إتفاق أهل الحديث والشيعة الإمامية على القول بالرؤية ونقل أحاديثها
قال الإمام أبو الحسن بن مهدي الطبري الأشعري في رده على الجبائي المعتزلي : ” .. إن هذا الخبر روته الثقات من جهات مختلفة ومنهم أنس بن مالك وجرير بن عبد الله البجلي وأبو سعيد الخدري وأبو هريرة وصهيب رضي الله عنهم وغيرهم ، ولو لم تجب الحجة بنقل ما ذكرنا من الصحابة ، ولم يقع بذلك علم لم تجب الحجة بأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لا تنكح المرأة على عمتها ولا على خالتها. ولا أنه رجم ماعزا ، فلما كان ناقلوا هذه السير دون من نقل الرؤية في العدد ، وكانت الرواية والنقل للطائفتين من هذه الأمة – وهم أهل الحديث والمتشيعة الإمامية – ووجدناهم لا يختلفون في النقل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أهل الجنة ينظرون إلى الله تعالى ، فقد صح النظر إليه من طريق الخبر ، ووجدنا اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على رؤية الله في الآخرة متفقين ، ولم يرد عن أحد منهم نفيها وإنكارها ، وروي عن كثير منهم إثباتها – كأن القول بالرؤية إجماعا منهم ، ولو اختلفوا في ذلك لنقل الخلاف ، كما نقل الاختلاف في رؤية الله في الدنيا ، فأنكرها بعضهم كنحو ما روي عن عائشة رضي الله عنها في ذلك وإنكارها على ابن عباس حيث ثبتها ، فلو كانوا في رؤيته الله بالأبصار في الآخرة مختلفين ، لنقل ذلك”. انتهى
ابو الحسن الطبري استدل بإتفاق أهل الحديث والشيعة الإمامية على نقل حديث الرؤية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، و على صحة ذلك خبرا فلو كان القول بإنكار الرؤية في طبقته هو قول أغلبية الإمامية لما ساغ له هذا الإستدلال لينقض حجة الجبائي، وهذا يدل على أن الشائع بين الإمامية في عصره هو القول بالرؤية.
وقد اشار لذلك من جاء بعده ايضا فقد قال القاضي الباقلاني :” فإن أضافوا إنكار الرؤية إلى علي رضي الله عنه وابنه محمد بن الحنفية وولده أبي هاشم عبد الله بن محمد والصادق والباقر ، رضوان الله عليهم أجمعين ، فإنما يفعلون ذلك استبصارا بأغبياء الشيعة دون المخلصين منهم ، فإن أئمة الشيعة من أهل قم والكوفة والبصرة وأسلافهم يدينون بالبراءة من القدرية ويعتقدون صحة خبر وقيام الحجة به ويرون القول بخلق الأفعال ونفي خلق القرآن وإثبات صفات الله لذاته ، ومنهم من يزيد على إثبات الصفات ويرى القول بالتجسيم والتشبيه ويروي ذلك عن الأئمة من أولاد علي ، كرم الله وجهه ، فكلهم يكذبون القدرية ويرون البراءة من دين المعتزلة ولا يرتفعون بإنتمائهم إلى الشيعة واستبصارهم بهم ويعرفون مذهب واصل بن عطاء وعمرو بن عبيد وأبي الهذيل العلاف في علي ومخالفيه ، ووقف بعضهم في عدالته وقدح آخرون فيها وفي عدالة عثمان ورأيهم في أهل الفتنة وما قد ذكرناه وشرحناه في كتب الإمامة وفي نقض الفتيا على الجاحظ ، فلا يجب الإكتراث بإضافتهم نفي الرؤية إلى الطبقة “. انتهى
