تَحذِيرٌ من الرَّذَائِل والفَوَاحِش

أحبَابَنَا، هَذهِ المَذكورَاتِ التي نَهى الشَّرعُ عنها مَوجُودةٌ بَينَ بَعضِ النَّاس، الزِّنَا مَوجُودٌ بَينَ بَعضِ النَّاسِ، واللِّوَاطُ وهو إتيَانُ الذُّكور، ذَكَرٌ يأتي ذَكَرًا وهذا مَوجُودٌ بَينَ النَّاسِ، السِّحَاقُ يعني أُنثَى معَ أُنثَى، سِحاقُ النِّساءِ شَبِيهُ الزِّنَا، لذَا قالَ عليهِ الصَّلاةُ والسَّلام: “سِحَاقُ النِّساءِ زِنًا بَينَهُنَّ”،

يَعنِي مِنْ بَعضِ الحَيْثيَّاتِ يُشبِهُ الزِّنَا وإنْ لم يكُن لهُ حُكمُ الزِّنَا تمامًا، وهذَا أيضًا مَوجُودٌ، يَعنِي الآنَ تَسمَعُونَ على وسَائِلِ التَّواصُلِ وتَسمَعُونَ في المُنتَديَاتِ وفي المَقَالاتِ وفي التلفزيُونَات أناسٌ يُنَادُونَ “بالمِثليَّةِ”، سمعتم فيها!! بدلَ أنْ يَقولوا “لِوَاط” عَدَلُوا عَنِ التَّعبيرِ باللِّوَاطِ إلى التَّعبيرِ بالمِثليَّةِ، عَدَلُوا عَنِ التَّعبيرِ بالسِّحَاقِ إلى التَّعبيرِ بالمِثليَّةِ.

 يُريدون أنْ يُحَسِّنوا هذهِ الفَواحِش وهذهِ المُنكَرات في عيونِ النَّاس. هذا مُخَطَّطٌ لغيرِ المُسلمين حتى تَدخُلَ هذهِ العَاداتِ الخَبيثَةِ التي انتَشَرت في بلادِ الكُفَارِ وفي مُجتَمعَاتِهم بينَ المُسلمين. وصِرنَا نَسمَعُ أنَّ مِنْ أبنَاءِ المُسلمينَ مَنْ يُطالِبُ بهذهِ التي يُسَمُّونَها “حُقُوقًا”. يَقولونَ لك: “أنتَ ما شأنكَ بفُلانٍ وفُلانٍ إن أحبُّوا بعضهم – على زعمِهم – وتَزوَّجوا بعضهم؟” هذا ما صِرنَا نَسمَعه ويقالُ لنَا: لماذا نتدَخَّل بينَ فُلان وفُلان!!؟ رَجُلان أحبُّوا بعضهُم ويريدونَ أنْ يَبقوا مع بَعضِهم ويَفعَلون الرَّذيلةَ معًا، أنتَ ما شأنك لتدخلَ بينَهم؟؟!. فُلانة وفُلانة أحبُّوا بعضهم ويَتعَاشَرُونَ كمُعاشَرةِ الأزواج، وعلى زعمِهِم ليسَ لنَا أنْ نَنهَى النَّاسَ عَنْ هذهِ المُنكَرات، يَنبَغي أنْ نرى هذهِ المُنكرات ونَسكُتَ عنها، هذا الذي يريدونَ، لتَرُوجَ بينَ النَّاسِ ويُفضِي ذلكَ إلى فَسادِ المُجتَمعاتِ وتَفَكُّكِ الأُسَر وشُذوذِ النَّاسِ في أفكارِهِم وأقوالِهم وأحوالِهم وأفعالِهم. هل يَسَعُ المُسلمَ أنْ يَسكُتَ عنْ مثلِ هذهِ المُنكرات؟ لا. المَصلَحةُ أحبَابَنا في ما أمَرَ اللهُ تعالى بهِ، والمَصلَحةُ مُنحَصِرةٌ في ما نهَى اللهُ عزَّ وجلَّ عنه.

الشَىءُ الذي أمرَ اللهُ تعالى بهِ فَفيهِ المَصلَحة، وليسَ فيما يُخَالِفُ هذا الأمرَ أدنَى مَصلَحة، والأشياءُ التي نهَى عنها اللهُ نهَى عنها لِمَصلَحة، فالوقوعُ في هذهِ المُحرَّمات ليسَ فيه أدنَى مَصلحَة.

المَصالِحُ مُنحَصِرةٌ في ما جاءَ به شرعُ الله، مِنْ أمرٍ بواجِبٍ أو نهيٍ عن مُحرَّم، وانتَهى الأمرُ هنا، المُسلمُ هكذا يَنبَغي أنْ يَعتقِد، يَنبَغي على المُسلمِ أنْ يَفتَخِرَ بِدينِهِ وبإسلامِهِ وبإيمانِهِ وبقُرآنِهِ وبأحكامِ دينِهِ. لا يصحُّ مِنَ الواحِدِ مِنَّا يا أحبابَنا ما دامَ مُسلمًا ويَحمِلُ هذا الدِّينَ في صَدرهِ أنْ يَستَحيَ مِنْ أمثَالِ هؤلاء الذين يُريدونَ أنْ يَعيشَ النَّاسُ كالبَهائِمِ

