هذه الآية معناها أنه كَمُلَ مُعظَم الدين، كما ذكر ذلك البغوي في تفسيره، والخازن في تفسيره، وابن حجر العسقلاني في فتح الباري وغيرهم، وليس معناها أنه لا يجوز للمجتهدين من أمة محمد صلى الله عليه وسلم أن يُحدِثوا ما يوافق الشرع كعمل المولد النبوي الشريف.
قال القرطبي في «الجامع لأحكام القرءان»[(114)]: «وقال الجمهور: المراد معظم الفرائض والتحليل والتحريم، قالوا: وقد نزل بعد ذلك قرءان كثير، ونزلت آية الربا، ونزلت آية الكلالة إلى غير ذلك، وإنما كمل معظم الدين وأمر الحج اهـ.
قال الإمام بدر الدين الزركشي في «البرهان في علوم القرءان»[(115)]: «ثم ساق سنده من طرق إلى ابن عباس: آخر آية نزلت {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ} » اهـ. وهذا دليل على أن عددا من الآيات نزلت بعد آية {…الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} .
قال أبو الحسن علي بن أحمد الواحدي النيسابوري في كتابه «أسباب النزول»[(116)]: «عن ابن عباس قال: آخر آية نزلت: {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ} .
أما المجسمة الوهابية فيحتجون بهذه الآية ليُحَرِّموا الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، وغيره من البدع الحسنة التي أحدثها علماء أتقياء من أهل الاجتهاد والفهم، كالاحتفال بذكرى فتح مكة، أو الإسراء والمعراج، أو النصف من شعبان، أو الطرق الصحيحة، أو الصلاة على النبي جهرا بعد الأذان، أو عمل المحاريب في المساجد، والقباب، والمآذن، وقراءة الفاتحة أو القرءان بعد عقد النكاح أو قبله، أو بعد الدعاء أو قبله، أو المسبحة، أو الذكر الجماعي جهرة في تشييع الجنازة، ولو لمنع غيبة الميت، والذكر المفرد بلفظ الجلالة «الله» فرادى أو جماعة، أو حِلَق الذكر، أو الاشتغال بالصلاة على النبي كألف مرة، أو عشرة آلاف مرة بإشارة شيخ مرشد صادق، أو وحده بغير إشارة شيخ الطريقة، وهذا ليس شركا كما زعم حسام العقاد الوهابي، في كتابه «حلقات ممنوعة» وهذا تجرؤٌ عجيب على تكفير الذاكرين الله كثيرا والمصلين على رسوله، أو غير ذلك من بدع الهدى والخير التي تدخل تحت حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم «ومن سنّ في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها بعده من غير أن ينقص من أجورهم شىء» رواه مسلم، وهذه البدع الحسنة فيها خير وبركة لأنها موافقة لشريعة الله وتحث المسلمين على الإكثار من الخير وعمل الآخرة ويشملها قول الله عزّ وجل {…وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ *} ، ولا يجوز تحريمها كما فعلت الوهابية المتهورة، وقد بينّا معنى الآية الكريمة {…الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} وليس فيها شىء مما ادعته الوهابية كذبا وافتراء من مثل ما ذكر مُفتيهم ابن باز وخَلَفه ابن عثيمين في كتاب ألَّفاه أسمياه «مسائل مهمة لعموم الأمة».
وفي كتاب آخر اسمه «البدع والمحدثات وما لا أصل له»[(117)] من فتاوى أئمة الوهابية المعاصرين (ابن باز – محمد ابن صالح العثيمين – عبد الله بن عبد الرحمـن الجبرين – صالح بن فوزان الفوزان واللجنة الدائمة للبحوث والإفتاء) جمعه وأعده الوهابي حمود بن عبد الله المطر، يقولون محتجين بهذه الآية أن عمل المولد حرام وأنه تشبه باليهود والنصارى وأنه فساد عظيم ومنكر شنيع ومصادمة لقول الله تعالى وأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.
والعياذ بالله من تحريفهم لمعنى آيات الله وأحاديث الرسول، فهم كما قال الله في ذمّ اليهود: «أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض».
وبعد هؤلاء مفتي الوهابية المدعو عبد العزيز آل الشيخ في جريدة الشرق الأوسط يقول[(118)]: «اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا» وإحداث مثل هذه الموالد فيها استدراك على الله وأن الدين لم يكمل حتى جاء في القرون المتأخرة من زاد فيه» اهـ.
وأتباعهم يرددون كلامهم في كتبهم ومؤلَّفاتهم وفي وسائل الإعلام المتاحة لهم.
وهذا إمامهم ومرجعهم ومفتيهم المجسم ابن تيمية يفضحهم ويناقضهم ويناقض نفسه في كتابه المسمى «اقتضاء الصراط المستقيم»[(119)] يقول: «فتعظيم المولد واتخاذه موسمًا: قد يفعله بعض الناس، ويكون له فيه أجر عظيم لحسن قصده، وتعظيمه لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، كما قدمته لك أنه يحسن من بعض الناس». اهـ
فيا لفضيحة أتباعه وأئمتهم، فهل سيتبرؤون منه ويحذرون منه أم سيسكتون على ذلك على مضض خوف انقطاع المال عنهم؟!
