حكم القائلين بالجهة في حق الله من كلام ابن عرفة المالكي وإمام الحرمين الجويني – مقالات علماء تونس

  1. حكم القائلين بالجهة في حق الله من كلام ابن عرفة المالكي وإمام الحرمين الجويني
  2. التحذير من ترك اكفار المجسمة
  3. مقالات علماء تونس في التحذير من عقيدة التجسيم وبيان حكم المجسم والجهوي
  4. الاجماع على كفر المجسم و الجهوي

حكم القائلين بالجهة في حق الله من كلام ابن عرفة المالكي وإمام الحرمين الجويني

جمهورَ هذه الأمة وعلماءها من الأشاعرة والماتريدية، قد التزموا بأحكام الشريعة وأقوال الأئمة المجتهدين الدالّين على الحق، دون مداهنةٍ في مسائل الدين أو تهاونٍ فيها بدعوى الورع والتسامح.

وقد انعقد إجماع المحققين من أهل السنة على تكفير القائلين بالجهة الحسية في حق الله ووجوب التحذير من عقائدهم، مع دعوتهم إلى الرجوع إلى الصراط المستقيم.

وعلى خلاف ذلك، ظهر في الأزمنة المتأخرة من ينتسبون إلى أهل السنة زورًا، وهم في حقيقتهم ينشرون بين الناس ضلالاتٍ تخالف ما عليه الجمهور زاعمين أنّه لا يُكفَّر من يثبت لله الجهة الحسيّة أو الجسمية، متذرّعين في ذلك بالورع أو بالمحافظة على وحدة الأمة.

أما العلماء الراسخون، فإنهم يُجْرون الأحكام في هذا الباب على وفق ما دلّ عليه الشرع، غير هيّابين في بيان الحق، ولا يخشون في الله لومة لائم. ولهذا نقل أهل التحقيق ممن أحاطوا بأقوال الأئمة في شأن من يصف الله بالجهة أو الجسمية، أكثر من ثلاثين إجماع على مفارقته للملة.

راجع الرابط التالي:

https://www.facebook.com/share/19t5i3ubRt/

فهذه المسألة من أكثر مسائل الشرع التي نقل فيها اجماع واتفاق أهل السنة حول حكم القائلين بالجهة والتجسيم في حق الله عز وجل.

و يتبيّن مما تقدم الفرق بين منهج أهل السنّة ومنهج مخالفيهم، إذ لا يصحّ أن يُنسب إلى أهل الحق من يُبطِل الإجماع الثابت في هذا الباب أو يُحرِّف أحكام الردّة، اعتمادًا على نقول ضعيفة أو على سوء فهمٍ لألفاظ بعض الفقهاء الذين لم يبلغوا مرتبة الاجتهاد.

وبالنظر الدقيق في أقوال الأئمة المتقدّمين، يتضح أن الخلاف المدّعى في تكفير المجسّمة لا أصل له من حيث التحقيق العلمي، بل هو مخالف للإجماع المقرّر في عقائد أهل السنّة.

وعجبًا لمن يُصرّ بعد ذلك على إنكار هذه الأدلة المحكمة، مجادلًا بالباطل دفاعًا عن خلافٍ موهوم لا يقوم على أساسٍ من العلم أو التحقيق.

وراجع الرابط التالي في التحذير من ترك اكفار المجسم:

التحذير من ترك اكفار المجسم

https://www.facebook.com/share/1GWytrJ1Wn/

فهذا مجدد القرن الثامن الهجري، الإمام أبو عبدالله محمد بن محمد بن عرفة المالكي التونسي، قد نقل في مختصره الكلامي، ما ذكره إمام الحرمين الجويني في الإرشاد من تكفير معتقد الجهة في حق الله كالمقر له.

بل هذا الحكم هو ما عليه علماء تونس عامة

راجع الرابط التالي:

https://www.facebook.com/share/19rmnEhUzX/

**********

التحذير من ترك اكفار المجسمة

ليُعلم أن الوسطية ليست تنازلاً عن القواعد المرضية وتضييعا للواجبات المرعية وتمييعاً للحقائق الدينية, وأن التحذير ممن فارق ملة الإسلام من أهل الضلال ليس تكفيراً لهم من غير بينة, وأن التمسك بالأحكام الشرعية وكشف تمويهات المخالفين ليس ضربا لوحدة الأمة الإسلامية.
ومن البدع التي ابتلي بها المسلمون اليوم تسامح بعض المتأخرين مع من يقول بالجسمية في حق رب البرية، وترك التحذير منهم و مداهنتهم بتسميتهم بالمسلمين الموحدين فعمت بذلك البلية.

وهؤلاء الذين يزعمون أنّ تكفير المجسّم فيه خلاف ناقضوا العقل و النصوص النّقلية.
وليُنظر إلى ما قاله زعيم المجسمة ابن تيمية، في رسالته المسماة الفتوى الحموية في الصحيفة 4 ونص عبارته:”بل أكثر أهل السنة من أصحابنا وغيرهم يكفرون المشبهة والمجسمة”. انتهى

فإذا كان زعيم المشبهة يُكفر المجسمة وهذا دليل على تخبطه وتناقضه, فكيف بالذي ينسب نفسه للأشعرية و يحكم عليهم بالإسلام, وقد قال الإمام فخر الدين أحمد بن حسن التبريزي المتوفي سنة 746 هجرية في كتابه ” السراج الوهاج” ما نصه: “المجسمة كفار عند الأشاعرة”. انتهى
و قال الإمام محمد بن الحسن البدخشي في شرحه على المنهاج : وإليه اشار قوله ( فتقبل رواية الكافر الموافق في القبلة كالمجسمة ) الكفار عند الأشاعرة ونحوهم. انتهى

وكلامهما هنا صريح في أن الأشاعرة هم على القول بتكفير المجسمة قولاً واحداً . و أما ما يروى عنهم من تفسيقه و تضليله دون تكفيره فقد زيفه الإمام الزركشي فقال: “ونُقل عن الأشعرية أنه يفسق. وهذا النقل عن الأشعرية ‏ليس بصحيح”.انتهى

فالأشاعرة رحمهم الله كانوا مستميتين في الدفاع عن عقيدة أهل السنة بالحجج البينة و الأدلة العقلية أما هؤلاء المتأخرين ممن ينسبون أنفسهم إليهم فهم في الحقيقة مستميتون في الدفاع عن عقيدة إخوانهم المجسمة و الكرامية. فكل من داهن المجسمة من أشباه هؤلاء المقلّدين أدعياء المشيخة فلم يكفّر من نسب لله الحيز و التركيب و الكيفية, فليس على نهج أهل السُّنة الأشعرية ، بل هو من المتنطعين الهالكين إن لم يتب، وهو من المغرورين المخدوعين، ومن الفتانين المفتونين، بل هو ألعوبة في أيدي الشياطين. والمدرسة الأشعرية لا تقبل كلام كل من ينعق باسمها.

و هؤلاء الناشؤون لم ينكروا فقط أن يكون المجسم كافرًا بل أنكروا أيضا أن يكون القائل بأن الله يتكلم بحرف وصوت كافرًا ,و القائل بأن العبد يخلق أفعاله كافرا, و القائل بأن الله لا يوصف بصفات المعاني كافرا, والقائل بفناء النار كافرًا ,و القائل بحوادث لا أول لها كافرًا.

