بسم الله الرحمن الرحيم
*الإمام أبو حنيفة المتوفى سنة 150هجري
روى أبو العلاء صاعد بن محمد في كتاب الاعتقاد و أبو محمد الحارثيُّ في كتاب الكشف و غيرهما عن الإمام أبي حنيفة أنه قال: “أتدرون لمٓ يبغضنا أهل البصرة، قلنا لا، قال: لأنّا لو حضرنا صفين كنّا مع عليّ على معاوية، فلذلك لا يحبوننا”. انتهى
*مُحمَّد بن الحَسَن الشَّيبانيُّ صاحب الإمام أبي حنيفة
قال مُلَّا عليٌّ القاري في كتابه “شم العوارض في ذمِّ الرَّوافض”: “واستدلَّ مُحمَّد -أي ابن الحَسَن الشَّيبانيُّ- رحمه الله على قَبول شهادته فقال: أرأيتَ أنَّ أصحاب رسول الله صلَّى اللَّه تعالى عليه وسلَّم ساعدوا مُعاوية على مُخالَفَة عليٍّ، ولو شهِدُوا بَيْن يَدَيْ عليٍّ أكان يَرُدُّ شهادتَهُم؟ ومُخالفة عليٍّ بعد عُثمان بدعة وهوًى، فكيف الخُروج عليه بالسَّيف؟ ولكن لمَّا كان عن تأويل وتديُّن، لم يمنَعْ قَبول شهادَتِهِ أنْ يكونَ هوًى لا يكفُرُ به صاحبُه” انتهى.
*الإمام مالك
في كتاب المدونة أثبت الإمام مالك اسم الفسق على أهل الشام الذين حاربوا الإمام عليا رضي الله عنه وفيها ما نصّه: (قال) ولقد سألت مالكا عن أهل العصبية الذي كانوا بالشام قال مالك أرى للإمام ان يدعوهم إلى الرجوع وإلى مناصفة الحق بينهم فإن رجعوا وإلا قوتلوا…، [قلت] فما فرق ما بين المحاربين والخوارج في الدماء (قال مالك:) لأن الخوارج خرجوا على التأويل والمحاربين خرجوا فسقاً وخلوعاً على غير تأويل. اهـ من المدونة، فلينظر العاقل إلى قول الإمام مالك رضي الله عنه في أهل الشام إنهم خرجوا فسقاً وخلوعاً على غير تأويل
*الإمام الشافعي المتوفى سنة 204هجري
روى البيهقي في كتابه الاعتقاد عن محمد ابن اسحق أنه قال: “الذي عهدت عليه مشايخنا أن من نازع أمير المؤمنين عليا في إمارته باغ، و على ذلك محمد ابن إدريس – يعني الشافعي- و قال الإمام سراج الدين ابن الملقن في تخريجه لأحاديث الرافعي الذي سماه البدر المنير في تخريج أحاديث الرافعي الكبير:”وثبت أن مقاتلي علي بغاة”. انتهى
و قال البيهقي في مناقب الشافعي: “و مما حُكي عن أبي داود السجستاني أن أحمد بن حنبل أخبر أن يحي بن مَعين ينسب الشافعي إلى التشيع ، فقال له أحمد: تقول هذا لإمام من أئمة المسلمين فقال يحي: إني نظرت في كتابه في قتال أهل البغي فإذا قد احتج من أوله إلى آخره بعلي بن أبي طالب، فقال أحمد بن حنبل: عجبا لك، فبمن كان يحتج الشافعي في قتال أهل البغي و اولُ من ابتليَ من هذه الأمة بقتال اهل البغي علي بن ابي طالب وهو الذي سنَّ قتالهم و أحكامهم ليس عن النبي صلى الله عليه و سلم و لا عن الخلفاء غيرهِ فيه سنة، فبمن كان يَستن، فخجل يحي من ذلك”. انتهى
وقال في مناقب الشافعي 1/447 ما نصه: ” وفي كل هذا دلالة على أن الشافعي رحمه الله كان يعتقد في علي رضي الله عنه أنه كان محقا في قتال من خرج عليه وأن معاوية ومن قاتله لم يخرجوا بالبغي من الإيمان لأن الله سمى الطائفتين جميعا مؤمنين, و الآية عامة, وجرى علي رضي الله عنه في قتالهم مجرى قتال الإمام العادل من خرج من طاعته من المؤمنين و سار بسيرته في قتالهم, و قصد به حملهم على الرجوع إلى الطاعة” انتهى
وهذا صريح في أن الحافظ البيهقي نفى عن معاوية الكفر فقط و أثبت ما دونه من المعاصي.
