ترجمة حماد بن سلمة
حماد بن سلمة هو عالم محدث، وثّقه الكثير من أئمة الحديث، لكنهم تكلموا في حفظه أيضا. فقد ذكر أهل الجرح والتعديل أنه يغلط كثيرا في غير ثابت البناني وحميد.
قال أحمد: «أثبتهم في ثابت، حماد بن سلمة»، وقال أيضاً: «حماد بن سلمة أعلم الناس بحديث حميد وأصح حديثاً» . انتهى
وأما في غير هؤلاء و أمثالهما فهو كثير الخطأ:
فقد أورد الذهبي في سير النبلاء، والحافظ ابن حجر في تهذيب التهذيب، في ترجمة علي بن عاصم أنَّ أحمد بن حنبل قال: “كان حماد بن سلمة يخطئ، وأومأ أحمد بيده خطأً كثيراً ولم نَرَ بالرواية عنه بأساً”. انتهى
أي في روايته عن ثابت وحميد.
بل كانت لحماد بن سلمة أوهام كما قال الذهبي في المغني: “ﺣﻤﺎﺩ ﺑﻦ ﺳﻠﻤﺔ ﺇﻣﺎﻡ ﺛِﻘَﺔ ﻟَﻪُ ﺃَﻭْﻫَﺎﻡ ﻭﻏﺮاﺋﺐ ﻭَﻏَﻴﺮﻩ اﺛْﺒﺖْ ﻣِﻨْﻪُ”. انتهى
وهذا أقره الالباني في الضعيفة، ونص عبارته: “إن حمادا له أوهام”. انتهى
وبعض العلماء يرمي حماد باضطراب الرواية، مثل يعقوب بن شيبة السدوسي، حيث قال : “وفي بعض روايته اضطراب”، وقال أيضا: “ثقة، في حديثه اضطراب شديد، إلا عن شيوخ فإنه حسن الحديث عنهم”. انتهى كما في شرح العلل لابن رجب، بل أقر ابن رجب باضطرابه في شيوخه الذين لم يكثر ملازمتهم كقتادة وأيوب.
وقد ضعفه ابن معين في مواضع من تاريخه، برواية ابن محرز، حيث قال ابن معين : “حماد بن سلمة ليس هو بشيئ”. انتهى
وقال عنه ابن عدي: منكر الحديث، فقد جاء في الكاشف للذهبي ما نصه : “قال ابن عدي حماد بن سلمة منكر الحديث”. انتهى
وكان حماد لا يرجع إلى قول أحد، فقد جاء في الجرح والتعديل ما نصه: “ﺳﻤﻌﺖ ﻋﻔﺎﻥ ﻗﺎﻝ ﻛﻨﺎ ﻋﻨﺪ ﺣﻤﺎﺩ ﺑﻦ ﺳﻠﻤﺔ ﻓﺄﺧﻄﺄ ﻓﻲ ﺣﺪﻳﺚ ﻭﻛﺎﻥ ﻻ ﻳﺮﺟﻊ ﺇﻟﻰ ﻗﻮﻝ ﺃﺣﺪ ﻓﻘﻴﻞ ﻟﻪ ﻗﺪ ﺧﻮﻟﻔﺖ ﻓﻴﻪ، ﻓﻘﺎﻝ ﻣﻦ؟ ﻗﺎﻟﻮا ﺣﻤﺎﺩ ﺑﻦ ﺯﻳﺪ، ﻓﻠﻢ ﻳﻠﺘﻔﺖ، ﻭﻗﺎﻟﻮا: ﻭﻫﻴﺐ، ﻓﻠﻢ ﻳﻠﺘﻔﺖ، ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻪ ﺇﻧﺴﺎﻥ ﺇﻥ ﺇﺳﻤﺎﻋﻴﻞ اﺑﻦ ﻋﻠﻴﺔ ﻳﺨﺎﻟﻔﻚ، ﻓﻘﺎﻡ ﻓﺪﺧﻞ ﺛﻢ ﺧﺮﺝ ﻓﻘﺎﻝ اﻟﻘﻮﻝ ﻣﺎ ﻗﺎﻝ ﺇﺳﻤﺎﻋﻴﻞ ﺑﻦ ﺇﺑﺮاﻫﻴﻢ”. انتهى
