العبارة المنسوبة لمالك: ” الله في السماء وعلمه في كل مكان”
ورد في كتاب العلل ومعرفة الرجال للإمام أحمد بن حنبل ما نصه: “حدثِنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَل قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدثنا سريح بن النُّعْمَانِ قَالَ أَخبرني عبد الله بن نَافِعٍ قَالَ كَانَ مَالك بن أنس يَقُولُ الْإِيمَانِ قَول وعمل وَيَقُول كلم الله مُوسَى وَقَالَ ملك الله فِي السَّمَاء وعلمه في كل مكان”. انتهى
فعلم بذلك أن ما جاء في السنة المنسوب لعبد الله بن الإمام أحمد: حَدَّثَنِي أَبِي رحمه الله، نا سُرَيْجُ بْنُ النُّعْمَانِ، نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ، قَالَ: كَانَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ يَقُولُ: ” الْإِيمَانُ قَوْلٌ وَعَمَلٌ، وَيَقُولُ: كَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى، وَقَالَ مَالِكٌ: اللَّهُ فِي السَّمَاءِ وَعِلْمُهُ فِي كُلِّ مَكَانٍ لَا يَخْلُو مِنْهُ شَيْءٌ”. انتهى
هو قول غير ثابت عن مالك، وإلا فرواية كتاب العلل تفسر رواية كتاب السنة المنسوب لعبد الله بن الإمام أحمد.
وهذا القول مروي أيضا في كتاب اسمه المسائل لأبي داود من غير أن يصححه وليس مذكورا في سننه.
فما يرويه سريج بن النّعمان عن عبد الله بن نافع عن مالك أنه كان يقول “الله في السماء وعلمه في كل مكان” غير ثابت، فقد انفرد به عبد الله بن نافع عن الإمام مالك دوناً عن غيره، ولم يُتابع عليه، وعبد الله بن نافع هذا متكلم في حفظه:
قال الإمام أحمد : عبد الله بن نافع الصائغ لم يكن صاحب حديث وكان ضعيفا فيه وأنه لا يُعتمد عليه.
وقال أبو حاتم : ليس بالحافظ هو لين في حفظه وكتابه أصح.
وقال البخاري : يعرف حفظه وينكر وكتابه أصح.
و قال ابن عدي : يروي غرائب عن مالك.
وذكره ابن حبان في كتاب الثقات وقال: كان صحيح الكتاب وإذا حدث من حفظه ربما أخطأ.
وراجع الرابط التالي:
https://www.facebook.com/share/p/19eXRUxPb3/
وذكر المالكية الذين ألفوا في التراجم في من يروي عن مالك أن عبد الله بن نافع كان أصما وكان أميًّا لا يكتب، زيادة على ما قاله أحمد وغيره فيه، و قالوا أحاديثُه لا تشبه أحاديث الثقات.
قال ابن فرحون المالكي: ” كان أصم أميا لا يكتب”.
وأما سبب تركهم لحفظه هو لانه في آخر عمره دخله شك في حديث مالك، قال الآجري عن أبي داود سمعت أحمد يقول كان عبد الله بن نافع أعلم الناس برأي مالك وحديثه كان يحفظ حديث مالك كله ثم دخله بآخره شك.
وهذه علة تقدح في حفظه ولهذا فقد ضعفوه من قِبَلِ حفظه ولم يصححوا حديثه اذا حدث من غير كتاب فقد اتهم بروايته غرائب عن الإمام مالك.
أمّا قول بعض الحشوية أن الإمام احمد احتج بالاثر في كتاب الشريعة للاجري، فالردّ على ذلك أن يقال أن عبارة الامام أحمد من دون بتر هي كالتالي: “إذاً فالرجل قد دخله شك في آخره، ولو كانت هذه العلة الوحيدة فيه لكانت كافية لاسقاط تفرداته ولكنه ايضاً ضعيفاً عند العلماء ومثله لا يُقبل تفرده، وحدثنا أبو الفضل جعفر بن محمد الصندلى قال حدثنا الفضل بن زياد قال سمعت أبا عبد الله أحمد بن حنبل يقول قال مالك بن أنس الله عز وجل في السماء وعلمه في كل مكان لا يخلو منه مكان، فقلت من أخبرك عن مالك بهذا؟ قال سمعته من شريح بن النعمان عن عبد الله بن نافع”.
فهذا النقل ليس من باب الاحتجاج، وبيان ذلك كالتالي:
-أولاً: الإمام أحمد قد أخلى عهدته من هذا الاثر حيث قال في نهايته، فقلت من أخبرك عن مالك بهذا؟ قال سمعته من شريح بن النعمان عن عبد الله بن نافع.
فقوله بانه سمعه من شريح بن النعمان عن عبد الله بن نافع هو من باب اخلاء العهدة.
– ثانياً: الامام أحمد بيّن حال عبد الله بن نافع حيث قال عبد الله بن نافع الصايغ لم يكن صاحب حديث وكان ضعيفا فيه.