و جاء في فتح الجواد بشرح الارشاد تحت باب في البغاة و أحكامهم 2/ 295 ما نصه: ” وقد قال الشافعي رضي الله عنه: أخذت أحكام البغاة من قتال علي لمعاوية” انتهى
و أما ما ينقل عن الشافعي أنه كان إذا سئل عما جرى بين الصحابة يردد قول عمر بن عبد العزيز: ” تلك فتنة قد طهر الله منها أيدينا، أفلا نطهر منها ألسنتنا ” كما هو مذكور في مناقب الشافعي للرازي 1/449 و الحلية 9/114 و جامع بيان العلم 2/93 و غيره, فقد أجاب عليه البيهقي في مناقب الشافعي حيث قال: “أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، قال حدثنا أبو الوليد الفقيه، قال حدثنا أبو بكر بن عبيدة الوبريّ عن يونس بن عبد الأعلى، قال سمعت الشافعيّ يقول: سئل عمر بن عبد العزيز عن أهل صفين، فقال تلك دماء طهّر الله منها يدي فلا أحب أن أخضب لساني بها. قلت: وهذا رأي حسن جميل من عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه في السكوت عما لا يعنيه اذا لم يحتج إلى القول فيه فأما اذا احتاج إلى تعلم السيرة في قتال الفئة الباغية فلا بد له من متابعة علي بن ابي طالب في سيرته في قتالهم، ثم لا بد له من أن يعتقد كونه محقا في قتالهم، و اذا كان هو محقا في قتالهم كان خصمه مخطئا في قتاله و الخروج عليه، غير أنه لم يخرج ببغيه عن الاسلام كما حكينا عن الشافعي رحمة الله عليه في متابعته عليا في سيرته في قتالهم و تسمية الطائفتين جميعا مسلمين”. انتهى
*قال الإمام أبو منصور الماتُريديُّ في كتابه تأويلات أهل السُّنَّة: “قد علم اللَّه تعالى أنَّه قد يكون في أُمَّة مُحمَّد صلَّى الله عليه وسلَّم مَن يلعن سلفَه حتَّى أمرهم بالاستغفار لهُم.
-وفيه دلالةٌ على فساد قول الرَّوافض والخوارج والمُعتزلة؛ لأنَّ الرَّوافض مِن قولهم: إنَّ القوم لمَّا ولَّوُا الخلافةَ أبا بكر الصِّدِّيق رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كفروا، ومِن قول الخوارج: إنَّ عليًّا رضي الله عنه كَفَرَ بقتاله مُعاوية وأصحابه، وقالتِ المُعتزلة بأنَّ مَن عَدَلَ عن الحقِّ في القتال خرج عن الإيمان: ولو كان ما ارتكبوا مِن الزَّلَّات يُكفرُهُم أو يُخرجُهُم عن الإيمان لم يكُن للاستغفار لهُم معنًى؛ لأنَّ اللَّه تعالى نهى عن الاستغفار للمُشركين، فإذَا أَذِنَ ها هُنا بالاستغفار لهُم تبيَّن بهذا أنَّ ما ارتكبوا مِن الذُّنوب لم يُخرجهُم مِن الإيمان، ولأنَّه أبقى الأُخُوَّة فيما بينهُم مع علمنا أنَّه لم يكُن بين الآخِرين والأوَّلين أُخُوَّة إلَّا في الدِّين فلولا أنَّهُم كانوا مُؤمنين لم يكُن لإبقاء الأُخُوَّة معنًى، والله أعلم.
– ولأنَّه قال تعالى: {وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا} ولو كان ذلك يُخرجُهُم مِن الإيمان لم يكُن لهذا الدُّعاء معنًى لأنَّ الواجب أنْ يكون في قلوب المُؤمنين عداوة الكُفَّار ومقتُهُم، فلمَّا نَدَبَ جلَّ شأنُه في هذه الآية إلى نفي الغلِّ والحَسَد عن قُلوبهم بتلك الدَّعوة ثبت أنَّهم كانوا مُؤمنين، واللَّه أعلم.
