الجزء التاسع – تلبيسات ابن تيمية حول عمل المولد النبوي الشريف

رد بعض الشبه حول المولد النبوي الشريف

الجزء التاسع: تلبيسات ابن تيمية حول عمل المولد النبوي الشريف

من البدع المذمومة التي روج لها إمام المجسمة أبو العباس ابن تيمية زعمه ان الإحتفال بالمولد النبوي الشريف من البدع المنكرة.

و هذا الحراني لم يؤصل لمسألة الاحتفال بالمولد النبوي انما استند على شبه واهية، واحتج بأفعال الجهال لانكار مثل هذه المواسم الدينية، وتبعه في ذلك أنصاره من مجسمة الوهابية وغيرهم من الذين في قلوبهم غيظ لسيد المرسلين.

وقد وقع ابن تيمية في تناقضات عديدة في معرض كلامه عن عمل المولد، فقال في كتابه المسمى إقتضاء الصراط المستقيم، الجزء 2 صـحيفة 126: “فتعظيم المولد، واتخاذه موسمًا، قد يفعله بعض الناس، ويكون له فيه أجر عظيم لحسن قصده، وتعظيمه لرسول الله صلى الله عليه وسلم، كما قدمته لك، أنه يَحسُن من بعض الناس ما يُستقبح من المؤمن المسدد”. انتهى

فجعل عمل المولد الذي يفعله بعض الناس – الغير مسددين- سببا لنيل الأجر العظيم لحسن قصدهم وتعظيمهم للنبي، وزعم أن صدور ذلك منهم حسن مع اعتباره في نفس الوقت مستقبحا حين صدوره من المؤمن المسدد. وهذه من البدع الشرعية التي لم يسبقه اليها أحد، فكيف يكون الفعل نفسه حسنا عند بعض ومستقبحا عند البعض الٱخر، الا اذا كان لهؤلاء شِرعة وللٱخرين شِرعة أخرى

ثم حاول ابن تيمية تشويه عمل المولد بما يحصل من بعض الجهلة المتكاسلين عن القيام بالفرائض والواجبات فقال في الجزء 2 صحيـة 124 : “وأكثر هؤلاء الذين تجدهم حرصًا على هذه البدع ما لهم من حسن القصد والإجتهاد الذي يُرجى لهم بهما المثوبة، فتجدهم فاترين في أمر الرسول عما أُمروا بالنشاط فيه، وإنما هم بمنزلة من يحلي المصحف ولا يقرأ فيه أو يقرأ فيه ولا يتبعه”. انتهى

فكأن مناط تحريم عمل او تحليله عنده مقترن بعمل الناس فيه، مع ان بعض الأعياد تكون مقترنة بالكثبر من المنكرات كشرب بعض الفسقة للخمر في عيد الاضحى، فهل يكون ذلك عنده سببا لتحريمه او ابطاله او ايقاف العمل به؟ وهل يقول هذا الحراني ان الشخص اذا فتر في أمر مأمور به كالصيام مثلا وحرص على على الصدقات والتطوع وبر والديه مثلا أنه لا يحصل له ثوابا البتة؟ ام يحصل له ثواب وهو عاصي بتركه الواجبات؟

كما قال ابن تيمية في نفس الجزء من الكتاب صـحيفة 123 واصفا بدعة المولد : “ولو كان هذا خيرًا محضًا أو راجحًا لكان السلف رضي الله عنهم أحق به منا، فإنهم كانوا أشد محبة للرسول صلى الله عليه وسلم وتعظيمًا له منا، وهم على الخير أحرص، وإنما كمال محبته وتعظيمه في متابعته واتباع أمره وإحياء سنته باطنًا وظاهرًا، فإن هذه طريقة السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار واتبعوهم بإحسان”. انتهى

وبنفس اسلوبه المتهافت يقال في نقض شبهاته: “لو كان عمل المولد شرا محضًا لكان السلف رضي الله عنهم لقالوا بتحريمه و قاموا بتحذير الناس منه، فانما من كمال محبته وتعظيمه في متابعته واتباع أمره وإحياء سنته باطنًا وظاهرًا، والتحذير من المنكرات، والاستزادة من الخيرات”

و مثل هذه الشبه يردها ما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ الرَسُولَ قَالَ: «مِنْ أَشَدِّ أُمَّتِي لِي حُبًّا نَاسٌ يَكُونُونَ بَعْدِي، يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ رَآنِي بِأَهْلِهِ وَمَالِهِ». رواه مسلم في صحيحه.

فهل نتبع كلام الرسول ام اطلاقات ابن تيمية وقوله: ” كانوا أشد محبة للرسول صلى الله عليه وسلم وتعظيمًا له منا”

ويكفي لرد تلبيساته أيضا على شريعة الإسلام، أن غيره من العلماء ممن هم أجل قدرا ومكانة وعلما قد أجازوا المولد، وألفوا في بيان فضل الاحتفال به وذكروا الدلائل والحجج الظاهرات على جواز عمله ونقضوا شبهات المنكرين.

