الحكم على المخالفين في الصفات

  1. 1- ضوابط الحكم على المخالفين في الصفات
  2. الإمام أبو الحسن الأشعري و المجسمة و الرد على ن زعم أنه تراجع عن إكفارهم
  3. 6- العز بن عبد السلام لم يشذ عن اجماع أهل السنة في تكفير الجهوي والمجسم، ولا خالف إمام مذهبه أبي الحسن الأشعري
  4. التحذير من فتوى منسوبة إلى سلطان العلماء العزّ بن عبد السلام المتوفى سنة 660 هجري في مسألة الاستواء
  5. رد بعض الشبهات حول العز بن عبد السلام في ترك اكفار المجسم – الجزء الأول-
  6. رد شبهات عن العز بن عبد السلام في ترك اكفار المجسم

الحكم على المخالفين في الصفات

1- ضوابط الحكم على المخالفين في الصفات

ضوابط الحكم على المخالفين في الصفات تكلم فيها الأصوليون وفصلوها وبينوا دقائقها:

– قال ﺍﻟﻐﺰﺍﻟﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺴﺘﺼﻔﻰ: ” ﻭﻣﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻜﻔﺮ ﺑﻪ، ﻗﻠﻨﺎ ﺍﻟﺨﻄﺐ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﻃﻮﻳﻞ ﻭﻗﺪ ﺃﺷﺮﻧﺎ ﺇﻟﻰ ﺷﻲﺀ ﻣﻨﻪ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺏ ﻓﺼﻞ ﺍﻟﺘﻔﺮﻗﺔ ﺑﻴﻦ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻭﺍﻟﺰﻧﺪﻗﺔ ﻭﺍﻟﻘﺪﺭ ﺍﻟﺬﻱ ﻧﺬﻛﺮﻩ ﺍﻵﻥ ﺃﻧﻪ ﻳﺮﺟﻊ ﺇﻟﻰ ﺛﻼﺛﺔ ﺃﻗﺴﺎﻡ: ﺍﻷﻭﻝ ﻣﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﻧﻔﺲ ﺍﻋﺘﻘﺎﺩﻩ ﻛﻔﺮﺍ ﻛﺈﻧﻜﺎﺭ ﺍﻟﺼﺎﻧﻊ ﻭﺻﻔﺎﺗﻪ ﻭﺟﺤﺪ ﺍﻟﻨﺒﻮﺓ. ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ: ﻣﺎ ﻳﻤﻨﻌﻪ ﺍﻋﺘﻘﺎﺩﻩ ﻣﻦ ﺍﻻﻋﺘﺮﺍﻑ ﺑﺎﻟﺼﺎﻧﻊ ﻭﺻﻔﺎﺗﻪ ﻭﺗﺼﺪﻳﻖ ﺭﺳﻠﻪ ﻭﻳﻠﺰﻣﻪ ﺇﻧﻜﺎﺭ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺍﻟﺘﻨﺎﻗﺾ. ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ: ﻣﺎ ﻭﺭﺩ ﺍﻟﺘﻮﻗﻴﻒ ﺑﺄﻧﻪ ﻻ ﻳﺼﺪﺭ ﺇﻻ ﻣﻦ ﻛﺎﻓﺮ ﻛﻌﺒﺎﺩﺓ ﺍﻟﻨﻴﺮﺍﻥ ﻭﺍﻟﺴﺠﻮﺩ ﻟﻠﺼﻨﻢ ﻭﺟﺤﺪ ﺳﻮﺭﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻭﺗﻜﺬﻳﺐ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺮﺳﻞ ﻭﺍﺳﺘﺤﻼﻝ ﺍﻟﺰﻧﺎ ﻭﺍﻟﺨﻤﺮ ﻭﺗﺮﻙ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺑﺎﻟﺠﻤﻠﺔ ﺇﻧﻜﺎﺭ ﻣﺎ ﻋﺮﻑ ﺑﺎﻟﺘﻮﺍﺗﺮ ﻭﺍﻟﻀﺮﻭﺭﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ”. انتهى

– ﻗﺎﻝ ﺷﻬﺎﺏ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻟﻘﺮﺍﻓﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﺮﻭﻕ ﻣﺎ ﻧﺼﻪ: “ﻭﻣﻦ ﺃﻗﺪﻡ ﻣﻊ ﺍﻟﺠﻬﻞ ﻓﻘﺪ ﺃﺛﻢ ﺧﺼﻮﺻﺎً ﻓﻲ ﺍﻹﻋﺘﻘﺎﺩﺍﺕ ﻓﺈﻥ ﺻﺎﺣﺐ ﺍﻟﺸﺮﻉ ﻗﺪ ﺷﺪﺩ ﻓﻲ ﻋﻘﺎﺋﺪ ﺃﺻﻮﻝ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺗﺸﺪﻳﺪﺍً ﻋﻈﻴﻤﺎً ﺑﺤﻴﺚ ﺃﻥ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻟﻮ ﺑﺬﻝ ﺟﻬﺪﻩ ﻭﺍﺳﺘﻔﺮﻍ ﻭﺳﻌﻪ ﻓﻲ ﺭﻓﻊ ﺍﻟﺠﻬﻞ ﻋﻨﻪ ﻓﻲ ﺻﻔﺔ ﻣﻦ ﺻﻔﺎﺕ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺃﻭ ﻓﻲ ﺷﻰﺀ ﻳﺠﺐ ﺍﻋﺘﻘﺎﺩﻩ ﻣﻦ ﺃﺻﻮﻝ ﺍﻟﺪﻳﺎﻧﺎﺕ ﻭﻟﻢ ﻳﺮﺗﻔﻊ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺠﻬﻞ، ﻓﺈﻧﻪ ﺁﺛﻢ ﻛﺎﻓﺮ ﺑﺘﺮﻙ ﺫﻟﻚ ﺍﻹﻋﺘﻘﺎﺩ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﻣﻦ ﺟﻤﻠﺔ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ ﻭﻳﺨﻠﺪ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻴﺮﺍﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺸﻬﻮﺭ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺬﺍﻫﺐ ﻣﻊ ﺃﻧﻪ ﺃﻭﺻﻞ ﺍﻹﺟﺘﻬﺎﺩَ ﺣﺪَﻩ ﻭﻣﻊ ﺫﻟﻚ ﻟﻢ ﻳُﻌﺬﺭ”. ﺍﻧﺘﻬﻰ

وهذا كله موافق لما نقله الإمام أبو بكر بن فورك في كتاب “مقالات الإمام الأشعري” أن الأشعري قال ما نصه: “الجهل بصفة من صفات الله كفر”. انتهى

ثم إن الحكم على المخالفين في العقائد مبني على أمور منها: جهلهم بالله وبصفاته.

وصفات الله عند الأصوليون تنقسم إلى:

أ- الصفات النفسية: كصفة الوجود، وهذا يكفر الجاهل به قولا واحدا. فمن أنكر وجود الله لا يكون مسلما من أصله.

ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻘﺮﺍﻓﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﺰﺀ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ﻋﺸﺮ ﻣﻦ ﻛﺘﺎﺑﻪ ﺍﻟﺬﺧﻴﺮﺓ ﺻﺤﻴﻔﺔ 28 ﻣﺎ ﻧﺼﻪ: ﺍﻟﻜُﻔﺮ ﻫﻮ ﺍﻧﺘﻬﺎﻙ ﺧﺎﺹ ﻟﺤُﺮﻣﺔ ﺍﻟﺮﺑﻮﺑﻴﺔ ﺇﻣﺎ ﺑﺎﻟﺠﻬﻞ ﺑﻮﺟﻮﺩﻩ ﺃﻭ ﺻﻔﺎﺗﻪ. ﺍﻧﺘﻬﻰ

ب- الصفات السلبية: هي صفات لا تدل على معنى وجودي ، وإنما تدل على سلب ما لا يليق بالله عن الله عز وجل، كالقدم ، والبقاء ، والوحدانية ، والمخالفة للخلق ، والغنى المطلق، أي القيام بذاته تعالى .

وهذه الصفات يكفر الجاهل بها بلا خلاف. فمن قال عن الله مخلوق، أو أنه يفنى، أو له شريك في الألوهية، أو أنه يشبه خلقه بوجه من الوجوه كالتحيز والجسمية، أو زعم أن الله يحتاج لخلقه لا يكون من الموحدين.

من هنا نقف على فساد قول من قال أن من أنكر شيئا متعلقا بمخالفة الله للحوادث، لم يُنكر الله، لأنه أثبت أصل الألوهية وأخطأ في وجه من كمالاتها. فحكم على من نسب الحد أو الحركة أو الجهة أو الجسمية لله بالإيمان والعياذ بالله.

وهذا الكلام باطل لأن الألوهية لا تثبت لمن ماثل الحوادث بوجه من الوجوه. فمن أثبت وجود إله و زعم أنه يتحرك فكأنه أثبت الندّ لله عز وجل وعبد من تجوز عليه الحركة تارة والسكون تارة أخرى وهذا من صفات الحوادث، فلا يكون أصل الألوهية متحققا من أصله، وهذا من الإلحاد في ذات الله وصفاته كما ذكر ذلك الشيخ إسماعيل حقي بن مصطفى الخلوتي البروسوي، في روح البيان في تفسير القرآن، عند تفسير قوله تعالى: ” وتجعلون له أندادا” حيث قال: “والحاصل: أن الله سبحانه وتعالى أمر رسوله – ﷺ – بأن ينكر عليهم أمرين: الأول: كفرهم بالله بإلحادهم في ذاته وصفاته، كالتجسم واتخاذ الصاحبة والولد والقول بأنه لا يقدر على إحياء الموتى ، وأنه لا يبعث البشر رسلاً “. انتهى

وأما الخلاف في تكفير المجسم فهو متعلق باللفظ دون المعنى، فمن أطلق على الله كلمة جسم، وكان يفهم منها: القائم بذاته أو الموجود، فهذا الذي جرى الخلاف في تكفيره.

قال الجُوينيُّ في الشَّامل: ” الخلاف في ذلك يدُور بيننا وبين فئتَين: إحداهُمَا تُخالف في اللَّفظ والإطلاق دون المعنَى والأُخرى تُخالف في المعنَى. فأمَّا الَّذين خالفوا في الإطلاق دون المعنَى فهُمُ الَّذين قالوا: المعنَى بالجسم الوُجود أو القيام بالنَّفس” انتهى

ج- الصفات المعنوية: الصفات المعنوية هي الأوصاف المشتقة من صفات المعاني ككونه تعالى قادرا، مريدا ، عالما حيا ، سميعا بصيرا ، متكلما.

وليعلم ان معظم المعتزلة أثبتوا لله عز وجل كونه عالما وكونه قادرا وكونه حيا….، ولم يثبتوا صفات زائدة على الذات، وبذلك أثبتوا لله أحولا؛ هو كونه عالما وكونه قادرا وكونه حيا….دون إثبات الصفات.

وهؤلاء المُعتَزِلَةُ يقولون أيضا عَنِ اللهِ تَعَالَى: “سَمِيعٌ بِذَاتِهِ بَصِيرٌ بِذَاتِهِ عَلِيمٌ بِذَاتِهِ” وَهُم يَكفُرُونَ بِهَذَا القَولِ لِأَنَّهُم يَقصِدُونَ بِهِ نَفيَ سَمعِ اللهِ وَبَصَرِهِ وَعِلمِهِ.

ومن العلماء من ذكر أن بعض المعتزلة يَعنُونَ بذلك مَنعَ زِيَادَةِ الصِّفَةِ على الذات لَا أَصلَ الصِّفَةِ، فلم يحكم بكفرهم لأَنَّهُم يُثبِتُونَ الصِّفَةَ وَيَنفُونَ تَعَدُّدَ القَدِيمِ.

وَضَلَالُ المُعتَزِلَةِ فِي الصِّفَاتِ راجع لتحريفهم مَعنَى قَولِ أَهلِ السُّنَّة وَالجَمَاعَةِ: ” الصِّفَةُ لَيسَت عَينَ الذَّاتِ وَلَا غَيرُ الذَّاتِ” فَزَعمُوا أَنَّ قَولَنَا: ” الصِّفَةُ لَيسَت عَينَ الذَّاتِ” يَتَضَمَّنُ القَولَ بِتَعَدُّدِ القَدِيمِ وَكَذَبُوا بَل مَعنَاهُ أَنَّ مَفهُومَ الصِّفَةِ غَيرُ مَفهُومِ الذَّاتِ فَمَا يُفهَمُ مِنَ القُدرَةِ يَختَلِفُ عَمَّا يُفهَمُ مِنَ الذَّاتِ وَنَقُولُ: “نَعبُدُ اللهَ” لَا نَقُولُ نَعبُدُ السَّمعَ أَوِ البَصَرَ وَقَولُنَا: “وَلَا غَيرُ الذَّاتِ” مَعنَاهُ أَنَّهَا لَا تَنفَكُّ عَنِ اللهِ تَعَالَى.

فهؤلاء العلماء قالوا أن المعتزلة الذين أثبتوا الصفات المعنوية ولم ينكروا أصل الصفات، جهلهم لا يستلزم انتفاء المعرفة كليا.

وأما الأشاعرة فهم يثبتون لله عز وجل جل كونه عالما وأن له صفة زائدة على الذات هي صفة العلم، فهو عالم بعلم، ولهم على ذلك أدلة عقلية ونقلية، فأثبتوا لله كونه عالما قادرا سميعا بصيرا وصفة العلم والقدرة والسمع والبصر ونحو ذلك.

د- الصفات المعاني: صفات المعاني هي القدرة، والإرادة ، والعلم ، والحياة ، والسمع ، والبصر ، والكلام

وهي صفات قائمة بذات الله، لازمة له لزوما لا يقبل الانفكاك، فهو حيّ بحياة، عالم بعلم، قادر بقدرة.

و الصفات المعاني خالف فيها بعض الفرق المنتسبين للاسلام، فمنهم من أنكرها دفعا لتعدد القدماء بزعمهم كالمعتزلة، وبعضهم أثبتها لكنه خالف في تعلقاتها كالمشبهة.

وهذه الصفات شدد علماء أهل السنة في حكم منكرها :

• القدرة

صفة القدرة ثابتة بنص القرآن، منها قوله تعالى: ان الله هو الرازق ذو القوة المتين – الذاريات:58-

– ﻗﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﺟﺮﻳﺮ ﺍﻟﻄﺒﺮﻱ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ “ﺍﻟﺘﺒﺼﻴﺮ ﻓﻲ ﻣﻌﺎﻟﻢ ﺍﻟﺪﻳﻦ” ﻣﺎ ﻧﺼﻪ: “ﻟﻦ ﻳﺴﺘﺤﻖ ﺃﺣﺪٌ ﺃﻥ ﻳﻘﺎﻝ ﻟﻪ: ﺇﻧﻪ ﺑﺎﻟﻠﻪ [ﻋﺎﺭﻑٌ] ﺍﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺇﺫﺍ ﻗﺎﺭﻧﻬﺎ ﺍﻹﻗﺮﺍﺭ ﻭﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﺳﺘﻮﺟﺐ ﺑﻪ ﺍﺳﻢ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ، ﻭﺃﻥ ﻳﻘﺎﻝ ﻟﻪ: ﺇﻧﻪ ﻣﺆﻣﻦٌ، ﺇﻻ ﺃﻥ ﻳﻌﻠﻢ ﺑﺄﻥ ﺭﺑﻪ ﺻﺎﻧﻊ ﻛﻞ ﺷﻲﺀٍ ﻭﻣﺪﺑﺮﻩ، ﻣﻨﻔﺮﺩﺍً ﺑﺬﻟﻚ ﺩﻭﻥ ﺷﺮﻳﻚٍ ﻭﻻ ﻇﻬﻴﺮٍ، ﻭﺃﻧﻪ ﺍﻟﺼﻤﺪ ﺍﻟﺬﻱ ﻟﻴﺲ ﻛﻤﺜﻠﻪ ﺷﻲﺀٌ: ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺣﺎﻁ ﺑﻜﻞ ﺷﻲﺀ ﻋﻠﻤﻪ، ﻭﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﻳﻌﺠﺰﻩ ﺷﻲﺀٌ ﺃﺭﺍﺩﻩ، ﻭﺍﻟﻤﺘﻜﻠﻢ ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﻳﺠﻮﺯ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻜﻮﺕ. ﻭﺃﻥ ﻳﻌﻠﻢ ﺃﻥ ﻟﻪ ﻋﻠﻤﺎً ﻻ ﻳﺸﺒﻬﻪ ﻋﻠﻮﻡ ﺧﻠﻘﻪ، ﻭﻗﺪﺭﺓً ﻻ ﺗﺸﺒﻬﻬﺎ ﻗﺪﺭﺓ ﻋﺒﺎﺩﻩ، ﻭﻛﻼﻣﺎً ﻻ ﻳﺸﺒﻬﻪ ﻛﻼﻡ ﺷﻲﺀ ﺳﻮﺍﻩ”. ﺍﻧﺘﻬﻰ

وهذا الكلام ثابت عن الطبري، نقله عنه ﺍﻟﺒﺮﺯﻟﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺠﻠﺪ ﺍﻟﺴﺎﺩﺱ ﻣﻦ ﻧﻮﺍﺯﻟﻪ ﺻﺤﻴﻔﺔ 277-278 ، حيث قال ﻣﺎ ﻧﺼﻪ: ﻓﺄﻣﺎ ﻣﻦ ﻧﻔﻰ ﺻﻔﺔ ﻣﻦ ﺻﻔﺎﺗﻪ ﺍﻟﺬﺍﺗﻴﺔ ﺟﺤﺪﻫﺎ ﻣﺴﺘﺒﺼﺮﺍ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﻛﻘﻮﻟﻪ: ﻟﻴﺲ ﺑﻌﺎﻟﻢ ﻭ ﻻ ﻗﺎﺩﺭ ﻭ ﻻ ﻣﺮﻳﺪ ﻭ ﻻ ﻣﺘﻜﻠﻢ ﻭ ﺷﺒﻪ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺻﻔﺔ ﺍﻟﻜﻤﺎﻝ ﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺍﻟﻮﺍﺟﺒﺔ ﻟﻪ. ﻓﻘﺪ ﻧﺺ ﺃﻳﻤﺘﻨﺎ ﻋﻠﻰ

