ذكر بعض مغالطات الملاحدة

ذكر بعض مغالطات الملاحدة

1-بين الدين و المعرفة.

يزعم بعض الملاحدة ممن يزعمون احتكار العلم أن الايمان غير مبني على المعرفة، وهذه احدى مغالطات هؤلاء لأن اساس الاعتقاد مبني على العلم و الاذعان و الاعتراف باللسان مع القدرة عليه.

فيجب على المسلم معرفة ما يجب لله وما يستحيل عليه وما يجب للأنبياء وما يستحيل عليهم بالدلائل العقلية، وهذا أشرف العلوم، لأن شرف العلم بشرف المعلوم.

فالعلم دون اذعان واعتراف لا يصح. لأن الله تعالى أخبر عن اليهود أنهم يعرفون محمدا بأنه نبي فقال تعالى “يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ”- سورة البقرة- لكن لم تذعن نفوسهم فلذلك كانوا يكذبونه بألسنتهم مع علمهم بأنه نبي لأن التوراة التي أنزلت على موسى فيها الإخبار بأن محمدا رسول الله لكن التوراة والإنجيل حُرّفا لفظاً بعد أن حُرِّفا معنىً.

كذلك فان الاعتراف مع جهل المعلوم به لا يصح ايضا. و الاعتراف أيضا من دون اذعان لا يصح.

ثم ان العلوم الدينية منها ما هو ضروري، ومنها ما هو نظري استدلالي. وهذه العلوم موافقة في مجملها لمقتضيات العقل السليم.

2- ادعاء الملاحدة ان الشخص كلما تمعن في الدين كلما ابتعد عنه.

ان العلوم الكونية التي أخبر بها القرٱن، وجاء مصرحا بها في بعض الأحاديث النبوية جاءت موافقة للكثير من الاكتشافات العلمية مما يشهد على صحة دين الاسلام، و لذلك أيضا نجد ان الكثير من علماء الغرب يقررون ما جاء به الدين في ورقاتهم البحثية، وبعضهم يسلم بسبب ذلك.

وكأمثلة على ذلك نذكر:

أ- اثبات أهل الطِبِ أن الإحساس بألم ِ الحريق محصور ٌ بالجلد لأن نهايات الاعصاب ِ المتخصصةِ بالاحساس بالحرارة ِ والبرودةِ محصورة بالجلد ولو ذاب الجلد ُ فلن يشعر َالانسان ُ في الدنيا بألم ِ الحريق. قال تعالى: “كلما نضجت جلودهم بدّلناهم جلوداً غيرها ليذوقوا العذاب”

– سورة النساء-

ب- اثبات الطِبُ الجَنينيُ أن الجنين َ يُحفظ ُ في بطن أمه من وصول النور إليه بواسطة أغشية ٍ ثلاثةٍ وتُشكِل ُ هذه الأغشية ُ الثلاثة ُ، ثلاث طبقاتٍ مظلمة ٍ تمنع ُ وصول النور الى الجنين. هذه الأغشية عُرفت بواسطة أجهزة مِخبريةٍ متطورة ٍ وهذه الأجهزة لم تكن في زمن ِ سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، ولا حتى قبل سبعين َ عاما . لم تكن هذه الاشياء ُ معروفة ً. وقد قال الله تعالى في القرءان “يَخلُقُكم في بطون ِ أمهاتكم خلقاً من بعد خلق ٍ في ظلمات ٍ ثلاث”.-سورة الزمر-.

ج-نقص الهواء كلما صعد الإنسان إلى أعلى باتجاه السماء فإن تنفسه يضيق، نظراً لنقص الأكسجين والضغط الجوي، كما قال تعالى: ” فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقاً حرجاً كأنما يصعد في السماء”.

د- ألوان النار، وموافقة العلم الحديث لكلام الرسول عليه الصلاة والسلام

وفي مقابل ذلك نجد ان أكثر الملاحدة داخل الدول اللادينية، يتبعون دين الدولة.

