عبد القادر بن بدران الحنبلي المتوفى سنة: 1346 هجري
الجزء الأول: مخطوط كتاب المدخل لمذهب الإمام أحمد
– الصورة الأولى: تقييد بخط الشيخ عبد القادر بن بدران الدمشقي الدومي من طرر مخطوط في الظاهرية برقم 4023 لخص فيه جزءً من سيرته الذاتية وتواريخ رحلاته وتنقلاته:
وفيه قوله:
في أول جماد الأول سنة 1303 كانت رحلتنا المباركة من دوما إلى دمشق الشام لأجل طلب العلم الشريف ولله الحمد والمنة ، وتخلل ذلك أربعة أشهر أقمناهم في دوما.
ثم سافرنا في شهر ربيع الأول سنة 1310 إلى فرنسا ثم الى مدينة الجزائر ، ورجعنا في محرم سنة 1311 فأقمنا برهة في دمشق ثم عدنا إلى دوما .
وفي أواخر جماد الثاني سنة 1319 عدنا إلى دمشق لفتنة حصلت في دوما وتعديات ممن لقاه الله جزاء أعماله .
ونحن الآن بها .
حرر في شوال سنة 1320
كتبه
عبد القادر بدران
-الصورة الثانية: مسودة من كتاب المدخل إلى مذهب الإمام أحمد لابن بدران
بمقارنة المخطوطتين نقف على الفرق الكبير بين الخطين المنسوبين لابن بدران.
فطريقة رسم حرف الهاء في المخطوطتين مختلفة، وكذلك حرف الكاف، والراء في بدران، وطريقة كتابة اسم “القادر” كلها مختلفة بين الوثيقتين
وهذا ما يفتح باب الشك حول صحة نسبة مسودة المدخل لابن بدران، خاصة وأن كتبه تناثرت بعد وفاته بسبب أنه كان أعزبا فلم تبق المخطوطات بين أبناءه أو أحد ورثته. وهذا ما أكده أيضا أحد الشيخ محمد بن ناصر العجمي في بعض محاضراته التي قال فيها:
عبد القادر بن بدران الحنبلي المتوفى سنة: 1346 هجري
الجزء الثاني: ذكر بعض المسائل التي خالف فيها الوهابية
الكثير من الوهابية ينسبون عبد القادر بن بدران إليهم، ويفتخرون بتزكيته لهم، والحقيقة: أن ابن بدران مخالف للوهابية في مسائل مفصلية.
فمجرد الافتخار بالتزكية مع غض الطرف عن مخالفاته إياهم في هذه المسائل خطأ ليس بالهين.
ومن هذه المسائل التي خالف فيها ابن بدران الوهابية:
– الاستجارة بالنبي صلى الله عليه وسلم وتجويز الاستغاثة بالصالحين
– التفويض و التأويل ونفي المكان عن الله.
– تجويزه لعمل المولد النبوي.
1- الاستجارة بالنبي وتجويز الاستغاثة بالصالحين.
لابن بدران بعض القصائد في مدح النبي محمد صلى الله عليه وسلم، منها قوله في ديوانه:
يا قلب لاتبدي التضجر واتئد إذ ضيق حالك للمسرة صائر واستعن بالله الكريم فإنـــــــه نعم المعين لنا ونعم الناصر وانزل حمى طه الشفيع المصطفى فهو المُرجى والحبيب الطاهر.
خير الأنام ونخبة العليـا ومـن للمستجير به فلاح ظاهر
ولابن بدران أيضا فتوى في الاستغاثة ونصها:
ما رأي حضرات العلماء فيمن يقف عند قبر صالح، ويقول: “يا سيدي فلان أغثني، فرج كربي، اشف ولدي، مدد يا سيدي”..أهذا دعاء شرعه الله، وعمل به أصحاب رسول الله، أم هو شيء لم يشرعه؟وإذا لم يكن مشروعا: [أهو كفر]، أم محرم، أم مباح؟
فأجاب:[إن كان ذلك القائل “يعتقد” أن سيده فلان هو الذي يغيثه، ويفرج كربه، ويشفي ولده، ويمده بالمدد من عنده؛ فقد كفر باتفاق المؤمنين العارفين بشرع سيد المرسلين]، إلا عند من هو على شاكلة ذلك القائل، ممن يجعل ما سوّله له الشيطان دينًا، فاتخذ له أربابًا يعبدهم من دون الله، مقلدًا قول القائل: (اعل هبل).فليس غياث المستغيثين ومفرج الكروب والشافي من الأسقام والأمراض وممد العوالم كلها؛ إلا الله وحده لا شريك له في أفعاله وفي ذاته وفي صفاته، فمن وصف مخلوقًا ونسب إليه شيئا من أفعال الربوبية وصفاتها؛ فقد جعل لله شريكًا، وكان سبيله سبيل المشركين الذين كانوا يقولون في التلبية: (لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك، إلا شريكًا هو لك، تملكه ما ملك).
