المجسمة و اثبات صفة الخط لله

المجسمة و اثبات صفة الخط لله

في كتابه الأربعين في دلائل التوحيد، عقد أبو اسماعيل الهروي بعض الأبواب في ذكر الصفات التي تدل على التوحيد بزعمه، فعقد بابا سماه” في بيان أن الله عز وجل شخص”، وبابا سماه: “باب في اثبات الحد لله”، وباب اثبات الجهات لله، و أيضا باب اثبات الخط لله عز وجل.

بل زعم الشيخ فوزي بن عبد الله بن محمد الحميدي أن الخط صفة فعلية لله تعالى، و قال ان كتابة الله عز وجل تليق بجلاله، وأن الله يخط والعياذ بالله.

فهل يوجد منزه موحد يقول ان الصفة الخبرية تفعل صفة فعلية؟ نسأل الله السلامة والعافية.

وأما أهل السنة فقد فسروا الكتابة المضافة لله بما يليق بالله:

-قال القرطبي في تفسيره لقوله تعالى: “سنكتب ما قالوا”: سنجازيهم عليه . وقيل : سنكتبه في صحائف أعمالهم ، أي نأمر الحفظة بإثبات قولهم حتى يقرءوه يوم القيامة في كتبهم التي يؤتونها ; حتى يكون أوكد للحجة عليهم . وهذا كقوله : وإنا له كاتبون . وقيل : مقصود الكتابة الحفظ ، أي سنحفظ ما قالوا لنجازيهم”. انتهى

– قال أبو حيان في تفسير قوله تعالى:” وكتبنا له في الألواح من كل شىء” ما نصه: ” وظاهِرُ قَوْلِهِ: (وكَتَبْنا) نِسْبَةُ الكِتابَةِ إلَيْهِ. فَقِيلَ: كَتَبَ بِيَدِهِ، وأهْلُ السَّماءِ يَسْمَعُونَ صَرِيرَ القَلَمِ في اللَّوْحِ، وقِيلَ: أظْهَرَها وخَلَقَها في الألْواحِ، وقِيلَ: أمَرَ القَلَمَ أنْ يَخُطَّ لِمُوسى في الألْواحِ، وقِيلَ: كَتَبَها جِبْرِيلُ – عَلَيْهِ السَّلامُ – بِالقَلَمِ الَّذِي كُتِبَ بِهِ الذِّكْرُ، واسْتَمَدَّ مِن نَهْرِ النُّورِ فَفي هَذَيْنِ القَوْلَيْنِ أسْنَدَ ذَلِكَ إلى نَفْسِهِ إسْنادَ تَشْرِيفٍ إذْ ذاكَ صادِرٌ عَنْ أمْرِهِ، وقِيلَ: مَعْنى (كَتَبْنا) فَرَضْنا كَقَوْلِهِ تَعالى: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ﴾ -البقرة: 183-“. انتهى

– قال الطبري في تفسير قول الله تعالى:”وَلَقَدۡ كَتَبۡنَا فِی ٱلزَّبُورِ مِنۢ بَعۡدِ ٱلذِّكۡرِ أَنَّ ٱلۡأَرۡضَ یَرِثُهَا عِبَادِیَ ٱلصَّـٰلِحُونَ” -الأنبياء 105- ما نصه: “فتأويل الكلام إذن، إذ كان ذلك كما وصفنا: ولقد قضينا، فأثبتنا قضاءنا في الكتب من بعد أمّ الكتاب، أن الأرض يرثها عبادي الصالحون”. انتهى

– قال العيني في تفسير حديث: “لما قضى الله الخلق كتب في كتابه فهو عنده فوق العرش إن رحمتي غلبت غضبي”: “أي أمر القلم”. انتهى

– قال ‎ابن جماعة في الدر النظيم في تفسير حديث “فقالَ لَه آدمُ يا موسَى اصطفاكَ اللَّهُ بِكلامِه وخطَّ لَك التَّوراةَ بيدِه” ما نصه: ” في اليد هنا مذهبان أحدهما: الإيمان بها، ولا يتعرض لتأويلها مع أن ظاهرها غير مراد، والثاني تأويلها على القدرة”. انتهى

– روى الترمذي في سننه عن ابن عجلان عن أبيه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” إن الله عز وجل لما خلق الخلق كتب بيده على نفسه إن رحمتي تغلب غضبي”. قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح “. انتهى

وجاء في عارضة الأحوذي قول الترمذي: “هذا حديث حسن صحيح غريب”. انتهى

ومثل هذا لا يحتج به في باب العقائد لاثبات الصفة لله، اذ لا يحتج الا بالأحاديث الصحيحة الثابتة القطعية دون غيرها، وقد ورد الحديث بألفاظ أخرى، وبطرق أقوى منه، وليس فيها عبارة ” بيده”.