كتاب السنة للخلال
كتاب “السنة” لأبي بكر الخلال أثبته عنه غير واحد من العلماء كأبي يعلى الفراء المتوفى سنة 458هـجري في كتابه إبطال التأويلات”، و “العدَّة ، والرواية والوجهين، وابنه ابن أبي يعلى في طبقات الحنابلة”، و الدشتي في كتابه إثبات الحدّ، وابن الجوزي في تلبيس إبليس، و أبي القاسم إسماعيل الأصبهاني في الحجة؛ و ابن المحب في الصفات و ابن تيميَّة في جملة من كتبه كنقض التأسيس، و درء التعارض، و التسعينية، و شرح الأصبهانيَّة و ابن القيم في اجتماع الجيوش ، والصواعق المرسلة والذَّهبي في العلو، وتاريخ الإسلام و ابن رجب في كتابه أهوال القبور، وجامع العلوم والحكم و ابن حجر في فتح الباري، ورفع الإصر والسبكي في طبقات الشافعية
والسيوطي في “شرح الصدور و السفاريني في لوائح الأنوار و البحور الزاخرة .
نقل الذهبي في السير ما نصه: “وجمع أبو بكر الخلال سائر ما عند هؤلاء – أي أصحاب الإمام أحمد- من أقوال أحمد، وفتاويه، وكلامه في العلل، والرجال والسنة والفروع، حتى حصل عنده من ذلك مالا يوصف كثرة, ورحل إلى النواحي في تحصيله، وكتب عن نحو من مئة نفس من أصحاب الامام ثم كتب كثيرا من ذلك عن أصحاب أصحابه، وبعضه عن رجل، عن آخر، عن آخر، عن الامام أحمد، ثم أخذ في ترتيب ذلك، وتهذيبه، وتبويبه وعمل كتاب ” العلم ” وكتاب ” العلل ” وكتاب ” السنة ” كل واحد من الثلاثة في ثلاث مجلدات”. انتهى
1/ بيان وقوع التحريف في مخطوطة السنة للخلال
السند المذكور على المخطوطة هو كالآتي: “قال الناسخ شهدت على الأصل ما صورته: سمع جميع هذه المجلدة من أولها إلى آخرها, وهي سبعة أجزاء على الشيخ :أبي الحسين علي بن أبي سعد بن ابراهيم الخباز بروايته عن أبي علي بن المهدي و أبي طالب بن يوسف و أبي الغنائم بن المهتدي وأبي سعد بن الطيوري إجازة عن أبي اسحاق البرمكي إجازة عن أبي بكر عبد العزيز الخلال إجازة عن أبي بكر الخلال بقراءة الفقيه العالم أبي عبد الله الحسن بن محمد بن الحسين الروباني الطبري. الشيخ الفقيه المقري أبو محمد عبد الصمد بن بديل بن الخليل الجيلي و عبيد الله بن علي بن محمد بن محمد الفراء و ذلك في شوال سنة ست و خمسمائة” . انتهى
وهذا السند مطعون فيه من وجوه:
أ- بعض أهل العلم لا يعتدون إجازة غلام الخلال للبرمكي وهو دون السنتين
– هذا السند يرويه أبو اسحاق البرمكي المولود سنة 361 هجري إجازة عن أبي بكر عبد
العزيز المعروف بغلام خلال المتوفى سنة 363 هجري.
قال الذهبي في السير: ” أبو إسحاق, إبراهيم بن عمر بن أحمد بن إبراهيم ، البرمكي ، ثم البغدادي الحنبلي . قيل : أصله من قرية البرمكية ، وقيل : سكن آباؤه محلة تعرف بالبرمكية. مولده في سنة إحدى وستين وثلاثمائة ” انتهى
وهذا معناه أن أبا اسحاق كان عمره عامين فقط عندما أجازه غلام الخلال، وهو سن لا يمكنه فيه تحمل الحديث و الرواية. و عليه فإن إجازة البرمكي هي إذن بالرواية وليس له فيها سماع صحيح.
وقد اختلف المحدثون في صحة الإجازة للطفل الصغير:
– فريق منهم أبطلها كشعبة وإبراهيم الحربي ، وأبي نصر الوائلي السجزي ، وأبي الشيخ الأصبهاني ، و القاضي حسين ، و أبو الحسن الماوردي ، وأبي بكر الخجندي الشافعي ، و القاضي حسين بن محمد المروروذي وأبي طاهر الدباس الحنفي و ابن الصلاح و ابن حزم و الحافظ صالح بن محمد بن عمرو الأسدي و أبي زرعة الرازي و أبي حنيفة وأبي يوسف وهي إحدى الروايتين عن الشافعي رضي الله عنه.
