تكليم الله لبعض خلقه وسماعهم لكلامه
مما لا خلاف فيه عند المسلمين أن الله عز وجل كلم ملائكته بكلامه الأزلي، بدليل قوله تعالى: “وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها “.
وكلام الله النفسي القائم بذاته يصح سماعه، عند الإمام الأشعري وجمهور الأشاعرة.
قال الإمام الفخر الرازي في تفسيره: ” اختلفوا في أن من كلمه الله فالمسموع هو الكلام القديم الأزلي، الذي ليس بحرف ولا صوت أم غيره ؟ فقال الأشعري وأتباعه: المسموع هو ذلك فإنه لما لم يمتنع رؤية ما ليس بمكيف، فكذا لا يستبعد سماع ما ليس بمكيف”. انتهى
فجمهور الأشاعرة قالوا أن تكليم الله لموسى هو بأن خلق له إدراكاً من جهة السمع يتحصّل به العلم بكلام الله دون حروف ولا أصوات . وبعضهم عبر عن ذلك بالقول أن الله رفع الحجاب عن سمع موسى، فسمع موسى كلامه عز وجل بلا كيف، ومن غير حلول كلامه الأزلي في أذن موسى.
قال الشيخ محمد الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير : “وقد مثّله النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح عن أبي هريرة ” أنّ الله تعالى إذا قضى الأمر في السماء ضرَبَتْ الملائكة بأجنحتها خُضْعَاناً لقولِهِ كأنَّه سِلْسِلَة على صَفْوَانٍ فإذا فُزّع عن قلوبهم قالوا : ماذا قال ربّكم ، قالوا للّذي قالَ: « الحقّ وهو العليّ الكبير ” فعلى هذا القول لا يلزم أن يكون المسموع للرسول أو الملك حروفاً وأصواتاً بل هو علم يحصل له من جهة سمعه يتّصل بكلام الله ، وهو تعلّق من تعلّقات صفة الكلام النفسي بالمكلِّم فيما لا يَزال”. انتهى
وأما الإمام أبو منصور الماتريدي، فقد منع سماع كلام الله الأزلي وقال أن المسموع هو الحرف والصوت، بمعنى أن الله تعالى خلق صوتاً سمعه سيدنا موسى عليه السلام.
قال الحافظ ابن حجر في الفتح: ” وَيُحْكَى عَنْ أَبِي مَنْصُور الْمَاتُرِيدِيّ مِنْ الْحَنَفِيَّة نَحْوه لَكِنْ قَالَ: خَلَقَ صَوْتًا حِين نَادَاهُ فَأَسْمَعَهُ كَلامه”. انتهى
وقال السعد التفتازاني في شرح العقائد النسفية: ” وأما الكلام القديم الذي هو صفة الله تعالى فذهب الأشعري إلى أنه يجوز أن يُسْمَع ومنعه الأستاذ أبو إسحاق الإسفراييني وهو اختيار الشيخ أبي منصور رحمه الله، فمعنى قوله تعالى “حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ ” – التوبة: 6- يسمع ما يدل عليه، كما يقال سمعت علم فلان، فموسى عليه السلام سمع صوتاً دالاً على كلام الله تعالى، لكن لما كان بلا واسطة الكتاب والمَلَك خُصَّ باسم الكليم”. انتهى
وقال العطار في حاشيته على جمع الجوامع، لابن السبكي: ” واستحال أبو منصور الماتريدي سماع ما ليس بصوت فعنده؛ سمع سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام صوتاً دالاً على كلام الله تعالى تولى خلقه من غير كسب لأحد من خلقه ووافقه أبو إسحاق الإسفراييني”. انتهى
وقال الشرقاوي في حاشيته على شرح الهدهدي على أم البراهين، ما نصه: ” وذهب أبو منصور الماتريدي في أحد قوليه وأبو إسحاق الإسفراييني والرازي إلى أن كلامه تعالى الأزلي لا يسمع وإنما يسمع صوت يدل عليه يخلقه الله تعالى فموسى إنما سمع صوتاً ولفظاً”. انتهى
وهذا القول الثاني قد يدل عليه حديث لو سلم متنه وسنده من العلل.
