في بيان الدس الواقع في كتاب ميزان الاعتدال للذهبي

في بيان الدس الواقع في كتاب ميزان الاعتدال للذهبي

قال الشيخ عبد الفتاح أبو غدة في تحقيقه لكتاب الرفع والتكميل في الجرح والتعديل ما نصه: “وقد أوسع المؤلف الشيخ عبد الحي اللكنوي القول جداً في التدليل على دسّ ترجمة أبي حنيفة في بعض نسخ ” ميزان الاعتدال ” في كتابه ” غيث الغمام على حوائي إمام الكلام ص: 146 “، وذكر وجوهاً كثيرة في تعزيز نفيها عن الميزان، أَقتصر على نقل الوجه الأول منها، وأحيل القارئ إلى عداه لطوله، قال رحمه الله : إن هذه العبارة ليس لها أثر في بعض النسخ المعتبرة على ما رأيتها بعيني، ويؤيده قول العراقي في شرح الألفية ج:3 ص: 260 : لكنه – أي ابن عدي – ذكر في كتابه الكامل كل من يتكلم فيه، وإن كان ثقة، وتبعه على ذلك الذهبي في الميزان إلا أنه لم يذكر أحداً من الصحابة والأئمة المتبوعين. اهـ .

وقول السخاوي في شرح الألفية ص: 477 : مع أنه – أي الذهبي – تبع ابن عدي في إيراد كل من تكلم فيه ولو كان ثقة، لكنه التزم أن لا يذكر أحداً من الصحابة ولا الأئمة المتبوعين وقول السيوطي في تدريب الراوي شرح تقريب النواوي ص: 519: إلا أنه – أي الذهبي – لم يذكر أحداً من الصحابة ولا الأئمة المتبوعين. اهـ .

فهذه العبارات من هؤلاء الثقات الذي قد مرّت أنظارهم على نسخ الميزان الصحيحة مرات : تنادي بأعلى النداء على أنه ليس في حرف النون من الميزان أثر لترجمة أبي حنيفة النعمان, فلعلها زيادات بعض الناسخين والناقلين في بعض نسخ الميزان. اهـ .

و قال الشيخ عبد الفتاح أبو غدة : ” بل قد صرَح الذهبي في مقدمة الميزان ج: 1 ص: 3، فقال : وكذا لا اذكر في كتابي من الأئمة المتبوعين في الفروع أحداً، لجلالتهم في الإسلام، وعظمتهم في النفوس, مثل أبي حنيفة والشافعي والبخاري, فإن ذكرت أحداً منهم فأذكره على الإنصاف، وما يضره ذلك عند الله ولا عند الناس .. انتهى.

وقال أيضا: ” وجاءت في المطبوعة من الميزان ترجمة أبي حنيفة 3 / 237 في سطرين، ليس فيها دفاع عن أبي حنيفة إطلاقاً، وإنما تحطّ على جرحه وتضعيفه، وكلام الذهبي في المقدمة ينفي وجودها على تلك الصفة، لأنها تحمل القدح لا الإنصاف، وقد رجعت إلي المجلد الثالث من ميزان الاعتدال المحفوظ في ظاهرية دمشق تحت رقم 368 حديث وهو جزء نفيس جداً، كله بخط العلامة الحافظ شرف الدين الواني الدمشقي – ت 749 – تلميذ مؤلفه الذهبي رحمهما الله تعالى، وقد قرأت عليه ثلاث مرات مع المقابلة بأصل الذهبي، كما صرح بذلك في ظهر الورقة 109 , وظهر الورقة 159 وفي غير موطن منه تصريحات كثيرة له بالقراءة والمقابلة أيضاً فلم أجد ترجمة للإمام أبي حنيفة النعمان في حرف النون ولا في الكنى, وكذلك لم أجد له ترجمة في النسخة المحفوظة في المكتبة الأحمدية بحلب تحت رقم 337 , وهي نسخة جيدة كتبت سنة 1160 بخط علي بن محمد الشهير بابن مشمشان في مجلد واحد كبير .

وقد سنحت لي في أوائل رمضان المبارك من 1382 هـ زيارة المغرب الأقصى، فرزت مدينة الرباط, ورأيت في الخزانة العامة فيها نسخة من ميزان الاعتدال، في مجلد واحد، رقمها 139 ق، ناقصة، يبتدئ القسم الموجود منها من أوائل ترجمة عثمان بن مقسم البُريّ وهو يوافق أواخر الصفحة 190 من الجزء الثاني المطبوع بمصر سنة 1325 وينتهي بآخر الكتاب. وفي حواشي هذه النسخة كتبت إلحاقات كثيرة جداً في كل صفحة، حتى في بعض الصفحات أخذت الإلحاقات الحواشي الثلاث، وتارة الحواشي الأربعة للصفحة، وهي بخط واحد، دون الحواشي الملحقة على جوانب الصفحات والأوراق المدرجة فيها، وقد كتبت على الورقة الأخيرة من أصل النسخة قراءات كثيرة وتواريخ لها ولنسخها، فكان من ذلك أن النسخة قرأت على مؤلفها أكثر من ست مرات، وهذا نص ما كتب في حواشي الورقة الأخيرة . بحسب تسلسل تواريخ لا بحسب ترتيب كتابته .

