رد بعض الشبهات حول قاعدة الترك لا يفيد التحريم – الجزء 17

  1. سؤال : لماذا لا نحكم بالحرمة على الشيء لمجرد ترك النبي صلى الله عليه وسلم لفعله؟
  2. الجزء 17: رد بعض الشبهات حول قاعدة ” الترك لا يفيد التحريم”

سؤال : لماذا لا نحكم بالحرمة على الشيء لمجرد ترك النبي صلى الله عليه وسلم لفعله؟

الجواب: مجرد ترك النبي فِعل أمر معينٍ من الأمور، لا يعني ذلك بالضرورة أنه حرام، ولنا في ذلك شواهد كثيرة منها :

1- أن النبي ترك أكل الضب ومع ذلك لا يحرم أكله ، فقد قيل له:أَحَرَامٌ الضَّبُّ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : ” لا , وَلَكِنْ لَمْ يَكُنْ بِأَرْضِ قَوْمِي , فَأَجِدُنِي أَعَافُهُ. “

2-والنبي ترك الخطبة على منبر في بادئ أمره حتى جاءته امرأة، فعن جابر بن عبد الله أن امرأة من الأنصار قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله ألا أجعل لك شيئاً تقعد عليه فإن لي غلاماً نجاراً. فقال: إن شئت. فعمل له المنبر.

3-والنبي ترك إعادة بناء الكعبة على أسسها التي رفعها إبراهيم عليه السلام، فقد قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ” يَا عَائِشَةُ ، لَوْلَا أَنَّ قَوْمَكِ حَدِيثُو عَهْدٍ بِشِرْكٍ ، لَهَدَمْتُ الْكَعْبَةَ ، فَأَلْزَقْتُهَا بِالْأَرْضِ ، وَجَعَلْتُ لَهَا بَابَيْنِ : بَابًا شَرْقِيًّا ، وَبَابًا غَرْبِيًّا ، وَزِدْتُ فِيهَا سِتَّةَ أَذْرُعٍ مِنَ الْحِجْرِ ، فَإِنَّ قُرَيْشًا اقْتَصَرَتْهَا حَيْثُ بَنَتِ الْكَعْبَةَ “.

3-والنبي ترك جمع القرءان في مصحف واحد بحيث يسهل التلاوة منه، وهذا الأمر استحدث بعد وفاته ولا ينكر مشروعيته إلا سقيم الفهم.

4-والنبي لم يصل صلاة القيام في رمضان كله إماما بجميع الصحابة وإنما صلاها أحيانا في جماعة وأحيانا في بيته، فقد ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بأصحابه ليالٍ ، ولما كانت الثالثة أو الرابعة لَمْ يَخْرُجْ إِلَيْهِمْ ، فَلَمَّا أَصْبَحَ قَالَ : لَمْ يَمْنَعْنِي مِنْ الْخُرُوجِ إِلَيْكُمْ إِلا أَنِّي خَشِيتُ أَنْ تُفْرَضَ عَلَيْكُمْ.

5-والنبي ترك جمع أحاديثه ونهى في بادئ الأمر عن تدوينها خشية أن يخلط الصحابة بينها وبين القرءان ولا يعني ذلك أن كتابة الحديث والمسانيد التي ألفت بعده حرام، فقد قال صلى الله عليه وسلم: “لا تكتبوا عني شيئاً سوى القرآن، ومن كتب عني شيئاً سوى القرآن ‏فليمحه” رواه مسلم.‏

6-والنبي ترك أمورا لأجل حرمتها ولم يتركها إلا بعد النهي عنها بشدة بذكر لفظ التحريم أو العذاب أو الويل أو الحد أو الآية القرآنية المحرمة و مُبينا أحيانا العلة من حرمتها وأحيانا من غير بيان للسبب.

الخلاصة : ما الذي ينبغي فهمه من كل هذه الوقائع: أن ترك فعل أمر معين, لا يُفيد مطلق التحريم فكيف إذا كان الفعل غير منهي عنه وإنما متروك من النبي لعلة ظاهرة أو خافية!!!!.

ثم إن النهي في حد ذاته قد يحتمل الكراهة التنزيهية دون الحرمة , فقد قال ابن المبارك : أخبرنا سلام بن أبي مطيع ، عن ابن أبي دخيلة ، عن أبيه قال : كنت عند ابن عمر ، فقال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الزبيب والتمر ، يعني : أن يخلطا ، فقال لي رجل من خلفي : ما قال ؟ فقلت : حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم الزبيب والتمر ، فقال عبد الله بن عمر : كذبت ، فقلت : ألم تقل نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه ، فهو حرام ؟ فقال : أنت تشهد بذاك ؟ قال سلام : كأنه يقول : من نهي النبي صلى الله عليه وسلم ما هو أدب. والمراد الكراهة التنزيهية وليس الحرمة.