و يكفي أولائك مكابرة أنهم نفوا الإجماع القائم على كفر المجسم وتشبثوا بأقوال من لا يُعتد بمخالفته في حكمه على المجسم و مثبت الجهة و حرفوا كلام بعض العلماء عن سياقه.
وفي هذا يقول الامام محمد الطاهر بن عاشور رحمه الله في كتابه أليس الصبح بقريب ما نصه: “و قد يأتي الواحد منهم بمقالة تخالف العلم أو أصول الدين – نشأت عن قصور في العلم أو سوء فهم أو ضيق تعبير – فاعتبروها- أتباعهم أو مريدوهم – هي الدين و صمموا عقدهم على غلط الأئمة السابقين “. انتهى

و لا يزال الفضلاء من أهل السنة ينقلون الإجماع على تكفير المجسمة من كلام أكابر علماء أهل الحق وذلك كاف لإسقاط شبههم الدنية ويبقى على العلماء بيان الحق لتجنيب الناس الاغترار بكلامهم والانسياق وراء مزيد من الانحلال المذموم و العصبية.
فكن منتبها يا طالب الحق ولا يهولنك تمويه المموهين وكذب المزيفين ومداهنة المداهنين فالحق أحق ان يُتّبع قولا و نية.

قال الشيخ أبو عبد الله محمد زيتونة المنستيري التونسي المُتوفى سنة 1138هـجرية في كتابه “مطالع السعود وفتح الودود على تفسير أبي السعود” ما نصه:”من جنح إلى منحرف عن دينه أو داهن مبتدعًا في عَقْده، نزعَ اللهُ نور التوحيد من قلبه”. انتهى
قاله عند تفسيره لقول الله تعالى:”لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ” ـ سورة المجادلة الآية 22ـ

وجاء في كتاب ” رسائل الاصلاح” للامام العلامة الشيخ محمد الخضر بن الحسين بن علي بن عمر الحسني النفطي التونسي ما نصه: النفوس التي تنحط في المداهنة انحطاط الماء من صبب، نفوس لم تشِبَ في مهد الأدب السني، ولم تهدها المدرسة إلى الصراط السوي، وما شاعت المداهنة في جماعة إلا تقلصت الكرامة من ديارهم، وكانت الاستكانة شعارهم، ومن ضاعت كرامتهم وداخلت الاستكانة نفوسهم، جالت أيدي البغاة في حقوقهم، وكان الموت أقرب إليهم من حبال أوردتهم”. انتهى 

*********

مقالات علماء تونس في التحذير من عقيدة التجسيم وبيان حكم المجسم والجهوي

مِنَ الْكُفْرِ الاِعْتِقَادِيِّ نِسْبَةُ مَا يَجِبُ تَنْزِيهُ الله عَنْهُ إِجْمَاعًا كَالْجِسْمِ أَيْ كَأَنْ يَعْتَقِدَ أَنَّ اللَّهَ جِسْمٌ لَهُ طُولٌ وَعَرْضٌ وَعُمْقٌ. وهذا أمر مجمع عليه بين أئمة تونس. وقد نقل الشيخ ابراهيم المارغني في كتاب “طالع البشرى على العقيدة الصغرى الاجماع على ذلك. فقد قال رحمه الله في الصحيفة 63 ما نصه:”… ويسمى الاعتقاد الفاسد كاعتقاد قدم العالم أو تعدد الاله أو أن الله تعالى جسم، وصاحب هذا الاعتقاد مجمع على كفره”. انتهى

و هذا الكتاب كان مقررا من طرف المشيخة الزيتونية لطلبة العلوم الشرعية وهو متحصل على اجازة النظارة العلمية بجامع الزيتونة من الشيخ أحمد بيرم و الشيخ محمد الطاهر بن عاشور و الشيخ محمد رضوان و الشيخ محمد الصادق النيفر.

و جاء في الصحيفة 5 من الرسالة القشيرية أن أبا القاسم عبد الكريم بن هوازن القشيري المتوفى سنة 469 هـجري قال : “سمعت أبا بكر بن فورك رحمه الله يقول سمعت أبا عثمان المغربي يقول: “كنت أعتقد شيئًا من حديث الجهة فلما قدمت بغداد زال ذلك عن قلبي، فكتبت إلى أصحابنا بمكة إني أسلمت إسلاما جديدًا” انتهـى

و أبو عثمان سعيد بن سلام قال عنه الذهبي في السير: ” الإمام القدوة ، شيخ الصوفية أبو عثمان ، سعيد بن سلام المغربي القيرواني ، نزيل نيسابور “. انتهى
وقال الخطيب في تاريخه: ” قال سعيد بن سالم العارف أبو عثمان الزاهد ولادته بالقيروان في قرية يقال لها كركنت”. انتهى
توفي رحمه الله سنة 373 هجري. وكان قد أوصى بأن يصلّي عليه الإمام أبو بكر بن فورك.
و قوله “أسلمت إسلاما جديدا” دليل على أنّه تشهّد بعد أن زال عنه اعتقاد الجهة و تشهّده دليل على أنّ من اعتقد الجهة ليس بمسلم و أنّه اعتقاد كفريّ و ردّة يجب الخلاص منها بالعود فورا للإسلام بالشّهادتين، و مما يثبت ذلك قول السّبكي في الطّبقات:” قال فرجع كل من كان تابعه عن ذلك”. انتهى

وهذا أبو عمران الفاسي المتوفى سنة 430 هجري بالقيروان كان رحمه الله على اكفار المجسم, فقد ذكر القاضي عياض في ترتيب المدارك 7/249ـ250 أنه جرت بالقيروان مسألة في الكفار، هل يعرفون الله أو لا؟ فوقع فيها تنازع عظيم بين العلماء فأجاب عنها أبو عمران الفاسي فكان من جملة جوابه:” كذلك الكافر، إذا قال لمعبوده صاحبة، وولداً، وأنه جسم، وقصد بعبادته مَن هذه صفته. فلم يعرف الله، ولم يصفه بصفاته. ولم يقصد بالعبادة إلا مَن هذه صفته، وهو بخلاف المؤمن الذي يقول إن معبوده: الله، الأحد، الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفؤاً أحد. فهذا قد عرف الله، ووصف بصفته. وقصد بعبادته من يستحق الربوبية سبحانه وتعالى عما يقول الظالمون، علواً كبيراً”. انتهى

و قال الامام مكي بن أبي طالب القيرواني المتوفى سنة 437 هـجري في تفسيره الجليل” الهداية” عند قوله تعالى ” يوم يكشف عن ساق و يدعون إلى السجود فلا يستطعون” سورة القلم الآية 42 ما نصه: قال أبو محمد – أي ابن أبي زيد القيرواني- : ” ليست صفات الله كصفات الخلق، كما أنه ليس كمثله شيء، فاحْذَرْ أن يتمثل في قلبك شيء من تشبيه الله بخلقه، [فغير] جائز في الحكمة والقدرة أن يكون المخلوق يشبه الخالق في شيء من الصفات، ومن شبه الخالق بالمخلوق فقد أوجب على الخالق الحدث، وكفر وأبطل التوحيد، إذ في ذلك نفي القدم عن الخالق، تعالى الله عما يقول الظالمون علواً كبيرً”. انتهى