وكان حماد يسند ما لا يسنده غيره، فقد جاء في تهذيب الكمال ما نصه: “ﺣَﺪَّﺛَﻨَﺎ ﺣﻨﺒﻞ، ﻗﺎﻝ: ﺳﻤﻌﺖ ﺃﺑﺎ ﻋَﺒﺪ اﻟﻠَّﻪِ ﻳﻘﻮﻝ: ﻳﺴﻨﺪ ﺣﻤﺎﺩ ﺑﻦ ﺳﻠﻤﺔ ﻋﻦ ﺃﻳﻮﺏ ﺃﺣﺎﺩﻳﺚ ﻻ ﻳﺴﻨﺪﻫﺎ اﻟﻨﺎﺱ ﻋﻨﻪ”. انتهى
ولأجل كل ما تقدم، قال الذهبي عنه في السير: فالاحتياط أن لا يُحتج به فيما يخالف الثقات “. انتهى
بل إن حماد قد تكلم غير واحد من العلماء عن تغير حفظه، فقد ذكر الذهبي في السير أن أبا عبد الله الحاكم قال : “قد قيل في سوء حفظ حماد بن سلمة وجمعه بين جماعة في الإسناد بلفظ واحد”. انتهى
وقال الحافظ ابن حجر في تقريب التهذيب: “ثقه عابد أثبت الناس في ثابت وتغير حفظه بأخرة”. انتهى
وما ذكره الحافظ ابن حجر، احتج به مقبل الوداعي في تعليقه على “التتبع” عند الكلام عن حديث مسلم في تفسير الزيادة في قوله تعالى “للذين احسنوا الحسنى وزيادة” حيث قال: ” وبعد فالذي يظهر لي هو ترجيح رواية الجماعة وإن كان حماد بن سلمة أثبت الناس في ثابت فإنه تغير حفظه بآخره كما في ” تقريب التهذيب ” والخطأ إلى الواحد أقرب منه إلى الجماعة. انتهى
و قال الزيلعي في نصب الراية:”… وحماد بن سلمة ساء حفظه في آخر عمره، فالحفاظ لا يحتجون بما يخالف فيه، ويتجنبون ما ينفرد به، وخاصة عن قيس بن سعد، وأمثاله “. انتهى
وقال الحافظ البيهقي في الخلافيات: ” ﻓَﺄَﻣﺎ ﺣﻤﺎﺩ ﺑﻦ ﺳﻠﻤﺔ ﻓَﺈِﻧَّﻪُ ﺃﺣﺪ ﺃَﺋِﻤَّﺔ اﻟْﻤُﺴﻠﻤﻴﻦ….. ﺇِﻻَّ ﺃَﻧﻪ ﻟﻤﺎ ﻃﻌﻦ ﻓِﻲ اﻟﺴﻦ ﺳَﺎءَ ﺣﻔﻈﻪ ﻭَﻟﺬَﻟِﻚ ﺗﺮﻙ اﻟﺒُﺨَﺎﺭِﻱّ اﻻِﺣْﺘِﺠَﺎﺝ ﺑﺤَﺪﻳﺜﻪ، ﻭَﺃﻣﺎ ﻣُﺴﻠﻢ ﻓَﺈِﻧَّﻪُ اﺟْﺘﻬﺪ ﻓِﻲ ﺃﻣﺮﻩ ﻭَﺃﺧﺮﺝ ﻣﻦ ﺣَﺪِﻳﺜﻪ ﻋَﻦ ﺛَﺎﺑﺖ ﻣَﺎ ﺳﻤﻊ ﻣِﻨْﻪُ ﻗﺒﻞ ﺗﻐﻴﺮﻩ….. وأخرجه ﻓِﻲ اﻟﺸﻮاﻫﺪ ﺩﻭﻥ اﻻِﺣْﺘِﺠَﺎﺝ ﺑِﻪِ ﻭَﺇِﺫا ﻛَﺎﻥَ اﻷَْﻣﺮ ﻋﻠﻰ ﻫَﺬَا ﻓﺎﻻﺣﺘﻴﺎﻁ ﻟﻤﻦ ﺭاﻗﺐ اﻟﻠﻪ ﺗَﻌَﺎﻟَﻰ ﺃَﻥ ﻻَ ﻳﺤْﺘَﺞ ﺑِﻤَﺎ ﻳﺠﺪ ﻣﻦ ﺃَﺣَﺎﺩِﻳﺜﻪ ﻣُﺨَﺎﻟﻔﺎ ﻷﺣﺎﺩﻳﺚ اﻟﺜِّﻘَﺎﺕ”. انتهى
فما ذكره البيهقي وافقه عليه الذهبي، فالأولى أن لا يُحتج به فيما يخالف الثقات في أحاديث الصفات و غيرها.
