الشيخُ محيي الدين بن عربي الحاتمي الطائي الأندلسي – ثناء العلماء عليه وبيان الدس الواقع في كتبه

الشيخُ محيي الدين بن عربي الحاتمي الطائي الأندلسي المتوفى سنة 638 هـجري

الجزء الأول: ثناء العلماء عليه وبيان الدس الواقع في كتبه

1- ذكر ثناء العلماء عليه

كان الشيخ محي الدين بن عربي من العلماء الصالحين، ترجمه الحافظ ابن حجر في لسان الميزان، فقال تعليقا على ترجمة الذهبي: “وقد اعتد بالمحيى بن عربي أهل عصره، فذكره بن النجار في ذيل تاريخ بغداد وابن نفطة في تكملة الأكمال وابن العدم في تاريخ حلب والذكي المنذري في الوفيات وما رأيت في كلامهم تعديا على الطعن كلهم ما عرفوها أو ما اشتهر كتابه الفصوص”. انتهى

وقال الحافظ محب الدين محمد بن محمود بن النجار البغدادي المتوفى سنة 643 هجري في كتابه “ذيل تاريخ بغداد ” : “محمد بن علي بن محمد بن عربي أبو عبد الله الطائي من أهل الأندلس. ذكر لي أنه ولد بمرسية في ليلة الاثنين سابع عشر من رمضان سنة ستين وخمسمائة. و نشأ بها، وانتقل إلى أشبيلية في سنة ثمان وسبعين، فأقام بها إلى سنة ثمان وتسعين. ثم دخل بلاد الشرق، وطاف بلاد الشام، ودخل بلاد الروم. و كان قد صحب الصوفية، وأرباب القلوب، وسلك طريق القوم، وحج وصنف كتباً في علوم القوم، وفي أخبار مشايخ الغرب، وزُهَّادها، وله أشعار حسنة، وكلام مليح. اجتمعت به بدمشق، وكتبت عنه أشياء من شعره، ونعم الشيخ هو. دخل بغداد، وحدَّث بها بشيء من مصنفاته، وكتب عنه الحافظ أبو عبد الله بن الدبيثي. انتهى كلامه

وقال الحافظ أبو بكر بن نقطة البغدادي الحنبلي المتوفى سنة 629هــجري في كتابه ” تكملة الإكمال “: “”وأبو بكر محمد بن علي بن العربي من أهل المغرب سكن بلاد الروم ملطية وقونية وقد طاف البلاد ودخل بغداد له كلام وشعر حسن على طريقة العارفين غير أنه لا يعجبني شعره”. انتهى

وقال الحافظ الفقيه المؤرخ أبو شامة المقدسي المتوفى سنة (665هـ)

في كتابه “تراجم رجال القرنين السادس والسابع ” ما نصه: “وفي الثاني والعشرين من الربيع الآخر توفي بدمشق المحيي الدين بن العربي واسمه : محمد بن علي بن محمد بن العربي أبو عبد الله الطائي الحاتمي قرأته من خطه وذكره الزيني في تاريخه ودفن بمقبرة القاضي محيي الدين بجبل قاسيون . حضرت الصلاة عليه بجامع دمشق يوم الجمعة وشيعته إلى الميدان بسوق الغنم ، وكانت له جنازة حسنة ، وله تصانيف كثيرة وعليه التصنيف سهل، وله شعر حسن وكلام طويل على طريق التصوف وغيره . وهو من بلاد الأندلس….”. انتهى

وقال الحافظ جمال الدين المحمودي الدمشقي ابن الصابوني المتوفى سنة 680 هـجري في كتابه ” تكملة اكمال الإكمال”: “شيخنا الزاهد أبو الطاهر إسماعيل بن سودكين بن عبد الله النوري شيخ فاضل: له شعر حسن، وكلام في التصوف. صحب الشيخ العارف أبا عبد الله محمد بن علي بن محمد بن العربي، وكتب عنه أكثر مصنفاته”. انتهى

وقال المؤرخ أبو عبد الله بن زكريا بن محمد القزويني المتوفى سنة 682 هـ

في كتابه “آثار البلاد وأخبار العباد” ما نصه: “……ينسب إليها الشيخ الفاضل محمد بن العربي الملقب بمحيي الدين. رأيته بدمشق سنة ثلاثين وستمائة. وكان شيخاً فاضلاً أديباً حكيماً شاعراً عارفاً زاهداً. سمعت أنه يكتب كراريس فيها أشياء عجيبة. سمعت أنه كتب كتاباً في خواص قوارع القرآن…….”. انتهى

