معنى الكيف والكيفية – رواية الإمام مالك ” والكيف مجهول”

Source : Page التاريخ و السير و العقائد

معنى الكيف والكيفية

ليعلم أن إثبات ذات الله سبحانه وتعالى هو إثبات وجود وإيمان، لا إثبات كيفية وتحديد، وكذلك إثبات صفاته تعالى، هو إثبات وجود وإيمان، لا إثبات كيفية وتحديد.

فلم يقل واحد من السلف أن الوجود يقتضي اثبات الكيف الذي هو الهيئة والحال، ولم يقل واحد منهم أن من نفى الكيف فقد نفى وجود الله.

قال ابن عبد البر المالكي في التمهيد: “ليس نزوله تعالى بذاته بشىء عند أهل الفهم من أهل السنة لأن هذا كيفية، وهم يفزعون منها.” انتهى

1-معنى الكيف، والكيفية في لغة العرب

عبارة الكيف والكيفية تطلق في لغة العرب على عدة معاني منها:

أ- الحال والهيئة:

-جاء في تاج العروس قوله: “والغالبُ فيه أَنْ يَكُونَ اسْتِفهاماً عن الأَحْوالِ إِما حَقِيقِيّاً ،ككَيْفَ زَيْدٌ؛ أَو غَيْرَهُ مثل : “كَيْفَ تَكْفُرُونَ باللهِ” فإنَّهُ أُخْرِج مُخْرَجَ التَّعَجُّبِ والتّوْبِيخِ”. انتهى

-وجاء في شرح المفصل لابن يعيش (3/ 140): “كَيْفَ” سؤال عن حال, وتضمّنت همزة الاستفهام، فإذا قلت: “كيف زيدٌ؟ ” فكأنك قلت: “أصحيح زيد أم سقيم؟ أآكل زيدٌ، أم شاربٌ؟ إلى غيرِ ذلك من أحواله. والأحوالُ أكثرُ من أن يحاط بها، فجاؤوا بـ “كَيْفَ” اسم مبهم يتضمن جميعَ الأحوال. فإذا قلت: “كيف زيدٌ؟ ” أغنى عن ذلك كلِّه”. انتهى

-وقال الزركشي في البرهان :”كيف”: استفهام عن حال الشيء لا عن ذاته، كما أن “ما” سؤال عن حقيقته، و”مَن” عن مشخصاته، ولهذا لا يجوز أن يقال في الله كيف.” انتهى

– وقال السيوطي في الاتقان: “كيف” اسم يرد على وجهين:

الشرط وخُرِّج عليه “ينفق كيف يشاء”، “يصوركم في الأرحام كيف يشاء”، “فيبسطه في السماء كيف يشاء”؛ وجوابها في ذلك كله محذوف لدلالة ما قبلها.

والاستفهام وهو الغالب؛ ويستفهم بها عن حال الشيء لا عن ذاته؛ قال الراغب: وإنما يسأل بها عما يصح أن يقال فيه شبيه وغير شبيه ولهذا لا يصح أن يُقال في الله كيف؛ قال: وكلما أخبر الله بلفظ كيف عن نفسه فهو استخبار على طريق التنبيه للمخاطب أو التوبيخ نحو “كيف تكفرون كيف يهدي الله قوما”.انتهى

ب-الاستغراب والتعجب والاستنكار:

-جاء في مختار الصحاح : ك ي ف: (كَيْفَ) اسْمٌ مُبْهَمٌ غَيْرُ مُتَمَكِّنٍ وَإِنَّمَا حُرِّكَ آخِرُهُ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ، وَبُنِيَ عَلَى الْفَتْحِ دُونَ الْكَسْرِ لِمَكَانِ الْيَاءِ. وَهُوَ لِلِاسْتِفْهَامِ عَنِ الْأَحْوَالِ. وَقَدْ يَقَعُ بِمَعْنَى التَّعَجُّبِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ} [البقرة: 28] . وَإِذَا ضُمَّ إِلَيْهِ (مَا) صَحَّ أَنْ يُجَازَى بِهِ تَقُولُ: كَيْفَمَا تَفْعَلْ أَفْعَلْ.انتهـى

