سائل سأل : قيل عن الرسول عليه الصلاة والسلام بأنه سيبعث على رأس كل مائة عام من يجدّد هذا الدين، ماذا نفهم هنا من كلمة التجديد،
وهل معنى حديث الرسول أن مجدد هذا الدين كل مائة عام بيان منه على تطور الحياة وعلى وجوب الاجتهاد في هذه المسائل المستجدّة ؟
– أجاب الإمام الشيخ عبد الله العبدري الشيبي رحمه الله وغفر له ولوالديه :
معنى ذلك أن الرسول أعلَمه الله بأنّه يحصل في أمّته تغيُّر أحوال فأكرمه الله تعالى بأن “يجعل ” لأمّته على رأس كلّ مائة سنة من يجدّد لأمّته دينَهم، وكيف يكون التجديد،
التجديد يكون بردِّ الشُّبَه عن دين الله تعالى ودَحضِ تشكِيكاتِ المشككِين بالبيان والسُّلطة، أو بالبيان فقط،
وظيفة هذا المجدّد توضيحُ الحقّ وكشفُ الشّبُهات ودفعُ التّشكيكات التي تحاك حول الدّين من الأعداء والمبتدعين
ثم قد يكون هو ذا سلطة كعمرَ بنَ عبدِ العزيز هذا كان في رأس المائة الأولى،
عمر بن عبد العزيز حطّمَ البدع والضلالات وأوصل الحقوق إلى أصحابها وأبطل الظّلم والاستبداد الذي كانت الأُمَّة تعانيه عشرات من السّنين قبلَه،
أليس كان يُلعَن سيّدنا عليّ على المنابر من قِبل بني أميّة هو أبطلَه
وكذلك دَحَض شُبَهَ المبتدعة الضّالين، هؤلاء المعتزلة كان لهم رئيس يقال له غيلان من دمشق هو هذا استدعاه عمر بن عبد العزيز لما سمع بأنه يدعو إلى مذهب الاعتزال، فعرض عليه أن يرجع عن هذا استتابه فأظهر التوبة ولولا ذلك لقتله لو استمر على ذلك لقتله
إلى غير ذلك من الاصلاحات ودفع الشُّبَه التي كانت تُحاكُ حولَ الإسلام،
أمّا بعده كان سيدنا الإمام الشافعي على أحد الأقوال والشافعي قام بخدمة كبيرةٍ للدين كان يدحض المبتدعة وتشكيكاتهم وتمويهاتهم على أهل الحقّ
ونوّر بصَائر كثير بما فتح الله عليه من الاجتهاد في الدّين وقوّم عوَجاً كثيراً وأزال عوَجَ الكثير
ثم بعدَه على ما قال بعضُ العلماء رجلٌ آخر شافعي اسمه ابن سُرَيج على رأس المائة الثالثة ثم على رأس المائة الرّابعة كان رجلٌ من أكابر العلماء من أهل التقوى والورع يقال له سهلُ بن محمد بن سليمان
ثم بعده على رؤوس القرون التي بعد ذلك حدث أناسٌ نفع الله بهم المسلمين، خَدَمُوا الدّين، ليس من شرط هذا المجدّد أن يكون صاحب سلطة بل قد يكون صاحب سلطة وعلم وتقوى
وقد يكون صاحبَ علم بلا سلطة كالشافعي، الشافعي ما كان من أهل السّلطة ما تولّى القضاء فضلاً عن الوَزارات،
كذلك هذا الإمام أبو الطّيب سهلُ بنُ محمد لم يكن ممّن باشَرَ وزارةً أو قضاءً أما ابنُ سُريج كان قاضياً، كان عالماً تقيًّا،
أما المهديُّ فهو يجمع بَين الأمرين، السّلطة والتقوى والعلم الجمّ. اهـ