وقال صفى الدين بن ظافر الأزدي المتوفى سنة 682هـ في رسالته: ” رأيت بدمشق الشيخ الإمام العارف الوحيد محيي الدين بن عربي وكان من أكبر علماء الطريق جمع بين سائر العلوم الكسبية وما وفر له من العلوم الوهبية ومنزلته شهيرة وتصانيفه كثيرة وكان غلب عليه التوحيد علما وخلقا وحالا لا يكترث بالوجود مقبلا كان أو معرضا وله علماء أتباع أرباب مواجيد وتصانيف وكان بينه وبين سيدي الأستاذ الحرار إخاء ورفقة في السياحات رضي الله تعالى عنهما”. انتهى

وذكره الحافظ ابن حجر العسقلاني في كتابه” لسان الميزان “

والمقري التلمساني في كتابه “النفح الطيب”

وقال عنه ابن الجزري في غاية النهاية في طبقات القراء : “محمد بن علي بن محمد بن عربي الطائي أبو عبد الله المنعوت بمحيي الدين الصوفي المشهور، ولد سنة.. وقرأ القراءات بالأندلس على أبي بكر محمد بن خلف بن صاف صاحب شريح وروى التيسير سماعاً من أبي بكر محمد بن أحمد بن أبي جمرة وروى بالإجازة من ابن هذيل وروى التجريد بالإجازة عن يحيى بن سعدون القرطبي، روى التيسير عنه سماعاً محمد بن علي بن أبي الذكر المطرز وروى عنه الكافي عبد الله بن علي بن محمد الخولاني، توفي سنة ثمان وثلاثين وستمائة بدمشق ودفن بالصالحية بتربة بني الزكي وقبره بها ظاهر يزار”. انتهـى

نقله عنه أيضا طاش كبري زاده في مفتاح السعادة ومصباح السيادة.

وقال ابن عابدين الحنفي في كتابه رد المحتار على الدر المختار المشهور بحاشية ابن عابدين : ” وَحَسْبُك قَوْلُ زَرُّوقٍ وَغَيْرِهِ مِنْ الْفُحُولِ ذَاكِرِينَ بَعْضَ فَضْلِهِ ، هُوَ أَعْرَفُ بِكُلِّ فَنٍّ مِنْ أَهْلِهِ ، وَإِذَا أُطْلِقَ الشَّيْخُ الْأَكْبَرُ فِي عُرْفِ الْقَوْمِ فَهُوَ الْمُرَادُ ، وَتَمَامُهُ فِي ط عَنْ طَبَقَاتِ الْمُنَاوِيِّ “. انتهى

ونقل الشعراني في اليواقيت والجواهر أن الإمام النووي والفخر الرازي مدحا الشيخ محي الدين ووصفوه بالولاية.

وقال مؤيد الدين الخجندي : ” ما سمعنا بأحد من أهل الطريق أطلع على ما أطلع عليه الشيخ محيي الدين”. انتهى

كما نقله عنه الشعراني. والخجندي هو اول شراح فصوص الحكم.

كما أثنى على الشيخ محي الدين، جماعة من أعيان العلماء وكبار المجتهدين ونعتوه بغزارة العلم وعلو درجة الولاية؛ منهم: سراج الدين المخزومي، وكمال الدين ابن الزملكاني، وقطب الدين الحموي، وصلاح الدين الصفدي، وقطب الدين الشيرازي، واليافعي، وبدر الدين بن جماعة، وابن كمال باشا، وغيرهم كثير.

2- بيان الدس الواقع في كتب الشيخ محي الدين بن عربي

كتاب الفتوحات المكية و غيره من مؤلفات الشيخ محيي الدين بن عربي، ككتاب فصوص الحكم، تحتوي على كلمات كثيرة من الكفر الصريح الذي لا تأويل له كما قال المحدث الحافظ وليِّ الدين العراقي في رسالة له سمّاها الأجوبة المرضية.