-وجاء في لسان العرب لابن منظور: “وقال الزجاج في قول اللّه تعالى “كيف تكفرون باللّه وكنتم أَمواتاً” ( الآية ) تأَويل كيف استفهام في معنى التعجب، وهذا التعجب إنما هو للخَلق والمؤمنين: أَي اعجَبوا من هؤلاء كيف يكفرون وقد ثبتت حجة اللّه عليهم، وقال في مصدر كيف: الكَيْفِيَّة”. انتهـى

وعليه فما رواه الدارقطني مثلا في كتاب الصفات :

حدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ مَخْلَدٍ ثنا الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدُّورِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عُبَيْدٍ الْقَاسِمَ بْنَ سَلَّامٍ، وَذَكَرَ الْبَابَ الَّذِي يروى في الرُّؤْيَةَ وَالْكُرْسِيَّ وَمَوْضِعَ الْقَدَمَيْنِ، وَضَحِكِ رَبِّنَا مِنْ قُنُوطِ عِبَادِهِ، وَقُرْبِ غِيَرِهِ، وَأَيْنَ كَانَ رَبُّنَا قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَاءَ وَأَنَّ جَهَنَّمَ لَا تَمْتَلِئُ حَتَّى يَضَعَ رَبُّكَ عَزَّ وَجَلَّ قَدَمَهُ فِيهَا فَتَقُولُ: قَطْ قَطْ، وَأَشْبَاهَ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ. فَقَالَ: هَذِهِ الْأَحَادِيثُ صِحَاحٌ حَمَلَهَا أَصْحَابُ الْحَدِيثِ والفقهاء بعضهم على بَعْضٍ، وهِيَ عِنْدَنَا حَقٌّ لَا نَشُكُّ فِيهَا، وَلَكِنْ إِذَا قِيلَ: كَيْفَ وَضَعَ قَدَمَهُ؟ وَكَيْفَ ضَحِكَ؟ قُلْنَا: لَا يُفَسَّر هَذَا وَلَا سَمِعْنَا أَحَدًا يُفَسِّرُهُ”

معناه إذا قيل “كَيْفَ وَضَعَ قَدَمَهُ؟ وَكَيْفَ ضَحِكَ” من باب التعجب و الاستنكار فنحن لا نفسر ذلك الكلام، و ليس معناه لا نفسر الكيف.

ويؤكد هذا مارواه الدارقطنى فى كتاب الصفات عن وكيع رحمه الله ، قال : “نسلم هذه الأحاديث كما جاءت، ولا نقول : كيف هذا ؟ ولم جاء هذا ؟”

فجعل المنع من التكييف ، والمنع من الاعتراض على النصوص ، هو التسليم بما جاءت به .

ج- حقيقة الشىء

بعض العلماء يستعمل عبارة الكيفية، او الكيف للكلام عن حقيقة الشىء وذاته:

قال السبكي في جمع الجوامع:” حقيقته تعالى مخالفة لسائر الحقائق”

ثم احتج ببيت شعري فيه قولهم:

“حقيقة المرء ليس يدركها فكيف كيفية الجبار في القدم”

وهذا معناه أن حقيقة الانسان لا يدركها فكيف حقيقة الجبار في القدم.

وقال ابن خلدون في المقدمة: “وإنما أراد -أي مالك- أن الاستواء معلوم من اللغة، وهو الجسماني. وكيفيته أي حقيقته. لأن حقائق الصفات كلها كيفيات”. انتهى

وقد أشار أبو عبد الله القرطبي المالكي لذلك بقوله: “ولم يُنكر أحد من السلف الصالح أنه استوى على عرشه حقيقةً. وخَصَّ العرش بذلك لأنه أعظم مخلوقاته، وإنما جهلوا كيفية الاستواء فإنه لا تُعلم حقيقته. قال مالك رحمه الله: الاستواء معلوم – يعني في اللغة – والكيف مجهول، والسؤال عن هذا بدعة”. انتهى

معناه أن الاستواء معلوم في اللغة، وحقيقته مجهولة، والسؤال عنه بدعة.

