نظرا لتشغيب بعضهم على ذكرى المولد الشريف -على صاحبه الصلاة والسلام- بادعاؤ الإجماع على يوم وفاته، وأن هذا اليوم هو ما يحتفل به المحتفلون.
يزعم البعض أن الثاني عشر من ربيع الأول هو تاريخ وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالإجماع.
وهذا نص ابن حجر في فتح الباري -الذي قد يصور الشيخ الفيديو الذي يحكي فيه هذا الإجماع ومن خلفه هذا الكتاب
يقول ابن حجر في فتح الباري ج٨:
“وكانت وفاته يوم الإثنين بلا خلاف من ربيع الأول وكاد يكون إجماعا لكن في حديث بن مسعود عند البزار في حادى عشر رمضان ثم عند بن إسحاق والجمهور أنها في الثاني عشر منه وعند موسى بن عقبة والليث والخوارزمي وبن زبر مات لهلال ربيع الأول وعند أبي مخنف والكلبي في ثانيه ورجحه السهيلي وعلى القولين يتنزل ما نقله الرافعي أنه عاش بعد حجته ثمانين يوما وقيل أحدا وثمانين وأما على ما جزم به في الروضة فيكون عاش بعد حجته تسعين يوما أو أحدا وتسعين وقد استشكل ذلك السهيلي ومن تبعه أعنى كونه مات يوم الإثنين ثاني عشر شهر ربيع الأول وذلك أنهم اتفقوا على أن ذا الحجة كان أوله يوم الخميس فمهما فرضت الشهور الثلاثة توام أو نواقص أو بعضها لم يصح وهو ظاهر لمن تأمله وأجاب البارزي ثم بن كثير باحتمال وقوع الأشهر الثلاثة كوامل وكان أهل مكة والمدينة اختلفوا في رؤية هلال ذي الحجة فرآه أهل مكة ليلة الخميس ولم يره أهل المدينة إلا ليلة الجمعة فحصلت الوقفة برؤية أهل مكة ثم رجعوا إلى المدينة فأرخوا برؤية أهلها فكان أول ذي الحجة الجمعة وآخره السبت وأول المحرم الأحد وآخره الإثنين وأول صفر الثلاثاء وآخره الأربعاء وأول ربيع الأول الخميس فيكون ثاني عشره الإثنين وهذا الجواب بعيد من حيث أنه يلزم توالى أربعة أشهر كوامل وقد جزم سليمان التيمي أحد الثقاة بأن ابتداء مرض رسول الله صلى الله عليه و سلم كان يوم السبت الثاني والعشرين من صفر ومات يوم الإثنين لليلتين خلتا من ربيع الأول فعلى هذا كان صفر ناقصا ولا يمكن أن يكون أول صفر السبت إلا أن كان ذو الحجة والمحرم ناقصين فيلزم منه نقص ثلاثة أشهر متوالية وأما على قول من قال مات أول يوم من ربيع الأول فيكون اثنان ناقصين وواحد كاملا ولهذا رجحه السهيلي وفي المغازي لأبي معشر عن محمد بن قيس قال اشتكى رسول الله صلى الله عليه و سلم يوم الأربعاء لإحدى عشرة مضت من صفر وهذا موافق لقول سليمان التيمي المقتضى لأن أول صفر كان السبت وأما ما رواه بن سعد من طريق عمر بن علي بن أبي طالب قال اشتكى رسول الله صلى الله عليه و سلم يوم الأربعاء لليلة بقيت من صفر فاشتكى ثلاث عشرة ليلة ومات يوم الإثنين لاثنتي عشرة مضت من ربيع الأول فيرد على هذا الإشكال المتقدم وكيف يصح أن يكون أول صفر الأحد فيكون تاسع عشرينه الأربعاء والغرض أن ذا الحجة أوله الخميس فلو فرض هو والمحرم كاملين لكان أول صفر الإثنين فكيف يتأخر إلى يوم الأربعاء فالمعتمد ما قال أبو مخنف وكأن سبب غلط غيره أنهم قالوا مات في ثاني شهر ربيع الأول فتغيرت فصارت ثاني عشر واستمر الوهم بذلك يتبع بعضهم بعضا من غير تأمل والله أعلم وقد أجاب القاضي بدر الدين بن جماعة بجواب آخر فقال يحمل قول الجمهور لاثنتي عشرة ليلة خلت أي بأيامها فيكون موته في اليوم الثالث عشر ويفرض الشهور كوامل فيصح قول الجمهور ويعكر عليه ما يعكر على الذي قبله مع زيادة مخالفة اصطلاح أهل اللسان في قولهم لاثنتي عشرة فإنهم لايفهمون منها الا مضى الليالي”
…
– فانظر كيف نفى أن وفاته يوم الإثنين من ربيع الأول بالإجماع، بل كاد يكون إجماعا.
– وانظر كيف استشكل السهيلي ومن تبعه قول من قال بأنه توفي في يوم الثاني عشر من ربيع الأول وجعلوه أضعف الأقوال وأوله ومن أوله ثم جعل ابن حجر جوابهم عن هذا بعيد.
– ثم انظر كيف ضعَّف ابن حجر القول بأن الثاني عشر هو يوم وفاته صلى الله عليه وسلم بوقوع التصحيف أو خطأ الفهم، فصحف القول بأنه (الثاني شهر ربيع الأول) إلى (الثاني عشر ربيع الأول)، أو بمضي اثنتي عشرة ليلة من ربيع الأول فتكون الوفاة في يوم الثالث عشر.
فجعل كل الأقوال محتملة إلا يوم الثاني عشر من ربيع الأول الذي يزعم القوم بأنه يوم وفاته بالإجماع.