قال الشعراني : ” إِذا علمت ذلك، فيحتمل أن الحسدة دسوا على الشيخ في كتبه، كما دسوا في كتبي أنا، فإِنه أمر قد شاهدته عن أهل عصري في حقي، فالله يغفر لنا ولهم”. انتهى

فعبد الوهاب الشعراني نفسه كان يشتكي من الدس الذي حصل من حساده في كتبه و هو بعد حي يرزق. وهذا الأمر أكده ابن عابدين في حاشيته على الدر المختار عند قوله: [لكن الذي تيقنْتُه]، حيث قال ما نصه: ” كما وقع للشيخ الشعراني أنه افترى عليه بعض الحساد في بعض كتبه أشياء مكفرة، وأشاعها عنه، حتى اجتمع بعلماء عصره، فأخرج لهم مسودة كتابه التي عليها خطوط العلماء فإِذا هي خالية عما افْتُرِيَ عليه”. انتهى

وصاحب الدر المختار هو الشيخ محمد علاء الدين الحصكفي المتوفى سنة 1088 هـجري

وليس الشعراني فقط من أثبت الدس في كتب الشيخ محي الدين، بل الكثير من العلماء منهم الشيخ محمد زاهد الكوثري.

أ- الدس في كتاب الفتوحات المكية

قال الشيخ عبد الوهاب الشعراني: “وما عليه الجمهور فهو مدسوس عليه، كما أخبرني بذلك سيدي أبو طاهر المغربي نزيل مكة المشرفة، ثم أخرج لي نسخة الفتوحات التي قابلها على نسخة الشيخ التي بخطه في مدينة قونيه، فلم أر فيها شيئاً مما كنت توقفت فيه وحذفته حين اختصرت الفتوحات ….”. انتهى

ب- التشكيك في نسبة كتاب فصوص الحكم لمحي الدين ابن عربي

لقد تضمن كتاب الفصوص الكثير من الكفريات، فقد قال العلامة القاضي شرف الدين عيسى بن مسعود الزواوي المالكي شارح صحيح مسلم، ما نصه:” وأما ما تضمنه هذا التصنيف – يعني الفصوص – من الهذيان والكفر والبهتان فهو كله تلبيس وضلال وتحريف وتبديل فمن صدق بذلك أو اعتقد صحته كان كافرا ملحدا صادا عن سبيل الله مخالفا لسنة رسول الله  ملحدا في آيات الله مبدلا لكلماته فإن أظهر ذلك وناظر عليه كان كافرا يستتاب فإن تاب وإلا قتل”. انتهى

لكن هذا الكتاب في نسبته للشيخ ابن عربي شك كبير، فقد قال الفقيه العلامة أبو سعيد الخادمى الحنفي المتوفى سنة 1178 هـ

في كتابه “البريقة المحمودية في شرح الطريقة المحمدية: ” وقيل إن ما يخالف الشرع في الفصوص من إلحاق يهودي قال أبو السعود في المعروضات إن كونه كذلك معروف وجمهور المشايخ وبعض العلماء كالشريف العلامة والسيوطي وابن الكمال وأبي السعود نزهوه عن الكفر وحكموا بفضله بل بولايته “. انتهى

و قال الشيخ محمود محمود الغراب في مقدمة كتابه “شرح فصوص الحكم من كلام الشيخ الأكبر ” الذي صدر لأول مرة عام 1985، الكثير من النقاط للتشكيك في نسبة الكتاب للشيخ محي الدين بن عربي، فقال ، ما نصه: ” لم يرد ذكر اسم هذا الكتاب في أي من كتب الشيخ رضي الله عنه ، إلا أنه جاء ذكره في إجازة الشيخ للملك أبي بكر بن أيوب ، ضمن ما أجازه من قراءة كتبه المذكورة في الإجازة ، وذاك في المدينة سنة 632 هـجري، وفي ديوانه، وإذا اعتبرنا ذلك دليلا على نسبة هذا الكتاب إلى الشيخ ، فيكون بذلك من أواخر الكتب التي ألفها ، حيث ذكر أنه الفه عام 627 هـجري .

ولذلك نجد أنه قد أتى علی ذكر كتب التنزلات الموصلية والفتوحات المكية والتجليات في هذا الكتاب . واشار : للرجوع إليها ، ولكن ما يجب أن يعلمه القارئ هو أن هذا الكتاب وإن كان من أواخر ما ألف الشيخ، إلا أنه ليس بآخرها كتابة .

فإنه ثابت أنه استمر في كتابة الفتوحات المكية حتى عام 935 هـ ، أي بعد ثمان سنوات من كتابة فصوص الحكم”. انتهى

فالشيخ محمود محمود الغراب ذكر هنا أنه لم تظهر نسخة لكتاب فصوص الحكم بخط يد الشيخ الأكبر محي الدين بن العربي حتى بعد تأليفه الفتوحات.