هذا وقد علق الوهابي علوي السقاف على كلام ابن تيمية الذي قاله في اقتضاء الصراط المستقيم: “فتعظيم المولد واتخاذه موسماً قد يفعله بعض الناس ويكون لهم فيه أجر عظيم لحسن قصدهم وتعظيمهم لرسول الله”. انتهى

بقوله: “لا يدل على مشروعية هذا الاحتفال؛ إذ قد صرَّح بأنه “قد يفعل الرجل العمل الذي يعتقده صالحًا، ولا يكون عالمـًا أنه منهي عنه، فيثاب على حسن قصده، ويُعفى عنه لعدم علمه. وهذا باب واسع. وعامة العبادات المبتدعة المنهي عنها، قد يفعلها بعض الناس، ويحل له بها نوع من الفائدة، وذلك لا يدل على أنها مشروعة بل لو لم تكن مفسدتها أغلب من مصلحتها لما نهي عنها. ثم الفاعل قد يكون متأولا، أو مخطئا مجتهدا أو مقلدا، فيغفر له خطؤه ويثاب على ما فعله من الخير المشروع المقرون بغير المشروع، كالمجتهد المخطئ”. انتهى كلام السقاف

كما في الرابط التالي الذي قيل فيه:

https://dorar.net/article/1944/%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AD%D8%AA%D9%81%D8%A7%D9%84-%D8%A8%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%88%D9%84%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%A8%D9%88%D9%8A-%D8%B4%D8%A8%D9%87%D8%A7%D8%AA-%D9%88%D8%B1%D8%AF%D9%88%D8%AF?fbclid=IwY2xjawMSaYBleHRuA2FlbQIxMABicmlkETBoUndXNWd1bVdXb2dzTmxIAR55RIwbPcPcsbrjkJiptit8FILiJTVApajefEl3S9XMUWHTlHoLO2R0OW5lQg_aem_-v0C6sY6K7fGMXrIwGZBGw

وهذا تلبيس واضح من هذا الوهابي حيث جعل عمل المولد الذي يندرج في أقصى الحالات ضمن قاعدة ” الترك لا يفيد التحريم، فجعله ضمن العبادات المنهي عنها، وهذا من باب التلبيس و التشغيب.

كما ان لبن تيمية كلام ٱخر و تجرأ خطير على الشرع لسيما قوله: “يثاب على ما فعله من الخير المشروع المقرون بغير المشروع”

وقوله ايضا:” من كان له نيةٌ صالحة أثيب على نيته، وإن كان الفعل الذي فعله ليس بمشروع، إذا لم يتعمد مخالفة الشرع”

وهذه من بدع وضلالات هذا الحراني، اذ كيف يثاب الرجل على عمل منهي عنه غير مشروع لأجل نيته و الشرع الحنيف ذكر أن “كل عمل ليس عليه أمرنا فهو رد” هذا معناه ان كل عمل لا يوافق الشريعة فهو مردود وان حسن الرجل نيته، فالشرع كما أمرنا بتحسين النيات، أمرنا بتحسين العمل لقبوله، فان كان مخالفا للشرع كيف يثاب؟

فانظر لهذا التأصيل الباطل و الجرىء.

فحصول الفائدة لا يعني حصول الثواب، كحال رجل مرائي يتصدق على مسكين، فيستفيد المسكين ولا يثاب المتصدق بل يكسب معصية لاجل نيته الفاسدة.

وأين هذا الكلام من استدلال الوهابي في نفس المقال بالكلام المنسوب للإمامُ أبي عُبَيدٍ القاسمُ بنُ سلَّام، المتوفِّى عام 224هـجري؛ حيث نقَل عنه ابنُ بَطَّالٍ في شرْحه للبُخاريِّ قولَه: “البِدعُ والأهواءُ كلُّها نوعٌ واحدٌ في الضلال”، أليس هذا تناقضا في الاستدلال؟

واما قول ذلك الوهابي:” وأما السلف الصالح فاعتناؤهم بالعمل الصالح المشروع الذي لا كراهة فيه بوجه من الوجوه ” فهو تلبيس ٱخر لان عمل المولد ليس بمحرم ولا مكروه و لا يقول عاقل ان الترك فيه كراهة، هذه ما قالها أحد حتى ظهرت هذه النابتة منذ 300 سنة في الحجاز.

والعجب تفسيره لكلام شيخه ابن تيمية حيث قال:” إنما ذكره بصدد الكلام على عدم محاولة إنكار المنكر الذي يترتب عليه ما هو أنكر منه ، يعني أن حسن نية هذا الشخص ـ ولو كان عملُه غيرَ مشروع ـ خيرٌ من إعراضه عن الدين بالكلية”. انتهى

وهذا تأويل بعيد لكلامه لا معنى له عند التحقيق

ملاحظة: في بيان أن ابن تيمية و ابن كثير قالا ان النبي أفضل خلق الله.

قال ابن تيمية الحراني: وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: أنا سيد و لد آدم ولا فخر، آدم فمن دونه تحت لوائي يوم القيامة ولا فخر ـ إلى غير ذلك من النصوص المبينة أنه أفضل الخلق وأكرمهم على ربه.

انتهى

وقال ابن كثير في تفسير قول الله تعالى: “وَأَنزَلنا إِلَيكَ الذِّكرَ”،حيث قال: “أي من ربهم لعلمك بمعنى ما أنزل الله وحرصك عليه واتّباعك له، ولعلمنا بأنّك أفضل الخلائق وسيد ولد آدم”. انتهى

روابط ذات علاقة؛

الجزء الأول

الجزء الثاني

الجزء الثالث

الجزء الرابع

الجزء الخامس

الجزء السادس

الجزء السابع

الجزء الثامن

الجزء التاسع:

الجزء العاشر: التحقيق في يوم وفاة النبي صلى الله عليه وسلم: