- نقض دعوى نسبة اليد الشمال لله عز وجل
- وهؤلاء استدلوا على اثبات اليد الشمال لله عز وجل بأدلة، منها:
- القاصمة لقاعدة ابن تيمية في تفسير قوله تعالى: “لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَي”
- أسلوب الإشارة لتحقيق الصفة لله عز وجل
- تحقيق الصفة عند أئمة السلف
- ترجمة حماد بن سلمة
- بطلان مقولة ” القول في بعض الصفات كالقول في البعض الآخر” وبيان الفروق بين الصفات الخبرية وصفات المعاني
- نقض التفسير المنسوب لابن عباس في قوله تعالى : ” تجري بأعيينا” فأشار بيده إلى عينيه”
- ذكر من جرح ابن أبي داود أو طعن فيه:
- شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة لللالكائي
نقض دعوى نسبة اليد الشمال لله عز وجل
ظهرت دعوى إثبات “اليد الشمال” لله تعالى في بعض كتب الحشوية والمجسمة، وقد استندوا في ذلك إلى روايات وأقوال منسوبة إلى عدد من المصنفين. غير أن التحقيق العلمي والنقد الحديثي يثبت أن هذه النسبة باطلة.
فقد ورد ذكر اليد الشمال لله في بعض الكتب منها:
– كتاب الرد على بشر المريسي المنسوب للدارمي، حيث قال: “وقد وصفت يداه بالشِّمال واليسار، وكذلك لو لم يجز إطلاق الشِّمال واليسار؛ لما أطلق رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم -، ولو لم يجز أن يُقال: كلتا يدي الرحمن يَمِين؛ لم يقله رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم -، وهذا قد جوزه الناس في الخلق؛ فكيف لا يجوز ابن الثلجي في يدي الله أنهما جميعاً يَمِينان، وقد سُمِّي من الناس ذا الشِّمالين، فجاز نفي دعوى ابن الثلجي أيضاً، ويخرج ذو الشِّمالين من معنى أصحاب الأيدي”. انتهى
محمد بن شجاع البغدادي أبو عبد الله بن الثلجي ، وهو من أصحاب الحسن بن زياد اللؤلؤي .
– كتاب إبطال التأويلات لأبي يعلى الفراء الحنبلي الذي ألفه ردا على تأويلات إمام أهل السنة ابن فورك.
– كتب شيخ المجسمة الوهابية، محمد بن عبد الوهاب، كما في آخر باب كتاب التوحيد، حيث قال: فيه إثبات الشمال لله سبحانه وتعالى.
وقال: الخامسة: التصريح بذكر اليدين وأن السماوات في اليد اليمنى والأراضين في الأخرى حديث: أن الله يطوي السماوات بيمينه والأراضين بشماله.
ثم قال: السادسة: التصريح بتسميتها الشمال
– تعليق الوهابي عبد العزيز بن باز على كتاب التوحيد، حيث قال: “وفي هذا إثبات الصفات وأنه سبحانه له يمين وشمال وأن كلتا يديه يمين كما في الحديث الآخر”. انتهى
-كتاب ” قطف الثمر في عقائد أهل الأثر” لصديق حسن خان الهندي، حيث قال:”ومن صفاته سبحانه: اليد، واليَمِين، والكف، والإصبع، والشِّمال
– شرح العقيدة الواسطية، للوهابي محمد خليل الهراس. حيث قال: ” يظهر أنَّ المنع من إطلاق اليسار على الله عَزَّ وجَلَّ إنما هو على جهة التأدب فقط؛ فإنَّ إثبات اليَمِين وإسناد بعض الشؤون إليها كما في قولـه تعالى: وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ، وكما في قولـه عليه السلام: “إنَّ يَمِين الله ملأى سحاء الليل والنهار؛ يدل على أنَّ اليد الأخرى المقابلة لها ليست يَمِيناً“. انتهى
– شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري لعبد الله الغنيمان
وهؤلاء استدلوا على اثبات اليد الشمال لله عز وجل بأدلة، منها:
1- ما رواه الإمام مسلم في صحيحه من حديث ابن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” يطوي الله عز وجل السموات يوم القيامة ثم يأخذهن بيده اليمنى ثم يقول: أنا الملك أين الجبارون؟ أين المتكبرون؟ ثم يطوي الأراضين بشماله” فهذا الحديث فيه ذكر الشمال”. انتهى
ورواية مسلم بلفظ ” بشماله” ضعفها بعض أهل العلم، مثل ابن الجوزي الحنبلي، حيث قال في دفع شبه التشبيه: فأما لفظ ” الشمال ” فهي في رواية مسلم وهي مما انفرد به عن عمر بن حمزة عن سالم عن ابن عمر، وقد روى الحديث نافع وغيره عن ابن عمر فلم يذكروا لفظة الشمال، ورواه أبو هريرة وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم فلم يذكر أحد منهم فيه الشمال، وقد روي ذكر الشمال في حديث آخر في غير هذه القصة إلا أنه ضعيف بالمرة، ورواه بعض المتروكين”.
وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ” وكلتا يديه يمين مباركة، وهذا يوهن ذكر الشمال،
لمَّا خلقَ اللَّهُ آدمَ ونفخَ فيهِ الرُّوحَ عَطسَ فقالَ: الحمدُ للَّهِ، فحمِدَ اللَّهَ بإذنِهِ، فقالَ لَهُ ربُّهُ يرحَمُكَ اللَّهُ يا آدمُ، اذهب إلى أولئِكَ الملائِكَةِ، إلى ملأ منهُم جلوسٍ فقل: السَّلامُ عليكُم قالوا: وعليكَ السَّلامُ ورحمةُ اللَّهِ، ثمَّ رجعَ إلى ربِّهِ، قالَ: إنَّ هذِهِ تحيَّتُكَ وتحيَّةُ بَنيكَ، بينَهُم فقالَ اللَّهُ لَهُ ويداهُ مَقبوضتانِ: اختَر أيَّهما شئتَ، قالَ: اختَرتُ يمينَ ربِّي وَكِلتا يدي ربِّي يمينٌ مبارَكَةٌ ثمَّ بسطَها فإذا فيها آدمُ وذرِّيَّتُهُ، فقالَ: أي ربِّ، ما هؤلاءِ؟ فقالَ: هؤلاءِ ذرِّيَّتُكَ، فإذا كلُّ إنسانٍ مَكْتوبٌ عُمرُهُ بينَ عينيهِ، فإذا فيهم رجلٌ أضوَؤُهُم أو من أضوئِهِم قالَ: يا ربِّ مَن هذا؟ قالَ: هذا ابنُكَ داودُ قد كتبتُ لَهُ عُمُرَ أربعينَ سنةً. قالَ: يا ربِّ زِدهُ في عمرِهِ. قالَ: ذاكَ الَّذي كتبَ لَهُ. قالَ: أي ربِّ، فإنِّي قَد جعَلتُ لَهُ من عُمُري ستِّينَ سنةً. قالَ: أنتَ وذاكَ. قالَ: ثمَّ أُسْكِنَ الجنَّةَ ما شاءَ اللَّهُ، ثمَّ أُهْبِطَ منها، فَكانَ آدمُ يعدُّ لنَفسِهِ، قالَ: فأتاهُ ملَكُ الموتِ، فقالَ لَهُ آدمُ: قد عجَّلتَ، قَد كتبَ لي ألفُ سنةٍ. قالَ: بلَى ولَكِنَّكَ جعَلتَ لابنِكِ داودَ ستِّينَ سَنةً، فجَحدَ فجَحدَتْ ذرِّيَّتُهُ، ونسيَ فنَسيَتْ ذرِّيَّتُهُ. قالَ: فمِن يومئذٍ أُمِرَ بالكتابِ والشُّهودِ
وقال أبو بكر البيهقي: وكأن الذي ذكر الشمال رواه على العادة في أن الشمال يقابل اليمين”. انتهى
والحديث عند البخاري من طريق عبيد الله عن نافع عن ابن عمر، وعند مسلم من طريق عبيد الله بن مقسم عن ابن عمر، وليس عندهما لفظة “الشِّمال”.
و قال الحافظ البيهقي في “الأسماء والصفات” : “ذكر الشِّمال فيه، تفرد به عمر بن حمزة عن سالم، وقد روى هذا الحديث نافع وعبيد الله بن مقسم عن ابن عمر؛ لم يذكرا فيه الشِّمال. وروى ذكر الشِّمال في حديث آخر في غير هذه القصة؛ إلا أنه ضعيف بمرة، تفرد بأحدهما: جعفر بن الزبير، وبالآخر: يزيد الرقاشي. وهما متروكان، وكيف ذلك وصحيح عن النبي – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – أنه سمَّى كلتي يديه يَمِيناً” انتهـى
ثم إن بعض أهل السنة وإن أثبتوا صفة اليدين لله عز وجل فقد أنكروا نسبة اليد الشمال لله عز وجل كصفة، فقد نقل البغوي عن الخطابي أنه قال: ” ليس فيما يضاف إلى الله عز وجل من صفة اليدين شمال؛ لأن الشمال محلّ النقص والضعف، وقد روي في الخبر: «كلتا يديه يمين»، وليس معنى اليد عندنا الجارحة إنما هو صفة جاء بها التوقيف, فنحن نطلقها على ما جاءت ولا نكيفها، وننتهي إلى حيث انتهى بنا الكتاب والأخبار المأثورة الصحيحة، وهو مذهب أهل السنة والجماعة”. انتهى
و قال ابن خزيمة في “كتاب التوحيد” : ” تبين وتوضح أنَّ لخالقنا جلَّ وعلا يدين، كلتاهما يَمِينان، لا يسار لخالقنا عَزَّ وجَلَّ؛ إذ اليسار من صفة المخلوقين، فَجَلَّ ربنا عن أن يكون له يسار”. انتهى
وقال أيضاً : “… بل الأرض جميعاً قبضةُ ربنا جَلَّ وعلا، بإحدى يديه يوم القيامة، والسماوات مطويات بيَمِينه، وهي اليد الأخرى، وكلتا يدي ربنا يَمِين، لا شمال فيهما، جل ربنا وعز عن أن يكون له يسار؛ إذ كون إحدى اليدين يساراً إنما يكون من علامات المخلوقين، جل ربنا وعز عن شبه خلقه” انتهـى
2- رواية الإمام أحمد ، وأبو بكر البزار في “المسند”: عن هيثم بن خارجة، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ سُلَيْمَانُ بْنُ عُتبة، عَنْ يُونُسَ، عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلانِيِّ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: خَلَقَ اللهُ آدَمَ حِينَ خَلَقَهُ، فَضَرَبَ كَتِفَهُ الْيُمْنَى، فَأَخْرَجَ ذُرِّيَّةً بَيْضَاءَ، كَأَنَّهُمُ الذَّرُّ، وَضَرَبَ كَتِفَهُ الْيُسْرَى، فَأَخْرَجَ ذُرِّيَّةً سَوْدَاءَ كَأَنَّهُمُ الْحُمَمُ، فَقَالَ لِلَّذِي فِي يَمِينِهِ: إِلَى الْجَنَّةِ، وَلَا أُبَالِي وَقَالَ: لِلَّذِي فِي كَفِّهِ الْيُسْرَى: إِلَى النَّارِ وَلَا أُبَالِي.
وهذه الرواية مختلف في صحتها، للاختلاف الحاصل في راويها أبي الربيع سليمان بن عتبة.
قال الذهبي في الكاشف:” سليمان بن عتبة أبو الربيع الداراني، عن: يونس بن ميسرة. وعنه: أبو مسهر، وهشام بن عمار: صدوق. قال: ابن معين: لا شيء. وقال دُحيم: ثقة ” انتهى
وقال صالح بن محمد الحافظ: روى أحاديث مناكير.
ولهذا ضعّف بعضهم هذه الرواية كصنيع محققي المسند، حيث قالوا: ” إسناده ضعيف بهذه السِّياقة، أبو الربيع -وهو سليمان بن عتبة- مختلف فيه، وقد تفرَّد به، وهو ممن لا يُحتمل تفرَّده”.
و حسّن بعضهم الآخر اسنادها، كالبزار حيث قال عقب سياقه للحديث:” وهذا الحديث لا نعلمه يروى عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بهذا اللّفظ إلاّ من هذا الوجه بهذا الإسناد. وإسناده حسن” انتهى.
وقد روي الحديث عن أبي الدرداء رضي الله عنه من وجه آخر مختصراً بدون لفظ اليسار:
قال ابن أبي عاصم في السنة له: حدثنا علي بن ميمون حدثنا عبد الله بن خالد عن عبد الله بن يزيد قال: سمعت أبا الدرداء يقول: “إن الله تعالى خلق خلقا للنار وخلق خلقا للجنة فقال هؤلاء إلى النار وهؤلاء إلي الجنة ولا أبالي”.
وهذا فيه عبد الله بن يزيد. قال أحمد: أحاديثه موضوعة. وقال الجوزجاني: أحاديثه منكرة.
وعلى تقدير صحة الرواية فعبارة كَفِّهِ الْيُسْرَى، معناه كف آدم، وليس كف الله عز وجل، فإن الله لا يوصف بذلك.
3- حديث أبي داود، حيث روى في سننه تحت باب في الرد على الجهمية، ما نصه: ” حدثنا عثمان بن أبي شيبة، ومحمد بن العلاء، أن أبا أسامة أخبرهم عن عمر بن حمزة، قال: قال سالم: أخبرني عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله ﷺ: «يطوي الله تعالى السماوات يوم القيامة ثم يأخذهن بيده اليمنى ثم يقول: أنا الملك، أين الجبارون؟ أين المتكبرون؟ ثم يطوي الأرضين ثم يأخذهن» قال ابن العلاء: «بيده الأخرى ثم يقول: أنا الملك أين الجبارون؟ أين المتكبرون”. انتهى
وهذا الحديث فيه عمر بن حمزة المتوفى بعد 140 هـجري. ضعفه ابن معين والنسائي، وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل، عن أبيه: أحاديثه مناكير.
4- الأثار التي رواه الطبري في تفسيره
من جملة ما احتج به المجسمة لاثبات الشمال لله عز وجل ما قاله الطبري في تفسير الآية 67 من سورة الزمر، ونص عبارته: “وقال آخرون: بل السموات في يمينه, والأرضون في شماله”. انتهى
فالطبري نقل كلام بعض الناس ولم يصحح كلامهم، ولا قال أنهم من أهل السنة أو هو كلام أئمة السلف. ثم قال بعد ذلك: “ذكر من قال ذلك:
حدثنا عليّ بن داود، قال: ثنا ابن أبي مريم, قال: أخبرنا ابن أبي حازم, قال: ثني أبو حازم, عن عبيد الله بن مقْسَمٍ، أنه سمع عبد الله بن عمر يقول: رأيت رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم وهو على المنبر يقول: ” يَأْخُذُ الجَبَّارُ سَمَوَاتِه وأرْضَهُ بِيَدَيْه ” وقبض رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم يديه, وجعل يقبضهما ويبسطهما, قال: ثمَّ يَقُولُ: ” أنا الرَّحْمَنُ أنا المَلِك, أيْنَ الجَبَّارُونَ, أيْنَ المُتَكَبِّرُونَ” وتمايل رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم عن يمينه, وعن شماله, حتى نظرت إلى المنبر يتحرّك من أسفل شيء منه, حتى إني لأقول: أساقط هو برسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم ” .
حدثني أبو علقمة الفروي عبد الله بن محمد, قال: ثني عبد الله بن نافع, عن عبد العزيز بن أبي حازم, عن أبيه, عن عبيد بن عمير, عن عبد الله بن عمر، أنه قال: سمعت رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم يقول: ” يَأْخُذُ الجَبَّارُ سَمَوَاتِهِ وَأرْضَهُ بِيَديْهِ”, وقبض يده فجعل يقبضها ويبسطها, ثُمَّ يَقُولُ: ” أنا الجَبَّارُ, أنا المَلِكُ, أيْنَ الجَبَّارُونَ, أيْنَ المُتَكَبِّرُونَ؟” قال: ويميل رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم عن يمينه وعن شماله, حتى نظرت إلى المنبر يتحرّك من أسفل شيء منه, حتى إني لأقول: أساقط هو برسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم؟”. انتهى
أَبُو عَلْقَمَة الْفَروِي اسْمه عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي فَرْوَةَ مولى آل عُثْمَان بن عَفَّان يروي عَنِ الْأَعْرَج وَيزِيد بْن خصيفَة روى عَنْهُ إِبْرَاهِيم بْن الْمُنْذر الْحزَامِي وَأهل الْمَدِينَة مَاتَ فِي الْمحرم سنة تسعين وَمِائَة
ففي الحديثين ورد أن الله عز وجل يأخذ سَمَوَاتِه وأرْضَهُ بِيَدَيْه، هكذا بالتثنية، أي بقدرته.
راجع الرابط التالي:
https://www.facebook.com/share/p/17LgshrZeD/
لذلك حقق النبي صلى الله عليه وسلم الصفة، وقبض يديه، لأن صفات المعاني يجوز تحقيقها.
راجع الرابط التالي:
https://www.facebook.com/share/p/1B53uXzayE/
ولم يرد في هذا الأثر أن السموات في يمينه والأرضون في شماله.
ثم قال الطبري: حدثني الحسن بن عليّ بن عياش الحمصي, قال: ثنا بشر بن شعيب، قال: أخبرني أبي, قال: ثنا محمد بن مسلم بن شهاب, قال: أخبرني سعيد بن المسيب, عن أبي هريرة أنه كان يقول: قال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: ” يَقْبِضُ اللهُ عَزَّ وجَلَّ الأرْضَ يَوْمَ القِيامَةِ وَيَطْوِي السموات بيَمينهِ, ثُمَّ يَقُولُ:
أنا المَلِكُ أيْنَ مُلُوكُ الأرْضِ؟”.
وهذا الأثر ليس فيه ذكر الشمال من أصله.
ثم قال الطبري: حُدثت عن حرملة بن يحيى, قال: ثنا إدريس بن يحيى القائد, قال: أخبرنا حيوة، عن عقيل, عن ابن شهاب, قال: أخبرني نافع مولى ابن عمر, عن عبد الله بن عمر, أن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: ” إنَّ اللهَ يَقْبِضُ الأرْضَ يَوْمَ القِيَامَةِ بِيَدِهِ, وَيَطْوِي السَّماءَ بِيَمينهِ وَيَقُولُ: أنا المَلِكُ”.
وهذا الأثر لا يحتج به في العقائد لجهالة من روى عنه الطبري.
ثم قال الطبري: حدثني محمد بن عون, قال: ثنا أبو المغيرة, قال: ثنا ابن أبي مريم, قال: ثنا سعيد بن ثوبان الكلاعي عن أبي أيوب الأنصاري، قال: أتى رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم حبر من اليهود, قال: أرأيت إذ يقول الله في كتابه: وَالأرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ، فأين الخلق عند ذلك؟ قال: ” هُمْ فِيها كرَقْمِ الكِتابِ”. انتهى
وهذا الأثر أيضا ليس فيه اثبات الشمال لله عز وجل.
ثم قال الطبري: حدثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري, قال: ثنا أبو أسامة, قال: ثنا عمر بن حمزة، قال: ثني سالم, عن أبيه, أنه أخبره أن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: ” يَطْوِي اللهُ السَّمَاوَاتِ فَيَأخُذُهُنَّ بِيَمِينِهِ ويَطْوِي الأرْضَ فَيأْخُذُها بشِمالِهِ، ثُمَّ يَقُولُ: أنا المَلِك أيْنَ الجَبَّارُونَ؟ أينَ المُتَكَبِّرُونَ”.
وهذا الأثر ضعيف منكر ففي سنده عمر بن حمزة، قال عنه أحمد: أحاديثه مناكير

القاصمة لقاعدة ابن تيمية في تفسير قوله تعالى: “لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَي”
زعم بعض المشبهة أن تأويل اليد بالقدرة خطأ بدعوى أن العرب قديما وان كانوا قد عبروا على اليد بالقدرة، فإنهم استعملوا فقط صيغة المفرد ” اليد” وصيغة الجمع “الأيدي”، ولم يستعملوا صيغة التثنية.
وهذه من جملة قواعدهم الباطلة التي أخذوها عن شيخهم في التجسيم “أبو العباس أحمد بن تيمية الحراني” ، حيث قال في مجموع الفتاوى: “لفظ اليدين بصيغة التثنية، لم يستعمل في النعمة ولا في القدرة. لأن من لغة القوم استعمال الواحد في الجمع كقوله: “إِنَّ الإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ”، ولفظ الجمع في الواحد كقوله: “الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ”، ولفظ الجمع في الاثنين كقوله : وصَغَتْ قُلُوبُكُمَا. أما استعمال لفظ الواحد في الاثنين، و الاثنين في الواحد فلا أصل له. لأن هذه الألفاظ عدد، نصوص في معناها لا يُتجوز بها، ولا يجوز أن يقال: عندي رجل ويعني رجلين، ولا عندي رجلان ويعني به الجنس، لان اسم الواحد يدل على الجنس…فقوله : ” لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَي” لا يجوز أن يُراد به القدرة؛ لأن القدرة صفةٌ واحدة ولا يجوز أن يُعبر بالاثنين عن الواحد. ولا يجوز أن يُراد به النعمة؛ لأن نعم الله لا تحصى، فلا يجوز أن يُعبر عن النعم التي لا تحصى بصيغة التثنية… ولست تجد في كلام العرب ولا العجم إن شاء الله تعالى أن فصيحًا يقول: فعلت هذا بيدي، أو فلان فعل هذا بيديه، إلا ويكون فعله بيديه حقيقة، ولا يجوز أن يكون لا يد له، أو أن يكون له يد، والفعل وقَع بغيرها، وبهذا الفرق المحقق تتبيَّن مواضع المجاز ومواضع الحقيقة، ويتبيَّن أن الآيات لا تقبل المجاز البتةَ من جهة نفس اللغة“. انتهى
وهذا الذي قاله هذا الحراني لم يسبقه إليه أحد من علماء اللغة أو البلاغة، بل ترده الأحاديث الواردة عن النبي صلى الله عليه و سلم، منها:
أ- قوله:” إِذْ أَوْحَى اللهُ إِلَى عِيسَى: إِنِّي قَدْ أَخْرَجْتُ عِبَادًا لِي، لَا يَدَانِ لِأَحَدٍ بِقِتَالِهِمْ”. رواه مسلم.
ب- وقوله: “حَتَّى إِذَا رَأَيْتَ شُحًّا مُطَاعًا، وَهَوًى مُتَّبَعًا وَدُنْيَا مُؤْثَرَةً، وَإِعْجَابَ كُلِّ ذِي رَأْىٍ بِرَأْيِهِ، وَرَأَيْتَ أَمْرًا لاَ يَدَانِ لَكَ بِهِ، فَعَلَيْكَ خُوَيْصَّةَ نَفْسِكَ، وَدَعْ أَمْرَ الْعَوَامِّ”. أخرجه ابن ماجة و البيهقي في الشعب و الآداب و السنن
وترده أيضا الأحاديث الواردة عن كبار الصحابة، منها:
أ- ما نقله البيهقي في السنن: ” ثم قام أبو بكر رضى الله عنه فخطب الناس واعتذر إليهم وقال والله ماكنت حريصا على الامارة يوما ولا ليلة قط ولا كنت فيها راغبا ولا سألتها الله في سر ولا علانية ولكني اشفقت من الفتنة ومالي في الامارة من راحة ولكن قُلدت أمرا عظيما ما لي به طاقة ولا يدان الا بتقوية الله”. انتهى
ب – وما جاء في طبقات ابن سعد و تاريخ الطبري و مسند أحمد: ” فقال أبو بكر يا أبت لا حول ولا قوة إلا بالله طُوقت أمرا عظيما من الأمر لا قوة لي به ولا يدان إلا بالله”. انتهى
فقوله ولا يدان الا بالله، اي لا قوة ولا مقدرة الا بالله.
ويرده الكلام الوارد عن الفقهاء و أساطين اللغة العربية:
أ – قال اللغوي الكبير أبو الحسن علي بن إسماعيل، المعروف بابن سِيدَه المتوفى سنة 458 هجري في المخصص جزء3 صحيفة 250: “وقد بينت به أيضاً أن التّثنية تكون للمبالغة فهو شاهد في تأويل قوله تعالى:” ما مَنَعَكَ أنْ تَسْجُدَ لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَّ” وأنا أذكر من معنى لبيك وسعديك، وأبينُ من معنى التّثنية مثل ما ذكرت في حَنانَـيْكَ وأخواتها من المصادر المثناة وأُري وجهَ الضّرورة في التّثنية وأُعلِم كيف تكتسي هذه الأَلِفاظ معنى التّعظيم والإجلال والمبالغة وكيف يكون وقوعها على الله تعالى فَمَن دونَه”. انتهى
و ابن سيده أخذ علوم اللغة العربية على يد أبيه، ثم على أبي العلاء صاعد البغدادي وأبي عمر الطلمنكي. وقد أثنى عليه الحميدي فقال: «إمام في اللغة والعربية، حافظ لهما على أنه كان ضريرًا، قد جمع في ذلك جموعًا، وله مع ذلك في الشعر حظ وتصرف».انتهى
ب- قال اللغوي المفسر أبو حيان الأندلسي في البحر المحيط في تفسير هذه الآية:” إن ذلك عبارة عن القدرة والقوة”، ومعلوم لمن مارس شيئاً من علم النحو واللغة والتفسير أن أبا حيان من كبار اللغويين والنحاة فلا يُعترض على مثله في ذلك، ومن أين لمعترض على تأويل أبي حيان أن يجاريه علماً وفقهاً.
ج- قال الماوردي في تفسيره “بيديّ”: فيه أوجه منها بقدرتي ومنه قول الشاعر:
تحملت من عفراء ما ليس لي به.. ولا للجبال الراسيات يدان
د- قال الغزالي في كتابه “الحكمة في مخلوقات الله” : ” ثم انظر إلى ما شرف به وخص في خلقه بأنه خلق ينتصب قائما ويستوي جالسا ويستقبل الأمور بيديه وجوارحه ويمكنه العلاج والعمل ولم يخلق مكبوباً على وجهه كعدة من الحيوانات “. انتهى
ولاشك ان استقبال الأمور باليدين، كناية على المقدرة.
هـ- جاء في طبقات الشافعية للتاج السبكي:
قاض مقر العبدل في أبوابه فالجور من ارجائها لا يقرب
راض الامور فاقبلت منقادة و زمامها بيديه لا يستصعب
ماقدموا يوما على لمنصب الا علا قدرا وقل المنصب
ويرده أيضا كلام العرب في الجاهلية، من ذلك ما نقله أبو علي القالي البغدادي المتوفى سنة 356 هجري في كتابه الأمالي أن حممة بن الحارث بن رافع الدوسي الذي عاش في الجاهلية سُئل: ” فمن أحزم الناس”، قال: “من أخذ رقاب الأمور بيديه ، وجعل العواقب نصب عينيه “. انتهى
ونقله السيوطي في المزهر في علوم اللغة.
ولا شك أن الأمور ليس لها رقاب محسوسة، وأن الحازم من الناس هو الذي يحسن تدبيرها وهذا مفهوم من سياق تعبيره واستعماله للفعل “أخذ “، و تثنيته لكلمة اليد و تصديرها أيضا بحرف الباء، تماما كما في الآية.
وعليه فإنه يصح في لغة العرب أن يقال عن أقطع اليدين مثلا، أنه أخذ زمام الأمور بيديه، أي أحسن تدبيرها وتصريفها. كما يصح أيضا أن يقال عن قائد الجيش المنتصر أنه أمسك زمام المعركة بيديه.
فيتلخص مما سبق أن القاعدة التي وضعها ابن تيمية لتفسير قوله تعالى: “لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَي”، هي قاعدة بدعية ما أنزل الله بها من سلطان، و ان كل اعتراضاته مدفوعة بكلام النبي صلى الله عليه و سلم وكلام الصحابة و أساطين اللغة و بكلام العرب في الجاهلية أيضا.
وهذا يثبت صحة تأويل بعض أهل السنة الأشاعرة لهذه الآية. فهؤلاء أثبتوا اليد بلا كيف، بمعنى الصفة لا على معنى الجارحة، وقالوا يد لا كأيدينا لا على معنى الجسمية ، لكنهم أولوا قوله تعالى: “لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَي” بالقدرة.
وهذا نظير تأويل هذا الحراني لقوله تعالى: “بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء” بالجود والعطاء، حيث قال في “الجواب الصحيح”: “…ولا يعرف عالم مشهور من علماء المسلمين ولا طائفة مشهورة من طوائفهم يطلقون العبارة التي حكوها عن المسلمين حيث قالوا عنهم إنهم يقولون إن لله عينين يبصر بهما ويدين يبسطهما وساقًا ووجهًا يوليه إلى كل مكان وجنبًا، ولكن هؤلاء ركبوا من ألفاظ القرآن بسوء تصرفهم وفهمهم تركيبًا زعموا أن المسلمين يطلقونه. وليس في القرآن ما يدل ظاهره على ما ذكروه فإن الله تعالى قال في كتابه: ” وقالت اليهود يد الله مغلولة غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء” واليهود أرادوا بقولهم يد الله مغلولة أنه بخيل فكذبهم الله في ذلك وبين أنه جواد لا يبخل فأخبر أن يديه مبسوطتان كما قال “ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملومًا محسورا “. “فبسط اليدين المراد به الجود والعطاء، ليس المراد ما توهموه من بسط مجرد، . ولما كان العطاء باليد يكون ببسطها صار من المعروف في اللغة التعبير ببسط اليد عن العطاء” .انتهى
فلو كان مجرد تفسير اليد بالقدرة هو كلام الجهمية، لكان كبار رؤوس المجسمة جهمية، أيضا.
ولو زعم معترض أن قوله تعالى: “بل يداه مبسوطتان” ليست آية من آيات الصفات، فجواب ذلك أن بعض رؤوس هذه النِّحلة استدل بهذه الآية لاثبات صفة اليد:
– قال ابن عثيمين في تعليقه على لمعة الاعتقاد: ” الواجب في نصوص الكتاب والسنة إبقاء دلالتها على ظاهرها من غير تغيير، لأن الله أنزل القرآن بلسان عربي مبين… ولأن تغييرها عن ظاهرها قول على الله بلا علم وهو حرام.. مثال ذلك قوله تعالى: بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ -المائدة: 64- فإن ظاهر الآية أن لله يدين حقيقتين فيجب إثبات ذلك له، فإذا قال قائل: المراد بهما القوة، قلنا له: هذا صرف للكلام عن ظاهره فلا يجوز القول به، لأنه قول على الله بلا علم. انتهـى
وقال في تفسيره: “﴿بَلْ يَدَاهُ﴾، ولم يقل: يده، لأن له يدين اثنتين سبحانه وتعالى، ﴿مَبْسُوطَتَانِ﴾ يعني غير مقبوضتين فضلًا أن تكونا مغلولتين”. انتهى
ملاحظة:
زعم بعض الجهلة ان كلمة يدان في الحديث الذي رواه مسلم “لَا يَدَانِ لِأَحَدٍ بِقِتَالِهِمْ”، من فعل دان يدين، أي لا يُستطاع على قتالهم. وهذا حال من لم يتلق العلم وتفسير الأحاديث من أفواه العلماء، والا فقد قال النووي في شرحه على مسلم: ” فقوله ( لا يدان ) بكسر النون تثنية ( يد ) . قال العلماء : معناه لا قدرة ولا طاقة ، يقال : ما لي بهذا الأمر يد ، وما لي به يدان ; لأن المباشرة والدفع إنما يكون باليد ، وكأن يديه معدومتان لعجزه عن دفعه”. انتهى




أسلوب الإشارة لتحقيق الصفة لله عز وجل
إن استعمال أئمة السلف لأسلوب الإشارة عند كلامهم عن صفات الله عز وجل، ليس على إطلاقه كما يظن جهلة المجسمة.
فإشارة الرسول لعينه عند ذكر قوله تعالى ” وهو السميع البصير” كان لأجل تحقيق اثبات صفة البصر لا أنه كان يشرح المعنى بتشبيه بصر الله ببصر المخلوقين، لأن بصر الله ليس بواسطة جارحة ولا حدقة ولا باتصال شعاع. و شراح أحاديث الإشارة من الأئمة المعتبرين جميعهم مطبقون على ذلك.
ثم إن السمع والبصر هي من صفات المعاني، وقد وردت في نصوص محكمة، والنص المحكم يحتمل معنى واحد بحسب وضع اللغة العربية لذلك أشار النبي لعينه وأذنه لتحقيق تلك الصفة.
صفات المعاني جميعها صفات ثابتة لله عز وجل و يصح تحقيقها بالإشارة؛ كالاشارة بالاصبع للسماء لتحقيق وجود الله، ولا يراد مع ذلك تحيز الله في جهة فوق.
والقدرة، قد يشار إليها بقبضة اليد لتحقيق ثبوتها لله.
والبصر أيضا قد يشار له بوضع الاصبع على العين ولا يراد بذلك العين الجارحة.
والسمع قد يشار إليه بوضع الاصبع على الاذن، ولا يراد به أن الله يسمع بأذن، أو أن له أذنين.
والكلام قد يشار إليه بالفم ولا يراد بذلك أن الله يتكلم بآلة أو أن له حرفا وصوتا.
كل ذلك فقط لتحقيق اثبات صفات المعاني لا غير، فيكون في ذلك رد على من يتأول الصفات الثابتة كالقدرة والإرادة، ويتوهم أنها مجاز في حقه سبحانه أو ينفيها بالكلية كما يقول بذلك المعتزلة.
وأما الصفات الخبرية كاليد والوجه والعين والاستواء فقد ورد جميعها في نصوص متشابهة تحتمل أكثر من معنى بحسب وضع اللغة العربية، فلا يصح تحقيقها بالإشارة، فلم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم الاشارة ليده لتحقيق صفة اليد مثلا، ولا لوجهه لتحقيق صفة الوجه، ولا لعينه لتحقيق صفة العين، بل هو أشار لعينه لتحقيق صفة البصر.
راجع الرابط التالي:
https://www.facebook.com/share/p/16eExiQDoZ/
كما لم يثبت عن النبي أنه جلس على كرسي لما أراد اثبات الاستواء، مما يدل قطعا أن تلك الصفات الخبرية لا يُعلم معناها على التحقيق، بل يفوض معناها لله عز وجل.
و لذلك نهى الإمام مالك وأحمد عن الإشارة لليد أو الاشارة للوجه حتى مع إرادة تحقيق الصفة.
فقد نقل أبو القاسم الأصبهاني في الحجة في بيان المحجة أن رجلا أومأ بيده لما قرأ قوله تعالى ” والسماوات مطويات بيمينه” فقال له أحمد: قطعها الله قطعها الله قطعها الله. ثم حرد وقام”. انتهى
ومن هنا نقف على عدم صحة الحديث المنسوب لابن عمر الذي رواه الإمام أحمد في مسنده قال: “حدثنا عفان حدثنا حماد بن سلمة أخبرنا إسحاق بن عبد الله يعني ابن أبي طلحة عن عبيد الله بن مقسم عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ هذه الآية ذات يوم على المنبر “وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسموات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون” ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول هكذا بيده ويحركها يقبل بها ويدبر يمجد الرب نفسه أنا الجبار أنا المتكبر أنا الملك أنا العزيز أنا الكريم فرجف برسول الله صلى الله عليه وسلم المنبر حتى قلنا ليخرن به”. انتهى
فهذه الرواية فيها حماد بن سلمة، وهو مختلف في توثيقه.
راجع الرابط التالي:
https://www.facebook.com/share/p/19JnWChcN1/
و جاء في أطراف الغرائب والأفراد من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم للإمام الدارقطني، تأليف أبي الفضل محمد بن طاهر بن علي بن أحمد المقدسي الشيباني، المعروف بابن القيسراني المتوفى سنة 507 هجري ما نصه: “تفرد به حماد بن سلمة عن اسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن عبيد الله بن مقسم”. انتهى
ولو صح هذا الحديث، فيكون اليمين المذكور في الآية كناية على القدرة، لا أن المراد بها صفة اليد.
وكذلك ما ورد في بعض النصوص من تثنية اليد، فلا يراد بها صفة اليد، بل هو كناية عن القدرة أيضا
فالقاعدة هنا أن أسلوب الإشارة لتحقيق الصفة يتعلق بصفات المعاني فقط، لا بالصفات الخبرية، وأن التفويض متعلق بالصفات الخبرية دون صفات المعاني.
وعليه فأهل السنة يثبتون الصفات الواجبة لله ويفوضون معاني الصفات الخبرية لله عز وجل.
وبالتالي بطل قول المجسمة؛ أن المفوضة لا يرون معاني مفهومة لجميع صفات الله عز وجل، وبطل أيضا قولهم؛ أن القول في بعض الصفات كالقول في البعض الآخر
https://www.facebook.com/share/p/1Eni4uw2BD/
فإن قيل؛ ورد عن ابن عباس أنه أشار لعينيه في قوله تعالى: “تجري بأعيننا” فجوابه أن تلك الرواية لا تثبت عنه.
راجع الرابط التالي:
https://www.facebook.com/share/p/1BgAowrCNZ/
وإن قيل كذلك؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أشار بيده الى عينه اليمنى في معرض كلامه عن المسيح الدجال و أنه أعور و أن الله ليس بأعور، فهذه الإشارة قصد بها النبى صلى الله عليه وسلم التمثيل لعين الدجال، وليس التمثيل لصفة عين الله تعالى ولا تحقيقها كما ذكر ذلك الحافظ ابن حجر في الفتح. أما أصحاب تتبع المتشابه، فيزعمون أن الإشارة منه صلى الله عليه وسلم يقصد بها التمثيل لعين الله تعالى.
تحقيق الصفة عند أئمة السلف
روى الإمام أبو داود في «سننه» عن علي بن نصر، ومحمد بن يونس النسائي، قالا: حدّثنا عبد الله بن يزيد المقرئ، قال: حدّثنا حرملة بن عمران، عن أبي يونس سليم بن جبير، عن ابن شهاب قال: «سمعت أبا هريرة يقرأ هذه الآية: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا﴾ -النساء: 58 – إلى قوله ﴿إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا﴾، ثم يضع إبهامه على أذنه والتي تليها على عينه».
وقال أبو هريرة: “رأيت رسول الله ﷺ يقرؤها ويضع إصبعه”. انتهى
وعقّب أبو داود قائلاً: وهذا ردٌّ على الجهمية .
أي أن الحديث رد على الجهمية الذين ينفون صفات الله كالسمع والبصر.
وذكر الإمام البيهقي في «الأسماء والصفات» أن المقصود من الإشارة النبوية في هذا الخبر هو تحقيق الوصف لله تعالى بالسمع والبصر؛ حيث أشار النبي ﷺ إلى موضع السمع والبصر لا لإثبات الجارحة، وإنما لإثبات الصفتين، كما يُقال: «قبض فلان على مال فلان » ويُشار باليد على معنى أنه حاز ماله.
فبيّن البيهقي أن الحديث يدل على أن المراد بالسمع والبصر في الآية إثبات الصفتين لله تعالى، لا مجرد العلم؛ لأنه لو كان المقصود بالسمع والبصر العلم، لأشار النبي ﷺ إلى القلب؛ إذ هو محلّ العلم.
وهذا رد أيضا على المشبهة الذين يثبتون الصفات بكيفية مجهولة وبمعاني مشتركة.
فعلم بذلك أن القول بأن لله سمع ولفلان سمع، أن ذلك اتفاق في اللفظ واختلاف في المعنى.
وقال الإمام الخطّابي في شرحه للحديث:
«وضع النبي ﷺ إصبعه على أذنه وعينه عند قراءته ﴿سميعًا بصيرًا﴾ لإثبات صفة السمع والبصر لله سبحانه، لا لإثبات الأذن والعين، لأنهما جارحتان. والله سبحانه وتعالى منزَّه بصفاته عن مشابهة صفات الأجسام والمخلوقات. فليس سبحانه بذي جوارح ولا أعضاء ولا أجزاء ولا أبعاض – تعالى الله عن ذلك – وهو السميع البصير».
وقد نقل ابن عبد البر المالكي تكفير الإمام مالك لمن ذكر صفة من صفات الله ثم أشار لجزء من بدنه بقصد التشبيه أو اثبات الجارحة أو حتى على معنى الاشتراك في المعنى.
أما إذا قصد فقط تحقيق الصفة فلا يكفر.

ترجمة حماد بن سلمة
حماد بن سلمة هو عالم محدث، وثّقه الكثير من أئمة الحديث، لكنهم تكلموا في حفظه أيضا. فقد ذكر أهل الجرح والتعديل أنه يغلط كثيرا في غير ثابت البناني وحميد.
قال أحمد: «أثبتهم في ثابت، حماد بن سلمة»، وقال أيضاً: «حماد بن سلمة أعلم الناس بحديث حميد وأصح حديثاً» . انتهى
وأما في غير هؤلاء و أمثالهما فهو كثير الخطأ:
فقد أورد الذهبي في سير النبلاء، والحافظ ابن حجر في تهذيب التهذيب، في ترجمة علي بن عاصم أنَّ أحمد بن حنبل قال: “كان حماد بن سلمة يخطئ، وأومأ أحمد بيده خطأً كثيراً ولم نَرَ بالرواية عنه بأساً”. انتهى
أي في روايته عن ثابت وحميد.
بل كانت لحماد بن سلمة أوهام كما قال الذهبي في المغني: “ﺣﻤﺎﺩ ﺑﻦ ﺳﻠﻤﺔ ﺇﻣﺎﻡ ﺛِﻘَﺔ ﻟَﻪُ ﺃَﻭْﻫَﺎﻡ ﻭﻏﺮاﺋﺐ ﻭَﻏَﻴﺮﻩ اﺛْﺒﺖْ ﻣِﻨْﻪُ”. انتهى
وهذا أقره الالباني في الضعيفة، ونص عبارته: “إن حمادا له أوهام”. انتهى
وبعض العلماء يرمي حماد باضطراب الرواية، مثل يعقوب بن شيبة السدوسي، حيث قال : “وفي بعض روايته اضطراب”، وقال أيضا: “ثقة، في حديثه اضطراب شديد، إلا عن شيوخ فإنه حسن الحديث عنهم”. انتهى كما في شرح العلل لابن رجب، بل أقر ابن رجب باضطرابه في شيوخه الذين لم يكثر ملازمتهم كقتادة وأيوب.
وقد ضعفه ابن معين في مواضع من تاريخه، برواية ابن محرز، حيث قال ابن معين : “حماد بن سلمة ليس هو بشيئ”. انتهى
وقال عنه ابن عدي: منكر الحديث، فقد جاء في الكاشف للذهبي ما نصه : “قال ابن عدي حماد بن سلمة منكر الحديث”. انتهى
وكان حماد لا يرجع إلى قول أحد، فقد جاء في الجرح والتعديل ما نصه: “ﺳﻤﻌﺖ ﻋﻔﺎﻥ ﻗﺎﻝ ﻛﻨﺎ ﻋﻨﺪ ﺣﻤﺎﺩ ﺑﻦ ﺳﻠﻤﺔ ﻓﺄﺧﻄﺄ ﻓﻲ ﺣﺪﻳﺚ ﻭﻛﺎﻥ ﻻ ﻳﺮﺟﻊ ﺇﻟﻰ ﻗﻮﻝ ﺃﺣﺪ ﻓﻘﻴﻞ ﻟﻪ ﻗﺪ ﺧﻮﻟﻔﺖ ﻓﻴﻪ، ﻓﻘﺎﻝ ﻣﻦ؟ ﻗﺎﻟﻮا ﺣﻤﺎﺩ ﺑﻦ ﺯﻳﺪ، ﻓﻠﻢ ﻳﻠﺘﻔﺖ، ﻭﻗﺎﻟﻮا: ﻭﻫﻴﺐ، ﻓﻠﻢ ﻳﻠﺘﻔﺖ، ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻪ ﺇﻧﺴﺎﻥ ﺇﻥ ﺇﺳﻤﺎﻋﻴﻞ اﺑﻦ ﻋﻠﻴﺔ ﻳﺨﺎﻟﻔﻚ، ﻓﻘﺎﻡ ﻓﺪﺧﻞ ﺛﻢ ﺧﺮﺝ ﻓﻘﺎﻝ اﻟﻘﻮﻝ ﻣﺎ ﻗﺎﻝ ﺇﺳﻤﺎﻋﻴﻞ ﺑﻦ ﺇﺑﺮاﻫﻴﻢ”. انتهى
وكان حماد يسند ما لا يسنده غيره، فقد جاء في تهذيب الكمال ما نصه: “ﺣَﺪَّﺛَﻨَﺎ ﺣﻨﺒﻞ، ﻗﺎﻝ: ﺳﻤﻌﺖ ﺃﺑﺎ ﻋَﺒﺪ اﻟﻠَّﻪِ ﻳﻘﻮﻝ: ﻳﺴﻨﺪ ﺣﻤﺎﺩ ﺑﻦ ﺳﻠﻤﺔ ﻋﻦ ﺃﻳﻮﺏ ﺃﺣﺎﺩﻳﺚ ﻻ ﻳﺴﻨﺪﻫﺎ اﻟﻨﺎﺱ ﻋﻨﻪ”. انتهى
ولأجل كل ما تقدم، قال الذهبي عنه في السير: فالاحتياط أن لا يُحتج به فيما يخالف الثقات “. انتهى
بل إن حماد قد تكلم غير واحد من العلماء عن تغير حفظه، فقد ذكر الذهبي في السير أن أبا عبد الله الحاكم قال : “قد قيل في سوء حفظ حماد بن سلمة وجمعه بين جماعة في الإسناد بلفظ واحد”. انتهى
وقال الحافظ ابن حجر في تقريب التهذيب: “ثقه عابد أثبت الناس في ثابت وتغير حفظه بأخرة”. انتهى
وما ذكره الحافظ ابن حجر، احتج به مقبل الوداعي في تعليقه على “التتبع” عند الكلام عن حديث مسلم في تفسير الزيادة في قوله تعالى “للذين احسنوا الحسنى وزيادة” حيث قال: ” وبعد فالذي يظهر لي هو ترجيح رواية الجماعة وإن كان حماد بن سلمة أثبت الناس في ثابت فإنه تغير حفظه بآخره كما في ” تقريب التهذيب ” والخطأ إلى الواحد أقرب منه إلى الجماعة. انتهى
و قال الزيلعي في نصب الراية:”… وحماد بن سلمة ساء حفظه في آخر عمره، فالحفاظ لا يحتجون بما يخالف فيه، ويتجنبون ما ينفرد به، وخاصة عن قيس بن سعد، وأمثاله “. انتهى
وقال الحافظ البيهقي في الخلافيات: ” ﻓَﺄَﻣﺎ ﺣﻤﺎﺩ ﺑﻦ ﺳﻠﻤﺔ ﻓَﺈِﻧَّﻪُ ﺃﺣﺪ ﺃَﺋِﻤَّﺔ اﻟْﻤُﺴﻠﻤﻴﻦ….. ﺇِﻻَّ ﺃَﻧﻪ ﻟﻤﺎ ﻃﻌﻦ ﻓِﻲ اﻟﺴﻦ ﺳَﺎءَ ﺣﻔﻈﻪ ﻭَﻟﺬَﻟِﻚ ﺗﺮﻙ اﻟﺒُﺨَﺎﺭِﻱّ اﻻِﺣْﺘِﺠَﺎﺝ ﺑﺤَﺪﻳﺜﻪ، ﻭَﺃﻣﺎ ﻣُﺴﻠﻢ ﻓَﺈِﻧَّﻪُ اﺟْﺘﻬﺪ ﻓِﻲ ﺃﻣﺮﻩ ﻭَﺃﺧﺮﺝ ﻣﻦ ﺣَﺪِﻳﺜﻪ ﻋَﻦ ﺛَﺎﺑﺖ ﻣَﺎ ﺳﻤﻊ ﻣِﻨْﻪُ ﻗﺒﻞ ﺗﻐﻴﺮﻩ….. وأخرجه ﻓِﻲ اﻟﺸﻮاﻫﺪ ﺩﻭﻥ اﻻِﺣْﺘِﺠَﺎﺝ ﺑِﻪِ ﻭَﺇِﺫا ﻛَﺎﻥَ اﻷَْﻣﺮ ﻋﻠﻰ ﻫَﺬَا ﻓﺎﻻﺣﺘﻴﺎﻁ ﻟﻤﻦ ﺭاﻗﺐ اﻟﻠﻪ ﺗَﻌَﺎﻟَﻰ ﺃَﻥ ﻻَ ﻳﺤْﺘَﺞ ﺑِﻤَﺎ ﻳﺠﺪ ﻣﻦ ﺃَﺣَﺎﺩِﻳﺜﻪ ﻣُﺨَﺎﻟﻔﺎ ﻷﺣﺎﺩﻳﺚ اﻟﺜِّﻘَﺎﺕ”. انتهى
فما ذكره البيهقي وافقه عليه الذهبي، فالأولى أن لا يُحتج به فيما يخالف الثقات في أحاديث الصفات و غيرها.
فبعدما تقدم لا يُلتفت لكلام من هو دون هؤلاء الحفاظ مرتبة وعلما، من ذلك ما قاله المعلمي في تنكيله: “البيهقي أرعبته شقاشق أستاذه ابن فورك المتجهم، الذي حذا حذو ابن الثلجي في كتابه الذي صنفه في تحريف الصفات والطعن فيها”. انتهى
وهل يُساوى المعلمي بالحافظ البيهقي والإمام ابن فورك وغيرهما من الأئمة؟ بل ان كلام البيهقي احتج به أسياد المعلمي نفسه، فقد قال ابن القيم في أعلام الموقعين
عن حماد بن سلمة:” … قال البيهقي: إلا أنه لما طعن في السن ساء حفظه فلذلك ترك البخاري الاحتجاج بحديثه، وأما مسلم فاجتهد في أمره وأخرج من حديثه عن ثابت ما سمع منه قبل تغيره، وما سوى حديثه عن ثابت لا يبلغ أكثر من اثني عشر حديثا أخرجها في الشواهد دون الاحتجاج به. وإذا كان الأمر كذلك فالاحتياط لمن راقب الله عز وجل أن لا يحتج بما يجد من حديثه مخالفا لأحاديث الثقات الأثبات وهذا الحديث من جملتها “. انتهى
وقال صاحب “عون المعبود”: ” … قال البيهقي: والحديث إذا تفرد به حماد بن سلمة لم يشك فيه ثم يخالفه فيه من هو أحفظ منه وجب التوقف فيه … “. انتهى
بل ان حماد ابن سلمة اتهمه بعضهم برواية المناكير:
-قال ابن سعد في الطبقات الكبرى : “وربما حدَّث بالحديث المنكر”. انتهى
-قال الذهبي في الميزان: ” فهذا من أنكر ما أتى به حماد، قال: وهذه الرؤية رؤية منام إن صحت”. انتهى
قال الكوثري في التأنيب: “وهو راوي تلك الطامات في الصفات منها رؤية الله في صورة شاب ومثله يجب أن يسكت عن الأئمة حتى يسكت الناس عن تخليطه”. انتهى
وقال الكوثري : “يروي تلك الطامات المدونة في كتب (الموضوعات) وقد أدخل في كتبه ربيباه ما شاء من المخازي كما قال ابن الجوزي، وتحاماه البخاري ولم يذكر مسلم من أحاديثه إلا ما سلم من التخليط من رواياته قبل أن يختلط، وكان المسكين على براعته في العربية وصيته الطيب مبدأ أمره، ساءت سمعته وأصبح أداة صماء بأيدي الحشوية في أواخر عمره … ». انتهى
ومع أن الكوثري احتج بكلام ابن الجوزي الحنبلي في كتابه دفع شبه التشبيه، و بكلام السيوطي في الحاوي للفتاوي، حيث قال : “فإنَّ حماداً تُكُلِّمَ في حفظه ووقع في أحاديثه مناكير، ذكروا أنَّ ربيبه دسها في كتبه، وكان حماد لا يحفظ فحدَّث بها فوهم فيها”. انتهى
نجد أن عبد الرحمن المعلمي استمات في الدفاع عن حماد بن سلمة وأتى بكل شاردة و واردة، لا تنطلي على صاحب لب سليم، حتى قال المدعو عمر بن مسعود بن عمر الحدوشي تلميذ ابن باز في كتابه المسمى شفاء التبريح من داء التجريح ما نصه: ” ثم حاول المعلمي الدفاع عنه وعن حديث رؤية الله في صورة شاب – فأصاب في الدفاع عنه- وأخطأ في الدفاع عن حديث رؤية الله في صورة شاب وغيرها من طامات سوء منه أو من ربيبيه”. انتهى
فهذا كالاقرار منه أن حماد يروي طامات ينبغي الاعراض عنها، سواء كان ذلك منه، أو مما دسه ربيبيه في كتبه.
بل هذا الأمر أثبته عنه الإمام أبو الوليد الباجي في التعديل والتجريح، حيث ذكر أن النَّسائي سئل عن حماد بن سلمة فقال: لا بأس به، وكان قبل ذلك قال فيه: ثقة. قال القاسم بن مسعدة: فكلمته فيه فقال: ومن يجترئ يتكلم فيه؟ لم يكن عند القطان هناك، ولكنه روى عنه أحاديث دارى بها أهل البصرة، ثم جعل النَّسائي يذكر الأحاديث التي انفرد بها في التشبيه، كأنه خاف أن يقول الناس: إنه تكلم في حماد من طريقها، ثم قال: حمقى أصحاب الحديث. وذكر من حديث حماد منكراً عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة: إذا سمع أحدكم الأذان والإناء على يده”. انتهى
وهذا معناه أن ابن حماد ليس بالضابط المتقن، مع أنه ثقة، و قد اتهم النسائي أيضا بعض اصحاب الحديث برواية بعض الأحاديث المنكرة في الصفات عن حماد، وأصحاب الحديث اسم جامع لفئات شتى من الفرق منهم أهل السنة ومنهم المجسمة و القدرية و المعتزلة…..
وخلاصة القول في حماد أنه مع وثاقته عند روايته عن بعض شيوخه فإن ما يرويه عن بعضهم الٱخر فيه ضعف وبعضه يحتوي على أحاديث منكرة في الصفات تفيد التشبيه، وهذا لعدم ضبطه عنهم أو عدم ملازمته لهم أو لوقوع الدس في كتبه.
والا فحماد بن سلمة هو رواي حديث ان الله يدني عبده داود عليه السلام منه ويضع الله بعضه عليه، وهو أيضا راوي حديث ان محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم راى ربه في ليلة المعراج رؤية عين انه شاب امرد، و راوي ان الله تجلى للجبل فقال ان الله اخرج خنصره فساخ الجبل.
بطلان مقولة ” القول في بعض الصفات كالقول في البعض الآخر” وبيان الفروق بين الصفات الخبرية وصفات المعاني
1- الرد الاجمالي
مقولة ” القول في بعض الصفات كالقول في البعض الآخر” ذكرها ابن تيمية في مواضع كثيرة من كتبه و جعلها أصلا و قاعدة في العقائد، و تبعه عليها تلميذه ابن القيم و غيره من مبتدعة المشبهة في عصرنا.
قال ابن تيمية في مجموع الفتاوى ما نصه: “فأما الأصلان فأحدهما أن يقال “القول في بعض الصفات كالقول في بعضٍ” فإن كان المخاطب ممن يقول بأن الله حيٌّ بحياة، عليمٌ بعلم، قديرٌ بقدرة، سميعٌ بسمع، بصيرٌ ببصر، متكلمٌ بكلام، مريدٌ بإرادة، ويجعل ذلك كله حقيقة وينازع فى محبته ورضاه وغضبه وكراهته، فيجعل ذلك مجازاً “.انتهى
وقد استعمل ابن تيمية و أتباعه هذه القاعدة في ردهم على أهل السنة الأشاعرة و ابطالهم تأويل الصفات الخبرية. و من جملة شبههم أنهم يقولون مثلا:
كما أنكم أثبتم لله قدرة لا كقدرة المخلوقين و حياة لا كحياة المخلوقين و جعلتم ذلك كله حقيقة و لم تتأولوها لزمكم أيضا اثبات يد لله لا كأيدي المخلوقين على الحقيقة، و أن الله يجلس لا كجلوسنا و أن له جنبا لا كجنبنا ورجلا لا كرجلنا وأصابع لا كأصابعنا و صدرا على ما يليق به … إذ القول في بعض الصفات كالقول في البعض الآخر.
وهذا الأصل لا يمكن أن يستقيم مطلقا، إذ القول في الصفات الخبرية هو كالقول في صفات المعاني في وجوه معينة إذ أن هذه الصفات تشترك في كونها أزلية بأزلية ذاته سبحانه و تعالى و ذلك لأن حدوث الصفة يستلزم حدوث الذات قطعا.
وأما من وجوه أخرى فإن القول في الصفات الخبرية ليس كالقول في صفات المعاني لعدة فروق:
1- كون صفات المعاني وردت في نصوص محكمة و الصفات الخبرية وردت في نصوص متشابهة.
2- كون صفات المعاني قد ثبتت بالنصوص النقلية و بدلائل العقل القطعية و كون الصفات الخبرية قد ثبتت بالنصوص النقلية فقط
3- كون صفات المعاني قديمة في حق الخالق و نظيرها في حق المخلوق صفات حادثة. وكون الصفات الخبرية قديمة في حق الخالق ونظيرها في حق المخلوق أعضاء جارحة
4 – كون صفات المعاني تفسر بلوازمها بعكس الصفات الخبرية.
5- كون الاتفاق قائم على اثبات صفات المعاني و كون الاختلاف حاصل بين المجسمة في نسبة صفات لله يزعمون أنها خبرية.
6- كون تأويل نصوص الصفات الخبرية ثابت عند بعض السلف، و كثير من الخلف، بخلاف صفات المعاني فقد أثبتوها على حقيقتها.
2- الرد التفصيلي:
تفصيل ما تقدم ذكره كما يلي:
• كون صفات المعاني وردت في نصوص محكمة و الصفات الخبرية وردت في نصوص متشابهة.
صفات المعاني وردت في نصوص محكمة تحتمل معنى واحدا: لذلك أثبت أهل السنة السمع و البصر و الحياة لله على ما يليق به و لم يتأولوها. أما الصفات الخبرية فقد وردت في نصوص متشابهة تحتمل أكثر من معنى كاليد و الوجه و العين فتأولوها في مواضع بحسب السياق النص.
• كون صفات المعاني قد ثبتت بالنصوص النقلية و بدلائل العقل القطعية و كون الصفات الخبرية قد ثبتت بالنصوص النقلية فقط:
صفات المعاني وردت في نصوص متواترة من القرآن و السنة وأما ما تثبته المجسمة من صفات لا تليق بالله فقد وردت من طريق نصوص ظنية الورود ظنية الدلالة و هذا ما جعل المجسمة أنفسهم يختلفون في ما بينهم في نسبة صفات يزعمون أنها تليق به كالظل و الجلوس و القعود و الاستلقاء و غير ذلك، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.
ولو لم يرد نص بوصف خالق هذا العالم بأنه قادر مثلا لكان حكم العقل قاضيا بوصفه بذلك لأن آثار قدرته تدل عليه، ولم لم يرد وصفه بالعلم لكان حكم العقل أيضا قاضيا بوصفه بذلك لأن آثار علمه تدل عليه. فطريق إثبات هذه الصفات هو العقل والوحي معاً. أما الصفات الخبرية فقد ثبتت بالنصوص النقلية الصحيحة فقط، فلا يستقل العقل باثباتها لله عز وجل وإنما جاء بها الوحي.
• كون صفات المعاني قديمة في حق الخالق و نظيرها في حق المخلوق صفات حادثة. وكون الصفات الخبرية قديمة في حق الخالق ونظيرها في حق المخلوق أعضاء جارحة:
صفات المعاني قديمة في حق الخالق و نظيرها في حق المخلوق صفات حادثة. وأما الصفات الخبرية فهي قديمة في حق الخالق ونظيرها في حق المخلوق أعضاء جارحة. فالعلم و السمع و البصر و الحياة و القدرة و الارادة و الكلام هي صفات حادثة في حق المخلوق أما في حق الله فهي قديمة بقدم الذات.
أما اليد و الوجه و العين فهي أبعاض و أعضاء في حق المخلوق، لا يعبر عنها بأنها صفات. فاليد مثلا يستعين بها الشخص على أداء أعماله، فهي دليل على عجزه. فالصفات مغايرة للأعضاء والجوارح، لغة وشرعا وعقلا كما هو ظاهر.
• كون صفات المعاني تفسر بلوازمها بعكس الصفات الخبرية:
صفات المعاني تفسر بلوازمها بعكس الصفات الخبرية، فإذا قالت المجسمة إن كل صفة تفسر بلوازمها قلنا لا نسلم إطلاق ذلك لأن القول بأن الصفات الخبرية تفسر بلوازمها باطل. فرؤية المبصرات مثلا هي من متعلقات صفة البصر و ليس من متعلقات صفة العين فلا يقال أن الله يرى بعينيه كما نص على ذلك ابن تيمية في الجزء 3 صحيفة 115 من كتاب “الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح ” لابن تيمية – طبعة دار الحديث- في معرض رده على بولس الأنطاكى أسقف صيدا ونص عبارته: “ما ذكرتموه عن المسلمين كذب ظاهر عليهم .فهذا النظم الذي ذكروه ليس هو في القرآن ، ولا في الحديث، ولا يعرف عالم مشهور من علماء المسلمين ، ولا طائفة مشهورة من طوائفهم ، يطلقون العبارة التي حكوها عن المسلمين ، حيث قالوا عنهم : “إنهم يقولون : إن لله عينين يبصر بهما ، ويدين يبسطهما ، وساقا ووجها يوليه إلى كل مكان ، وجنبا ” .انتهى
وقد صرح ابن تيمية في نفس الكتاب بأنه لا يعرف عالم مشهور من علماء المسلمين ، ولا طائفة مشهورة من طوائفهم ، يطلقون القول إن لله عينين يبصر بهما.
• كون الاتفاق قائم على اثبات صفات المعاني و كون الاختلاف حاصل بين المجسمة في نسبة صفات لله يزعمون أنها خبرية.
• كون تأويل نصوص الصفات الخبرية ثابت عند بعض السلف، و كثير من الخلف، بخلاف صفات المعاني فقد أثبتوها على حقيقتها:
وهذا منقول عن بعضهم:
أ-أوّل ابن عباس رضي الله عنهما لفظ المجيء، فقد جاء في تفسير النسفي رحمه الله تعالى، عند قوله تعالى “وَجَاءَ رَبُّكَ وَالمَلَكُ صَفًّا صَفًّا” ما نصّه : “هذا تمثيل لظهور آيات اقتداره وتبيين آثار قهره وسلطانه، فإن واحداً من الملوك إذا حضر بنفسه ظهر بحضوره من آثار الهيبة ما لا يظهر بحضور عساكره وخواصّه، وعن ابن عباس أمره وقضاؤه”. انتهى
ب- أول ابن عباس رضي الله عنهما للفظ الأعين في قوله تعالى “وَاصْنَعِ الفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا” قال رضي الله عنه “بمرأى منا” كما في تفسير البغوي، وقال تعالى: “وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا”، قال رضي الله عنه “نرى ما يعمل بك” كما في تفسير الخازن.
وروى الحافظ البيهقي في كتابه مناقب الامام أحمد وهو كتاب مخطوط ومنه نقل ابن كثير في البداية والنهاية، فقال: روى البيهقي عن الحاكم عن أبي عمرو بن السماك عن حنبل أن أحمد بن حنبل تأول قول الله تعالى “وَجَاءَ رَبُّكَ” أنه جاء ثوابه، ثم قال البيهقي وهذا إسناد لا غبار عليه.
ج- أول ابن عباس رضي الله عنه قوله تعالى: “اللهُ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ” فقد جاء في تفسير الطبري ما نصّه : “عن ابن عباس قوله “اللهُ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ” يقول الله سبحانه هادي أهل السموات والأرض”. انتهى
د- أول ابن عباس رضي الله عنهما للفظ الوجه في قوله تعالى “وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الجَلَالِ وَالإِكْرَامِ”: قال رضي الله عنه الوجه عبارة عنه.
وأول البخاري قوله تعالى: ” كل شىء هالك إلا وجهه” قال: إلا ملكه.
هـ- أول ابن عباس رضي الله عنهما للفظ الجنب في قوله تعالى “أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللهِ” قال رضي الله عنه “تركت من طاعة الله وأمرالله وثوابه”، كما في روح المعاني الآية 56 من الزمر.
و- ونقل الحافظ ابن الجوزي عن القاضي أبي يعلى عن الإمام أحمد في قوله تعالى “هَلْ يَنْظُرُونَ إِلا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الغَمَامِ” أنه قال: “المراد به قدرته وأمره”. قال: “وقد بيّنه في قوله تعالى “أَوْ يَأْتِيَ أَمْرُ رَبِّكَ”، ومثل هذا في القرآن “وَجَاءَ رَبُّكَ” قال إنما هو قدرته”. انتهى من دفع شبه التشبيه.
ز- تأويل الإمام مالك بن أنس رضي الله عنه لحديث النزول
https://www.facebook.com/share/oQn1okbBS7u8dqyR/…
3- الخلاصة:
بعد سرد هذه الفوارق نقول:
– في صفات المعاني: يصح منا أن نقول لله حياة لا كحياتنا و قدرة لا كقدرتنا و سمع لا كأسماعنا لأن هذه الصفات وردت في نصوص متواترة و في آيات محكمات و لأنها مما يستقل العقل وحده بوصفه سبحانه و تعالى بها.
وعليه فإثبات هذه الصفات على الحقيقة لايقتضي التشبيه.
– في صفات الأفعال: يصح منا أن نقول أيضا: الله يغضب لا كغضبنا و يرضى لا كرضانا لأنها صفات أثبتها الله تعالى لنفسه في نصوص متواترة كالقرآن الكريم كقوله: “رضي الله عنهم ورضوا عنه” وقوله: “وغضب الله عليهم” ، لكن لما كانت هذه الصفات مما لا يستقل العقل وحده بادراكها و كانت قد وردت في نصوص متشابهة نفى أهل السنة عن الله تعالى ما يوهمه ظاهر اللفظ من التغير والإنفعال الذي هو على الله تعالى محال. وأولها بعضهم فأرجع هذه الصفات إلى صفة القدرة.
وعليه فان أريد بالرحمة والغضب أنها ٱثار صفة القدرة فيؤول معنى ذلك أن الأثار بمنزلة المفعول الحادث، وعلى هذا المعنى فهي حقيقية.
وان أريد بالرحمة والغضب الانفعالات النفسانية، فلا يقال عنها حقيقية في حق الله تعالى.
– في الصفات الخبرية: يصح منا أن نقول: لله يد لا كأيدينا و عين لا كأعيننا لأن هذه الصفات أثبتها الله تعالى لنفسه في نصوص متواترة كالقرآن الكريم، لكن لما كانت هذه الصفات مما لا يستقل العقل وحده بادراكها و كانت قد وردت في نصوص متشابهة تحتمل أكثر من معنى وكان نظير هذه الصفات في حق المخلوق أعضاء جارحة فقد أطلق أهل السنة هذه الصفات في حق الله على معنى الصفة و نفوا عنه العضو و الجارحة لأن نسبة ذلك له كفر و ضلال . فمن أجل أن اليد موضوعة للعضو المعلوم، وهي منفية عن الله تعالى أصلا بدلائل مخالفته للحوادث، فقول الشخص: “لله يد” فيه مجرد اثبات ما ورد بالدليل النقلي فقط وقوله:” لا كالأيدي” فيه نفي لظاهر اللفظ الذي يوهم الكيفية والجسمية فيكون ذلك نفيا للتشبيه والتمثيل. فقوله: “لا كأيدينا” فيه نفي الكيفية دون ما ثبت بأدلة النقل فلا يكون فيه اثبات أصل الجارحة. أما إذا كان اعتقاد الشخص أن اليد جارحة فقوله لا كالأيدي لا ينفعه هنا .
وعليه فإثبات هذه الصفات على الحقيقة يقتضي التشبيه.
– ما تنسبه المجسمة لله مما لا يليق به كقولهم الله يجلس لا كجلوسنا و له صورة لا كصورنا و له ذراعين لا كذراعنا و له ظل لا كظلنا و له قعود لا كقعودنا و له جنب لا كجنبنا فهذا لا يجوز نسبته لله. لأن بعضه ورد في نصوص ظنية الورود أي أن منها الضعيف ومنها الموضوع . وبعضها ورد في نصوص مخالفة لصريح العقل ولا تقبل التأويل. وبعضها ورد في نصوص ظنية الدلالة أي تحتمل أكثر من معنى فلا تُنسب لله على أنها صفة له. وبعضها لم يأتي في الشرع نسبته لله لا من كلام الرسول صلى الله عليه وسلم و لا من القرآن الكريم. و ما تنسبه المجسمة لله فيه مخالفة صريحة لنصوص التنزيه و للآيات المحكمات.
– من المعروف عند المجسمة قولهم عن كلام الله أنه “قديمة النّوع حادثة الأفراد”. فلو طبقوا قولهم أيضا : القول في بعض الصفات كالقول في بعضها الآخر” ترتب على ذلك بحسب قواعدهم الفاسدة أن اليد و الوجه و العين، هي أيضا قديمة النّوع حادثة الأفراد، و كذلك الوجود و الوحدانية و البقاء و الارادة، هي أيضا قديمة النّوع حادثة الأفراد، ولا يقول بذلك إلا زنديق ملحد.
من المعروف عند المجسمة قولهم عن الله أنه يتكلم إذا شاء ويسكت إذا شاء، أي أنه عز وجل له كلام وفق مشيئته. فلو طبقوا قولهم أيضا : القول في بعض الصفات كالقول في بعضها الآخر” ترتب على ذلك بحسب قواعدهم الباطلة أن له يد وفق مشيئته و وجه وفق مشيئته و عين وفق مشيئته، وأن وجوده عز وجل تابع لمشيئته و وحدانيته تابعة لمشيئته و بقاءه تابع لمشيئته، ولا يقول هذا إلا مبتدع ضال.


نقض التفسير المنسوب لابن عباس في قوله تعالى : ” تجري بأعيينا” فأشار بيده إلى عينيه”
قال أبو القاسم هبة الله الطّبريّ اللاّلكائيّ في ” شرح أصول اعتقاد أهل السّنّة و الجماعة: ” أخبرنا أحمدُ بن محمّدٍ الفقيه ؛ قال : أخبرنا عمرُ بن أحمدَ الواعظ ؛ قال : ثنا عبدُ الله بن سليمان ؛ قال : ثنا عليُّ بن صدقة ؛ قال ثنا حجّاج ؛ عن ابن جُريجٍ ؛ عن عطاء ؛ عن ابن عبّاسٍ ؛ في قوله – عزّ و جلّ – : ” تجري بأعيينا” قال : أشار بيده إلى عينيه” . انتهى
وهذا الأثر فيه:
– أبو بكرٍ عبد الله بن أبي داود سليمان بن الأشعث السّجستاني: اتهمه أبوه بالكذب وطعن فيه المعاصرون له، ولم يوثقه منهم أحد.
– راجع الرابط التالي:
https://www.facebook.com/share/19rmnCfpX4/
– عليُّ بن صدقة : ذكره ابن حبّان في ” الثّقات، و قال : ” يُغرب”. وابن حبّان قد يقول مثل ذلك لمن يَستغرِب لـه حديثًا واحدًا ، أو زيادةً في حديث. وهذا فيه تليين للراوي.
– و ابن جُريجٍ مدلّسٌ و تدليسه قبيح كما قال الدّارقطنيّ .
بل إن اللالكائي نفسه لم يجزم بصحة الرواية عن ابن عباس، فقد نقل في موضع آخر الرواية بصيغة التمريض، حيث قال: “و رُوي عن ابن عبّاسٍ في تفسير : بأعيينا، أنه أشار الى عينيه” . انتهى
ومما ينقض صحة هذا الأثر من أصله أنه ورد في كتاب شرح اعتقاد أهل السنة، والمخطوط الرائج لا يصح اثبات جميع متنه لللالكائي.
راجع الرابط التالي:
https://www.facebook.com/share/p/16iQyrGWpm/
ذكر من جرح ابن أبي داود أو طعن فيه:
كل الذين عاصروا ابن أبي داود رموه بأنواع من الجرح والطعن ولم يوثقه أي واحد منهم رغم ثناءهم على حفظه و تبحره في علوم شتى
1- إبراهيم الأصبهاني المتوفى سنة 266 هجري
هو الحافظ أبو اسحاق ابراهيم بن أرومة المفيد الاصبهاني ثم البغدادي. كان معاصرا لابن أبي داود، وقد كذبه لما ظهر عليه من نصب و تفرد بآثار منكرة و أحاديث موضوعة.
قال الذهبي في ميزان الاعتدال:” قال ابن عدي: سمعت موسى بن القاسم بن الاشيب يقول: حدثني أبو بكر، سمعت إبراهيم الأصبهاني يقول: أبو بكر ابن أبي داود كذاب” انتهى
2- أبو داود سليمان بن الأشعث المتوفى سنة 275 هجري
هو أبو داود سليمان بن الأشعث بن إسحاق بن بشير الأزدي صاحب السنن. وهو والد أبي بكر و أخبر الناس بابنه و أعلمهم به. و أبو داود هو أحد أئمة الجرح والتعديل المعول عليهم في هذا الفن, وهو ثقة ثبت حجة في الحديث وعلم الرجال.
قال ابن عدي في الكامل: “سمعت عبدان يقول: سمعت أبا داود يقول: ومن البلاء ان عبد الله يطلب القضاء “. انتهى
و قال الذهبي في ميزان الاعتدال:”حدثنا علي بن عبد الله الداهري، سمعت أحمد بن محمد بن عمرو كركرة، سمعت علي بن الحسين بن الجنيد، سمعت أبا داود يقول: ابني عبد الله كذاب”. انتهى
وقد حاول الذهبي الاستدراك على كلام أبي داود و الذبّ على ابنه بحجج ضعيفة من ذلك قوله في تذكرة الحفاظ: “وأما قول أبيه فيه فالظاهر أنه إن صح عنه فقد عنى أنه كذاب في كلامه لا في الحديث النبوي و كأنه قال هذا و عبد الله شاب طرى ثم كبر و ساد”. انتهى
وهذا التشكيك مندفع بما نقله هو في ميزان الاعتدال عن ابن عدي وابن صاعد في اثبات تكذيب أبيه له. وأما زعمه أن أبوه كذبه في كلامه وليس في الحديث النبوي فهذا فهمه و لا يوافقه عليه غيره من الحفاظ فقد قال ابن العماد الحنبلي في شذرات الذهب في أخبار من ذهب ما نصه: “و قال في المغني: عبد الله بن سليمان السجستاني ثقة كذبه أبوه في غير حديث”. انتهى
و قال الشيخ أحمد بن الصِدِّيق الغُماري في الجواب المفيد ما نصه: ” أما الابن فله مؤلفات أخرى وكان ناصبياً خبيثا وكان أبوه أبو داود يقول عنه: إنه كذاب فلا ترووا عنه”. انتهى
وهو الصواب لأن أبا داود إذا قال عن شخص كذاب فمراده بذلك في الحديث فقد قال عن الحسن بن مدرك الطحان : “كذاب” و كذلك محمد بن الحسن بن زبالة و غيرهما
و أما قول الذهبي في سير النبلاء: ” لعل قول أبيه فيه – إن صح – أراد الكذب في لهجته، لا في الحديث، فإنه حجة فيما ينقله، أو كان يكذب ويوري في كلامه، ومن زعم أنه لا يكذب أبدا، فهو أرعن، نسأل الله السلامة من عثرة الشباب، ثم إنه شاخ وارعوى، ولزم الصدق والتقى”. انتهى
فهي محاولة أخرى من الذهبي لدفع الكذب الذي وصفه به أبوه، فقوله :”أراد الكذب في لهجته، لا في الحديث” فهو حجة عليه لأن ابن أبي داود إن لم يكن كاذبا في حديثه وفيما ينقله فإنّ مجرد كذبه في لهجته يكفي لاثبات فسقه وعدم جواز الاعتماد على روايته. و أما قوله: ” فإنه حجة فيما ينقله” فلا نسلم له ذلك لأن الذهبي نفسه رد عليه حديث عروة وقال: ” وابن أبي داود إن كان حكى هذا فهو خفيف الرأس، فلقد بقي بينه وبين ضرب العنق شبر، لكونه تفوه بمثل هذا البهتان” انتهى
وكذلك تعقبات ابن الجوزي و السيوطي عليه في بعض ما يذكره من الأحاديث الموضوعة لا تجعله حجة في كل ما ينقله كما ادعى الذهبي.
و أما قول الذهبي أنه ” كان يكذب ويوري في كلامه” فهو مردود لأنه لا يُعرف عن أبي داود أنه كان يطلق الوصف بالكذب على من يواري في كلامه. وأمّا قوله : ” ثمّ إنه شاخ وارعوى ولزم الصدق والتقى” فهذا اعتراف منه بكونه كان كاذبا ومرتكبا لهذه الصفة القبيحة والذنب الكبير.
3- محمد بن يحيى بن مندة المتوفى سنة 301 هجري
قال ابن عدي في الكامل في ضعفاء الرجال عند ترجمة عبد الله بن سليمان بن الأشعث ما نصه: “سمعت محمد بن الضحاك بن عمرو بن أبي عاصم النبيل يقول:أشهد على محمد بن يحيى بن مندة بين يدي الله أنه قال لي: أشهد على أبي بكر بن أبي داود بين يدي الله أنه قال لي: روى الزهري عن عروة، قال: كانت قد حفيت أظافير علي من كثرة ما كان يتسلق على أزواج رسول الله صلى الله عليه و سلم”. انتهى
ونقلها عنه ابن النجار البغدادي في المستفاد من ذيل تاريخ بغداد. كما نقلها أيضا الذهبي في سير أعلام النبلاء ثم قال: “وابن أبي داود إن كان حكى هذا فهو خفيف الرأس، فلقد بقي بينه وبين ضرب العنق شبر، لكونه تفوه بمثل هذا البهتان”. انتهى
وهذا اعتراف من الذهبي أن ابن أبي داود كان يتفوه بالكذب و البهتان. والظاهر أن ابن أبي داود كان يجتمع مع بعض الحفاظ فجرى بينهم ذكر علي بن أبي طالب فقال بن أبي داود إن الناصبة يروون عليه أن أظفاره حفيت من كثرة تسلقه على أم سلمة دون تضعيف الحديث أو بيان علله، فحرضوا عليه جعفر بن محمد بن شريك. وهذا دليل على أنه كان يغرب و يحدث بآثار منكرة و لا يصرح ببطلانها.
وقد حاول الذهبي تخفيف شناعة ما يرويه ابن أبي داود فقال في تذكرة الحفاظ: “فانهم سعوا عليه انه نال من علي ولم يقع ذلك منه إنما روى شيئا أخطأ بنقله من قول النواصب لا بارك الله فيهم”. انتهى
بخلاف المعلمي الذي صرح بإساءته حيث قال في التنكيل بعد دفاعه على أبي بكر بن أبي داود : “وعلى كل حال فقد أساء جد الإساءة بتعرضه للحكاية من دون أن يقرنها بما يصرح بطلانها ولا يكفيه من العذر أن يقال قد جرت عادتهم في المذاكرة بأن يذكر أحدهم ما يرجو أن يغرب به على الآخرين بدون التزام أن يكون حقا أو باطلا”. انتهى
و قد شهد عليه ثلاثة من أجل علماء ذلك الزمان بأنه روى ذلك الأثر من غير بطلانه وهم ابن مندة ، ومحمد بن العباس الاخرم ، وأحمد بن علي بن الجارود. بالإضافة إلى قيام جعفر بن محمد بن شريك عليه.