و قال الإمام الفقيه العلامة أبو فارس عبد العزيز بن إبراهيم بن بزيزة التيمي القرشي التونسي المتوفى سنة 662 هجري في كتاب الإسعاد بتحرير مقاصد الإرشاد ردا على من توقف في نفي الجهة والمكان عن الله تعالى ما نصه: “وقد وهم في هذه المسألة ابن رشد المتأخر، وزعم أن الواجب أن لا يصرح فيها بنفي ولا إثبات. وهذا الذي قاله خطأ؛ لأن الشك في العقائد كفر محض. والدلائل القطعية قاطعة، والظواهر الشرعية متأولة. وله في كتابه الصغير الذي سماه “مناهج الأدلة” مواضع نبهنا عليها، وفيها غلط فاحش. انتهـى

و قال أبو علي عمر بن محمد بن خليل السّكوني المالكي نزيل تونس المتوفى سنة 717هـ في كتابه “لحن العامة والخاصّة في المعتقدات” ما نصه: “وليحترز أيضًا من كلام ابن أعلى الرومي، ومن كلام ابن سينا أنصف الله منه الإسلام والمسلمين على ما أحدثه في الدين، ومن كلام الملحدين الظالمين القائلين بالاتحاد أو بالحلول أو بالتشبيه أو بالتجسيم، تعالى الله عن أقوالهم رب العالمين”. انتهى
فهذا نص صريح من عالم من أكابر علماء تونس في إكفار المجسمة، بل إنه قال عنهم ملاحدة.

وقال في كتابه ” عيون المناظرات ” ما نصه : “من قال بالإتحاد قـُتل كفراً لأن الخالق ليس هو المخلوق والقديم ليس الحادث ضرورة استحالة اجتماع النقيضين وقد قال تعالى ” لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح بن مريم ” وكذلك من ظهر في كلامه شىء من القول بالحلول أو التجسيم أو نفي التفرقة بين القديم والحادث فكل هذا إلحاد وتعطيل”. انتهى.

وقال أيضا رحمه الله : “من شبَّه أو مثَّل أو كيَّف أو صوَّر فما استقبل ربه بعبادته يوماً قط”. انتهى

و قال العلامة أبو عبد الله أحمد بن عرفة الورغمي المالكي المتوفى سنة 803 هجري في تفسير قوله تعالى “ثم ازدادوا كفرا” – سورة آل عمران- ما نصه: “فكفروا أولا بعدم التوحيد ثم ازدادوا بادعاء التجسيم”. انتهى.

ووصف الله بالجسمية ليس بالأمر الهين عند ابن عرفة. فقد جاء في شرح قول الله تعالى: “وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلاً جَسَداً” – الأعراف الآية 148 – ما نصه: ” قيل لابن عرَفة: ما أفاد وصف العجل بكونه “جَسَداً”؟ فقال: أفاد التنكيت عليهم في أنهم عبدوا من لا يستحق المعبودية؛ لأنّ الإله منزَّه عن الوَصْفِ بالجِسْمِيَّة والتَّحَيُّزِ. انتهى
فيفهم من كلامه أن وصف الله بالجسمية لا يكون عابدا له

و قال ابن خلدون المتوفى سنة 808 هجري في كتابه المقدمة : “وأما المجسمة ففعلوا مثل ذلك في إثبات الجسمية، وأنها لا كالأجسام. ولفظ الجسم لم يثبت في منقول الشرعيات. وإنما جرأهم عليه إثبات هذه الظواهر، فلم يقتصروا عليه، بل توغلوا وأثبتوا الجسمية، يزعمون فيها مثل ذلك وينزهونه بقول متناقض سفساف، وهو قولهم: جسم لا كالأجسام. والجسم في لغة العرب هو العميق المحدود وغير هذا التفسير من أنه القائم بالذات أو المركب من الجواهر وغير ذلك، فاصطلاحات للمتكلمين يريدون بها غير المدلول اللغوي. فلهذا كان المجسمة أوغل في البدعة بل والكفر. حيث أثبتوا لله وصفاً موهماً يوهم النقص لم يرد في كلامه، ولا كلام نبيه”. انتهى

و قال أبو القاسم البرزلي المتوفى سنة 841 هجري في نوازله في المجلد السادس ما نصه: “اذا تقرر هذا فقائل هذه المقالة التي ذكرت – التي هي القول بالجهة فوق- إن كان يعتقد الحلول أو الاستقرار أو الظرفية و التحيز فهو كافر يسلك به مسلك المرتدين إن كان مظهرا لذلك”. انتهى

و قال أيضا في المجلد السادس صحيفة 271 ما نصه: ” و كذا من اعترف بالألوهية و الوحدانية لكنه اعتقد أنه غير حي أو غير قديم أو محدث أو مُصور أو له ولد أو صاحبة أو متولد من شئ أو كائن عنه أو أن معه في الأزل شيئا قديما غيره أو أن ثم صانع للعالم سواه غيره أو مدبرا غيره. فهذا كفر باجماع المسلمين كقول الفلاسفة و المنجمين و الطبائعيين. و كذا من ادعى مجالسة الله و العروج إليه”. انتهى

و قال العلامة أبو اسحاق ابراهيم السرقسطي – كان حيا قبل سنة 1088 هجري – في شرحه على العقيدة الصغرى للإمام السنوسي – مخطوط بالمكتبة الوطنية التونسية رقم 2994 – ما نصه: “و أيضا لو كان في جهة لم يخل إما أن يكون متحركا أو ساكنا وكلها تفتقر إلى المخصص و ذلك يؤدي إلى حدوث الإله. ولم يقل أحد بالجهة من الملاحدة الفلاسفة إلا شرذمة قليلة من المجسمة و الحشوية”. انتهى
وكلامه صريح في اكفار القائلين بالجهة بل جعلهم من الملاحدة.

وقال رحمه الله في هداية المسترشدين في بيان فرق المسلمين ما نصه: ” و أما المجسمة و يقال لهم المفترية أيضا فهي فرقة تخيلوا أن موجد العالم لا داخلا فيه و لا خارجا عنه مستحيل فصاروا إلى القول بالتجسيم في حق البارئ سبحانه و تعالى عن قول المغضوب عليهم علوا كبيرا,و ربما تمسكوا بألفاظ لم يحيطوا بمعانيها في اللغة من ذكر “يد” أو “ساق” أو “وجه” أو “جنب” أو “عين” و تركوا العلم بحدوث العالم من جهة الاستدلال و اكتفوا بمجرد القول بأن العالم محل الله تعالى, و لم يتأملوا دلائل الافتقار في العالم باسره. فورثهم ذلك الحمل على الظاهر: في الجسمية و المكان و الجهة. و لو تأملوا دلائل الافتقار في العالم لعلموا أن المُتصف بهذه الصفات جزء من أفراد العالم, يجب حدوثه و عجزه كسائر العالم .”و كذلك نجزي من أسرف و لم يؤمن بآيات ربه”. و من اعتقادهم الفاسد أيضا قولهم من ظلم نفسه من آل علي رضي الله عنه لم يحاسب و ان أشرك. فانظر الى اختلال عقول هؤلاء الكفرة الفجرة. و بالجملة فاعتقاد الكرامية و الحشوية و المجسمة تأليف من ضلالات ثلاثة: من تهود و تنصر و اعتزال. فهم مع اليهود في اعتقاد الجسم في حق الله تعالى و مع النصارى في اعتقاد حلول الكلام في الاجسام و أنه لا يفارق مع ذلك الاله و مع المعتزلة في اعتقاد أن كلام الله حروف و أصوات. و سموا هؤلاء الكفرة بالمجسمة لقولهم بالتجسيم”. انتهى
وهذه الرسالة صدرها رحمه الله بتعريف دقيق لأهل السنة و الجماعة وأبرز قواعدهم ثم ذكر فيها تعريفا لسائر الفرق من أهل الأهواء.