ﺍﻻﺟﻤﺎﻉ ﻋﻠﻰ ﻛﻔﺮ ﻣﻦ ﻧﻔﻰ ﻋﻨﻪ ﺍﻟﻮﺻﻒ ﺑﻬﺎ ﻭ ﺃﻋﺮﺍﻩ ﻋﻨﻬﺎ. ﻭ ﻋﻠﻴﻪ ﺣﻤﻞ ﻗﻮﻝ ﺳﺤﻨﻮﻥ. ﻣﻦ ﻗﺎﻝ ﻟﻴﺲ ﻟﻠﻪ ﻛﻼﻡ ﺇﻧﻪ ﻛﺎﻓﺮ ﻭﻫﻮ ﻻ ﻳﻜﻔﺮ ﺍﻟﻤﺘﺄﻭﻟﻴﻦ ﻛﻤﺎ ﺗﻘﺪﻡ ﻟﻪ. ﻭﺃﻣﺎ ﻣﻦ ﺟﻬﻞ ﺻﻔﺔ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻔﺎﺕ ﻓﻌﻦ ﺃﺑﻲ ﺟﻌﻔﺮ ﺍﻟﻄﺒﺮﻱ ﻭ ﻏﻴﺮﻩ ﺃﻧﻪ ﻛﻔﺮ. ﺍﻧﺘﻬﻰ

– ﺟﺎﺀ ﻓﻲ ﺗﻔﺴﻴﺮ ﺍﺑﻦ ﻋﺮﻓﻪ ﻋﻨﺪ ﺗﻔﺴﻴﺮ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ”ﻭَﻣِﻤَّﺎ ﺭَﺯَﻗْﻨَﺎﻫُﻢْ ﻳُﻨﻔِﻘُﻮﻥَ”. ﻣﺎﻧﺼﻪ: ﻗﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﻋﻄﻴﺔ : ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺠﻤﻬﻮﺭ : ﺇﻥ ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺷﺎﻛﺎ ﻗﻂ ﻓﻲ ﺇﺣﻴﺎﺀ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﻤﻮﺗﻰ ، ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻃﻠﺐ ﺍﻟﻤﻌﺎﻳﻨﺔ ، ﻭﻗﺎﻝ ﺁﺧﺮﻭﻥ : ﺇﻧﻪ ﺷﻚ ﻓﻲ ﻗﺪﺭﺓ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ( ﻓﻲ ) ﺇﺣﻴﺎﺀ ﺍﻟﻤﻮﺗﻰ ( ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻗﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﻋﺒﺎﺱ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﻤﺎ ﻣﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺁﻳﺔ ﺃﺭﺟﻰ ﻋﻨﺪﻱ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ .- ﻗﺎﻝ- ﺍﺑﻦ ﻋﺮﻓﺔ : ﻫﺬﺍ ﻛﻼﻡ ﻻ ﻳﻠﻴﻖ ﺑﺎﺑﻦ ﻋﺒﺎﺱ . ﻭﺣﻤﻠﻪ ﻋﻠﻰ ﻇﺎﻫﺮﻩ ﻳﻠﺰﻡ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﻜﻔﺮ ﻓﻼ ﺑﺪ ﻣﻦ ﺗﺄﻭﻳﻠﻪ”. انتهى

– ﺟﺎﺀ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ ﻭ ﺍﻟﺘﺤﺼﻴﻞ ﻻﺑﻲ ﺍﻟﻮﻟﻴﺪ ﺑﻦ ﺭﺷﺪ القرطبي ﺗﺤﺖ ﻣﺴﺄﻟﺔ “ﺍﻟﻤﺮﺍﺩ ﺑﺎﻟﻘﺪﺭﻳﺔ ﻭﺣﻜﻤﻬﻢ ” ﻛﻼﻡ ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺭﺷﺪ ﻭ ﻧﺼﻪ: ” ﻓﺎﻟﻘﺪﺭﻳﺔ ﻋﻨﺪ ﻋﺎﻣﺔ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﻛﻔﺎﺭ ﻷﻧﻬﻢ ﻧﺴﺒﻮﺍ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺍﻟﻌﺠﺰ ﻭﺍﻟﺠﻬﻞ ﻓﻲ ﻗﻮﻟﻬﻢ ﺇﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﻟﻢ ﻳُﻘﺪّﺭ ﺍﻟﻤﻌﺎﺻﻲ ﻭﻻ ﺍﻟﺸﺮ ﻭﺇﻥ ﺫﻟﻚ ﺟﺎﺭٍ ﻓﻲ ﺧﻠﻘﻪ ﻭﺳﻠﻄﺎﻧﻪ ﺑﻐﻴﺮ ﻗﺪﺭﺗﻪ ﻭﻻ ﺇﺭﺍﺩﺗﻪ ، ﻓﻨﻔﻮﺍ ﺍﻟﻘﺪﺭﺓ ﻭﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﻋﻦ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻭﻧﺴﺒﻮﻫﺎ ﻷﻧﻔﺴﻬﻢ ﺣﺘﻰ ﻗﺎﻝ ﺑﻌﺾ ﻃﻮﺍﻏﻴﺘﻬﻢ : ﺇﻧﻪ ﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﻃﻔﻞ ﻋﻠﻰ ﺣﺎﺟﺰ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺠﻨﺔ ﻭﺍﻟﻨﺎﺭ ﻟﻜﺎﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻣﻮﺻﻮﻓﺎ ﺑﺎﻟﻘﺪﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﻃﺮﺣﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺠﻨﺔ ﻭﺇﺑﻠﻴﺲ ﻣﻮﺻﻮﻓﺎ ﺑﺎﻟﻘﺪﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﻃﺮﺣﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺎﺭ ، ﻭﺇﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﻻ ﻳﻮﺻﻒ ﺑﺎﻟﻘﺪﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ . ﻭﺯﻋﻤﻮﺍ ﺃﻥ ﺧﻼﻑ ﻫﺬﺍ ﻛﻔﺮٌ ﻭﺷﺮﻙٌ”. انتهى

– ﻗﺎﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺑﺪﺭ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻟﺰﺭﻛﺸﻲ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺏ “ﺗﺸﻨﻴﻒ ﺍﻟﻤﺴﺎﻣﻊ” ﺍﻟﺠﺰﺀ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ﺻﺤﻴﻔﺔ 265 ﻣﺎ ﻧﺼﻪ: ﻟﻚ ﺃﻥ ﺗﺴﺄﻝ ﻋﻦ ﺍﻟﻔﺮﻕ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻤﺬﻫﺐ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ﻭﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ، ﺃﻋﻨﻲ ﻣﺬﻫﺐ ﺍﻟﻔﻼﺳﻔﺔ ﻭﺍﻟﻤﻌﺘﺰﻟﺔ ، ﻭﻣﺎ ﺍﻟﻔﺮﻕ ﺑﻴﻦ ﻣﻦ ﻧﻔﻰ ﺍﻟﺼﻔﺔ ﺃﻭ ﻧﻔﻰ ﺣﻜﻢ ﺍﻟﺼﻔﺔ، ﻭﻭﺟﻬﻪ ﺃﻥ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﻭﻫﻮ ﻋﺎﻟﻢ ﻗﺎﺩﺭ ﺛﺒﺖ ﺑﺎﻟﻨﺺ ﻭﻋﻠﻢ ﺑﺎﻟﻀﺮﻭﺭﺓ ﺩﻳﻨﺎً ، ﻭﺇﺛﺒﺎﺕ ﺻﻔﺔ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭﺍﻟﻘﺪﺭﺓ ﻻ ﻳﺴﺘﻨﺪ ﺛﺒﻮﺗﻬﺎ ﺑﺎﻟﻨﺺ ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻳﺜﺒﺖ ﺑﺎﻟﺪﻟﻴﻞ ، ﻭﻟﻴﺲ ﻛﺬﻟﻚ ، ﻭﻟﻬﺬﺍ ﻋﺪﻫﺎ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻣﻤﺎ ﺛﺒﺖ ﺑﺎﻟﺼﻴﻐﺔ ﻷﻥ ﻋﺎﻟﻤﺎً ﻟﻢ ﻳﻮﺿﻊ ﺇﻻ ﻟﻤﻦ ﻟﻪ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻻ ﻟﻤﻦ ﺃﺩﺭﻙ ﻓﻘﻂ ، ﻓﻴﻜﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﻣﻦ ﺍﻟﺜﺎﺑﺖ ﺑﻨﺺ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ. ﻭﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺟﺮﻯ ﺃﺑﻮ ﺍﻟﻮﻟﻴﺪ ﺍﺑﻦ ﺭﺷﺪ ﻓﻘﺎﻝ: ” ﻻ ﻓﺮﻕ ﺑﻴﻦ ﻣﻦ ﻗﺎﻝ : ﻟﻴﺲ ﻟﻠﻪ ﻋﻠﻢ ، ﻭﻣﻦ ﻗﺎﻝ : ﻟﻴﺲ ﺑﻌﺎﻟﻢ. ﺍﻧﺘﻬﻰ

وراجع الرابط التالي:

وأما المشبهة فقد جوزوا تعلق القدرة بواجب الوجود وبالمستحيل العقلي فضلّوا في هذه المسألة .

• العلم

صفة العلم ثابتة بنص القرآن، منها قوله تعالى: “لكن الله يشهد بما أنزل إليك أنزله بعلمه “- النساء: 166-

– قال الإمام الشافعي رحمه الله تعالى : “ناظروا القدرية بالعلم ، فإن أقروا به خصموا ، وإن أنكروا كفروا “.

وهو منقول عن كثير من السلف كما ذكر ذلك ابن رجب الحنبلي في جامع العلوم والحكم.

– ﻗﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﺟﺮﻳﺮ ﺍﻟﻄﺒﺮﻱ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ “ﺍﻟﺘﺒﺼﻴﺮ ﻓﻲ ﻣﻌﺎﻟﻢ ﺍﻟﺪﻳﻦ” ﻣﺎ ﻧﺼﻪ: ﻗﺪ ﺩﻟﻠﻨﺎ ﻓﻴﻤﺎ ﻣﻀﻰ ﻗﺒﻞ ﻣﻦ ﻛﺘﺎﺑﻨﺎ ﻫﺬﺍ ﺃﻧﻪ ﻻ ﻳﺴﻊ ﺃﺣﺪﺍ ﺑﻠﻎ ﺣﺪ ﺍﻟﺘﻜﻠﻴﻒ ﺍﻟﺠﻬﻞ ﺑﺄﻥ ﺍﻟﻠﻪ –ﺟﻞ ﺫﻛﺮﻩ – ﻋﺎﻟﻢ ﻟﻪ ﻋﻠﻢ ، ﻭﻗﺎﺩﺭ ﻟﻪ ﻗﺪﺭﺓ ، ﻭﻣﺘﻜﻠﻢ ﻟﻪ ﻛﻼﻡ ، ﻭﻋﺰﻳﺰ ﻟﻪ ﻋﺰﺓ ، ﻭﺃﻧﻪ ﺧﺎﻟﻖ . ﻭﺃﻧﻪ ﻻ ﻣﺤﺪﺙ ﺇﻻ ﻣﺼﻨﻮﻉ ﻣﺨﻠﻮﻕ ﻭﻗﻠﻨﺎ : ﻣﻦ ﺟﻬﻞ ﺫﻟﻚ ﻓﻬﻮ ﺑﺎﻟﻠﻪ ﻛﺎﻓﺮ”. انتهى

– ﺟﺎﺀ ﻓﻲ ﺭﻳﺎﺽ ﺍﻟﻨﻔﻮﺱ، ﺍﻟﺠﺰﺀ 2 ﺻﺤﻴﻔﺔ 73 ﺃﻥ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺳﻌﻴﺪ ﺑﻦ ﺍﻟﺤﺪﺍﺩ ﻗﺎﻝ: ” ﺇﻥ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻻ ﻳﻌﺪﻭ ﺇﺣﺪﻯ ﻣﻨﺰﻟﺘﻴﻦ: ﺇﻣﺎ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺻﻔﺔ ﻓﻌﻞ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ، ﻓﻤﻦ ﺷﻚّ ﻓﻲ ﺧَﻠْﻖِ ﺫﻟﻚ ﻓﻬﻮ ﻛﺎﻓِﺮ. ﻭﺇﻣﺎ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺻﻔﺔ ﺫﺍﺕ ﻛﻌِﻠْﻢِ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﻗﺪﺭﺗﻪ، ﻭﻣﻦ ﺷﻚ ﻓﻠﻢ ﻳَﺪْﺭِ ﺫﻟﻚ ﻣﺨﻠﻮﻕ ﺃﻭ ﻏﻴﺮ ﻣﺨﻠﻮﻕ ﻓﻬﻮ ﻛﺎﻓﺮ .ﻭﺍﻟﻜﻼﻡ ﻻ ﻳﻌﺪﻭ ﻫﺎﺗﻴﻦ ﺍﻟﻤﻨﺰﻟﺘﻴﻦ، ﻓﺎﻟﻮﺍﻗﻒ ﺷﺎﻫﺪ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻪ ﺑﺄﻧﻪ ﺗﺎﺭﻙ ﻟﻠﻘﻮﻝ ﺍﻟﺤﻖ ﺣﺘﻤﺎ”. ﺍﻧﺘﻬﻰ

و ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺳﻌﻴﺪ ﺑﻦ ﺍﻟﺤﺪﺍﺩ ﻫﻮ ﺻﺎﺣﺐ ﺳُﺤْﻨُﻮﻥ ﻭ ﺃﺣﺪ ﺍﻷﺋﻤﺔ ﺍﻟﻤﺠﺘﻬﺪﻳﻦ. ﻗﺎﻝ ﻋﻨﻪ ﺍﻟﺬﻫﺒﻲ: “ﺍﺑﻦ ﺍﻟﺤﺪﺍﺩ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺷﻴﺦ ﺍﻟﻤﺎﻟﻜﻴﺔ.

– ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺠﻮﻳﻨﻲ ﻓﻲ ﺃﺟﻮﺑﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﺃﺳﺌﻠﺔ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺤﻖ ﺍﻟﺼﻘﻠﻲ: “ﻓﻤﺬﻫﺐ ﺷﻴﺨﻨﺎ ﺃﻥ ﻧﺎﻓﻲ ﺍﻟﺼﻔﺎﺕ ﺑﻤﺜﺎﺑﺔ ﻧﺎﻓﻲ ﺃﺣﻜﺎﻣﻬﺎ، ﻭﻗﺪ ﺃﺟﻤﻌﺖ ﺍﻷﻣﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻣﻦ ﻧﻔﻰ ﻛﻮﻥ ﺍﻟﻘﺪﻳﻢ ﻋﺎﻟﻤﺎً ﻗﺎﺩﺭﺍً ﺣﻴﺎً ﻓﻬﻮ ﻛﺎﻓﺮ، ﻭﻧﻔﻲ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺑﻤﺜﺎﺑﺔ ﻧﻔﻲ ﻛﻮﻧﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻋﺎﻟﻤﺎً. ﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﺍﺭﺗﻀﺎﻩ ﺷﻴﺨﻨﺎ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ. ﺍﻧﺘﻬﻰ

ﻭﻣﺮﺍﺩ ﺍﻟﺠﻮﻳﻨﻲ” ﺑﺸﻴﺨﻨﺎ” ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺃﺑﻮ ﺍﻟﺤﺴﻦ ﺍﻷﺷﻌﺮﻱ

– ﻗﺎﻝ ابن المعلم القرشي في “ﻧﺠﻢ ﺍﻟﻤﻬﺘﺪﻱ ﻭﺭﺟﻢ ﺍﻟﻤﻌﺘﺪﻱ” ﻣﺎ ﻧﺼﻪ: “ﻋﻦ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺃﻗﻀﻰ ﺍﻟﻘﻀﺎﺓ ﻧﺠﻢ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ ﺍﻟﻤﺴﻤﻰ “ﻛﻔﺎﻳﺔ ﺍﻟﻨﺒﻴﻪ ﻓﻲ ﺷﺮﺡ ﺍﻟﺘﻨﺒﻴﻪ” ﻓﻲ ﻗﻮﻝ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺃﺑﻲ ﺇﺳﺤﻖ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ ﻓﻲ ﺑﺎﺏ ﺻﻔﺔ ﺍﻷﺋﻤﺔ ﻭﻻ ﻳﺠﻮﺯ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﺧﻠﻒ ﻛﺎﻓﺮ ﻷﻧﻪ ﻻ ﺻﻼﺓ ﻟﻪ ﻭﻛﻴﻒ ﻳﻘﺘﺪﻯ ﺑﻪ ﻗﺎﻝ: ﻭﻫﺬﺍ ﻳَﻨﻈِﻢ ﻣَﻦ ﻛﻔﺮﻩ ﻣﺠﻤﻊ ﻋﻠﻴﻪ -ﺃﻱ ﻣﻦ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻏﻴﺮ ﻣﻨﺘﺴﺒﻴﻦ ﺇﻟﻰ ﻣﻠﺔ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻛﺎﻟﻴﻬﻮﺩ ﻭﺍﻟﻨﺼﺎﺭﻯ ﻭﺍﻟﻤﺠﻮﺱ- ﻭﻣﻦ ﻛﻔﺮﻧﺎﻩ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻘﺒﻠﺔ ﻛﺎﻟﻘﺎﺋﻠﻴﻦ ﺑﺨﻠﻖ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻭﺑﺄﻧﻪ ﻻ ﻳﻌﻠﻢ ﺍﻟﻤﻌﺪﻭﻣﺎﺕ ﻗﺒﻞ ﻭﺟﻮﺩﻫﺎ ﻭﻣﻦ ﻻ ﻳﺆﻣﻦ ﺑﺎﻟﻘﺪﺭ ﻭﻛﺬﺍ ﻣﻦ ﻳﻌﺘﻘﺪ ﺃﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﺟﺎﻟﺲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺮﺵ ﻛﻤﺎ ﺣﻜﺎﻩ ﺍﻟﻘﺎﺿﻲ ﺣﺴﻴﻦ ﻫﻨﺎ ﻋﻦ ﻧﺺ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ” ﺍنتهـى