وهذا ابن كثير حبيب الوهابية وتلميذ المجسم ابن تيمية يقول في كتابه المسمى «البداية والنهاية»[(120)] في ترجمة الملك المظفر أبو سعيد كوكبري الذي كان أوَّل مَن أحدثَ عمل المولد: «ابن زين الدين علي ابن بكتكين أحد الأجواد والسادات الكبراء والملوك الأمجاد، له آثار حسنة وقد عمّر الجامع المظفري بسفح قاسيون، وكان يعمل المولد الشريف في ربيع الأول ويحتفل به احتفالا هائلا، وكان مع ذلك شهمًا شجاعًا فاتكًا بطلا عاقلا عالما عادلا رحمه الله وأكرم مثواه، وقد صنف الشيخ أبو الخطاب بن دحية له مجلدًا في المولد النبوي سمّاه التنوير في مولد البشير النذير، فأجازه على ذلك بألف دينار، وقد طالت مدته في الملك في زمان الدولة الصلاحية، وقد كان محاصرًا عكا وإلى هذه السنة، محمود السيرة والسريرة، قال السبط: حكى بعض من حضر سماط المظفر في بعض الموالد كان يمد في ذلك السماط خمسة آلاف رأس مشوي، وعشرة آلاف دجاجة، ومائة ألف زبدية، وثلاثين ألف صحن حلوى، وقال: وكان يحضر عنده في الموالد أعيان العلماء والصوفية فيخلع عليهم ويطلق لهم ويعمل للصوفية سماعًا من الظهر إلى الفجر، ويرقص – الرقص الخفيف الذي ليس فيه تثنٍّ ولا تكسر كرقص الحبشة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم أمام رسول الله صلى الله عليه وسلم كما ورد في حديث رواه أحمد أن الحبشة كانوا يزفنون (أي يرقصون رقصًا خفيفًا) في مسجد رسول الله – بنفسه معهم، وكانت له دار ضيافة للوافدين من أي جهة على أي صفة. وكانت صدقاته في جميع القرب والطاعات على الحرمين وغيرهما، ويَسْتَفِكُّ من الفرنج في كل سنة خلقًا من الأسارى، حتى قيل إن جملة من استفكه من أيديهم ستون ألف أسير، قالت زوجته ربيعة خاتون بنت أيوب – وكان قد زوجها إياه أخوها صلاح الدين، لما كان معه على عكا – قالت: كان قميصه لا يساوي خمسة دراهم فعاتبته بذلك فقال: لبسي ثوبًا بخمسة وأتصدق بالباقي خير من أن ألبس ثوبًا مثمنًا وأدع الفقير المسكين، وكان يصرف على المولد في كل سنة ثلاثمائة ألف دينار، وعلى دار الضيافة في كل سنة مائة ألف دينار. وعلى الحرمين والمياه بدرب الحجاز ثلاثين ألف دينار سوى صدقات السر، رحمه الله تعالى، وكانت وفاته بقلعة إربل، وأوصى أن يحمل إلى مكة فلم يتفق فدفن بمشهد علي» اهـ.
ما أوقح وأتعس الوهابي سعد بن علي الشهراني الذي قال في هذا الملك المظفر: «وفي ذلك يقول الشاعر:
كساعية للخير من كسب فرجها
لك الويل لا تزني ولا تتصدقي» اهـ
ذكر سعد بن علي الشهراني سخافته هذه في كتابه الذي ملأه بالتخريفات والتحريفات والتزويرات وسماه «فرقة الأحباش»[(121)].
معتمدا في ذلك على ما وجد في «معجم البلدان» من غير نقل بالطريق المعتمد المضبوط عن الثقات، فيا لفضيحته وغباوته حيث يشبه تصدّق هذا الملك على الفقراء وعلى الاحتفال بالمولد بالزانية التي تزني وتتصدق وهذا تناقض واضح مع ابن كثير الذي أثنى ثناء عظيما عاطرا على ملك إربل، وابن كثير هو تلميذ شيخهم ابن تيمية، وهذا دأبهم التعارض والتضارب والتناقض.
وقد ردّ على هذا الكتاب وحذّر منه تحذيرا كبيرا عدة علماء وشخصيات مهمة ومؤسسات رسمية كمديرية أوقاف القاهرة ورئيس المجلس الأعلى لعموم المشيخة الطرق الصوفية الشيخ حسن الشناوي المصري وبينّوا أن هذا الكتاب هو ضدّ عقيدة أهل السنة والجماعة الأشاعرة والماتريدية، فيجب الحذر منه والتحذير.
وإليكم ما نقله الذهبي حبيب الوهابية وتلميذ إمامها المتناقض المجسم ابن تيمية في كتابه المسمى «تاريخ الإسلام»[(122)] في ترجمة الملك المظفر أبو سعيد كوكبري الذي كان أوَّل مَن أحدثَ عمل المولد: «السلطان الملك المعظَّم، مظفَّر الدين، أبو سعيد، ابن صاحب إربل الأمير زين الدين أبي الحسن علي كوجك التركماني. وكوجك: لفظ أعجمي معناه لطيف القدّ. كان شجاعًا، شهمًا». ثم قال: «فقدم الموصل، وبها الملك سيف الدين غازي بن مودود، فأقطعه حرّان، فأقام بها مدّة، ثم اتّصل بخدمة السلطان صلاح الدين، وأنفق عليه، وتمكّن منه، وزاد في إقطاعه الرّها سنة ثمانٍ وسبعين، وزوّجه بأخته ربيعة خاتون». ثم قال: «وشهد مظفّر الدين مع السّلطان صلاح الدين مواقف كثيرة أبان فيها عن نجدةٍ وقوةٍ، وثبت يوم حطّين، وبيّن. ثم وفد أخوه زين الدين يوسف على صلاح الدين نجدة، وخدمةً من إربل، فمرض في العسكر على عكّا وتوفي في رمضان سنة ستٍّ وثمانين. فاستنزل صلاح الدين مظفر الدين عن حرّان والرّها ففعل، وأعطاه إربل وشهرزور فسار إليها وقدمها في آخر السنة. ذكره القاضي شمس الدين وأثنى عليه، وقال: لم يكن شىء أحبّ إليه من الصدقة، وكان له كلّ يوم قناطير مقنطرة من الخبز يفرّقها، ويكسو في السنة خلقًا ويعطيهم الدينار والدّنانير. وبنى أربع خوانق للزّمنى والعميان، وملأها بهم، وكان يأتيهم بنفسه كل خميس واثنين، ويدخل إلى كل واحد في بيته، ويسأله عن حاله، ويتفقّده بشيء، وينتقل إلى الآخر حتّى يدور على جميعهم، وهو يباسطهم – يمزح معهم -. وبنى دارًا للنساء الأرامل، ودارًا للضعفاء الأيتام، ودارًا للملاقيط رتّب بها جماعة من المراضع. وكان يدخل البيمارستان. ويقف على كل مريض ويسأله عن حاله. وكان له دارٌ مضيف يدخل إليها كلّ قادم من فقير أو فقيه، فيها الغداء والعشاء، وإذا عزم على السفر أعطوه ما يليق به.
