نقض دعوى البعضية لله عز وجل المنسوبة لعبيد بن عمير
يحتج المجسمة بمرويات موضوعة يزعمون فيها ان التابعي الجليل أبو عاصم عبيد بن عمير الليثي المتوفى سنة 73 هـجري. نسب فيها البعضية لله.
1-الرواية الأولى: قال عبد الله بن الإمام أحمد في السنة: ” حدثني أبو معمر نا سفيان عن حميد يعني الأعرج عن مجاهد عن عبيد بن عمير “وإن له عندنا لزلفى” قال: « يقول أدنه أدنه إلى موضع الله أعلم به». انتهى
قال محقق كتاب السنة، محمد بن سعيد بن سالم القحطاني:”اسناده ضعيف بسبب حميد الأعرج”. انتهى
2- الرواية الثانية: قال عبد الله بن أحمد : “حدثني عبد الله بن عمر أبو عبد الرحمن نا وكيع عن سفيان عن منصور عن مجاهد عن عبيد بن عمير “وإن له عندنا لزلفى” قال :”ذكر الدنو منه حتى ذكر أنه يمس بعضه “. انتهى
هذا الأثر لا يصح لأن النسخة الرائجة لكتاب السنة في سندها مجاهيل فلا يمكن اعتمادها لتقرير العقائد السنية.
3- الرواية الثالثة: قال ابن تيمية في التسعينية: “وممن رواه الإمام أبو بكر أحمد بن عمرو بن أبي عاصم النبيل في كتاب السنة حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة عن وكيع عن سفيان عن منصور عن مجاهد عن عبيد بن عمير ” وإن له عندنا لزلفى” قال ذكر الدنو منه حتى أنه يمس بعضه”. انتهى
قال محقق التسعينية، محمد بن ابراهيم العجلان ما نصه: “السنة 305/1، حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا ابن فضيل عن الليث عن مجاهد عن عبيد بن عمير… ولم يذكر في السنة وكيعا ولا سفيان ولا منصورا”. انتهى
وهذا السند فيه:
– ابن فضيل: مختلف في توثيقه.
– ليث بن أبي سليم: وهو ضعيف باتفاق ، قال النووي في “تهذيب الأسماء واللغات” بعد أن ذكر ليث بن أبي سليم قال :” واتفق العلماء على ضعفه ، واضطراب حديثه ، واختلال ضبطه “. انتهى
فلو قيل ان ناسخ مخطوط السنة لأبي عاصم النبيل حرف السند، وأن أبا بكر أحمد بن عمرو بن أبي عاصم النبيل، رواه بلا ريب بالسند التالي في كتابه السنة، فقال: ثنا أبو بكر بن أبي شيبة عن وكيع عن سفيان عن منصور، عن مجاهد عن عبيد بن عمير “وَإِنَ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى” قال: ذلك الدنو منه حتَّى إنه يمس بعضه”. انتهى
فيقال: هذا الأثر لا يحتج به أيضا في العقائد لأمور:
-الأول: قال عبد الرحمن بن عبد الكريم اليحي محقق كتاب تلبيس الجهمية في هامش الصحيفة 56 ما نصه: “ويحتمل أن يكون عبيد بن عمير أخذه عن بني اسرائيل”. انتهى
الثاني: من المحتمل ان الامام الثقة وكيع بن الجراح رواه بالمعنى أو وقع له فيه تصحيف، فقد جاء في النكت على ابن الصلاح جزء 2 صحيفة 829 أن أبا عبد الله أحمد بن حنبل قال:”كان وكيع يقول في الحديث:” يعني كذا وكذا” و ربما حذف يعني و ذكر التفسير في الحديث”. انتهى
و جاء في سير الأعلام للذهبي ما نصه: “عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ عَنْ أَبِيْهِ: ابْنُ مَهْدِيٍّ أَكْثَرُ تَصْحِيْفاً مِنْ وَكِيْعٍ، لَكِنَّهُ أَقَلُّ خَطَأً”. انتهى
و التصحيف هو نوع من الخطأ و ليس معناه وضعا، و حاشى الإمام وكيع ذلك أو نسبة البعضية لله.