– أنهاه كتابة ومعارضة داعياً لمؤلفه عبد الله المقريزي في سنة تسع وعشرين وسبعمائة .

– أنهاه كتابة ومعارضة أبو بكر بن السَّراج داعياً لمؤلفه في سنة ثلاث وثلاثين وسبعمائة .

– فرغه نسخاً مرة ثانية داعياً لمؤلفه أبو بكر بن السَّراج عفا الله عنه في سنة تسع وثلاثين وسبعمائة .

– قرأت جميع هذا الميزان وهو سِفران على جامعه شيخ الإسلام الذهبي أبقاه الله تعالى في مجالس آخرها يوم السبت ثاني عشر شهر رمضان سنة ثلاث وأربعين وسبعمائة بالمدرسة الصَدرية بدمشق .

وكتب سعيد بن عبد الله الذَُهلي عفا الله عنه .

– قرأت جميع هذا الكتاب على جامعه شيخنا شيخ الإسلام الذهبي, في مجالس آخرها يوم الجمعة ثاني عشر رجب الفرد سنة خمس وأربعين وسبعمائة, بمنزله في الصدرية – رحم الله وقفها – بدمشق المحروسة . وكتب علي بن عبد المؤمن بن علي الشافعي البعلبكي حامداً الله ومصلياً على النبي وآله ومسلماً .

– فرغه نسخاً لنفسه داعياً لمؤلفه أحمد بن عمر بن علي القوصي (؟؟) في العشر الأواخر من ربيع الآخر سنة ستٍ وأربعين وسبعمائة .

– فرغه أبو القاسم بن الفارقي عفا الله عنه داعياً لمؤلفه .

– قرأت جميع كتاب ميزان الاعتدال في نقد الرجال وما على الهوامش من التخاريج والحواشي والملحقات, بحسب التحرير والطاقة والتؤدة على مصنفه شيخنا الإمام العلامة .. الذهبي رحمه الله، في مواعيد طويلة كثيرة، وافق آخرها يوم الأربعاء العشرين من شهر رمضان المعظّم في سنة سبع وأربعين وسبعمائة، في الصدرية بدمشق, وأجاز جميع ما يرويه، وكتب محمد ابن علي الحنفي ؟؟ بن عبد الله .. انتهى

وقال: ” قد رجعت أيضاً لهذه النسخة العظيمة النادرة المثال في عالم المخطوطات، فلم أجد فيها ترجمة للإمام أبي حنيفة النعمان, وهذا مما يقطع معه المرء بأن الترجمة المذكورة في بعض النسخ الميزان ليست من قلم الذهبي، وإنما هي دخيلة على الكتاب، بيد بعض الحانقين على الإمام أبي حنيفة، وذلك أنها جاءت في سطرين لا تليق بمقام الإمام الأعظم، ولا تحاكي تراجم الأئمة الذين ذكرها الذهبي لدفع الطعن عنهم، وهم دون أبي حنيفة إمامة ومنزلة، فقد أطال النفس في تراجمهم طويلاً، وجلَّى مكانتهم وإمامتهم أفضل تجلية .

وكتاب الميزان هذا مرتع واسع لإلحاق تراجم فيه للنيل من أصحابها، وقد امتد إليه قلم غير الذهبي في مواطن, فجيب طبعه عن أصل مقروء على المؤلف كالجزء المحفوظ بظاهرية دمشق وهو يبتدئ بحرف الميم وينتهي بآخر الكتاب, وكالقسم الموجود في خزانة الرابط .

وإنما أطلت في هذه التعليقة كثيراً، تنزيهاً لمقام الإمام أبي حنيفة، وتبرئة لساحة الحافظ الذهبي رحمه الله, وتعريفاً بالمخطوطات الموثوقة من ميزان الاعتدال ليصار إلي طبعه عنها ممن يوافقه الله تعالى. انتهى من الرفع والتكميل

ونقله أيضا وهبي سليمان غاوجي في كتاب ” أبو حنيفة النعمان إمام الأئمة الفقهاء”

رابط ذو علاقة:

رد الطعون في أبي حنيفة

https://www.facebook.com/share/p/1Ay2w6aicE/