وبنى مدرسة للشافعية والحنفية وكان يأتيها كل وقت، ويعمل بها سماطًا ثم يعمل سماعًا فإذا طاب، وخلع من ثيابه سيّر للجماعة شيئًا من الإنعام، ولم تكن له لذّةٌ سوى السّماع، فإنه كان لا يتعاطى المنكر، ولا يمكِّن من إدخاله البلد. وبنى للصوفية خانقاتين، فيهما خلقٌ كثير، ولهما أوقافٌ كثيرة، وكان ينزل إليهم ويعمل عندهم السّماعات. وكان يبعث أمناءه في العام مرتين بمبلغ يفَكّ به الأسرى، فإذا وصلوا إليه أعطى كل واحد شيئًا. ويقيم في كلّ سنة سبيلا للحجّ، ويبعث في العام بخمسة آلاف دينارٍ للمجاورين. وهو أول من أجرى الماء إلى عرفات، وعمل آبارًا بالحجاز، وبنى له هناك تربة. قال: وأمّا احتفاله بالمولد، فإنّ الوصف يقصر عن الإحاطة به، كان الناس يقصدونه من الموصل، وبغداد، وسنجار، والجزيرة، وغيرها خلائق من الفقهاء والصوفية والوعّاظ والشعراء، ولا يزالون يتواصلون من المحرّم إلى أوائل ربيع الأول ثم تنصب قباب خشب نحو العشرين، منها واحدة له، والباقي لأعيان دولته، وكل قبة أربع أو خمس طبقات ثم تزيّن في أوّل صفر، ويقعد فيها جوق المغاني والملاهي وأرباب الخيال__في لغة العرب يقال للقصائد «الأغاني» كما يقال للمنشد «أيها الحادي غن بالوادي»، والملاهي منها ما هو مباح كالضرب بالدف والطبل وما شابه ذلك، وليس المقصود آلات الموسيقى المحرمة ويبطل معاش الناس للفرجة. وكان ينزل كل يوم العصر، ويقف على قبّةٍ قبة، ويسمع غناءهم، ويتفرّج على خيالاتهم، ويبيت في الخانقاه يعمل السّماع، يركب عقيب الصّبح يتصيّد، ثم يرجع إلى القلعة قبل الظهر، هكذا يفعل إلى ليلة المولد، وكان يعمله سنةً في ثامن الشهر وسنة في ثاني عشرْ الشهر للاختلاف، فيخرج من الإبل والبقر والغنم شيئًا زائدًا عن الوصف مزفوفة بالطبول والمغاني إلى الميدان، ثم تنحر وتطبخ الألوان المختلفة». ثم قال الذهبي بعد كلام: «وقد جمع له أبو الخطّاب ابن دحية أخبار المولد، فأعطاه ألف دينار. وكان كريم الأخلاق، كثير التّواضع، مائلا إلى أهل السنة والجماعة، لا ينفق عنده سوى الفقهاء والمحدّثين، وكان قليل الإقبال على الشّعر وأهله. ولم ينقل أنه انكسر في مصافّ. ثم قال – أي القاضي شمس الدين -: وقد طوّلت ترجمته لما له علينا من الحقوق التي لا نقدر على القيام بشكره، ولم أذكر عنه شيئًا على سبيل المبالغة، بل كل ذلك مشاهدة وعيان». ثم قال الذهبي بعد كلام: «وقال: قال من حضر المولد مرة: عددت على السّماط مائة فرس قشلميش، وخمسة آلاف رأسٍ مشويٍ، وعشرة آلاف دجاجة، ومائة ألف زبديّة، وثلاثين ألف صحن حلواء» اهـ.
فتبين من مجموع الأدلة وعمل الأمة ونصوص ونقول الحفاظ والعلماء وأهل التفسير أن الآية الكريمة {…الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} ليس فيها تحريم الاحتفال بالمولد النبوي الشريف ولا تحريم البدع الحسنة الموافقة لدين الله تعالى، وكتب علماء الأمة طافحة بذلك، فمن شاء فليرجع إليها والله الموفق للصواب.
ـ[114] الجامع لأحكام القرءان» الجزء6 ص61 – 62).
ـ[115] البرهان في علوم القرءان (منشورات المكتبة العصرية، الجزء1 في ص209).
ـ[116] أسباب النزول (مؤسسة الريان للطباعة والنشر والتوزيع ص14).
ـ[117] البدع والمحدثات وما لا أصل له (طبعة دار ابن خزيمة الرياض الطبعة الثانية 1419هـ ص12 – 13 – 14).
ـ[118] جريدة الشرق الأوسط (العدد 8576 بتاريخ الأربعاء 22/5/2002 صحيفة رقم22).
ـ[119] اقتضاء الصراط المستقيم (دار المعرفة ص297).
ـ[120] البداية والنهآية (دار الكتب العلمية الجزء13 ص139 – 140).
ـ[121] فرقة الأحباش (المجلد الثاني دار عالم الفوائد الطبعة الأولى 1423هـ).
ـ[122] تاريخ الإسلام (دار الكتب العلمية الجزء13 ص460 – 461 – 462).
قال الله تعالى: {…قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ *} [سورة المائدة]
قال المفسر اللغوي النحوي أبو حيان أثير الدين أبو عبد الله محمد بن يوسف الأندلسي في كتابه «التفسير الكبير البحر المحيط» ما نصه[(123)]: «هو القرآن؛ سماه نورا لكشف ظلمات الشرك والشك، أو لأنه ظاهر الإعجاز».اهـ
قال المفسر محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي في تفسيره «الجامع لأحكام القرءان» ما نصه[(124)]: «قد جاءكم من الله نور أي: ضياء؛ قيل: الإسلام».اهـ
وقال المفسر أبو الحسن علي بن أحمد الواحدي النيسابوري في كتابه «الوسيط في تفسير القرءان المجيد» في شرحه على هذه الآية ما نصه[(125)]: «وقوله «قد جاءكم من الله نور» ضياء من الضلالة وهدى، يعني الإسلام، وقال قتادة: يعني النبي صلى الله عليه وسلم وهو اختيار الزجاج: قال: النور محمد صلى الله عليه وسلم وهو الذي يبين» اهـ.
وقال المفسر السلفي أبو جعفر محمد بن جرير الطبري في كتابه «جامع البيان في تفسير القرءان» ما نصه[(126)]: «قال أبو جعفر: يقول جل ثناؤه لهؤلاء الذين خاطبهم من أهل الكتاب: «قد جاءكم»، يا أهل التوراة والإنجيل «من الله نور»، يعني بالنور، محمدا صلى الله عليه وسلم الذي أنار الله به الحق، وأظهر به الإسلام، ومحق به الشرك، فهو نور لمن استنار به يبين الحق. ومن إنارته الحق تبيينه لليهود كثيرا مما كانوا يخفون من الكتاب».اهـ.
فليُحذَر من قول بعض جهلة المتصوفة أن النبي محمدًا صلى الله عليه وسلم خُلِقَ من نور محتجين بهذه الآية {…قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ *} ، وقد قدّمنا معنى هذه الآية كما فسرها علماء التفسير من المتقدمين والمتأخرين، وليس فيهم عالم معتبر فسّرها بأن جسد النبي خلق من نور، أو أن النبي حقيقة هو نور بمعنى الضوء، فلا التفات إلى قول بعض جهلة المتصوفة وبعض المغالين الذين يقولون إن النبي صلى الله عليه وسلم خلق من نور محتجين بزعمهم الفاسد بحديث جابر الموضوع.