– ﻗﺎﻝ ﺃﺑﻮ ﺍﻟﻤﻈﻔﺮ ﺍﻷﺳﻔﺮﺍﻳﻴﻨﻲ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺏ” ﺍﻟﺘﺒﺼﻴﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻭﺗﻤﻴﻴﺰ ﺍﻟﻔﺮﻗﺔ ﺍﻟﻨﺎﺟﻴﺔ ﻋﻦ ﺍﻟﻔﺮﻕ ﺍﻟﻬﺎﻟﻜﻴﻦ” ﻣﺎ ﻧﺼﻪ: ” ﻭﺃﻫﻞ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﻳﻜﻔﺮﻭﻧﻬﻢ ﻟﻘﻮﻟﻬﻢ ﺑﺄﻥ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﺣﺎﺩﺙ ﻭﺃﻧﻪ ﻻ ﻳﻌﻠﻢ ﻣﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﺣﺘﻰ ﻳﻜﻮﻥ ﻭﺃﻥ ﻛﻼﻣﻪ ﺣﺎﺩﺙ. ﻭﺃﻫﻞ ﺍﻟﻘﺪﺭ ﺃﻳﻀﺎ ﻳﻜﻔﺮﻭﻥ ﻟﻘﻮﻟﻬﻢ ﺑﺨﻠﻖ ﺍﻷﻓﻌﺎﻝ”. انتهى

– ﺟﺎﺀ ﻓﻲ ﺷﺮﺡ ﺍﺑﻦ ﺑﻄﺎﻝ ﻣﺎ ﻧﺼﻪ: “ﻓﻤﻦ ﺩﻓﻊ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﺒﺎﺭﻯ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺍﻟﺬﻯ ﻫﻮ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﻓﻰ ﻛﻮﻧﻪ ﻋﺎﻟﻤًﺎ، ﻭﺯﻋﻢ ﺃﻧﻪ ﻋﺎﻟﻢ ﺑﻨﻔﺴﻪ ﻻ ﺑﻌﻠﻢ ﻓﻘﺪ ﺭﺩ ﻧﺼﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻋﻠﻰ ﺇﺛﺒﺎﺕ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺍﻟﺬﻯ ﻫﻮ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﻓﻰ ﻛﻮﻧﻪ ﻋﺎﻟﻤًﺎ ﻭﻻ ﺧﻼﻑ ﺑﻴﻦ ﺭﺩ ﻧﺼﻪ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻪ ﺫﻭ ﻋﻠﻢ ﻭﺑﻴﻦ ﻧﺼﻪ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻪ ﻋﺎﻟﻢ، ﻓﺎﻟﻨﺎﻓي ﻟﻌﻠﻤﻪ ﻛﺎﻟﻨﺎﻓي ﻟﻜﻮﻧﻪ ﻋﺎﻟﻤًﺎ، ﻭﺍﺟﺘﻤﻌﺖ ﺍﻷﻣﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻣﻦ ﻧﻔﻰ ﻛﻮﻧﻪ ﻋﺎﻟﻤًﺎ ﻓﻬﻮ ﻛﺎﻓﺮ، ﻓﻴﻨﺒﻐﻰ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻦ ﻧﻔﻰ ﻛﻮﻧﻪ ﺫﺍ ﻋﻠﻢ ﻛﺎﻓﺮًﺍ؛ ﺇﺫ ﻣﻦ ﻧﻔﻰ ﺃﺣﺪ ﺍﻷﻣﺮﻳﻦ ﻛﻤﻦ ﻧﻔﻰ ﺍﻵﺧﺮ، ﻭﺍﻟﻘﻮﻝ ﻓﻰ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺑﻬﺬﺍ ﻛﺎﻑ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺑﻪ ﻓﻰ ﺟﻤﻴﻊ ﺻﻔﺎﺗﻪ”. ﺍنتهى

– ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻤﺤﺪﺙ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻣﺤﻤﺪ ﺃﻧﻮﺭ ﺷﺎﻩ ﺍﻟﻜﺸﻤﻴﺮﻱ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ “ﺇﻛﻔﺎﺭ ﺍﻟﻤﻠﺤﺪﻳﻦ ﻓﻲ ﺿﺮﻭﺭﻳﺎﺕ ﺍﻟﺪﻳﻦ” ما نصه: “ﻭﺍﻟﻤﺮﺍﺩ ﺑﺎﻟﻤﺒﺘﺪﻉ ﺍﻟﺬﻱ ﻟﻢ ﻳﻜﻔﺮ ﺑﺒﺪﻋﺘﻪ، ﻭﻗﺪ ﻳﻌﺒﺮ ﻋﻨﻪ ﺑﺎﻟﻤﺬﻧﺐ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻘﺒﻠﺔ، ﻛﻤﺎ ﺃﺷﺎﺭ ﺇﻟﻴﻪ ﺍﻟﻤﺼﻨﻒ ﺳﺎﺑﻘﺎً ﺑﻘﻮﻟﻪ: “ﻭﻟﻠﻨﻬﻲ ﻋﻦ ﺗﻜﻔﻴﺮ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻘﺒﻠﺔ” ﻫﻮ ﺍﻟﻤﻮﺍﻓﻖ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻣﻦ ﺿﺮﻭﺭﻳﺎﺕ ﺍﻹﺳﻼﻡ، ﻛﺤﺪﻭﺙ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ، ﻭﺣﺸﺮ ﺍﻷﺟﺴﺎﺩ ﻣﻦ ﻏﻴﺮ ﺃﻥ ﻳﺼﺪﺭ ﻋﻨﻪ ﺷﻲﺀ ﻣﻦ ﻣﻮﺟﺒﺎﺕ ﺍﻟﻜﻔﺮ ﻗﻄﻌﺎً ﻣﻦ ﺍﻋﺘﻘﺎﺩ ﺭﺍﺟﻊ ﺇﻟﻰ ﻭﺟﻮﺩ ﺇﻟﻪ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ، ﺃﻭ ﺇﻟﻰ ﺣﻠﻮﻟﻪ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ ﺃﺷﺨﺎﺹ ﺍﻟﻨﺎﺱ، ﺃﻭ ﺇﻧﻜﺎﺭ ﻧﺒﻮﺓ ﻣﺤﻤﺪ – ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ – ﺃﻭ ﺫﻣﻪ ﺃﻭ ﺍﺳﺘﺨﻔﺎﻓﻪ، ﻭﻧﺤﻮ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻤﺨﺎﻟﻒ ﻓﻲ ﺃﺻﻮﻝ ﺳﻮﺍﻫﺎ ﻣﻤﺎ ﻻ ﻧﺰﺍﻉ ﺃﻥ ﺍﻟﺤﻖ ﻓﻴﻪ ﻭﺍﺣﺪ، ﻛﻤﺴﺄﻟﺔ ﺍﻟﺼﻔﺎﺕ، ﻭﺧﻠﻖ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ، ﻭﻋﻤﻮﻡ ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ﻭﻗﺪﻡ ﺍﻟﻜﻼﻡ، ﻭﻟﻌﻞ ﺇﻟﻰ ﻫﺬﺍ ﺃﺷﺎﺭ ﺍﻟﻤﺼﻨﻒ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻣﺎﺿﻴﺎً ﺑﻘﻮﻟﻪ: ﺇﺫ ﺗﻤﺴﻜﻪ ﺑﺎﻟﻘﺮﺁﻥ ﺃﻭ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﺃﻭ ﺍﻟﻌﻘﻞ، ﺇﺫ ﻻ ﺧﻼﻑ ﻓﻲ ﺗﻜﻔﻴﺮ ﺍﻟﻤﺨﺎﻟﻒ ﻓﻲ ﺿﺮﻭﺭﻳﺎﺕ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻣﻦ ﺣﺪﻭﺙ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ، ﻭﺣﺸﺮ ﺍﻷﺟﺴﺎﺩ، ﻭﻧﻔﻲ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺑﺎﻟﺠﺰﻳﺌﺎﺕ، ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻘﺒﻠﺔ ﺍﻟﻤﻮﺍﻇﺐ ﻃﻮﻝ ﺍﻟﻌﻤﺮ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻄﺎﻋﺎﺕ”. انتهى

ومن هنا يعلم أن من أنكر علم الله بالجزئيات أو علمه بالأشياء قبل حدوثها، كفر، وفارق الملة.

وليعلم أن الخلاف الواقع في تكفير منكري الصفات، متعلق في من أنكر أن تكون صفات المعاني زائدة على الذات مع اثبات أصل الصفة.

فمن أنكر مثلا أن تكون صفة العلم زائدة على الذات. هذا الذي وقع الخلاف في تكفيره، فقال بعض العلماء عن مثله أنه لا يكفر لأن عنده نقص في معرفة الله. أصل المعرفة متحقق، لكن كمالات المعرفة عنده غير متحققة، فهو مبتدع. وأما الذي أنكر أصل الصفة، أو أثبت ضدها فهو كافر بلا خلاف.

• الإرادة

– ﻗﺎﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﺒﻴﻬﻘﻲ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ ﺍﻟﺴﻨﻦ ﺍﻟﻜﺒﺮﻯ ﺗﺤﺖ ﺑﺎﺏ ﻣﺎ ﺗﺮﺩ ﺑﻪ ﺷﻬﺎﺩﺓ ﺃﻫﻞ ﺍﻷﻫﻮﺍﺀ ﻣﺎ ﻧﺼﻪ: ” ﻗﺎﻝ ﺑﻌﺾ ﺃﺻﺤﺎﺑﻨﺎ ﻫﻮ ﺇﻇﻬﺎﺭ ﻣﻦ ﺃﻇﻬﺮ ﻣﻨﻬﻢ ﻧﻔي ﺻﻔﺎﺕ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺍﻟﺘﻲ ﻗﺪ ﻭﺭﺩ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺑﻬﺎ ﻭﺩﻟﺖ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﻤﺴﺘﻔﻴﻀﺔ ﻣﻊ ﺇﺟﻤﺎﻉ ﺳﻠﻒ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻣﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﺛﺒﺎﺗﻬﺎ ﻧﺤﻮ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻭﺍﻟﻘﺪﺭﺓ ﻭﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭﺍﻟﻤﺸﻴﺌﺔ ﻭﺇﻥ ﺍﻷﻓﻌﺎﻝ ﻛﻠﻬﺎ ﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻣﺨﻠﻮﻗﺔ ﻓﻘﺪ ﺟﺎﺀﺕ ﺍﻷﺧﺒﺎﺭ ﺑﺘﻜﻔﻴﺮ ﻣﻨﻜﺮﻳﻬﺎ ﻭﺗﺒﺮﺃ ﺳﻠﻒ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻣﺔ ﻣﻦ ﻣﺬﻫﺐ ﺃﻫﻞ ﺍﻷﻫﻮﺍﺀ ﻓﻴﻬﺎ”. انتهى

– ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺃﺑﻲ ﺷﻜﻮﺭ ﺍﻟﺴﺎﻟﻤﻲ ﻣﺤﻤﺪ ﺍﻟﻜﺒﺸﻲ ﺍﻟﺤﻨﻔﻲ – ﻛﺎﻥ ﺣﻴﺎً ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﺨﺎﻣﺲ ﺍﻟﻬﺠﺮﻱ- ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺏ ” ﺍﻟﺘﻤﻬﻴﺪ ﻓﻲ ﺑﻴﺎﻥ ﺍﻟﺘﻮﺣﻴﺪ ﻣﺎ ﻧﺼﻪ: “ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺜﺎﻣﻦ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺪﺭﻳﺔ، ﺇﻋﻠﻢ ﺑﺄﻥ ﺍﻟﻘﺪﺭﻳﺔ ﺯﻋﻤﻮﺍ ﺃﻥ ﺍﻟﻘﻴﺎﺱ ﺍﻟﻌﻘﻠﻲ ﺃﻗﻮﻯ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻤﺎﻉ ﺍﻟﺸﺮﻋﻲ ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻧﺼﺎً ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺍﻟﻘﻴﺎﺱ ﺃﻗﻮﻯ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﻤﺸﻬﻮﺭﺓ ﻭﻟﻬﺬﺍ ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ﺃﻧﻜﺮﻭﺍ ﺍﻟﻘﺪﺭ ﺑﺎﻟﺸﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻭﻗﺎﻟﻮﺍ ” ﺑﺄﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻓﻮّﺽ ﺃﻣﻮﺭ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩ ﻭﻣﻠّﻜﻬﻢ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺗﺨﻠﻴﻘﺎً ﻭﻓﻌﻼً ﻭﺑﻴّﻦ ﻟﻬﻢ ﺍﻷﻣﺮ ﻭﺍﻟﻨﻬﻲ ﻭﻻ ﻳﺠﻮﺯ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺍﻟﺘﺨﻠﻴﻖ ﻭﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ﻭﺍﻟﻤﺸﻴﺌﺔ ﻭﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﻭﺍﻟﻘﺪﺭ ﻓﻲ ﺃﻓﻌﺎﻟﻬﻢ ﻟﻴﻜﻮﻥ ﺣﻜﻴﻤﺎً ﻋﺎﺩﻻً ﻓﻲ ﺗﻌﺬﻳﺒﻬﻢ”، ﻭﻫﺬﺍ ﻣﻨﻬﻢ ﻛﻔﺮ ﻷﻧﻬﻢ ﺃﺛﺒﺘﻮﺍ ﺧﺎﻟﻘﺎً ﻏﻴﺮ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ.

– ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻣﺤﻤﺪ ﺍﻟﺼﺎﻟﺢ ﺍﻷَﻭْﺟَﻠﻲ – ﻛﺎﻥ ﺣﻴﺎ ﺳﻨﺔ 1092 ﻫﺠﺮﻱ- ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ ﺷﺮﺡ ﺳﺒﻚ ﺍﻟﺠﻮﺍﻫﺮ ﻣﺎ ﻧﺼﻪ: ” ﻭ ﺍﺫﺍ ﺍﻧﺘﻔﺖ ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ﻋﻨﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻓﻴﺼﻴﺮ ﺣﻴﻨﺌﺬ ﻣﻮﻻﻧﺎ – ﺟﻞ ﻭﻋﻼ – ﻓﺎﻋﻼ ﺑﻄﺮﻳﻖ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻞ ﺍﻭ ﺍﻟﻄﺒﻊ، ﻭﺫﻟﻚ ﺑﺎﻃﻞ، ﺍﺫ ﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﻓﻌﻠﻪ ﺑﺎﻟﺘﻌﻠﻴﻞ ﺍﻭ ﺍﻟﻄﺒﻊ ﻟﺰﻡ ﻗﺪﻡ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﻓﻴﻬﻤﺎ ﻣﻌﺎ، ﻭﺍﻗﺘﺮﺍﻥ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺣﻴﻨﺌﺬ ﺑﻮﺟﻮﺩﻩ ﺗﻌﺎﻟﻰ، ﻓﻴﻠﺰﻡ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﻗﺪﻡ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ، ﻭﻗﺪ ﻗﺎﻡ ﺍﻟﺒﺮﻫﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻮﺏ ﺍﻟﺤﺪﻭﺙ ﻟﻜﻞ ﻣﺎ ﺳﻮﺍﻩ، ﻭﻳﻠﺰﻡ ﺃﻳﻀﺎً ﻧﻔﻲ ﺍﻟﺼﻔﺎﺕ ﺍﻟﻮﺍﺟﺒﺔ ﻟﻤﻮﻻﻧﺎ- ﺟﻞ ﻭ ﻋﺰ – ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺪﺭﺓ ﻭ ﺍﻻﺭﺍﺩﺓ ﻭ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ، ﻭ ﺫﻟﻚ ﻛﻔﺮ ﺻٌﺮﺍﺡ” . ﺍﻧﺘﻬﻰ

يُستفاد مما تقدّم أن من أنكر الصفات الواجبة لله تعالى أو تردّد في إثباتها، لم يعرف الله عزّ وجلّ المعرفة اللائقة بجلاله. وكذلك من نسب إلى الله الحدّ أو قيام الحوادث به أو وصفه بالجسمية، فقد جهل حقيقة ذاته وصفاته، ويُحكم على هذا الاعتقاد بالكفر.

وأما الخلاف بين أهل السنة في مسألة الجهل بالصفات فهو متعلق ببعض الاستثناءات وتفصيل ذلك كما يلي:

– من أثبت أصل الصفة وأنكر زيادة الصفة على الذات، فهذا تحقق فيه أنه مثبت للصفة لكن جهل بعض كمالاتها، وتوهم أن إثباتها يقتضي تعدد القدماء، فهذا الذي منع بعضهم الحكم عليه بالكفر.

