العقيدة المرشدة او مرشدة ابن تومرت
كان انتشار العقيدة المرشدة وشيوعها أولاً في المغرب الأقصى ثم في المغرب الأوسط ثم في إفريقية.
و كانت العقيدة المرشدة معروفة بتونس متناولة فيها بالحفظ والدراسة، فقد قام بشرحها الفقيه المالكي أبو عبد الله محمد بن خليل السكوني الأشعري. ومما يدل على عناية أهل تونس بالعقيدة المرشدة أن أبا القاسم البُرْزُلي أحد أئمة المالكية في المغرب ذكرها في نوازله وأورد نصها كاملاً، ثم شاعت في المشرق وبقيت أكثر من أربعة قرون يرددها المؤذنون في وقت التسبيح، وقد اهتم بتدريسها الإمام فخر الدين بن عساكر المتوفى سنة 620 هـجري.
1- ثناء العلماء على العقيدة المرشدة
هذه العقيدة أثنى عليها الكثير من العلماء:
– قال العلامة أبو عبد الله محمد بن عرفة الورغمي المالكي شيخ الاسلام بتونس وشيخ جامع الزيتونة وخطيبه في العهد الحفصي، و رأس المالكية في زمانه ومجدد القرن الثامن في تفسيره المعروف بتفسير ابن عرفة في سورة الرحمان: و ما أحسن قول الإمام المهدي – يعني ابن تومرت- في عقيدته حيث قال: لا يقالُ متى كانَ ولا أينَ كانَ ولا كيفَ، كان ولا مكان، دبَّر الزمانَ لا يتقيَّدُ بالزمانِ ولا يتخصَّصُ بالمكان”. انتهى
– قال الامام البرزلي المتوفى سنة 844 هـجري في نوازله: “وتواتر الخبر عن الإمام المهدي الشريف رئيس الموحدين وأولهم في ذلك عقيدته المشهورة بالمرشدة… وقد كثر حفظ هذه العقيدة لقلتها وبلاغتها، وأعظم منها القدسية للغزالي، أو الدهاقية لابن الدهاق، فمن أراد الاقتصار على واحدة من هذه أجزأه”. انتهى
– قال ابن النقاش في الدرة المفردة في شرح العقيدة المرشدة: «ولما كان من جملة ما وضع المهدي تقريباً لأفهام العامة، وتيسيراً على الكافة العقيدة المختصرة المنتظمة الكلام، الحسنة النظام، المرتبطة المعاني، المرسومة بالمرشدة، بادر إلى حفظها وقراءتها جماعة الفقراء والعلماء الأخيار…».
– قال محمد بن يوسف السنوسي المتوفى سنة 895 هـجري في شرحه على العقيدة المرشدة المسمى الأنوار المبينة لمعاني عقد عقيدة المرشدة ما نصه: «اجتمعت الأئمة على صحة هذه العقيدة ولا غير، وأنها مرشدة رشيدة، ولم يترك المهدي أحسن منها وسيلة، نفعنا الله وإياك بعقد عقيدتها الجميلة». انتهى
– قال الفقيه المغربي المالكي عبد الله بن عبد الصمد كنون الحسني الشهير بعبد الله كنون في كتابه جولات في الفكر الإسلامي بعد عرض مؤلفات المهدي بن تومرت وتخصيص الحديث عن المرشدة: ” عقيدة المرشدة التي لقيت رواجاً كبيراً في حياته وبعد مماته، وتلقاها أئمة العلم بالقبول وحكموا عليه من خلالها بسلامة العقيدة وصحة المذهب ولا نشك أنها كانت من أول ما أملى من تآليفه ولقن أصحابه من العقيدة على مذهب الإمام الأشعري لأنها بمثابة المقدمة في هذا الصدد من حيث الاختصار وعدم الاحتواء على الأدلة العقلية التي لا يدركها العموم كما في عقيدة التوحيد ولأنها جاءت خالية من كل شبهة على ما كانت عليه دعوته”. انتهى
–
كما أثنى عليها الحافظ صلاح الدِّين العلائيُّ وسمَّاها “العقيدة المُرشدة”، ووافقه على ذلك الإمام تاج الدِّين السُّبكيُّ وقال في آخرها: “هذا آخر العقيدة وليس فيها ما ينكره سُنِّيٌّ” انتهى مِن الطَّبقات.
