- بيان أن معنى قول العلماء عن الله أنه لا يزول، أي لا يتصف بالحركة و لا التغير
- ثبوت تأويل الإمام مالك لحديث النزول – الجزء الأول-
- مطرف بن عبد الله الهلالي
بيان أن معنى قول العلماء عن الله أنه لا يزول، أي لا يتصف بالحركة و لا التغير


جاء في كتاب ” الرد على بشر المريسي” المنسوب للدارمي، قوله: ” معنى ” لا يزول ” لا يفنى و لا يبيد ، لا أنه لا يتحرك و لا يزول من مكان إلى مكان”. انتهى
وقوله الدارمي عن الله؛ “لا يزول، معناه الذي لا يفنى و لا يبيد ، لا أنه لا يتحرك و لا يزول من مكان إلى مكان”، غير مسلم به، فعبارة لا يزول وإن كانت تأتي بمعنى الذي لا يطرأ عليه الفناء، فمعناها أيضا الذي لا يتغير ولا يوصف بالحركة.
1- بيان أن عدم الزوال تفيد عدم التغير
الدليل أن معنى لا يزول، أي لا يتغير، ما قاله الإمام أبو الماتريدي في التوحيد ما نصه: ” وَقد بَينا أَن الله تَعَالَى إِذْ وصف بالْكلَام على تعاليه عَن إحتمال التَّغَيُّر والزوال فَمثله فِي صفة الْكَلَام وَالْفِعْل وَمَا ذكرت على أَن الله قد أضَاف المجئ إِلَى نَفسه ثمَّ لم يجب أَنه حدث بل صرف إِلَى الْوَجْه الَّذِي يحِق بالربوبية فَمثله الأول وَكَذَلِكَ وَجب صرف الْإِتْيَان إِلَى الْوَجْه الَّذِي يحِق بالربوبية لَا إِلَى مَا عرف بِهِ الْخلق من التَّغَيُّر والزوال فَمثله فِي حَقِيقَة الْفِعْل وَالْكَلَام على مَا قَالَ إِبْرَاهِيم {لَا أحب الآفلين} وَمن يكون على حَال ثمَّ على أُخْرَى فَهُوَ من الآفلين بالتحقيق وَالله أعلم”. انتهى
وقال أيضاً ما نصه: ” وَالله تَعَالَى لم يزل وَلَا يزَال بِلَا تغير وَلَا زَوَال وَلَا انْتِقَال من حَال إِلَى حَال وَلَا تحرّك وَلَا قَرَار إِذْ هُوَ وصف اخْتِلَاف الْأَحْوَال وَمن تخْتَلف الْأَحْوَال عَلَيْهِ فَهُوَ غير مفارق لَهَا وَمن لَا يُفَارق الْأَحْوَال وَهن أَحْدَاث فَيجب بهَا الْوَصْف بالإحداث وَفِي ذَلِك سُقُوط الوحدانية”. انتهى
وقال أبو القاسم الأصبهاني، المُلقب بقوام السنة ، في الحجة في بيان المحجة، ما نصه: “والخالق ذَاته تَعَالَى، وذاته كَانَت فِي الْأَزَل، فَلَو لم يكن خَالِقًا وَصَارَ خَالِقًا لزمَه التَّغَيُّر”. انتهى
وأخرج ابن أبي حاتم في تفسيره، قال حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى، أنا العَبّاسُ بْنُ الوَلِيدِ، ثَنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، ثَنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتادَةَ، قَوْلَهُ: ﴿فَلَمّا أفَلَ قالَ لا أُحِبُّ الآفِلِينَ﴾ ذُكِرَ لَنا أنَّ نَبِيَّ اللَّهِ إبْراهِيمَ ﷺ بَعْدَما أراهُ اللَّهُ مَلَكُوتَ السَّمَواتِ ﴿رَأى كَوْكَبًا قالَ هَذا رَبِّي فَلَمّا أفَلَ قالَ لا أُحِبُّ الآفِلِينَ﴾ عَلِمَ أنَّ رَبَّهُ دائِمٌ لا يَزُولُ”. انتهى
أي أن الذي يتغير ويتصف بالأفول أي الغياب، لا يصلح أن يكون إله.
وسند هذا الأثر كلهم ثقات إلا العباس بن الوليد، فهو صدوق.