وقد اعترف بعض الحشوية بذلك، فقد قال الباحث ماهر أمير في كتابه المسمى الإنـتـصـار للـتـدمـريـة، ما نصه: “إن من ينفي إثبات الكيفية بمعنى الحقيقة والكنه يُسأل عن سبب تميز كل شئ عما عداه في الخارج وعن منشأ آثاره ولوازمه الخارجية الذي يغاير بينه وبين غيره , أهو الوجود المشترك الذي تتصف به كل الموجودات , أم الوجود الخاص . ولا يختار عاقل الأول لأنه كلي مشترك يعُمُّ الجوهر والعرض والماء والنار والخالق والمخلوق فليس هو منشأ التميز واختلاف الموجودات الخارجية , ولو سألت أضعف الناس عن سبب كون علم الله شاملا لٌما كان وما يكون وعلم المخلوق قاصرًا ناقصا لما قال لك إن سبب ذلك كون علم الأول موجود وعلم المخلوق موجود ! ولأجابك بالبداهة أن هذا التميز لمخالفة حقيقة علم الباري علم المخلوق”. انتهى

وقال: ” وبالتالي فإن تميز الصفة (أ) عن الصفة (ب) لا يكون إلا لمخالفة حقيقة الأولى لحقيقة الثانية , ولمخالفتها حقيقة (الذات)”. انتهى

2-نفي الكيف و الكيفية عن الله تعالى من كلام السلف

– قالت أُمُّ المُؤمنين أمُّ سَلَمَة رضي الله عنها: ” والكيف غير معقول” انتهَى وقال الإمام مالك رضي الله عنه: “وكيف عنه مرفوع” ذكرهُما الحافظ ابن حجر العسقلانيُّ في فتح الباري شرح صحيح البُخاريِّ.

– قال أبو حنيفة في الفقه الأكبر: «ويراه المُؤمنون وهُم في الجنَّة بأعيُن رُؤوسهم بلا تشبيه ولا كيفيَّة ولا كمِّيَّة ولا يكون بينه وبين خلقه مسافة» انتهَى

– قال أبو بكر الخلال المتوفى سنة 311 هـجري في كتاب السنة: “وأخبرني علي بن عيسى أن حنبلًا حدثهم قال: “سألت أبا عبد الله عن الأحاديث التي تروى: أن الله -تبارك وتعالى- ينزل كل ليلة إلى السماء الدنيا، وأن الله يُرى، وأن الله يضع قدمه، وما أشبهه. فقال أبو عبد الله: نؤمن بها ونصدق بها، ولا كيف ولا معنى، ولا نرد منها شيئًا، ونعلم أن ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم حقٌّ إذا كانت بأسانيد صحاح”. انتهى

– وقال ابن بطة في الابانة: قال أبو عبد الله: “ونحن نؤمن بالأحاديث في هذا ونقرها، ونمرها كما جاءت بلا كيف، ولا معنى إلا على ما وصف به نفسه تعالى“. انتهى

وتفرد حنبل عن أحمد بالرواية لا يعني أنه كذاب أو وضاع. بل روايته مقبولة عند ابن حامد وهو من كبار الحنابلة.

– قال أحمد بن نصر قال: سألت سفيان بن عيينة قلت: “يا أبا محمد أريد أسألك”، قال : “لا تسأل”، قلت: “إذا لم أسألك فمن أسأل”، قال: “سل.”

قلت: “ما تقول في هذه الأحاديث التي رويت نحو : القلوب بين أصبعين، وأن الله يضحك أو يعجب ممن يذكره في الأسواق؟” فقال: «أمروها كما جاءت بلا كيف.» وقال في رواية:كل شيء وصف الله به نفسه في القرآن فقراءته تفسيره لا كيف ولامثل

-قال إسحاق بن راهويه : سألني ابن طاهر عن حديث النبي صلى الله عليه وسلم ـ يعني في النزول ـ فقلت له : «النزول بلا كيف.»

وهذا رد على من زعم اثبات الكيف وفوض معناه.

– وقال الإمام القاضي عبد الوهاب المالكي المتوفى سنة 422 هـجري في شرح عقيد مالك الصغير ما نصه: ” الوصف له تعالى بالاستواء اتباع للنص، وتسليم للشرع، وتصديق لما وصف نفسه تعالى به، ولا يجوز أن يثبت له كيفية، لأن الشرع لم يرد بذلك، ولا أخبر النبي عليه السلام فيه بشيء، ولا سألته الصحابة عنه، ولأن ذلك يرجع إلى التنقل والتحول وإشغال الحيّز والافتقار إلى الأماكن، وذلك يؤول إلى التجسيم، وإلى قِدم الأجسام، وهذا كفر عند كافة أهل الإسلام”. انتهى

وعليه فالسلف الصالح رضوان الله عليهم كانوا لا يثبتون الكيف لله تعالى لأن الكيف من صفات المخلوقات.