ثالثا: الأثر ليس صريحا في نسبة اللمس لله، ومن المحتمل ان يكون اللمس متعلقا بساق العرش
4- الرواية الرابعة: قال الخلال في السنة: “حدثنا أبو بكر حدثنا أبو بكر بن خلاد الباهلي حدثنا وكيع حدثنا سفيان عن منصور عن مجاهد عن عبيد بن عمير: “وإن له عندنا لزلفى” قال: ذكر الدنو حتى يمس بعضه”. انتهى
وهذا الكتاب مطعون السند كما في الرابط التالي:
https://m.facebook.com/…/a.3806839…/1121084847970260/…
5- الرواية الخامسة: قال ابن عساكر في تاريخ دمشق « أخبرنا أبو طاهر محمد بن أبي بكر بن عبد الله السنجي وأبو محمد بختيار بن عبد الله الهندي قالا أنا أبو علي الحسن بن محمد بن عبد العزيز بن إسماعيل التككي أنا أبو علي بن شاذان أنا عثمان بن أحمد نا أحمد بن عبد الجبار نا وكيع بن الجراح عن سفيان عن منصور عن مجاهد عن عبيد بن عمير ” وإن له عندنا لزلفى ” قال ذكر الدنو منه يوم القيامة حتى ذكر أنه يمس بعضه»
و هذا إسناد فيه:
-أحمد بن عبد الجبار العطاردي الدارمي، هو أبو عمر الكوفي المتوفى سنة 272 هجري
قال ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل: “كتبت عنه وامسكت عن التحديث عنه لما تكلم الناس فيه”. انتهى
وقَالَ ابْن عدي: رَأَيْت أهل الْعرَاق مُجْتَمعين على ضعفه لِأَن حدث عَن من لم يلقه.
وَقَالَ أَبُو حَاتِم الرَّازِيّ لَيْسَ بِالْقَوِيّ قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ لَا بَأْس بِهِ.
6- الرواية السادسة:
روى ابن أبي شيبة في المصنف : حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ “وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى” قَالَ : “ذكر الدنو منه” . انتهى
وهذا إسناد مسلسل بالإئمة الثقات، لكن كلمة ” منه” في المتن مبهمة، لا يعلم عمن تروى تحديدا، ففي رواية أحمد ذكر ان الله أمر ان يدنو إلى موضع معين، و في رواية ضعيفة ذكرها ابن عساكر في تاريخ دمشق، قال بعد ان نقل حديث عبيد بن عمير، “وقد روي أنه يدنيه حتى يلصق بقائمة من قوائم عرشه، فحينئذ يأمن من أليم بطشه”. انتهى
وفي رواية أخرى ضعيفة ذكرها ابن أبي حاتم في تفسيره، قال: “يُقامُ داود عند ساق العرش”. انتهى
فالدنو والالتصاق، على تقدير صحة الرواية متعلق بالعرش، حتى يكون ذلك النبي تحت ظل العرش، لا أن يدنو من الله عز وجل دنوا حسيا، و ما تطرق إليه الاحتمال بطل به الاستدلال.
7- الرواية السابعة:
جاء في تفسير أبي محمد إسحاق بن إبراهيم البستي ما نصه: «حدثنا ابن زنجويه، قال: حدثنا إسحاق بن إسماعيل، قال: حدثنا وكيع هو ابن الجراح، قال: حدثنا سفيان، عن منصور، عن مجاهد، عن عبيد بن عمير: “وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ” قال: ذكر الدنو منه حتى ذكر أنه يمس بعضه”. انتهى
وهذا الأثر لا يصح لسببين:
أ- هذا التفسير مجهول الراوي، ومنقطع السند
ب- الأثر يرويه إسحاق بن إسماعيل، أبو يعقوب، المعروف بالطالقاني: سمع جرير بن عبد الحميد، ومحمد بن فضيل، ووكيعا، وسفيان بن عيينة.
واسحاق بن اسماعيل مختلف في توثيقه.
قَالَ عبد اللَّه:” سمعت أبي- وسئل عن إسحاق بن إسماعيل صاحب جرير- فقال: كان غلاما، وذهب إلى أنه لم يضبط” . انتهى
وقال الحسن بن علي الجوهري: أخبرنا محمّد بن العبّاس الخزاز، حدّثنا محمّد ابن القاسم الكوكبي، حدثنا إبراهيم بن عبد الله بن الجنيد. قال: سئل يحيى بن معين- وأنا أسمع- عن إسحاق بن إسماعيل فقال: كان عندي لا بأس به صدوق، ولكنه بلي من الناس، ولقد كلمني أن أكلم أمه تأذن له في الخروج إلى جرير فكلمتها فأجابتني، فخرج مع اثني عشر رجلا مشاة، ولم يكن له تلك الأيام شيء. قلت: فما بلي به من الناس؟ قال: يكذبونه، وهو صدوق. قلت: كان يتهم تلك الأيام بالكذب أو الآن بعد ما حدّث؟ قال: لا، الآن بعد ما حدث.
ثم قال يحيى: ما كأن به بأس” . انتهى
والراوي المختلف في توثيقه لا يحتج به في العقائد.
8- الرواية الثامنة:
جاء في تفسير سفيان الثوري، وهو قولهم: “سفيان عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ فِي قَوْلِهِ وَإِنَّ لَهُ عندنا لزلفى وحسن مئاب قال يدنوا مِنَ الرَّبِّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى حَتَّى يضع يده قريبا”. انتهى
وهذا أثر لا يصح لان هذا التفسير في سنده انقطاع و يرويه مجهول عن تلميذ الثوري.