وقد بين بطلان هذا الحديث الإمام الحافظ الفقيه شيخ الإسلام عبد الله بن محمد بن يوسف بن جامع بن عبد الله الهرري المعروف بالحبشي دفين مدينة بيروت رضي الله عنه وأرضاه في رسالته «رسالة في بطلان دعوى أولية النور المحمدي» فقال ما نصه[(127)]: «نقول: هذا الحديث موضوع لا أصل له وهو مخالف للقرءان الكريم، وللحديث الصحيح الثابت.
أما مخالفته للقرءان قال الله تعالى: {…وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ… *} [سورة الأنبياء] .
وأما مخالفته للحديث فقد روى البخاري والبيهقي من حديث عمران بن حصين أنَّ أناسًا من أهل اليمن أتوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: جئناك يا رسول الله لنتفقه في الدين فأنبئنا عن أول هذا الأمر ما كان؟ قال: «كان الله ولم يكن شىء غيره، وكان عرشه على الماء، وكتب في الذكر كل شىء ثم خلق السموات والأرض» ، فهذا نص صريح في أنَّ أول خلق الله الماء والعرش لأن أهل اليمن سألوه عن بدء العالم.
فقوله عليه الصلاة والسلام: «كان الله ولم يكن شىء غيره» إثبات الأزلية لله أي أنه تعالى لا ابتداء لوجوده، وقوله: «وكان عرشه على الماء» معناه أنَّ هذين أولُ المخلوقات، أما الماء فعلى وجه الإطلاق وأما العرش فبالنسبة لما بعده كما أفاد ذلك قوله عليه السلام: «على الماء» وذلك يدل على تأخر العرش عن هذا الأصل.
وروى ابن حبّان وصححه من حديث أبي هريرة قال: قلت: يا رسول الله إني إذا رأيتك طابت نفسي وقرّت عيني فأنبئني عن كل شىء، قال: «كل شىء خلق من الماء» ، وفي لفظ: «إن الله تعالى خلق كل شىء من الماء» .
وروى السُّدّي في تفسيره بأسانيد متعددة عن جماعة من أبناء الصحابة: «إنّ الله لم يخلق شيئًا مما خلق قبل الماء». ففي الحديث الأوّل نصّ على أنّ الماء والعرش هما أوّل خلق الله، وأما أنّ الماء قبل العرش فهو مأخوذ من الحديثين التاليين.
قال الحافظ ابن حجر في شرح البخاري ما نصه: «قال الطيبي: هو فصل مستقل لأن القديم من لم يسبقه شىء، ولم يعارضه في الأولية، لكن أشار بقوله: «وكان عرشه على الماء» إلى أن الماء والعرش كانا مبدأ هذا العالم لكونهما خلقا قبل خلق السموات والأرض ولم يكن تحت العرش إذ ذاك إلا الماء» اهـ
وفي تفسير عبد الرزّاق عن قَتادة في شرح قوله تعالى: {…وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ… *} [سورة هود] ما نصّه: «هذا بدء خلقه قبل أن يخلق السموات والأرض».
وأخرج ابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {…وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ… *} [سورة هود] قال: «قبل أن يخلق شيئًا».
فإن قيل: أليس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أوّل ما خلق الله تعالى نور نبيّك يا جابر، خلقه الله من نوره قبل الأشياء»؟، فالجواب: أنه يكفي في ردّ هذا الحديث كونه مخالفًا للأحاديث الثلاثة الصحيحة السابقة، وأما عزو هذا الحديث للبيهقي فغير صحيح إنما ينسب إلى مصنّف عبد الرزّاق ولا وجود له في مصنّفه بل الموجود في تفسير عبد الرزاق عكس هذا، فقد ذكر فيه أنَّ أوّل الأشياء وجودًا الماء كما تقدّم.
وقال الحافظ السيوطي في الحاوي: «ليس له – أي حديث جابر – إسناد يُعتمد عليه».اهـ
قلت: وهو حديث موضوع جزمًا، وقد صرّح الحافظ السيوطي في شرحه على الترمذي أنّ حديث أولية النور المحمّدي لم يثبت.
وقد ذكر عصريّنا الشيخ عبد الله الغماري محدّث المغرب أن عزو هذا الحديث الموضوع إلى مصنّف عبد الرزّاق خطأ لأنه لا يوجد في مصنّفه، ولا جامعه ولا تفسيره، والأمر كما قال.
كما أنّ محدّث عصره الحافظ أحمد بن الصدّيق الغماري حكم عليه بالوضع محتجًا بأنّ هذا الحديث ركيك ومعانيه منكرة.
قلت: والأمر كما قال، ولو لم يكن فيه إلا هذه العبارة: «خلقه الله من نوره قبل الأشياء» لكفى ذلك ركاكة، لأنه مشكل غاية الإِشكال، لأنّه إن حُمِلَ ضمير من نوره على معنى نور مخلوق لله كان ذلك نقيض المدعى لأنه على هذا الوجه يكون ذلك النور هو الأوّل ليس نور محمّد بل نور محمّد ثاني المخلوقات، وإن حُمِلَ الضمير على إضافة الجزء للكل كان الأمر أفظعَ وأقبحَ لأنّه يكون فيه إثبات نور هو جزء لله تعالى، فيؤدي ذلك إلى أن الله مركب والقول بالتركيب في ذات الله من أبشع الكفر لأنّ فيه نسبة الحدوث إلى الله تعالى. وبعد هذه الجملة من هذا الحديث المكذوب ركاكات بشعة يردّها الذوق السليم ولا يقبلها.
ثم هناك علّة أخرى وهي الاضطراب في ألفاظه، لأن بعض الذين أوردوه في مؤلفاتهم رووه بشكل وءاخرون رووه بشكل ءاخر، فإذا نُظِرَ إلى لفظ الزرقاني ثم لفظ الصاوي وجد فرق كبير.
فالحديثان الأولان لا حاجة إلى تأويلهما لأجل حديث غير ثابت بل حديث موضوع لركاكته وهو حديث أولية النور.
فلا حاجة لما ذكره بعض من تأويل الأحاديث التي فيها أولية الماء وحمل حديث أول ما خلق الله نور نبيك يا جابر على الأولية المطلقة لغرض إثبات أولية النور المحمدي».
