معنى قول الحافظ ابن حجر: لا نعرف حديثا وصف بكونه متواترا ليس أصله في الصحيحين أو أحدهما

معنى قول الحافظ ابن حجر: لا نعرف حديثا وصف بكونه متواترا ليس أصله في الصحيحين أو أحدهما

قال ابن حجر في كتابه “النكت على كتاب ابن الصلاح”:

– قوله (ص) – أي ابن الصلاح- : عند ذكر أقسام الصحيح – “أولها: صحيح أخرجه البخاري ومسلم جميعا”: اعترض عليه بأن الأولى أن يكون القسم الأول: ما بلغ مبلغ التواتر أو قاربه في الشهرة والاستقامة. والجواب عن ذلك أنا لا نعرف حديثا وصف بكونه متواترا ليس أصله في الصحيحين أو أحدهما. انتهى

وكلام ابن حجر أراد به هنا الأحاديث المتواترة لفظا، ولم يرد به التواتر المعنوي، بدليل قوله في الإصابة في تمييز الصحابة: “التواتر لا يشترط ثقة رجاله ولا عدالتهم وإنما العمدة على ورود الخبر بعدد يستحيل في العادة تواطؤهم على الكذب فإن اتفقت ألفاظه فذاك وإن اختلفت فمهما اجتمعت فيه فهو التواتر المعنوي”. انتهى

وهنا ينبغي التنويه الى دقة كلام ابن حجر فهو قد قال: ” لا نعرف حديثا وصف بكونه متواترا ليس أصله في الصحيحين أو أحدهما”. انتهى

ولم يقل رضي الله عنه ؛” لا نعرف حديثا وصف بكونه متواترا ليس في الصحيحين أو أحدهما”. انتهى

فبعض ما تواتر معنويا ولو لم يرد لفظه في الصحيحين فقد يكون له أصل فيهما.

وعليه فإن المرويات والقصص التي أقر العلماء بتواترها ولم توجد في الصحيحين ينبغي الجزم بتواترها تواترا معنويا، وما تواتر معنويا لا يشترط فيه وثاقة رجاله أو الحكم على المرويات الواردة فيه بالصحة. ومن اشترط الصحة في ما تواتر معنويا فهو جاهل بعلم الحديث، وإلا فالمتواتر المعنوي، هو: “ما تواتر فيه معنى الحديث وإن اختلفت ألفاظه ، وذلك بأن ينقل جماعة يستحيل تواطؤهم على الكذب وقائع مختلفة في قضايا متعددة ، ولكنها تشترك في أمر معين ، فيتواتر ذلك القدر المشترك”.

ومما يرد كلام من طعن في المتواتر المعنوي بدعوى وجود أحاديث ضعيفة ما جاء في ندوة السنة النبوية ومنهجها في بناء المعرفة والحضارة وهو قولهم:

“ثم من أين يأتي الضعف إذا كان لا يبحث سند المتواتر من حيث أفراد الطبقات في السند ؟ والذي أعطى المتواتر هذه القوة ليس قوة أفراد سنده في طبقاته التي روته، وإنما هو طريق نقله ، إذ تعريف المتواتر : « ما نقله جمع عن جمع يؤمن تواطؤهم على الكذب عادة ». بل قرر علماء الحديث القدماء والمحدثون أن الحديث المتواتر ليس من مباحث الإسناد. حتى يتطرق إليه الضعف، فالضعف يتطرق إلى خبر الواحد، لأن البحث في الآحاد يدور على السند من حيث الصحة والضعف”. انتهى

ثم قالوا: “ويقول ابن حجر أيضاً : « لأنه على هذه الكيفية ليس من مباحث علم الاسناد، إذ علم الاسناد يبحث فيه عن صحة الحديث أو ضعفه ليعمل به أو يترك من حيث صفات الرجال وصيغ الأداء، والمتواتر لا يبحث عن رجاله، بل يجب العمل به من غير بحث » . فالتواتر إحدى صفات الحديث الصحيح وليس العكس، إذ الحديث الصحيح « ما اتصل سنده بالضابط العدل من مبدئه إلى منتهاه من غير شذوذ ولا علة »، ويوصف الحديث الصحيح بأنه متواتر وأحادي”. انتهى

لله تعالى صدقة جارية و صدقة عن روح المرحوم بإذن الله فتحي المهذبي