-قال الحافظ ابن حجر العسقلاني في كتابه فتح الباري شرح صحيح البخاري : قال الامام مالك استوى كما وصف نفسه،ولا يقال كيف وكيف عنه مرفوع”. انتهى

فالكيف مرفوع لا يجوز نسبته لله

وروى ابن حجر عن طريق الوليد بن مسلم، قال سألت: “الاوزاعي ومالكا والثوري والليث بن سعد عن الأحاديث التي فيها الصفة فقالوا: “أمروها كما جاءت بلا كيف”

ومن طريق ابي بكر الضبعي قال: “مذهب أهل السنة في قوله الرحمن على العرش استوى قال: “بلا كيف” والآثار فيه عن السلف كثيرة وهذه هي طريقة الشافعي واحمد بن حنبل”. انتهى

ملاحظة: ابن حجر نفى وصف الله بالكيف في فتح الباري و نقل ذلك عن السلف، حيث قال: ” ومنهم من أجراه على ما ورد؛ مؤمناً به على طريق الإجمال؛ منزهاً الله تعالى عن الكيفية والتشبيه، وهم جمهور السلف”.

و قال أيضا: “واختلف من أثبت الرؤية في معناها؛ فقال قوم: يحصل للرائي العلم بالله تعالى برؤية العين كما في غيره من المرئيات، وهو على وفق قوله في حديث الباب (كما ترون القمر)؛ إلا أنه منزه عن الجهة والكيفية، وذلك أمر زائد على العلم”. انتهى

وقال: “وقال الخطابي: لم يقع ذكر الإصبع في القرآن، ولا في حديث مقطوع به. وقد تقرر أن اليد ليست بجارحة حتى يتوهم من ثبوتها ثبوت الأصابع؛ بل هو توقيف أطلقه الشارع؛ فلا يكيف ولا يشبه، ولعل ذكر الأصابع من تخليط اليهودي؛ فإن اليهود مشبهة”. انتهى

و من هنا فقوله رحمه الله في بعض المواضع من الفتح: “لا فرق بين البحث عن كيفية الذات وكيفية الصفات ومن توقف في هذا فليعلم أنه إذا كان حجب عن كيفية نفسه مع وجودها وعن كيفية إدراك ما يدرك به فهو عن إدراك غيره أعجز”

معناه توفيقا لكلامه: “لا فرق بين البحث عن حقيقة الذات وحقيقة الصفات ومن توقف في هذا فليعلم أنه إذا كان حجب عن حقيقة نفسه مع وجودها وعن حقيقة إدراك ما يدرك به فهو عن إدراك غيره أعجز”.

وهذا كله بدليل قوله : “استوى على العرش، هو من المتشابه الذي يفوض علمه إلى الله تعالى ، ووقع تفسيره في الأصل . انتهى

فهو هنا لم يقل نفوض علم كيفية الاستواء لله بل فوض علمه لله.

3- بيان ان الامام مالك لم يقل : الكيف مجهول

لا يصح نسبة قول (والكيف مجهول) للإمام مالك، والثَّابت عنه ثلاثُ روايات الأُولَى رواها التِّرمذيُّ وفيها: (بلا كيف) واثنتانِ رواهُما البيهقيُّ -والعسقلانيُّ- إحداهُما: (وكيف عنه مرفوع) والأُخرَى: (والكيف غير معقول).