ومما يؤكد كلامه أن أنصار نسبة الفصوص للشيخ محي الدين يذكرون أنه آخر كتاب له وأنه يعود لتاريخ 627 هـجري، فإذا صحت الإشارة الواردة في كتاب الديوان عن الفصوص فهي تدل على أن الديوان كتب بعد الفصوص وهذا مغاير لزعمهم.

وكذلك فإن الإجازة المنسوبة للشيخ ابن عربي التي تذكر كتاب الفصوص، والتي زعموا فيها أنه أجاز الملك أبي بكر بن أيوب، يعود تاريخها لسنة 632 هـجري، و عند مقارنتها مع الفهرس المنسوب للشيخ الأكبر ومع الفترة التي ثبت أن الشيخ كان لايزال يكتب فيها الفتوحات المكية يتبين مدى هشاشة هذا التزوير .

وقال: “ولكن عند تحقيق ما ورد في هذا الكتاب ، نجد أن فيه كثيرا من المخالفات والعبارات التي تناقض تماما مذهب الشيخ وأسلوبه . ولا يوجد وجه جامع يجمع بين هذه المتناقضات ، لذلك نجد أنه من الصعب التسليم بصحة نسبة كل ما جاء في هذا الكتاب الذي بين أيدينا إلى الشيخ.

وقال: ” وسيرى القارئ مدى تجني منتقدي الشيخ على هذه المسائل دون أن يحققوا نسبتها إليه ، في أمور لا تصح نسبتها إلى الشيخ ، وفي أمور قصروا عن إدراك معانيها ويوضحها الشيخ في كتب أخرى”. انتهى

ثم قال عن الصدر القونوي: “هو محمد بن إسحاق بن محمد القونوي المتوفى عام 672 هـ لم يأت ذكر اسم الصدر القونوي المتوفى عام 672 هـ في أي من مؤلفات الشيخ رضي الله عنه على كثرتها ووفرتها. كما أتي على ذكر خواص تلاميذه وأصحابه مثل بدر الحبشي المتوفى عام 625 هـ وإسماعيل بن سودكين المتوفى عام 646 هـ “. انته

وقال: “ولم يحضر الصدر القونوي إلا سماعا واحدا كتبه بخط يده لم يحدد فيه تاريخ السماع ولا الفقرة التي اسمعت.

وقد استمر الشيخ رضي الله عنه في إسماع فقرات من الفتوحات منذ عام 633 هـ حتى عام 637 هـ أي قبل وفاته بعام واحد . وبعد ذلك سجل على الفتوحات بعد وفاة الشيخ اربعة عشر سماعا في حلب عامي 639 هـ و 640 هـ ،

كان المسمع فيها إما إسماعيل بن سودكين أو صدر الدین القونوي ، ولم يدون الصدر أي مخالفة منها على نسخته من الفصوص ،ولا على هامش الفتوحات. أما نسخة الفصوص المنسوبة الى الصدر القونوي فعليها سماع واحد مجهول المكان والفترة ، بل كتب على الغلاف ، كما لا يوجد سامعون ، فكان المسمع الشيخ رضي الله عنه و القارىء صدر الدين القونوي ، وذلك عام 630 هـ ، ومعلوم أن الشيخ كان في ذلك الوقت بدمشق . وعدم وجود سامعين أثناء تلاوة مثل هذا الكتاب أمر يدعو إلى التوقف والتأمل مع كثرة السامعين المذكورين في الفتوحات من نساء ورجال .

كما أنه لا يعتمد السماع بوجوده على الغلاف دون تحديد الفقرة او الباب التي تلي في السماع ، فإذا أضفنا الى ان النسخة ليست بخط يد المؤلف مع اهميتها وأن ما كتبه بخط يده يعارض ما جاء فيها، كان الأخذ بما جاء بخطه مقدما و أوثق مما جاء في الفصوص نقلا وعقلا وتحقيقا” . انتهى

وقال: “نسخة الفصوص الموجودة في متحف الأوقاف باستنبول نسخة خطية تحمل رقم 1933 ت وعليها سماع على الغلاف بتاریخ 630 هـ . ولا يمكن استبعاد تزویر الكتب ونسبتها إلى المؤلفين في الزمان الغابر .

