كتاب اللمع في الرد على أهل الزيغ والبدع لأبي الحسن الأشعري

كتاب اللمع في الرد على أهل الزيغ والبدع لأبي الحسن الأشعري

1- ذكر بعض من قال أن كتاب اللمع من ٱخر مصنفات أبي الحسن الأشعري

ذهب بعض الباحثين إلى أن كتاب اللمع هو آخر ما صنفه الإمام أبو الحسن الأشعري، منهم:

– حمودة غرابة الذي حقق كتاب اللمع بعد المستشرق ماكارثي.

– الدكتور جلال محمد مومس في كتابه عن نشأة الأشعرية وتطورها.

– الدكتورة فوقية حسين.

2-اعتناء الأشاعرة بكتاب اللمع

لقد أعتنى الأشاعرة بكتاب اللمع شرحا وتدريسا منهم:

أ- القاضي أبو بكر الباقلاني المتوفى سنة 403 هـجري: له كتاب في نقض كتاب القاضي عبد الجبار بن أحمد المعتزلي المتوفى سنة 415 هـجري الذي نقض فيه اللمع. وكتاب الباقلاني اسمه نقض نقض اللمع.

وهذا يدل على وقوف الباقلاني على ٱراء الأشعري في كتابه اللمع وتأييده لمنهجه وٱراءه.

بل ان الباقلاني اعتنى بشرح اللمع، فقد قال القاضي عياض في ترتيب المدارك عند ترجمة الباقلاني: “وأخذ عنه إذ ذاك، أبو عبد الرحمن السلمي الصوفي، وجماعة من أهل السنّة، بشيراز. وقرأوا عليه شرح اللمع”. انتهى

وقد ألَّف إمام الحرمين الجويني المتوفى سنة 478 هـجري، كتابه “الشامل في أصول الدين”، شرح فيه شرح الباقلاني لللمع.

وشرح اللمع للباقلاني اطلع عليه أيضا أبو القاسم عبد الجليل بن أبي بكر الرَّبَـعـي القروي الديباجي – كان حياً سنة 478 هـجري – وقد ذكره في كتابه التسديد في شرح التمهيد.

وهذا الكتاب هو شرح لكتاب “تمهيد الأوائل وتلخيص الدلائل” لـ أبي بكر الباقلاني.

وفي هذا الكتاب ما يدل على أن أبا بكر الربعي قد اطلع على تصانيف الباقلاني؛ كـشرح اللمع في الرد على أهل الزيغ والبدع، وهداية المسترشدين، و نقض النقض على الهمداني.

ب – ابن فورك المتوفى سنة 406 هـجري: له شرح على اللمع وهو مفقود.

ج- ابن خفيف الشيرازي: علق على كتاب اللمع في مواضع:

هذا وقد اعترف ابن تيمية المتوفى سنة 728هـجري باعتناء أصحاب الأشعري بكتاب اللمع فقال في كتابه النبوات ما نصه: “وكتابه المشهور، المسمى باللمع في الرد على أهل البدع، وقد اعتنى به أصحابه، حتى شرحوه شروحًا كثيرةً”. انتهى

بل ان ابن تيمية نقل من الكتاب نصوصاً في معرض تقريره لبعض المسائل العقدية والتعليق عليها، كما في درء التعارض.

3- بيان اعتناء الأشاعرة بطريقة الشيخ أبي الحسن الأشعري وبقواعده واستدلالاته في تقرير العقائد.

إن العمدة عند أهل السنة الأشعرية في تقرير العقائد الاسلامية على طريقة الشيخ أبي الحسن الأشعري هي القواعد والاستدلالات النقلية والعقلية التي تلقاها تلاميذه عنه بالسند المتصل.

ومن تلك الأسانيد ما ورد ذكره في ثبت الأمير الكبير محمد بن عبدالقادر السنباوي الأزهري، حيث قال ما نصه: “وأما الكلام فأروي طريقة الأشعري ومصنفاته بسند شيخ الإسلام زكريا وغيره إلى الفخر الرازي عن والده ضياء الدين عن أبي القاسم سليمان بن ناصر الأنصاري عن إمام الحرمين عن أبي القاسم الإسفرايني عن الأستاذ أبي إسحاق الإسفرايني وإسفراين بياء واحدة من غير همز من خراسان عن أبي الحسن الباهلي البصري عن أبي الحسن علي بن إسماعيل الأشعري”. انتهى

