مَسَائِل تَتَعَلَقُ بالقَاعِدَةِ الفِقهيَّةِ: “الأمُورُ بِمَقَاصِدِهَا”
إِنْ قَصَدَ بِهٰذَا اللَّفْظِ تَطْلِيقَهَا “إِلْحَقِي بِأَهْلِكِ”، يَعْنِي أَنْتِ طَالِقٌ، قَصَدَ تَطْلِيقَهَا وَقَعُ الطَّلَاقُ. كُنَّا شَرَحْنَا لَكُمْ قَاعِدَةً فِقْهِيَّةً كُبْرَى، وَأَعْطَيْنَاكُمْ أَمْثِلَةً عَلَيْهَا، وَهِيَ قَوْلُ الفُقَهَاءِ: “الأُمُورُ بِمَقَاصِدِهَا”. يَنبَغِي أَنْ تَحْفَظُوا عَلَى الأَقَلِّ عُنْوَانَ القَاعِدَةِ الفِقْهِيَّةِ، وَأَنْ تَحْفَظُوا أَيْضًا مِثَالًا يَنْدَرِجُ تَحْتَهَا،
“الأُمُورُ بِمَقَاصِدِهَا”، يَعْنِي الأُمُورُ عَلَى حَسَبِ مَا تَقْصِدُ وَتَنْوِي. إِنْ قَصَدْتَ الخَيْرَ فَخَيْرٌ، وَإِنْ قَصَدْتَ الشَّرَّ فَشَرٌّ. هٰذِهِ قَاعِدَةٌ فِقْهِيَّةٌ. ذَكَرْتُ لَكُمْ أَنَّ هٰذِهِ القَاعِدَةَ الفِقْهِيَّةَ، أَنَّ النِّيَّةَ تَدْخُلُ فِي العِبَادَاتِ، مِنْ وُضُوءٍ، وَغُسْلٍ، وَتَيَمُّمٍ، وَصَلَاةٍ، وَصِيَامٍ، وَحَجٍّ، وَزَكَاةٍ، إِلَى غَيْرِ ذٰلِكَ، تَحْتَاجُ إِلَى النِّيَّةِ لِتَكُونَ صَحِيحَةً مَقْبُولَةً عِندَ اللهِ.
وَكَذٰلِكَ هذهِ النِّيَّةُ أيْضًا يُحتَاجُ إليها فِي الكِنَايَاتِ مِنَ الأَلْفَاظِ. يُوجَدُ أَلْفَاظٌ هِيَ ألْفاظُ كِنَايَة. مَا مَعْنَى كِنَايَة؟ كِنَايَةٌ: لَفْظٌ مُحْتَمِلٌ لِأَكْثَرَ مِنْ مَعْنًى، يَحتَمِلُ مَعنًى أو مَعنَيَينِ أو أكثَر، هٰذَا يُسَمَّى كِنَايَةً.
يُقَابِلُ الكِنَايَةَ: اللَّفْظُ الصَّرِيحُ. مَا الصَّرِيحُ؟ هُوَ الَّذِي لَيْسَ لَهُ إِلَّا مَعْنًى وَاحِدًا. إِذَا قَالَ الرَّجُلُ لِزَوْجَتِهِ: “أَنْتِ طَالِقٌ”، هٰذَا لَفْظٌ صَرِيحٌ في الطَّلَاقِ، فَيَقَعُ الطَّلَاقُ سَوَاءٌ قَصَدَ الطَّلَاقَ أَوْ لَمْ يَقْصِدْهُ، نَوَاهُ أَوْ لَمْ يَنْوِهِ، لِمَاذَا؟ لِأَنَّ قَولَهُ لِمرَأتِهِ أنتِ طَالِقٌ هذَا لَفْظٌ صَرِيحٌ فِي الطَّلَاقِ، لَا يَحْتَمِلُ إِلَّا الطَّلَاقَ. فَإِذَا جَاءَ يُدافِعُ عَنْ نَفسِهِ وَيَقُولُ: أَنَا مَا قَصَدْتُ تَطْلِيقَهَا، يُقَالُ لَهُ: لَوْ لَمْ تَقْصِدْ، مَا دُمْتَ اسْتَعْمَلْتَ لَفْظًا صَرِيحًا في الطَّلاقِ، فَيَقَعُ الطَّلَاقُ لوْ لمْ تَقصِد تَطلِيقَهَا.
ويُوجَدُ هناكَ أَلْفَاظٌ تُعَدُّ كِنَايَةً. إِذًا، هِيَ مُحْتَمِلَةٌ كِنايَةً لأكثَرَ من مَعنًى. النِّيَّةُ فِي أَلْفَاظِ الكِنَايَةِ لَهَا دَخَلٌ. إِذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ: “إِلْحَقِي بِأَهْلِكِ”، فَهٰذَا لَفْظُ كِنايَةٍ مُحتَمِلٌ لتَطْلِيقِهَا، ومُحتَمِلٌ أَنَّهُ يُرِيدُ مِنْهَا أَنْ تَذْهَبَ إِلَى أَهْلِهَا وَلَمْ يَقْصِدْ تَطلِيقَهَا. هٰذَا اللَّفْظُ “إِلْحَقِي بِأَهْلِكِ” لَفظُ كنَايَةٍ تَدخُلُ النِّيَّةُ فيهِ على حَسَبِ ما قَصَدَ، إِنْ قَصَدَ بِهَذا اللَّفظِ تَطلِيقَهَا وَقَعَ الطَّلَاقُ، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ تَطلِيقَهَا لَا يَقَعُ. انتَبَهْتُمْ أَحبابَنَا؟ هٰذَا لِأَنَّ “الأُمُورَ بِمَقَاصِدِهَا”.