وقد ردّ على هؤلاء الغلاة المتعصبين للجهل المخالفين للنصوص المحدث الشيخ عبد الله بن محمد بن صديق الغماري المغربي في رسالته «مرشد الحائر لبيان وضع حديث جابر» فقال ما نصه: «فهذا جزء سمّيته: «مرشد الحائر لبيان وضع حديث جابر»، أردت به تنزيه النبيّ صلى الله عليه وسلم عمّا نُسب إليه مما لم يصح عنه ويعدُّ من قبيل الغلو المذموم، ومع ذلك صار عند العامة وكثير من الخاصة معدودًا من الفضائل النبويّة التي يكون إنكارها طعنًا في الجناب النبويّ عندهم، ولا يدركون ما في رأيهم وقولهم من الإثم العظيم الثابت في قول النبيّ صلى الله عليه وسلم: «من كذب عليَّ فليتبوأ مقعده من النار» والذي يصفه بما لم يثبت عنه كاذب عليه واقع في المحذور إلاّ أن يتوب، ولا يكون مدحه عليه الصلاة والسلام شافعًا له في الكذب عليه.
وإن كانت الفضائل يتسامح فيها فإن فضائل النبي صلى الله عليه وسلم إنما تكون بالثابت المعروف حذرًا من الكذب المتوعَّد عليه بالنار، نسأل الله العافية.
وقد وردت أحاديث في هذا الموضوع باطلة، وجاءت ءاراء شاذة عن التحقيق عاطلة، أُبينها في هذا الجزء بحول الله.
روى عبد الرزاق – في ما قيل – عن جابر رضي الله عنه قال: «قلت: يا رسول الله بأبي أنت وأمّي أخبرني عن أول شىء خلقه الله تعالى قبل الأشياء؟ قال: يا جابر إن الله تعالى خلق قبل الأشياء نور نبيّك من نوره فجعل ذلك النور يدور بالقدرة حيث شاء الله ولم يكن في ذلك الوقت لوح ولا قلم ولا جنّة ولا نار ولا ملك ولا سماء ولا أرض ولا شمس ولا قمر ولا جني ولا إنسي، فلما أراد الله أن يخلق الخلق قسّم ذلك النور أربعة أجزاء فخلق من الجزء الأول القلم، ومن الثاني اللوح، ومن الثالث العرش، ثم قسم الجزء الرابع أربعة أجزاء فخلق من الجزء الأول حملة العرش، ومن الثاني الكرسي، ومن الثالث باقي الملائكة، ثم قسّم الرابع أربعة أجزاء فخلق من الأول السموات، ومن الثاني الأرضين، ومن الثالث الجنّة والنار، ثم قسم الرابع أربعة أجزاء فخلق من الأول نور أبصار المؤمنين، ومن الثاني نور قلوبهم وهي المعرفة بالله، ومن الثالث نور أنسهم وهو التوحيد لا إلـه إلا الله محمّد رسول الله….» الحديث، وله بقية طويلة وقد ذكره بتمامه ابن العربي الحاتمي في كتاب «تلقيح الأذهان ومفتاح معرفة الإنسان»، والديار بكري في كتاب «الخميس في تاريخ أنفس نفيس».
وعزْوه إلى رواية عبد الرزاق خطأ لأنه لا يوجد في مصنفه ولا جامعه ولا تفسيره.
وقال الحافظ السيوطي في الحاوي: «ليس له إسناد يعتمد عليه» اهـ، وهو حديث موضوع جزمًا، وفيه اصطلاحات المتصوفة، وبعض الشناقطة المعاصرين ركّب له إسنادًا فذكر أن عبد الرزاق رواه من طريق ابن المنكدر عن جابر وهذا كذب يأثم عليه.
وبالجملة فالحديث منكر موضوع لا أصل له في شىء من كتب السُّنّة.
ومثله في النكارة ما روي عن علي بن الحسين، عن أبيه، عن جدّه عليهم السلام أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «كنت نورًا بين يدي ربي قبل أن يخلق ءادم بأربعة عشر ألف عام» وهو كذب أيضًا.
ومن الكذب السخيف ما يقال إن إحدى أمهات المؤمنين أرادت أن تلف إزارًا على جسد النبيّ صلى الله عليه وسلم فسقط الإزار يريدون بذلك أن النبي نور فلم ينعقد الإزار نور، وهذا لا أصل له. وقد كان النبيّ صلى الله عليه وسلم يستعمل الإزار ولم يسقط عنه.
وكونه صلى الله عليه وسلم نورًا أمر معنوي، مثل تسمية القرءان نورًا ونحو ذلك، لأنه نوّر العقول والقلوب.
ومن الكذب المكشوف قولهم: لولاك لولاك ما خلقت الأفلاك، وكذلك ما روي عن علي عليه السلام، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: هبط عليّ جبريل فقال: إن الله يقرئك السلام ويقول: «إني حرمت النار على صلب أنزلك، وبطن حملك، وحجر كفلك» وهو حديث موضوع.
وروي في بعض كتب المولد النبوي عن أبي هريرة قال: سأل النبيّ صلى الله عليه وسلم جبريل عليه السلام فقال: يا جبريل كم عمّرتَ من السنين؟ فقال: يا رسول الله لست أعلم غير أن في الحجاب الرابع نجمًا يطلع في كل سبعين ألف سنة مرة، رأيته اثنتين وسبعين ألف مرة، فقال النبيّ: وعزة ربي أنا ذلك الكوكب.
وهذا كذب قبيح، قبّح الله من وضعه وافتراه.
وذكر بعض غلاة المتصوّفة أن جبريل عليه السلام كان يتلقّى الوحي من وراء حجاب وكُشف له الحجاب مرة فوجد النبيّ صلى الله عليه وسلم يوحي إليه فقال جبريل: منك وإليك.
قلت: لعن الله من افترى هذا الهراء المخالف للقرءان فإن الله تعالى يقول لنبيّه: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلاَ الإِيمَانُ… *} [سورة الشورى] ويقول: {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ *عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ *} [سورة الشعراء] .
أخرج أحمد والحاكم والبيهقي في الدلائل عن العرباض بن سارية رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إني عند الله في أمّ الكتاب لخاتم النبيّين، وإن ءادم لمن جدل في طينته وسأنبئكم بتأويل ذلك: دعوة أبي إبراهيم، وبشارة عيسى قومه، ورؤيا أمي التي رأت أنه خرج منها نور أضاءت له قصور الشام وكذلك ترى أمهات الأنبياء».