اما اذا صحت نسبة النسخة الى الصدر القونوي ، فلابد أن يكون قد كتبها من ذاكرته وليس إملاء من الشيخ أو نقلا عن نسخة الشيخ الخطية . فإننا نجد ما أملاه الشيخ ابن العربي على تلميذه إسماعيل بن سودكين في كتابه المسمى « النجاة من حجب الاشتباه » في شرح كتابي الإسراء والمشاهد ، نجد اسلوب الشيخ واضحا متماسكا كما هو المعهود به ، ولا نجد في هذا الإملاء أي تناقض ما جاء في الكتب الأخرى.

في حين أننا نجد في نسخة الفصوص المنسوبة إلى الصدر القونوي كثرة المخالفات لأراء الشيخ واستشهاداته مما يدل على أنه قد وقع التصرف في أمور فرعية كثيرة من الكتاب وستجد ذلك في شرحنا للفصوص بعلامة (۰)۰

و لإثبات عدم الثقة بالمخطوطات المنسوبة إلى مكتبة الصدر القونوي اقدم للقارىء هذا المثال عن كتاب « الخلوة المطلقة » وقد ذكره الشيخ فيما ذكر من كتبه مثل الفصوص ، وتوجد منه نسخة خطية للصدر القونوي بمكتبة فيانيدين بتركيا تحت رقم 1686 / 6 ب – 10 ب – وقد حصلنا على نسخة مكتبة برلين فوجدناها مطابقة تماما لنسخة المكتبة الظاهرية بدمشق ، و اذا كانت النسختان متطابقتين للنسختين الموجودتين بتركيا ، فلننظر فيما يلي… وهل يوجد مثل ما جاء في هذا الكتاب من تناقض في كتب الشيخ رضي الله عنه حيث نجد في هذه النسخة قول الكاتب « ولو لم يكن له ( أي لصاحب الخلوة ) سوی ثوبین يتصدق بأحدهما ، أو ثوب واحد يمكن أن يباع بثوبين يستبدله بغيره ويتصدق بالفضل » اهـ .

ثم نجده يقول بعد ذلك « وتستعد ثيابا لطهرك تستبدلها في أكثر الأوقات » اهـ .

وهل يتصور عاقل له أدنى إلمام بكلام الشيخ وأسلوبه العلمي انه يقول لصاحب خلوة « وتستعمل في غذائك قلوب الهدهد تسحقها و تسفها سفا ، فإنك ترى عجایب ؟» انتهـى .

وغير ذلك من المسائل التي أوردها الشيخ محمود محمود الغراب على صفحات كتابه، وقد كان الشيخ محمود يقول : “هذه مسألة تبنى على الحقائق وعلى التحقيق العلمي القائم على تقديم الأدلة ، والأدلة التي بين أيدينا كباحثين أوصلتنا إلى أن كتاب فصوص الحكم كتاب مزور بإسم الشيخ الأكبر”. انتهى

3- ذكر من تصدى للدفاع عن محي الدين ابن عربي

قام بعض المصنفين بالطعن في الشيخ محي الدين ابن عربي، فتحركت همم الكثير من العلماء للدفاع عنه، منهم :

– العلامة مجد الدين الفيروزآبادي صاحب “القاموس المحيط” المتوفى سنة 817هـجري، فألَّف كتابًا يرد فيه على ابن الخياط ما اتهم به الشيخ ابن العربي في عقيدته وسمَّاه: “الاغتباط بمعالجة ابن الخياط”.

– شرف الدين المناوي المتوفى سنة 871 هـجري: قال: والمتصدي لتكفير ابن عربي لم يخف من سوء الحساب وأن يقال له: هل ثبت عندك أنه كافر؟ فإن قال: كتبه تدل على كفره، أفأمن أن يقال له: هل ثبت عندك بالطريق المقبول في نقل الأخبار أنه قال هذه الكلمة بعينها، وأنه قصد بها معناها المتعارف؟والأول: لا سبيل إليه؛ لعدم سندٍ يعتمد عليه في مثل ذلك، ولا عبرة بالاستفاضة؛ لأنه على تقدير ثبوت أصل الكتاب عنه فلا بد من ثبوت كل كلمة كلمة؛ لاحتمال أن يُدَسَّ في الكتاب ما ليس من كلامه من عدوٍ أو ملحدٍ] انتهـى

– الحافظ السيوطي المتوفى سنة 911 هـجري؛ ألَّف رسالتَه: “تنبيه الغبي في تبرئة ابن عربي”.

