في الرد على بعض شبهات النواصب والعثمانيين الجدد

في الرد على بعض شبهات النواصب والعثمانيين الجدد

1- الفرق بين النواصب والعثمانيين:

▪︎ النواصب: هم فرقة توالي بني أمية وتطعن في الإمام علي رضي الله عنه وتسبه بدعوى أنه أَوى قتلة عثمان.

▪︎ العثمانيين هو اسم لمن كان يطالب بالقصاص من قتلة عثمان، ولاحقا صار يطلق على فرقة تنسب نفسها لعثمان بن عفان، وتدعي محبته كذبا، وهم يوالون بني أمية في حربهم ضد الإمام علي و يقولون أن الإمام علي لم يكن قادرا على القصاص من قتلة عثمان، وأنهم هم الذين يحكمون في جيشه.

2- الولاية والخلافة تتعلق بمن أجمع عليه أهل الحل والعقد في زمانهم ممن توفرت فيه الكفاءة والأفضلية والحكمة وغيره، ومن السخافة أن يقارن بعض الصحابة ببعض الخلفاء ممن جاؤوا بعدهم.

فلا يصح عقد مقارنة بين ابن مسعود و عمر بن عبد العزيز مثلا فيقال: ” ابن مسعود لم يكن خليفة مثل عمر بن عبد العزيز، وذلك لا يستلزم أفضلية عمر بن عبد العزيز على ابن مسعود”.

أفضلية ابن مسعود على عمر بن عبد العزيز لا خفاء فيها لصحبته وأسبقيته في الاسلام، لكن الخلفاء الأربعة بالخصوص ترتيب أفضليتهم كترتيب خلافتهم، لأنهم الأربعة من الصحابة السابقين ومن المبشرين بالجنة، وولايتهم جميعا كانت باجماع أهل الحل والعقد.

3- العثمانيون يرون أن من يطالب بالقصاص وجيشه ليس فيه واحد من قتلة عثمان أولى بالبيعة ممن كان جيشه وأمراؤه مجرمين ومتورطين في دم عثمان، وفيه أيضا من حرض عليه.

وجواب ذلك أن هذا شرط اشترطه هؤلاء المبتدعة، وكل شرط ليس في كتاب الله ولا سنة رسول صلى الله عليه وسلم فهو باطل ولو كان مائة شرط. إذ لا يُشترط للخروج على الإمام الشرعي أن يكون حوله بعض الفسقة والمجرمين، ولا يشترط الخروج عليه بسبب تأخير القصاص لمصلحة معتبرة.

ثم إن جيش بني أمية وصف بأنه الفئة الباغية، أي الآثمة، مع كونه ليس فيه من شارك في قتل عثمان، لعدم إذعانهم للخليفة الشرعي ورفع السيف في وجهه. وهذا الجيش فيه أبو الغادية قاتل عمار، وفيهم من قتل جمعا من الصحابة، وفيهم من قتل أويس القرني من أفضل التابعين.

4- يزعم العثمانيون والنواصب أن ترك مصير أمة محمد صلى الله عليه وسلم يتحكم فيه منافقون و قتلة امر خطير لا يمكن القبول به.

وجواب ذلك أن يقال أن مصير الأمة بعد انعقاد البيعة الشرعية يحدده الخليفة، وعلى رعيته الاذعان لأوامره في ما لا معصية فيه. ولو بايع بنو أمية الإمام علي وتركوه يقيم دولته ويثبت أركانها، لنُصبت بعد ذلك المحاكم، ولمثُل كل متهم أمام القضاء للحكم عليه بحد الشرع. وأما الثأر للمقتول بقتل كل من تعلقت به شبهة القتل أو التحريض من غير ثبوت الحجج والبراهين فهذا ليس من شرع الله. فأصل المشكل والتشرذم هم البغاة.

و لو كان بنو أمية يريدون القصاص لعثمان لنفذوه في قتلته بعد تمكنهم من الحكم لكنهم لم يفعلوا، وحتى قتلهم للأشتر كان لأجل ملك مصر، لا انقاما لعثمان.

وهذا ما أقر به شيخهم ابن تيمية، حيث قال في منهاجه : “فمعاوية، الذي يقول المنتصر له: إنه كان مصيبا في قتال علي، لأنه كان طالبا لقتل قتلة عثمان، لما تمكن وأجمع الناس عليه لم يقتل قتلة عثمان. فإن كان قتلهم واجبا، وهو مقدور له، كان فعله بدون قتال المسلمين أولى من أن يقاتل عليا وأصحابه لأجل ذلك، ولو قتل معاوية قتلة عثمان لم يقع من الفتنة أكثر مما وقع ليالي صفين. وإن كان معاوية معذورا في كونه لم يقتل قتلة عثمان إما لعجزه عن ذلك، أو لما يفضي إليه ذلك من الفتنة وتفريق الكلمة وضعف سلطانه، فعلي أولى أن يكون معذورا أكثر من معاوية، إذ كانت الفتنة وتفريق الكلمة وضعف سلطانه بقتل القتلة لو سعى في ذلك أشد”. انتهى

5 – مصنف ابن أبي شيبة الذي يحتج ببعض مروياته النواصب للطعن في الإمام علي، فيه أيضا ما ينقض مذهب هؤلاء ويفضح كذبهم، لكنهم ينتقون منه ما يوافق أهواءهم فقط.