– من خالف في اللَّفظ والإطلاق دون المعنَى كالَّذين قالوا: معنَى الجسم هو الوُجود أو القيام بالنَّفس، فهذا يحكم على فهمه للعبارة، لا مجرد إطلاقه.

وعلى هذا المعنى يحمل كلام الإمام النووي في شرح مسلم، حيث قال: ” وقالت طائفة: هذا رجل جهل صفة من صفات الله تعالى، وقد اختلف العلماء في تكفير جاهل الصفة. قال القاضي: وممن كفره بذلك ابن جرير الطبري، وقاله أبو الحسن الأشعري أولاً. وقال الآخرون: لا يكفر بجهل الصفة، ولا يخرج به عن اسم الإيمان بخلاف جحدها، وإليه رجع أبو الحسن الأشعري، وعليه استقر قوله؛ لأنه لم يعتقد بذلك اعتقاداً يقطع بصوابه، ويراه ديناً وشرعاً، وإنما يكفر من يعتقد أن مقالته حق. قال هؤلاء: ولو سئل الناس عن الصفات، لوجد العالم بها قليلاً”. انتهى

فالذي جهل بعض كمالات صفات الله تعالى، كمن أثبت أصل الصفة وأنكر زيادتها على الذات، فهو محلّ خلاف بين العلماء في حكم تكفيره. فقد ذهب الإمام ابن جرير الطبري إلى تكفير كل من أخطأ في باب الصفات الإلهية، وهو القول الذي تبنّاه أبو الحسن الأشعري في مرحلته الأولى، حيث كان يحكم بكفر المخالف من غير تفصيل.

غير أنّ فريقًا آخر من العلماء رأى أنّ الجهل بكمالات الصفات لا يوجب الكفر، ولا يُخرج صاحبه عن دائرة الإيمان، ما دام قد أثبت أصل الصفة ولم يجحدها،ولم يأت بنقيضها، وإلى هذا القول رجع أبو الحسن الأشعري في مرحلته المتأخرة، واستقرّ عليه رأيه. فالتفصيل عنده مرتبط بنوع مخالفة أهل الأهواء، حيث أنه ميّز بين من أنكر الصفات جملةً – فحكم بكفره – وبين من جهل تفاصيلها دون جحدها. ثم إنّ كثيرًا من الناس يثبتون الصفات الإلهية ويعتقدون معانيها في الجملة، غير أنهم يجهلون الألفاظ التي يتداولونها في حديثهم عنها.

2- طريقة الأشاعرة في التعامل مع المخالفين في أصول الدين.

يتّضح من تتبّع منهج الأشاعرة في التعامل مع المخالفين في أصول الدين أنّ لهم طريقتين متميزتين في هذا الباب.

الطريقة الأولى: اعتمدها فريق من علماء الأشاعرة، وهي الحكم بتكفير كل من خالف معتقد أهل السنّة والجماعة في أصول العقيدة، دون تفصيل أو تمييز بين درجات المخالفة، كمدرسة أبي إسحاق الإسفراييني ومن تبعه، وهذه المدرسة هي الأقلّ انتشارًا بين أهل السنّة.

الطريقة الثانية: انتهجها فريق آخر، فاختاروا منهج التفصيل، ففرّقوا بين من بلغت بدعته حدّ الكفر وبين من لم تبلغ ذلك. فحكموا بتكفير من قال بقولٍ يستلزم الكفر، كالمجسّمة والجهْمية والمعتزلة القائلين بأن العبد يخلق أفعاله استقلالاً، بينما لم يُكفّروا من كانت بدعته دون ذلك الحدّ.

غير أنّ بعض المنتسبين إلى المشيخة شوّهوا الطريقة الثانية، و زعموا أن الطريقة الثانية مفادها أن الأشاعرة لا يكفّرون المخالفين في أصول الدين مطلقًا.

وهذا الادعاء يترتّب عليه لوازم باطلة، كترك تكفير من نسب الجوارح إلى الله تعالى، أو من قال إنّ له يدًا من لحم ودم، أو من عبد الإمام عليّ رضي الله عنه، أو أنكر الحشر والبعث والحساب.

كما زعم هؤلاء أنّ أبا الحسن الأشعري لا يُكفّر أحدًا من أهل القبلة على الإطلاق، وأنه كان في بداياته يميل إلى تكفير المبتدعة ثم تراجع عن ذلك فعدّهم منحرفين فقط في معرفة الله، لا كفّارًا.

وهذا القول مردود عقلاً ونقلاً، إذ الثابت أنّ الأشعري يرى أنّ “أهل القبلة” هم من وافقوا أهل الحق في المعنى وإن اختلفت عباراتهم في بعض المسائل.

ومن خلال تتبّع ما نقله عنه تلاميذه، نتبيّن أنّ الأشعري صار يميل إلى منهج التفصيل، وصار يحكم على كل مخالف بحسب مقالته: فمن وصلت به بدعته إلى حدّ الكفر حُكم بكفره، ومن لم تبلغ مقالته ذلك الحدّ لم يُكفّر، وإن عُدّ من أهل البدع.

راجع الرابط التالي:

https://www.facebook.com/share/p/1FjPb99GHG/

الإمام أبو الحسن الأشعري و المجسمة و الرد على ن زعم أنه تراجع عن إكفارهم

إمام أهل السنة و الجماعة أبو الحسن الأشعري (المُتوفى سنة 324 هجري) قال فيما نقله الإمام الشيخ أبو بكر بن فورك في كتاب “مقالات الإمام الأشعري” ما نصه: “الجهل بصفة من صفات الله كفر”. انتهى

ولا شك أن نسبة الجسمية لله هو جهل بصفات رب العالمين، لأن من صفاته سبحانه و تعالى تنزهه عن مشابهة خلقه.

و قال رضي الله عنه في كتابه النوادر: “من اعتقد أن الله جسم فهو غير عارف بربه لانه كافر به”. انتهى

هذا وقد نقل أصحابه و تلاميذه عنه أنه كان يقول بكفر المجسمة. فقد قال الإمام أبو منصور البغداديّ في تفسير الأسماء و الصّفات ما نصّه:” إعلم أن أصحابنا وإن أجمعوا على تكفير المعتزلة والغلاة من الخوارج والنجارية والمرجئة والجهمية والمشبهة فقد أجازوا لعامة المسلمين معاملاتهم في عقود البياعات والإجارات والرهون وسائر المعاوضات دون الأنكحة ومواريثهم والصلاة خلفهم وأكل ذبائحهم فلا يحل شيء من ذلك إلا الموارثة ففيها خلاف بين أصحابنا ، فمنهم من قال مالهم لأقربائهم المسلمين لأن قطع الميراث بين المسلم والكافر إنما هو في الكافر الذي لا يعد في الملة، ولأنّ خلاف القدريّ و الجهميّ و النّجاريّ و المجسّم لأهل السّنّة و الجماعة أعظم من خلاف النّصارى و اليهود و المجوس.” انتهى

و أبو منصور البغدادي هو إمام الأشعرية والشافعية في عصره، كما قال الهيتمي. وهو حافظ فقيه من العلماء الثقات. ومراده “بأصحابنا” :الإمام الأشعري و أتباعه فإنه كان رأسا من رؤوس الأشاعرة.

وقال رحمه الله: “وأما أصحابنا فإن شيخنا أبا الحسن الأشعري وأكثر الفقهاء والمتكلمين من أهل السنة والجماعة قالوا بتكفير كل مبتدع كانت بدعته كفرًا أو أدّتْه إلى كفر”. انتهى

وجاء في مجرد مقالات الأشعري لابن فورك ما نصه: ” اعتقاد من اعتقد ان البارئ اجزاء متصلة و أبعاض متلاصقة كفرٌ به، وجهل لان البارئ سبحانه شئ واحد و ليس باثنين وهو غير الأبعاض المتصلة و الأجزاء المتلاصقة”. انتهى

و نقل الفقيه الحنفي ملاّ علي القاري في كتابه “شرح المشكاة” (3/300) ما نصه: قال جمع من السلف والخلف إن معتقِد الجهة (أي في حق الله) كافر كما صرح به العراقيّ وقال إنه قول أبي حنيفة ومالك والشافعي والأشعري والباقلاني” انتهى

و قال تاج الدين السبكي في كتابه معيد النعم و مبيد النقم صحيفة 62 ما نصه: و بالجملة عقيدة الأشعري هي ما تضمنته عقيدة أبي جعفر الطحاوي التي تلقاها علماء المذاهب بالقبول ورضوها عقيدة. انتهى

وعقيدة أبو جعفر الطحاوي فيها تكفير من وصف الله بمعنى من معاني البشر وهذا دليل على أن أبا الحسن أشعري كان على تكفير المجسمة و المشبهة ولم يرجع عن ذلك.

و قال الشيخ العلامة كمال الدين البياضي الحنفي (المُتوفى سنة 1098 هـجري) في شرح كلام الإمام أبي حنيفة ما نصه: الثانية: اكفار من أطلق التشبيه والتحيز، وإليه أشار بالحكم المذكور لمن اطلقه، واختاره الإمام الأشعري، فقال في النوادر: من اعتقد أن الله جسم فهو غير عارف بربه لانه كافر به، كما في شرح الإرشاد لأبي القاسم الأنصاري”اهـ.

أما ما يدعيه الذين نصبوا أنفسهم للدفاع عن المجسمة من رجوع الإمام الأشعري عن تكفير كل أهل القبلة بلا استثناء فهو وهم منهم وهو ليس على اطلاقه, وبيان ذلك سيأتي لاحقا, و هذا الادعاء مدفوع بما نقله عنه أكابر علماء الأمة من تكفيره لمن قال كلاما صريحا في الكفر.

قال السبكي الابن في طبقاته ما نصه: لا خلاف عند الأشعري وأصحابه بل وسائر المسلمين أن من تلفظ بالكفر أو فعل أفعال الكفر أنه كافر بالله العظيم مخلد في النار وإن عرف بقلبه. انتهى

و قال الإمام محمد بن خليل السكوني الإشبيلي في كتابه “أربعون مسألة في أصول الدين” مانصّه : المسألة الرابعة : من مات وهو لم يعلم ما يجب وما يستحيل وما يجوز في حق الله تعالى ، هل هو هالك أو ناج ؟ قال الشيخ أبو الحسن الأشعري رحمه الله تعالى : “الناس على قسمين عالم وجاهل ، فالعالم ناج والجاهل هالك”.انتهى

ونقل الشيخ أبو بكر بن فورك في كتابه “مقالات الإمام الأشعري” أنه قال: “الجهل بصفة من صفات الله كفر”. انتهى

فهل خفي عن هؤلاء العلماء الأعلام تراجع الأشعري عن تكفير جميع أهل القبلة؟

ومعاذ الله أن لا يكفِّر الإمام الأشعري من قال بأن الله يفنى ولا يبقى منه إلا وجهه كما قال بيان بن سمعان. ومعاذ الله أن لا يفكِّر الإمام الأشعري من قال ألزموني بما شئتم إلا اللحية والفرج كما قال دواد الجواربي. ومعاذ الله أن لا يكفِّر الإمام الأشعري من قال بأن الجبل أكبر من الله حجمًا كما قال هشام بن الحكم. وكل هؤلاء يدّعون الإسلام ويقولون لا إله إلا الله و يزعمون الصلاة تجاه القبلة.

أما ما نسبه العز بن عبد السلام للإمام الأشعري في قواعده في الجزء 1 صحيفة 202 من قال : قد رجع الأشعري رحمه الله عند موته عن تكفير أهل القبلة , لأن الجهل بالصفات ليس جهلا بالموصوفات . انتهى

فيجاب عليه من طُرق:

1- أنه خلاف ما أثبته عنه العلماء من نصوص في إكفار المجسم و الجاهل بصفات الله, كما نقل ذلك ابن فورك في كتابه “مقالات الإمام الأشعري” أنه قال: “الجهل بصفة من صفات الله كفر”. انتهى

2- أنه ليس على إطلاقه: وقد بين ذلك الإمام الجرجاني في شرح المواقف فقال ما نصه: اعلم أن عدم تكفير أهل القبلة – أي بذنب – موافق لكلام الأشعري و الفقهاء لكن إذا فتشنا عقائدهم وجدنا فيها ما يوجب الكفر قطعا مما يقدح في الألوهية أو النبوة. انتهى

3- أن الكلام المنقول عن الأشعري فيه تضارب: ففي رواية ابن عبد السلام قال ” قد رجع الأشعري رحمه الله عند موته عن تكفير أهل القبلة” معناه أنه كان يكفر أهل القبلة ثم رجع عن ذلك. و في الرواية التي نقلها الشيخ أبو طاهر القزويني في كتابه “سراج العقول” عن”السرخسي قال: لـما حضرت الأشعري الوفاة في داري ببغداد قال لي:”اجمع أصحابي”، فجمعتهم فقال:”اشهدوا علي أني لا أقول بتكفير أحد من عوام أهل القبلة؛ لأني رأيتهم كلهم يشيرون إلى معبود واحد والإسلام يشملهم ويعمهم. اهـ

ففيه زيادة “عوام” و هو استثناء لعوام أهل القبلة فقط دون علماءهم.

و في رواية عند الإمام ابن عساكر في تبيين كذب المفتري (1/148) قال:” أخبرنا الشيخ أبو عبد الله محمد بن الفضل الفراوي بنيسابور قال سمعت الأستاذ أبا القسم ‏عبد الملك بن هوازن القشيري يقول سمعت الأستاذ الشهيد أبا علي الحسن بن علي الدقاق ‏رحمه الله يقول: سمعت أبا علي زاهر بن أحمد الفقيه رحمه الله يقول مات أبو الحسن ‏الأشعري رحمه الله ورأسه في حجري وكان يقول شيئا في حال نزعه من داخل حلقه ‏فأدنيت إليه رأسي وأصغيت إلى ما كان يقرع سمعي فكان يقول لعن الله المعتزلة موهوا ‏ومخرقوا. انتهى‏

و في رواية البيهقي قال “اشهد على أني لا أكفر أحدا من أهل هذه القبلة” معناه بذنب من المعاصي. وهذا التفسير نص عليه الكثير من العلماء وبينوا أنه ليس على اطلاقه كما قال الإمام فخر الدين الرَّازي في كتابه “مَعَالِم أصول الدِّين” صحيفة 132 و نص عبارته : “المَسْألة العشرون: المُختار عندنا أنَّه لا يُكَفِّرُ أحَد مِنْ أهْل القِبلَة إلَّا بدليل مُفصَّل بَلْ الأقرب أنَّ المُجَسِّمَة كُفَّار لأنَّهم اعْتقدوا أنَّ كُلّ ما لا يكون مُتحيِّزاً ولا في جهة فليْس بمَوْجود، ونحْنُ نعْتقِدُ أنَّ كُلّ مُتحَيِّز فهو مُحْدَثٌ وخالِقهُ مَوْجود لَيْس بمُتحَيّز ولا في جهَة فالمُجَسِّمَة نَفَوا ذات الشىْء الذي هو الإلَه فيلزمهم الكُفر”.

وعلى هذا التفصيل يُحمل القول المنسوب للإمام أبو الحسن الأشعري وليس مراده بذلك أن كل من يقول الشهادتين لا يكفر مع اعتقاده بعض الاعتقادات الكفرية فإن هذا الإطلاق بعيد من مراده.

قال المحدث الشيخ محمد أنور شاه الكشميري في كتابه “إكفار الملحدين في ضروريات الدين”: أعلم أن المراد بأهل القبلة: الذين اتفقوا على ما هو من ضروريات الدين. كحدوث العالم، وحشر الأجساد، وعلم الله تعالى بالكليات والجزيئات، وما أشبه ذلك من المسائل المهات، فمن واظب طول عمره على الطاعات والعبادات مع اعتقاد قدم العالم ونفي الحشر أو نفي علمه سبحانه بالحزئيات لا يكون من أهل القبلة، وإن المراد بعدم تكفير أحد من أهل القبلة عند أهل السنة: أنه لا يكفر ما لم يوجد شيء من إمارات الكفر وعلاماته، ولم يصدر عنه شيء من موجباته إن غلا فيه -أي في هواه – حتى وجب إكفاره به لا يعتبر خلافه ووفاقه أيضاً، لعدم دخوله في مسمى الأمة المشهود لها بالعصمة وإن صلى إلى القبلة واعتقد نفسه مسلماً، لأن الأمة ليست عبارة عن المصلين إلى القبلة، بل عن المؤمنين، وهو كافر وإن كان لا يدري أنه كافر. ونحوه في “الكشف شرح البردوى” من الإجماع، و”الإحكام” للآمدى من المسألة السادسة منه: لا خلاف في كفر المخالف في ضروريات الإسلام وإن كان من أهل القبلة المواظب طول عمره على الطاعات. كما في “شرح التحرير”. “رد المختار” من الإمامة ومن جحود الوتر أيضاً ثم قال (أي صاحب “البحر”) : والحاصل أن المذهب عدم تكفير أحد من المخالفين فيما ليس من الأصول المعلومة من الدين ضرورة. فافهم

4- ينبغي حمل هذه العبارة على من قال بخلق القرآن ففي كتاب “السنن الكبرى” للبيهقي. قال مانصه: (أخبرنا) أبو عبد الله الحافظ وأبو عبد الرحمن السلمي قالا سمعنا أبا محمد جعفر بن محمد بن الحارث يقول سمعت أبا زكريا يحيى بن زكريا يقول سمعت المزني يقول القرآن كلام الله غير مخلوق (أخبرنا) أبو عبد الله الحافظ ثنا أبو محمد المزني قال سمعت يوسف بن موسى المروروذي سنة خمس وتسعين ومائتين يقول كنا عند أبي إبراهيم المزني بمصر جماعة من أهل الخراسان وكنا نجتمع عنده بالليل فنلقى المسألة فيما بيننا ويقوم للصلاة فإذا سلم التفت إلينا فيقول أرأيتم لو قيل لكم كذا وكذا بماذا تجيبونهم ويعود إلى صلاته فقمنا ليلة من الليالي فتقدمت انا وأصحاب لنا إليه فقلنا نحن قوم من أهل خراسان وقد نشأ عندنا قوم يقولون القرآن مخلوق ولسنا ممن يخوض في الكلام ولا نستفتيك في هذه المسألة الا لديننا ولمن عندنا لنخبرهم عنك بما تجيبنا فيه فقال القرآن كلام الله غير مخلوق ومن قال إن القرآن مخلوق فهو كافر (قال الشيخ رحمه الله) فهذا مذهب أئمتنا رحمهم الله في هؤلاء المبتدعة الذين حرموا التوفيق وتركوا ظاهر الكتاب والسنة بآرائهم المزخرفة وتأويلا تهم المستنكرة وقد سمعت أبا حازم عمر بن أحمد العبدوي الحافظ يقول سمعت زاهر بن أحمد السرخسي يقول لما قرب حضور أجل أبى الحسن الأشعري رحمه الله في دارى ببغداد دعاني فقال اشهد على أني لا أكفر أحدا من أهل هذه القبلة لان الكل يشيرون إلى معبود واحد وإنما هذا اختلاف العبارات. انتهى

فيتبين من نص البيهقي أن الإمام أبا الحسن الأشعري خص قوله ” لا أكفر أحدا من أهل هذه القبلة لان الكل يشيرون إلى معبود واحد وإنما هذا اختلاف العبارات” بمسألة خلق القرآن وكلامه محمول على الذين قالوا بخلق القرآن و لا يعنون بكلامهم كلام الله الذاتي بل مرادهم اللفظ المنزل الذي هو مخلوق. فهؤلاء يطلقون القول بخلق القرآن و مرادهم اللفظ المنزل, وهو حرام اطلاقه لأنه سوء أدب مع السلف و ليس كفرا. أما من يقول القرآن مخلوق و مراده بالقرآن كلام الله الأزلي فلا شك أن الإمام الأشعري يكفره لأنه جهل صفة من صفات الخالق وقد نقل أبو بكر بن فورك في كتابه “مقالات الإمام الأشعري” أن أبا الحسن قال: “الجهل بصفة من صفات الله كفر”.