و قال الشيخ اسماعيل التميمي التونسي المتوفى سنة 1248 هجري في كتابه المنح الإلهية في طمس الضلالة الوهابية ما نصه: ” فهذه نبذة من ترجمة ابن تيمية الذي عولت الوهابية عليه و اسندت أمر دينها إليه و لم يرض الناس منه بهذا القدر حتى جاء هؤلاء فزادوا عليه و اقتفوا أثر الخوارج و ضلوا عن أوضح المناهج و يحكى عنهم أنهم اتبعوه في القول بالتجسيم و حملوا على ذلك ظواهر القرآن الكريم تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا و لم يهتدوا إلى ما يرشدهم من العقل و السمع…. وكانوا أجدر باللحوق بأهل الأصنام لأنهم إذا اعتقدوا أن معبودهم جسم فلم يعبدوا الله و لا عرفوا منه إلا الاسم و لا يبعد صدق هذا الخبر عنهم لأنهم متبعون لابن تيمية فكل ما صح عنه لا يشك في انتحالهم إياه فإنهم من نهره يكرعون ووزرهم في صحيفته ولا تغتر بما نقل عنه من التوبة فإن صاحب البدعة كادت توبته أن تكون مستحيلة”. انتهى

و قال الشيخ محمد مختار السلامي مفتي تونس السابق في تقريظه لكتاب ” كفى تفريقا للأمة باسم السلف” لعمر عبد الله كامل ما نصه: “الحمد لله الواحد الأحد, الفرد الصمد,تعالى أن يحصره زمان,أو يحده مكان, أو أن يلامسه شئ من مخلوقاته فيحويه, أو أن يكون له شبيه أو ند, أو مثال. أشرك به من أجرى عليه أوصاف المخلوقات الفانية من الصعود و النزول, والتحول و الجهة والحلول, ” وهو الله في السماوات و في الأرض يعلم سركم و جهركم و يعلم ما تكسبون” انتهى

هذا وقد قرظ مفتي تونس الأسبق الشيخ كمال الدين جعيّط رحمه الله كتاب “المقالات السنيّة في كشف ضلالات أحمد بن تيمية” الذي ألفه الشيخ الأصولي عبد اللّه الهررى في بيان مقالات ابن تيمية الكفرية كنسبة الجهة و الجسمية لله عز و جل.

وجاء أيضا في كتاب “الجواهر الحنيفية من التوحيد و فقه المالكية” للشيخ الزيتوني عبد المجيد البراري في الصحيفة 25 تحت عنوان “الخاتمة عقيدة الإمام السيوطي” ما نصه: ” والفسق لا يزيل الإيمان ولا البدعة إلا التجسيم وإنكار علم الجزئيات”. انتهى

فاعلم يا طالب الحق أن هذا التفصيل هو ما عليه أئمة جامع الزيتونة قديما وحديثا، وهو الذي يفهم من كلام خاتمة المحققين الشيخ الإمام محمد الطاهر بن عاشور حيث قال في تفسيره التحرير والتنوير، الجزء 6 صحيفة 9 متكلما عن بعض الكفار ما نصه: “إنّهم لمَّا كفروا بمحمد صلى الله عليه وسلم فقد كفروا بما جاء به من توحيد الله وتنزيهه عن مماثلة الحوادث، فقد كفروا بإلهيته الحقّة، إذ منهم من جسّم، ومنهم من ثلّث”. انتهى.

فما يزعمه بعض المغرورين أن ترك تكفير المجسم هو المقرر عند علماء تونس وفي جامع الزيتونة فلا دليل عليه بل هو محض افتراء. فلا يغرنك تساهل وتخبط بعض أدعياء هذا العصر ممن ينتسب لأهل العلم من أصحاب اللفات والعمائم في مقالاتهم وكتاباتهم ومحاضراتهم ومؤلفاتهم سواء حبا في المال أو حبا في المناصب أو حبا في كثرة الأنصار.

*******

الاجماع على كفر المجسم و الجهوي

بسم الله الرحمن الرحيم

1- قال الإمام أبو جعفر الطّحاوي: “و من وصف الله بمعنى من معاني البشر فقد كفر”.انتهـى.
وقد ذكر الطحاوي في أول المتن أن ما سيذكره هو عقيدة أهل السنة و الجماعة. و لا شكّ أن الجسميّة و الجهة من صفات البشر عند أصحاب العقول السوية.

2- قال الحافظ ولي الدين العراقي ابن شيخ الحفاظ زين الدين العراقي في أماليه ما نصه:”اتفق السلف والخلف أن من اعتقد أن الله في جهة فهو كافر”. انتهـى

3- قال حجة الإسلام والإمام الكبير الشيخ أبو حامد الغزالي في رسالته “إلجام العوام عن علم الكلام” ما نصه : “فإن خطر بباله أن الله جسم مركب من أعضائه فهو عابد صنم فإن كل جسم فهو مخلوق، وعبادة المخلوق كفر، وعبادة الصنم كانت كفرًا لأنه مخلوق، وكان مخلوقًا لأنه جسم فمن عبد جسمًا فهو كافر بإجماع الأمة السلف منهم والخلف. انتهـى

4- قال الإمام السبكي: قال أبو نعيم بن حمّاد شيخ البخاري: من شبه الله بخلقه كفر، وإجماع الأمة المحمدية على ذلك. انتهى

5- قال الملاّ علي القاري الحنفي في كتابه “شرح المشكاة” ما نصه: قال جمع من السلف والخلف إن معتقِد الجهة (أي في حق الله) كافر كما صرح به العراقيّ وقال إنه قول أبي حنيفة ومالك والشافعي والأشعري والباقلاني. انتهـى
ـوقال: قال النووي في شرح مسلم في هذا الحديث (حديث النزول) وشبهه من أحاديث الصفات وآياتها، مذهبان مشهوران فمذهب جمهور السلف وبعض المتكلمين الإيمان بحقيقتها على ما يليق به تعالى وأن ظاهرها المتعارف في حقنا غير مراد ولا نتكلم في تأويلها مع اعتقادنا تنزيه الله سبحانه عن سائر سمات الحدوث، والثاني مذهب أكثر المتكلمين وجماعة من السلف وهو محكي عن مالك والأوزاعي إنما يتأول على ما يليق بها بحسب مواطنها، فعليه الخبر مؤول بتأويلين أي المذكورين وبكلامه وبكلام الشيخ الرباني أبي إسحاق الشيرازي وإمام الحرمين والغزالي وغيرهم من أئمتنا وغيرهم، يعلم أن المذهبين متفقان على صرف تلك الظواهر كالمجيء والصورة والشخص والرجل والقدم واليد والوجه والغضب والرحمة والاستواء على العرش والكون في السماء وغير ذلك مما يفهمه ظاهرها لما يلزم عليه من محالات قطعية البطلان، تستلزم أشياء يحكم بكفرها بالإجماع، فاضطر ذلك جميع الخلف والسلف إلى صرف اللفظ .انتهىوقال أيضا في “شرح الفقه الأكبر” صحيفة 355 ما نصه: “البدعة لا تزيل الإيمان والمعرفة” ثم استثنى منها فقال “إلا التجسيم وإنكار علم الله سبحانه بالجزئيات فإنه يكفر بهما بالإجماع من غير نزاع. انتهى

6- قال الإمام أبو منصور البغدادي في “تفسير الأسماء والصفات”: “وأما أصحابنا فإن شيخنا أبا الحسن الأشعري وأكثر الفقهاء والمتكلمين من أهل السنة والجماعة قالوا بتكفير كل مبتدع كانت بدعته كفرا أو أدته إلى كفر كقول من يزعم أن معبوده صورة أو له حد أو نهاية، أو يجوز عليه الحركة والسكون أو أنه روح ينتقل في الأجساد، وأنه يجوز عليه الفناء أو على بعضه، أو قال أنه ذو أبعاض وأجزاء” اهـ.

