أبو عبد الله محمد بن صالح المعافري القحطاني المتوفى سنة 387هـجري
من جملة ما يذكره المبتدعة للقدح في الإمام أبي الحسن الأشعري أبيات شعرية تُنسب لأبي عبد الله محمد بن صالح المعافري القحطاني المالكي الأندلسي و تعرف بنونية القحطاني. وهذه النونية يعتني بحفظها بعض صغار المجسمة. فإن كان بعض المجسمة يعتقدون أن الإمام الأشعري قد رجع إلى ما يوافق مذهبهم في التجسيم – وحاشاه رحمه الله – فلماذا يشتمونه و يضللونه و يتشدقون بنونية القحطاني. ومما جاء في هذه النونية قوله:
والآن أهجو الأشعري وحزبه … وأذيع ما كتموا من البهتان
وفي نسبة هذه القصيدة للقحطاني شك كبير فقد جاء فيها ذم لأبي العلاء المعري الشاعر المشهور الذي ولد سنة 363 هجري من ذلك قوله:
تعس العمي ابو العلاء فانه قد كان مجموعا له العميان
ولقد نظمت قصيدتين بهجوه ابيات كل قصيدة مئتان
فيكون عمر أبي العلاء المعري 24 سنة على أقصى تقدير عند وفاة القحطاني. و يظهر أن القحطاني نظم في الرد عليه قصيدتين. و يبعد أن تكون شهرة المعري قد ذاعت في مثل ذلك السن حتى قام البعض بذمه بقصائد تتكون من مئات الأبيات. ومما يدل على ذلك أن بعض المهتمين بأدب المعري يذكرون أنه هاجر من المعرة في طلب العلم في سنٍ بين الثلاثين والخامسة والثلاثين للعراق ولبنان وهناك اطلع على كتب الفلاسفة، حتى إذا عاد لزم بيته وتوافد عليه طلاب العلم من كل فج، وهناك أثيرت حوله الأقوال والتهم. ومن الجدير ذكره أيضا أنه لا توجد أي قرينة ترجح أن يكون القحطاني هو صاحب القصيدة, فقد تم طبعت هذه الأبيات مرات كطبعة مكتبة السوادي في جدة و طبعة دار الحرمين بالقاهرة و طبعة دار الذكرى و لم يُذكر في أي من الطبعات ذكرا لمخطوط القصيدة. و لا يوجد في كلام العلماء المتقدمين ذكر لها غير الأبيات التي نقلها المجسم ابن القيم في نونيته. والعجيب كيف يستدل المجسمة بقصيدة قالها ناظمها بعد موته و زعمه دخول الجنة و ملقاة الرسول و أصحابه فيها و من ذلك قوله:
قد عشت مسرورا و مت مخفرا و لقيت ربي سرني و رعاني
وأباحني جنات عدن آمنا و من الجحيم بفضله عافاني
ولقيت أحمد في الجنان و صحبه و الكل عند لقائهم أدناني
وبعض هؤلاء المجسمة جعل هذا الكلام داخل تحت باب إحسان الظنّ بالله و لو قاله صوفي لقالوا عنه أنه يدعي علم الغيب و أن ذلك كله من دجل الصوفية وتقديسهم لأنفسهم. و الغريب كيف يحتج المجسمة بهذه القصيدة و ناظمها يختلف معهم في أمور عقائدية كتنزيه الله عن المكان و المجيء بلا حركة فمن ذلك قوله:
لا تحصر الأوهام مبلغ ذاته أبدا و لا يحويه قطر مكان
وقوله:
والله في القرآن أخبر أنه يأتي بغير تنقل وتدان
وللعلامة ضياء الدين أبي العباس أحمد بن محمد ابن عمر بن يوسف بن عمر بن عبد المنعم القرطبي رسالة في الدفاع عن الإمام الأشعري سماها زجر المفتري على أبى الحسن الأشعري ألفها ردا على بعض المبتدعة الذين هجوا أبا الحسن الأشعري. وقد بعث بها إلى شيخ الإسلام تقى الدين أبي الفتح ابن دقيق العيد فوقف عليها وقرظها.