– ثُمَّ في الأمر بالاستغفار لهُم دلالة أنَّه قد كانت منهُم ذُنوب يستوجبون بها العقوبة لولا فضل اللَّه ومغفرته وإنْ كانوا فيما يتعاطَونه مُجتهِدِين ليُعلَم أنَّه ليس كُلُّ مُجتهد مُصيبًا” انتهى بحُروفه
*الإمام أحمد بن على أبو بكر الرازي الجصاص الحنفي المتوفى سنة 370 هجري
قال الجصاص في كتاب أحكام القرآن في الجزء 3 صحيفة 531 تحت باب قتال أهل البغي ما نصه: ” وأيضا قاتل علي بن أبي طالب رضي الله عنه الفئة الباغية بالسيف ومعه من كبار الصحابة و أهل بدر من قد علم مكانهم, وكان محقا في قتاله لهم لم يخالف فيه أحد إلا الفئة الباغية التي قابلته و أتباعها, وقال صلى الله عليه و سلم لعمار: ” تقتلك الفئة الباغية. وهذا خبر مقبول من طريق التواتر.” انتهى
* ابو القاسم عبد الكريم بن محمد الرافعي المتوفى سنة 623 هجري
قال الحافظُ العسقلانيُّ في كتابهِ تلخيص الحبير في تخريج أحاديثِ الرافعيِّ الكبير – كتابَ الإمامةِ وقتالِ البغاة جزء 4 صحيفة 44 – ما نصُّه :” قولُه ـ يعني الرافعيَّ ـ :” ثَبَتَ في المستدرَك أنَّ أهلَ الجملِ وصِفِّينَ والنَّهْرَوَانِ بُغاة ” هو كما قال ويدُلُّ عليه حديثُ عليٍّ :” أُمِرْتُ بقتال الناكثينَ والقاسطينَ والمارقين ” ، والحديثُ رَوَاهُ البَزَّارُ والطَّبَرانيُّ ورَوَاهُ النَّسَائِيُّ في الخصائص . والنَّاكثونَ هم أهلُ الجَمَلِ لأنهم نَكَثُوا بَيْعَتَهُ ، والقاسطونَ هم أهلُ الشَّام لأنهم جاروا عن الحقِّ في عَدَمِ مبايعتهِ ، وأمَّا المارقونَ فهم أهلُ النَّهْرَوَانِ وذلك لثبوتِ الخبرِ الصَّحيحِ فيهم أنهم يَمْرُقُونَ من الدِّينِ كما يمرُقُ السَّهْمُ من الرَّمِيَّة “انتهى كلامُ ابنِ حَجَرٍ بحروفه ..
والنَّهْرَوانُ ثلاثُ قُرًى بينَ واسِطَ وبغداد كما في القاموسَ المحيط.
وروى البيهقي في كتابه الاعتقاد: “و قال الإمام سراج الدين ابن الملقن في تخريجه لأحاديث الرافعي الذي سماه البدر المنير في تخريج أحاديث الرافعي الكبير:”وثبت أن مقاتلي علي بغاة”. انتهى
*أبو عبد الله أحمد بن محمد القرطبي المتوفى سنة 671 هجري.
قال القرطبي في تفسيره 1/318 ما نصه: “فتقرر عند علماء المسلمين وثبت بدليل الدين أن عليا رضي الله عنه كان إماما و أن كل من خرج عليه باغ و أن قتاله واجب حتى يفيء إلى الحق و ينقاد إلى الصلح” انتهى
*المجسم ابن تيمية الحراني المتوفى سنة 728 هجري
قال المجسم ابن تيمية في منهاج السنة 6/201 : “ولهذا كان علي وأصحابه أولى بالحق وأقرب إلى الحق من معاوية وأصحابه كما في الصحيحين عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ” تمرق مارقة على حين فرقة من المسلمين فتقتلهم أولى الطائفتين بالحق “. انتهى
*سعد الدين التفتازاني المتوفى سنة 792 هجري
قال لسان أهل السنة الناطق العلامة السعد التفتازاني في كتابه المقاصد الجزء 3\535 ما نصه: ” والقاسطون معاوية وأتباعه الذين اجتمعوا عليه، وعدلوا عن طريق الحق الذي هو بيعة عليّ رضي الله عنه والدخول تحت طاعته”. انتهى
و قال: ” ولهذا ذهب الأكثرون إلى أن أول من بغى في الإسلام معاوية” انتهى
*مُحي الدين محمد بن بهاء الدين بن لطف الله البيرامي الحنفي المتوفى سنة 956 هجري
قال مُحي الدين محمد بن بهاء الدين البيرامي الحنفي في كتاب القول الفصل شرح الفقه الأكبر للإمام أبي حنيفة ما نصه: “و لا تثبت الحقية في الحروب الا له – أي لسيدنا عليّ – لكونه خليفة حقاً وإماما صدقا، وكذا قوله عليه الصلاة و السلام لعمار: ستقتلك الفئة الباغية، تصريح بخلافة عليّ و بغي معاوية. انتهى
*الحافظ علي بن سلطان محمد القاري الحنفي المتوفى سنة 1014 هجري