—فتأمل أخي المؤمن يإنصاف إلى كل هذه الاحتمالات التي تدور حول ترك النبي فعل شيء معين وأنها لا تفيد بالضرورة الحرمة، فلا معنى لتحريم أدعياء السلفية للاحتفال بالمولد أو ذكرى الإسراء أو ليلة النصف من شعبان بتلعة ترك النبي لها.

رزقني الله وإياكم حسن الاقتداء و سلامة الدين من الابتلاء.

قاعدة أصولية: “حكاية الحال إذا تطرق إليها الاحتمال كساها ثوب الإجمال وسقط منها الاستدلال”

وهذه القاعدة معناها أنه طالما تطرق إلى الحكم على العمل احتمالات كثيرة بسبب ترك النبي لفعله, فإن تعدد هذه الاحتمالات مع انتفاء وجود نص في التحريم أو النهي , يُسقط الاستدلال على حرمة العمل.

#مهدي_شطورو

https://lata2ef.blog/2023/09/11/%f0%9f%92%a2-%d8%b3%d8%a4%d8%a7%d9%84-%d9%84%d9%85%d8%a7%d8%b0%d8%a7-%d9%84%d8%a7-%d9%86%d8%ad%d9%83%d9%85-%d8%a8%d8%a7%d9%84%d8%ad%d8%b1%d9%85%d8%a9-%d8%b9%d9%84%d9%89-%d8%a3%d9%85%d8%b1-%d9%84/

https://lata2ef.blog/2023/09/13/%d8%ad%d8%b3%d9%86-%d8%a7%d9%84%d8%aa%d9%81%d9%87%d9%85-%d9%88%d8%a7%d9%84%d8%af%d8%b1%d9%83-%d9%84%d9%85%d8%b3%d8%a6%d9%84%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%aa%d8%b1%d9%83/

الجزء 17: رد بعض الشبهات حول قاعدة ” الترك لا يفيد التحريم”

القاعدة المشهورة: ” الترك لا يفيد التحريم” ، حاول بعض الجهلة ردها بمغالطات مفضوحة لأجل تحريم عمل المولد النبوي الشريف، منها:

أ- قولهم : ” الترك لا يدل على التحريم، خاص بباب العادات”، وهذه مغالطة مكشوفة والأصح ان يقال أن الأصل في العمل الاباحة، وليس الأصل في العادات الاباحة.

ثم ان هذه القاعدة عامة، ولم يرد ما يفيد تخصيصها، ولم يقل عالم معتبر ان مجال العمل بها العادات فقط، بل تصح أيضا في الأعمال المباحة.

ب- قولهم: “العبادات الأصل، فيها المنع والتوقف “. وهذه مغالطة أخرى فانه لم يقل احد من المسلمين ان عمل المولد عبادة مفروضة، او مسنونة بل كل المسلمين يقولون هو عمل مباح يقصد به التقرب من الله بنية حسنة، ولذلك قال ابن تيمية – مع انكاره لعمل المولد- أن بعض من يعمل المولد قد يؤجرون على عملهم. فالأجر مقترن باخلاص النية لله وعمل الخير واظهار الفرح بمولد النبي.

ألا ترى ان شرب الماء وأكل الطعام و النوم وسائر الأعمال المباحة بل وحتى النكاح، اذا اقترن بنية حسنة يؤجر فاعلها.

ج- قولهم عن عمل المولد: لو كان خير لسبقنا الصحابة والتابعون. و جواب ذلك أن يقال: “لو كان حراما لنبهنا اليه النبي صلى الله عليه وسلم، فقد حذرنا من عدة أمور تحدث في المستقبل ونهانا عنها”.

د- قولهم: كل عبادة تركها الرسول صلى الله عليه وسلم مع وجود المقتضي لها -يعني يستطيع فعلها- ، وعدم المانع منها – أي لا يوجد ما يمنعه عن فعلها- فتركها سنة وفعلها بدعة “، وهذا الذي قالوه ترده القاعدة الكلية: الترك لا يقتضي التحريم، لأن عمل المولد عمل مباح يؤجر فاعله لقرائته القرٱن وذكر سيرة النبي المختار واظهار الفرح ومخالفة الشيطان.