فأما الأول فهو الحافظ ابن مندة. قال الأصبهاني :أبو عبد الله محمد بن يحيى بن مندة بن الوليد العبدي توفي سنة إحدى وثلاثمائة كان أستاذ شيوخنا وإمامهم ومن يأخذوا عنه. و أما الثاني فهو الحافظ أبو جعفر محمد بن العباس بن الأخرم الأصبهاني الفقيه روى عن أبي كريب وغيره. و أما الثالث فهو الحافظ المتقن الثقة صاحب التصانيف أبو جعفر أحمد بن علي بن محمد بن الجارود الأصبهاني.وأما جعفر بن محمد بن شريك أبو الفضل فقد كان صاحب سنة. يحدث عن لوين وذكر أنه نزل عليه وخصه بحديث كثير .
وقد حاول الذهبي الدفاع عنه كعادته في الدفاع على أهل نحلته من المجسمة فقال في السير:” هذا باطل وإفك مبين ، وأين إسناده إلى الزهري ؟ ثم هو مرسل ، ثم لا يسمع قول العدو في عدوه ، وما أعتقد أن هذا صدر من عروة أصلا ، وابن أبي داود إن كان حكى هذا ، فهو خفيف الرأس ، فلقد بقي بينه وبين ضرب العنق شبر ، لكونه تفوه بمثل هذا البهتان ، فقام معه ، وشد منه رئيس أصبهان محمد بن عبد الله بن حفص الهمداني الذكواني ، وخلصه من أبي ليلى أمير أصبهان ، وكان انتدب له بعض العلوية خصما ، ونسب إلى أبي بكر المقالة ، وأقام عليه الشهادة محمد بن يحيى بن منده الحافظ ، ومحمد بن العباس الأخرم ، وأحمد بن علي بن الجارود ، واشتد الخطب ، وأمر أبو ليلى بقتله ، فوثب الذكواني ، وجرح الشهود مع جلالتهم ، فنسب ابن منده إلى العقوق ، ونسب أحمد إلى أنه يأكل الربا ، وتكلم في الآخر ، وكان الهمداني الذكواني كبير الشأن ، فقام ، وأخذ بيد أبي بكر ، وخرج به من الموت ، فكان أبو بكر يدعو له طول حياته ، ويدعو على أولئك الشهود.حكاها أبو نعيم الحافظ ، ثم قال : فاستجيب له فيهم ، منهم من احترق ، ومنهم من خلط وفقد عقله”. انتهى
و قد نسب الذكواني، محمد بن يحيى إلى العقوق وإنه كان عاقا لوالده ، ونسب أحمد بن الجارود إلى أنه مراب يأكل الربا ويؤكل الناس الربا ، ونسب الأخرم إلى أنه مقرئ غير صدوق كما في تاريخ اصفهان، وهذا ادعاء باطل لأنه لم يثبت عليهم شئ من ذلك. و ما ذُكر أنهم أصابتهم دعوة ابن أبي داود فمنهم من احترق ، ومنهم من اختلط وفقد عقله فلم يُذكره أحد في ترجمتهم، وهذا كله انتصار لابن أبي داود ومحاولة لدفع النصب عنه.
وقد زاد الذهبي في انتصاره له فقال في تذكرة الحفاظ: “هذه حكاية مكذوبة قبح الله من افتراها. فبهذا أو نحوه نسب إلى شئ من النصب ولكن يرد هذا وينفيه عنه ما رواه عنه أحمد بن يوسف الأزرق قال: سمعت أبا بكر بن أبي داود غير مرة وهو يقول: كل من بيني وبينه شئ أو يذكرني بشئ فهو في حل إلا من رماني ببغض علي بن أبي طالب، فثبتت بهذه الرواية براءته مما اتهم بالنصب” انتهى
وهذا النقل عن ابن أبي داود قد ذكره أبو الحسن أحمد بن يوسف الأزرق المتوفى سنة 378 هجري،
و كان معتزليا داعية إلى بدعته كما قال عنه السمعاني في الأنساب فلا تقبل روايته، و يندفع بذلك ما قاله الذهبي لتبرئة ابن أبي داود.
4- ابن جرير المتوفى سنة 310 هجري
لقد عانى ابن جرير الطبري رحمه الله الكثير من ابن أبي داود و تحمل الكثير من شغبه وإذايته.
فقد قال الذهبي في ميزان الاعتدال في معرض كلامه عن ابن أبي داود: “كان قوي النفس، وقع بينه وبين ابن صاعد وبين ابن جرير، نسأله الله العافية”. انتهى
و كان ابن جرير الطبري رحمه الله يرمي ابن أبي داود بالنصب فلما بلغه أنه يقرأ على الناس فضائل علي ابن أبي طالب قال متهكما:” تكبيرة حارس”. كما نقل ذلك عنه الذهبي في ميزان الاعتدال حيث قال: “قال محمد بن عبد الله القطان: كنت عند محمد بن جرير، فقال رجل: ابن أبي داود يقرأ على الناس فضائل علي رضي الله عنه، فقال ابن جرير: تكبيرة من حارس”. انتهى
و قال الذهبي في السير : “قيل لابن جرير : إن أبا بكر بن أبي داود يملي في مناقب علي . فقال : تكبيرة من حارس . وقد وقع بين ابن جرير وبين ابن أبي داود ، وكان كل منهما لا ينصف الآخر، وكانت الحنابلة حزب أبي بكر بن أبي داود ، فكثروا و شغبوا على ابن جرير ، وناله أذى ، ولزم بيته ، نعوذ بالله من الهوى “. انتهى
وابن جرير الطبري تكلم في ابن أبي داود بما فيه من نصب و لم ينسب له ذلك اتباعا للهوى كما زعم الذهبي، وكان يرد عليه شطحاته في تضعيف بعض الأحاديث، فقد ألف رحمه الله كتاب فضائل عليّ بن أبي طالب لما بلغه أن ابن أبي داود ضعف حديث غدير خم، فعمل الطبري على تصحيحه.
قال الذهبي في السير: “ولما بلغه أن أبا بكر بن أبي داود تكلم في حديث غدير خم عمل كتاب : ” الفضائل ” فبدأ بفضل أبي بكر ، ثم عمر ، وتكلم على تصحيح حديث غدير خم ، واحتج لتصحيحه ، ولم يتم الكتاب. وكان ممن لا تأخذه في الله لومة لائم مع عظيم ما يلحقه من الأذى والشناعات، من جاهل، وحاسد، وملحد ، فأما أهل الدين والعلم فغير منكرين علمه ، وزهده في الدنيا ، ورفضه لها” انتهى
و ابن أبي داود لم يقف عند حد المطارحات الكلامية بل بلغ به الأمر أن استدعى عليه نصر الحاجب و نسب الطبري إلى رأي جهم.
قال ابن الجوزي في المنتظم:َ “كَانَ قد رفع في حقه أَبُو بكر بْن أبي داود قصة إلى نصر الحاجب يذكر عنه أشياء فأنكرها، منها: أنه نسبه إلى رأى جهم”. انتهى
فرد عليه ابن جرير بقوله: “لا عصابة في الاسلام كهذه العصابة الخسيسة”. انتهى كما في المنتظم
وليس بعجيب أن ينتمي ابن أبي داود إلى مثل هذه العصابة، ويسيء إلى شيخ المفسرين و المؤرخين كما أساء إلى غيره من العلماء كابن صاعد وغيره. وليس بغريب أيضا أن يحاول الذهبي الدفاع على ابن أبي داود و عدائه لبعض العلماء بقوله: “لا ينبغي سماع قول ابن صاعد فيه كما لا نعتد بتكذيبه لابن صاعد وكذا لا يسمع قول ابن جرير فيه فإن هؤلاء بينهم عداوة بينة” انتهى كما في تذكرة الحفاظ. وهل يبلغ ابن أبي داود رتبة الطبري صاحب المذهب المستقل والامام المعتمد لدى أهل السنة قاطبة حتى يقارن به؟ وليس الأمر كما زعمه الذهبي أن كل من تكون بينهم عداوة لا يعتد بكلامهم بل ذلك مُقَيَّدٌ بِمَا إِذَا كَانَت بِغَيرِ بُرهَانٍ وَحُجَّةٍ, وَكَانَت مَبنِيَّةً عَلَى التَّعَصُّبِ والمُنَافَرَةِ, فَإِن لَم يَكُن هَذَا وَلا هَذَا فَهِيَ مَقبُولَةٌ بِلا شُبهَةٍ. وعليه يقبل كلام الطبري في ابن أبي داود لما اشتهر به من نصب.
5 – أبو القاسم البغوي المتوفى سنة 317 هجري
هو مسند العصر أبو القاسم البغوي الأصل ، البغدادي الدار والمولد.
قال ابن عدي الجرجاني في الكامل: “سمعت عبد الله بن محمد البغوي يقول وقد كتب إليه بن أبي داود رقعة يسأله عن لفظ حديث لجده بين له من لفظ غيره فيه، والحديث الذي سأله جده عن محمد بن قيس أبو سعد الصاغاني عن أبي جعفر الرازي عن الربيع عن أبي العالية عن أبي بن كعب جاء المشركون الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا انسب لنا ربك فأنزل الله عز وجل قل هو الله أحد، فقال البغوي لما قرأ رقعته: أنت والله عندي منسلخ من العلم” انتهى
وذكره ابن حجر في تهذيب التهذيب و الذهبي في السير. و هذا من أشد ألفاظ الطعن و الجرح حيث أنه لم يعده من أهل العلم أصلا. و الإمام البغوي كان معاصرا لابن أبي داود فهو أعلم بحاله ممن جاء بعده.
6- ابن صاعد المتوفى سنة 318 هجري
هو الإمام الحافظ المجود أبو محمد يحيى بن محمد بن صاعد بن كاتب الهاشمي البغدادي، محدث العراق.
قال الذهبي في العبر في خبر من غبر: ” قال أبو علي النيسابوري: لم يكن بالعراق من أقران ابن صاعد أحد في فهمه، والفهم عندنا أجل من الحفظ، وهو فوق ابن أبي داود في الفهم والحفظ”. انتهى
وقال في تذكرة الحفاظ: “لابن صاعد كلام متين في الرجال والعلل يدل على تبحره”. انتهى
قال ابن عدي في الكامل ما نصه:” قال ابن صاعد : “كفانا ما قال أبوه فيه”. انتهى
أما ما قاله الذهبي في السير : “وَقَدْ ذَكَرنَا مُخَاصَمَةً بَيْنَهُ وَبَيْنَ ابْنِ أَبِي دَاوُدَ ، وَحَطَّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى الآخَرِ فِي تَرْجَمَةِ ابْنِ أَبِي دَاوُدَ ، وَنَحْنُ لاَ نَقْبَلُ كَلاَمَ الأَقرَانِ بَعْضِهِم فِي بَعْضِ ، وَهُمَا بِحَمْدِ اللهِ ثِقَتَانِ”. انتهى
فهذه القاعدة ليست على إطلاقها بل هي مُقَيَّدٌة بِمَا إِذَا كَانَت بِغَيرِ بُرهَانٍ وَحُجَّةٍ, وَكَانَت مَبنِيَّةً عَلَى التَّعَصُّبِ والمُنَافَرَةِ, و أما كلام ابن صاعد فهو مجرد تأييد لكلام أبيه، ومبني على ما اشتهر به من نصب و ما انفرد به من أحاديث منكرة.
7- الوزير علي بن عيسى بن داود ابن الجراح المتوفى سنة 334 هجري
هو أبو الحسن علي بن عيسى بن داود ابن الجراح وزير المقتدر والقاهر، كان ثقة نبيلاً فاضلاً عفيفاً، كثير التلاوة والصيام والصلاة. وقد ثبت عنه أنه قال مرة لابن أبي داود “أنت شيخ زيف” كما ذكر ذلك الذهبي في السير أثناء ترجمته لابن أبي داود و نص عبارته: “وكان رئيسا عزيز النفس ، مدلا بنفسه . سامحه الله . قال أبو حفص بن شاهين : أراد الوزير علي بن عيسى أن يصلح بين ابن أبي داود ، وابن صاعد ، فجمعهما ، وحضر أبو عمر القاضي ، فقال الوزير : يا أبا بكر ! أبو محمد أكبر منك ، فلو قمت إليه ، فقال : لا أفعل ، فقال الوزير : أنت شيخ زيف ، فقال : الشيخ الزيف : الكذاب على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال الوزير : من الكذاب ؟ قال : هذا”. انتهى
وهذا يدل على تكبره و عدم توقيره للعلماء و من هم أكبر منه درجة لذلك قال عنه ابن صاعد جوابا على افترائه: “كفانا ما قال أبوه فيه”.
8- ابن عدي المتوفى سنة 365 هجري
ذكره ابن عدي في الكامل في الضعفاء وقال: “وأبو بكر بن أبي داود لولا شرطنا أول الكتاب أن كل من تكلم عنه متكلم ما ذكرته في كتابي هذا، وابن أبي داود قد تكلم فيه أبوه وإبراهيم الأصبهاني ونسب في الابتداء إلى شيء من النصب، ونفاه بن فرات من بغداد الى واسط ورده علي بن عيسى وحدث وأظهر فضائل علي ثم تحنبل فصار شيخا فيهم، وهو معروف بالطلب وعامة ما كتب مع أبيه أبي داود ودخل مصر والشام والعراق وخراسان وهو مقبول عند أصحاب الحديث وأما كلام أبيه فيه فلا أدري أيش تبين له منه”. انتهى
فهذا الإمام ابن عدي رحمه الله قد ذكر ابن أبي داود ضمن الضعفاء لكنه أراد أن يبين أنه مختلف في توثيقه فذكر أن أباه و ابراهيم الأصبهاني قد تكلما فيه، ثم قال عنه أنه مقبول عند عامة أصحاب الحديث.