مَا مَعنَى التَّقوَى؟
 
التَّقوَى مَا هِي؟ أصلُ التَّقوَى مِنْ اتَّقيتُ الشَىءَ، اتَّقيتُ الشَىءَ إذا اجتَنَبتُهُ أو جَعَلتُ بَينِي وبَينَهُ وِقَايَةً تَقِيني وتَحفَظُنِي. تَقُولُ اتَّقَيتُ نَارَ الدُّنيَا معنَاهُ جَعَلتُ بَينِي وبَينَ نَارِ الدُّنيَا وِقَايَةً. اتَّقَيتُ أكلَ كذَا وكذَا وكذاَ مِنَ المُضِرَّاتِ لجَسَدي: مَعنَاهُ جَعلتُ بَينِي وبَينَها وِقَايَةً تَقِيني وتَحفَظُنِي ضَرَرَ هذهِ الأطعِمَةِ. التَّقوَى ما التَّقوَى؟ التَّقوَى أنْ تَجعَلَ بَينَكَ وبَينَ عذَابِ اللهِ في الآخِرةِ وِقَايَةً، شَىءٌ يَقِيكَ يَحفَظُكَ يَكونُ حِصنًا لكَ مِنْ أنْ تَدخُلَ النَّارَ وتُعذَّبَ فيهَا. كيفَ هذهِ الوِقَايةُ يُحَصِّلُها الوَاحِدُ مِنَّا؟ وكلُّ واحِدٍ مِنَّا يَستَطيعُ أنْ يَصَِل إلى التَّقوَى لأنَّ اللهَ تعالى كلَّفَنَا جَمِيعًا بِتَقوَاهُ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾. آيَاتُ القُرءانِ الحَاثَّةُ على التَّقوَى كثِيرَةٌ جِدًا في كتَابِ اللهِ “القُرءان”. قالَ: مَنْ يَتَّقِ اللهَ يُحمَدُ في عَوَاقِبهِ، أنْ تُؤَديَ الواجِبَ وأنْ تَجتَنِبَ المُحرَّمَ هذهِ هي التَّقوَى، أنْ تُؤَديَ كلَّ مَا أوجَبَ اللهُ عليكَ، ليسَ فقَط الصَّلاةَ والصِّيام، ليسَ فقط الصَّلوات الخَمس وصيَام رمضَان، هناكَ واجِبَاتٌ أخرى يَجبُ عليكَ أنْ تَتَعلَّمَهَا وأنْ تُؤدِّيَهَا على ما تَعلَّمْتهَا. والحَرامُ أيضًا حِصَّةٌ كثِيرَةٌ وافِرَةٌ، ليسَ الزِّنَا فقَط الحَرَام، وليسَ الرِّبا فقط الحَرَام، وليسَ السِّحرَ فقط الحَرَام، بل الحَرَامُ أصنَافٌ وأشكالٌ وألوَانٌ. وعليكَ أنْ تَتعلَّمَ الحَرَامَ حتَى تَجتَنِبَهُ. نَتعَلَّمُ الحَرَام لمَاذَا؟ حتَى نَجتَنِبَهُ عن عِلمٍ، إذا أدَّيْتَ ما أوجَبَ اللهُ عليكَ كلَّ ما أوجَبَ اللهُ عليكَ واجْتَنَبْتَ كلَّ ما حَرَّمَ اللهُ عليكَ فأنتَ عَبدٌ تَقِيٌّ، أنت عَبدٌ مُتَّقٍ لرَبِّهِ؛ هذا التَّقيُّ

مَعنَى الإيمانُ بِاللهِ هو معرِفَةُ أنَّ اللهَ مَوْجُودٌ لا يُشْبِهُ غَيرَهُ

الإيمَانُ باللهِ معناهُ التَّصديقُ بوجُودِهِ سبحانَهُ، التَّصديقُ بأنَّهُ موجُودٌ لا شَكَّ في وجُودِهِ، وأنَّ كلَّ شَىءٍ في هذا الكَوْنِ دَالٌّ على وُجودِ خالِقٍ له وهو اللهُ ربُّ العَالَمين. أنْ نُصَدِّقَ بهذهِ الحَقِيقةَ جَازِمينَ في قُلوبِنَا دُونَ أدنَى شَكٍّ هذا هو إيمَانُنَا باللهِ. أنْ نُصدِّقَ بوجودِ اللهِ على ما يَليقُ باللهِ. أنْ نُصَدِّقَ بِوجُودِ اللهِ عَزَّ وجَلَّ وبصفاتِهِ الكمَاليَّة مِنْ قُدرةٍ وإرادَةٍ وعِلمٍ وسَمعٍ وبَصَرٍ وحيَاةٍ وكلامٍ. وأنَّ هذهِ الصِّفَات لا يُمَاثِلُ اللهُ عَزَّ وجَلَّ ولا يُشَابِهُ اللهُ عَزَّ وجَلَّ بها أحدًا مِنْ خَلقِهِ، وأنَّ ذَاتَهُ سُبحَانَهُ وتَعَالى لا يُمَاثِلُ الذَّوَات، ولا يُشَابِهُ الذَّوَات. هذَا مَعنَى إيمَانُنَا باللهِ عَزَّ وجَلَّ