7- قال الإمام تقي الدين الحصني الشافعي رحمه الله في كتابه “دفع شبه من شبّه وتمرّد ونسب ذلك إلى السيد الجليل الإمام أحمد” ما نصه: “الكيف من صفات الحدث وكل ما كان من صفات الحدث فالله عز وجل منزه عنه فإثباته له سبحانه كفر محقق عند جميع أهل السنة والجماعة” .إنتهـىوقال: في الصحيفة 88 ما نصه: ” من شبهه أو كيفه طغى و كفر. هذا مذهب أهل الحق و السنة, و إن دليلهم لجلي واضح, من شبهه أو مثل أو جسم فهو مع السامرة و اليهود و من حزبهم”. انتهى

8- قال القاضي عبد الوهاب البغدادي وهو من أصحاب الوجوه في المذهب المالكي في شرح عقيدة مالك الصغير:” ولأن ذلك يرجع إلى التنقل والتحول وإشغال الحيّز والافتقار إلى الأماكن وذلك يؤول إلى التجسيم وإلى قِدم الأجسام وهذا كفر عند كافة أهل الإسلام” انتهى

9- قال أبو المظفر الأسفراييني الشافعي في كتابه “التبصير في الدين” ما نصه: وأما الهشامية فإنهم أفصحوا عن التشبيه بما هو كفر محض بإتفاق جميع المسلمين. انتهى

10- قال الإمام الحافظ محمد زاهد الكوثري رحمه الله وهو يرد على كلام الدارمي المجسم: “فإذا معبود هذا الخاسر يقوم ويمشي ويتحرك، ولعل هذا الاعتقاد ورثه هذا السجزي من جيرانه عباد البقر، ومن اعتقد ذلك في إله العالمين يكون كافرًا باتفاق” انتهى

11- قال ابن المعلم القرشي في كتابه نجم المهتدي ورجم المعتدي : « وهذا مُنتَظمٌ مَن كفرُهُ مُجمَعٌ عَليهِ ومَن كفَّرناهُ مِن أهلِ القِبلةِ كالقائلينَ بِخَلقِ القُرءآنِ وَبأنَّهُ لايَعلَمُ المَعدوماتِ قَبلَ وُجودِها ومَن لايُؤمِنُ بالقَدرِ وكذا مَن يَعتقدُ أنَّ اللهَ جالسٌ على العَرشِ كما حَكاهُ القاضي حُسَينُ عن نَصِّ الشَّافِعيِّ”. انتهى

12- قال محدث العصر الأصولي الفقيه المفسر اللغوي الشيخ عبد الله الهرري في رسالته “التعاون على النهي عن المنكر” ما نصه: والمجسم كافر بإجماع الأئمة الأربعة وغيرهم لأن من جسم الله تعالى كذب قوله تعالى “لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ” سورة الشورى فإنه جعل لله أمثالا كثيرة لا تحصى.انتهى

13- ذكر أبو شامة المقدسي الدمشقي الشافعي شيخ الإمام النووي في “كتاب الذيل على الروضتين ” في الصحيفة 24 عند ذكر أخبار 595 هجري ما نصه: فكان ما اشتهر من احضار اعتقاد الحنابلة, و موافقة أولاد الفقيه النجم بن الحنبلي الجماعة, و اصرار عبد الغني المقدسي على لزوم ما ظهر من اعتقاده وهو الجهة, و الاستواء, والحرف, و اجماع العلماء على الفتيا بكفره, و أنه مبتدع لا يجوز أن يُترك بين المسلمين, ولا يحل لولي الأمر أن يمكنه من المقام معهم. انتهى

وقد نقل علماء بعض الأمصار الإجماع على كفر المجسمة كعلماء المغرب و تونس و مكة و بجاية ومصر و واسط وسوريا: فمن علماء المغرب الذين نقلوا الاجماع على كفر المجسمة :

14- القاضي عياض المالكي رحمه الله. فقد قال في كتابه “ترتيب المدارك” ما نصه:” فذلك كله كفر بإجماع المسلمين كقول الإلهيين من الفلاسفة والمنجمين والطبائعيين ؛ وكذلك من ادعى مجالسة الله والعروج إليه ومكالمته أو حلوله في أحد الأشخاص كقول بعض المتصوفة والباطنية النصارى والقرامطة’. انتهى
وقوله “من ادعى مجالسة الله والعروج إليه” هو تكفير لمن قال بلوازم الجسمية وان لم يصرح بان الله جسم.

15- قال الإمام العلّامة محمّد بن أحمد الفاسي المشهور بميّارة في كتابه مختصر الدّر الثّمين بتحقيق الاستاذ فوزي بن نيتشة التونسي من سلسلة إصدارات: الجمعية التونسية لاحياء التراث الزيتوني صحيفة 47 ما نصّه: ” وخرج بوصفه بالمطابق الجزم غير المطابق و يُسمّى الاعتقاد الفاسد و الجهل المركّب كاعتقاد الكافرين التّجسيم أو التّثليث أو نحو ذلك و الإجماع على كفر صاحبه أيضا، و أنّه آثم غير معذور مخلّد في النّار اجتهد أو قلّد.” انتهى

16- قال الشيخ محمد التاويل المغربي في كتابه اللباب في شرح تحفة اللباب صحيفة 24 ما نصه: وأما المبتدع المتفق على كفره كالمجسمة و أشباههم فإنه كغيره من الكفار, لا توارث بينه و بين المسلمين. انتهى

وكذلك علماء الجزائر عموما و بجاية خصوصا،قد نقلوا الاجماع على اكفار المجسمة:

17- قال الشيخ محمد العربي التبان في كتابه براءة الأشعريين عند قوله “الخامسة زعمه –أي ابن تيمة- : أن كل أحد بالله و بمكانه أعلم من الجهمية, تعالى و تقدس عن افكه هذا” ما نصه: و الأمة كلها ما عدا مشايخه المجسمة, تُنزه الله تبارك و تعالى عن الحد و المكان, و تقول: العجز عن ادراكه تعالى ادراك و الخوض في ذاته إشراك. انتهى