وقال الباقلاني في الانصاف ما نصه: إن قال قائل وما الكفر عندكم؟ قيل له: هو ضد الإيمان وهو الجهل بالله عز و جل و التكذيب به, الساتر لقلب الانسان عن العلم به . انتهى

ومما يُؤيد ذلك ما رواه الإمام ابن عساكر في كتابه تبيين كذب المفتري. و لأهميته ارتأينا أن نسوقه كاملا لتوضيح السياق. قال رحمه الله في الصحيفة 409 ما نصه: ثم ذكر ابن أبي زيد تشنيع علي بن أحمد البغدادي على الأشعري في مسئلة اللفظ ثم قال ابن أبي زيد في الرد على البغدادي: والقارىء إذا تلا كتاب الله لو جاز أن يقال أن كلام هذا القارىء كلام الله على الحقيقة لفسد هذا لأن كلام القارىء محدث ويفنى كلامه ويزول وكلام الله ليس بمحدث ولا يفنى وهو صفة من صفاته وصفته لا تكون صفة لغيره وهذا قول محمد بن اسماعيل البخاري وداود الأصبهاني وغيرهما ممن تكلم في هذا وكلام محمد بن سحنون إمام المغرب وكلام سعيد بن محمد بن الحداد وكان من المتكلمين من أهل السنة وممن يرد على الجهمية. ثم ذكر حكاية أحمد ابن حنبل رحمه الله مع أبي طالب التي أخبرنا بها الشيخان أبو عبد الله محمد بن الفضل بن أحمد الفراوي وأبو الحسن عبيد الله بن محمد بن احمد البيهقي, قالا ثنا ابو بكر أحمد بن الحسين بن علي البيهقي قال ثنا ابو عبد الله الحافظ وأبو سعيد بن ابي عمر قالا ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال سمعت أبا بكر محمد بن اسحق يقول سمعت أبا محمد فوران يقول جاءني صالح بن أحمد وأبو بكر المروروذي عندي فدعاني إلى ابي عبد الله وقال لي إنه قد بلغ أن ابا طالب قد حكى عنه إنه يقول لفظي بالقرآن غير مخلوق فقوموا إليه فقمت واتبعني صالح وأبو بكر. فدار صالح من بابه فدخلنا على أبي عبد الله ووافانا صالح من بابه فإذا أبو عبد الله غضبان شديد الغضب يتبين الغضب في وجهه فقال لأبي بكر إذهب جئني بأبي طالب فجاء أبو طالب وجعلت أسكن أبا عبد الله قبل مجيء أبي طالب وأقول له حرمة فقعد بين يديه وهو يرعد متغير الوجه فقال له أبو عبد الله حكيت عني أني قلت لفظي بالقرآن غير

مخلوق قال إنما حكيت عن نفسي فقال له لا تحك هذا عنك ولا عني فما سمعت عالما يقول هذا وقال له القرآن كلام الله غير مخلوق حيث تصرف, فقلت لأبي طالب وأبو عبد الله يسمع: أن كنت حكيت هذا لاحد فأذهب حتى تخبره أن ابا عبد الله قد نهى عن هذا. قال ابن ابي زيد: وأبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل به يقتدي وقد أنكر هذا وما انكر أبو عبد الله أنكرناه, فكيف يسعك أن تكفر رجلا مسلما بهذا ولا سيما رجل مشهور إنه يرد على أهل البدع وعلى القدرية الجهمية متمسك بالسنن مع قول من قاله معه من البخاري وغيره فلو ذكرت أمرا يجب تكفير قائله عند أهل السنة كان لك ذلك لأن لا تعتقد أنا نقلد في معنى التوحيد والاعتقادات الأشعري خاصة ولكن لا يحل لنا أن نكفره أو نبدعه إلا بأمر لا شك فيه عند العلماء وإذا رأينا من فروع أقاويله شيئا ينفرد به تركناه ولا نهجم بالتضليل والتبديع بما فيه الريب وكل قائل مسؤول عن قوله وما مثال تشنيع هذا المعتزلي الغليظ الفظ على أبي الحسن رحمه الله في مسئلة اللفظ إلا كتشنيع رافضي على رجل من أهل السنة بتنقصه لمروان وهو يستجيز لنفسه لعن أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم لأن هذا المعتزلي وأهل مذهبه يدينون بخلق القرآن فكيف يشنع على من يرى خلق الألفاظ به والألحان. ولكنه لما لم يتجاسر على إظهار ما كان يضمره ويدعو إليه منه موه على اهل المغرب بما ظنه يكون سببا لنفورهم عنه فلم يلتفتوا للاستضلاعهم بالعلم إلى تمويهه ووجهوا قول الأشعري في اللفظ على احسن وجوهه فان قلد الأهوازي المعتزلة وأطلق القول بتكفيره لشدة جهله فإن الأشعري كان لا يرى تكفيره ولا تكفير أحد من أهل القبلة – أي بذنب – لسعة فضله وقد تقدمت عنه في ذلك حكاية زاهر بن أحمد وهي الحكاية التي ينبغي أن يصار إليها في التكفير ويعمد لأنه القول الأخير الذي مات عليه وأكثر المحققين من أصحابه ذهب إليه, فأما الأصحاب فانهم مع اختلافهم في بعض المسائل مجمعون على ترك تكفير بعضهم بعضا بخلاف من عداهم من سائر الطوائف وجميع الفرق فانهم حين اختلفت بهم مستشنعات الأهواء والطرق كفر بعضهم بعضا ورأى تبريه ممن خالفه فرضا وظهرت منهم إمارات المعاداة والتباغض كما عرف من فرق المعتزلة والخوارج والروافض وما ذلك إلا من أمر الله عزوجل عليهم وإحسانه في الائتلاف مع وجود الإختلاف إليهم. انتهى.

فالأشعري رحمه الله كان يحكم بكفر جميع أهل الأهواء من غير تفصيل لكن الامام ابن عساكر أكد أن القول الأخير الذي مات عليه هو التفصيل بحسب مقالاتهم و ترك اكفار من لم تصل بهم بدعتهم إلى حد الكفر. فالمعتزلة الذين كانوا يقولون أن القرآن مخلوق و يقصدون به اللفظ المنزل تراجع رحمه الله عن اكفارهم, و أما الذين يطلقون هذه العبارة و يقصدون بها كلام الله الذي هو صفة ذاته فالأشعري حاكم بكفرهم لم يتراجع قط عن ذلك. قال ابن عساكر في تبيين كذب المفتري عن الأشعري أنه قال: فإن كثيرا من المعتزلة وأهل القدر مالت بهم أهواؤهم إلى التقليد لرؤسائهم ومن مضى من أسلافهم فتأولوا القرآن على أرائهم تأويلا لم ينزل الله به سلطانا ولا أوضح به برهانا ولا نقلوه عن رسول رب العالمين ولا عن السلف المتقدمين فخالفوا رواية الصحابة عن نبي الله صلى الله عليه و سلم في رؤية الله بالأبصار وقد جاءت في ذلك الروايات من الجهات المختلفات وتواترت بها الآثار وتتابعت بها الأخبار وأنكروا شفاعة رسول الله صلى الله عليه و سلم وردوا الرواية في ذلك عن السلف المتقدمين وجحدوا عذاب القبر وان الكفار في قبورهم يعذبون وقد أجمع على ذلك الصحابة والتابعون ودانوا بخلق القرآن نظيرا لقول إخوانهم من المشركين الذين قالوا إن هذا إلا قول البشر فزعموا أن القرآن كقول البشر. انتهى

فلو كان هؤلاء فسقة فقط لما قال عنهم الأشعري أنهم اخوان المشركين.

5- هؤلاء المحرفون الذين يزعمون الانتساب لمذهب الأشعري من جملة تمويهاتهم أنهم يقولون: ” من قال أن الله جسم لا كالأجسام لا يكفر أما إذا قال الله جسم كالأجسام فهو كافر” وهو مع كونه باطلا يلزم منه التناقض في أقوالهم لأنهم متمسكون برجوع الأشعري عن إكفار أهل القبلة مطلقا. فعلم أنهم تائهون اقتفوا نهج أحبابهم المشبهة فكلاهما زعم أن الأشعري ترجع عما ذهب إليه, وذلك لنصرة مذهبه الفاسد.

فأهل الأهواء الذين تأولوا في القطعيات و نسبوا الجسمية لله سبحانه و تعالى وكذلك الذين نفوا صفات الله الواجبة له إجماعا ليسوا معذورين عند جمهور أهل السنة الأشاعرة فيُحكم عليهم جميعا بالكفر.

قال الإمام الجويني في كتاب “التلخيص” ما نصه: وكذلك من كفر من أهل القبلة وصدر منه ما يوجب تكفيره فهو مردود الشهادة وإن كان من المتأولين المنتمين إلى أهل القبلة وذهب بعض العلماء إلى ان من بدر منه الفسق وهو متأول ظان أنه مباح فذلك لا يوجب رد شهادته إذا كان مشهرا بالصدق وتوقي الخلف وذلك نحو قتل الخوارج الناس واستحلالهم الأموال والدماء على اعتقاد الإباحة مع استشهادهم بتوقي الخلف ومصيرهم إلى أنه كفر، والمختار عندنا رد شهادتهم لكفرهم وما يبدر منهم من فسقهم وإن اعتقدوه حسنا ، والذي يحقق ذلك اتفاق الأمة على أن تأويلهم وظنهم وحسابهم لا يعذرهم فيما يبدر منهم ولكن اعتقاد الحسن فيما أجمع المسلمون على قبحه إذا انضم إلى القبيح كانا قبيحين منضمين لا يقدر انفصال أحدهما من الآخر إجماعا واتفاقا وكذلك القول في الكفر وتأويله ولو ساغ أن يعذر المأولون ساغ أن يعذر أهل الملل. انتهى

6- العز بن عبد السلام لم يشذ عن اجماع أهل السنة في تكفير الجهوي والمجسم، ولا خالف إمام مذهبه أبي الحسن الأشعري

راجع الرابط التالي

https://www.facebook.com/share/1AFt9cEize/

لكن ينبغي التنبيه أن العز بن عبد السلام نسبت إليه عدة فتاوى مكذوبة.

راجع الرابط التالي:

https://www.facebook.com/share/p/1BvGnTG2bB/

ثم إن ما يُنسب للعز ابن عبد السلام على تقدير صحته فقد تعقبه فيه الكثير من العلماء.

راجع الرابط التالي:

https://www.facebook.com/share/1EU5U8Pj1E/

والأرجح أنه مدسوس عليه

وراجع الرابط التالي أيضا:

https://www.facebook.com/share/p/19xiEeprFN/

بعد كل هذا البيان ننقل ما قاله بعض أدعياء العلم في هذا الزمان وهو سعيد فودة في مقالة له بعنوان “تحرير كلام أئمة أهل السنة-المتقدمين والمتأخرين في الحكم على أهل الأهواء والبدع” كان قد كتبها في المنتدى المسمى بمنتدى الأصليين, ونص عبارته: “الإمام الأشعري مات على القول بعدم تكفير أحد من أهل القبلة، وأهل القبلة يندرج ‏فيهم أهل الأهواء من المعتزلة والمشبهة وغيرهم، وإن فصل علماء الأشاعرة في هذا ‏الإطلاق كما سنورده، فبعضهم استثنى المجسم الصريح والقائل بعدم علم الله تعالى بما ‏سيكون ونحو ذلك لأنه لا يقال عليه إنه تأويل وشبهة ، بل انحراف عن النص الصريح. ‏وسنفصل في أقوالهم في ذلك لاحقا إن شاء الله تعالى. ‏وقد قرر الإمام ابن عساكر أن هذا القول قد ذهب إليه أكثر المحققين من أصحابه، أي من ‏أصحاب الإمام الأشعري. ‏ويفهم من هذا أن الإمام الأشعري كان يذهب قبل ذلك إلى تكفير بعض أهل القبلة من ‏أهل الأهواء الذين ذكرناهم، وهذا ما يفهم من قول ابن عساكر:” وقد تقدمت عنه في ذلك حكاية زاهر بن أحمد وهي الحكاية التي ‏ينبغي أن يصار إليها في التكفير ويعمد لأنه القول الأخير الذي مات عليه وأكثر المحققين ‏من أصحابه ذهب إليه.”اهـ، فمعنى ‏ذلك أنه كان يذهب إلى خلاف ذلك من قبل. ‏ويؤخذ أيضا من قول ابن عساكر أن بعض أصحاب الإمام الأشعري، وبعض المحققين ‏منهم من ذهب إلى تكفير أهل الأهواء أو بعضهم، فأخذ بقول الإمام الأشعري السابق. ‏إذن هذا نص صريح في أن للإمام الأشعري قولين، الأول هو التكفير والثاني عدم التكفير، ‏بل التبديع، ويفهم التبديع من لعنه للمعتزلة في الرواية التي سقناها سابقا عنه رحمه الله ‏تعالى، وهي قوله:” لعن الله المعتزلة موهوا ومخرقوا”اهـ. فأقل ما يكون عليه اللعن ‏التبديع، ولما نفى التكفير، ثبت التبديع لهم، ولا يصح تسويتهم بأهل السنة في الاعتقاد ‏وحقيته، ثم إن هذا الكلام لم يأخذه بعض العلماء على إطلاقه، بل قيدوه كما سنرى. انتهى

وهذا الكلام الذي قاله نعقب عليه في ثلاث نقاط:

أولا: هذا الكلام فيه رد على أتباعه الذين صاروا ينشرون بين الناس أن الأشعري لا يكفر أحدا على الاطلاق.

ثانيا: زعم أن الإمام الأشعري مات على القول بعدم تكفير أحد من أهل القبلة من ‏أهل الأهواء بعد أن كان يذهب إلى تكفيرهم ثم قال أن هذا الكلام لم يأخذه بعض العلماء على إطلاقه، بل قيدوه.

ثالثا: زعم أن للإمام للأشعري قولين في الحكم على أهل الأهواء و لو كانت مقالاتهم كفرية: الأول هو التكفير والثاني عدم التكفير، ‏بل التبديع فقط. وهو كلام باطل لأن ما يُنقل من قولين عن أئمة الأشعرية في الحكم على أهل الأهواء مرادهم به أن بعضهم مال إلى اكفارهم بلا استثناء و بعضهم الآخر مال إلى التفصيل في الحكم عليهم. فمن وصلت بدعته إلى حد الكفر كفروه و إلا حكموا بتفسيقه دون تكفيره

قال الزركشي : وأطلق الآمدي في التكفير حكاية قولين، ثم قال: ‏والحق التفصيل وهو إن كان من البدع المضللة والأقوال الممكنة يرجع إلى اعتقاد وجود ‏غير الله تعالى وحلوله في بعض الأشخاص، كالنسبة لبعض غلاة الشيعة، أو إلى إنكار ‏الرسالة أو إلى استباحة المحرمات فلا نعرف خلافا بين المسلمين في التكفير به، وأما ما عدا ‏ذلك من المقالات المختلفة فلا يمتنع أن يكون معتقدها مبتدعا غير كافر. انتهى

فكلام سعيد فودة هذا متدافع أوله مع أخره, فهو يحمل قول الأشعري: ” اشهد على أني لا أكفر أحدا من أهل هذه القبلة” على اطلاقه و بلا تقييد بحادثة معينة. ثم يقول في نفس المقال: “من قال: إن الله ليس بعالم، كفر بإجماع ‏الأمة على تكفيره” فهل عنده الأشعري داخل في هذا الاجماع أم خارج عنه باعتبار أنه تاب بزعمه. ثم إن ما قاله سعيد فودة, إذا أضفنا له ما نقله عن بعض العلماء من تفصيل لهذه العبارة و ما نسبه من قولين للامام الأشعري في الحكم على أهل الأهواء, صار كلامه مظطربا لأنه يؤول إلى اثبات أقوال متناقضة في قضية واحدة.