وهذا ما أوضحه مرسيا الياد Mircea Eliade»»

وكذلك بلاندييه Georges Balandier

في كتابه: Anthropologie politique

حيث قال:« فإن الدولة احتفظت دوما بشيء من طابع الكنيسة، حتى ولو كانت قد بلغت نهاية مسار طويل من اللائكية. إن من طبيعة السلطة أن تحتفظ -بشكل ظاهر أو مقنع- بدين سياسي حقيقي». انتهى

وأصل النص بالفرنسية هو قوله:

l’État conserve toujours quelque caractère de l’église, même lorsqu’il se situe au terme d’un long processus de laïcisation. Il est de la nature du pouvoir d’entretenir, sous une forme manifeste ou masquée, une véritable religion politique.»

وإذا نظرنا في دين تلك الدول فسنتيقن انها قائمة على اساطير كخرافة نظرية التطور و النشوء وادعاء وجود كائنات فضائية و عوالم موازية لعالمنا. وهذه النظريات يراد بها صناعة انسان يخدم مصالح الدولة ويمارس عليه العنف المنظم . وأن الدول اللادينية هي التي تمارس حملات اعلامية لتشويه الدين لانها تريد سرقة المقدس منه.

3-ادعاء الملاحدة أن المسلم يحتاج للكثير من الشجاعة حتى يثور عما تربى عليه من قيم دينية سمحة.

ان ادعاء الملاحدة للشجاعة هنا هو نوع من المغالطة، انما هو نتاج الوقوع في دوامة الشك، وعدم اليقين على الصحيح. وتمرد الملحد على ما تربى عليه من قيم سمحة يرجع أساسا لتتبع نزولته وشهواته. فالملاحدة عموما لا يلتزمون بالأخلاق أصلا، انما هم متبعون لوجهات نظر و معاير ذاتية نسبية، لا يمكن أن تخضع للتقييم مطلقا، فالأخلاق عندهم يعتبر شيئًا متغيرًا.

فمفاهيم معاملة الضعفاء، و مفهوم العدل، ومفهوم زنا المحارم والاستمتاع بالبهيمة، والاجهاض وغيره كلها مفاهيم نسبية متغيرة عند الملاحدة تتباين بتباين وجهات النظر.

قال الملحد الشهير ريتشارد دوكنز : “في هذا العالم لا يوجد شر ولا يوجد خير، لا يوجد سوى لامبالاة عمياء وعديمة الرحمة”. انتهى

وقال دوستويفسكي: “إذا كان الإله غير موجود فكلّ شيء مباح”. انتهى

4-بيان أن الملحد فاقد للعقل السليم

العقل هو صفة راسخة في الانسان يميّز بها بين القبيح من الحسن والصواب من الخطأ. ومحور الاعتقاد قائم على ما يقتضيه العقل الصحيح السليم الذي هو شاهد للشرع، والشرع لا يأتي الا بمجوزات العقل، فتشهد لصحته الأدلة العقلية والقطعية، فليس محور الاعتقاد على الوهم، أو الظن كما هو مذهب الملاحدة.

وليس اتباع الدين مجرد تربية ينشأ عليها المسلمون كما يظن سخفاء الملاحدة، بل هو علم صحيح واعتقاد ثابت.

وعامة من يخرج عن الدين الاسلامي، هم من أهل الملل المنتسبة للاسلام كالمجسمة و الحلولية و البهائية وغيرهم….، أو من ضعفاء العقول الذين سيطرت عليهم الشكوك و الظنون، و المعارف المغلوطة التي تلقنوها.

وقولنا ان الملحد فاقد للعقل السليم ليس معناه أنه لا يحسن العلوم الدنياوية كالعلوم التجريبية وغيرها، انما عقله يكون في حالة العجز عن ترتيب مقدمات صحيحة في ذهنه للوصول لنتائج قطعية.