و قال ابن جرير الطبري في تفسيره: ” حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: “فلما جن عليه الليل رأى كوكبًا قال هذا ربي فلما أفل قال لا أحبّ الآفلين”، علم أن ربّه دائم لا يزول”. انتهى
ورجل هذا السند كلهم ثقات.
2- بيان أن عدم الزوال تفيد عدم الاتصاف بالحركة
الدليل أن معنى لا يزول، تفيد عدم الاتصاف بالحركة، ما نقله الطبري في تفسيره، قال: ” حدثنا ابن بشار قال: ثنا عبد الرحمن قال: ثنا سفيان عن الأعمش عن أَبي وائل قال: جاء رجل إلى عبد الله فقال: من أين جئت ؟ قال: من الشأم. قال: من لَقيتَ؟ قال: لقيتُ كعبًا. فقال: ما حدثك كعب ؟ قال: حدثني أن السماوات تدور على منكب ملك. قال: فصدقته أو كذبته ؟ قال: ما صدقته ولا كذبته. قال: لوددت أنك افتديت من رحلتك إليه براحلتك ورحلها، وكذب كعب، إن الله يقول ( إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ أَنْ تَزُولا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ ).
حدثنا جرير عن مغيرة عن إبراهيم قال: ذهب جُندَب البَجَلي إلى كعب الأحبار فقدم عليه ثم رجع فقال له عبد الله: حدثنا ما حدثك. فقال: حدثني أن السماء في قطب كقطب الرحا، والقطب عمود على منكب ملك. قال عبد الله: لوددت أنك افتديت رحلتك بمثل راحلتك، ثم قال: ما تنتكت اليهودية في قلب عبد فكادت أن تفارقه، ثم قال ( إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ أَنْ تَزُولا ) كفى بها زوالا أن تدور”. انتهى
وبما أن الدوران هو حركة، فقد دلّ هذا الأثر أن الزوال هو حركة بلا شك ولا ارتياب.
وأخرج البخاري، في صحيحه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ” لَا تَبُلْ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ الَّذِي لَا يَجْرِي، ثُمَّ تَغْتَسِلُ مِنْهُ “. انتهى
فالدائم هنا أي الباقي على حاله، الذي لا يجري، أي لا يتحرك.
وهذا المعنى يعضده قول ابن عبد البر في التمهيد: ” قال الإمام مالك رضي الله عنه في حديث النزول في الثلث الأخير من الليل: ” ينزل أمره كل سحر، فأما هو عز وجل فإنه دائم لا يزول ولا ينتقل، سبحانه لا إله إلا هو”. انتهى
فجعل عدم الزوال في مقابل النزول الذي يفيد ظاهره الحركة حتى يُعلم أن نزول الله ليس بانتقال من مكان إلى مكان أو هو حركة من فوق إلى أسفل.
راجع موثوقية تأويل الإمام مالك لحديث النزول:
https://www.facebook.com/share/16MDCLHVPD/
وهذا المعنى يعضده أيضا ما رواه الحافظ أبو بكر البيهقي في الأسماء والصفات بسنده عن أبي العباس حيث قال: سَمِعْتُ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، يَقُولُ: دَخَلْتُ يَوْمًا عَلَى طَاهِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَاهِرٍ، وَعِنْدَهُ مَنْصُورُ بْنُ طَلْحَةَ، فَقَالَ لِي: يَا أَبَا يَعْقُوبَ، إِنَّ اللَّهَ يَنْزِلُ كُلَّ لَيْلَةٍ؟ فَقُلْتُ لَهُ: تُؤْمِنُ بِهِ؟ فَقَالَ طَاهِرٌ: أَلَمْ أَنْهَكَ عَنْ هَذَا الشَّيْخِ، مَا دَعَاكَ إِلَى أَنْ تَسْأَلَهُ عَنْ مِثْلِ هَذَا؟ قَالَ إِسْحَاقُ: فَقُلْتُ لَهُ: إِذَا أَنْتَ لَمْ تُؤْمِنْ أَنَّ لَكَ رَبًّا يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ، لَسْتَ تَحْتَاجُ أَنْ تَسْأَلَنِيَ. قُلْتُ: فَقَدْ بَيَّنَ إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ فِي هَذِهِ الْحِكَايَةِ أَنَّ النُّزُولَ عِنْدَهُ مِنْ صِفَاتِ الْفِعْلِ، ثُمَّ إِنَّهُ كَانَ يَجْعَلُهُ نُزُولًا بِلَا كَيْفٍ، وَفِي ذَلِكَ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ كَانَ لَا يَعْتَقِدُ فِيهِ الِانْتِقَالَ وَالزَّوَالَ. انتهى