وهذا كلام الشيخ جميل حليم الحسيني الرفاعي في كتابه البركان الجارف الذي صنفه لكشف ضلالات المجسم ابن ابي العز الحنفي شارح الطحاوية

وهذا نص كلام الشيخ عبد الله الهرري الحبشي :
7098. قال الشيخ: اللهُ تَعَالَى أَزَالَ المَانِعَ عَنْ مُوْسَى، فَسَمِعَ الكَلَامَ الأَزَلِيَّ وَهَذَا عِنْدَ بَعْضِ السَّلَفِ. وَعِنْدَ بَعْضِهِم (كَبَعْضِ المَاتُرِيْدِيَّةِ) سَمِعَ صَوْتًا مَخْلُوْقًا (عِبَارَة عَنْ كَلَامِ اللهِ) مِنَ الشَّجَرَةِ بِغَيْرِ وَاسِطَةٌ (أَيْ بِغَيْرِ وَاسِطَةِ مَلَكٍ أَوْ كِتَابٍ، كَمَا أَنَّ جِبْرِيْلَ سَمِعَ صَوْتًا مَخْلُوْقًا بِحُرُوْفِ القُرْءَانِ فَتَلَقَّى جِبْرِيْلُ القُرْءَانَ هَكَذَا ثُمَّ رَأَى مَا سَمِعَهُ مَكْتُوْبًا فِي اللَّوْحِ المَحْفُوْظِ، فَالحُرُوْفُ الَّتِي تَلَاهَا هَذَا الصَّوْتُ المَخْلُوْقُ هِيَ حُرُوْفُ القُرْءَانِ وَذَلِكَ عِبَارَةٌ عَنْ كَلَامِ اللهِ الأَزَلِيِّ أَيْ يَدُلُّ عَلَى كَلَامِ اللهِ الأَزَلِيِّ الَّذِي لَيْسَ حَرْفًا وَلَا صَوْتًا، هَلِ الصَّوْتُ عَرَضٌ؟ قال الشيخ: عَرَضٌ. قِيلَ لَهُ: كَيْفَ سَمِعَ جِبْرِيلُ صَوْتًا بِأَلْفَاظِ القُرْءَانِ؟ قال الشيخ: نَفْسُ الهَوَاءِ لَيْسَ عَرَضًا، جِبْرِيلُ لَمَّا سَمِعَ كَانَ حَصَلَ رِيْحٌ. وَكَذَلِكَ علَى قَوْلِ هَؤُلَاءِ المَاتُرِيْدِيَّةِ: مُوْسَى سَمِعَ كَلَامًا هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ كَلَامِ اللهِ الأَزَلِيِّ وَلَم يَسْمَعْ كَلَامَ اللهِ الذَّاتِيَّ الَّذِي لَيْسَ حَرْفًا وَلَا صَوْتًا). (فَإْنْ قِيْلَ: عَلَى أَيِّ شَىْءٍ حَمَلَ أُولَئِكَ المَاتُرِيْدِيَّةُ لَفْظَ “وَكَلَّمَ” فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَكَلَّمَ اللهُ مُوْسَى تَكْلِيْمًا﴾، وَهُوَ “كَلِيْمُ اللهِ”؟ قُلْنَا: كَحَمْلِهِمُ الآيَةَ: ﴿وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ﴾. فَإِنْ قِيْلَ: فَمَا المَزِيَّةُ الَّتِي لِمُوسَى وَقَد جَاءَ المَصْدَرُ مَؤُكِّدًا بِالتَّوْكِيْدِ “تَكْلِيْمًا”؟ قُلْنَا: المَزِيَّةُ عِنْدَ هَؤُلَاءِ المَاتُرِيْدِيَّةِ أَنَّ مُوْسَى سَمِعَ هَذَا الصَّوْتَ المَخْلُوْقَ الَّذِي هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ كَلَامِ اللهِ منْ غَيْرِ وَاسِطَةِ مَلَكٍ أَوْ كِتَابٍ، وَهَذَا مَعْنَى كَلَامِ شَيْخِنَا رَحِمَهُ اللهُ: “وَعِنْدَ بَعْضِهِم سَمِعَ صَوْتًا مَخْلُوْقًا مِنَ الشَّجَرَةِ بِغَيْرِ وَاسِطَة” اهـ).
راجع الرابط التالي:
https://www.facebook.com/share/p/1CPQwHdJFh/
وأما المجسمة المشبهة أفراخ الحشوية، فزعموا أن الله كلم موسى بحرف وصوت من فمه والعياذ بالله.
راجع الرابط التالي:
https://www.facebook.com/share/p/1AycCkhBfE/
رابط ذو علاقة:
رد بعض شبهات المجسمة حول كلام الله
https://www.facebook.com/share/p/1JWKJjZza4/
