل ذلك قال أبو حنيفة في الفقه الأكبر “إن الفقه في الدين (يريد العقيدة) أفضل من الفقه في الأحكام” وقال الشافعي “أحكمنا ذاك (أي علم التوحيد) قبل هذا (أي علم الفروع)”.

نعوذ بالله تعالى من سوء المنقلب.

يتبع …

#القول_في_نازلة_قراءة_القرءان_على_نغم_الموسيقى

ليعلم أن الأصوليين اتفقوا على أن إفتاء المفتي بالقول الضعيف لا يجوز إلا في حالات:

• منها أن يكون المفتي بلغ رتبة الترجيح أو أعلى منها (كرتبة المجتهد المقيد صاحب الوجه أو المجتهد المنتسب أو المطلق) لا ما كان دونها (كرتبة مجتهدي الفتوى ومجتهدي المسئلة والنقلة) فإن رجح عنده قول متفق على ضعفه في مذهبه أو ضعّفه الجمهور فإنه لا يحجر عليه تقويته والإفتاء به بما يظهر له من الأدلة المرجِّحة.

• ومنها أن تتحقق ضرورةٌ لذلك درءا لمفسدة أو جلبا لمصلحة كما قرره في مراقي السعود ونص عليه البناني الفاسي في شرحه على مقدمة المختصر والأمير الكبير في ثمر الثمام وابن عابدين الحنفي في حاشيته وابن حجر الشافعي في التحفة والقليوبي الشافعي في حاشيته فلينظره مريد البسط في المسئلة.

فلا يجوز إذن الإفتاء بحِل الاستماع للموسيقى، وحكمُ السماع لآلات اللهو والطرب والمعازف محسوم قديما، فَصَلَ الخطابَ فيه من سبقنا من علماء الأمة. وليس المقامُ مقامَ سرد الأحاديث والآثار الواردة في التحريم ولا المقامُ مقامَ عرض أقوال المانعين وأقوال المجيزين، بل المقام مقامُ بيان لما هو أخطر على دين الله من هذه المسئلة فيكفينا فيها ما قرره فقهاء المذاهب إذ القول بالحرمة هو الراجح المعتمد عند الأربعة والقول بالجواز قول في تمام الضعف عند بعضهم ولا قائل به عند البعض الآخر وما توهمه البعض من الجواز فمحجوج بقوة أدلة القائلين بالتحريم. ولا يغرنك يا طالب الحق ذكر بعض النقول عن الزبير وابن عمر والرشيد وغيرهم فغالب أسانيدها أوهن من بيت العنكبوت. وأحيل القارئ المنصف على مصنف واحد فقط وهو تأليف ابن حجر الهيتمي النفيس “كف الرعاع عن محرمات اللهو والسماع” فليجدنّ فيه بغيته وليلقينّ عنده ضالته. ثم لنكن كلنا على ذكر من قاعدةٍ من عمل بها أحسن الإفادة ألا وهي ” ليس كل خلاف جاء معتبرا إلا خلاف له حظ من النظر”.

وليعلم كذلك أن الاقتباس ذكره البلاغيون في مصنفاتهم وأنظامهم في باب المحسنات اللفظية من فن البديع وهو كما عرّفه السيوطي في الإتقان أخذ شيء من القرءان أو كلام النبوة ليضمّن الشعر أو النثر لا على أنه منهما بأن لا يقال قال الله تعالى أو قال رسول الله ونحوه وهو مختلف فيه فمتأخرو الشافعية على تجويزه كما نقل السيوطي عن العز ابن عبد السلام ومشهور مذهب المالكية القول بتحريمه.

لنأت الآن لنازلة الحال في حكم ذاك المداح الذي ظهر بالشاشة من يومين فقرأ مقدمة مولد البِرزنجي متتبعا لنغم آلة القانون وكانت تعزف عنده فعندما قام له من له غيرة على كتاب الله العزيز خرج واعتذر وأفصح بنسيانه وقُبل اعتذاره فخرج بعد ذلك من أفتاه بجواز فعله وأنه اقتباس وأن الموسيقى يجوز سماعها على قول “معتبر” فخلط المفتي الحصباء بالدر الثمين ثم ألقى الدر من آنيته بل والحصباء ولم يدع لنفسه إلا ترابا حثاه على ناصيته حين استدل بأم كلثوم ثم بأغنية يا ديني محلالي فرحو والطبوع التونسية فصرنا إلى غير مقام وصار هو إلى شطح من الكلام، وخبط في المسئلة خبط عشواء لا أمت في خبطه ولا شغاء.

وأقول

• الأولى بمن تمذهب بمذهب مالك التزام مشهور المذهب

• والأولى بمن تصدر للفتوى ضرورةً عدم الإفتاء بالضعيف والتزام جانب السلامة في إفتاء العامة بما هو راجح معتمد موافق للأدلة دامغ للمعترض

• نازلة الحال لا علاقة لها بالاقتباس فقوله وأنزل تشريفها فى محكم الآيات القرآنية “كنتم خير أمةٍ اخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله” نقل للنص القرآني وليس اقتباسا ألبتة، زد على ذلك إردافه لقوله بعد سرد الآية “فما أعذب هذا الكلام” يريد القرءان الكريم، فالحكم بأنه تضمين عين الخلط

• تجويز قراءة القرءان مع تتبع القارئ لنغم موسيقى تعزف عنده بناء على قول جواز السماع الضعيف قياس مع الفارق، بعيد جدا، وفيه ما فيه من الإخلال بتعظيم كتاب الله بل ولا يبعد عن الاستخفاف به والعياذ بالله تعالى.

• القول بهذه الفتوى يفتح للجهلة باب امتهان القرآن على مصراعيه فما يقول المفتي فيمن رقص رقصا مباحا على قراءة القرءان أو رقصا فيه تثن وتكسر وقد قال الجمهور بحرمته وقيل بعدمها.. وما يقول المفتي فيمن قرأ القرءان متتبعا للمزود والزكرة ونحوها وما يقول المفتي في ذاك الذي خرج فقرن موسيقى “الراب” بقراءة اللفظ المنزل؟؟؟؟

فليتق الله امرؤ عرف أنه ملاق ربه يوم الحساب الشديد، وليجعل نصب عينيه قوله صلى الله عليه وسلم “ومن سن في الإسلام سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها بعده إلى يوم القيامة لا ينقص من أوزارهم شيء” الحديث، فكلما قلده في فتواه جهول نال من وزره كقابيل في نيله من وزر من قتل نفسا عدوانا وظلما.

والله من وراء القصد.