ويشهد له ما رواه الإمام أبو عبد الحاكم في الروض الباسم، بسنده عن أبي محمد المزني أنه قال ما نصه: ” حديث النزول قد ثبت عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – من وجوه صحيحة، وورد في التنزيل ما يصدقه، وهو قوله-عز وجل-: ” وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا” -الفجر: 22-، والنزول والمجيء صفتان منفيتان من صفات الله -عز وجل- من طريق الحركة والانتقال من حال إلى حال، بل هما صفتان من صفات الله -عز وجل- بلا تشبيه، جل الله عما تقول المعطلة بصفاته والمشبّهة بها علوّاً كبيراً”. انتهى
و قد صرّح الإمام الطبري بنفي الزوال والانتقال في أكثر من موضع من كتبه، فقال في تاريخه : “الحمد لله الأول قبل كل أول، والآخر بعد كل آخر، والدائم بلا زوال، والقائم على كل شيء بغير انتقال…..) انتهى
وقال في تفسير الاستواء ما نصه: ” كذلك فقُلْ: علا عليها علوّ مُلْك وسُلْطان، لا علوّ انتقال وزَوال “. انتهى
كذلك نُقل عن المنذر بن سعيد البلوطي، أنه قال في تأويل المجيء ما نصه: “معناه ظهر سبحانه للخلق هنالك وليس بمجيء نقلة”. انتهى
كما في البحر المحيط، والمحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز، و روح المعاني في تفسير القرآن الكريم والسبع المثاني.
وقد أكّد كبار علماء الحنابلة أن الله منزه عن الزوال بمعنى أنه لا يفنى ولا يتغير و لا يوصف بالحركة، مثل الحافظ عبد الغني المقدسي الحنبلي. ففي مقدمة كتابه عن محنة الإمام أحمد، ذكر تنزيه الله عن الكيف والزوال.


ثبوت تأويل الإمام مالك لحديث النزول – الجزء الأول-
لقد ثبت عن الامام مالك رضي الله عنه أنه تأول حديث النزول بنزول الرحمة كما ذكر ذلك الامام النووي في شرحه على صحيح مسلم حيث قال : ” والثاني مذهب أكثر المتكلمين وجماعات من السلف وهو محكي هنا عن مالك والأوزاعي على أنها تتأول على ما يليق بها بحسب مواطنها، فعلى هذا تأولوا هذا الحديث تأويلين أحدهما: تأويل مالك بن أنس وغيره، معناه تنزل رحمته وأمره وملائكته، كما يقال فعل السلطان كذا إذا فعله أتباعه بأمره، والثاني: أنه على الاستعارة ومعناه الإقبال على الداعين بالإجابة واللطف.” انتهى كلام النووي
و قال الإمام المقرئ أبو عمرو الداني المالكي المتوفى سنة 444 هجري في الرسالة الوافية صحيفة 23 – طبعة دار البصيرة – في معرض كلامه عن حديث النزول ما نصه: ” بلا حد و لا تكييف ولا وُصف بانتقال و لازوال. وقال بعض أصحابنا: ينزل أمره تبارك و تعالى. و احتج بقوله عز و جل: ” الذي خلق سبع سموات و من الأرض مثلهن يتنزل الأمر بينهن” – الطلاق 12 – و كذا رُوي عن حبيب عن مالك بن أنس رحمه الله”. انتهى
وقال الحافظ ابن عبد البر في التمهيد: “وقد روى محمد بن الجَبُّلي ، وكان من ثقات المسلمين بالقيروان قال : “حدثنا جامع بن سوادة بمصر ، قال حدثنا مطرف عن مالك بن أنس أنه سئل عن الحديث : عن الله ينزل في الليل إلى سماء الدنيا فقال مالك : ينزل أمره ، وقد يحتمل أن يكون كما قال مالكٌ -رحمه الله- على معنى أنه تتنزَّل رحمتُه وقضاؤه بالعفو والاستجابة، وذلك مِن أمره أي: أكثرُ ما يكون ذلك في ذلك الوقت واللهُ أعلم”. انتهى
وهذا الأثر صحيح الاسناد عن الامام مالك، فقد نقله محمد بن علي الجبلي القيرواني عن أبي سليمان جامع بن سوادة المصري عن مطرف بن عبد الله تلميذ مالك.