18- نقل فقهاء بجاية الاجماع على كفر المجسمة و اقرهم على ذلك الامام السنوسي. فقد جاء في كتاب المعيار المعرب للوانشريسي في المجلد الثاني الصحيفة 882 أن فقيه بجاية سيدي عبد الرحمن الواغليسي المالكيّ سئل عن شخص ينطق بكلمتي الشهادة و لا يعرف معناها وقد يعتقد أن الله جسم كبير و غير ذلك . فأجاب بقوله: ” فقد وصل إلي ما كتبتموه مما فهمتم من فتوى الشيخين أبي العباس بن إدريس وأبي العباس أحمد بن عيسى فيمن يقول لا إله إلا الله ولم يدر ما انطوت عليه أن فتوى سيدي أحمد بن إدريس نصها من قال لا إله إلا الله فهو مؤمن حقا، فمقتضى هذا الفهم من جواب الشيخ أن من نطق بالشهادة يجزئه نطقه وإن جهل معناه وما انطوت عليه الكلمة من مدلولها، فاعلم أن هذا الفهم عن الشيخ رحمه الله باطل لا يصح، فإنه يلزم منه أن من قال ذلك وهو معتقد في الإله تعالى شبه المخلوقات وصورة من صور الموجودات أن يكون مؤمنا حقا، وقد وجدنا من الجهلة من هو كذلك وكتب إلينا بذلك وأشباهه. ومن اعتقد ذلك فهو كافر بإجماع المسلمين. وقد نص أئمتنا على ذلك وعلى غيره مما هو كفر بإجماع، فلا يصح ذلك عن الشيخ أصلا ولا يصح أن يختلف في هذا أو شبهه. وفي هذا أجاب سيدي أحمد بن عيسى. وقد تحدثت أنا مع سيدي أحمد بن إدريس وذكرت له ما يقول صاحبنا فوافق عليه وقال هذا حق لا يقال غيره”. انتهى من المعيار المعرّب للونشريسيّ
وقد أشار الشيخ محمد الصالح الأَوْجَلي (كان حيا سنة 1092 هجري) في كتابه شرح سبك الجواهر في الصحيفة 91 إلى هذه الفتوى فقال ما نصه: “وقد سُئل فقهاء بجاية وغيرهم من الأئمة في أوائل القرن التاسع او قبله بيسير عن شخص ينطق بكلمتي الشهادة و يصلي و يصوم و يحج و يفعل كذا و كذا، لكن إنما يأتي بمجرد هذه الأقوال و الأفعال فقط على حسب ما يرى الناسَ يقولون و يفعلون، حتى انه ينطق بكلمتي الشهادة و لا يفهم لها معنى، ولا يدرك معنى الاله، و لا معنى الرسول، و بالجملة فلا يدري من كلمتي الشهادة ما أثبت و لا ما نفى، و ربما توهم ان الرسول عليه الصلاة و السلام نظير الاله لما يراه لازم الذكر معه في كلمتي الشهادة وفي كثير من المواضع، فهل ينتفع هذا الشخص بما صدر منه من صورة الفعل و القول و يصدق عليه حقيقة الإيمان فيما بينه و بين ربه؟ فأجابوا كلهم بان مثل هذا لا يُضرب له في الاسلام نصيب و ان صدر منه من صور أقوال الايمان و أفعاله ما وقع. قال الشيخ السنوسي رحمه الله: وهذا الذي أفتوا به في حق هذا الشخص و من كان في حالته جليٌّ في غاية الجلاء، لا يُمْكِنُ ان يختلف فيه اثنان. انتهى كلام الأوجلي

وكذلك علماء الزيتونة رحمهم الله بتونس المحروسة فإنهم على إكفار المجسم و الجهوي. ولقد نقل الإمام البرزلي و الشيخ المارغني الاجماع على كفر من قال بلوازم الجهة و الجسمية.

19- قال البرزلي في نوازله في المجلد السادس من نوازله صحيفة 271 ما نصه: ” و كذا من اعترف بالألوهية و الوحدانية لكنه اعتقد أنه غير حي أو غير قديم أو محدث أو مُصور أو له ولد أو صاحبة أو متولد من شئ أو كائن عنه أو أن معه في الأزل شيئا قديما غيره أو أن ثم صانع للعالم سواه غيره أو مدبرا غيره. فهذا كفر باجماع المسلمين كقول الفلاسفة و المنجمين و الطبائعيين. و كذا من ادعى مجالسة الله و العروج إليه”. انتهى

20- قال شيخ جامع الزَّيتونة إبراهيم المارغني التُّونُسيُّ في “طالع البُشرَى على العقيدة الصُّغرَى” ما نصُّه: ” وخرج – بالمطابق للواقع – الجزم الغير مطابق له ، ويُسمَّى الاعتقاد الفاسد، كاعتقاد قدم العالم أو تعدُّد الإله أو أنَّ الله تعالَى جسم، وصاحب هذا الاعتقاد مُجمع على كُفره”.انتهَى

وهذا الكتاب متحصل على اجازة النظارة العلمية بجامع الزيتونة من الشيوخ الجامع الأكبر الأفاضل وهم: الشيخ أحمد بيرم و الإمام الأكبر محمد الطاهر بن عاشور والشيخ محمد رضوان والشيخ محمد الصادق النيفر. هذا الكتاب مكتوب على غلافه أيضا “هذا الشرح كان مقررا من طرف المشيخة الزيتونية لطلبة العلوم الشرعية”.
فلا عبرة بعد ذلك بكلام من صار يتأول ما قاله الشيخ ابراهيم المارغني أو يحرف معناه، فهؤلاء ينبغي نبذ كلامهم نبذ الحذاء المرقع و يضرب بأقولهم حائط الحش. ويكفي أنهم خالفوا ما كان عليه مفتي تونس الأسبق الشيخ كمال الدين جعيّط رحمه الله. فقد استحسن في تقريظه لكتاب “المقالات السنيّة في كشف ضلالات أحمد بن تيمية” مقالات علماء الأمة في تكفير القائلين بالتجسيم و الجهة في حق الله و لم يعترض عليه.

ثم ان قول الشيخ المارغني: “مُجمع على كُفره” يعني لا خلاف في كونه كافرًا.
وهذا لمن يفهم من الجسم معناه وهو المؤلَّف المركَّب.
وأما قول بعض أدعياء العلم تعقيبا على كلام الشيخ المارغني بأن هذا من النصوص المطلقة التي تقيدها نصوص أخرى في غير هذا الكتاب، بمعتى ان الاجماع على كفر المجسم منحصر فقط في من قال عن الله جسم كالأجسْام”، او في من التزم لوازم مقالته الباطلة ولم يصرّح بنفيها.
بل زعم هؤلاء أن هذه القيود مشهورة في كثير من كتب أهل الفقه، وأنهم يفرّقون بين حكم القائل بأن الله جسمٌ كالأجسام، والقائل بأنه جسم لا كالأجسام، فيحكمون بابتداع الثاني وباكفار الأول.
والحق ان هذه القيود متعلقة في الأصل بمن تستر بالبلكفة، أو كان جاهلا بمعاني بعض الألفاظ التي يطلقها في حق الله، فهذا هو المختلف في كفره بين علماء أهل السنة.
وليعلم أن تنزيه الله عن مشابهة المخلوقات وأنه ليس كمثله شىء معلوم من الدين بالضرورة، بل هو من القطعيات الدينية لذلك اعتبر الكثير من العلماء أن الذي يثبت له تعالى صفة يجب تنزيهه عنها اجماعا، أو يثبت له لوازم الجسمية أيضا كاللون والاتصال والانفصال يكفر.