– الشيخ عبد الوهاب الشعراني؛ أفرد في كتابه “اليواقيت والجواهر” مبحثًا خاصًّا ينفي فيه عن الإمام ابن العربي ما ألصقه به خصومه من دعوى الحلول والاتحاد؛ مستشهدًا على براءته بكلامه هو في “الفتوحات” وغيرها.

– العلامة الشيخ محمد عبد الرؤوف المناوي المتوفى سنة 1031هـجري الذي قال في ترجمة الشيخ محي الدين: “والذي أعتقده ولا يصح غيره: أن الإمام ابن عربي ولي صالح، وعالم ناصح، وإنما فَوَّقَ إليه سهام الملامة من لم يفهم كلامه، على أنه دُسَّت في كتبه مقالات قدره يجل عنها”. انتهى

– الشيخ ابن العماد الحنبلي المتوفى سنة 1089 هـجري في “شذرات الذهب”

– عَبْدِ الْغَنِيِّ النَّابْلُسِيِّ في كِتَابِ الرَّدِّ الْمَتِينِ عَلَى مُنْتَقِصِ الْعَارِفِ مُحْيِي الدِّينِ

– الحَافِظِ السُّيُوطِيّ: له رِسَالَةٌ سَمَّاهَا تَنْبِيهُ الْغَبِيِّ بِتَبْرِئَةِ ابْنِ عَرَبِيٍّ، ومما قال فيها :” وَالْقَوْلُ الْفَصْلُ عِنْدِي فِيهِ طَرِيقَةٌ لَا يَرْضَاهَا الْفِرْقَتَانِ ، وَهِيَ اعْتِقَادُ وِلَايَتِهِ وَتَحْرِيمُ النَّظَرِ فِي كُتُبِهِ”. انتهى

وهذه الرسالة ذكرها محمد زاهد الكوثري وكيل المشيخة الإسلامية في الخلافة العثمانية ورئيس العلماء فيها، في مقالاته، ونصه: “وكان النزاع اشتد بين اهل العلم بشأن ابن الفارض وابن عربي في القرن التاسع الهجري بمصر ، وكان حامل راية الفتنة البرهان البقاعي حتى ألف في ذلك كتابا . وكان قصد السيوطي الرد عليه ، والحادثة مشروحة في ” أحسن المساعي في إيصاح حوادث البقاعي” للسخاوي ، وفي كتب الأنباء المؤلفة في ذلك العصر ، وحادثة مباهلة ابن حجر معروفة ، وكان رأي السخاوي في النزاع القائم في حق ابن الفارض قوله : ” لم يصل إلى ما نسب إليه من الشعر عنه بسند صحيح ، ونحن لا نكفر بأمر محتمل سيما ولا فائدة من تكفيره وإنما الفائدة في التنفير من المقالة ” .

وألف السخاوي كتابا في ابن عربي في مجلد ذكر فيه ماله وما عليه وسماه ” القول المنبي عن ترجمة ابن عربي” ثم لخصه في كراسة سماها “الكفاية في طريق الهداية” بل ألف فيه كتابا آخر وسماه ” تجريد أسماء الآخذين عن ابن عربي” ؛ ورأيه فيه كرأيه في ابن الفارض تقريبًا”. انتهى

وقال: “وقد رد على ” تنبيه الغبي للسيوطي” بقسوة وعنف إبراهيم الحلبي الفقيه صاحب ملتقى الأبحر ، في كتاب سماه ” تنبيه/تسفيه الغبي في تبرئة ابن عربي” كما ألف ” النصوص في نقض الفصوص” ، و “الذريعة إلى نصرة الشريعة” في هذا الشأن ، ومن الرادين على ابن عربي من المتصوفة عبد الحق بن سبعين الإشبيلي في كتابه ” بدء العارف” ومنهم الإمام الرباني في مكتوباته ، ولا يحصى ما ألف في الرد عليه والذب عنه ، والقول الفصل في ذلك رأي السخاوي الذي أشرنا إليه”. انتهى

فهنا نجد أن الكوثري ذكر كتاب “تسفيه الغبي في تبرئة ابن عربي” الذي ألفه إبراهيم الحلبي وقال أن القول الفصل في ذلك هو رأي السخاوي وهو جزمه بأن ما نسب إليه من مقالات، لم تثبت بسند صحيح ، وأنه لا ينبغي التكفر بأمر محتمل لكن ينبغي التنفير من مقالاته.