“وإن كان قصده مجرد الدعاء؛ فذلك غير جائز”.
وتلك الفرقة أصعب شيء إرجاعها إلى الحق، وإذا خاطبت أحدًا منهم؛ تأول وتمحل وأرغى وأزبد، ورمى الناصح بكل نقيصة زورا وبهتانا. (وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه ءاباءنا) الآية). انتهى.
فتفصيله بين قصده الدعاء بهذه الألفاظ: “أغثني، فرج كربي، اشف ولدي، مدد يا سيدي؛ فلم يكفّر به.. وبين اعتقاد القائل أن الذي يغيثه ويشفي ولده ونحو ذلك هو ذاك الصالح؛ فهذا كفر. وهذا التفصيل لا يستقيم مع معاير هؤلاء الوهابية.
2- التفويض والتأويل ونفي المكان عن الله:
كلام ابن بدران في التفويض صريح كما في شرح الروضة، وفي غيره من كتبه، فقد قال في المدخل مثلا عند كلامه عن المحكم والمتشابه: والمتشابه مقابل للمحكم، وهو غير متضح المعنى، فتشتبه بعض محتملاته ببعض، وذلك إما لاشتراك أو إجمال…. أو لظهور تشبيه في صفات الله تعالى كآيات الصفات وأخبارها، فإن المراد منها اشتبه على الناس، فقال قوم بظاهرها فجسموا وشبهوا، وفر قوم من التشبيه فتأولوا وحرفوا فعطلوا، وتوسط قوم فسلَّموا وأمروه كما جاء مع اعتقاد التنزيه فسَلِمُوا، وهم أهل السنة. انتهـى
وقال في تفسيره -الذي يظهر أنه آخر ما صنف لأنه لم يتمه- عند تفسير قوله تعالى “الرحمن الرحيم” : الرحمة معناها في اللغة: العطف والحنوّ، وليس هذا المعنى مقصودا هنا، وإنما المقصود غايته، فالرحمة مجاز عن إنعام الله على عباده لأن الملك إذا عطف على رعيته ورقّ لهم أصالهم بمعروفه وإنعامه، كما أنه إذا أدركته الفظاظة والقسوة عنف بهم ومنعهم خيره ومعروفه”. انتهى
فهذا الكلام الصريح الواضح في التأويل لمعنى الرحمة بالإنعام دليل قاطع على مخالفة عقيدة ابن بدران لعقيدة ابن تيمية والوهابية الذين يكادون يكفرون ـ وبعضهم فعل ـ من يؤول الرحمة بالإنعام وغير ذلك مما لا يصح عقلا ونقلا نسبته إلى الله.
و من المعلوم أيضا أن الذي يحاول تأويل العجب في حق الله تعالى يعتبر معطلا جهميا عند الوهابية، وعلى هذا القياس فابن بدران من شر أهل البدع، وربما كافر عند غلاة المجسمة من الوهابية. فقد بيّن ابن بدران في شرحه على كتاب الشهاب القضاعي في حديث: “يعجب ربك…”، حقيقة العجب لغة الناتج عن الجهل، ثم قال: ” لا يصح إطلاق العجب عليه إلا مجازا، بمعنى عظم ذلك عنده، أو بمعنى رضي فأثاب”. انتهى
وقال في تفسير لقوله تعالى: “فإني قريب” : لا يتوهمن متوهم من هذا القربَ المكاني؛ فإنه تعالى منزه عنه وعن الحلول. انتهى
بل ان الشيخ عبد القادر ابن بدران نقل في تفسيره كلام الحليمي على وجه الإقرار والرضا وهو أنه يجب اعتقاد أن الله تعالى ليس بجوهر ولا عرض لتقع البراءة من التشبيه.
ويذكر بعضهم ان لابن بدران شرحا على نونية ابن القيم، وهو مخطوط، لم يقف عليه المحققون، وهذا المخطوط قد يعطي توضيحا أكثر لميولات الشيخ العقائدية.
3- تجويزه لعمل المولد النبوي:
ألف ابن بدران كتابا بعنوان النور اللامع في مولد من نسخت شريعته كل الشرائعﷺ.
وقال ابن بدران أيضا في مقدمته على كتاب ابن حجر الهيتمي في المولد: “فمن قال أن هذا الصنع بدعة، فقد أبعد عن الصواب”، كما صرح فيه باستحسان عمل المولد.
روابط ذات علاقة:
الجزء الأول: https://www.facebook.com/share/p/9hJ8zmYnznX94eNd/?mibextid=oFDknk