و قال ابْن العُثَيْمِين في مجموع الفتاوى والرَّسائل: (1/195) ما نصه: ” أَمَّا قَوْلهُ: “إِنَّ الإِمَام مَالِك لاَ يَقُولُ: “وَالكَيْفُ مَجْهُولٌ”. فَالجَزْم بِأَنَّهُ لاَ يَقُولُ بِذَلِكَ جَزْمٌ بِمَا لاَ عِلْم فِيهِ. وَأَمَّا كَوْن هَذَا غَيْرُ الوَارِد عَنْهُ: فَصَحِيحٌ، فَإِنَّ الْوَارِد بِالسَّنَدِ عَنْهُ قَوْلهُ: “الِاسْتِوَاءُ غَيْرُ مَجْهُولٍ، وَالْكَيْفُ غَيْرُ مَعْقُولٍ، وَالْإِيمَانُ بِهِ وَاجِبٌ، وَالسُّؤَالُ عَنْهُ بِدْعَةٌ”. كَمَا رَوَاهُ البَيْهَقِي وَأَبُو الشَّيْخ الأَصْبَهَانِي “.انتهى

فمَن أثبت الكيفيَّة على الله تعالَى؛ فهُو مُتلبِّس بمحض التَّشبيه والتَّجسيم ولو زعم أنَّه لا يعرفُ هيئته، لأنَّه بإثباته للكيف صار مُناقضًا للتَّوحيد والعياذ بالله وصار مُكذِّبًا بقول الله تعالَى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} الآية..

.

كلام الإمام الجويني في العقيدة النظامية عن رواية الإمام مالك ” والكيف مجهول”

الوهابية رجحوا رواية الامام مالك: ” الاستواء معلوم والكيف مجهول” وفهموا من هذه العبارة المنسوبة للإمام مالك :أن قوله الاستواء معلوم، أي أن معاني الاستواء معلومة على حقيقتها ولكن كيفية الاستواء مجهولة غير معلومة لدينا، لكن يوجد كيفية وصورة وهيئة معينة يستوي بها الله تعالى على عرشه.

واحتجوا لذلك بما ذكره الجويني في العقيدة النظامية عن مالك أنه قال “الاستواء معلوم و الكيفية مجهولة”

وفهمهم هذا مردود من وجوه :

1-رواية “الاستواء غير مجهول” أي معلوم، ومعناه أن الاستواء نسب إلى الله تعالى في القرآن الكريم، وليس أن معنى الاستواء يحمل على الحقيقة وهو الجلوس و الاستقرار، ويوضح ذلك ما ورد عن الإمام الشافعي عن مالك أنه قال: “الاستواء مذكور”

2- لو كان لصفات الله كيفية كما يقولون ولكنها مجهولة فلماذا يحكم الإمام مالك على السائل بالابتداع مع أنه سأل عن الكيفية التي هي أمر غيبي؟..بل إذا سأل السائل عن شئ موجود لكنه مجهول لا يُحكم عليه بأنه مبتدع بل يكفي أن يبين له أنه مجهول

3- الإمام الجويني صرح أن السلف أجروا الظواهر على مواردها و فوضوا المعنى لله، و لم يقل فوضوا الكيفية لله، وذكر أن السلف كانوا ينزهون الله عن صفات المحدثين.

4- ذكر الكثير من المحقيقين أن الجويني كان يميل للتفويض في العقيدة النظامية و بالتالي فالكيف عنده هو بمعنى الحقيقة راجع الرابط التالي في معنى الكيف: https://www.facebook.com/share/p/1BJegp1j3R/

تعليق الملا علي القاري على قول مالك ” والكيف غير معقول”

قال الملا علي القاري في مرقاة المفاتيح : ” فرق بين المعنى المعلوم من هذه اللفظة و الكيف الذي لا يعقله البشر” .انتهى

الكيف هو صفات المخلوقات وهيئاتهم فإذا كان الكيف لا يعقله البشر معناه أن الكيف المتعلق بصفات المخلوقات لا يتصوره العقل في خالقه، فهو عن الخالق مرفوع مدفوع.

فالسمع و البصر و الحياة و الرحمة و الغضب و القدرة و البصر… كل هذه الألفاظ معلومة المعنى بحسب وضع اللغة لعلمنا بكيفيتها و حقيقتها. فإذا لم نتعقل كيفيتها في حق الله، أثبتنا اللفظ و أثبتنا المعنى بحسب ما يليق به عز وجل، ولا يمكننا اثبات كيف من أصله.

أما المجسمة فالكيف الذي هو من صفات المخلوقين، يقولون من جهة أنهم لا يعقلونه، و من جهة أخرى يزعمون أنه مجهول، فكيف تعقلوا وجوده أصلا للحكم بجهالته عنهم؟

أهل الحق لا يثبتون كيفا مجهولا للخالق لأن الكيف من صفات المخلوقات وهو مما لا يليق بالله أصلا بل يعتقدون أن الكيف مرفوع عن الله ولا يتصف به وهذا هو المعتقد الذي عليه السلف عامة.