و ترجمة هؤلاء كالآتي:
– محمد بن علي الجبلي: ثقة. قال ابن عبد البر في التمهيد: “وكان من ثقات المسلمين بالقيروان”. انتهى
وهو غير الشاعر محمد بن علي البغدادي، المعروف بالجبلي، الذي ترجم له الخطيب البغدادي في تاريخه وابن حجر في لسان الميزان، و قالا عنه أنه كان رافضيا.
قال الخطيب البغدادي في تاريخه 4/170 برقم 1362 – طبعة الغرب الإسلامي- ما نصه: “محمد بن على بن محمد بن إبراهيم أبو الخطاب الشاعر المعروف بالجبلي كان من أهل الأدب حسن الشعر فصيح القول مليح النظم سافر في حداثته إلى الشام فسمع بدمشق من أبى الحسين المعروف بأخي تبوك ثم عاد إلى بغداد وقد كفَّ بصره فأقام بها إلى حين وفاته سمعت منه الحديث وعلقت عنه مقطعات من شعره وقيل انه كان رافضياً شديد الرفض”.انتهـى
فهذا الشاعر لم يرو الحديث لا في القيروان و لا في مصر و لا ذهب إليها قطّ كما قال الخطيب البغدادي. فعُلم انه غير الفقيه القيرواني. وزيادة على ذلك فقد نقل الخطيب هذه الرواية بأسلوب التمريض: “قيل” كما هو مذكور ، وأكد ذلك الحافظ ابن حجر فقال في لسان الميزان 5/303 : “ولفظ الخطيب :” قيل : إنه كان رافضيا شديد الرفض” ، وكان ضريرا مات في ذي القعدة سنة تسع وثلاثين وأربع مائة” . انتهى
فالفقيه محمد بن علي الجبلي القيرواني هو ثقة كما نص على ذلك الحافظ ابن عبد البر الذي هو أعلم بفقهاء المغرب من غيره من المشارقة.
– جامع بن سوادة : هو أبو سليمان جامع بن سوادة الأزدي المصري .ذكره المزي في ترتيب الكمال و أبو سعيد خلف بن أبي القاسم القيرواني في التهذيب في اختصار المدونة وابن عساكر في تاريخ دمشق و سكتوا عنه و لم يتناولوه لا بجرح و لا تعديل.
لكن يشهد لكونه من الثقات أن الحافظ السيوطي أورد في اللآلئ المصنوعة في الأحاديث الموضوعة حديث “الْإيِمَان يزيد وينقص” من طريق الحافظ الحسين الجورقاني المتوفى سنة 543 هجري و في سنده جامع بْن سوادة. ثم قَالَ الجوزقاني : هذا حديث حسن غريب
و هذا دليل على أن جامع بن سوادة لم يكن وضاعا و لا كذابا و لا مجهولا كما زعم بعض المجسمة، و الرواية من طريقه ليست ضعيفة و لا موضوعة. وهو حسن الحديث عند الجوزقاني و لم يعترض عليه السيوطي في ذلك.
و ابنُ عبد البرِّ لم ينكر تأويل الإمام مالك بل ختم كلامه بقوله: “وقد يحتمل أن يكون كما قال مالكٌ – رحمه الله- على معنى أنه تتنزَّل رحمتُه وقضاؤه بالعفو والاستجابة، وذلك مِن أمره أي: أكثرُ ما يكون ذلك في ذلك الوقت، والله أعلم”. انتهى
و أبو سعيد خلف بن أبي القاسم القيرواني البراذعي قد ذكر جامع ابن سوادة في التهذيب عند ترجمته لمطرف بن عبد الله . و أما ابن عساكر فقد ذكره في تاريخ دمشق عند ترجمة ابراهيم بن بكر أبو الأصبع البجلي، ونص عبارته :”ابراهيم بن بكر أبو الأصبع البجلي: أَخُو بِشْرِ بْنِ بَكْرٍ مِنْ أَهْلِ دِمَشْقَ. حَدَّثَ بِمِصْرَ عَنْ : ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ ، وَأَبِي زُرْعَةَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْقُرَشِيِّ ، وإِبْرَاهِيمَ بْنِ مُعَاوِيَةَ الشَّامِيِّ. رَوَى عَنْهُ : أَبُو بَكْرِ بْنُ الْبَرْقِيِّ ، وَأَبُو سُلَيْمَانَ جَامِعُ بْنُ سَوَادَةَ الْمِصْرِيَّانِ”. انتهى
وليعلم أن أبا سليمان جامع بن سوادة الأزدي هو غير جامع بن سوادة الحمزاوي الذي عدَّه ابن الجوزيِّ مِن جملة المجاهيل و ليس هو الذي نقل ابن حجرٍ تضعيفَ الدارقطنيِّ له، و ليس هو أيضا الذي أورد له الذهبيُّ في الميزان حديثًا موضوعًا في الجمع بين الزوجين، وضعّف بسببه حديث: “آخر من يدخل الجنة رجل من جهينة.
