حُكمُ تَعلِيقِ الحُرُوزِ التي فِيهَا ءايَاتٌ وأذكارٌ نَبَوِيَّةٌ

 
أذكُرُ فائِدةً وهيَ أنَّ الرُّقيَةَ الجَائِزةَ تكونُ بكتَابِ اللهِ وبالأوْرَادِ والأذكَارِ الثَّابِتةِ عَنْ رسولِ اللهِ ﷺ. فإذَا رَقَى الإنسَانُ نَفسَهُ بكتَابِ اللهِ بالفَاتِحَةِ بالمُعَوِّذَتَيْنِ، فَهذَا شَىءٌ حَسَنٌ لم يَنهَى عنهُ الشَّرعُ بلْ جَاءَ بهِ الشَّرعُ، أو أنْ يَرْقِيَ الإنسَانُ نَفسَهُ بأوْرادٍ وأذكارٍ ثبَتَت عنهُ ﷺ فهذا شَىءٌ حَسَنٌ، ويَدخُلُ في هذَا يا أحبَابَنَا مَسألةُ تَعلِيقِ الحُرُوزِ، إذَا عَلَّقَ الإنسَانُ على رَقَبَتِهِ حِرزًا فيه شَىءٌ مِنَ القُرآنِ أو فيهِ شَىءٌ مِنْ هذهِ الأذكارِ عَنْ رسُولِ اللهِ ﷺ لتكونَ سببًا لدَفعِ الضُّرِ عَنهُ أو لشِفائِهِ مِنْ مرَضٍ نَزلَ بهِ فهذَا لم يُنكِرهُ عُلمَاءُ الشَّرعِ بلْ الذي ثَبَتَ في الحَديثِ الذي رواهُ التِّرمِذيُّ بإسنَادٍ حَسنٍ كما حَكَمَ عليهِ الحَافِظُ ابنُ حَجَرٍ العَسقَلانيّ في شَرحِهِ على صحِيحِ البُخَاريّ قال: إنَّ عَبدَ اللهِ بنَ عَمرو بنِ العَاص الصَّحَابيّ رضيَ اللهُ عنهُ وأرضاهُ كانَ يقول: علَّمَنا رسولُ اللهِ ﷺ أنْ نقُولَ: “أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّة مِنْ غَضَبِهِ وَعِقَابِهِ وَشَرِّ عِبَادِهِ وَمِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ وَأَنْ يَحْضُرُونَ”، قال: فكُنَّا نُعَلِّمُها لأبنَائِنَا مَنْ بلغَ مِنهُمُ الحُلُمَ يعني مَبلغَ أنْ يَستطيعَ النُّطقَ بهذا الذِّكرِ بهذا الوِردِ كُنَّا نُعلِّمُهُ لأبنائِنا ليَنطِقَ بهِ ليَقولَهُ ليَتحَصَّنَ بهِ، ومَنْ لم يَبلُغِ الحُلُمَ مِنْ أبنائِنا كَتبنَاهُ له على رُقعَةٍ وعَلَّقناهُ لهُ في صَدرِهِ، هذا ما اسمُهُ يا أحبابنا؟ حِرزٌ. إذًا أمرُ تَعلِيقِ الحُرُوزِ على صُدُورِ الصَّحَابَةِ أو أبنَاءِ الصَّحَابةِ كانَ شَيئًا جَائِزًا مَعمُولًا بهِ في زمَانِ الرَّسولِ ﷺ، وهذَا فِعلُ عبدِ اللهِ بنِ عمرو بنِ العَاص الصَّحَابيّ رضيَ اللهُ عنهُ وأرضَاه، وذَكرْتُ لكُم أنَّ حَديثَهُ رواهُ التِّرمذيُّ وحَسَّنَ إسنَادَهُ الحَافِظُ ابنُ حَجٍرٍ العَسقَلانيّ. فمَا بَالُ أناسٍ في زَمَانِنا إذا رَأوْا إنسَانًا مُسلِمًا عَلَّقَ على رَقَبَتِهِ حِرزًا تَجِدُ الواحِدَ مِنهُم يأتي ليَنزَعَهُ مِنْ صَدرِهِ وأحيَانًا قدْ يَتَّهِمُهُ بالشِّركِ وبالكُفرِ يعني يقولُ لهُ بعضُهُم: “أشرَكْتَ”، لمُجَرَّدِ أنَّهُ عَلَّقَ حِرزًا فيهِ آَياتٌ قُرآنيَّةٌ أو أذكارٌ نَبَويَّةٌ. أليسَ اللهُ عَزَّ وجَلَّ جَعَلَ القُرآنَ شِفَاءً للنَّاسِ؟ هذا الإنسانُ الذي يَكتُبُ حِرزًا فيهِ سُورتَيْ المُعوِّذَتَيْنِ أيُّ بَأسٍ عمِلَ؟ هل عليهِ بَأس؟ لا بَأسَ عليهِ، بلْ عَمِلَ شيئًا يَرجُو بِسببِهِ الشِّفَاء.
 
الشَّيخ طارق داهود حَفِظَهُ اللهُ تعالى وغَفرَ اللهُ لهُ وللمُؤمِنِينَ والمُؤمِنات.