ثم إن الكثير من مرويات ابن أبي شيبة حول الفتنة رغم صحة أسانيد بعضها، فهي تعارض المرويات المتواترة. وقد تقرر في علم الحديث أن صحة السند لا تعني صحة المتن.

و ابن أبي شيبة هو من روى حديث الفئة الباغية فقال:

“حدثنا ابن علية عن ابن عون عن الحسن عن أمه عن أم سلمة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يقتل عمارا الفئة الباغية “

وقال: حدثنا يحيى بن آدم قال حدثنا ورقاء عن عمرو بن دينار عن زياد مولى عمرو بن العاص عن عمرو بن العاص قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : تقتل عمارا الفئة الباغية .

6- حديث الفئة الباغية هو حديث متواتر، وقد رواه عمرو بن العاص. فعندما قتل عمار دخل عمرو على معاوية فزعا وقال: قُتل عمار، و ذكر له الحديث.

وحتى بعض الصحابة ممن لم يشارك القتال في الأول، لما قتل عمار أشهر سيفه وقاتل مع الإمام علي.

قال ابن أبي شيبة في مصنفه: حدثنا علي بن حفص عن أبي معشر عن محمد بن عمارة بن خزيمة بن ثابت قال : ما زال جدي كافا سلاحه يوم صفين ويوم الجمل حتى قتل عمار ، فلما قتل سل سيفه وقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : تقتل عمارا الفئة الباغية ، فقاتل حتى قتل .

و قال ابن عبد البر في الاستيعاب: “وصح عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- من وجوه أنه قال: ما آسى على شيء، كما آسى أني لم أقاتل الفئة الباغية مع علي رضي الله عنه” انتهـى

7 – الفئة الباغية دعوا كل من حارب معهم للنار، لأن الخروج على الخليفة كبيرة من الكبائر، واشهار السيف لقتاله بغير وجه حق كبيرة أخرى، فهذه الكبائر تستوجب النار إلا إذا تغمدهم الله برحمته.

وبيعة الخليفة الشرعي وموالاته ونصرته و الوقوف معه ثوابها عظيم قد توجب لصاحبها الجنة ومرضاة الله.

قال ابن أبي شيبة في مصنفه: “حدثنا إسحاق بن منصور عن محمد بن راشد عن جعفر بن عمرو بن أمية عن مسلم بن الأجدع الليثي ، وكان ممن شهد صفين ، قال : كان عمار يخرج بين الصفين ، وقد أخرجت الرايات ، فينادي حتى يسمعهم بأعلى صوته : روحوا إلى الجنة ، قد تزينت الحور العين”. انتهى

8- تحديد قتلة عثمان والمحرضون عليه فيهم خلاف بين العلماء، وإن عُرف بعضهم. وحتى هؤلاء لم تقم عليهم الحجة بالبينة لقتلهم، فقد يكون بعضهم قد لفقت له هذه الاتهامات بداعي التعصب وتصفية حسابات ضيقة لا غير

7- الحسين تنازل لمعاوية بالملك، لا بالخلافة، أي هو ترك الخلافة وتنازل عنها فكانت بعده ملكا لبني أمية، وذلك حتى يكف دماء المسلمين، عملا بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم.

9 – دعوى عدم وجود عبارة الفئة الباغية في جميع النسخ الخطية للصحيح البخاري من كذب النواصب، إذ لا توجد نسخة خطية واحدة بخط البخاري بل كلها نسخ متأخرة عنه. ثم إن عبارة “تقتله الفئة الباغية” هي عبارة متواترة سواء رواها البخاري أو لم يروها. وهذه العبارة نقلها ابن أبي شيبة الذي يحتج هؤلاء بمصنفه.

10- من جملة أكاذيب النواصب قولهم ان الامام علي قاتل الآلاف من الصحابة وأبناء الصحابة.

ويكفي للرد عليهم أنه في جيش بني أمية لا يوجد واحد من الصحابة السابقين الأولين، فقط فيهم بعض بني أمية والموالين لهم من أهل الشام.

فكل قتلى الصحابة والمسلمين في رقبة بني أمية وأهل الشام الخارجين عن الخليفة الشرعي.

11- يزعم النواصب أن بني أمية أفشلوا مشروع الامام علي، وتغلبوا عليه وحفضوا الأمة من انتشار الرفض فيها، والصحيح أن بني أمية هم الذين استسلموا في صفين ورفعوا المصاحف، ونادوا للتفاوض لما علموا أن الاستمرار في القتال ليس في صالحهم.

12- الذين قتلوا عثمان رضي الله عنه واندسوا في جيش الإمام علي، والذين قاتلوا الإمام علي رضي الله عنه جميعهم آثمون. لكن وصف البغاة شامل ومنسحب على كل من خرج عن الإمام علي وقاتله بنص الحديث النبوي، وهذا لا يمنع وصف الذي شاركوا في قتل الإمام عثمان ممن انضموا لجيش علي أنهم فسقة ظالمون، لا أن يقال أن جميعهم ظالمون لأن أكثر أنصار الإمام علي لم يتورطوا في دم عثمان، وهم بعد مقتله كانوا موالين للخليفة من بعده.

رابط ذو علاقة:

تجميع مقالات الفتنة الكبرى

https://www.facebook.com/share/p/167iWzhW5R/