وقال الهيثمي في مجمع الزوائد: «رواه أحمد بأسانيد، والبزار والطبراني بنحوه» …«أحد أسانيد أحمد رجاله رجال الصحيح غير سعيد بن سويد، وقد وثقه ابن حبّان».اهـ
قلت: رواه الحاكم من طريق أبي بكر بن أبي مريم، عن سويد بن سعيد، عن العرباض بن سارية، وقال: «صحيح الإسناد» وتعقّبه الذهبي بأن أبا بكر ضعيف، وغلط الدكتور قلعجي محقّق كتاب دلائل النبوة فذكر أن الذهبي وافقه على تصحيحه. وروى أحمد من طريق بُدَيْل، عن عبد الله بن شقيق، عن ميسرة الفجر قال: «قلت: يا رسول الله متى كنت نبيًّا؟ قال: «وءادم بين الروح والجسد».
وهكذا رواه البغوي وابن السكن في الصحابة.
قال الحافظ: وهذا سند قوي.
قلت: وذكره البخاري في التاريخ معلقًا.
روى الحاكم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: «قيل للنبيّ صلى الله عليه وسلم: متى وجبت لك النبوّة؟ قال: بين خلق ءادم ونفخ الروح فيه».
وروى أحمد من طريق عبد الله بن شقيق، عن رجل قال: «قلت: يا رسول الله متى جعلت نبيًّا؟ قال: وءادم بين الروح والجسد». قال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح.
قلت: هو أحد طرق حديث ميسرة الفجر.
وقال ابن سعد في الطبقات: أخبرنا عفّان بن مسلم وعمرو ابن عاصم الكلابي قالا: حدّثنا حماد بن سلمة، عن خالد الحذاء، عن عبد الله بن شقيق، عن عبد الله بن أبي الجدعاء قال: «قلت: يا رسول الله متى كنت نبيًّا؟ قال: إذ ءادم بين الروح والجسد» اهـ. رجاله رجال الصحيح.
وروى البزار والطبراني بإسناد ضعيف عن ابن عبّاس رضي الله عنهما قال: «قيل: يا رسول الله متى كنت نبيًّا؟ قال: وءادم بين الروح والجسد».
قال البيهقي: قوله صلى الله عليه وسلم: «إني عند الله في أمّ الكتاب لخاتم النبيين وان ءادم لمنجدل في طينته» يريد أنه كان كذلك في قضاء الله وتقديره قبل أن يكون أبو البشر وأوّل الأنبياء صلوات الله عليهم». اهـ
وقال أبو الحسين بن بشران، حدثنا أبو جعفر محمد بن عمرو، حدثنا أحمد بن إسحاق بن صالح، ثنا محمد بن صالح، ثنا محمد بن سنان العَوفي، ثنا إبراهيم بن طَهمان، عن بُدَيل بن ميسرة، عن عبد الله بن شقيق، عن ميسرة قال: قلت: يا رسول الله متى كنت نبيًّا؟ قال: «لما خلق الله الأرض واستوى إلى السماء فسواهن سبع سموات وخلق العرش كتب على ساق العرش: محمّد رسول الله خاتم الأنبياء، وخلق الله الجنّة التي أسكنها ءادم وحوّاء فكتب اسمي على الأبواب والأوراق والقباب والخيام، وءادم بين الروح والجسد، فلما أحياه الله تعالى نظر إلى العرش فرأى اسمي فأخبر أنه سيد ولدك، فلما غرهما الشيطان تابا واستشفعا باسمي إليه» اهـ، إسناد جيد قوي.
وهو يفيد أن معنى كونه نبيًّا: إظهار ذلك في العالم العلوي قبل نفخ الروح في ءادم عليه السلام.
وقد بيَّن الحديث أيضًا سر إعلان نبوته في ذلك العهد وأنه يرجع إلى أمرين اختص بهما:
أحدهما: أنه سيد ولد ءادم.
والآخر: أنه خاتم الأنبياء، وأيَّد ذلك بما ذكره من بشارة إبراهيم وعيسى به عليهم الصلاة والسلام.
والأنبياء جميعًا نبوتهم ثابتة في تقدير الله وقضائه، لكن لم يَرد في خبر أن الله تعالى أظهر نبوة أحد منهم بالتعيين قبل خلق ءادم، فلم يكن ذلك إلاّ لنبيّنا صلى الله عليه وسلم وهذا سر قوله: «كنت نبيًّا وءادم بين الروح والجسد» أي أن حملة العرش والملائكة عرفوا اسمه ونبوته قبل خلق ءادم عليه السلام، وهم لم يعرفوا ءادم إلاّ بعد خلقه.» اهـ.
فيجب الحذر من قول بعض المنشدين والمؤذنين والمداحين والمغالين الذين يقولون «ربي خلق طه من نور»، فالحق أحق أن يتّبع، النبي بشر بنص القرءان لكنه خير خلق الله على الإطلاق.
ويجب التحذير من قول بعض المؤذنين: الصلاة والسلام عليك يا أول خلقه الصلاة والسلام عليك يا نور عرش الله.
واعلَم أَنَّ فضل رسول الله صلى الله عليه وسلم ثابت في القرءان والأحاديث، فلا يُحْتَاجُ فِي إِثْبَاتِ فَضْلِهِ إِلَى ذِكْرِ مَا فِيهِ كَذِبٌ وَغُلُوٌّ، فَقَدْ رَوَى أَحْمَدُ وَابْنُ حِبَّانَ عَنْ عُمَرَ بنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهُ صلى الله عليه وسلم: «لا تُطْرُونِي كَمَا أَطْرَتِ النَّصَارَى عِيسَى، فَإِنَّمَا أَنَا عَبْدٌ، فَقُولُوا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ» .
على أنّ الْكَذِبَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَيْسَ بِالأَمْرِ الْهَيِّنِ بَلْ هُوَ مِنْ كَبَائِرِ الذُّنُوبِ كَمَا رَوَى مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ حَدَّثَ عَنِّي بِحَدِيثٍ يَرَى أَنَّهُ كَذِبٌ فَهُوَ أَحَدُ الْكَاذِبِينَ» ، وَرَوَى الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَغَيْرُهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّار» .
فَإذا علم هذا أَنَّ وَصْفَ الرَّسُولِ بِمَا لَمْ يَصِحَّ عَنْهُ وَبِمَا فِيهِ كَذِبٌ هُوَ مِنْ قَبِيلِ الْغُلُوِّ الْمَذْمُومِ، وَلا يُحْتَجُّ لِذَلِكَ أَنَّهُ مِنْ قَبِيلِ أَحَادِيثِ الْفَضَائِلِ، فَإِنَّ أَحَادِيثَ الْفَضَائِلِ يُتَسَاهَلُ فِيهَا بِرِوَاية الضَّعِيفِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، أَمَّا الْمَكْذُوبُ فَلا يُقْبَلُ فِي الْفَضَائِلِ بِالإِجْمَاعِ.