قال ابن الجوزي في الموضوعات: “أنبأنا محمد بن ناصر أنبأنا أحمد بن الحسين بن قريش أنبأنا إبراهيم بن عمر البرمكي حدثنا أبو بكر محمد بن إسماعيل الوراق حدثنا أبو الحسن علي بن أحمد ابن محمد الفقيه حدثني جامع بن سوادة الحمزاوي حدثنا آدم بن أبي إياس حدثنا ابن أبي ذئب عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة وابن عباس قالا:” آخر خطبة خطبها رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يخطب غيرها حتى خرج من الدنيا فقال: من مشى في تزويج بين اثنين حتى يجمع الله عز وجل أعطاه الله عز وجل بكل خطوة وبكل كلمة تكلم في ذلك عبادة
سنة، ” الحديث”. انتهى
ثم قال: “هذا حديث موضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم.وجامع بن سوادة مجهول”. انتهى
وقد أورد السيوطي في اللآلئ المصنوعة في الأحاديث الموضوعة ، تحت كتاب الإيمان برقم 91 . حديثا من طريق جامع بن سوادة ونص عبارته: “وقال الجوزقاني (الحافظ) : أَنْبَأنَا أَبُو يعقوب يوسف بْن أَحْمَد بْن علي التاجر ، أَنْبَأنَا أَبُو القاسم عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي عَبْد الله بْن منده ، أَنْبَأنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الله بْن الأنصاري ، حَدَّثَنَا عَبْد الله بْن مُحَمَّد بْن جَعْفَر ، حَدَّثَنَا عَلِيّ بْن سراج ، حَدَّثَنَا جامع بْن سوادة ، حَدَّثَنَا مطرف بْن عَبْد الله ، حَدَّثَنَا نافع بْن أَبِي نُعَيْم ، حدَّثَنِي الأعرج ، عَن أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ” الْإيِمَان يزيد وينقص ” . قَالَ الجوزقاني : هذا حديث حسن غريب ، تفرد بِهِ عَن الأعرج نافع . وقال ابن معين : هُوَ ثقة ، وتفرد عَن نافع مطرف . وقال أَبُو حاتِم الرازي : هُوَ صدوق”. انتهى
فقول الجوزقاني : هذا حديث حسن غريب دليل على أن جامع بن سوادة لم يكن مجهولا بالنسبة له.
و أما علي بن سراج المصري الذي يروي عن جامع بن سوادة
فقد قال عنه الدارقطني :” كان يحفظ الحديث”.
وقال عنه الذهبي في لسان الميزان: “حافظ متأخر متقن”.
فمع كونه كان يشرب المسكر، فلم يتهمه علماء الجرح و التعديل بالضعف و عدم الأمانة أو الوضع بل ذكر الذهبي أنه متقن.
و مما يؤكد انه غير جامع بن سوادة الحمزاوي أن السيوطي قال في نفس الكتاب، تحت باب النكاح – رقم الحديث 1717 – ما نصه: “أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن ناصر ، أَنْبَأَنَا أَحْمَد بْن الْحَسَن بْن قريش ، أَنْبَأَنا إِبْرَاهِيم بْن عُمَر البرمكي ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْر مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل الْوَرَّاق حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَن عَلِيّ بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد الفقيه ، حَدَّثَنِي جامع بْن سوادة الحمزاوي ، حَدَّثَنَا آدم بْن أَبِي إياس ، حَدَّثَنَا ابْن أبي ذئب ، عَنِ الزُّهْرِيّ بْن أَبِي سَلَمَة ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، وَابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَا : آخِرُ خُطْبَةٍ خَطَبَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَخْطُبْ غَيْرَهَا حَتَّى خَرَجَ مِنَ الدُّنْيَا ، فَقَالَ : ” مَنْ مَشَى فِي تَزْوِيجٍ بَيْنَ اثْنَيْنِ حَتَّى يَجْمَعَ اللَّهُ بَيْنَهُمَا أَعْطَاهُ اللَّهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ ، وَبِكُلِّ كَلِمَةٍ تَكَلَّمَ بِذَلِكَ ، عِبَادَةَ سَنَةٍ ، صِيَامَ نَهَارِهَا وَقِيَامَ لَيْلِهَا . وَمَنْ مَشَى فِي تَفْرِيقٍ بَيْنَ اثْنَيْنِ حَتَّى يُفَرِّقَ بَيْنَهُمَا ، كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ يَضْرِبَ رَأْسَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِأَلْفِ صَخْرَةٍ مِنْ نَارِ جَهَنَّمَ ” . مَوْضُوع ، جامع مجهول . قلت : قَالَ الحافظ بْن حُجْر فِي اللسان ، وعلي بْن مُحَمَّد الراوي ، عَنْهُ : ما عرفته ، واللَّه أَعْلَم”. انتهى .