2- بيان عدم صحة نسبة العقيدة المرشدة لابن عساكر
كان أبو منصور عبد الرحمن بن محمد فخر الدين بن عساكر المتوفى سنة 620 هـجري – ابن أخ حافظ الشام أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله بن عساكر صاحب كتاب تبيين كذب المفتري، وتاريخ دمشق – يقوم بتدريس هذه العقيدة في القدس كما نقله ابن السبكي في طبقاته، وبسبب تدريسه لها نسب بعضهم هذه العقيدة إليه، وليس هذا من التحقيق في شىء.
فقد قال ابن خلدون: «فنزل على قومه، وذلك سنة خمس عشرة وخمسمائة، وبنى رابطة للعبادة، فاجتمعت إليه الطلبة والقبائل يعلمهم المرشدة في التوحيد باللسان البربري». انتهى
كما نسبَ العقيدةَ المرشدةَ إلى ابن تومرت كل من:
الذهبيُّ في أعلام النبلاء وعمر كحالة في معجم المؤلفين، وابنُ كثيرٍ في تاريخِه، والبرزليُّ في نوازلِه، وغيرُهم.
3- ذكر بعض العلماء الذين قاموا بشرح العقيدة المرشدة:
– أبو عبد الله محمد بن خليل السكوني الإشبيلي نزيل تونس، له شرح صغير على المرشدة، قصد به التأكيد على كونها عقيدة أشعرية كما قال محقق الكتاب يوسف أحنانة.
له مخطوط في دار الكتب الوطنية بتونس بعنوان “شرح مرشدة محمد بن تومرت”.
– أبو محمد عبد الله بن يوسف الخراط، لكن شرحه على المرشدة ضاع بعد أن دخل النصارى طرابلس عام 756هـجري، كما ذكر ذلك الشيباني الطرابلسي.
– أبو عبد الله محمد بن يحيى الشيباني الطرابلسي، له شرح على المرشدة، منه نسخة مخطوطة في باريس، وذكر فيه أنها كانت من ضمن أوراد الصوفية.
– محمد بن إبراهيم بن عباد التلمساني المتوفى سنة 792هـجري. له شرح بعنوان الدرة المشيدة في شرح عقيدة المرشدة، وقد ذكر في مقدمتها أنه سمعها من شيخين بفاس.
وهذا الشرح توجد منه نسختان بدار الكتب التونسية ونسخة بالخزانة العامة بالرباط.
– أبو عبد الله محمد بن أبي العباس أحمد بن إسماعيل الأموي التلمساني المعروف بالنقاش، له شرح عنوانه: الدرة المفردة في شرح العقيدة المرشدة، وفي هذا الكتاب ما يدل على شيوعها بتلمسان، وأنها كانت متداولة يحفظها الصوفية والعلماء.
– أبو عبد الله محمد بن يوسف السنوسي المتوفى سنة 895 هجري، دفين تلمسان. له شرح توجد منه نسخة في مكتبة الشيخ الشاذلي النيفر بتونس ونسخة بدار الكتب الوطنية بتونس. وقال السنوسي في شرحه أن الأمة أجمعت على صحتها.
– أبو زكريا يحيى بن أبي حفص عمر التنسي الهنيني له شرح عنوانه: “الأنوار المبينة المؤيدة لمعاني عقدة عقيدة المرشدة”، وذكر أَحنانة أن الشرح المخطوط الموجود هو نفسه الذي ينسب للسنوسي، وذكر النجار أن التنسي إنما أكمل شرح السنوسي، لكن قول الملالي بأن السنوسي أكمل كتابه يرد هذه الفرضية.
– أبو عثمان سعيد بن عبد المنعم الحاحي المتوفى سنة 953 هـجري، شرح قطعة منها، وهو موجود في المغرب.
– محمد بن أبي بكر بن علي بن موسى الكابري من بلاد السودان، جعلها مقدمة لكتابه بستان الفوائد.
– بيورك بن عبد الله بن يعقوب السملالي المتوفى سنة 1058، له شرح فرغ منه عام 1051هـ، استفاده من شرح الشيباني وابن النقاش، وقد صرح بذلك في مقدمته. وهو موجود في خزانة ابن يوسف بمراكش.
وبيروك معناه مبارك في اللغة البربرية.
– عبد الغني النابلسي المتوفى سنة 1143 هـجري له شرح بعنوان: “نور الأفئدة في شرح المرشدة”، وقد وهم النابلسي فنسب هذه العقيدة لأبي الليث السمرقندي.
– أبو زكريا يحيى بن الشيخ أبي حفص عمر، له شرح الأنوار المبينة المؤيدة لمعاني عقد عقيدة المرشدة ، مكتبة الجامع الكبير بمكناس.
