التحذير من الاخلال بمعاني الشهادة الثانية

التحذير من الاخلال بمعاني الشهادة الثانية

معنى أشهد أن محمدا رسول الله: أعلم وأعتقد وأعترف أن محمدَ بنَ عبدِ اللهِ بنِ عبد المطلبِ بنِ هاشمِ بنِ عبدِ منافٍ القرشيَّ صلى الله عليه وسلم عبدُ اللهِ ورسولُهُ إلى جميعِ الخلْقِ. ويتبعُ ذلكَ اعتقادُ أنه وُلِدَ بمكةَ وبُعثَ بها وهاجرَ إلى المدينة ودُفنَ فيها. ويتضمن ذلك أنه صادق في جميع ما أخبر به وبلَّغهُ عن اللهِ فمن ذلكَ عذابُ القبرِ ونعيمُهُ، وسؤال الملكين مُنكرٍ ونكيرٍ، والبعثُ، والحشرُ والقيامةُ والحساب والثوابُ والعذابُ، والميزان، والنار والصراط والحوض، والشفاعة والجنة، والرؤية لله تعالى بالعين في الآخرة بلا كيف، لا كما يُرى المخلوق، والإيمان بملائكةِ الله ورسُلِهِ وكُتُبِهِ، وبالقدر خيره وشره.

فمما تقدم يُفهم أن من علم أن النبي قرشي، أو أنه ولد بمكة وبعث فيها، ثم أنكر ذلك فقد ناقض الشهادة الثانية فيحكم بكفره، أما ان خفي عليه ذلك وأنكره فهذا يُعلَّم.

فليُحذر مما يروج له بعض أدعياء البحث والتنوير، من الذين يزعمون أن النبي لم يكن في مكة، أو هو عراقي أو هو يمني وغير ذلك من المقالات الفاسدة.

قال النَّوويُّ في روضة الطَّالبين وعُمدة المُفتِين: “وَأَنَّهُ لَوْ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَسْوَدَ، أَوْ تُوُفِّيَ قَبْلَ أَنْ يَلْتَحِيَ، أَوْ قَالَ: لَيْسَ هُوَ بِقُرَشِيٍّ، فَهُوَ كُفْرٌ؛ لِأَنَّ وَصْفَهُ بِغَيْرِ صِفَتِهِ نَفْيٌ لَهُ وَتَكْذِيبٌ بِهِ”. انتهى.

وقال القاضي عياض في الشِّفا: “وَكَذَا نُكفِّرُ مَنْ اعْتَرَفَ مِن الأُصُولِ الصَّحيحة بمَا تقدَّم وبِنُبُوَّةِ نَبِيِّنَا عليه السَّلام وَلَكِنْ قَالَ: كَانَ أَسْوَدَ أَوْ: مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَلْتَحِيَ أَوْ: لَيْسَ الَّذي كَانَ بِمَكَّةَ وَالْحِجَازِ أَوْ: لَيْسَ بِقُرَشِيٍّ، لِأَنَّ وَصْفَهُ بِغَيْرِ صِفَاتِهِ الْمَعْلُومَةِ صَلَّى اللهُ علَيْه وسلَّمَ نَفْيٌ لَهُ وَتَكْذِيبٌ بِهِ”. انتهى.