فحكم على الرواية هنا بالوضع، فعُلم ان جامع بن سوادة الذي يروي عن مطرف هو غير جامع الحمزاوي الذي جرحه علماء الحديث و الحفاظ
– مُطرّف بنِ عبد الله المدنيّ : هو أبو مصعب وقيل: أبو عبدالله مطرف بن عبد الله بن مطرف بن سليمان بن يسار الهلالي، مولى ميمونة أم المؤمنين زوج النبي عليه الصلاة و السلام. ابن أخت الإمام مالك. ولد: سنة سبع وثلاثين ومائة، وقيل: سنة تسع وثلاثين. صحب مالكاً سبع عشرة سنة.
روى عنه أبو زرعة وأبو حاتم وإبراهيم بن المقدر والذهلي ويعقوب بن شيبة والبخاري، وخرج عنه في صحيحه.
قال الشيرازي: تفقه بمالك، وعبد العزيز ابن الماجشون وابن أبي حازم وابن دينار وابن كنانة والمغيرة.
وثقه الدار قطني. ووثقه القاضي عياض في ترتيب المدارك.
قال ابن معين: مطرف ثقة. قال ابن وضاح: هو عنده ارجح من ابن أبي أويس.
قال الكوفي هو ثقة.
قال أبو حاتم الرازي: صدوق.
و قال : مطرف أحب إلي من إسماعيل بن أبي أويس
و جاء في تهذيب التهذيب: ذكره ابن عدي في الكامل و قال يأتي بمناكير ثم ساق أحاديث بواطل من رواية أحمد بن داود بن أبي صالح الحراني عنه و أحمد كذبه الدارقطني و الذنب له فيها لا لمطرف وقال ابن سعد كان ثقة” انتهى
قال أحمد بن حنبل: كانوا يقدمونه على أصحاب مالك.
توفي سنة 220 هجري
راجع أيضا الرابط التالي:
https://m.facebook.com/story.php?story_fbid=1363347877077288&id=194651207280300&mibextid=Nif5oz
وبهذا يبطل ما قاله ابن تيمية في الفتاوى حيث قال عن رواية تأويل الإمام مالك لحديث النزول: ورُويت من طريق أخرى – يقصد رواية مطرف – ذكرها ابن عبد البر وفي إسنادها من لا نعرفه “.انتهـى.
مطرف بن عبد الله الهلالي
وثقه القاضي عياض في ترتيب المدارك.
ومطرف بن عبد الله روى عنه أبو زرعة وأبو حاتم وإبراهيم بن المقدر والذهلي ويعقوب بن شيبة والبخاري، وخرج عنه في صحيحه.
قال الشيرازي: تفقه بمالك، وعبد العزيز ابن الماجشون وابن أبي حازم وابن دينار وابن كنانة والمغيرة.
و قال ابن معين: مطرف ثقة. قال ابن وضاح: هو عنده ارجح من ابن أبي أويس.
قال الكوفي هو ثقة.
و قال أبو حاتم: مطرف أحب إلي من إسماعيل بن أبي أويس
و جاء في تهذيب التهذيب: ذكره ابن عدي في الكامل و قال يأتي بمناكير ثم ساق أحاديث بواطل من رواية أحمد بن داود بن أبي صالح الحراني عنه و أحمد كذبه الدارقطني و الذنب له فيها لا لمطرف وقال ابن سعد كان ثقة” انتهى