5- البراهين العقلية على صحة الدين

لقد حث الله سبحانه و تعالى على طلب العلم و تقرير البراهين العقلية للرد على الملاحدة و نقض شبهاتهم و بيان صحة ما جاء به الشرع. ومن البراهين العقلية نذكر ما يلي:

أ- البرهان العقلي على وجود الله

• الدليل العقلي الاجمالي على وجود الله: هو أن يقال مثلا: الكتابة لا بد لها من كاتب كتبها والبناء لا بد له من بان بناه، والكتابة ‏والبناء جزء من هذا العالم، فهذا العالم من باب أولى لا بد له من خالق ‏خَلَقَهُ. وهذا الخالق لا يشبه العالم بوجه من الوجوه.

• الدليل العقلي التفصيلي على وجود الله تعالى: هو ان يقال ان العالَم بجميع ‏أجزائه أعيانٌ وأعراضٌ.

فالأعيان جمع عين وهو ‏ما له قيام بذاته كالشجر والريح، والعرَض ما لا يقوم بذاته بل بغيره كالحركة ‏والسكون واللون والطعوم.

والأعيان لا تخلو من الأعراض المتغيرة-أي الصفات- ‏كالحركة والسكون، وهذا أمر ظاهر مدرَك بالبديهة. والحركة والسكون ‏حادثان لأنه بحدوث أحدهما ينعدم الآخر، فما من ساكن إلا والعقل قاضٍ ‏بحواز حركته، وما من متحرك إلا والعقل قاضٍ بجواز سكونه.‏ فالطارئ منهما حادث بطريانه والسابق حادث لعدمه.

فاذا ترجحت الحركة على السكون مثلا، فبمرجِّح رجح ذلك. واذا ترجح السكون على الحركة فبمرجِّح أيضا رجح السكون على الحركة.

فثبت أن الأعيان ‏مخلوقة أيضا لأنها ملازمة للأعراض المخلوقة، وما لا يخلو عن الحادث فهو ‏حادثٌ، معناه أن الشيء الذي له صفة حادثة يكون هو نفسه حادثاً ‏مخلوقاً. فالعالم مخلوق له بداية بلا شك، وخالقه لا يشبهه سبحانه و تعالى و الا جاز عليه ما جاز على العالم و هو باطل قطعا. وهذا الدليل صالح للرد على اليهود والنصارى و المجسمة ممن يثبتون التغير و الجسمية على الله عز وجل.

ولا يصح كون ذلك الفاعل طبيعة لانّ الطبيعة لا إرادة لها فلا تخلق شيئا ، ولا تخصص المعدوم بالوجود بدل العدم ولا بحالة دون حالة.

ومعلوم ٌ أن الحوادث جائزة الوجود إذ يجوز عقلاً أن تستمر في العدم ولا توجد، فاذا اختصت بالوجود الممكن افتقرت الى مخصص ثم يستحيل أن يكون المخصص طبيعة لا اختيار لها ولا ارادة فلا يتأتى منها تخصيص الجائز بالوجود بدلَ العدم وبوقت دون وقت أوبصفة دون صفة.

ولا يصح ّ أن يكون وجود العالم بالصدفة لأن العقل يحيل وجود شيء ما بدون فاعل لانّه يلزَم من ذلك محالٌ وهو ترجّح وجود الجائز على عدمه بدون مرجّح وذلك لأن وجود الممكن وعدمه متساويان عقلاً فلا يترجّح أحدهما على مقابله إلا بمرجح.

ب-البراهين العقلية على التوحيد

العقل السليم يجزم أن خالق العالم واحد لا شريك له في الألوهية لأنه لو كان للعالم خالقان وجب أن يكون كل واحد منهما حيّا قادراً عالماً مريداً مختاراً، والمختاران يجوز اختلافهما في الاختيار لأنّ كل ّ واحد منهما غير مجبر على موافقة الاخر في اختياره. فلو أراد أحدهما خلاف مراد الآخر في شىء لم يَخلُ أن يتِم مراد أحدهما ولم يتم َ مراد الآخر. فإنّ الذي لم يتم مراده عاجز ٌ ولا يكون ُ العاجزُ إلهاً ولا قديماً وهذه الدلالة معروفة عند الموحّدين تسمى بدلالة التمانع، وهي مأخوذ من الٱيات التالية:

