أبو عمر الطلمنكي المالكي المتوفى سنة 429 هــجري
أبو عمر الطلمنكي المالكي هو من أصحاب ابن أبي زيد القيرواني وأبي بكر الباقلاني.
جاء في كتاب طبقات علماء أفريقية لمحمد بن الحارث الخُشَني المتوفى سنة 361 هـجري، أن سليمان بن حفص الفراء المعتزليُّ المتوفى سنة 269 هـجري سأل الإمام سعيدَ بن الحداد القيرواني المتوفى سنة 302 هـجري، يوماً: يا أبا عثمان! أين كان ربُّنا إذ لا مكان؟
فقال له الإمام ابن الحداد: السؤال محالٌ؛ لأن قولك: «أين كان؟» يقتضي المكانَ، وقولك: «إذ لا مكان» ينفي المكان، فهذا «نعم» «لا». انتهى
فكتب أبو عمر الطَّلَمَنْكيّ بخط يده على حاشية كتاب طبقات علماء أفريقية – وقد كان الكتاب من تملكاته- تعليقا على كلام ابن الحداد؛ «إنَّه الآن على ما عليه كان ولا مكان»
وكتاب طبقات علماء أفريقية، مطبوع طبعتين، أحسنهما طبعة المستشرق خوليان ريبيرا الصّادرة في مدريد سنة 1914م، فقد أثبت المحقق تعليق الطلمنكي في الهوامش كما هي في الأصل المخطوط، بينما أسقطها محقق طبعة الخانجي، ولكننا نجدُ في طبعة الخانجي نصا من الطلمنكي في بداية الكتاب صفحة 177 مكتوبا: “ملَكَه وكسِبَه أحمد بن محمد بن عبد الله المقرئ الطلمنكي أبو عمر”.
وهذا يدل أن الطلَمنكيّ كان يعتقد تنزيه الخالق عن الجهة والمكان، كالشّيخ أبي عثمان سعيد بن محمّد بن صبيح الحدّاد المتكلّم. وقد كان الإمام ابن أبي زيد القيرواني المتوفى سنة 386 هـجري يمدحُ أبا عثمان الحدّاد ويحتجّ بمعتقده في الرّد على المعتزلة، حيث قال: «وكلام سعيد بن محمد بن الحداد، وكان من المتكلمين من أهل السنة وممن يردُّ على الجهمية» نقله عنه ابن عساكر في التبيين.
وأما كتاب “الْوُصُول إِلَى معرفَة الْأُصُول” الذي ينقل منه ابن تيمية الحراني وتلميذه الذهبي بعض المقالات المنسوبة للطلمنكي، فهو كتاب مفقود، و الأقرب أن النسخة الرائجة في عصرهما، لهذا الكتاب، مظلمة السند ومحرفة.
فاعجب بعد ذلك مما نسبه هؤلاء الحشوية للطلمنكي في كتاب “الوصول إلى معرفة الأصول” أنه قال بزعمهم: “أجمع المسلمون من أهل السنة على أن معنى قوله: ( وهو معكم أين ما كنتم ) ، ونحو ذلك من القرآن أنه علمه، وأن الله تعالى فوق السماوات بذاته، مستو على عرشه كيف شاء”. انتهى