فعنده الذي يقول مثلا عن الله أنه جسم. بحسب خلاصة سعيد فودة الفاسدة هذا القول له عدة أحكام:

الحكم الأول: أنه ليس بكفر مطلقا لأن الأشعري قال : ” لا أكفر أحدا من أهل هذه القبلة ” بل لو قال الله له جسم من لحم و دم لا يكون كفرا عنده.

الحكم الثاني: التفصيل و الاستثناء: وهو كما زعم سعيد فودة:التجسيم الصريح كفر و غير الصريح كالذي يقول الله جسم لا كالأجسام فهو ليس بكفر.

الحكم الثالث: في المسألة قولين قول أن هذه العبارة كفر و قول أنها ليست كفرا.

وهذا الكلام ليس من التحقيق في شئ. أهل السنة و الجماعة يقولون هذه الرواية إن صحت عن الأشعري فهي متعلقة بمسألة خلق القرآن كما في سنن البيهقي و يُحمل اطلاقه للعبارة على هذا المحمل لوجود القرينة, لا أن يُحمل كلام الأشعري على اطلاقه ثم تُعرض له بعد ذلك استثناءات.

ثم إن أهل السنة في حكمهم على أهل الأهواء قسمين: قسم منهم كان يحكم باكفار جميع أهل الأهواء بلا استثناء. و قسم مال إلى التفصيل, فمن ثبتت عنده قضية كفرية حكموا بكفره و من ثبتت عنده قضية دون ذلك فسقوه فقط. و لعل الأشعري رحمه الله كان من القسم الأول الذين يحكمون بكفر جميع أهل الأهواء بلا استثناء ثم مال في آخر حياته إلى التفصيل. أما على مقتضى كلام سعيد فودة فإن الإمام الأشعري كان يقول بتكفير من تلبس بمسألة كفرية ثم تراجع بعد ذلك و العياذ بالله وصار يقول بترك تكفيره. هذا الكلام باطل عن الأشعري.

فقول الأشعري “لا أكفر أحدا من أهل هذه القبلة” ليس مراده بذلك أنه لا يكفر أحدا حتى لو كانت القضية كفرية أو أن هناك قولين في المسألة كما يدعي هذا الرجل بل مراده بذلك كل بدعة لم تصل إلى حد الكفر. و يشهد لذلك ما قاله الزركشي في شرحه لقول الإمام تاج الدين السبكي”ولا نكفر أحدا من أهل ‏القبلة”: وقد قال والد المصنف – تقي الدين السبكي- رحمهما الله تعالى يعني هذه ‏العبارة: “إنا لا نكفر بالذنوب التي هي المعاصي كالزنا والسرقة وشرب الخمر خلافا للخوارج ‏حيث كفروهم، أما تكفير بعض المبتدعة بعقيدة تقتضي كفره حيث يقضي الحال القطع ‏بذلك أو ترجيحه، فلا يدخل في ذلك، وهو خارج بقولنا: بذنب” انتهى

و ما أشبه كلام هؤلاء المتعصبين الذين قالوا: “تراجع الأشعري عن التكفير مطلقا” بكلام علي بن حزم الظاهري الذي نقل بزعمه عن الأشاعرة ما لا يتسنى معه القول بتكفير أحد أصلا ، فقد قال في الفصل في الملل والأهواء والنحل ما نصه: وأما الأشعرية فقالوا : إن شتم من أظهر الإسلام لله تعالى ولرسوله بأفحش ما يكون من الشتم ، وإعلان التكذيب لهما باللسان بلا تقية ولا حكاية ، والإقرار بأنه يدين بذلك ليس شئ من ذلك كفرا. انته‍ى

وقد رد السبكي الابن على ابن حزم فقال عن كتابه الفصل في الملل والأهواء والنحل ما نصه ” وكتابه هذا الملل والنحل من شر الكتب وما برح المحققون من أصحابنا ينهون عن النظر فيه لما فيه من الإزراء بأهل السنة ونسبة الأقوال السخيفة إليهم من غير تثبت عنهم والتشنيع عليهم بما لم يقولوه وقد أفرط في كتابه هذا في الغض من شيخ السنة أبي الحسن الأشعري وكاد يصرح بتكفيره في غير موضع وصرح بنسبته إلى البدعة في كثير من المواضع وما هو عنده إلا كواحد من المبتدعة والذي تحققته بعد البحث الشديد أنه لا يعرفه ولا بلغه بالنقل الصحيح معتقده وإنما بلغته عنه أقوال نقلها الكاذبون عليه فصدقها بمجرد سماعه إياها وتعدى إلى آخر كلامه

*****

6- العز بن عبد السلام لم يشذ عن اجماع أهل السنة في تكفير الجهوي والمجسم، ولا خالف إمام مذهبه أبي الحسن الأشعري

قال العز بن عبد السلام في كتابه مقاصد الصلاة صحيفة 21 ما نصه: و الشرك يطلق باعتبارات:
احدهما اﻹﺷﺮاك ﻓﻲ اﻷﻟﻮهية : وﻧﻔيه ﺑﺎﻻﻋﺘﺮاف أنه ﻻ إله ﺳﻮاه، ﻓﺘﺒﺮأ ﻣﻦ ذﻟﻚ ﻣﻦ اﻟﻨﺼﺎرى وﻋﺒﺪة اﻷوﺛﺎن
اﻟﺜﺎﻧﻲ: اﻹﺷﺮاك ﺑﺎﻟﺘﺸبيه: وﻧﻔيه ﺑﺎﻻﻋﺘﺮاف ﺑﺄن ” ليس كمثله شئ وهو السميع العليم” ، ﻓﺘﺒﺮأ ﺑﺬﻟﻚ ﻣﻦ اﻟﺤﺸﻮية وأﺿﺮاﺑهم. انتهى

و قال العز بن عبد السلام في رسالته للسلطان الأشرف: ومذهبنا: أن كلام الله سبحانه قديم أزلي قائم بذاته، لا يشبه كلام الخلق، كما لا يشبه ذاته ذات الخلق، ولا يتصور في شيء من صفاته أن تفارق ذاته؛ إذ لو فارقته لصار ناقصا، تعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيرا! وهو مع ذلك مكتوب في المصاحف، محفوظ في الصدور، مقروء بالألسنة، وصفة الله القديمة ليست بمداد للكاتبين، ولا ألفاظ اللافظين، ومن اعتقد ذلك فقد فارق الدين، وخرج عن عقائد المسلمين، بل لا يعتقد ذلك إلا جاهل غبي “وربنا الرحمن المستعان على ما تصفون “[الأنبياء:112]. انتهى

نقله الإمام تاج الدين السّبكي في طبقات الشافعية الكبرى في ترجمة سلطان العلماء.

وقال العز بن عبد السلام في فتاويه :”القرءان كلام الله صفة من صفاته قديم بقدمه ليس بحرف ولا أصوات ومن زعم أن الوصف القديم هو عين أصوات القارئين وكتابة الكاتبين فقد ألحد في الدين وخالف إجماع المسلمين بل إجماع العقلاء من غير أهل الدين، ولا يحل للعلماء كتمان الحق ولا ترك البدع سارية في المسلمين ويجب على ولاة الأمور إعانة العلماء المنزهين الموحدين، وقمع المبتدعة المشبهين المجسمين، ومن زعم أن المعجزة قديمة فقد جهل حقيقتها، ولا يحل لولاة الأمور تمكين أمثال هؤلاء من إفساد عقائد المسلمين ويجب عليهم أن يلزموهم بتصحيح عقائدهم بمباحثة العلماء المعتبرين، فإن لم يفعلوا ألجئوا إلى ذلك بالحبس والضرب والتعزير والله اعلم” انتهـى

هذا وقد نسب الحافظ الكبير ملاّ علي القاري في شرحه على الفقه الأكبر (انظر صحيفة 333 طبعة دار البشائر). للعزّ ابن عبد السّلام أنه نقل في كتابه “حل الرموز” في علم التصوف تفسير ما قاله الإمام أبي حنيفة رضي الله عنه في كتابه الفقه الأبسط: “من قال لا أعرف ربي في السماء أو في الأرض فقد كفر, وكذا من قال إنه على العرش, و لا أدري العرش أفي السماء أو في الأرض” قال ابن عبد السلام: ” لأن هذا القول يوهم أن للحق مكانا, ومن توهم أن للحق مكانا فهو مشبه” انتهى

وقد ارتضى ملاّ علي القاري من العز بن عبد السلام هذا التفسير وقال ” ولا شك أن ابن عبد السلام من أجلّ العلماء وأوثقهم، فيجب الاعتماد على نقله”. انتهى

وليس بمستبعد أن يكون هذا الكتاب من تأليف سلطان العلماء فقد قال ابن السبكي في طبقاته (8/ 214-215) ما نصه: “وقد كان الشيخ عز الدين لبس خرقة التصوف من الشيخ السُّهروردي، وأخذ عنه، وذُكر أنه كان يقرأ بين يديه “رسالة القشيري” .ثم قال ابن السبكي: “وقد كان الشيخ عز الدين اليد الطولى في التصوف وتصانيفه قاضية بذلك”.
و حتى على تقدير أن كتاب حل الرموز لم تثبت نسبته لسلطان العلماء وأنه للشيخ عز الدين المقدسي فهذا لا يُعكر علينا المسألة لأن الطّحاويّ نقل الإجماع على كفر المجسّم و الجهوي قبل ولادة ابن عبد السلام بنحو 300 سنة و الإجماع منعقد بأهل السّلف فقد قال الطّحاويّ هذا ذكر بيان عقيدة أهل السّنة و الجماعة أي هذا إجماع ثمّ قال: “و من وصف الله بمعنى من معاني البشر فقد كفر”. و الإجماع إذا انعقد لا يصح و لا يجوز مخالفته وهو حجة كما قال العز بن عبد السلام في كتابه ﺗﻔسير اﻟﻘﺮآن اﻟﻌظيم جزء 2 صحيفة 567 – ﺗﺤقيق اﻟﺸﺎﻣسي ونص عبارته: ﻗﻮله صلى الله عليه وسلم: “وإنﱠ ﻣﻦ أﻣﺘﻲ ﻗﻮﻣًﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺤﻖﱢ ﺣﺘﻰ ينزل عيسى. وفيها دليل ﻋﻠﻰ أن إﺟﻤﺎع ﻛﻞ ﻋﺼﺮ ﺣﺠﺔ”. 

التحذير من فتوى منسوبة إلى سلطان العلماء العزّ بن عبد السلام المتوفى سنة 660 هجري في مسألة الاستواء

تُنسب إلى الإمام العزّ بن عبد السلام فتوى في مسألة الاستواء، أوردها الحافظ ابن حجر العسقلاني المتوفى سنة 852 هجري بخط يده ونقلها عنه بعض الباحثين، جاء فيها أنّه سُئل: «من قال: من أنكر أن الله استوى على العرش فهو كافر»، فأجاب: «نعم، من اعتقد ذلك فهو كافر، لأن الله تعالى نصّ في كتابه على الاستواء في مواضع عدة، منها قوله سبحانه: ﴿ٱسْتَوَىٰ عَلَى ٱلْعَرْشِ﴾ [الأعراف: 54، يونس: 3، الرعد: 2، طه: 5، الفرقان: 59، السجدة: 4، الحديد: 4]. أما من زعم أنّ المراد بالاستواء الاستقرار على نحو استقرار الأجسام، فقد وقع الخلاف في تكفيره. ومن أولّه بتأويل صحيح في لغة العرب، يليق بجلال الله تعالى، فهو مصيب. وكذلك من قال: أؤمن بأن الله استوى على العرش كما أخبر، ولا أعلم حقيقة المراد بذلك، لكني أنفي عنه استقرار الأجسام، فهو أيضًا مصيب، ولا يجوز تكفيره».

غير أنّ هذه النسبة إلى العزّ بن عبد السلام تفتقر إلى الإسناد الصحيح، ولا يثبت عنه صدورها، إذ إنّ ابن حجر نقلها بعد وفاة العزّ بأكثر من قرن ونصف. وتزداد خطورة الأمر في تضمين هذه الفتوى المزعومة دعوى وجود خلاف في تكفير من يفسّر الاستواء باستقرار الأجسام، وهي دعوى باطلة، إذ إنّ تكفير المجسّم الذي يصرّح بالتشبيه قولا واحدا محلّ إجماع، ولا يُعرف فيه خلاف معتبر، لأن عبارة «كما تستقر الأجسام» تستلزم التشبيه الصريح، وهو مناقض للتنزيه.

وقد صرّح العزّ بن عبد السلام نفسه في مواضع متعددة من مؤلفاته بتكفير المجسّمة، ومن ذلك ما ورد في كتابه مقاصد الصلاة صحيفة 21 حيث قال:

«والشرك يطلق باعتبارات: أحدها: الإشراك في الألوهية، ونفيه بالإقرار بأنه لا إله سواه، فيتبرأ بذلك من النصارى وعبدة الأوثان.

والثاني: الإشراك بالتشبيه، ونفيه بالإقرار بأنه ليس كمثله شيء وهو السميع العليم، فيتبرأ بذلك من الحشوية وأضرابهم».

وعليه، فالفتوى المذكورة موضوعة على سلطان العلماء، ويجب التحذير من الاستدلال بها أو نسبتها إليه دون تحقق علمي موثّق.

رد بعض الشبهات حول العز بن عبد السلام في ترك اكفار المجسم – الجزء الأول-

الشبهة الأولى: بيان ما يُنقل عن العز بن عبد السلام من تركه تكفير الجهوي

ما قاله العز بن عبد السلام في قواعده من ترك تكفير الجهوي نقله عنه غير واحد من العلماء: كالشيخ محمد بن خليفة الأبي التونسي المتوفى سنة 728 هـجري، حيث قال في تقييده عن شيخ الإسلام بالمغرب الإمام ابن عرفة في أول سورة طه ما نصه: “واختار عز الدين ابن عبد السلام عدم تكفير من يقول بالجهة.” انتهى

وكذلك نقله عن ابن عبد السلام الشيخ ابن عرفة المتوفى سنة 803 هجري و تلميذه أبو العباس البسيلي التونسي المُتوفى سنة 830 هجري فقد قال في تقييده على ابن عرفة ايضا: “واختار الشيخ عز الدين عدم تكفير من يقول بالجهة, ونسب القول بالتجسيم لابن تيمية من فقهاء المشرق. انتهى

وكذلك نقل كلام ابن عبد السلام، الامام البرزلي المتوفى سنة 844 هجري و الشربيني المتوفى سنة 977 هجري و الرملي المتوفى سنة 1004 هجري و غيرهم من الفقهاء الذين جاؤوا بعدهم كاللقاني و غيره. وكل هؤلاء مع نقلهم لكلام ابن عبد السلام فهم لم يعتمدوا رأيه ولا أقروه على ذلك لأن كثيرا من الفقهاء تجدهم ينقلون في كتبهم حتى مقالات الفرق المخالفة ولا يعقبون عليها.

ثم هؤلاء العلماء لسيوا معاصرين للعز ابن عبد السلام، فنسبتهم لتلك المقالة إليه لا تثبت بصفة قطعية و يكون اعتمادهم فقط على ما وجدوه في مخطوط كتاب القواعد، و امكانية الدس فيه واردة جدا لكثرة اعداء سلطان العلماء في حياته و بعد مماته. بل لم يثبت عن واحد من تلاميذ العز بن عبد السلام كابن دقيق العيد وشهاب الدين القرافي و أحمد بن فرح الأشبيلي وشرف الدين الدمياطي و أبو شامة وغيرهم أنهم نقلوا عنه تلك المقالة.

ثم هذا الكلام المنسوب للعز بن عبد السلام – ان صح عنه – فهو مخالف لكلام شيخه الآمدي في كتابه “الإحكام” عند كلامه على شروط الرواية و نص عبارته: “الشرط الثاني أن يكون مسلما، وذلك لأن الكافر إما أن لا يكون منتميا إلى الملة الإسلامية كاليهودي والنصراني ونحوه أو هو منتم إليها كالمجسم” انتهـى

وقد عقب الشيخ محمد زاهد الكوثري في مقالاته في الصحيفة 261 على كلام العز فقال: “نعم يعد ابن عبد السلام في قواعده الكبرى العامي معذورا في الكلمة الموهمة لكن ناقشه المقبلي في ذلك, وعلى كل حال لا يرضى هؤلاء – أي مشبهة عصره – أن يعدوا من العامة ليعذروا في كلماتهم الشاطحة, وقد ملأت مؤلفاتهم البقاع, فلا محيص في عدهم واعين لما نطقوا به, فتعيين إلزامهم بما يترتب على تلك التقولات في نظر أهل البرهان الصحيح”. انتهى

فيلاحظ أن الكوثري يرد كلام العز إلى أمرين:
– الأول: حصر الأمر الذي أفتى به العز في الكلمة الموهمة.
– الثاني: فهم المعنى من تلك الكلمات الموهمة.