9- أبو الحسن علي بن عمر الدارقطني المتوفى سنة 385 هجري
قال السلمي: “سألت الدارقطني عن ابن أبي داود، فقال: ثقة، كثير الخطأ في الكلام على الحديث” انتهى.
ذكره الذهبي في تذكرة الحفاظ وفي ميزان الاعتدال وفي سير الأعلام. وليس معنى قول الدارقطني أن ابن أبي داود كثير الخطأ في الكلام على الحديث أنه كان يخطأ في تضعيف و تصحيح الأحاديث بدليل ما قاله عنه أبو محمد بن حيان المشهور بأبي الشيخ الأصبهاني: “كان عالما بالأنساب والأخبار والعلل و المغازي، وقد عمل في كل فن من الفنون”. كما هو مذكور في طبقات المحدثين. إنما أراد الدارقطني أنه كثير الخطإ فيما يتفرد به من روايات منكرة. وهذا الأمر كان مشهورا عن ابن أبي داود، فقد قال عبد الرحمن المعلمي في التنكيل: ” فحفظ ابن أبي داود الحكاية – أي حكاية حفيت أظافر علي – مع علمه واعتقاده بطلانها لكن كان يعدها للاغراب عند المذاكرة “. انتهى
وقد قال الذهبي في الموقظة: “فإن رَوَى أحاديثَ من الأفراد المنكرة، غَمَزُوه وليَّنوا حديثَه، وتوقفوا في توثيقه. فإن رَجَع عنها، وامَتَنع مِن روايتها، وجَوَّز على نفسِه الوَهَمَ: فهُو خيرٌ له، وأرجَحُ لعدالته. وليس مِن حَدِّ الثقةِ أنَّهُ لا يَغلَطُ ولا يُخطِئ” . انتهى
10- ابن عساكر المتوفى سنة 571 هجري
قال ابن عساكر في تاريخ دمشق: “وابن أبي داود قد تكلم فيه أبوه وإبراهيم الأصبهاني ونسب في الابتداء إلى شئ من النصب ونفاه ابن فرات من بغداد إلى واسط ورده علي بن عيسى وحدث وأظهر فضائل علي ثم تحنبل فصار شيخا فيهم”. انتهى
11- ابن الجوزي المتوفى سنة 597 هجري
صنفه ابن الجوزي من جملة المحدثين الذين يروجون لحديثهم ولو بالباطل وهؤلاء يصح فيهم قول النبي عليه الصلاة و السلام: “من حدّث عنّي حديثاً يرى أنّه كذب فهو أحد الكاذبين”.
قال ابن الجوزي في الموضوعات: “وإنّما عجبت من أبي بكر ابن أبي داود كيف فرّقه على كتابه الذي صنّفه في فضائل القرآن وهو يعلم أنّه حديث محال، ولكنْ شره جمهور المحدّثين، فإنّ من عادتهم تنفيق حديثهم ولو بالبواطيل، وهذا قبيح منهم، لأنّه قد صحَّ عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أنّه قال: من حدّث عنّي حديثاً يرى أنّه كذب فهو أحد الكاذبين”. انتهى
12- جمال الدين الزيلعي المتوفى سنة 762 هجري
قال الزيلعي في آخر كتابه تخريج الأحاديث والآثار الواقعة في تفسير الكشاف : “وإنما عجبت من الامام أبي بكر بن أبي داود كيف فرقه على كتابه الذي صنفه في فضائل القرآن وهو من أهل هذا الشأن ويعلم أنه حديث محال ولكن بعض المحدثين يرى تنفيق حديثه ولو بالبواطيل وهذا قبيح منهم فإنه قد صح عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أنه قال من حدث عني حديثا يرى انه كذب فهو أحد الكاذبين، وهذا حديث فضائل السور مصنوع بلا شك”. انتهى
13- جلال الدين السيوطي المتوفى سنة 911 هجري
قال السيوطي اللآلئ المصنوعة : “وإنّما عجبت من أبي بكر ابن أبي داود كيف أورده في كتابه الذي صنّفه في فضائل القرآن ، وهو يعلم أنّه حديث محال مصنوع بلا شك ، ولكن إنما حمله على ذلك الشره”. انتهى
كأنّ السيوطي استحيا من أن يذكر الحديث الذي ذكره ابن الجوزي في ذيل كلامه ، فاكتفى بهذا القدر في التشنيع على ابن أبي داود.
14- ابن العماد الحنبلي المتوفى سنة 1089هجري
قال ابن العماد الحنبلي في شذرات الذهب في أخبار من ذهب ما نصه: “و قال في المغني: عبد الله بن سليمان السجستاني ثقة كذبه أبوه في غير حديث”. انتهى
15- الإمام محمد زاهد الكوثري المتوفى سنة 1371 هجري
قال الإمام الكوثري في تأنيب الخطيب صحيفة 135 ما نصه: “كذبه أبوه وابن صاعد وإبراهيم ابن الأصبهاني وابن جرير وهو ناصبي مجسم خبيث روى أخلوقة التسلق عن الزهري كذباً وزوراً ، وقد شهد عليه بذلك شهود عدول هم الحفاظ محمد بن العباس الأخرم وأحمد بن علي بن الجارود ومحمد بن يحيى بن منده وكاد أن يراق دمه في أصبهان بيد أميرها أبي ليلى لولا سعي بعض الوجهاء ممن كان يجل أباه في استنقاذه بالطعن في أمثال هؤلاء الشهود . وهذا حاله وإن راج على من لم يعرف دخائله. وكان هو في صف أبي عبد الله الجصاص المكشوف الأمر ضد ابن جرير. انتهى
وقال في الصحيفة 365 : “فمن يوثقه إما جاهل بحاله أو منطو على ضلال”.انتهى
16- أحمد بن الصِدِّيق الغُماري المتوفى سنة 1380 هجري
قالَ حافظ العصر الشيخ أحمد بن الصِدِّيق الغُماري في جُؤنة العَطار : “وأشهدُ بالله أنَّ هذا الكَذِبَ مِن ابن أبي داود فإنه كانَ مشهوراً بالنَّصْبِ والكذب معاً، وقد كان والده أبو داود صاحب السنن يكذبه ويحذر أصحاب الحديث منه , ويقول لهم: إن ابني كذاب فلا ترووا عنه، وهو الذي زعم قبحه الله , أن علياً ـ عليه السلام ـ حفيت أظفاره من كثرة التسلق على أزواج النبي”. انتهى
وقال في الجواب المفيد: “واضطر الناصبي الكبير: عبد الله بن أبي داود صاحب السنن – أعني الأب صاحب السنن التي هي أحد الكتب الستة، أما الابن فله مؤلفات أخرى وكان ناصبياً خبيثا وكان أبوه أبو داود يقول عنه: إنه كذاب فلا ترووا عنه- اضطر هذا إلى زعمه أن معاوية هذا هو ابن التابوه وكان منافقاً حلف أن يتغوط على المنبر”. انتهى
17- عبد الرحمن المعلمي المتوفى سنة 1386 هجري
وصفه عبد الرحمن المعلمي بالتكبر رغم دفاعه عنه حيث قال في التنكيل:” وكان ابن أبي داود صلفاً تياهاً حريصاً على الغلبة “. انتهى
شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة لللالكائي
1- ذكر بعض مخطوطات الكتاب
هذا الكتاب له عدة مخطوطات:
أ- المخطوطة الظاهرية:
تاريخ النسخ يعود لسنة 671 هجري، و تحتوي على المجلد الأول فقط.
ب- المخطوطة الهندية: توجد في مكتبة رضا برامبور، ناسخها مجهول، وخطها يدل أنها نسخة حديثة، وسندها محذوف، لكن في الجزئين الثاني والثالث ذكر اسم الراوي عن اللالكائي، وهو الطريثيثي
ج- نسخة مكتبة ليبزك بألمانيا: وهي نسخة كاملة
د- نسختين أخرتين من المكتبة الظاهرية.
2- ذكر سند الكتاب
جاء في أول كتاب ” شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة” لللالكائي ما نصه: ” حدثنا الشيخ الإمام العالم أبو محمد عبد القادر بن عبد الله الرهاوي قال : أخبرنا الشيخ الإمام العالم الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد السلفي الأصبهاني قال : أخبرنا شيخنا أبو بكر أحمد بن علي بن الحسين بن زكريا الطريثيثي ببغداد حدثكم الشيخ أبو القاسم هبة الله بن الحسن بن منصور الطبري الحافظ في ربيع الأول سنة ست عشرة وأربعمائة قال: ….”. انتهى
فراوي الكتاب مباشرة عن اللالكائي هو أحمد بن علي بن زكريا أبو بكر الطريثيثي، وَيُقَال لَهُ ابْن زهراء. وقد كان عمره عند سماعه للكتاب 4 سنوات.
قال أبو القاسم بن السمرقندي: دخلت عليه وهو يقرأ عليه جزء من حديث ابن رزقويه فقلت: متى ولدت؟ فقال: سنة اثنتي عشرة وأربع مِئَة فقلت: وَابن رزقويه توفي في هذه السنة وأخذت بالجزء من يده وقد سَمِعُوا فيه فضربت على الطبقة فقام وخرج من ذلك المجلس.
وكان عمر الطريثيثي أيضا، عند وفاة اللالكائي بين 5 و 6 سنوات. فكيف يؤخذ عنه كتاب بمجلدات وهو في ذلك السن، وكيف تنقل عنه عقائد أهل السنة والجماعة وهو دون سن التحمل؟
ثم إن الطريثيثي مختلف في توثيقه
فقد كذَّبه الحافظ أبو الفضل محمد بن ناصر بن محمد بن علي بن عمر البغدادي، المعروف بالسلامي، حافظ بغداد في زمانه. كما في “وفيات الأعيان”
و قال الحافظ ابن حجر في “لسان الميزان”، ما نصه: ” أحمد بن علي بن زكريا أبو بكر الطريثيثي. شيخ السِّلَفي تُكُلِّمَ في بعض سماعه”. انتهى
وقال: ” وقال ابن طاهر: رأيتهم ببغداد مجمعين على ضعفه. مات سنة بضع وتسعين وأربع مئة”. انتهى.
وقال:” وقال السمعاني: خدم المشايخ وكان حسن التلاوة صحيح السماع في أجزاء لكنه أفسد نفسه وادَّعى أنه سمع من ابن رزقويه ولم يصح سماعه منه. قال أبو القاسم بن السمرقندي: دخلت عليه وهو يقرأ عليه جزء من حديث ابن رزقويه فقلت: متى ولدت؟ فقال: سنة اثنتي عشرة وأربع مِئَة فقلت: وَابن رزقويه توفي في هذه السنة وأخذت بالجزء من يده وقد سَمِعُوا فيه فضربت على الطبقة فقام وخرج من ذلك المجلس. وقال ابن الأنماطي: كان مخلطاً وأبو علي الكرماني هو الذي أفسده. وقال أبو نصر اليونارتي نحو ذلك. وقال شجاع الذهلي: كان الطريثيثي ضعيفاً مجمعاً على ضعفه وله سماعات صحيحة خلط بها غيرها. وقال ابن النجار: أجمعوا على ترك الاحتجاج به.”. انتهى
و قال الذهبي في “العبر” ما نصه: “روى عن أبي الفضل القطان واللالكائي وطائفة وهو ضعيف”. انتهى
وأما السِّلَفي فقد وثقه.
قال الحافظ ابن حجر في “لسان الميزان”: قال السِّلَفي: كان أجلَّ شيخٍ لقيته ببغداد من مشايخ الصوفية وأسانيده عالية جداً ولم يقرأ عليه إلا من أصوله وسماعاته كالشمس وضوحاً وكف بصره في آخر عمره فكتب له أبو علي الكرماني وكان من شيوخ الصوفية أجزاء طرية فحدَّث بها اعتمادًا على قول أبي على وحسن ظنه به وكان الطريثيثي ثقة إلا أنه لم يكن يعرف طريق المحدثين ودقائقهم وإلا لكان من الثقات الأثبات”. انتهى
فكتاب “شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة” لا يعوَّل عليه في نقل عقائد أهل السنة، لأن راوي الكتاب عن اللالكائي هو الطريثيثي وهو مختلف في توثيقه، بل هو يروي الكتاب وهو في سن 4 سنوات، أي هو دون سن التحمل، فلا عبرة بمثل هذه الروايات، إذ لا ندري ما تم دسه في كتابه، لأن رواياته كما قال الذهلي: “خلَّط بها غيرها”.
ثم إن هذا الكتاب لم يشتهر زمن اللالكائي، ولا بين تلاميذه وهم قلة، وإنما اشتهر بعد ذلك بكثير.
3- أمثلة على تحريف عقائد السلف
من أمثلة الدس والتحريف في هذا الكتاب، الطعن في الإمام الأعظم أبي حنيفة، الواردة في آخر العقيدة المنسوبة لعلي بن المديني، والتي مطلعها: “أخبرنا محمد بن رزق الله، قال: أخبرنا أبو محمد جعفر بن محمد بن نصير، قال: حدثنا أبو محمد عبد الله بن غنام بن حفص بن غياث النخعي، قال: حدثنا أبو سعيد يحيى بن أحمد، قال: سمعت أبا عبد الله محمد بن عبد الله بن بسطام يقول: سمعت سهلاً بن محمد، قرأها على علي بن عبد الله بن جعفر المديني”. انتهى
بل نسبوا لابن المديني أنه أطلق على من ذم حشويا أنه جهمي وعلى من ذم ناصبيا أنه رافضي، وهذا من التدليس والكذب والبهتان