وهو مذكور أيضا في سد الأرب من علوم الاسناد والأدب

وقد أورد الشيخ محمد بن سليمان الروداني المتوفى سنة 1094 هـجري سنده أيضا في أخذ العقيدة الأشعرية إلى الإمام أبي الحسن الأشعري فقال:” سلسلة أصول الدين: أخذته عن شيخنا أبي عبد الله بن سعيد المراكشي، بسنده إلى الجلال السيوطي، عن التقي الشمني، وشمس الدين إمام الشيخونية، وهو عن الكمال بن الهمام، عن العز ابن جماعة، عن ضياء الدين القرمي. وأخذ التقي الشمني عن الفاسي شمس الدين البسطامي، وعلاء الدين البخاري. وهو عن المحقق سعد الدين التفتازاني، والبسطامي، عن الضياء القرمي، وهو والتفتازاني عن القاضي عضد الدين الإيجي، عن زين الدين الهنكي، عن القاضي ناصر الدين البيضاوي. وهو أخذ عن كثير من أصحاب التاج محمد بن الحسين الأرموي، صاحب الحاصل، ومن أصحاب الصفي الأرموي صاحب التحصيل، عنهما، وهما عن الإمام فخر الدين الرازي، عن والده ضياء الدين، عن أبي القاسم سليمان بن ناصر الأنصاري، عن إمام الحرمين، عن أبي القاسم الإسكاف، عن الأستاذ أبي إسحاق الإسفراييني، عن أبي الحسين الباهلي، عن شيخ السنة أبي الحسن علي بن إسماعيل الأشعري”. انتهى

فالعمدة عند الأشعرية في تلقي أصول الدين وعلوم التوحيد على طريقة أبي الحسن الأشعري هو الاسناد وتقرير قواعد العقائد لا مجرد الاعتماد على المخطوطات.

ومن القواعد المحكمة المسطورة في كتاب اللمع، نذكر ما يلي

• فإن قال قائل: لم زعمتم أن الباري سبحانه لا يشبه المخلوقات؟ قيل [له] : لأنه لو أشبهها لكان حكمه في الحدث حكمها، ولو أشبهها لم يخل من أن يشبهها من كل الجهات أو من بعضها. فإن أشبهها من جميع الجهات كان محدثا مثلها من جميع الجهات، وإن أشبهها من بعضها كان محدثا من حيث أشبهها، ويستحيل أن يكون المحدث لم يزل قديما. وقد قال الله تعالى: “لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ” -الشورى: 11- . وقال تعالى: “لَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ” -الإخلاص: 4- .

4- ذكر تحقيقات كتاب اللمع، ومخطوطاته.

كتاب اللمع تم تحقيقه عدة تحقيقات:

– الأول : للنصراني ريتشارد مكارثي اليسوعي طبع في المطبعة الكاثوليكية، ونشر سنة 1953. ‏وقد اعتمد على المخطوطة الموجودة في الجامعة الأمريكية ببيروت.

– الثاني : لحموده غرابة وطبع تحقيقه عدة مرات منها مرة في مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر ومرة في المكتبة الأزهرية. واعتمد المحقق على مخطوطتين:

• الأولى: الموجودة في الجامعة الأمريكية ببيروت، و قال أن ناسخها غير معروف ولا يوجد تاريخ للنسخ. وقدر المحقق بأن زمن النسخ يعود لما بعد وفاة الغزالي لقول الناسخ بأنه نسخ إحدى مصنفات الغزالي.

وهذا يدلنا على أن أقدم مخطوطة لكتاب اللمع كتبت بعد وفاة الغزالي سنة 505 هـجري، أي بعد وفاة الأشعري بحوالي 200 سنة.

كما ذكر المحقق أن كتابة الناسخ سيئة، وأنه أهمل التنقيط فى كلمات كثيرة. كما ذكر أيضا أن الناسخ أسقط في بعض الأحيان كلمات وجملا ، وزاد في بعض الأحيان كلمات وجملا أخرى، كما عكس الترتيب في بعض العبارات ووضع عكس المطلوب فى البعض الآخر ، وقال أن الناسخ لا يعرف القرآن جيداً ، وليست له ثقافة عربية واسعة .

•النسخة الثانية: موجودة في المتحف البريطاني، و قال المحقق بأن ناسخها نصراني . وهذه النسخة منقولة عن نسخة بيروت

– الثالث: لعبد العزيز عز الدين السيروان.

-الرابع: للشيخ حسن الشافعي.

5- التنبيه على ثلاث مصنفات للأشعري تحمل اسم اللمع

ذكر ابن عساكر أن الإمام أبي الحسن الأشعري قد كتب ثلاثة كتب بعنوان « اللمع »:

– كتاب اللمع الصغير

– كتاب اللمع الكبير.

– كتاب اللمع في الرد على أهل الزيغ والبدع.

ورغم تشابه عناوين الكتب الثلاثة فإن الأشعري نفسه قد ذكر أن هناك علاقة بين اللمع الصغير واللمع الكبير، فاللمع الكبير هو مدخل لكتابه «إيضاح البرهان»، وأما «اللمع الصغير» فهو مدخل إلى اللمع الكبير، أي أن اللمع الصغير هو كالمقدمة لللمع الكبير.

ثم ان بعض المخطوطات ورد فيها ما يلي: “اذا قال نعلم على الضرورة أن البنية الباصرة اذا نامت زال عنها ادراكها و لا نشك في ذلك، فعلمنا أن النوم يضاد الادراك هكذا في كتاب اللمع الكبير”. انتهى

فعلم أن كتاب “اللمع الكبير” للشيخ أبي الحسن الأشعري مغاير لكتاب اللمع في الرد على أهل الزيغ والبدع لتباين متن الكتابين.