فكلام العز يتعلق بمن تلفظ الكلمة و لم يدري معناها بدليل قوله في قواعد الأحكام (2/102) ما نصه: “فصل فيمن نطق لفظا لا يعرف معناه لم يؤاخذ بمقتضاه: فإذا نطق الأعجمي بكلمة كفر أو أيمان أو طلاق أو إعتاق أو بيع أو شراء أو صلح أو إبراء لم يؤاخذ بشئ من ذلك, لأنه لم يلتزم مقتضاه و لم يقصد إليه, وكذلك إذا نطق العربي بما يدل على هذه المعاني بلفظ أعجمي لا يعرف معناه فإنه لا يؤاخذ بشئ من ذلك لأنه لم يرده. انتهى

أما أولئك المنتسبين للأشعرية صاروا يعتذرون لعوام المجسمة و علمائهم بظاهر كلام ابن عبد السلام. فما وافقت أقوالهم نصوص العلماء في إكفار الجهوي و لا وافقوا كلام العز الذي خص كلامه بالعوام الذي يطلقون كلاما موهما لا يفهمون معناه.

و يُؤيد كلامنا ما قاله الشيخ محمد الخضر الشنقيطي المالكي في كتاب “إستحالة المعية بالذات و ما يضاهيها من متشابه الصفات” صحيفة 319 لما تكلم عن الجارية التي ضربها سيدها ونص كلامه: وقد قال في الفتح ان وجه ثبوت إيمانها ( أي الجارية) بذلك القول هو أن من أتى بلفظ يدل على التجسيم لا يكون به مؤمنا إلا ان كان عاميا لا يفقه معنى التجسيم فيكتفي منه بذلك كما في قصة الجارية. انتهى
فلاحظوا يرحمكم الله قوله: “إلا ان كان عاميا لا يفقه معنى التجسيم” قيد في ترك تكفير العامي الذي لا يفقه معنى كلمة جسم و يظن أن لها معنى آخر كالوجود مثلا.

وليس في كل مرة يسلم العامي من التكفير فقد قال الإمام السنوسي في شرحه لعقيدته الكبرى ما نصه: أما العامة فأكثرهم ممن لا يعتني بحضور مجالس العلماء ومخالطة أهل الخير، يتحقق منهم اعتقاد التجسيم والجهة وتأثير الطبيعة، وكون فعل الله لغرض، وكون كلامه جل وعلا حرفاً وصوتاً، ومرة يتكلم ومرة يسكت كسائر البشر، ونحو ذلك من اعتقادات أهل الباطل، وبعض اعتقاداتهم أجمع العلماء على كفر معتقديها. انتهى

ولله در ابن عرفة حيث أنكر في كتابه الشامل في علم الكلام على من نسب القول بالجهة إلى بعض العلماء وعده كفرا فقال: ” نقل عياض في آخر كتاب الصلاة من “الإكمال” ما نصه: الظواهر الواردة بذكر الله تعالى في السماء كقوله تعالى “ءامنتم من في السماء” أولها من قال باثبات الجهة فوق له تعالى, من غير تحديد و لا تكييف من دهماء المحدثين و الفقهاء و بعض المتكلمين من الأشعريين و المشبهة بمعنى “على”. فعزا ما جعله الإمام ملزوما للكفر إلى من ذكر من الأشعرية و غيرهم, ما أدري على من اعتمد في نقله هذا. و قد اغتر بعض الجهلة ممن يرى يدا لنفسه مشاركة في العلوم في قوله بالجهة لله تعالى. انتهى

أما اليوم فقد كثُر هؤلاء الجهلة ممن يرون لأنفسهم أيادي مُشاركة في العلوم فصاروا يعتذرون للعوام و لمن ينتسب للمشيخة من القائليين بالجهة في حق الله.

وفيما يلي ذكر بعض العلماء الذين ردوا على العز بن عبد السلام:
أ- الإمام البلقيني: قال الرملي في حاشيته 1/ 219 ما نصه: وقال ابن عبد السلام في القواعد : إنه الأصح (أي ترك تكفير الجهوي) بناء على أن لازم المذهب ليس بمذهب (الرملي) وكتب أيضا. قال البلقيني الصحيح , أو الصواب خلاف ما قال. انتهى

والبلقيني رحمه الله كان من أصحاب الوجوه في المذهب الشافعي. قال عنه الزبيدي في تاج العروس عند شرحه لكلمة “بلقن” ما نصه: منها علامة الدنيا صاحبنا سراج الدين أبو حفص عمر بن رسلان (أي البلقيني)

ب- الشيخ صالح بن مهدي المقبلي: نقل الإمام محمد زاهد الكوثري في مقالاته صحيفة 261 ما نصه: “نعم يعد ابن عبد السلام في قواعده الكبرى العامي معذورا في الكلمة الموهمة لكن ناقشه المقبلي “. انتهى
وقال في الصحيفة 267 ما نصه: ” وإن العز بن عبد السلام يعذر –في قواعده- من بدرت منه كلمة موهمة لكنه يريد بذلك العامي الذي تخفى عليه مدلولات الألفاظ، وتعلو على مداركه دقائق علم أصول الدين، ويتهيب الولوج في هذه المضايق، لا من ألّف وقام يدعو الناس إلى عقيدة التجسيم بهذه الصراحة، فيجب إلزامه مقتضى كلامه بدون توقف,بل يقول القرطبي المفسر في التذكار إن المجسم عابد صنم. و المقبلي يرد على ابن عبد السلام رأيه و يقول إنه رأي منه لا دليل عليه و ليس أحد يعذر فيما يوجب الكفر”. انتهى

ج- الشيخ الأصولي الحافظ عبد الله الهرري، حيث اعتبر أن ذلك مما دُس عليه. لكن أنكر عليه الشيخ سعيد فودة وقال: “فكيف تجرأ هذا المتجرئ على ادعاء الدسِّ هكذا بلا برهان ولا بينة” وعقب على ذلك بقوله: ” وإن هذا الفعل يفتح باب التشكيك في كتب الإسلام على سبيل العموم” وزعم أن كلام العز قرأه كبار العلماء ومنهم تلامذته والقريبون من زمانه كالقرافي”. انتهى

وما قاله الهرري له حظ من النظر، فهو رحمه الله اعتبر تلك المقالة مما دُس على سلطان العلماء لأنه مناقض لما قاله في بعض كتبه من اكفار للمجسم. وإلا فقد نُسب لابن عبّاس و ابن الجوزيّ و الزّبيديّ وغيرهم مُؤلّفات ليست من تصانيفهم، ودُس على الغزالي في كتبه كما ذكر ذلك السكوني، ودُس على الأشعري كما ذكره الكوثري، ودُس على ابن العربي أيضا كما بينه الشعراني؟

أليس ثبت أن المجسمة أرادوا للعز بن عبد السلام الشر في حياته و كادوا له عند السلطان، فماذا سيثنيهم للدس عليه بعد مماته انتقاما منه ولاظهار موافقته لمعتقدهم الفاسد خاصة و قد ذاع صيته في الآفاق؟

وبعد كل هذا نقول: إن ادعاء الدس أهون من الدس نفسه و تحريف كلام العلماء. فقد علق سعيد فودة على كتاب “أَجــْوبــــَـةُ إمـَـــامِ الـحَــرَمَيـــــنِ الـجُــوَيـــْنـِــيّ على أَسئـلــةِ. الإمــَامِ عَــبــْدِ الـحَــقِّ الصّــقِـلّـي ” الذي اعتنى بضبط نصه “جلال علي الجهاني”. وصدرا الكتاب بعنوان عجيب وهو قولهم:” اثبات سمة العارفين لمن قال ان الله تعالى جسم لا كالأجسام”.
بينما العنوان المطبوع في المعيار المعرب جزء 11 صحيفة 231 نصه كالتالي: “اعتقاد البعض ان الله عظيم كالاجسام العظيمة”.
وهذه مغالطة كبيرة، حيث كان العنوان مناقضا تماما لمضمون كلام إمام الحرمين.

د- النووي و ابن أبي جمرة المالكي: تعقب النووي وابن أبي جمرة كلام العز بن عبد السلام و قيدا كلامه و ضبطا قيود المسألة على وفق قواعد الشرع. فقد قال الشيخ إبراهيم اللقاني: “فائدة: قال عز الدين ابن عبد السلام: معتقد الجهة لا يكفر. وقيده النووي بكونه من العامة، وابن أبي جمرة بعسر فهمهم نفيها، والله أعلم”. انتهى

ومعنى قول اللقاني:”قيده” أي ما تركه على اطلاقه. و مراد النووي بالعامي هنا الذي لا يفهم المعنى من الكلمة التي تلفظ بها . قال أهل الحق: من لم يعلم معنى الجهة في اللغة و الشرع لعُجْمَةٍ في لسانه أو شدةِ جهل بلغة العرب و بمدلولات العبارات فظن أن معناها العظمة و اعتقد أنه إذا قال إن الله في جهة فوق كان معنى ذلك أنه أعلى من كل شىءٍ قدراً، و لم يرد بذلك المكان و لا الحيّزَ، و لا عرف أنّ هذا ما يعنيه لفظه فلا يُكفَّر، و لكنّه يُزجر عن هذا الكلام و يُمنع منه و يُنهى عنه أشدّ النهي فإنه لا يجوز وصف الله الا بما وصف به نفسه سبحانه أي إلا بما ثبتتْ نسبته إليه سبحانه قرءانا او سنّةً او إجماعاً، ووظيفة الجاهل التعلّم لا التصدّر للتكلم.

فالنووي رحمه الله لما علم من مراد العز بن عبد السلام تركه تكفير من أطلق لفظ الجهة في حق الله وهو غير فاهم لمعناها قيد كلامه بكونه من العامة. و يؤكد ذلك ما قاله العز في قواعد الأحكام (2/102): “فصل فيمن نطق لفظا لا يعرف معناه لم يؤاخذ بمقتضاه: فإذا نطق الأعجمي بكلمة كفر أو أيمان أو طلاق أو إعتاق أو بيع أو شراء أو صلح أو إبراء لم يؤاخذ بشئ من ذلك, لأنه لم يلتزم مقتضاه و لم يقصد إليه, وكذلك إذا نطق العربي بما يدل على هذه المعاني بلفظ أعجمي لا يعرف معناه فإنه لا يؤاخذ بشئ من ذلك لأنه لم يرده. انتهى

فعند الإمام النووي: غير العامي ممن له إحاطة بمعاني الألفاظ إذا أطلق كلمة الجهة الحسية في حق الله يكفر لأن الجهة تفيد المكان و الحيز.

أما ابن أبي جمرة فقد جعل مراد العز بن عبد السلام متعلقا ببعض العبارات الموهمة للجهة كقول العامي “الله فوق العرش” أو “على العرش” أو “ربي فوق” وقصده بذلك فوقية قهر و استعلاء. فالعامي يعسر عليه نفي معاني هذه الألفاظ عن الله وان كان ظاهرها يوهم الجهة لأنه جازم بأن ما قاله موافق لظواهر النصوص وأن ما يعتقده هو نفي التشبيه و التحيز عن الله, لذلك عبر الإمام ابن أبي جمرة عن هذا القيد بقوله ” بعسر فهمهم نفيها”. وإلا فلا معنى لقول اللقاني: “قيده”.

والشيخ ابن أبي جمرة الأندلسي كان من كبار المالكية توفي سنة 599هـجري، كان فقيهاً حافظاَ من العارفين بأحكام المذهب المالكي، وقد قال في كتابه بهجة النفوس وتحليها بمعرفة مالها وما عليها – شرح مختصر البخاري- في شرح الحديث الثالث صفحة 35 من الجزء الاول بعد ذكره للمبتدعة وذكر القدرية والجبرية، ما نصه: “ومنهم المجسمة لأنهم يقولون بالجسم والحلول ومعتقد هذا لايصح منه الايمان بعموم اللفظ المذكور في الحديث لانه لا يصح الايمان بمقتضى لفظ الحديث حتى يصح الايمان به عز وجل بمقتضى ما اخبر به عن نفسه حيث يقول {ليس كمثله شئ} وشئ يطلق على القليل والكثير وعلى كل الاشياء فمن خصص هذا العموم وهو قوله {ليس كمثله شئ} لم يصح منه الايمان بعموم لفظ الحديث وان ادعاه لان من لا يعرف معبوده كيف يصح له الايمان به وذلك محال”. انتهى

وبهذه القيود الدقيقة ينبغي أيضا فهم ما قاله الشيخ ابراهيم اللقاني المتوفى سنة 1041 هجري في تقريب البعيد، في معرض كلامه عن التقليد الرديء، و نص عبارته: “والتقليد الرديء منه ما هو مختلف في كفر صاحبه، كتقليد عامة المعتزلة والمرجئة والمجسمة لقدمائهم فيما أتوا به من آراء عقدية منافية لحقائق الأمور، والأرجح عدم كفرهم لمخالفتهم في أمور نظرية ليست معلومة من الدين بالضرورة، تحتاج إلى أنظار دقيقة في بعض الأحيان، وإن بدت إلى البعض أنها من حكم الضروري، ولقد أحسن العز بن عبد السلام حين أفتى بعدم تكفير ملتزم الجهة على الله تعالى”. انتهى

فكلام الشيخ ابراهيم اللقاني هنا يتعلق ببعض عوام الناس المنتسبين للفرق الضالة كالمعتزلة والمجسمة، لا اطلاق الحكم على الدعاة منهم لبدعهم.
وهؤلاء الصنف من العوام هم الذين اختلف علماء أهل السنة في كفرهم، وقد رجح الشيخ اللقاني عدم كفرهم تبعا للعز بن عبد السلام، لعدم فهمهم معاني ما يطلقونه من ألفاظ يلزم منها نسبة الجهة في حق الله، كقول بعضهم مثلا: ” الله في السماء”، فاذا تمت مراجعتهم في مقالاتهم، أنكروا نسبة التحيز في حق الله، وأنكروا ان يكون محصورا أو محمولا، وهذه من المسائل التي تحتاج إلى أنظار دقيقة.

وهذا هو اللُبس الذي وقع فيه بعض الناس فتاهوا في هذه المسألة فلم يعرفوا الفارق بين من ينطق بلفظ “الجسم” أو “جهة فوق” وهو فاهم لمعناها و بين من ينطق بها وهو لا يفهم المعنى أو يظن أن هذين اللفظين تردان في لسان العرب بمعنيين, أحدهما المعنى الكفري الفاسد و الآخر المعنى الذي يوافق العقيدة السليمة. فصاروا يطلقون القول بإيمان كل من نسب الجهة الحسية لله .

فهؤلاء الذين تلقفوا كلام العز بن عبد السلام و جردوه من قيوده ضلوا وأضلوا غيرهم و حكموا باسلام من نسب الجهة الحسية لله ولم يفرقوا بين العامي الذي لا يفهم ما يتلفظ به و بين رؤوس المجسمة الذين ينسبون عن اختيار الجهة لله.

هـ- الأمير الصنعاني: عقب على الكلام الذي يُنسب للعز بن عبد السلام فقال في كتابه ” إيقاظ الفكرة لمراجعة الفطرة ” تحقيق محمد صبحي بن حسن حلاق دار ابن حزم ط 1 لعام 1999 – 1420 ص ” 87 إلى 91 ما نصه :” ذكر هذا الدليل -أي تحقيق نفي الجسمية أو تجويزها على الله من قوم موسى الذين عبدوا العجل – ابن عبد السلام في قواعده ، و تابعه -أي تعقبه- العلامة المقبلي فنقله في مؤلفاته حتى نقله في المنار (1/ 68-69) في بحث الشك ، و كنا نراه كلاما حسنا برهة من الدهر – أي كلام ابن عبد السلام- ثم ظهر لنا اختلاله فانه يقال عليه:العجل قد خالف الذات الشريفة في كل صفة من صفات الجسمية و في كل صفة من الصفات العلية بل شاهده بنو اسرائيل يُصنع من حلي القبط و علموه محدثا صنعه السامري جسما محدثا لا يعلم غيبا و لا شهادة و لا يملك ضرا و لا نفعا و لا موتا و لا حياة و لا نشورا و بالجملة علموه على خلاف ما عليه الرب تعالى في كل صفة وقد كانوا مسلمين قبل ذلك, فان كانوا حال اسلامهم جاهلين كونه تعالى غير محدث كما كانوا جاهلين كونه غير جسم و جاهلين كونه على كل شئ قدير و جاهلين كونه عالم الغيب و الشهادة و جاهلين كونه المالك لكل نفع وضر فأي اسلام عندهم و اي رب عرفوه و آمنوا به ؟….” إلى آخره.

وفي الأخير نقول من يصمُّ أذنه عن سماع الحقيقة و يجتزئ ما يوافق هوى نفسه لا ينفع معه ألف دليل.

*******

رد شبهات عن العز بن عبد السلام في ترك اكفار المجسم

– الجزء الثاني –

الشبهة الأولى:

راجع الرابط التالي:

https://www.facebook.com/share/TTQHJkgcyAhGaycV/?mibextid=xfxF2i

الشبهة الثانية:

يستشهد بعض أدعياء العلم بكلام منسوب للعزّ ابن عبد السّلام ونصه:” مَن كذب على الله من أهل القِبْلة معتقدًا أنه متصفٌ بما اعتقَدَهُ لم يكفر بذلك على الأصح؛ لأنه غير مستهزئ ولا مستهين، بل هو معتقِدٌ أنه موقّـِرٌ معَظـِّـمٌ.” انتهـى.

وجواب ذلك أن ما أورده العزّ بن عبد السلام ـ إن صحّ نسبة الكلام إليه ـ ليس على إطلاقه بل مقيد بحسب حال الشّخص و حال اللفظ الذي أطلقه على الله، وفهمه للعبارة.