والشيخ المارغني متبع في ذلك لكلام من سبقه من علماء تونس في هذه المسألة، كالإمام المازِرِيُّ، فقد قال : “وَهَذَا كَقَوْلِ الْمُجَسِّمَةِ جِسْمٌ لَا كَالْأَجْسَامِ لَمَّا رَأَوْا أَهْلَ السُنَّةِ يَقُولُون: البارِئُ سُبحانَه وتَعالى شَىءٌ لَا كَالْأَشْيَاءِ، طَرَدُوا الِاسْتِعْمَالَ -أي قاسُوا هذه علَى تِلكَ فأجْرَوْها في الاسْتِعْمالِ- فَقَالُوا: جِسْمٌ لَا كالاجسام، ‎والفَرْقُ أنّ لَفْظَ شىءٍ لَا يُفِيدُ الْحُدُوثَ وَلا يَتَضَمَّنُ مَا يَقْتَضِيهِ، وَأَمَّا جِسْمٌ وَصُورَةٌ فَيَتَضَمَّنَانِ التَّأْلِيفَ وَالتَّرْكِيبَ وَذَلِكَ دَلِيلُ الحُدُوثِ” انتهى

فانظر لقوله “وذلك دليل الحدوث”، فالمجسِّم لا يعبد خالقا أزليا بل يعبد شيئا حادثا مخلوقا وإن ادعى أنه لا كالمخلوقين كما عبدَ أتباعُ السامري عِجلًا لا كالعجولِ ولم يفدهم أنه لا كالعجول شيئا في إنجاءهم من الحكم عليهم بالتكفير لكونهم عبدوا جسما .

21- وكذلك علماء واسط أجمعوا على اكفار المجسمة فقد جاء في شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة لأبي القاسم هبة الله ابن الحسن بن منصور الطبري تحت باب جماع توحيد الله عز وجل وصفاته وأسمائه, سياق ما روي في تكفير المشبهة ما نصه: “ذكره عبد الرحمن قال : ثنا إسماعيل بن أبي الحارث ، ثنا سويد بن سعيد ، قال : ثنا علي بن عاصم ، قال تكلم داود الجواربي في التشبيه فاجتمع فيها أهل واسط ، منهم محمد بن يزيد ، وخالد الطحان ، وهشيم ، وغيرهم ، فأتوا الأمير وأخبروه بمقالته ، فأجمعوا على سفك دمه. فمات في أيامه ، فلم يصل عليه علماء أهل واسط.” انتهى

وكذلك علماء مكة المكرمة مجمعون على اكفار المجسمة :

22- قال الإمام أحمد بن زيني دحلان في كتابه فتنة الوهابية: ” و كانوا – أي الوهابية- في ابتداء أمرهم أرسلوا جماعة من علمائهم ظنا منهم أنهم يفسدون عقائد علماء الحرمين و يدخلون عليهم الشبه بالكذب و المين، فلما وصلوا إلى الحرمين و ذكروا لعلماء الحرمين عقائدهم و ما تملكوا به رد عليهك علماء الحرمين و أقاموا عليهم الحجج و البراهين التي عجزوا عن دفعها، و تحقق لعلماء الحرمين جهلهم و ضلالهم و وجدوهم ضحكة و مسخرة، كحمر مستنفرة فرت من قسورة، و نظروا إلى عقائدهم فوجدوها مشتملة على كثير من المكفرات، فبعد أن أقاموا البرهان عليهم كتبوا عليهم حجة عند قاضي الشرع بمكة تتضمن الحكم بكفرهم بتلك العقائد ليشتهر بين الناس أمرهم .

وقد تناقل علماء مصر الاجماع أيضا على كفر معتقد الجسمية والجهة في حق الله:

23- ورد على علماء الأزهر الشريف سؤال يقول فيه السائل:ما قول السادة العلماء حفظهم الله تعالى فيمن يعتقد أن الله عز وجل له جهة وأنه جالس على العرش في مكان مخصوص؟فأجاب الشّيخ محمود بن محمّد بن أحمد خطّاب السّبكِيّ المصريّ على هذا السؤال فقال ما نصه:” اعتقادُ أنّ الله يتحيَّز في جهة أو مكان باطل ومعتقده كافر بإجماع من يُعتـدّ به من علماء المسلمين “انتهـى
وقد عرضت هذه الإجابة على جمع من أفاضل علماء الأزهر فأقروها وكتبوا عليها أسماءهم وهم أصحاب الفضيلة :الشيخ محمد النجدي شيخ السادة الشافعية، والشيخ محمد سبيع الذهبي شيخ السادة الحنابلة ، والشيخ محمد العزبي رزق المدرس بالقسم العالي ، والشيخ عبد الحميد عمار المدرس بالقسم العالي ، والشيخ علي النحراوي المدرس بالقسم العالي ، والشيخ دسوقي عبدالله العربي من هيئة كبار العلماء ، والشيخ علي محفوظ المدرس بقسم التخصص بالأزهر ، والشيخ إبراهيم عيارة الدلجموني المدرس بقسم التخصص بالأزهر ، والشيخ محمد عليان من كبار علماء الأزهر ، والشيخ أحمد مكي المدرس بقسم التخصص بالأزهر ، والشيخ محمد حسين حمدان.

وهذا شيخ معهد بلصفورة الأزهري، الشيخ أحمد علي بدر المالكي الأشعري المتوفى سنة 1366ھجري، له كتاب بعنوان “شمس الحقيقة والهداية في الرد على أهل الضلالة والغواية”، أورد فيه سؤالا رفعه هو لشيخ الازهر العلامة الشيخ سليم البشري يطلب منه بيانًا وافيًا يكشف حال بعض أدعياء السلفية وما يعتقدونه من تشبيه وتجسيم في حق الله تعالى. فجاء في رد شيخ الأزهر ما نصه : “من اعتقد أن الله جسم أو أنه مماس للسطح الأعلى من العرش وبه قال الكرّامية واليهود وهؤلاء لا نزاع في كفرهم”. انتهى

و قد نقل الشيخ المحدث عبد ربه بن سليمان القليوبي الأزهري شارح جامع الأصول في فيض الوهاب الإجماع على كفر من يعتقد ان الله تعالى موجود في السماء او يجلس على العرش. بل سبق أن أفتى علماء مصر باباحة دم أبو محمد عبد الغني المقدسي لكونه مجسما صرفا كما ذكر ذلك أبو شامة المقدسي الدمشقي الشافعي في كتابه تراجم رجال القرنين السادس و السابع المعروف بالذيل على الروضتين في الصحيفة 69 – طبعة دار الكتب العلمية بتحقيق ابراهيم شمس الدين- في حوادث سنة 600 هجري قال: “ثم سافر إلى مصر فنزل عند الطحانين و صار يقرأ الحديث, فأفتى فقهاء مصر باباحة دمه و كتب أهل مصر إلى الصفي بن شكر وزير العادل يقولون قد أفسد عقائد الناس و يذكر التجسيم على رؤوس الأشهاد”. انتهى

وخالف الإجماع الذي نقله علماء مصر البجيرمي في حاشيته على الخطيب ومفتي مصر السابق علي جمعة و البيجوري الذي قال في شرحه على جوهرة التوحيد في الصحيفة 96 ما نصه: “لكن المجسمة لا يكفرون إلا إن قالوا (عن الله) جسم كالأجسام. انتهى.
فتبين بذلك أنهم مخالفون لما قاله علماء الأزهر الشريف فلا يُعتد بهم فيما ينقلونه