قال الحافظ علي بن سلطان محمد القاري في مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح ما نصه: “فإذا كان الواجب عليه – أي معاوية – أن يرجع عن بغيه بإطاعته الخليفة، ويترك المخالفة وطلب الخلافة المنيفة، فتبين بهذا أنه كان في الباطن باغيا ، وفي الظاهر متسترا بدم عثمان مراعيا مرائيا ، فجاء هذا الحديث عليه ناعيا، وعن عمله ناهيا، لكن كان ذلك في الكتاب مسطورا ، فصار عنده كل من القرآن والحديث مهجورا ، فرحم الله من أنصف ولم يتعصب ولم يتعسف، وتولى الاقتصاد في الاعتقاد”. انتهى
وقد صرح بذلك أيضاً المرغينانيّ في الهداية و ابن الهمام في شرحها
*محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني المتوفى سنة 1182 هجري
لقد شنع محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني على معاوية ابن أبي سفيان فقال في إرشاد ذوي الألباب إلى حقيقة أقوال ابن عبدالوهاب – تحقيق عبدالكريم جدبان – ما نصه:
وهل لابن هند غير كل قبيحة ومن ذا الذي فيه يشك ويمتري
أليس الذي أجرى الدماء مراقة بصفين من أصحاب خير مطهر
*محمد بن علي بن محمد الشّوكاني المتوفى سنة 1255 هجري
قال الشّوكاني في وبل الغمام :” وأما أهل صفين ، فبغيهم ظاهر ، ولو لم يكن في ذلك إلا قوله صلى الله عليه وآله وسلم لعمار: “تقتلك الفئة الباغية” ، لكان ذلك مفيداً للمطلوب” انتهى
*الشيخ عبد الباسط الفاخوري المتوفى سنة 1323 هجري
قال مفتي بيروت الشيخ عبد الباسط الفاخوري في كتابه تحفة الأنام صحيفة 65 – طبعة دار الجنان – : ” تكميل: “ إعلم أن ما تقدم وحصل بين أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه وبين معاوية بن أبي سفيان وأصحابهما من القيل والقال والمحاربة والجدال الناشئ عن العصبية البشرية والحمية الدينية لا يخرج عليا عن الكمال والاسلام ولا ينقص فضل صحبته بخير اﻷنام عليه أفضل الصلاة و السلام. على أن معشر أهل الحق من أهل السنة والجماعة يعتقدون أن معاوية كان مخطئا بغى على الامام الحق علي بن أبي طالب لسبق البيعة والخلافة له رضي الله عنه وهو مصيب بمحاربة معاوية وأصحابه بحكم قتال أهل البغي من المسلمين ولذا لم يعاملهم معاملة المرتدين ولا الكافرين، وأن عائشة وطلحة والزبير رضي الله عنهم قد رجعوا عن خطئهم بخروجهم متأسفين والندم توبة من الخطيئة، فاتبع الحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن السبيل والله أعلم”. انتهى
وقد وقع في بعض النسخ ما يلي: “ إعلم أن ما تقدم وحصل بين أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه وبين معاوية بن أبي سفيان وأصحابهما من القيل والقال والمحاربة والجدال الناشئ عن العصبية البشرية والحمية الغريزية لا يخرجهم عن الكمال والاسلام ولا ينقص فضل صحبتهم بخير اﻷنام عليه الصلاة”. انتهى
وهو تحريف ظاهر ولو صح لكان معنى قوله ” لا يخرجهم عن الكمال” أي كمال العدالة في الرواية لا مطلق الكمال بالنسبة لمعاوية بدليل قوله بعد ذلك: ” معاوية كان مخطئا بغى على الامام الحق علي بن أبي طالب”. فلا يوصف الانسان بمطلق الكمال مع بغيه و خطئه.
*الشيخ محمد الطاهر بن عاشور المتوفى سنة 1393 هجري
قال الشيخ محمد الطاهر بن عاشور التونسي في التحرير والتنوير عند تفسيره لقول الله تعالى: “وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما – سورة الحجرات- ما نصه: وقال ابن العربي: كان طلحة والزبير يريان البداءة بقتل قتلة عثمان أولى ، إلا أن العلماء حققوا بعد ذلك أن البغي في جانب أصحاب معاوية لأن البيعة بالخلافة لا تقبل التقييد بشرط” انتهى