وَمِنَ الْمَفَاسِدِ الَّتِي انْتَشَرَتْ، وَأَقْبَلَ عَلَى قِرَاءَتِهَا كَثِيرٌ مِنَ الْعَامَّةِ بَعْضُ الْكُتُبِ الَّتِي أُلِّفَتْ فِي الْمَوْلِدِ النَّبَوِيِّ، وَحُشِيَتْ بِالأَحَادِيثِ الْمَكْذُوبَةِ، وَالأَخْبَارِ الْمَعْلُولَةِ، وَالْغُلُوِّ الْمَذْمُومِ، وَالْكَذِبِ عَلَى الدِّينِ، وَالتَّجْسِيمِ وَالتَّشْبِيهِ، فَيَحْرُمُ رِوَايتها مِنْ غَيْرِ تَبْيِينِ أَمْرِهَا، بل وَيَجِبُ التَّحْذِيرُ مِنْهَا.
وَمِنْ أَشْهَرِ هَذِهِ الْكُتُبِ الْمَدْسُوسَةِ الْكِتَابُ الْمُسَمَّى «مَوْلِدُ الْعَرُوسِ» وَفِيهِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَبَضَ قَبْضَةً مِنْ نُورِ وَجْهِهِ فَقَالَ لَهَا كُونِي مُحَمَّدًا فَكَانَتْ مُحَمَّدًا، وَفِي هَذِهِ الْعِبَارَةِ نِسْبَةُ الْجُزْئِيَّةِ لِلَّهِ تَعَالَى، وَهُوَ مُنَزَّهٌ عَنِ الْجُزْئِيَّةِ وَالاِنْحِلالِ، فَهُوَ لا يَقْبَلُ التَّعَدُّدَ وَالْكَثْرَةَ، وَلا التَّجَزُّءَ وَالاِنْقِسَامَ، وَاللَّهُ مُنَزَّهٌ عَنْ ذَلِكَ لا يُشْبِهُ شَيْئًا مِنْ خَلْقِهِ وَلا يُشْبِهُهُ شَىْءٌ مِنْ خَلْقِهِ {…لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ *} [سورة الشورى] . وَحُكْمُ مَنْ يَعْتَقِدُ أَنَّ مُحَمَّدًا أَوْ غَيْرَهُ جُزْءٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى التَّكْفِيرُ قَطْعًا قَالَ تَعَالَى: {وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءًا… *} [سورة الزخرف] . وليتنبه إلى أنّ هَذَا الْكِتَابُ لَيْسَ مِنْ تَأْلِيفِ ابن الْجَوْزِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ، بَلْ هُوَ مَنْسُوبٌ إِلَيْهِ زُورًا وَبُهْتَانًا، وَمَا فِي كُتُبِ ابن الْجَوْزِيِّ مِنْ تَنْزِيهِ اللَّهِ عَنْ مُشَابَهَةِ الْمَخْلُوقِينَ وَنَفْيِ التَّجْسِيمِ وَالْجُزْئِيَّةِ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى مُخَالِفٌ لِمَا فِي هَذَا الْكِتَابِ الْمُفْتَرَى، بَلْ إِنَّ في رَكَاكَةَ أَلْفَاظِهِ، وَضَعْفِ تَرْكِيبِ عِبَارَاتِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ تَأْلِيفِ ابن الْجَوْزِيِّ الْمُحَدِّثِ الْفَقِيهِ الْمُفَسِّرِ الَّذِي أُعْطِيَ بَاعًا قَوِيًّا فِي الفصاحة والبيان الْوَعْظِ وَالإِرْشَادِ، فَكَانَ إذا تَكَلَّمَ حَرَّكَ الْقُلُوبَ حَتَّى إِنَّهُ أَسْلَمَ عَلَى يَدِهِ مِائَةُ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُ. وَلَمْ يَنْسُبْ إِلَيْهِ هَذَا الْكِتَابَ إِلاَّ الْمُسْتَشْرِقُ بروكلمان.
وَمِنَ الْمَفَاسِدِ الَّتِي انْتَشَرَتْ بَيْنَ الْعَوَامِّ مَا دَرَجَ عَلَيْهِ بَعْضُ قُرَّاءِ الْمَوْلِدِ النَّبَوِيِّ وَبَعْضُ الْمُؤَذِّنِينَ مِنْ قَوْلِهِمْ «إِنَّ مُحَمَّدًا أَوَّلُ الْمَخْلُوقَاتِ» وَمَا ذَاكَ إِلاَّ لِنَشْرِ حَدِيثِ جَابِرٍ الْمَكْذُوبِ «أَوَّلُ مَا خَلَقَ اللَّهُ نُورُ نَبِيِّكَ يَا جَابِرُ خَلَقَهُ اللَّهُ مِنْ نُورِهِ قَبْلَ الأَشْيَاءِ»، فَهَذَا الْحَدِيثُ لا أَصْلَ لَهُ مَكْذُوبٌ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ.
أَمَّا مُخَالَفَتُهُ لِلْكِتَابِ فَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {…وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ… *} [سورة الأنبياء] ، وَقَالَ تَعَالَى: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ… *} [سورة الكهف] .
وَأَمَّا مُخَالَفَتُهُ لِلأَحَادِيثِ الثَّابِتَةِ، فَقَدْ رَوَى الْبُخَارِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ عَنْ عِمْرَانَ بنِ الْحُصَيْنِ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «كَانَ اللَّهُ وَلَمْ يَكُنْ شَىْءٌ غَيْرُهُ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ» .
وَرَوَى ابن حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي إذا رَأَيْتُكَ طَابَتْ نَفْسِي وَقَرَّتْ عَيْنِي فَأَنْبِئْنِي عَنْ كُلِّ شَىْءٍ، قَالَ: «كُلُّ شَىْءٍ خُلِقَ مِنَ الْمَاءِ» ، وَرَوَى السُّدِّيُّ فِي تَفْسِيرِهِ بِأَسَانِيدٍ مُتَعَدِّدَةٍ: «إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَخْلُقْ شَيْئًا مِمَّا خَلَقَ قَبْلَ الْمَاءِ».
فَفِي الْحَدِيثِ الأَوَّلِ نَصٌّ عَلَى أَنَّ الْمَاءَ وَالْعَرْشَ هُمَا أَوَّلُ خَلْقِ اللَّهِ، وَأَمَّا أَنَّ الْمَاءَ قَبْلَ الْعَرْشِ فَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنَ الْحَدِيثَيْنِ التَّالِيَيْنِ.