وكذلك علماء سوريا:
24_ قال الشيخ عبد الكريم الرفاعي الحسيني في كتاب المعرفة في بيان عقيدة المسلمين – تقديم محمد سعيد رمضان البوطي – مل نصه: ومن اعتقد اعتقادا غير مطابق للواقع كاعتقاد النصارى بالتثليث والوثنية بالتجسيم وغير ذلك من المعتقدات الباطلة فهو كافر باجماع المسلمين”. انتهى
ومثله نقله الاستاذ محمد مفتوحين الإندونيسي في كتابه رأي الجماعة في بيان عقيدة السواد الأعظم من الأمة.
راجع الرابط التالي:
https://www.facebook.com/share/p/1F6JDPVFkB/
25- قال الشيخ علاء الدين البخاري الحنفي في كتابه ملجمة المجسمة صحيفة 61 – ما نصه: ” فإذن يكون القول بأن الله متمكن على العرش متحيز فيه و أنه في جهة الفوق قولا بأنه جسم لأن الجسمية من اللوازم العقلية للمتحيز و لذي الجهة و من قال بأن الله جسم فهو كافر إجماعا. و لهذا قال إمام الحرمين في الارشاد: “اثبات الجهة لله كفر صُراح”. انتهى

26 – قال الإِمَامُ صَفِيُّ الدِّيْنِ الهِنْدِيُّ المتوفى سنة 715 هـجري في كِتَابه نِهَايَة الوُصُوْلِ الجزء 8 صحيفة 3842 مَا نَصُّهُ: فَإِنَّ الأُمَّةَ مِنَ السَّلَفِ قَبْلَ ظُهُوْرِ الْمُخَالِفِ مُجْمِعَةٌ عَلَى ذَمِّ مَنْ كَفَرَ عَنْ نَظَرٍ وَاسْتِدْلَالٍ وَتَوْبِيْخِهِ كَالفَلَاسِفَةِ وَالْمُجَسِّمَةِ. انتهـى

27- قال أبو الفرج عبد الرحمن بن الجوزي الحنبلي في دفع شبه التشبيه: “قال ابن حامد (المجسم): يجب الإيمان بما ورد من المماسة والقرب من الحق لنبيه في إقعاده على العرش. قال: وقال ابن عمر:
“وإن له عندنا لزلفى”. قال: ذكر الله الدنو منه حتى يمس بعضه. قلت: وهذا كذب على ابن عمر ومن ذكر تبعيض الذات كفر بالإجماع. انتهى

28- ذكر أبو البقاء الكفوي الحنفي في كلياته ما نصه: “وقد اتفق الأئمة على اكفار المجسمة المصرحين بكونه جسما وتضليل المستترين بالبلكفة”. انتهى

وهذا نص صريح في نقل الاجماع على كفر المجسمة وتحرير نقطة الخلاف في الذين اختلف في تكفيرهم، وهم فقط المتسترون بالبلكفة، اي الذين يطلقون على الله جسم ولا يفهمون معنى الجسمية، يظنون مثلا أن معناه القائم بذات.

29- جاء في كتاب توضيح الأفكار لمعاني تنقيح الأنظار لمحمد بن اسماعيل الأمير الصنعاني المتوفى سنة 1182 هجري، – بعد أن نقل كلام جمال الدين الأسنوي الشافعي في كفر المجسمة- ما نصه: ” فأنت ترى أن ظاهر كلامه يدل على أن الأصوليين بعد اتفاقهم على تكفير المبتدع بالتجسيم مثلا، مختلفون في قبول روايته”. انتهى

30- نقل الشيخ أبو بكر بن محمد المَلا الأحسائي الحنفي المتوفى سنة 1270 ھجري اتفاق أهل السنة في تكفير من قال ان الله جسم لا كالأجسام، فقال في كتابه “مسلك الثقات في نصوص الصفات” ما نصه : ” إن كلمة أهل الحق من أهل السنة والجماعة، متفقة على أن الله سبحانه وتعالى منزه عن الجسمية ولواحِقِها، فلا يقال: إنه جسم لا كالأجسام، لاستحالة ذلك عليه تعالى عقلًا ونقلًا، وكفّروا القائل بذلك، وكذا كلمتهم متفقة على أنه تعالى لا يتمكن بمكان، ولا يمر عليه زمان، ولا يتصف بالفوقية المكانية، ولا بالتحتية، ولا بالقُرب، ولا بالبُعد بالمكان، ولا يُقال : إنه في جهة من الجهات، لا جهة فوق ولا غيرها “. انتهى

31- جاء في كتاب “إتحاف الكائنات” فتوى للشيخ عبد المجيد اللبان المتوفى سنة 1361 ھجري – شغل منصب أول عميد لكلية أصول الدين في الأزهر الشريف وعضو هيئة كبار العلماء- نصها : ” من اعتقد أنه تعالى مشابه لشيء من الحوادث بوجه من وجوه المُشَابهة كالحلول أو الجِسْميَّة على الوجه الذي هو معروف في الحوادث فهو كافر باجماع المسلمين “. انتهى

والاجماع على اكفار المجسمة قد نقله أيضا المدعو حسن بن علي السقاف – وهو منتقد بين أهل العلم – فقد قال في كتابه التّنديد بمن عدد التّوحيد: وقد قال الامام الحافظ القرطبي في كتابه ” التذكار في شأن المجسمه ص 208 :”والصحيح القول بتكفيرهم إذ لا فرق بينهم وبين عباد الاصنام والصور”. انتهى. وكذلك قال الامام النووي رحمه الله تعالى في ” المجموع ” شرح المهذب (4/253). بل أجمعت الامة على تكفير المجسمة كما هو معلوم. انتهى

فلتكن يا طالب الحق على يقين أن المجسم كافر بإجماع كالجبال وأهل السنة لا خلاف بينهم أن إطلاق لفظ الجسم على الله تعالى باختيار من قائله أي من غير إكراه مع العلم بما فيه من النقص, استخفاف و كفر بالله. وما أجمع عليه سلف الأمة وخلفها لا يجوز أن يخالف به أحد ممن جاء بعدهم، وهذا معلوم مفهوم لأن الاجماع حجة كما ﻗﺎل العز بن عبد السلام في كتابه ﺗﻔﺴير اﻟﻘﺮآن اﻟﻌظيم جزء 2 صحيفة 567 – ﺗﺤﻘيق اﻟﺸﺎﻣسي ونص عبارته: “ﻗﻮله صلى الله عليه وسلم: “وإنﱠ ﻣﻦ أﻣﺘﻲ ﻗﻮﻣًﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺤﻖﱢ ﺣﺘﻰ ينزلَ عيسى” . فيها دليل ﻋﻠﻰ أن إﺟﻤﺎع ﻛﻞ ﻋﺼﺮ ﺣﺠﺔ” انتهى

وحتى الامام العز بن عبد السلام نفسه لم يخالف هذا الاجماع فقد قال في كتابه مقاصد الصلاة صحيفة 21 ما نصه: اﻟﺜﺎﻧﻲ: اﻹﺷﺮاك ﺑﺎﻟﺘﺸبيه: وﻧفيه ﺑﺎﻻﻋﺘﺮاف ﺑﺄن ” ليس كمثله شئ وهو السميع العليم” ، ﻓﺘﺒﺮأ ﺑﺬﻟﻚ ﻣﻦ اﻟﺤﺸﻮية وأﺿﺮاﺑهم. انتهى