قال العز في قواعد الأحكام (2/102): “فصل فيمن نطق لفظا لا يعرف معناه لم يؤاخذ بمقتضاه: فإذا نطق الأعجمي بكلمة كفر أو أيمان أو طلاق أو إعتاق أو بيع أو شراء أو صلح أو إبراء لم يؤاخذ بشئ من ذلك, لأنه لم يلتزم مقتضاه و لم يقصد إليه, وكذلك إذا نطق العربي بما يدل على هذه المعاني بلفظ أعجمي لا يعرف معناه فإنه لا يؤاخذ بشئ من ذلك لأنه لم يرده. انتهى

و قال العز في فتاويه في الصحيفة 103بتحقيق مصطفى عاشور ما نصه: “ولا يجزئ الظن فيما يجب اعتقاده؛ لان الظان مجوز للنقص على الله بخلاف المعتقد، فإنه غير مجوز لنقيض اعتقاده”. انتهى

فإذا كان الظن لا يجزأ فيما يجب اعتقاده لأن فيه تجويز للنقص على الله فكيف بالذي يكذب؟

ونُذكر هؤلاء بما قاله العز بن عبد السلام في قواعده ج2/ص402: “لا يجوز إيرادُ الإشكالات القوية بمحضر من العامة؛ لأنه تسبُّبٌ إلى إضلالهم وتشكيكهم، وكذلك لا يتفوّه بالعلوم الدقيقة عند من يَقْصُر فَهْمُه عنها، فيؤدي ذلك إلى ضلالته، وما كل سرٍّ يذاعُ، ولا كل خبر يشاعُ”. انتهى

و هؤلاء المتصدرين للمشيخة قد أضلوا كثيرا من الناس و حرفوا كلام سلطان العلماء، والله حسيب من يحرف دينه.

الشبهة الثالثة:

قال عز الدين بن عبد السلام في قواعد الأحكام:”الشّرعُ إنما عفا عن المجسِّمة لغلبة التجسيم على الناس، وأنهم لا يفهمون موجودًا في غير جهة”. انتهى

والرد على هذه الشبهة بأن يقال: هذا مما دُس عليه لا شك و مناقض لما قاله من اكفار للمجسمة كما في كتابه مقاصد الصلاة صحيفة 21.

ثم كيف يصح نسبة هذا الكلام لسلطان العلماء و هو الذي قال: “فأصول الدين ليس فيها مذاهب، فإن الأصل واحد، والخلاف في الفروع، ومثل هذا الكلام مما اعتمدتم فيه قول من لا يجوز أن يعتمد قوله”. نقله التاج السبكي في طبقاته عند ترجمته للعز بن عبد السلام.

و لا حجة لأحد في التهوين من أمر التجسيم بهذا النقل فقد قال الكوثري في كتابه ” نظرة عابرة على من ينكر نزول عيسى عليه السلام قبل الآخرة ما نصه: “على أن ابن عبد السلام له شطحات تسربت إليه من مطالعة بعض كتب ابن حزم التي أتى بها محي الدين بن عربي إلى الشام, فلا تزيد تلك الشطحات على أن تكون وهلة منه, فلا يصح اتخاذها حُجة, بل نرجو الله سبحانه أن يسامحه عليها”. انتهى

فالكوثري هنا كلامه شديد في العز بن عبد السلام كما لا يخفى، فإما أن العز قال ذلك فعلا أول أمره ثم تراجع عنه، و إما أنه مدسوس عليه كما سبق بيانه.

بل قال الكوثري في مقالات صحيفة 267 في الرد على ابن عبد السلام ما نصه: “بل يقول القرطبي المفسر في التذكار إن المجسم عابد صنم. و المقبلي يرد على ابن عبد السلام رأيه و يقول إنه رأي منه لا دليل عليه و ليس أحد يعذر فيما يوجب الكفر”. انتهى

ونص عبارة الشيخ صالح بن مهدي المقبلي المتوفى سنة 1108 هجري كما في كتابه “العلم الشامخ في إيثار الحق على الآباء و المشائخ”: “قال ابن عبد السلام أن الله عفا عن المجسمة اعتقاد التجسيم لغلبة الطباع, لا يكاد يخرج عن طبع موجود لا داخل العالم و لا خارجه ونحو ذلك مما استقل به العقل قال ولذا لو اعتقدوا ما ليس كذلك مثل الحلول لم يُعف , واستدل على العفو بمعاملة السلف و ما قال مع الإنصاف ليس بأبعد مما قالوا خلا أنه بتً القول بأن الله عفا وهم بنوا القول بأن ذلك حرام بل كفر”.

إلى أن قال: “و أما العفو فليس للازم من معاملتهم التي هي حكم شرعي لزوم حكم آخر هو إيمانهم حقا مع ما قد اقتحموا و قالوا على الله ما لا يعلمون لأنه ليس كلامنا في الساكت بل في المجسم الذي جرى على ظاهر الآيات و الأحاديث. انتهى

ثم كيف يُقال أن الشرع عفا عن المجسمة و الرسول صلى الله عليه و سلم جاء لابطال عقائد أهل الجاهلية الذين كانوا يعبدون أجساما وهي الأصنام التي كانوا يصنعونها ولم يعتذر لهم لأجل ذلك, بل حاربهم و حكم بكفرهم. وحتى أولئك الذين كانوا يعبدون أجراما سماوية تختص بجهة فوق كذلك النجم الذي يسمونه “الشعرى” ما اعتذر لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بل حكم بكفرهم و دعاهم لعبادة الله الذي ليس كمثله شئ.

قال الإمام سراج الدين ابن الملقن المتوفى سنة 804هـجري في شرحه على صحيح البخاري: قد تقرّر في نفوس البشر أنه لا يجوزُ التجسيم على البارئ تعالى. كما في التوضيح، جزء 32، صحيفة 114.

وقال الإمام أبو بكر بن العربي رحمه الله في القبس شرح الموطأ 1 / 288 – 289): “إن الله سبحانه منزه عن الحركة والانتقال لأنه لا يحويه مكان كما لا يشتمل عليه زمان، ولا يشغل حيزاً كما لا يدنو إلى شيء بمسافة ولا يغيب بعلمه عن شيء، متقدس الذات عن الآفات منزه عن التغير والاستحالات، إله في الأرض إله في السماوات. وهذه عقيدة مستقرة في القلوب ثابتة بواضح الدليل” انتهـى

وقال الصنعاني في ايقاظ الفكرة صحيفة 98 ما نصه: وأقول: لا شك في أن الجهة محدثة, وأن البارئ تعالى قد كان و لا مكان, وقد وسع المؤمن الإيمان بذلك, كما وسع أنه تعالى كان و لا زمان, و جاء أنه لا تصحبه الأوقات, فما الذي ينقله عن ذلك. وقد أقر عقله القاصر بأن الله تعالى كان موجودا و لا جهة, بل واجب إيمانه بذلك, فكيف تنقله الظواهر عن اليقين الذي أذعن له عقله؟. انتهى

و قد أوضح الشيخ عبد الحميد ابن باديس المالكي أن الرسول صلى الله عليه و سلم جاء بعقيدة التنزيه ودعى الناس إليها و أن الشرع لم يعف عن المجسمة. ونص عبارته: وكان من سبيل محمد – صلى الله عليه وآله وسلّم – أنّه يدعو الخلق إلى الله وينـزّهه عن كل ما نسبه إليه الـمُبطلون وتَخيّله الـمُتخيَّلون، وهو معنى قوله “وَ سُبْحَانَ اللهِ “. فهو يدعوهم إلى الله الذي عرفوا وجوده بفطرتِهم و عرفوا أنّه هو خالق الكون وخالقهم، لا يسمِّيه إلا بِما سَمَّى به نفسه، ولا يَصفه إلا بِما وصف به نفسه، و يعرِّفهم بآثار قدرته ومواقع رحمته ومظاهر حكمته وآيات ربوبيَّته وألوهيَّته ووحدانيَّته في جلاله وسلطانه وينـزّهه عن الـمُشابَهة والـمُماثلة لشيءٍ من مَـخلوقاته، لا في ذاته ولا في أسمائه ولا في صفاته ولا في أفعاله. و هذا التنـزيه وإن كان داخلا في الدّعوة إلى الله, فإنّه خُصِّص بالذِّكر لعظم شأنه، فإنّه ما عرف الله من شبَّهَه بِخلقه أو نسب إليه ما لا يليق بِجلاله أو أشرك به سواه. و إنّ ضلال أكثر الخلق جاءهم من هذه النّاحية، فمن أعظم وجوه الدَّعوة وألزمها تنـزيه الله – تعالى – عن الشَّبيه والشَّريك وكلّ ما لا يليق. والـمُسلمون الـمُتَّبعون لنبيِّهم ـ صلى الله عليه و سلّم ـ في الدّعوة إلى الله على بصيرة متَّبعون له في هذا التنـزيه عقداً وقولاً وعملاً وإعلاناً ودعوة. انتهى

انظر كتاب “ابن باديس حياته وآثاره”، جمع و دراسة عمّار طالبي، الجزء الأوّل صفحة 178ـ179، طبعة دار الغرب الإسلامي.

ثم ليتأمل هؤلاء ما قاله العز بن عبد السلام في قواعده: الْحُقُوقُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْقُلُوبِ أَنْوَاعٌ: النَّوْعُ الْأَوَّلُ : مَعْرِفَةُ ذَاتِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَمَا يَجِبُ لَهَا مِنْ الْأَزَلِيَّةِ وَالْأَبَدِيَّةِ وَالْأَحْدِيَةِ وَانْتِفَاءِ الْجَوْهَرِيَّةِ وَالْعَرَضِيَّةِ وَالْجِسْمِيَّةِ. انتهى

إلى أن قال: النَّوْعُ الرَّابِعَ عَشَرَ: اعْتِقَادُ جَمِيعِ مَا ذَكَرْنَاهُ فِي حَقِّ الْعَامَّةِ ، وَهُوَ قَائِمٌ مَقَامَ الْعِلْمِ بتفصيل الدليل فِي حَقِّ الْخَاصَّةِ . انتهى

فالعز بن عبد السلام جعل اعتقاد جميع ما ذكره من الأنواع بما فيه من التنزيه عن الجسمية نوعا من انواع الحقوق الواجبة لله تبارك و تعالى على جميع العباد .ثُمَّ أفاد أنَّ المسامحة في ذلك الشأن في حقّ العوامّ بشرط السلامة من الخوض في المتشابه وبشرط السلامة من إثبات لوازم الجسم التي لا يجوز للعوام خوض مزالقها. فمن غادر شواطئ التنزيه و تقحم الخوض في المتشابه و أثبت الصورة و الثقل و القعود و نحوها من لوازم الجسم فليس لهُ في دين الله عذراً .

فالعاقل المنصف بعد أن لاحظ كل هذا التناقض في كلام العز بن عبد السلام وردود العلماء عليه وتعقب مقالاته, يجزم بلا تردد أن ذلك لا يليق بعالم لُقب بسلطان العلماء، و لا يبعد أن يكون من قبيل الدس عليه

الشبهة الرابعة:

قال العز بن عبد السلام في قواعده 1/202 : “فإن قيل : يلزم من الاختلاف في كونه سبحانه ” وتعالى ” في جهة كونه حادثا قلنا : لازم المذهب ليس بمذهب , لأن المجسمة جازمون بأنه في جهة وجازمون بأنه قديم أزلي ليس بمحدث ” انتهـى

وهذا الكلام هو بخلاف كلام أئمة الاسلام وهو مجانب للصواب لذلك نجزم بأنه مدسوس أيضا على العز بن عبد السلام. كيف يصح نسبة هذا الكلام لسلطان العلماء وقد قال:” “فأصول الدين ليس فيها مذاهب، فإن الأصل واحد، والخلاف في الفروع، ومثل هذا الكلام مما اعتمدتم فيه قول من لا يجوز أن يعتمد قوله”. نقله التاج السبكي في طبقاته عند ترجمته للعز بن عبد السلام.

فلازِمَ المَذهَب ليس بمذهَب في اللازم الخفي وليس في اللازم الظاهر و البَيِّن.

قال الشيخ حسن العطار في حاشيته على شرح الجلال المحلي على جمع الجوامع (2/426) ما نصه: «لازِمَ المَذهَب لا يُعَدُّ مَذهَبا إلا أَن يكونَ لازما بَيِّنا فَإِنَّهُ يُعَدُّ» انتهـى. وقال في موضع آخر: «(مهمّتان) الأولى: قولهم لازم المذهب ليس بمذهب، مقيّد بما إذا لم يكن لازما بينا. انتهـى

وقال الشيخ محمد زاهد الكوثري في تعقيبه على قول السبكي في كتاب السيف الصقيل في الرد على ابن زفيل (ص/33) : «وهذا يستوجب القول بقدم العالم» ، بقوله: « وما يقال من أن لازم المذهب ليس بمذهب إنما هو فيما إذا كان اللزوم غير بيّن، فاللازم البيّن لمذهب العاقل مذهب له، وأما من يقول بملزوم مع نفيه للازمه البيّن فلا يعد هذا اللازم مذهبا له، لكن يسقطه هذا النفي من مرتبة العقلاء إلى درك الأنعام، وهذا هو التحقيق في لازم المذهب، فيدور أمر القائل بما يستلزم الكفر لزوما بيّنا بين أن يكون كافرا أو حمارا”.انتهـى

وقال الحافظ السيوطي في الإتقان ما نصه :”وَقَدْ قَالَ الْعُلَمَاءُ : كُلُّ صِفَةٍ يَسْتَحِيلُ حَقِيقَتُهَا عَلَى اللَّهِ تَعَالَى تُفَسَّرُ بِلَازِمِهَا”. انتهى

وقد أبطل ابن عرفة المالكي التونسي في كتابه الشامل في علم الكلام ما ذهب إليه العز بن عبد السلام فقال ما نصه: ” تأمل ما تقدم من جعل “الإرشاد” القول بالجهة ملزوما للكفر. انتهى

و قال الشيخ الزرقاني المالكي في كتاب ” مناهل العرفان ” عند قوله تعالى “ولقد أنزلنا إليكم آيات مبينات” ما نصه: وليت شعري إذا لم نؤوله بعلو مرتبة الربوبية فماذا نريد منه وهل بقي بعد ذلك شيء غير العلو الحسي الذي يستلزم الجهة والتحيز ولا يمكن نفي ذلك اللازم عنه متى أردنا العلو الحسي فإن نفي التحيز عن العلو الحسي غير معقول ولا معنى للاستلزام إلا هذا”.

ثم قال: “والمتتبع لكلامهم يجد فيه العبارات الصريحة في إثبات الجهة لله تعالى وقد كفر العراقي وغيره مثبت الجهة لله تعالى وهو واضح لأن معتقد الجهة لا يمكنه إلا أن يعتقد التحيز والجسمية ولا يتأتى غير هذا فإن سمعت منهم سوى ذلك فهو قول متناقض وكلامهم لا معنى له”. انتهى

وقال ملا علي القاري في مرقاة المفاتيح: قال النووي في شرح مسلم في هذا الحديث (حديث النزول) وشبهه من أحاديث الصفات وآياتها، مذهبان مشهوران فمذهب جمهور السلف وبعض المتكلمين الإيمان بحقيقتها على ما يليق به تعالى وأن ظاهرها المتعارف في حقنا غير مراد ولا نتكلم في تأويلها مع اعتقادنا تنزيه الله سبحانه عن سائر سمات الحدوث، والثاني مذهب أكثر المتكلمين وجماعة من السلف وهو محكي عن مالك والأوزاعي إنما يتأول على ما يليق بها بحسب بواطنها، فعليه الخبر مؤول بتأويلين أي المذكورين وبكلامه وبكلام الشيخ الرباني أبي إسحاق الشيرازي وإمام الحرمين والغزالي وغيرهم من أئمتنا وغيرهم، يعلم أن المذهبين متفقان على صرف تلك الظواهر كالمجيء والصورة والشخص والرجل والقدم واليد والوجه والغضب والرحمة والاستواء على العرش والكون في السماء وغير ذلك مما يفهمه ظاهرها لما يلزم عليه من محالات قطعية البطلان، تستلزم أشياء يحكم بكفرها بالإجماع، فاضطر ذلك جميع الخلف والسلف إلى صرف اللفظ”. انتهى

روابط ذات علاقة:

ذكر 28 اجماعا في الحكم بكفر المجسمة

https://www.facebook.com/share/bHMSSG6ZqKutVYTA/?mibextid=xfxF2i

اللازم البين واللازم الخفي

https://www.facebook.com/share/PQTcGPguZwxonk7V/?mibextid=xfxF2i

اكفار المجسمة باللزوم

https://www.facebook.com/share/codq8psGFTjXPBre/?mibextid=xfxF2i

حكم من ينسب لله الحرف والصوت

https://www.facebook.com/share/6cygiJbYEqu3CJB2/?mibextid=xfxF2i

التحذير من ترك اكفار المجسم

https://www.facebook.com/share/kQUXu388paLyjECB/?mibextid=xfxF2i

حكم المجسمة عند الأشعري

https://www.facebook.com/share/p/fidiHKpQ6dWTKohn/?mibextid=xfxF2i

بيان وقوع الدس والتحريف في كتاب الامام الباقلاني

https://www.facebook.com/share/p/v5WiEpuRkATkAmXM/?mibextid=xfxF2i

مقالات العز بن عبد السلام في المجسم والجهوي

https://www.facebook.com/share/JrHxipFRnMNiiCrn/?mibextid=xfxF2i

عضد الدين الايجي

https://www.facebook.com/share/p/k4TxHFrwWFTiR5CP/

اكفار عبد الكريم القشيري للمجسمة

https://www.facebook.com/share/bV5FR56D2DN3f2W1/

مقالات علماء تونس في حكم المجسم والجهوي

https://www.facebook.com/share/B6w5JgU6iN5QnmNx/?mibextid=xfxF2i