قال الحافظ السخاوي في فتح المغيث بشرح الفية الحديث للعراقي: ” وقال بالمنع جماعات من أهل الحديث والفقهاء كأشهب والأصوليين”. انتهى
و فريق منهم أجازها للماهر بهذه الصناعة دون غيره. فقد قال السيوطي في تدريب الراوي ما نصه: “وقيل إن كان المجيز والمجاز عالمين بالكتاب جاز وإلا فلا ، واختاره أبو بكر الرازي من الحنفية”. انتهى
فعند كل هؤلاء لا يُعتد برواية أبي اسحاق البرمكي عن غلام الخلال و بالتالي لا يثبت عندهم كتاب السنة للخلال.
وفريق منهم أجازها دون قيود وهم الجمهور من المحدثين
ب- أبو اسحاق البرمكي ليس له نسخة يوثق بها من كتاب السنة
لقد ذكر الخطيب البغدادي في تاريخه 6/139 والذهبي في السير أن لأبي اسحاق إجازة عامة من أبي بكر عبد العزيز الخلال ولم يقل أن له مناولة منه ، فلا يصح القول بأن غلام الخلال قد دفع بكتاب السنة للبرمكي وهو صغير دون السنتين وأذن له بروايته عنه عندما يكبر.
والظاهر أن البرمكي لم تكن له نسخا منقولة من أصول غلام الخلال أو مقابلة عليها لأنه كان صغيرا مما جعل بعض المبتدعة يدفع له نسخا سقيمة محرفة و أوهمه بصحتها فرواها بعدما كبر بسلامة باطن.
لذلك منع بعض الأشياخ الإجازة، فقد قال الزركشي في النكت على ابن الصلاح: “وإنما المحكي عن شعبة وابن المبارك وأضرابهما قولهم لو جازت الإجازة لبطلت الرحلة فقيل في معناه إنها لا تقوم مقام السماع والمشافهة في النقل وأن ذلك أبعد من التصحيف والتحريف”. انتهى
والدليل على أن نسخة كتاب السنة التي بحوزة البرمكي تم تحريفها كثرة الاسرائليات والآثار الضعيفة والموضوعة في هذا الكتاب و لا نظن حافظين كبيرين كغلام الخلال و أبي بكر الخلال يجيزون رواية الموضوع في كتبهم.
ج- وجود أسماء بعض المجاهيل في سند كتاب السنة للخلال
كتاب السنة للخلال لا توجد منه إلا نسخة واحدة تمثل ثلث الكتاب بينما باقي أجزائه مفقودة. فقد ذكر الوهابي عبد اللَّـه بن صالح البراك في مقال له بعنوان ” نصوص مما فقد من كتاب “السّنّة”؛ لأبي بكر الخلال ت311 ” نشر في مجلة كلية دار العلوم جامعة القاهرة عدد 36, سنة 2005م ما نصه: “وإنَّ هذا الكتاب من كُتُب العقيدة المسندة، المؤلَّفة في القرن الرابع الهجري، وقد وصلنا ثُلث الكتاب، وهو ما يُعادل المجلد الأول من أصله الخطّي، وباقي الكتاب – حسب علمي – في عداد المفقود”. انتهى
و قال عطية الزهراني محقق كتاب السنة للخلال – طبعة دار الراية- صحيفة 59 : “ليس للمخطوطة إلا نسخة واحدة” انتهى
وقد كتب على سند هذه النسخة اليتيمة أسماء بعض المجاهيل.
* عبد الهادي بن عبد الملك بن القاسم، ناسخ كتاب السنة للخلال وهو رجل مجهول: وقد ذكر ذلك عطية الزهراني محقق الكتاب في حاشية الصحيفة 59 – طبعة دار الراية -: ” لم أجد ترجمته”. انتهى
* الشيخ أبي الحسين علي بن أبي سعد بن ابراهيم الخباز.
راجع ترجمته هنا:
https://www.facebook.com/share/p/1FmVHhaFsu/
* أبو عبد الله الحسن بن محمد بن الحسين الروباني الطبري: رجل مجهول وهو الذي كان يقرأ كتاب السنة على علي بن أبي سعد الخباز.