وَأَمَّا عَزْوُ حَدِيثِ جَابِرٍ لِلْبَيْهَقِيِّ فَغَيْرُ صَحِيحٍ، وَأَمَّا نِسْبَتُهُ لِمُصَنَّفِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ فمكذوب فَإنه لا وُجُودَ لَهُ فِي مُصَنَّفِهِ وَلا فِي جَامِعِهِ وَلا تَفْسِيرِهِ بَلِ الْمَوْجُودُ فِي تَفْسِيرِهِ عَكْسُ هَذَا، فَقَدْ ذَكَرَ أَنَّ أَوَّلَ الْمَخْلُوقَاتِ وُجُودًا الْمَاءُ، وَقَالَ الْحَافِظُ السُّيُوطِيُّ فِي الْحَاوِي عَنْ حَدِيثِ جَابِرٍ: «لَيْسَ لَهُ إِسْنَادٌ يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ» اهـ. وَهُوَ حَدِيثٌ مَوْضُوعٌ جَزْمًا، وَقَدْ صَرَّحَ فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ أَنَّ حَدِيثَ أَوَّلِيَّةِ النُّورِ الْمُحَمَّدِي لا يَثْبُتُ. ومما َيَشْهَدُ لِصِحَّةِ الحُكْمِ عَلَيْهِ بِالْوَضْعِ رَكَاكَةُ أَلْفَاظِهِ فَإِنَّ الرَّسُولَ هو أَفْصَحُ خَلْقِ اللَّهِ وَأَقْوَاهُمْ بَلاغَةً فَلا يَتَكَلَّمُ بِالرَّكِيكِ، وَقَدْ حَكَمَ الْمُحَدِّثُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ بنُ الصِّدِّيقِ الْغُمَارِيُّ عَلَيْهِ بِالْوَضْعِ مُحْتَجًّا بِأَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ رَكِيكٌ وَمَعَانِيهِ مُنْكَرَةٌ، أَقُولُ: الأَمْرُ كَمَا قَالَ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ إِلاَّ هَذِهِ الْعِبَارَةُ «خَلَقَهُ اللَّهُ مِنْ نُورِهِ قَبْلَ الأَشْيَاءِ» لَكَفَى ذَلِكَ رَكَاكَةً، لأِنَّهُ مُشْكِلٌ غَاية الإِشْكَالِ، لأِنَّهُ إِنْ حُمِلَ ضَمِيرُ مِنْ نُورِهِ عَلَى مَعْنَى مَخْلُوقٍ لِلَّهِ كَانَ ذَلِكَ نَقِيضَ الْمُدَّعَى، لأِنَّهُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ يَكُونُ ذَلِكَ النُّورُ هُوَ الأَوَّلُ لَيْسَ نُورَ مُحَمَّدٍ، بَلْ نُورُ مُحَمَّدٍ ثَانِي الْمَخْلُوقَاتِ، وَإِنْ حُمِلَ عَلَى إِضَافَةِ الْجُزْءِ لِلْكُلِّ كَانَ الأَمْرُ أَفْظَعَ وَأَقْبَحَ لأِنَّهُ يَكُونُ إِثْبَاتَ نُورٍ هُوَ جُزْءٌ لِلَّهِ تَعَالَى، فَيُؤَدِّي ذَلِكَ إِلَى أَنَّ اللَّهَ مُرَكَّبٌ، وَالْقَوْلُ بِالتَّرْكِيبِ فِي ذَاتِ اللَّهِ مِنْ أَبْشَعِ الْكُفْرِ، لأِنَّ فِيهِ نِسْبَةُ الْحُدُوثِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى. وَبَعْدَ هَذِهِ الْجُمْلَةِ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ الْمَكْذُوبِ رَكَاكَاتٌ بَشِعَةٌ يَرُدُّهَا الذَّوْقُ السَّلِيمُ وَلا يَقْبَلُهَا.
ثُمَّ هُنَاكَ عِلَّةٌ أُخْرَى وَهِيَ الاِضْطِرَابُ فِي أَلْفَاظِهِ لأِنَّ بَعْضَ الَّذِينَ أَوْرَدُوهُ فِي مُؤَلَّفَاتِهِمْ رَوَوْهُ بِشَكْلٍ، وَءَاخَرُونَ رَوَوْهُ بِشَكْلٍ ءَاخَرَ مُخْتَلِفٍ فِي الْمَعْنَى، فَإِذَا نُظِرَ إِلَى لَفْظِ الزَّرْقَانِيِّ ثُمَّ لَفْظِ الصَّاوِيِّ ظهر اخْتِلافٌ كَبِيرٌ.
أَمَّا حَدِيثُ: «كُنْتُ أَوَّلَ النَّبِيِّينَ فِي الْخَلْقِ وَءَاخِرَهُمْ فِي الْبَعْثِ» فَهُوَ ضَعِيفٌ كَمَا نَقَلَ ذَلِكَ الْمُحَدِّثُونَ وَفِيهِ بَقِيَّةُ ابن الْوَلِيدِ وَهُوَ مُدَلِّسٌ، وَسَعِيدُ بنُ بَشِيرٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ.
أَمَّا حَدِيثُ: «كُنْتُ نَبِيًّا وَءَادَمُ بَيْنَ الْمَاءِ وَالطِّينِ»، وَ: «كُنْتُ نَبِيًّا وَلا ءَادَمَ وَلا مَاءَ وَلا طِينَ» فَلا أَصْلَ لَهُمَا. وَلا حَاجَةَ لِتَأْوِيلِهِما فَإِنَّهُ لا حَاجَةَ لِتَأْوِيلِ الآية أَوِ الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ لِخَبَرٍ مَوْضُوعٍ لا أَصْلَ لَهُ.
ـ[123] كتاب «التفسير الكبير البحر المحيط» طبعة دار إحياء التراث العربي بيروت في تفسيره لسورة المائدة في شرحه على هذه الآية.
ـ[124] الجامع لأحكام القرءان (طبعة دار الفكر، الطبعة الأولى في المجلد 6 ص118 – 119).
ـ[125] الوسيط في تفسير القرءان المجيد (طبعة دار الكتب العلمية الطبعة الأولى سنة 1415هـ الجزء الثاني في تفسير سورة المائدة ص168 – 169).
ـ[126] جامع البيان في تفسير القرءان (طبعة دار الجيل بيروت ص104).
ـ[127] رسالة في بطلان دعوى أولية النور المحمدي (طبعة دار المشاريع الطبعة الأولى سنة 1422هـ).
