أبو اسماعيل الهروي ذكر من أثنى عليه أو ذمه

أبو اسماعيل الهروي: ذكر من أثنى عليه أو ذمه

هو المتصوف الحلولي أبو إسماعيل عبد الله بن محمد الأنصاري الهروي، أحد أعمدة التجسيم و التشبيه. وقد كان حنبليا متعصبا، كما نقل ذلك عنه التاج السبكي في طبقاته حيث قال:”كان شديد التعصب للفرق الحنبلية بحيث كان ينشد على المنبر على ما حكى عنه تلميذه محمد بن طاهر:

أنا حنبلي ما حييت وإن أمت فوصيتي للناس أن يتحنبلوا”. انتهى

1- ذكر بعض من أثنى عليه

لقد أكثر أئمة الحنابلة من الثناء على أبي اسماعيل الهروي و خاصة المجسمة منهم كابن أبي يعلى الذي قال في طبقات الحنابلة :” كَانَ يدعى شيخ الإسلام وَكَانَ إمام أهل السنة بهراة ويسمى خطيب أعجم لتبحر علمه وفصاحته ونبله”. انتهى

وأما ما قاله الذهبي في السير: “قال أبو الوقت السجزي : دخلت نيسابور ، وحضرت عند الأستاذ أبي المعالي الجويني ، فقال : من أنت ؟ قلت : خادم الشيخ أبي إسماعيل الأنصاري ، فقال : رضي الله عنه”. قلت : “اسمع إلى عقل هذا الإمام ، ودع سب الطغام إن هم إلا كالأنعام”. انتهى

و قال أيضا في تذكرة الحفاظ: “اسمع ترضي هذا الإمام عن هذا الإمام, وإياك وسماع سب هذا الإمام من الإنعام”. انتهى

وكلام الذهبي يصدق في شيخه ابن تيمية الذي كان يضع على أبي اسماعيل بسبب كتابه منازل السائرين. و أما ترضي إمام الحرمين عليه فهو محمول على عدم اطلاعه على مقالاته الشنيعة في العقيدة و في ذمه للأشاعرة، فمدحه له إنما كان بسبب ما اشتهر به من زهد و تعبد.

و أما ثناء ابن طاهر المقدسي الظاهري عليه و تسميته له بشيخ الإسلام فلا عبرة به، فابن طاهر قد ذمه غير واحد من العلماء:

قال ابن ناصر : “محمد بن طاهر لا يحتج به ، صنف في جواز النظر إلى المرد ، وكان يذهب مذهب الإباحة “. انتهى

و قال أبو سعد السمعاني : “سألت إسماعيل بن محمد الحافظ عن ابن طاهر ، فتوقف ، ثم أساء الثناء عليه ، وسمعت أبا القاسم بن عساكر يقول :جمع ابن طاهر أطراف ” الصحيحين ” وأبي داود ، وأبي عيسى ، والنسائي ، وابن ماجه ، فأخطأ في مواضع خطأ فاحشا “. انتهى

وقال ابن ناصر : “كان لحنة ويصحف ، قرأ مرة : وإن جبينه ليتفصد عرقا – بالقاف – فقلت : بالفاء ، فكابرني” . انتهى

وقال السلفي : “كان فاضلا يعرف ، لكنه لحنة ، قال لي المؤتمن الساجي : كان يقرأ ، ويلحن عند شيخ الإسلام بهراة ، فكان الشيخ يحرك رأسه ، ويقول : لا حول ولا قوة إلا بالله “. انتهى

2- ادعاؤه التصوف وقوله بالاتحاد و الحلول

لقد كان أبو اسماعيل الهروي يظهر التزهد ويدعي التصوف، فقد قال السلفي: “سألت المؤتمن الساجي عن أبي إسماعيل الأنصاري، فقال : “كان آية في لسان التذكير و التصوف”. انتهى

والحقيقة أن الهروي كان زنديقا من زنادقة المتصوفة القائلين بالاتحاد، وقد حاول ابن رجب الحنبلي تبرئته من ذلك فقال في ذيل طبقات الحنابلة 3/67 : “وقد اعتنى بشرح كتابه «منازل السائرين» جماعة، وهو كثير الإشارة إلى مقام الفناء في توحيد الربوبية، واضمحلال ما سوى الله تعالى في الشهود لا في الوجود. فيتوهم فيه أنه يشير إلى الاتحاد حتى انتحله قوم من الاتحادية، وعظموه لذلك. وذمه قوم من أهل السنة، وقدحوا فيه بذلك. وقد برأه الله من الاتحاد. وقد انتصر له شيخنا أبو عبد الله بن القيم في كتابه الذي شرح فيه المنازل وبين أن حمل كلامه على قواعد الاتحاد زور وباطل”. انتهى

