لمَاذا المرأةُ تَقضِي الصِّيَامَ ولا تَقضِي الصَّلَاةَ؟
يُشترَط لصِحةِ الصَّوْم تأديَتُها تأديَةُ هذه العبادة مِن قادرٍ عليها حِسًّا أو شَرعًا. شَرعًا كأنْ تكونَ المرأةُ طاهِرًا، أمَّا إذا كانت حائِضةً فلا تُطَالَبُ بالصِّيامِ مُدَّةَ حيضِها، كما لا تُطَالَبُ بالصَّلاةِ مُدَّةَ حَيضِها.
لكنَّ الفَرقَ بينَ الصَّلاةِ والصِّيامِ بالنسبةِ للحَائضِ أنَّها تَقضي الصَّيَام ولا تُطالَبُ بقضاءِ الصَّلاة. الحَائِضُ تقضي الأيَامَ التي أفطرَتهَا بسببِ الحيضِ بعد رمضان، أمَّا الصَّلواتِ التي تَركَتها بسببِ الحَيضِ ليسَتْ مُطالبةً بِقَضائِها.
إذا قالَ قائِلٌ: لِمَ فَرَّقَ الشَّرعُ بين الصَّلاةِ والصِّيامِ بالنسبةِ للحائِض؟ أوجَبَ عليها قضاءَ أيَّام عُذرِها وتَركِها للصَّومِ بسببِ الحَيض، ولم يُوجِب عليها قضاءَ الصَّلواتِ؟ لأنَّ الصيام في السَّنة شَهرٌ، أليس كذلك؟
ثم إذا أتاها الحيض أكثرُ الحيضِ خمسةَ عشرَ يومًا، أليس كذلك؟ فلا يَشقُ عليها لو قَدَّرنا أنَّه أتاها الحيض خمسةَ عشرَ يومًا وهو أكثرُ مُدة الحيض، لا يَشقُ عليها أن تقضيَ مِن بعدِ رمضانَ هذا إلى رمضانَ القَابِل، لا يشقُ عليها أن تَقضيَ خمسةَ عشرَ يومًا، أليس كذلك؟
لكن لو أنَّه كان حَيضُها في كلِّ شهرٍ خَمسةَ عشرَ يومًا، في كلِّ شهرٍ تحيضُ خمسةَ عشر يومًا وتَطهُر خمسةَ عشرَ يومًا، تحيضُ خمسةَ عشرَ يومًا وتَطهُرُ خمسةَ عشرَ يومًا، لو طُولبَتْ بقضاءِ الصَّلواتِ مُدةَ حَيضِها لكثُرَ عليها القَضَاء ولَشَقَّ عليها القَضَاء، فهذهِ إن كان حيضُها على ما ذَكرنا يعني تَحتاج أن تُؤديَ سِتةَ أشهر الصَّلواتِ في وقتِها وسِتةَ أشهر تَقضيها. أليس كذلك؟ فيَشُقُ عليها.
لذلك أهلُ العِلمِ قالوا: “العِلَّةُ في عدمِ وجوبِ قضاءِ الصَّلاة مُدةَ الحيضِ مع وجوبِ قضاءِ الصيامِ مُدةَ الحيضِ أنَّ المَشقَّةَ تَجلِبُ التَيْسير”، لأنَّه يَشقُ عليها لو أُلزِمَت قضاءَ أيامِ حيضِها أنْ تقضيَ الصَّلوات لَشَقَّ ذلكَ عليها فيَسَّرَ عليها الشرعُ في أمرِ الصلاةِ وألزَمَها قضَاءَ أيامِ صومِها حالةَ الحَيض يعني حالةَ عُذرِ الحَيض.