شبهة نسبة الكيفية لله عز وجل المذكورة في كلام بعض العلماء

نسبة الكيفية إلى الله تعالى من خلال ما ورد في بعض أقوال العلماء هي حجج واهية يحتج بها الحشوية لنصرة معتقدهم الباطل. غير أن النظر الدقيق في نصوص أئمة أهل السنة يكشف أن الأمر لا يتجاوز إثبات الصفات الواردة في النصوص مع نفي الكيفية وإرجاع العلم بحقيقتها إلى الله، وهذا هو جوهر مذهب التفويض الذي تبناه قسم من الأشاعرة وكثير من السلف.

راجع الرابط التالي:

https://www.facebook.com/share/p/16x5DVeDSM/

قال الغزالي في الإحياء: ” إن الظن بأحمد أنه علم أن الاستواء ليس هو الاستقرار والنزول ليس هو الانتقال” .

فالإمام أحمد كان يثبت لفظ النص ولا يفسر ولا يكيف ولا يتأول.

ونقل عنه أيضا في أحاديث الصفات أنه قال: “مما قد صح وحفظ فإنا نسلم له وإن لم يعلم تفسيرها ولا يتكلم فيه ولا يجادل فيه ولا تفسر هذه الأحاديث إلا بمثل ما جاءت ولا نردها إلا بأحق منها”.

وقال كذلك: ” نؤمن بها ونصدق ولا كيف ولا معنى”

و هذه النصوص تقطع السبيل على من يزعم أنه يثبت الصفات مع خوضه في الكيف.

أما أبو منصور السمرقندي في شرح الفقه الأكبر فقد قال: ” ولكن يده صفته بلا كيف وكذلك وجهه ونفسه” انتهى

وهذا يتضمن نفيا صريحا للكيفية، – أي الكيفية التي هي وصف المخلوق- ، عن الله تعالى.

ثم نقل عن فخر الإسلام البزدوي قوله: ” وكذلك اثبات اليد والوجه حق عندنا معلوم بأصله متشابه بوصفه ولا يجوز إبطال الأصل بالعجز عن درك الوصف وإنما ضلت المعتزلة من هذا الوجه فإنهم ردوا الأصول لجهلهم بالصفات فصاروا معطلة”. هذا تمام كلام البزدوي

معناه أن صفة اليد والوجه معلوم بأصله، اي ثابت ورودها في النص ، وقوله “متشابه بوصفه” اي هو من العبارات المتشابهة التي تحتمل أكثر من معنى، فلا يصح ابطال الأصل أي اثبات أصل الصفة، بالعجز عن ادراك معنى اللفظ.

ثم قال السمرقندي : ” (بلا كيف)، اي بلا بيان الكيفية، فان كيفيتها مجهولة”. انتهى فلما كان الكلام مقترنا بعدم ادرك الأصل عقلا، علم أن قوله ” بلا بيان الكيفية فان كيفيتها مجهولة” معناه بلا بيان حقيقيتها فان حقيقتها مجهولة، والا صار الكلام متناقضا لأن جهالة الصفة لا يرفع عنها أن تكون مُدرَكة بالعقل .

راجع معنى الكيف و الكيفية هنا:

https://www.facebook.com/share/p/1JYMrt9BRw/

وابن حجر أيضا هو من أئمة التنزيه الذين بنوا اعتقادهم وفق أصول صحيحة، لكن المجسمة يتلقفون شذرات من عباراته ويحاولون الاستدلال بها لتبرير معتقدهم. وفي فتح الباري قال ابن حجر عن السلف: ” لم يخوضوا في صفات الله لعلمهم بأنه بحث عن كيفية ما لا تعلم كيفيته بالعقل لكون العقول لها حد تقف عنده”.

والكيفية في لغة العرب تأتي بمعنى الحقيقة، فيكون المعنى أنهم تركوا البحث في حقيقة ما لا يمكن للعقل إدراك حقيقته. وهذا ينسف دعوى من يتهم السلف بالتقصير، بينما المشبهة على النقيض يخوضون في الكيف أصلا إذ يستدلون بأحاديث كالتي تذكر وضع القدمين على الكرسي أو الاستلقاء، وهي أدلة تكشف تناقضهم في نفي الكيف عن الله زعما ثم إثباته عملا.