هـ- قولهم: قال تعالى-: “وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا”، وجوابه أن الله عز وجل لم يقل: وماتركه الرسول فانتهوا عنه” فدل ذلك على أن الترك لا يفيد التحريم.

و- قولهم:” قال النبي صلّى االله عليه وآله وسلّم: ما أمرتكم به فائتوا منه مااستطعتم وما نهيتكم عنه فاجتنبوه”. وجوابه ان النبي لم يقل: وما تركته فاجتنبوه، فكيف دل الترك على التحريم؟

وليعلم أن الترك وحده إن لم يصحبه نص على أنّ المتروك محظور لا يكون حراما، بل غايته أن يفيد أنّ ترك ذلك الفعل مشروع، وأمـا أنّ ذلك الفعل المتروك يكون محظوراً فهذا لا يستفاد من الترك وحده، وإنمـا يستفاد من دليل يدل عليه.

– وليعلم أن الذي يدل على التحريم ثلاثة أشياء:

أولها: النـهي، مثل “ولا تقربوا الزنا”

ثانيها: لفظ التحريم، مثل “حرمت عليكم الميتة”

ثالثها: ذم الفعل أو التوعد عليه بالعقاب، مثل “من غش فليس منا” اي ليس على طريقتنا المثلى.

والترك ليس واحداً من هذه الثلاثة فلا يقتضي التحريم.

ثم ان الأصوليبن عرفوا السنـة بأنها قول النبي صلى الله عليه وآله وسلّم، وفعله وتقريره. ولم يقولوا وتركه؛ لأنه ليس بدليل.

وعليه فان الترك لا يقتضي تحريـماً وإنما يقتضي جواز المتروك.

روابط ذات علاقة:

الجزء 1:

أ- الرد على من زعم أن الفاطميين هم أول من احتفل بالمولد النبوي

ب-بيان ان الترك لا يفيد التحريم كما يزعم المبتدعة

ج-الدليل على ان النبي بيّن لصحابته عظيم قدر يوم ولادته، وان الصحابة كانوا يعظمون يوم مولده

د- ذكر بعض الأصول التي اعتمدها العلماء لتجويز عمل المولد

هـ- قياسهم عمل المولد بتخصيص قيام الليل يوم الجمعة

و- احتفالهم باسبوع ابن عبد الوهاب

ز- رنين أتباع ابليس بمناسبة المولد الهادي المختار.

الرابط:

الجزء 2: ذكر بعض من ألف في المولد النبوي المبارك

الجزء 3: في بيان جواز قول “عيد المولد النَّبوي”

الجزء 4: شبهة أن مولد الرَّسول هو يوم وفاته صلَّى الله عليه وسلَّم، وشبهة أن يوم مولد النبي صلى الله عليه وسلم غير ثابت.

الجزء 5: زعمهم أن المولد لو كان خيرا لسبقنا إليه الصحابة و التابعون

الجزء 6: شبهة سؤال المنكرين هل المولد طاعة لله أم معصية؟

الجزء 7: رد شبهة احتجاج المنكرين لعمل المولد بكلام الفاكهاني

الجزء 8: رد شبهة احتجاج المنكرين لعمل المولد بكلام ابن الحاج المالكي

الجزء 9: تلبيسات ابن تيمية حول عمل المولد النبوي الشريف

الجزء 10: التحقيق في يوم وفاة النبي صلى الله عليه وسلم:

الجزء 11: قول سيدنا عمر: ” نعمت البدعة هذه”

الجزء 12: حديث عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين

الجزء 13: رد شبهة احتجاج المنكرين لعمل المولد بكلام الشاطبي

الجزء 14: أول من احتفل بالمولد النبوي في المغرب والأندلس

الجزء 15: الخيانة العلمية للوَهَّابي إسماعيل الأنصاري في نقل كلام بعض الأئمَّة حول عمل الـمولد.

https://www.facebook.com/share/p/SwQQThyqWX2QzRGm/?mibextid=qi2Omg

الجزء 16: شبهة استدلال منكري عمل المولد بمقالة الامام مالك: “مَنِ ابْتَدَعَ فِي الْإِسْلَامِ بِدْعَةً يَرَاهَا حَسَنَةً، فَقَدْ زَعَمَ أَنَّ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَانَ الرِّسَالَةَ”

https://www.facebook.com/share/p/dS7kWXVokjgVEmrz/?mibextid=qi2Omg

الجزء 17: رد بعض الشبهات حول قاعدة ” الترك لا يفيد التحريم”

https://www.facebook.com/share/p/uG7NdqVJTFbiauUb/?mibextid=qi2Omg