• قوله تعالى: “لو كان فيهما آلهة ٌ الا الله لفسدتا”

-الأنبياء:22-، ومعنى الآية أننا لو فرضنا وجود آلهة غير الله لأدى ذلك إلى فساد العالم، حيث يتنازع الملك آلهة مختلفون متضادون فيؤدي ذلك إلى فساد العالم وخرابه

ولو قال قائل: إن نوعاً من التوافق تم بين الآلهة، فانفرد كل إله بما خلق دون شقاق أو تنازع، لكان في ذلك أيضا أعظم الأدلة على بطلان ألوهيتهم، ذلك أن كل إله سوف تكون ألوهيته ناقصة في حق الطائفة التي لم يخلقها، وهذا يفضي إلى نقص في كل من الآلهة، وهو يستلزم المحال لأن الإلهية تقتضي الكمال لا النقص .

• قوله تعالى: ” ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من إله إذا لذهب كل إله بما خلق ولعلا بعضهم على بعض سبحان الله عما يصفون عالم الغيب والشهادة فتعالى عما يشركون” -المؤمنون:91-

معناه أن الشخص لو افترض مع الله ٱلهة أخرى فهي: إما أن تسلّم له بالألوهية أو تنازعه إياها، فالفرض الأول يلغي ألوهيتها إذ الخاضع مألوه وليس إلهاً، وإما أن تنازعه ملكه وسلطانه فيظهر أثر هذا التنازع في الكون في مغالبة الآلهة، وذهاب كل إله بما خلق، بحيث ينفرد كل واحد من الآلهة بخلقه، ويستبدّ به، ولرأيتم ملك كل واحد منهم متميزاً عن ملك الآخرين ، ولغلب بعضهم بعضاً كما ترون حال ملوك الدنيا حيث ممالكهم متمايزة، وهم متغالبون، وحين لا ترون أثراً لتمايز الممالك ولتغالب الآلهة، فاعلموا أنه إله واحد بيده ملكوت كل شيء .

وهذا الدليل كاف للرد على النصارى و سائر ممل الكفر من الوثنيين وغيرهم.

6-بيان أن الدين، لو كان مؤيدا بالأدلة الصحيحة، فقد لا يتبعه أكثر الناس.

هناك الكثير من الموانع والعقبات التي تمنع الإنسان عن اتباع الحق والخضوع إليه، منها:

-جهله بالحق.

-حالة الخمول: فيمنع الانسان نفسه من التفكير في احتمالية أن يكون على غير هدى، ومن غير مراجعة للأدلة التي بنى عليها أفكاره، أهي أمور قطعية أم هي أوهام ظنها حقا وصوابا رغم أنها ضعيفة متهاوية.

-حالة الوقوع في الأحكام المسبقة

– تعلمه للدين مشوها أو بأدلة ضعيفة.

-حالة غلبة الوهم على عقله، فيخلط بين المحسوس الذي يستدل عليه بالحواس الخمس وبين الغيبيّ الذي يستدل عليه بالعقل. فيقيس ما لم يشاهده ويراه على ما يشاهده ويراه. فيحمله وهمه على أن يقول مثلا: “طالما أنني لا أرى إلا جسما أو شيئا قائما بالجسم، فإنه يستحيل أن يوجد شيء ليس جسما ولا قائما بالجسم”.

وهذه مغالطة منطقية، لأن القاعدة العقلية تذكر أن عدم رؤية شيء ما أو العثور عليه، لا يستلزم استحالة وجوده.

An absence of evidence is not an evidence of absence.

-الخلط بين البراهين اليقينية وبين الخطابات الظنّية.

-النظر بسطحية للدين.

– الوقوع في التشويشات مما يؤول الى معاندة الدليل الظاهر.

– جحود الحق بقلبه بعدما وصل إليه بعقله لكبر أو خوف.

فاذا تجاوز الشخص هذه الحالات يصيب الحق لا محالة، ولذلك نجد الكثير من الملاحدة و اليهود والنصارى يدخلون للاسلام عن علم وبعد تجربة بحث.