وفي كلام ابن رجب ما يدل على أن أهل السنة المحققين ذموا الهروي لأقواله الصريحة في الاتحاد و ما زعمه ابن رجب أنه بريء من ذلك الاعتقاد فهو مردود بكلام ابن تيمية و غيره من العلماء:

قال ابن خلدون في مقدمته 3/1073-1074 – تحقيق: على عبد الواحد موافي – ما نصه: :” ثم إن هؤلاء المتأخرين من المتصوفة المتكلمين في الكشف وفيما وراء الحس، توغلوا في ذلك، فذهب الكثير منهم إلى الحلول والوحدة كما أشرنا إليه، وملأوا الصحف منه، مثل الهروي، في كتاب المقامات له، وغيره”. انتهى

و قال ابن تيمية منهاج السنة النبوية في نقض الشيعة القدرية: “وهذا الذي ذمه الجنيد – يعني قوله: التوحيد: إفراد الحدوث عن القدم- وأمثاله من الشيوخ العارفين وقع فيه خلق كثير حتى من أهل العلم بالقرآن وتفسيره والحديث والآثار ومن المعظمين لله ورسوله باطنا وظاهرا المحبين لسنة رسول الله صلى الله عليه و سلم الذابين عنها وقعوا في هذا غلطا لا تعمدا. وهم يحسبون أن هذا نهاية التوحيد كما ذكر ذلك صاحب منازل السائرين مع علمه وسنته ومعرفته ودينه. وقد ذكر في كتابه «منازل السائرين» أشياء حسنة نافعة وأشياء باطلة ولكن هو فيه ينتهي إلى الفناء في توحيد الربوبية ثم إلى التوحيد الذي هو حقيقة الإتحاد”. انتهى

وقال في مجموع الفتاوى في معرض كلامه عن الحلولية: “وقد وقع طائفة من الصوفية حتى صاحب منازل السائرين في توحيده المذكور في آخر المنازل في مثل هذا الحلول؛ ولهذا كان أئمة القوم يحذرون عن مثل هذا”. انتهى

و قال الذهبي في تاريخ الإسلام ،33/55-56- تحقيق عمر عبد السلام تدمري، طبعة دار الكتاب العربي- ما نصه: ” وله في السوق كتاب منازل السائرين وهو كتاب نفيس في التصويف، ورأيت الاتحادية تعظم هذا الكتاب وتنتحله، وتزعم أنه على تصوفهم الفلسفي. وقد كان شيخنا ابن تيمية بعد تعظيمه لشيخ الإسلام يحط عليه ويرميه بالعظائم بسبب ما في هذا الكتاب. نسأل الله العفو”. انتهى

و قال تاج الدين السبكي: “كان ابن تيمية مع ميله إليه يضع من هذا الكتاب – أي منازل السائرين-“. انتهى

ونقل السبكي عن الذهبي أنه قال : “وكان – يعني ابن تيمية- يرمي أبا إسماعيل بالعظائم بسبب هذا الكتاب ويقول: انه مشتمل على الاتحاد”. انتهى

وقد نقل ابن القيم في مدارج السالكين عن ابن تيمية أنه قال عنه: “علمه خير من عمله”. لكن ابن تيمية كان صاحب أهواء فرغم رميه لأبي اسماعيل الهروي بالاتحاد والحلول فقد كان يحتج به على مخالفيه.

وانتصار ابن القيم للهروي الذي ذكره ابن رجب واضح في كتابه مدارج السالكين، ومما يدل على ذلك ما قاله محمد بن صالح العثيمين في لقاء الباب المفتوح 132 – السؤال رقم 9 – في معرض كلامه عن كتاب ” مدارج السالكين ” لابن القيم ونص عبارته: “الكتاب كما تعرف هو شرح لـمنازل السائرين ، وأصل الكتاب المشروح فيه بعض الملاحظات ، ففيه ما يومئ إلى شيء كبير في الدِّين ، وإن كان ابن القيم رحمه الله اعتذر عنه ، وبيَّن أنه بريء مما يتبادر من كلامه”. انتهى

فكتاب منازل السائرين قد شرحه ابن القيم في مدارج السالكين. ومن اطلع على هذا الكتاب وقف على طامات عظيمة تخالف معتقد أهل السنة، حتى قال الذهبي في العلو:”كَانَ أَبُو إِسْمَاعِيل آيَة فِي التَّفْسِير رَأْسا فِي التَّذْكِير عَالما بِالْحَدِيثِ وطرقه بَصيرًا باللغة صَاحب أَحْوَال ومقامات فياليته لَا ألف كتاب الْمنَازل فَفِيهِ أَشْيَاء مُنَافِيَة للسلف وشمائلهم” .انتهى

و قد علق الألباني على قول الذهبي: “ففيه أشياء منافية للسلف” بقوله : “قلت: تجد أمثلة من ذلك في كتب ابن تيمية رحمه الله، ومنها رسالته في القضاء والقدر”. انتهى

و هذا الكتاب فيه كفر صريح كتلك الأبيات وهي قوله:

ما وحد الواحد من واحد إذ كل من وحده جاحد

توحيد من ينطق عن نعته عارية أبطلها الواحد

توحيده إياه توحيده ونعت من ينعته لاحد

وهذه الأبيات من أشنع الأمور التي ذكرها الهروي.