ويكشف أبو بكر بن العربي المالكي المتوفى سنة 543 هـ في شرحه لحديث الصفات في عارضة الأحوذي عن دقة مذهب الإمام مالك، إذ قال: “ومذهب مالك رحمه الله أن كل حديث منها معلوم المعنى، ولذلك قال للذي سأله: “الاستواء معلوم، والكيفية مجهولة ” أي أن الاستواء معلوم معناه الراجح، ومعنى “والكيف مجهول” أي حقيقة ذلك مجهولة. أي كأنه قال: الاستواء معلوم معناه الراجح في حق الله بحسب لغة العرب، وأما حقيقة الاستواء فهي مجهولة.

ويأتي ما ورد في شرح متن الأربعين النووية ليؤكد هذا الفهم؛ حيث نص على أن جماعة من السلف كرهوا السؤال عن معاني الآيات المتشابهة، وأن مالك سئل عن قوله تعالى: “الرحمن على العرش استوى فقال الاستواء معلوم والكيف مجهول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة وأراك رجل سوء أخرجوه عني”. فمالك رضي الله عنه نهى عن الخوض في معاني الآيات المتشابهة واكتفى بإثبات اللفظ الوارد، وهذا يعني أن النهي في النصوص هو نهي عن الخوض في المعاني لا في مجرد الكيفيات.

وتجدر الإشارة إلى أن العقائد لا تُبنى إلا على الأحاديث الصحيحة ذات الأسانيد المتفق على توثيق رواتها. وهنا تظهر إشكالية في بعض الروايات؛ إذ إن أسانيد ابن عبد البر التي أوردها في التمهيد عن رواية مالك “والكيف مجهول” فيها من هو مطعون في وثاقته، مما يجعل هذه الرواية غير ثابتة عن مالك، وتدفعها رواية “والكيف مرفوع” التي هي أصح منها سندا.

راجع أيضا: تعليق الملا علي القاري على قول مالك ” والكيف غير معقول”

https://www.facebook.com/share/p/1BGsX4fxvH/

و كلام الإمام الجويني في العقيدة النظامية عن رواية الإمام مالك ” والكيف مجهول”

https://www.facebook.com/share/p/19YWb6h1ru/

وليعلم أن نسبة ما لا يليق بالله حتى مع نفي الكيف هو عينه اعتقاد النصارى

راجع الرابط التالي:

https://www.facebook.com/share/p/16qTfrx4tn/

بيان أن التفويض عند السلف هو تفويض المعنى و ليس تفويض الكيف

قال الأوزاعي : “كل ما وصف الله تعالى به نفسه في كتابه فتفسيره تلاوته والسكوت عليه”

وكذا قال سفيان بن عيينة : ” كل ما وصف الله به نفسه في كتابه فتفسيره تلاوته والسكوت عنه “.

وفي رواية قال : ” كل شيء وصف الله به نفسه في القرآن فقراءته تفسيره، لا كيف ولا مثل”

وفي رواية قال: فقراءته تفسيره ليس لأحد أن يفسره لا بالعربية ولا بالفارسية.

وقال وكيع : “أدركنا إسماعيل بن أبي خالد، وسفيان، ومسعرا يحدثون بهذه الأحاديث ولا يفسرون شيئا”.

وقال أبو عبيد القاسم بن سلام : “وهذه الأحاديث … هي عندنا حق، حملها الثقات بعضهم عن بعض، غير أنا إذا سئلنا عن تفسيرها

لا نفسرها، وما أدركنا أحدا يفسرها”.

وقال أيضًا : ( إذا سئلنا عن تفسيرها قلنا: ” ما أدركنا أحدا يفسر منها شيئًا، ونحن لا نفسر منها شيئًا، نصدِّق بها ونسكت “.

وقال الوليد بن مسلم : “سألت سفيان الثوري، ومالك بن أنس، والأوزاعي، والليث بن سعد عن هذه الأحاديث التي في الرؤية والصفات قال: ” أمروها على ما جاءت، ولا تفسروها “.