فبعدما تقدم لا يُلتفت لكلام من هو دون هؤلاء الحفاظ مرتبة وعلما، من ذلك ما قاله المعلمي في تنكيله: “البيهقي أرعبته شقاشق أستاذه ابن فورك المتجهم، الذي حذا حذو ابن الثلجي في كتابه الذي صنفه في تحريف الصفات والطعن فيها”. انتهى
وهل يُساوى المعلمي بالحافظ البيهقي والإمام ابن فورك وغيرهما من الأئمة؟ بل ان كلام البيهقي احتج به أسياد المعلمي نفسه، فقد قال ابن القيم في أعلام الموقعين
عن حماد بن سلمة:” … قال البيهقي: إلا أنه لما طعن في السن ساء حفظه فلذلك ترك البخاري الاحتجاج بحديثه، وأما مسلم فاجتهد في أمره وأخرج من حديثه عن ثابت ما سمع منه قبل تغيره، وما سوى حديثه عن ثابت لا يبلغ أكثر من اثني عشر حديثا أخرجها في الشواهد دون الاحتجاج به. وإذا كان الأمر كذلك فالاحتياط لمن راقب الله عز وجل أن لا يحتج بما يجد من حديثه مخالفا لأحاديث الثقات الأثبات وهذا الحديث من جملتها “. انتهى
وقال صاحب “عون المعبود”: ” … قال البيهقي: والحديث إذا تفرد به حماد بن سلمة لم يشك فيه ثم يخالفه فيه من هو أحفظ منه وجب التوقف فيه … “. انتهى
بل ان حماد ابن سلمة اتهمه بعضهم برواية المناكير:
-قال ابن سعد في الطبقات الكبرى : “وربما حدَّث بالحديث المنكر”. انتهى
-قال الذهبي في الميزان: ” فهذا من أنكر ما أتى به حماد، قال: وهذه الرؤية رؤية منام إن صحت”. انتهى
قال الكوثري في التأنيب: “وهو راوي تلك الطامات في الصفات منها رؤية الله في صورة شاب ومثله يجب أن يسكت عن الأئمة حتى يسكت الناس عن تخليطه”. انتهى
وقال الكوثري : “يروي تلك الطامات المدونة في كتب (الموضوعات) وقد أدخل في كتبه ربيباه ما شاء من المخازي كما قال ابن الجوزي، وتحاماه البخاري ولم يذكر مسلم من أحاديثه إلا ما سلم من التخليط من رواياته قبل أن يختلط، وكان المسكين على براعته في العربية وصيته الطيب مبدأ أمره، ساءت سمعته وأصبح أداة صماء بأيدي الحشوية في أواخر عمره … ». انتهى
ومع أن الكوثري احتج بكلام ابن الجوزي الحنبلي في كتابه دفع شبه التشبيه، و بكلام السيوطي في الحاوي للفتاوي، حيث قال : “فإنَّ حماداً تُكُلِّمَ في حفظه ووقع في أحاديثه مناكير، ذكروا أنَّ ربيبه دسها في كتبه، وكان حماد لا يحفظ فحدَّث بها فوهم فيها”. انتهى
نجد أن عبد الرحمن المعلمي استمات في الدفاع عن حماد بن سلمة وأتى بكل شاردة و واردة، لا تنطلي على صاحب لب سليم، حتى قال المدعو عمر بن مسعود بن عمر الحدوشي تلميذ ابن باز في كتابه المسمى شفاء التبريح من داء التجريح ما نصه: ” ثم حاول المعلمي الدفاع عنه وعن حديث رؤية الله في صورة شاب – فأصاب في الدفاع عنه- وأخطأ في الدفاع عن حديث رؤية الله في صورة شاب وغيرها من طامات سوء منه أو من ربيبيه”. انتهى
فهذا كالاقرار منه أن حماد يروي طامات ينبغي الاعراض عنها، سواء كان ذلك منه، أو مما دسه ربيبيه في كتبه.
بل هذا الأمر أثبته عنه الإمام أبو الوليد الباجي في التعديل والتجريح، حيث ذكر أن النَّسائي سئل عن حماد بن سلمة فقال: لا بأس به، وكان قبل ذلك قال فيه: ثقة. قال القاسم بن مسعدة: فكلمته فيه فقال: ومن يجترئ يتكلم فيه؟ لم يكن عند القطان هناك، ولكنه روى عنه أحاديث دارى بها أهل البصرة، ثم جعل النَّسائي يذكر الأحاديث التي انفرد بها في التشبيه، كأنه خاف أن يقول الناس: إنه تكلم في حماد من طريقها، ثم قال: حمقى أصحاب الحديث. وذكر من حديث حماد منكراً عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة: إذا سمع أحدكم الأذان والإناء على يده”. انتهى
وهذا معناه أن ابن حماد ليس بالضابط المتقن، مع أنه ثقة، و قد اتهم النسائي أيضا بعض اصحاب الحديث برواية بعض الأحاديث المنكرة في الصفات عن حماد، وأصحاب الحديث اسم جامع لفئات شتى من الفرق منهم أهل السنة ومنهم المجسمة و القدرية و المعتزلة…..
وخلاصة القول في حماد أنه مع وثاقته عند روايته عن بعض شيوخه فإن ما يرويه عن بعضهم الٱخر فيه ضعف وبعضه يحتوي على أحاديث منكرة في الصفات تفيد التشبيه، وهذا لعدم ضبطه عنهم أو عدم ملازمته لهم أو لوقوع الدس في كتبه.
والا فحماد بن سلمة هو رواي حديث ان الله يدني عبده داود عليه السلام منه ويضع الله بعضه عليه، وهو أيضا راوي حديث ان محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم راى ربه في ليلة المعراج رؤية عين انه شاب امرد، و راوي ان الله تجلى للجبل فقال ان الله اخرج خنصره فساخ الجبل.