قال ابن تيمية في مجموع الفتاوى بعد ذكره لهذه الأبيات: “فإن حقيقة قول هؤلاء أن الموحد هو الموحد ، وأن الناطق بالتوحيد على لسان العبد هو الحق وأنه لا يوحده إلا نفسه فلا يكون الموحد إلا الموحد ويفرقون بين قول فرعون : أنا ربكم الأعلى وبين قول الحلاج : أنا الحق وسبحاني . فإن فرعون قال ذلك : وهو يشهد نفسه فقال عن نفسه ، وأما أهل الفناء فغابوا عن نفوسهم وكان الناطق على لسانهم غيرهم. وهذا مما وقع فيه كثير من المتصوفة المتأخرين ولهذا رد الجنيد على هؤلاء لما سئل عن التوحيد فقال : هو الفرق بين القديم والمحدث فبين الجنيد – سيد الطائفة – أن التوحيد لا يتم إلا بأن يفرق بين الرب القديم والعبد المحدث ؛ لا كما يقوله هؤلاء الذين يجعلون هذا هو هذا وهؤلاء أهل الاتحاد والحلول الخاص والمقيد وأما القائلون بالحلول والاتحاد العام المطلق فأولئك هم الذين يقولون : إنه بذاته في كل مكان أو إنه وجود المخلوقات وقد بسط الكلام على هؤلاء في غير هذا الموضوع”. انتهى

و قال المجسم ابن أبي العز الحنفي في شرح العقيدة الطحاوية: “ولا شك أن النوع الثاني والثالث من التوحيد الذي ادعوا أنه توحيد الخاصة وخاصة الخاصة ينتهي إلى الفناء الذي يشمر إليه غالب الصوفية وهو درب خطر يفضي إلى الاتحاد انظر إلى ما أنشد شيخ الإسلام أبو اسماعيل الأنصاري تعالى حيث يقول

ما وحد الواحد من واحد … إذ كل من وحده جاحد

توحيد من ينطق عن نعته … عارية أبطلها الواحد

توحيده إياه توحيده … ونعت من ينعته لأحد

وإن كان قائله لم يرد به الإتحاد لكن ذكر لفظا مجملا محتملا جذبه به الاتحادي إليه وأقسم بالله جهد أيمانه أنه معه ولو سلك الألفاظ الشرعية التي لا أجمال فيها كان أحق مع أن المعنى الذي حام حوله لو كان مطلوبا منا لنبه الشارع عليه ودعا الناس إليه وبينه فإن على الرسول البلاغ المبين فأين قال الرسول : هذا توحيد العامة وهذا توحيد الخاصة وهذا توحيد خاصة الخاصة ؟ أو ما يقرب من هذا المعنى ؟ أو أشار إلى هذه النقول والعقول حاضرة فهذا كلام الله المنزل على رسوله صلى الله عليه و سلم وهذه سنة الرسول وهذا كلام خير القرون بعد الرسول وسادات العارفين من الأئمة هل جاء ذكر الفناء فيها وهذا التقسيم عن أحد منهم ؟ وإنما حصل هذا من زيادة الغلو في الدين المشبه لغلو الخوارج بل لغلو النصارى في دينهم وقد ذم الله تعالى الغلو في الدين ونهى عنه”. انتهى

وأما قول التاج السبكي : “و أنا لا أعتقد فيه أنه يعتقد الاتحاد” فلا دليل للمشبهة عليه، لأنه وإن كان نفى عنه الاتحاد فهو لم ينف عنه الحلول و كلامه في منازل السائرين صريحة في ذلك .

أبو اسماعيل الهروي: ذكر من أثنى عليه أو ذمه

https://www.facebook.com/share/p/VpBaWS9TfocDhC3k/?mibextid=xfxF2i

بيان أنه كان من زنادقة المتصوفة

https://www.facebook.com/share/p/VCPhfwdcs5i7LQGG/?mibextid=xfxF2i

اعتقاده التجسيم

https://www.facebook.com/share/p/o2V9K6TMS7qHibKJ/?mibextid=xfxF2i

اثباته صفة الخط لله

https://www.facebook.com/share/p/JvhLr23ngdz7Jcip/?mibextid=xfxF2i

نقض ذمه للأشعري

https://www.facebook.com/share/UXbdaFWXPWAqJKXt/?mibextid=xfxF2i