وفي رواية : (أمروها كما جاءت بلا تفسير). وفي رواية: ( بلا كيف). وفي رواية: (بلا كيفية).

وقال محمد بن الحسن الشيباني : ( هذه الأحاديث قد روتها الثقات، فنحن نرويها ونؤمن بها ولا نفسرها. ) .

وقال التّرمذيّ في تفسير مذهبهم : ” وهذا الذي اختاره أهل الحديث أن يرووا هذه الأشياء كما جاءت ويؤمن بها، ولا تفسر، ولا تتوهم، ولا يقال: كيف، وهذا أمر أهل العلم الذي اختاروه

وذهبوا إليه”.

وقال الإمام أحمد في هذه الأحاديث أيضًا : (مما قد صح وحفظ فإنا نسلم له، وإن لم يعلم تفسيرها، ولا يتكلم فيه، ولا يجادل فيه، ولا تفسر هذه الأحاديث إلا بمثل ما جاءت، ولا نردها إلا بأحق منها”.

وقال علي بن المديني مثل ذلك .

قال الإمام أحمد أيضًا : ” نؤمن بها ونصدق ولا كيف ولا معنى”. انتهى.

وقال ابن الجوزي : ” أَكثر السّلف كَانُوا يمتنعون من تَفْسِير مثل هَذَا ويمرونه كَمَا جَاءَ … فَيكون معنى إمرار الحَدِيث الْجَهْل بتفسيره”.

وكذا فسّر الثعلبي الإمرار بـعدم الخوض في المعنى والتوقف عن التفسير.

بيان أن نسبة ما لا يليق بالله حتى مع نفي الكيف هو عينه اعتقاد النصارى

من المعلوم عند كل مسلم موحد أن الله لا يوصف بالكيفية لأن الكيفية صفة المخلوقات و أن الله استوى على عرشه كما أخبر لا كما يخطر للبشر بلا حد و لا كيفية، لا كاستواء المخلوقات.

ومن المعروف عند طوائف المجسمة و المشبهة و الكرامية و الحشوية قولهم أن الله جالس ومستقر على العرش بلا كيف وأنه فوق العرش محدود بلا كيف و أن الله يهرول و يتحرك إذا شاء بلا كيف و أنه ينطق بحرف و صوت إذا شاء بلا كيف و أنه يمس و يلمس و يخط بلا كيف و العياذ بالله، و غير ذلك من الشناعات التي ينسبونها لله رب العالمين و يتبعونها بقولهم ” بلا كيف” ، يظنون أن ذلك ينجيهم من الوقوع في كفر التشبيه.

فمرادهم مثلا من قولهم أن الله جالس على العرش بلا كيف أنه الله عز و جل بعد خلق العرش جلس عليه بكيفية و هيئة هم يجهلونها، فيفوضون كيفية ذلك لله رب العالمين.

ونسبة تلك الشناعات لله تعالى، و اتباعها بعبارة ” بلا كيف” هم شبيه باعتقاد النصارى، فقد ورد في كتب اباء الكنيسة قولهم : ” باسم الله اللطيف الذي حل في الكنيف بغير تكييف”

والكنيف هو السَّاتِرُ أو مِرْحَاضُ البيت، و العياذ بالله، فهل قول النصارى أن الله حل في الكنيف بلا كيف، أو أنه مات بلا كيف أو أنه أكل بلا كيف أو شرب بلا كيف، أو أنه خروف بلا كيف أو أنه صارع يعقوب مصارعة حقيقية بلا كيف، أو أنه يلد لا كما يلد البشر – كما قال المدعو كيرلس عمود الدين- …. ينجيهم كل ذلك من الوقوع في الكفر؟

نعوذ بالله من سوء الحال و سوء المعتقد.

#منقول

لله تعالى صدقة جارية و صدقة عن روح المرحوم بإذن الله فتحي المهذبي

لله تعالى صدقة جارية و صدقة عن روح المرحوم بإذن الله فتحي المهذبي

لله تعالى صدقة جارية و صدقة عن روح المرحوم بإذن الله فتحي المهذبي

لله تعالى صدقة جارية و صدقة عن روح المرحوم بإذن الله فتحي المهذبي

لله تعالى صدقة جارية و صدقة عن روح المرحوم بإذن الله فتحي المهذبي