هذا والمهم التنبية إلى أن ابراهيم الحلبي قد استدرك في كتابه هذا على كثير من العلماء منهم الفيروزابادي وقال أنه ليس لهم من الفضل ما يجوز تقليدهم.

وأما ما ورد عن السيوطي في كتابه التحبير في علم التفسير وهو قوله: ” ويحرم تحريما غليظا أن يفسر القرآن بما لا يقتضيه جوهر اللفظ كما فعل ابن عربي المبتدع الذي ينسب إليه كتاب الفصوص الذي هو كفر كله ” انتهـى

فقد ذكر الدكتور فتحي عبد القادر فريد محقق الكتاب أنه كتب في هامش نسخة دار الكتب المصرية أن ذلك مدسوس عليه.

وأما الكلام المنسوب للسيوطي أيضا في كتابه إتمام الدراية شرح النقاية:” ونعتقد أن طريق أبي القاسم الجنيد سيد الصوفية علما وعملا وصحبة طريق مقوم فإنه خال من البدع دائر على التفويض والتسليم والتبري من النفس بخلاف طريق جماعة من المتصوفة كابن عربي الطائي وأضرابه فإنها زندقة منافية للكتاب والسنة”. انتهى

فهو من كذب وتحريف علي رضا بن عبد الله بن علي رضا في كتابه “المباحث العلمية بالأدلة الشرعية”.

وبالرجوع لكتاب إتمام الدراية، تحقيق ابراهيم العجوز، نجد أن السيوطي قال: “ونعتقد أن طريق أبي القاسم الجنيد سيد الصوفية علما وعملا وصحبة طريق مقوم فإنه خال من البدع دائر على التفويض والتسليم والتبري من النفس مبني على الاتباع للكتاب والسنة”. انتهى

راجع الرابط التالي:

https://www.facebook.com/share/p/2e63yF1SheAkbDKt/?mibextid=qi2Omg

الدس على الإمام السيوطي في كتابه التحبير في علم التفسير، و كتابه الاتقان وكتابه إتمام الدراية شرح النقاية

جاء في النسخة المطبوعة من كتاب التحبير في علم التفسير للسيوطي ما نصه: ” ويحرم تحريما غليظا أن يفسر القرآن بما لا يقتضيه جوهر اللفظ كما فعل ابن عربي المبتدع الذي ينسب إليه كتاب الفصوص الذي هو كفر كله ” انتهـى

وقد ذكر الدكتور فتحي عبد القادر فريد محقق الكتاب أنه كتب في هامش نسخة دار الكتب المصرية أن ذلك مدسوس عليه. وقال أنه وجد في بعض نسخ كتاب الاتقان استبدال حرف الباء في كلمة “الشيخ الأكبر” بحرف الفاء لتصير، ” الشيخ الأكفر”

ومازال بعض المعاصرين يروجون للكذب على الامام السيوطي، فهذا الباحث علي رضا بن عبد الله بن علي رضا في كتابه “المباحث العلمية بالأدلة الشرعية”، ذكر أن السيوطي قال في كتابه إتمام الدراية شرح النقاية:” ونعتقد أن طريق أبي القاسم الجنيد سيد الصوفية علما وعملا وصحبة طريق مقوم فإنه خال من البدع دائر على التفويض والتسليم والتبري من النفس بخلاف طريق جماعة من المتصوفة كابن عربي الطائي وأضرابه فإنها زندقة منافية للكتاب والسنة”. انتهى

وبالرجوع لكتاب إتمام الدراية، تحقيق ابراهيم العجوز، نجد أن السيوطي قال: “ونعتقد أن طريق أبي القاسم الجنيد سيد الصوفية علما وعملا وصحبة طريق مقوم فإنه خال من البدع دائر على التفويض والتسليم والتبري من النفس مبني على الاتباع للكتاب والسنة”. انتهى

ولعل علي الرضا نقل هذا النص من حاشية الصفحة الأولى من احدى مخطوطات تسفيه الغبي لابراهيم الحلبي الحنفي، حيث ذكر ان السيوطي قال ذلك في الكوكب الساطع بنظم جمع الجوامع، مع أن الكوكب الساطع مجرد قصيدة و نظم شعري، فتأمل.