بيان أن المخطوط المسمى جزء فيه ذكر اعتقاد السلف في الحروف والأصوات ليس من تأليف النووي
المخطوط المسمّى “جزء فيه ذكر اعتقاد السلف في الحروف والأصوات” والمنسوب إلى الإمام أبي زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي المتوفى سنة 676 هـجري لا تصح نسبته إليه، وذلك لعدة اعتبارات علمية:
– أولًا: غياب السند: المخطوط يخلو تمامًا من أي ذكر لسلسلة الإسناد أو الإجازة أو نسبة النص عبر طريق موثوق، وهو أمر بالغ الأهمية في نسبة الكتب عند علماء التراث. وقد قرّر أهل التحقيق أن المخطوط إذا خلا من الإسناد ولم يكن من مؤلفات المؤلف المشهورة في فهارس كتبه، فإن النسبة إليه لا تثبت إلا بدليل خارجي قوي، وهو غير متوفر هنا.
– ثانيًا: الاكتفاء بذكر الاسم على الغلاف: المخطوط المذكور وُجد مكتوبًا على غلافه اسم النووي فقط، دون أي توثيق داخلي أو تصريح منه في مقدمته أو خاتمته أنه مؤلف الكتاب. ومن المعلوم أن كثيرًا من النُّسّاخ أو المُلّاك قد يضيفون أسماء الأعلام على الأغلفة إما اجتهادًا أو حتى بغرض رفع قيمة المخطوط.
– ثالثًا: غياب ذكر الكتاب في تراجم النووي وفهارس مؤلفاته: لم يذكر هذا الكتاب أيٌّ من مترجمي الإمام النووي المعروفين، مثل تاج الدين السبكي في طبقات الشافعية الكبرى أو ابن العِماد الحنبلي في شذرات الذهب. كما خلا منه فهرس مؤلفات النووي التي أثبتها المعاصرون مما يُعدّ قرينة قوية على أنه ليس من تآليفه.
وعليه فنسبة هذا المخطوط إلى الإمام النووي ضعيفة جدًّا، بل تكاد تكون معدومة، لغياب السند، والاكتفاء بذكر اسمه على الغلاف، ومخالفة الأسلوب، وخلو فهارس مؤلفاته منه. ومثل هذه الحالات تحتاج إلى تحقيق دقيق قبل اعتماد النسبة، التزامًا بالمنهج العلمي في حفظ التراث من الأخطاء والتصحيفات.




