مَعنَى الحَدِيثِ القُدسيّ: “إلَّا الصِّيَامُ فَإنَّه لِي وأنَا أَجزِي بِه”
صِيامُ شَهرِ رَمضَان عِبَادةٌ عَظِيمةٌ. أفضَلُ العِبَاداتِ العَمليَّة على الإطلاقِ “الصَّلاةُ” فِي وقتِهَا، ثمَّ بعدَ الصَّلاة “الصِّيَام”.
الصِّيَامُ عِبَادةٌ عَظِيمةٌ تَلي الصَّلاةَ في الشأنِ والقَدرِ عندَ الله، فالمُحافَظةُ عليهَا مُحَافَظةٌ على أمرٍ مُهمٍ في دِينِ اللهِ.
فاللهُ تعالى خَصَّ الصِّيَامَ بخَصَائصَ منهَا: أنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ يُجزِلُ على الصَّائِم الثَّوابَ بِغَيرِ قَدرٍ مُحَددٍ جَاءَ الشَّرعُ بهِ، لأنَّ الصِّيَامَ عِبَادةٌ بَاطِنِيَّةٌ لأنَّه نِيَّةٌ وإمسَاكٌ، ليسَت عِبَادةً ظَاهِريَّةً، الصَّلاةُ عِبَادةٌ ظَاهِريَّةٌ يُصلِّي الإنسَانُ أمَامَنَا، أليسَ كذلك؟ الحَجُّ، الطَوافُ أمَامَ النَّاسِ، السَعيُ أمَامَ النَّاسِ أليسَ كذَلكَ؟
أمَّا الصِّيَامُ فإذَا نَوَى الإنسَانُ الصِّيَامَ وأمسَكَ عن المُفَطِّراتِ كلَّ اليوم ولم يُعلِم أحَدًا مِن البَشرِ كيفَ يَعرفُونَ أنه صَائِم؟ لا يَعرفُونَ. فَلأجلِ أنهَا عِبَادةٌ باطِنِيَّةٌ تَعتَمِدُ على نيَّةٍ صَادِقَة، اللهُ تعالى يُجزِلُ على هذا الصَّائِمَ ثوابًا لا يَعلمُهُ إلَّا اللهُ عزَّ وجلَّ.
لذلكَ الرَّسُولُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال قال الله تعالى: “إلَّا الصِّيَامُ فإنَّهُ لي” ما معنى “فإنَّه لي”؟
معناهُ الصِّيَامُ عِبَادةٌ مُميَّزةٌ عندَ اللهِ، عِبَادةٌ مَخصُوصَةٌ بِفَضَائلَ، وإلَّا كلُّ العِبَاداتِ مِلْكُ مَنْ؟ مِلْكُ الله. كلُّ العِبَاداتِ يَفعَلُهَا الطَّائعُونَ لمَن؟ للهِ، ألسنَا نُصلِّي للهِ ونحُجُّ للهِ ونُزكِّي للهِ، ونقرأُ القُرآن للهِ، بلى.
كيفَ قالَ اللهُ عزَّ وجلَّ في هذا الحَديثِ القُدسيّ: “إلَّا الصِّيامُ فإنَّه لي” مع أنّ كلَّ العِبَاداتِ للهِ، لبَيَانِ أنَّ الصِّيَامَ عِبَادةٌ مُميزةٌ لها فَضِيلةٌ ظَاهِرةٌ، الله تعالى يُجزِلُ على الصَّائِم ثَوابًا لا يعلمُهُ إلَّا اللهُ سُبحانَهُ على حسَبِ صِدقِ نيَّتِهِ، ولأنَّها عِبَادةٌ لا تَظهرُ، فهي عِبَادةٌ يُثِيبُ اللهُ تعالى عليهَا فَاعِلَها بِثَوَابٍ عَظِيمٍ لَا يَعلمُهُ إلَّا اللهُ.
